الانفعالية أواللاإدراكية هي نظريّةٌ من نظريات الأخلاقيات الفوقية. يرى القائلون بالانفعالية أنّ المقولات الأخلاقيّة جميعها لا معنى لها، ولا تُعبّر عن أيّ حقيقةٍ البتّة، وإنّما تُعبّر عن عواطف المُتكلّم فقط. كما أنّ الأحكام الأخلاقيّة لا معنى لها أيضاً، فهي مُجرّد تعبيراتٍ عن العواطف، مثل الزمجرة أوالتنهد أوالضحك. وبالتالي، هذه النظرية المعروفة بالعامية باسم نظرية هوراه/بوو(الانفعال)، تأثرت بنموالفلسفة التحليلية والوضعية المنطقية في القرن العشرين، وقد أظهر إيه. جاي. آير النظرية بشكل واضح في كتابه الصادر عام 1936: اللغة والحقيقة والمنطق، ولكن تطورها يرجع إلى تشارلز ليزلي ستيفنسون.

يمكن اعتبار الممضى الانفعالي شكلًا من أشكال عدم الإدراكية أوالتعبيرية، وهي تتعارض مع أشكال أخرى من غير المعهدية (مثل الواقعية والذاتية الأخلاقية)، وكذلك لجميع أشكال المعهدية (بما في ذلك الواقعية الأخلاقية والذاتية الأخلاقية على حد سواء).

ظهر الممضى الانفعالي في الخمسينيات من القرن الماضي، في شكل معدّل في وصاية آر. إم. هير الكاملة.

التاريخ

تصدر الممضى الانفعالي القابلة في أوائل القرن العشرين، لكنه كان موجودًا قبل قرون. في عام 1710، خط جورج بيركلي حتى اللغة عمومًا تعمل في الغالب على إلهام المشاعر وتوصيل الأفكار. وبعد عقود من الزمن، تبنى ديفيد هيوم أفكارًا مماثلة لأفكار ستيفنسون اللاحقة. وفي كتابه «التحقيق حول مبادئ الأخلاق» الصادر عام 1751، اعتبر هيوم حتى الأخلاق لا ترتبط بالواقع بل «تحددها المشاعر»:

«في المداولات الأخلاقية، يجب التعهد بشكل مسبق على جميع الأمور وصلتها ببعضها البعض؛ ومن المقارنة بينها، نحدد خيارنا أونصدق عليه.... وما دمنا نجهل ما إذا كان الرجل معتديًا أم لا، فكيف يمكننا تحديد ما إذا كان الشخص الذي قتله مجرمًا أم بريئًا،يا ترى؟ لكن بعد جميع واقعة، جميع علاقة معروفة، لا يوجد للفهم مجال آخر للعمل، ولا يوجد أي شيء يمكن حتى يُزكي نفسه. الاستحسان أواللوم الذي يستتبع ذلك، لا يمكن حتىقد يكون بإحكام العقل، بل القلب؛ وليس اقتراحًا مُخمنًا أوتأكيدًا، لكنه إحساس أوشعور قائم».

نشر ج. إي. مور كتابه «مبادئ الأخلاق» في عام 1903 وجادل بأن محاولات فهماء الأخلاق الطبيعية لترجمة المصطلحات الأخلاقية (مثل الخير والشر) إلى مصطلحات غير أخلاقية (مثل السرور والاستياء) ارتكبت «مغالطة منطقية». كان مور معهديًا، لكن قضيته ضد النزعة الأخلاقية وجهت فلاسفة آخرين نحوعدم الإدراكية، وخاصة الممضى الانفعالي.

أدى ظهور الوضعية المنطقية ومعايير قابلية التحقق من صحتها في أوائل القرن العشرين إلى استنتاج بعض الفلاسفة حتى البيانات الأخلاقية، كونها غير قادرة على التحقق العملي، كانت بلا معنى إدراكي. يعود هذا المعيار بالأساس إلى دفاع ألفريد آير عن الوضعية في اللغة والحقيقة والمنطق، والذي يحتوي على بيانه عن الممضى الانفعالي. ومع ذلك، فإن الوضعية ليست ضرورية للعاطفة نفسها، من الممكن حتى في شكلها عند آير، وبعض الوضعية عند تجريبيي فيينا، والتي كان لها تأثير كبير على آير، كانت لديهم آراء غير عاطفية.

كشف آر. إم. هير عن نظريته الأخلاقية للوصاية الكاملة في عام 1952 في كتابه «لغة الأخلاق»، عازمًا على الدفاع عن أهمية الجدال الأخلاقي العقلاني ضد «النادىية» التي رآها ستيفنسون، الذي افترض حتى الحجة الأخلاقية كانت أحيانًا نفسية وليست عقلانية. لكن خلاف هير لم يكن كليًا، والتشابه بين نظريته غير المعهدية والنظرية العاطفية -خاصة انادىئه، وستيفنسون، حتى الأحكام الأخلاقية تحتوي على أوامر وبالتالي فهي ليست وصفية بحتة- تسببت في اعتبار البعض له عاطفيًا، وهوتصنيف رفضه هير:

«لقد اتبعت، وأتبع، العاطفيين في رفضهم الوصفية. لكنني لم أكن أبدًا عاطفيًا، على الرغم من أنني غالبًا ما كنت أُسمى كواحد منهم. لكن على عكس معظم خصومهم، رأيت حتى عدم عقلانيتهم، ولا وصفيتهم، هوما كان خطأ. لذلك كانت مهمتي الرئيسية هي إيجاد نوع عقلاني من اللاوصفية، وهذا دفعني إلى إثبات حتى الضرورات، أبسط أنواع الوصفات، يمكن حتى تخضع لقيود منطقية في حين لا تكون [وصفية].»

الأنصار

أصدر تشارلز كاي أوغدن وإيفور آرمسترونغ ريتشاردز البيانات التأسيسية للممضى الانفعالي في كتابهما: «معنى المعنى» الصادر عام 1923 حول اللغة، بالإضافة إلى دبليو. إتش. بارنز ودونكان جونز. ومع ذلك، فإن أعمال آير اللاحقة وخاصة ستيفنسون هي أكثر الدفاعات الموسعة والمطورة عن النظرية.

ألفرد آير

ظهر مفهوم الممضى الانفعالي عند ألفرد آير في الفصل السادس من «نقد الأخلاق واللاهوت» لكل من اللغة والحقيقة والمنطق. وفي هذا الفصل، يقسم آير «النظام الأخلاقي العادي» إلى أربع فئات:

1. «المقترحات التي تعبر عن مفاهيم المصطلحات الأخلاقية، أوالأحكام المتعلقة بشرعية أوإمكانية بعض المفاهيم».
2. «مقترحات تصف ظواهر التجربة الأخلاقية وأسبابها».
3. «محاذير الفضائل الأخلاقية».
4. «الأحكام الأخلاقية العملية».

ويركز آير على مقترحات الفئة الأولى -الأحكام الأخلاقية- قائلًا إذا تلك الخاصة بالفئة الثانية تنتمي إلى الفهم، والفئة الثالثة هي مجرد أوامر، والرابعة (والتي تُعتبر في الأخلاقيات المعيارية بدلًا من الأخلاقيات الفوقية) هي ملموسة للغاية بالنسبة للفلسفة الأخلاقية. في حين حتى بيانات الفئة الثالثة لم تكن ذات صلة بعلاقة آير بالممضى الانفعالي، لكنها ستلعب لاحقًا دورًا مهمًا بالنسبة لستيفنسون.

يطرح آير حتى الأحكام الأخلاقية لا يمكن ترجمتها إلى مصطلحات غير أخلاقية وتجريبية وبالتالي لا يمكن التحقق منها؛ وفي هذا يتفق مع الحدس الأخلاقي. لكنه يختلف عن الحدسيين عن طريق نبذ نداءات الحدس باعتبارها «لا قيمة لها» لتحديد الحقائق الأخلاقية، لأن حدس إنسان ما يتناقض في كثير من الأحيان مع حدس إنسان آخر. وعوضًا عن ذلك، يستنتج آير حتى المفاهيم الأخلاقية «مجرد مفاهيم زائفة»:

«إن وجود رمز أخلاقي في الافتراض لا يضيف شيئًا إلى محتواه العملي. وبالتالي إذا قلت لشخص ما: «لقد تصرفت بشكل خاطئ لسرقة تلك الأموال»، أنا لا أذكر أي شيء أكثر مما لوقلت ببساطة: «لقد سرقت هذا المال». عند إضافة حتى هذا العمل خاطئ، فأنا لا أقدم أي إفادة أخرى عنه. أنا ببساطة أعرض استنكاري الأخلاقي تجاه ذلك. ويبدوالأمر كما لوكنت قد قلت: «لقد سرقت هذا المال»، بلهجة غريبة من الرعب، أوخطته مع إضافة بعض علامات التعجب الخاصة.... إذا قمت الآن بتعميم تصريحي السابق فأقول: «سرقة المال خاطئة»، فأنا أصدر جملة لا معنى لها من الناحية العملية –أي، لا تعبر عن أي اقتراح يمكن حتىقد يكون إما سليمًا أوخاطئًا.... أنا بكل بساطة أعبر عن بعض المشاعر الأخلاقية».

يتفق آير مع الرأي القائل إذا البيانات الأخلاقية ترتبط بالضرورة بالمواقف الفردية، لكنه يقول إنها تفتقر إلى قيمتها الحقيقة لأنه لا يمكن فهمها بشكل سليم على أنها مقترحات حول هذه المواقف؛ ويعتقد آير حتى الجمل الأخلاقية هي تعبيرات قبول، وليست تأكيدات. وعلى الرغم من حتى تأكيد القبول قد يحدث مصحوبًا دائمًا بتعبير الموافقة، لكن يمكن التصريح بالتعبيرات دون تقديم تأكيدات؛ مثال آير على ذلك هوالملل، والذي يمكن التعبير عنه من خلال التأكيد المعلن «أنا أشعر بالملل»، أومن خلال عدم التصريح بما في ذلك نغمة الصوت، ولغة الجسد، والكثير من العبارات اللفظية الأخرى. ويرى حتى التصريحات الأخلاقية تعبيرات من هذا النوع الأخير، لذا فإن تعبير «السرقة خاطئة» تعبير غير مُفترضة مساوية للتعبير عن الرفض، ولكنها لا تعادل اقتراح «أنا أرفض السرقة». وبعد حتى جادل بأن نظريته في الأخلاقيات ليست معهدية وليست ذاتية، فإنه يقبل حتى موقفه وشخصيته يُستقبلان بنفس القدر، حجة جورج إدوارد مور بأن النزاعات الأخلاقية هي نزاعات حقيقية بوضوح وليست مجرد تعبيرات عن مشاعر متضادة. الدفاع عن آير هوحتى جميع الخلافات الأخلاقية تدور حول حقائق تتعلق بالتطبيق السليم لنظام القيم في حالة معينة، وليس حول أنظمة القيم نفسها، لأنه لا يمكن حل أي نزاع حول القيم إلا من خلال الحكم على حتى نظام القيم متفوق على الآخر، وهذا الحكم في حد ذاته يفترض وجود نظام قيم مشهجر. إذا كان مور مخطئًا في القول إذا هناك خلافات عملية في القيمة، فنحن أمام انادىء بوجود خلافات حقيقية في الواقع، وآير يقبل ذلك دون تردد:

«إذا اتفق خصمنا معنا في التعبير عن الرفض الأخلاقي لنمط معين (ت)، فقد نطلب منه إدانة إجراء معين (أ)، من خلال تقديم حجج تُظهر حتى (أ) من النوع (ت). وبالنسبة للسؤال عما إذا كان (أ) لا ينتمي إلى هذا النوع أم لا، فهوسؤال واضح عن الحقيقة».

انظر أيضًا

• فلسفة تحليلية
• الوضعانية المنطقية
• برهنة

مراجع