الكعبات
عودة للموسوعةالكعبات (ومفردها كعبة ) هي بيوت العبادة القديمة في عصور الجاهلية .
نشأتها
تناثرت جماعات البشر في الوسط الاجتماعي العربي على هيئة قبائل متنافرة ؛ لا حكم فيها ولا سلطة إلا للعهد القبلي ، الذي يختلف بدوره باختلاف القبائل وظروفها . ومع تعدد القبائل تعددت المشيخات وكثر الشيوخ وأبطال الغزو، أولئك الذين تحولوا بعد موتهم إلى أسلاف مقدسين ، وأقام لهم أخلافهم التماثيل والمحاريب ، ليلتمسوا عندهم العون حدثا حزبهم أمر أوحل بهم جلل ، ومن أجل هؤلاء الصالحين السالفين ؛ أقيمت بيوت العبادة ، وشرعت طرق التقرب إلى الأرباب أوالأسلاف ( الرب لغة هوسيد الأسرة أوالقبيلة وهوبعلها ) ؛ ومن ثم تعددت الأرباب بتعدد الأبطال والصالحين الراحلين ، وبتعدد الأرباب تعددت الكعبات ؛ حيث كانت الكعبة ( البناء المكعب ) هي الصيغة المعمارية المفضلة لبيوت أرباب الجاهلية ، وأحياناً أخرى كانت هذه الكعبات تقام تقديساً للأحجار الغريبة والنادرة ؛ مثل الأحجار البركانية أوالنيزكية ، وكلاهما كان يغلب عليه اللون الأسود نتيجة عوامل الاحتراق ، ونظن هذا التقديس ناتجاً – إضافة لغرابة شكل الحجر – من كونه قادماً من عالم غيبي مجهول ؛ فالحجر البركاني مقذوف ناري – من باطن الأرض وما صيغ حوله من أساطير قسمته طبقات ودرجات ، واحتسبته عالماً لأرواح السالفين المقدسين – كذلك الحجر النيزكي ، وربما كان أكثر جلالاً ، لكونه كان يصل الأرض وسط مظاهرة احتفالية سماوية تخلب لب البدوي المبهور ؛ فهويهبط بسرعة فائقة محتكا بغلاف الأرض الغازي ؛ فيشتعل مضيئا ومخلفاً وراءه ذيلاً هائلاً ، لذلك ؛ كان هول رؤيته في التصور الجاهلي دافعاً لحسبانه ساقطاً من عرش الآلهة في السماء ؛ حاملاً معه ضياء هذا المكان النوراني.
انواع الكعبات
مع كثرة الأحجار القادمة من عند الأسلاف ، أوالهابطة من السماء ؛ كثرا أيضاً الكعبات . يقول الباحث ( محمود سليم الحوت ) : " يجب ألا يخطر على بال أحد حتى مكة – وإن ارتفعت مكانتها عن سواها من أماكن العبادة – هي القبلة الوحيدة في الجزيرة ؛ فقد كان للعرب كعبات عديدة أخرى تحج إليها في مواسم معينة وغير معينة ، تعتر ( تذبح ) عندها ، وتقدم لها النذور والهدايا ، وتطوف بها ، ثم ترحل عنها بعد حتى تكون قد قامت بجميع المناسك الدينية المطلوبة " . وقد اشتهر من بيوت الآلهة أوالكعبات ما وجدنا ذكره عند الهمداني ( بيت اللات ، وكعبة نجران ، وكعبة شداد الأيادي ، وكعبة غطفان ) ، وما ذكره الزبيدي ( بيت ذي الخلصة المعروف بالكعبة اليمانية ) ( 3) ، وما اتى عند ابن الكلبي ( بيت ثقيف ) ( 4) ، إضافة إلى ما أحصاه جواد علي ( كعبة ذي الشري . وكعبة ذي غابة الملقب بالقدس ) ومحجات أخرى لآلهة مثل ( اللات ، وديان ، وصالح ، ورضا ، ورحيم ، وكعبة مكة . وبيت العزي قرب عهدات ، وبيت مناة ) (خمسة ) ، هذا مع ما اتى في قول الأستاذ العقاد عن " .. البيوت التي تعهد ببيوت الله أوالبيوت الحرام ، ويقصدها الحجيج في مواسم معلومة تشهجر فيها القبائل .. وكان منها في الجزيرة العربية عدة بيوت مشهورة ، وهي بيت الأقيصر ، وبيت ذي الخلصة ، وبيت رضاء ، وبيت نجران ، وبيت مكة .. وكان بيت الأقيصر في مشارف مقصد القبائل ؛ من قضاعة ولخم وجذام وعاملة . يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده .. فالأمر الذي لا يجوز الشك فيه حتى البيوت الحرام وجدت في الجزيرة العربية ؛ لأنها كانت لازمة .. وقد اجتمع لبيت مكة من البيوت الحرام ما لم يجمع لبيت آخر في أنحاء الجزيرة ؛ لأن مكة كانت . ( ملتقى القوافل ؛ بين الجنوب والشمال ، وبين الشرق والغرب " ( 6 ويفهم من العقاد حتى هذه البيوت كانت محرمة ولها أيامها الحرام ، لكن بيت مكة بالتحديد أخذ في التمايز ؛ لمسقط مكة العظيم على طرق القوافل التجارية جميعاً ؛ حتى اتى وقت – كما قلنا أصبحت فيه مكة ملتقى تجارة العالم ، وأصبح أهلها أبرز تجار الدنيا . ويمكننا هنا التمييز بين مفهوم العربي الجاهلي لمعنى الألوهية ومعنى الربوبية ؛ فالألوهية تعني إلها غير منظور يسكن السماء ، ومن هناك يتساقط ملاط بيته الإلهي من حتى لآخر ؛ على هيئة أحجار سوداء ، في حين أن الربوبية تشير إلى تقديس للأسلاف يتفق حجمه مع أهمية رابطة الدم عند العربي البدوي . وعلى هذا النحو؛ عبد النبطيون حجراً أسود يرمز إلى الشمس كإله للسماء ( 7) ، وعبد الهذليون حجراً أسود يرمز لمناة ، وكان ذوالشري حجرا أسود ، وكذلك كانت الكعبة إطاراً لحجر أسود 8) ، كما كانت باقي الكعبات تتسم بذات السمة ؛ فهي أطر لأحجار سود . ) وسميت هذه الكعبات بيوت الله ؛ لأن جميع بيت منها فيه حجر من بيت الإله الذي في السماء ؛ تمييزاً له عن الأرباب التي لم تكن سوى مجرد تماثيل أوأحجار بركانية توضع في أفنية الكعبات ؛ انتفاعاً ببركات الأسلاف الصالحين ، وتشفعاً بهم عند إله السماء . وواضح لدى أي باحث حتى هذا التفرق العقائدي ، وتعدد العبادات والأرباب ؛ قد ساعد بفعالية في زيادة الفرقة القبلية ، بحيث أصبح عائقاً دائماً ومستمراً في سبيل المحاولات التي قامت من أجل خلق كيانات سياسية في جزيرة العرب ؛ إضافة إلى الطبع القبلي الذي يأنف كبرياؤه وينفر من فكرة سيادة سياسية واحدة – تلك المحاولات التي تجاوز حتى أشرنا إليها – مثل محاولات زهير الكلبي ، وعبد الله بن أبي ، وكندة ، والغساسنة ، والمنادرة ، وكان الدافع إليها جميعاً حلماً وأملاً أججه الشعور الآتي بإمساك عنان تجارة العالم ، ووجود هذا العالم مسترخياً ينزف في حروب طال مداها بين الإمبراطوريات الكبرى . ولا تفوتنا الإشارة إلى حتى مثل هذه المحاولات اتسمت بروح العصبية العربية الخالصة التي تجلت بدءاً في اعتناق المناطق العربية الواقعة تحت النفوذ الإمبراطوري ؛ أيديولوجيات أوممضىيات دينية تخالف مذاهب الإمبراطوريات ؛ حتى بلغ الطموح مداه في هجمات عربية متفرقة – لكنها شرسة – كراً وفراً ؛ على حدود الدول العظمى ؛ إلى درجة حتى الشعور العربي بلغ أوجه ؛ متمثلاً في فرح بالجزيرة كلها ، عندما انكسر الفرس بعظمتهم وجبروتهم أمام حلف عربي صغير لقبائل شيبان وعجل وبكر بن وائل ؛ في سقطة ذي قار ( 9) ؛ مما دفع بالحلم إلى الخروج من ساحة التمني إلى ساحة التسقط ؛ وربما التحقيق مرهوناً بشرط واحد هوتحالف وتوحد كتوحد العرب في ذي قار ؛ ذلك التحالف الذي بدأت تباشيره في شعور عام دفع الوفود القبلية من جميع صوب وحدب ، إلى حتى تحث خطاها بين الفيافي والقفار نحواليمن ؛ لتهنئ معد بن يكرب أوسيف بن ذي يزن بطرده الأحباش ، وبعودة الحكم العربي إلى اليمن .
انظر أيضا
ميثولوجيا عربية
مراجع
- ^ ( 1) نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
- ^ ( 2) نسخة محفوظة 06 نوفمبر 2013 على مسقط واي باك مشين.
- 1. محمود الحوت : في طريق الميثولوجيا عند العرب ، ص 133
- الهمداني : الإكليل ، بغداد ، جثمانية ، ص 48
- الزبيدي : تاج العروس ، القاهرة ، 1306 ه ، ج 271 ، 2
- . 4. الكلبي الأصنام ، دار الخط المصرية ، القاهرة ، ط 1924 ، 2 ، ص 16
- 5. د . جواد علي : للفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، للجمع الفهمي العراقي ، بغداد ، . د . ت ، جخمسة ، متفرقات صفحات : 224، 217 ، 153 ، 152 ، 180
- العقاد : طوالع البعثة المحمدية ، ص 130 و131
- د . خليل أحمد خليل : مضمون الأسطورة في الفكر العربي ، الطليعة ، بيروت ، . 1977 ، ص 43 . 62
- الحوت : في طريق الميثولوجيا عند العرب ، ص 59
- ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، ج 1 ، ص 200
التصنيفات: ميثولوجيا عربية, كعبات, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ نوفمبر 2013, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة علم الأساطير/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات