الليسينكووية هي حملة سياسية قادها تروفيم ليسينكوضد فهم الوراثة والزراعة المبنية على أساس فهمي في منتصف القرن العشرين. رفضت الاصطفاء الطبيعي تأييدًا لللاماركية والانادىءات المبالغ بها لصالح التجميد التنشيطي وتطعيم النبات. شغل ليسينكومنصب مدير أكاديمية لينين للعلوم الزراعية في الاتحاد السوفيتي.

دعم جوزيف ستالين الحملة. عُزِل أوسُجن أكثر من 3,000 عالم بيولوجي مهم، وأُعدِم الكثير من الفهماء في الحملة لقمع المعارضين منهم. أُرسِل رئيس الأكاديمية الزراعية نيقولاي فافيلوف، الذي شجع ليسينكو، إلى السجن وتوفي هناك، بينما دُمِّرت أبحاث فهم الوراثة السوفيتية. تضرر أوحُظِر جميع من البحوث والتدريس في مجالات الفسيولوجيا العصبية وفهم الأحياء الخلوي والكثير من المجالات الحيوية الأخرى.

قبلت بلدان أخرى في الكتلة الشرقية، مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا والجمهورية الديمقراطية الألمانية، الليسينكووية باعتبارها «فهم الأحياء الحديث» الرسمي بدرجات متفاوتة، وذلك كما عملت جمهورية الصين الشعبية لعدة سنوات.

في الاتحاد السوفيتي

النشوء

لفت إسحاق إيزرايلفيتش بريزنت انتباه الجمهور إلى ليسينكو، وذلك باستخدام النادىية السوفيتية لتصويره على أنه عبقري طور تقنية زراعية ثورية جديدة. قدمت له شعبيته حينها منبرًا لإدانة فهم الوراثة النظرية وتعزيز ممارساته الزراعية الخاصة. دعمت النادىية السوفيتية ليسينكووضخّمت نجاحاته، واستشهدت بالنتائج التجريبية المزيفة وتجاهلت ذكر إخفاقاته.

يُعزى نجاح ليسينكوالسياسي في أغلبه إلى انجذابه للحزب الشيوعي والأيديولوجية السوفيتية. رأى المسؤولون السوفيت حتى أساليب ليسينكو«الجديدة» تمهد الطريق لثورة زراعية، وذلك بعد جهود التنظيم الجماعي الكارثية في أواخر عشرينيات القرن العشرين. كان ليسينكونفسه من عائلة فلاحية، وكان مدافعًا متحمسًا عن اللينينية. أشادت الصحف التي سيطر عليها الحزب بجهود ليسينكو«العملية»، وشككت في دوافع منتقديه.

تمتعت «ثورة ليسينكوالزراعية» بميزة نادىئية قوية أكثر من الأكاديميين الذين حثوا على الصبر والمراقبة التي يحتاجها الفهم. قُبِل ليسينكوفي الانضمام إلى الحزب الشيوعي، وكُلِّف بالشؤون الزراعية. استخدم منصبه للتنديد بفهماء الأحياء على أنهم «عشاق للحشرات وكارهين للناس»، وشجب «المخربين» في فهم الأحياء الذي زعم أنهم حاولوا تعطيل الاقتصاد السوفيتي وإيصاله إلى السقوط. نفى أيضًا التمييز بين فهم الأحياء النظري والتطبيقي. قدم نفسه على أنه من أتباع إيفان فلاديميروفيتش ميتشورين، البستاني السوفيتي المعروف والمحبوب، ولكنه نادى إلى شكل من أشكال اللاماركية على عكس ميتشورين، وأصر على استخدام التهجين والتطعيم فقط كتقنيات غير وراثية.

زاد دعم جوزيف ستالين من قوة ليسينكووشعبيته. قارن ليسينكومعارضيه في فهم الأحياء بالفلاحين الذين قاوموا استراتيجية التنظيم الجماعي التي تبعتها الحكومة السوفيتية في عام 1935، ونطق إذا فهماء الوراثة التقليديين وضعوا أنفسهم ضد الماركسية بمعارضة نظرياته. كان ستالين ضمن الحضور أثناء إلقاء هذا الخطاب، وكان أول من وقف للتصفيق والتهليل قائلًا «برافو، الرفيق ليسينكو، برافو». شجع هذا ليسينكووأعطاه هووبريزنت حرية التشهير بفهماء الوراثة الذين استمروا بالحديث ضدهما. سُجِن أوأُعدِم الكثير من معارضي ليسينكو، مثل مفهمه السابق نيقولاي إيفانوفيتش فافيلوف، بسبب تنديداتهم.

أعربت أكاديمية لينين للعلوم الزراعية فيسبعة أغسطس عام 1948، في نهاية جلسة استمرت أسبوعًا نظمها ليسينكوووافق عليها ستالين، أنه اعتبارًا من تلك اللحظة ستُدرَّس الليسينكووية على أنها «النظرية السليمة الوحيدة». اضطر الفهماء السوفيت لإدانة أي عمل يتناقض مع ليسينكو. انتُقِد ليسينكوعلى أنه «برجوازي» أو«فاشي»، وازدهرت نظريات «غير برجوازية» مماثلة في مجالات أخرى مثل اللغويات والفن في الأكاديمية السوفيتية في هذا الوقت. كان المعارضون الوحيدين لليسينكووية خلال فترة ستالين، والذين هربوا من التصفية، من مجتمع الفيزيائيين النوويين السوفيت الصغير، وذلك كما عقّب توني جدت قائلًا: «من المهم حتى يهجر ستالين الفيزيائيين النويين بمفردهم، ولا يُفترض أبدًا حتى يخمن حساباتهم. لربما كان ستالين مجنونًا، ولكنه لم يكن غبيًا».

التأثيرات

أُعدِم الكثير من فهماء الوراثة (بما في ذلك إسحاق أغول، وسولومون ليفيت، وغريغوري ليفيتسكي، وجورجي كاربيشينكو، وجورجي نادسون) أوأوفدوا إلى معسكرات العمل، وذلك منذ عام 1934 حتى عام 1940 تحت تحذيرات ليسينكووبموافقة ستالين. قُبِض على عالم الوراثة السوفيتي الشهير ورئيس الأكاديمية الزراعية، نيقولاي فافيلوف، في عام 1940 وتوفي في السجن عام 1943.

انتُقد عالم الوراثة الأمريكي هرمان جوزيف مولر في عام 1936، الذي انتقل إلى معهد لينينغراد لفهم الوراثة مع الدروسوفيلا (ذبابة الفاكهة)، بأنه برجوازي، ورأسمالي، وإمبريالي، ومروج للفاشية، فغادر الاتحاد السوفيتي وعاد إلى أمريكا عبر جمهورية إسبانيا. أُعلِن عن فهم الوراثة في عام 1948 بشكل رسمي على أنه «فهم زائف برجوازي». سُجِن أكثر من 3000 عالم أحياء أوطُرِدوا أوأُعدِموا لمحاولتهم معارضة الليسينكووية، ودُمِّرت أبحاث الوراثة بشكل فعال حتى وفاة ستالين في عام 1953. تقلصت غلة المحاصيل في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية بسبب الليسينكووية.

السقوط

بدأ الوضع بالتغير في نهاية عام 1952، ونشرت الصحف منطقات تنتقد الليسينكووية. تباطأت عملية العودة إلى فهم الوراثة العادية في زمن نيكيتا خروتشوف، وذلك عندما أظهر له ليسينكوالنجاحات المفترضة لمجموعة زراعية تجريبية. حُظِر انتقاد ليسينكومرة أخرى، وذلك على الرغم من التمكن حينها من التعبير عن وجهات نظر مختلفة، وأُطلِق سراح فهماء الوراثة المسجونين في عهد ستالين أواستُبدِلوا بعد وفاتهم. رُفع الحظر أخيرًا في منتصف الستينيات من القرن العشرين. بدأ الغرب في هذه الأثناء بالنظر لليسينكووية على أنها فهم كاذب.

الظهور مرة أخرى

فُتح النقاش حول الليسينكووية مرة أخرى في روسيا في القرن الحادي والعشرين في بعض الصحف المحترمة مثل صحيفة كولتشورا من قبل بعض فهماء الأحياء. ظهر عالم الوراثة ليف زيفوتوفسكي بانادىء غير مدعوم بأن ليسينكوساعد في تأسيس فهم الأحياء التنموي الحديث.

في دول أخرى

قبلت بلدان أخرى في الكتلة الشرقية الليسينكووية على أنها «فهم الأحياء الجديد» الرسمي بدرجات متفاوتة.

اتبعها جميع فهماء الوراثة باستثناء العالم فاكسواف غايفسكي في بولندا. لم يُسمح له بالتواصل مع الطلاب، لكنه تمكن من مواصلة عمله الفهمي في حديقة وارسوالنباتية. رُفِضت الليسينكووية بسرعة في عام 1956، وبُني أول قسم للوراثة في جامعة وارسوفي عام 1958 برئاسة غايفسكي.

تبنت تشيكوسلوفاكيا الليسينكووية في عام 1949. كان ياروسلاف كريزينيكسكي ((1896-1964 أحد فهماء الوراثة التشيكوسلوفاكيين المعارضين للِّيسينكووية، وفُصِل من الجامعة الزراعية في عام 1949 بعد انتقاده للحملة في إحدى محاضراته بسبب «خدمة النظام الرأسمالي الراسخ، واعتبار نفسه متفوقًا على الطبقة العاملة، ومعاداته للنظام الديمقراطي الشعبي»، وسُجن في عام 1958.

كان لليسينكووية تأثيرًا ضئيلًا جدًا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية على العلوم بسبب إجراءات عدد قليل من الفهماء (على سبيل المثال، عالم الوراثة والناقد الشرس لليسينكووية هانز ستوب)، والحدود المفتوحة لمؤسسات البحث في برلين الغربية، وذلك على الرغم من تدريسها في بعض الجامعات. أُدرِجت نظريات ليسينكوفي الخط المدرسية حتى فُصِل نيكيتا خروتشوف في عام 1964.

سيطرت الليسينكووية على العلوم الصينية منذ عام 1949 حتى عام 1956، وخاصة خلال القفزة العظيمة، عندما سُمِح لمعارضي الليسينكووية خلال ندوة فهم الوراثة بانتقادها بحرية ومناقشة فهم الوراثة. نُقل عن تان جاه جيه في وقائع الندوة قوله: «تجرأنا على انتقاد ليسينكومنذ حتى بدأ الاتحاد السوفييتي في انتقاده». سُمِح لكلتي المدرستين بالتعايش لفترة من الوقت، وذلك على الرغم من حجم التأثير الليسينكوي الكبير على مدى عدة سنوات.

كان جون ديزموند برنال، أستاذ الفيزياء في كلية بيركبيك في جامعة لندن، وزميل الجمعية الملكية، والشيوعي، الوحيد تقريبًا بين الفهماء الغربيين الذي دافع بشكل عام وعدواني عن ليسينكو.

المصادر