المناسيرة اصطلاحًا هي عرض (كثيراً ماقد يكون تنافسيا) لتحديد الثمن الذيقد يكون الشخص على استعدادٍ لدفعه لقاء شيءٍ ما. ويطلق على عرض الثمن اسم العطاء. وقد يستخدم هذا المصطلح في سياق المزادات أوأسواق الأوراق المالية أوألعاب الورق أوسوق العقارات .

المناسيرة لغة: المناسيرة على وزن مفاعلة، وهي من صيغ المبالغة التي تفيد التكرار، وهي مشتقة من العمل نَقص ينقُص نقصًا ونقصانًا ونقيصةً. كما يأتي النقص بمعنى الحط من الشيء أوالتقليل منه، فينطق: استنقص المشتري الثمن أي استحطه، والنقص أيضًا ضعف العقل.

أنواع المناقصات

من حيث أعداد المشاركين فيها

1- المناسيرة المفتوحة: وتسمى المناسيرة العامة. ويسمح فيها باشتراك عدد غير محدود من المناقصين.

2- مناسيرة مقيدة: وتسمى المناسيرة المحدودة. ويقتصر الاشتراك فيها على عدد محدود من المناقصين.

من حيث الإعلان

1- المناسيرة العلنية: وفيها تُقدم العروض بصورة علنية. والغاية من كونها علنية هي الوصول لأدنى ثمنٍ ممكن.

2- المناسيرة السرية: وفيها تُقدم العروض ضمن ظروف مختومة، فلا يفهم أحد المناقصين ما قدمه الآخرون.

من حيث جنسية المناقصين

1- مناقصات خارجية: وهي المناقصات التي لا يقتصر الاشتراك فيها على الموردين المحليين.

2- مناقصات داخلية: وهي المناقصات التي تقتصر على الموردين المحليين.

من حيث الغرض من المناسيرة

1- مناقصات توريد: الغرض منها توريد مواد منقولة.

2- مناقصات مقاولة: الغرض منها إنشاء مبانٍ أوصيانة أوترميم.

المناسيرة في الإسلام

حكم المناسيرة

لم تكن المناسيرة معروفة في السابق، إنما هي من الإجراءات المالية المعاصرة. ومضى الفقهاء إلى أنها تأخذ حكم المزايدة. أما المزايدة فهي: حتى يعرض البائع السلعة على جمهور الناس فيزيد بالثمن من يشاء، ثم يستقر البيع على الشخص الذي يعرض آخر ثمن.

ومن أدلة مشروعتيها: عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله باع حِلسًا وقدحًا، ونطق: من يشتري هذا الحلس والقدح، فنطق رجلٌ: أخذتها بدرهم، نطق النبي : من يزيد على درهم،يا ترى؟ من يزيد على درهم،يا ترى؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه. روي عن عطاء بن رباح قوله: أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد. وما روي عن مجاهد قوله: لا بأس ببيع من يزيد، كذلك كانت تباع الأخماس.

ولهذا اتفق الفقهاء على مشروعية بيع المزايدة. .

لزوم البيع في المناسيرة

ينعقد البيع بالإيجاب والقبول، وفي المناسيرة يمكن عد الإيجاب تقديم المناقص بعطائه في المناسيرة، وهذا الإيجاب الصادر منه ملزم له لا يرجع عنه حتى ترسوالمناسيرة على غيره.

أما البائع في المزايدة فمخير في إمضاء البيع لمن شاء للمزايد الأعلى أوالأقل مع بقاء الموجب ملتزمًا بإيجابه ولوزاد غيره عليه. فيجوز للبائع إذًا حتى يعقد البيع على غير المزايد الأعلى وهذا في المزايدة.

حكم بيع دفتر الشروط

دفتر الشروط هوتعبير عن مستندات ووثائق المناسيرة، يحوي المواصفات التفصيلية والتصاميم والرسومات والجداول المتعلقة بموضوع المناسيرة، كما يتضمن الشروط والتعليمات اللازمة والإجراءات الواجب اتباعها من قبل المشهجرين في المناسيرة، ويبين الجزاءات والغرامات المترتبة على الإخلال بالشروط والمواصفات المطلوبة.

وآراء الفقهاء المعاصرين في حكم بيع دفتر الشروط تندرج تحت ثلاثة أقوال:

• القول الأول: تقديم دفتر الشروط بالمجان، وعدم بيعه بأي ثمن لمن يطلبه، ولا مانع من حتى يؤخذ من المشهجر تأمين نقدي سهل لقاء إعطائه الدفتر ضمانًا لجدية المتقدم، ويعاد إليه هذا المبلغ إذا ألغيت المناسيرة أولم ترس عليه. وهذا رأي الدكتور رفيق المصري.
• القول الثاني: تحميل تكاليف دفتر الشروط لمن رست عليه المناسيرة دون غيره. وبه نطق الدكتور عبد الوهاب أبوسليمان. والعلة فيه توفير دفتر الشروط على المناقص كثيرًا من الجهد والمال، فلولم تقم الجهة صاحبة المناسيرة بإعداد دفتر الشروط لتكبد المناقص تكاليف إعدادها.

• القول الثالث: تحميل تكاليف دفتر الشروط للمشهجرين كلّهم في المناسيرة سواء رست عليه المناسيرة أولم ترس. وبهذا نطق جمهور الفهماء المعاصرين وهواختيار مجمع الفقه الإسلامي.

حكم الضمان في المناسيرة

أنواع الضمان في المناسيرة:

1- الضمان الابتدائي: ويسمى التأمينات الأولية. يأخذه مقدم العرض من المناقصين أثناء التقدم للمناسيرة. ويحق له مصادرته طالما عدم التزام المناقص بالتعاقد، أوإذا سحب عرضه قبل ميعاد البت في العروض. ويرد إلى أصحاب العروض غير المقبولة، أما إذا ألغيت المناسيرة قبل فتح المظاريف والبت في العطاءات فإن هذا الضمان الابتدائي يرد إلى المناقصين جميعهم.

2- الضمان النهائي: ويسمى التأمينات النهائية. والغرض من هذا الضمان هوضمان وفاء المناقص بالتزاماته في العقد. ويصادر هذا الضمان طالما تخلف المناقص عن تطبيق التزاماته.

الضمان مشروع في الشريعة الإسلامية، وذلك حفاظًا على حرمة أموال الناس وأنفسهم. فلا مانع شرعًا من أخذ ضمانات.

أما مصادرة هذا الضمان فيجب التمييز في الحكم بين نوعي الضمان الابتدائي والنهائي:

أ- مصادرة الضمان الابتدائي: يمكن تكييفه على أساس الشرط الجزائي الذي أجازه الفهماء استنادًا إلى حديث النبي : ((المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أوأحلَّ حرامًا)).

وما رواه البخاري من قول شريح: من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهوعليه.

ب- مصادرة الضمان النهائي:

يستند حكمه إلى مسألة أخذ العربون عند الفقهاء. وللفقهاء في حكم العربون قولان:

1- عدم جواز أخذ العربون: وهوقول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية. واستدلوا بحديث عمروبن شعيب عن أبيه عن جده حتى رسول الله ((نهى عن بيع العربان)).

2- جواز أخذ العربون: وهوالمشهور عند الحنابلة وهواختيار ابن القيم.

الحديث الذي استدل به المانعون وهوحتى النبي نهى عن بيع العربان، فالحديث ضعيف، ضعفه جماعة من أهل الفهم والحديث؛ منهم الإمام أحمد لانقطاعه وإبهام راويه.

وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي بيع العربون. فاتى في قراره: (يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدد ويحتسب العربون جزءًا من الثمن إذا تم الشراء ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء).

حكم الشرط الجزائي في المناسيرة

والشرط الجزائي: هواتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به، أوتأخر في تطبيقه.

• وقد أجازه حديث النبي : ((المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أوأحلَّ حرامًا)).

وروى البخاري أيضًا أنَّ ابن سيرين نطق: نطق رجل لكريه: أرحل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج، فنطق شريح: من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهوعليه.

• وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي، فاتى في قراره:

(يجوز حتى يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ماعدا العقود التيقد يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا فإن هذا من الربا الصريح. وبناءعلى هذا يجوز هذا الشرط – مثلًا – في عقود المقاولات بالنسبة إلى المقاول، وفي عقد التوريد بالنسبة إلى المورد، وفي عقد الاستصناع بالنسبة إلى الصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أوتأخر في تطبيقه. - الضرر الذي يجوز التعويض عنه يضم الضرر المالي العملي وما لحق المضرور من خسارة حقيقية وما فاته مكسب مؤكد، ولا يضم الضرر الأدبي أوالمعنوي. - لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرِط عليه حتى إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته، أوأثبت حتى من شُرِط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد).

أثر الظروف الطارئة في التزامات الطرفين

روى جابر بن عبد الله عن رسول الله نطق: لوبعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك حتى تأخذ منه شيئًا بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟. والجائحة عند الفقهاء هي جميع آفة لا خلق للآدمي فيها كالرياح والبرد والسيول والزلازل ونحوها مما لا يمكن تسقطه عند العقد أودفعه.

واتى في قرار مجمع الفقه الإسلامي: (في العقود المتراخية التطبيق (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلًا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار تغييرًا كبيرًا بأسباب طارئة عامة لم تكن متسقطة حين التعاقد، فأصبح بها تطبيق الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أوإهمال من الملتزم في تطبيق التزاماته، فإنه يحق للقاضي في هذه الحال عند التنازع وبناء على الطلب تعديل الحقوق والالتزامات العقدية بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له حتى يفسخ العقد فيما لويتم تطبيقه منه إذا رأى حتى فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له صاحب الحق في التطبيق، يجبر له جانبًا معقولًا من الخسارة... ويحق للقاضي أيضًا حتى يمهل الملتزم إذا عثر حتى السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزم له كثيرًا بهذا الإمهال).

انتهاء المناسيرة

1- إيفاء الطرفان بالعقد. فيكون بذلك تم البيع. 2- فسخ العقد من قبل الطرفين. 3- عدم التزام المناقص بعمل المناسيرة، فيُكلف إنسان آخر يقوم بها على حساب المناقص. 4- فسخ القاضي للمناسيرة.

مراجع

مناسيرة في المشاريع الشقيقة

---

• صور وملفات صوتية من كومنز