النفري
عودة للموسوعةمحمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري من أعلام التصوف الإسلامي
سيرته
ولد ببلدة نفر في محافظة القادسية العراقية وإليها ينسب، عاش في عصر الدولة العباسية، وكان من مشايخ الصوفية، وارتحل وتنقل بين العراق ومصر، ومن أشهر خطه كتاب المواقف والمخاطبات. ومن فرط تواضعه لم يخط ما كان يقول، إنما كان يؤلف كتابه شفهيا لمريديه، ويكتفى بذلك. ومن أشهر ما ذكر عنه أنَّه نطق: حدثا اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة.
وتحدث عنه دكتور مصطفى محمود في كتابه رأيت الله:
لم يكن النفري يفهم أنه وبعد قرون من وفاته ستكون إحدى مكاشفاته في كتابه المعروف بالمواقف مدخلاً من مداخل من يتقول بالحداثة في الأدب وبخاصة الحداثة الشعرية فموقفه الذي يقول فيه: حدثا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة. قد منح للبعض ذريعة من تراث غني بأشكال الإبداع لتبرير ما لا ينطبق عليه قول النفري أوبالأحرى هجريب موقف النفري على انادىء مجاراة المنهج الذي خط فيه رؤيته من الماورائيات والحياة. وما كان النفري يعهد أنّ هذه الجملة ستحقّق صيتاً واسعاً، وأن استعمالها سيتكرر إلى حد أنّ النفري كله سيقيم في أحشائها ولعل الاهتمام الذي يلقاه النفري منذ عقود، يوازي الإهمال الذي تعرض له طوال قرون.
ويعزوأبوالعلا عفيفي ذلك إلى الطابع الغامض والمنغلق لنصوصه الصوفية نفسها. فلم يكن النفري صوفياً عادياً إلى حد أنّ اسمه لا يحضر إلى جانب غيره من المتصوفة، في المصنفات الصوفية الكبرى. كما أنّ المعلومات التي ذكرتها بعض المصادر بشأن حياته شحيحة، ولا تكفي لرسم صورة واضحة المعالم له. ويرى كثيرون أنّه لولا إشارات لابن عربي في »الفتوحات المكية« و»رسالة عين الأعيان«، لما تأكد اللاحقون من نسب »المواقف والمخاطبات« إلى النفري وجه النفري الجديد الذي ألبسه له أصحاب نظرية الحداثة يختلف اختلافاً جذرياً عن المنهج الذي أدخلوه فيه فهومن دون أدنى شك مبدع من الدرجة الممتازة أرادوا من خلاله تبرير تخبطهم ما بين الشكل الغربي وعدم القدرة على إثبات الذات وفق أسس راسخة يعتمد عليها والذي يعهد تراث النفري لن يأخذ هذا الإيحاء على محمل الطرافة فقط، إذ كثيراً ما اعتُبرت نصوص النفري، وخاصة مؤلَّفه الأشهر »المواقف« شعراً أونوعاً مبكراً وفريداً من الشعر. حتى إذا أدونيس تبنّى فكرة حتىقد يكون النفري السلف الشرعي لقصيدة النثر العربية.
ثم راج استخدامه رأس حربة في لقاءة المشككين في شعرية قصيدة النثر وأصلها »غير العربي«. والمعروف حتى أدونيس مضى أبعد من ذلك، فبحث في دراسة مشوّقة ومبتكرة عن التشابه الممكن بين »الصوفية والسريالية« بحسب ما عنون كتاباً له. فأدخله في ساحة غير ساحته بعد حتى عثر حتى أسلوب النفري في مواقفه أومخاطباته اختلف عن أسلوب القصيدة الموزونة المقفاة معتقداً أنه ومن خلال هذا المدخل سيُفضّل القارئ النفري الناثر على النفري الشاعر، فهوأكثر شعرية في نثره بما لا يُقاس مع غيره من الشعراء.
ولعل هذا ما دفع عدداً من الشعراء والنقاد الحديثين إلى اعتبار النفري شاعر قصيدة نثر بالمعنى الراهن للمصطلح. متجاهلين حتى النفري نفسه وحتى من اتى من بعده لم يعتبر أي منهم حتى ما خطه الرجل شعراً إنما حوكم على أساس أنها رؤية اتسعت في تعبير ضاقت كما نطق هومن خلال منهجه الصوفي المتمثل في محاكمة الأضداد لا مقاربة الأضداد ولا يخفى على الدارس المتأني والمتفطِّن التواجد في منطقة ما يسكت عنه الكلام المنطوق أوالمكتوب.
منهجه في خطه
فالكتابان اللذان هما المواقف والمخاطبات محاولة جليلة لتنظيم ذاتٍ مبعثرة، إنما تنسجهما حزمةٌ من الأضداد أوالمثنويات، أهمها:
الله والسوي، والقرب والبعد، والفرق والجمع، والظاهر والباطن، والنطق والصمت، والليل والنهار، والحياة والموت، والفهم والجهل، والعبد والرب، والنور والظلام، والنار والماء
منهج الأضداد الذي حاول البعض افتراسه على أساس أنه ممضى الهجريب اللفظي والصوري والمجازي لما أطلق عليه قصيدة النثر وهذه أمثلة من المواقف والمخاطبات أسوقها لبيان حال النفري عن حال من يدعي انتهاج مدرسته في شكلانية كتابة النص النثري أوأسلوبه
-ونطق لي: سدَّ باب قلبك الذي يدخل منه سواي، لأن قلبك بيتي. (المحاورة 13)
- يا عبدُ، من صبر عن سواي أبصر نعمتي، وإلا فلا. (المحاورة 15)
-غششتُك إذا دللتُك على سواي. (الموقف السادس)
-ونطق لي: آليتُ لا أقبلك وأنت ذوسبب أونسب. (الموقف التاسع)
-ونطق لي: لا يجاورني وجدٌ بسواي. (الموقف17)
- أوقفني في ما يظهر فرأيته لا يظهر فيخفى ولا يخفى فيبدوولا معنى فيكون معنى (الموقف 21)
- إذا عهدتني بفهم أنكرتني من حيث عهدتني _ من سألك عني فسله عن نفسه فان عهدها فعهدني عليه _ الفهم نار تأكل المحبة لأنها تشهدك حقيقة الغنى عنك (الموقف 37)
ويقول جمال الدين فالح الكيلاني وأي كان موقفنا من النفري أوسواه ممن قدم إبداعاته الأدبية على مدى التاريخ مكوناً مكدسات ثرية في تراث زاخر يتجنى عليه الكثير ممن لم يعهد ما فيه من إبداعات ويتجنى عليه حتى من يحاول حتى يحتج به لتبرير رؤيته المعاصرة.
وصلة خارجية
- كتاب: المواقف ويليه كتاب المخاطبات pdf.
مراجع
- ^ التصوف : الثورة الروحية في الاسلام ، مخطة الفهم ، الاسكندرية 1944 ص 54
- ^ سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان، قسم 1، ج8، ط1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، الهند، (د.ت)، ص378.
- ^ كتاب الشيخ عبدالقادرالكيلاني رؤية تاريخية معاصرة، د/جمال الدين فالح الكيلاني، ص24
التصنيفات: أشخاص مصريون في القرن 10, أقطاب الصوفية, أولياء صوفيون, ثيولوجيون, صوفيون عراقيون, عراقيون, فلاسفة القرون الوسطى, فلاسفة مسلمون, متصوفون صوفيون, مجددون, مسلمون سنة, مقالات بحاجة لمصادر أكثر منذ ديسمبر 2018, جميع المقالات التي بحاجة لمصادر أكثر, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P106, بوابة بغداد/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة العراق/مقالات متعلقة, بوابة الدولة العباسية/مقالات متعلقة, بوابة مصر/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة تصوف/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات