العلاقات الدولية
العلاقات الدولية هي تفاعلات تتميز بأن أطرافها أووحداتها السلوكية هي وحدات دولية ، وحينما نذكر حدثة دولية فإن ذلك لا يعني اقتصار الفاعلين الدوليين على الدول وهي الصورة النمطية أوالكلاسيكية التي كان ينظر بها للفاعلين الدوليين في العقود الماضية.
فبجانب الدول هناك نوعان من الأطراف الدولية الأخرى التي تتشابك وتتفاعل في محيط العلاقات الدولية لدرجة لا يمكن معها تجاهلها طبقاً للنظرة التقليدية للفاعلين الدوليين.
- والنوع الأول: من الفاعلين الدوليين هم أطراف أوفاعلين دون مستوى الدول في بعض الأحيان مثل الجماعات ذات السمات السياسية أوالعرقية التي قد تخرج عن إطار الدولة لتقيم علاقات مع وحدات دولية خارجية بغض النظر عن موافقة أوعدم موافقة الدول التي ينضمون تحت لواءها مثل الجماعات الانفصالية وجماعات المعارضة المسلحة، فضلاً عن العلاقات الدولية لحركات التحرر التي لم ترق بعد إلى مرتبة تكوين أوتمثيل دولة.
- أماالنوع الثاني: من الفاعلين فهويتمثل في التنظيمات التي تخطت إطار الدولة لتضم في عضويتها عدة دول، سواء كانت هذه المنظمات هي منظمات دولية أوإقليمية،وسواء كانت تلك المنظمات هي منظمات سياسية أوعسكرية أواقتصادية أوثقافية أواجتماعية أوحتى تلك التي تقوم بغرض تعزيز روابط الآخاء الديني .
- والعلاقات الدولية هي تفاعلات ثنائية الأوجه أوتفاعلات ذات نمطين النمط الأول هونمط تعاوني والنمط الثاني هونمط صراعي إلا حتى النمط الصراعي هوالنمط الذي يغلب على التفاعلات الدولية برغم محاولة الدول إخفاء أوالتنكر لتلك الحقيقة ، بل أننا يمكننا القول حتى النمط التعاوني الذي قد تبدوفيه بعض الدول هونمط موجه لخدمة صراع أونمط صراعي آخر قد تديره الدولة أوتلك الدول مع دولة أومجموعة دول أخرى ، عملى سبيل المثال نجد حتى الأحلاف والروابط السياسية بين مجموعة من الدول هي في صورتها الظاهرية قد تأخذ النمط التعاوني بين تلك الدول برغم حقيقة قيامها لخدمة صراع تلك المجموعة من الدول ضد مجموعة أخرى .
- أكثر من ذلك فإن النمط التعاوني للعلاقات بين دولتين (مثل تقديم العون والمساعدات الاقتصادية والعسكرية) قد يحمل في طياته محاولة من إحداهما التأثير على قرار الأخرى وتوجيه سياستها بما يخدم مصالحها أوتكبيلها بمجموعة من القيود التي تتراكم كنتاج للتأثير والنفوذ.
لذلك نجد حتى معظم التحليلات والنظريات في العلاقات السياسية الدولية هجرز كلها على النمط الصراعي منها انطلاقاً من دوافع ومحددات مثل القوة والنفوذ والمصلحة فضلاً عن الدوافع الشخصية.
ويعد الصراع بمثابة نمط تحليلي خصب من أنماط العلاقات السياسية الدولية، فهومليء بالتفاعلات متعددة الأبعاد ، بل أنه يجمع في طياته النمط التعاوني نفسه والذي يعاد توظيفه في معظم الأحيان لخدمة النمط أوالبعد الصراعي للتفاعلات الدولية
- والعلاقات الدولية هي فرع من فروع العلوم السياسية ويهتم بدراسة جميع الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية. فهما بأنه لا يقتصر على دراسة اوتحليل الجوانب اوالابعاد السياسية فقط في العلاقات بين الدول وانما يتعداها إلى مختلف الابعاد الاقتصادية والعقائدية والثقافية والاجتماعية......الخ.
كماانه لا يقتصر على تحليل العلاقات بين الدول وحدها وانما يتعدى ذلك ليضم كثير من الاشكال التنظيمية سواء كانت تتمتع بالشخصية القانونية الدولية اولاتتمتع بذلك
فهم العلاقات الدولية
برغم ان ان العلاقات الدولية كممارسة وتفاعلات قد وجدت مند القدم ومنذ بداية انتظام التجمعات البشرية في شكل دول- إلا حتى العلاقة الدولية كفهم- تعتبر من العلوم حديثة النشأة نسبيا - حيث بدا ياخد حيزا منذ بدايةالقرن 19، وقد تأكدت أهميته كفهم قبيل واعقاب الحرب العالمية الاولى.
- وفهم العلاقات الدولية بات من أبرز فروع العلوم السياسيةالتي من خلالها يمكن دراسة وتحليل الظاهرة السياسية بكل أبعادها النظرية والواقعية، وبرغم حتى دراسة العلاقات الدولية كمادة قائمة بذاتها من مواد العلوم السياسية لم تتخذ طابعا عملياً إلا عقب الحرب العالمية الثانية- إلا أنها قد اتخذت خلال تلك الفترة الوجيزة نسبياً مكانة هامة طغت على الأفرع الأخرى للعلوم السياسية , ويرجع ذلك إلى الحيوية والديناميكية التي تتسم بها موضوعات تلك المادة ، فضلا عن الأهمية التي اكتسبتها تلك المادة جراء التقدم التكنولوجي الضخم في كافة المجالات خاصة في مجال الاتصال والمعلومات والمواصلات والتسلح .
- وفهم العلاقات الدولية لم يعد مقتصرا الآن على استقراء علاقات الدول والأحداث الدولية كما كان في السابق والذي كان يقترب من دراسة التاريخ الحديث، كما أنه لم يعد يركن إلى الاكتفاء بتفسير الظواهر الدولية الحالية وإيجاد المبررات أوالتبريرات للسلوك الدولي.
بل تخطى ذلك كله لينفذ قلب الحدث أوالسلوك الدولي مستعينا بأدواته التحليلية المستمدة من أفرع العلوم السياسية الأخرى بجانب أفرع العلوم الاجتماعية الإنسانية وعلى رأسها فهم النفس وفهم الاجتماع وفهم الأجناس البشرية والجغرافيا والتاريخ والقانون الدولي والاقتصاد ، يضاف ذلك أساليب التحليل الكمي والإحصائي والقياس واستطلاعات الرأي والتي من خلالها ومعها يتحقق ليس فقط تحليل العلاقات الدولية بصورتها الراهنة - بل يمكن التنبؤ أواستشراف أوالوقوف على طبيعتها المستقبلية من خلال المعطيات المتاحة في حالة تحقق شروط أوافتراضات التحليل دون حدوث أحداث قاهرة أوفوق مستوى التسقط ، مع وضع وتحديد البدائل في حالة تغير الظروف والأحوال أوالافتراضات التي بنيت على أساسها تلك التحليلات .
المصدر
د. جمال سلامة علي : كتاب أصول العلوم السياسية - اقتراب واقعي من المفاهيم والمتغيرات الناشر دار النهضة العربية ، 2003