مفجِّر البيانات اللاسلكي

عودة للموسوعة

مفجِّر البيانات اللاسلكي

مفجِّر البيانات اللاسلكي Wireless data blaster ، طريقةً جديدة لبث كم هائل من البيانات بسرعة كبيرة ومن دون أسلاك في الأجهزة الإلكترونية المحمولة.

سيرة الاختراع

كان خيط الضوء الشديد المتماوج ذي اللون الأزرق الفاتح يتراقص عبر الحيز الصغير بين طرفي قضيبين معدنيين، مُصدرا صوتا أشبه بصوت الفرقعة التي تصاحب قلي البيض. مكان هذا المشهد قاعة تعليمية خافتة الإضاءة في جامعة كارِلسروهه بألمانيا، حيث يعرض أستاذ وقور عمره واحد وثلاثون عاما لطلبته ظواهر كهرمغنطيسية مستعينا بجهاز إرسال ذي فرجة شرارية spark-gap transmitter. أما الزمان فهوعام 1887، والأستاذ الوقور<H. هرتز> يعمل على توليد موجات راديوية. وبعد ذلك بسبع سنوات وقع حتى قرأ شاب إيطالي يدعى<G. ماركوني> [كان يمضي إجازته في جبال الألب] منطقة لهرتز حملته على العودة فجأة إلى بيته وفي ذهنه تصور لجهاز تلغراف لاسلكي. وما لبثت أجهزة إرسال ماركوني الخاصة ذات الفرجة الشرارية حتى ظهرت في مختبره مرسلة دفقات نبضية من نظام مورس دون استعمال أي أسلاك. وبتعزيز طاقة الإرسال وإنشاء هوائيات أكبر، تمكن هذا «الرائد الراديوي» فيما بعد من استعمال جهاز لبث إشارات لاسلكية مكودة (مرمزة) عبر المحيط الأطلسي وذلك عام 1901.

بعد مضي قرن على ذلك التاريخ، ها هم الباحثون يرسلون مجددا نبضات كهرمغنطيسية قصيرة في أراتى مختبراتهم الفهمية، إلا حتى التقانة تبدلت، فحلت الدارات المتكاملة والديودات النفقية tunnel diodes البالغة الصغر محل الملفات (الوشائع) والمكثفات الضخمة التي استخدمها جميع من هرتز وماركوني. كذلك طُوِّرت حاليا دفقات الشرر العشوائية الشاردة التي كانت تبثها أجهزة الإرسال الأولى، فغدت سلاسل متعاقبة بالغة الدقة في التوقيت لنبضات متميزة الشكل، لا يتعدى أمد الواحدة منها بضع مئات من أجزاء التريليون من الثانية. وفي حين كان بإمكان تجهيزات ماركوني نقل ما يعادل نحوعشرة بتّات من البيانات في الثانية، فإن المنظومات الحديثة ـ وهي النتاج القصير المدى والمنخفض الطاقة، المستَمد من المنظومات الأصلية الأولى ذات الفرجة الشرارية، والتي يطلق عليها حاليا اسم التقانة اللاسلكية ذات النطاق الفائق العرض ultrawideband (UWB) wireless technology ـ تستطيع إرسال أكثر من 100 مليون بتة من المعلومات الرقمية في غضون الفترة الزمنية ذاتها.


أوصلني إلى الجدار فحسب

إن الإمكانات العالية للمنظومات ذات النطاق الفائق العرض في نقل البيانات بسرعة كبيرة دفعت مجموعة من المخترعين وأرباب المشروعات (انظر الجدول في هذه الصفحة) إلى دعم هذه التقانة القصيرة المدى باعتبارها وسيلة مثالية تقريبا لمعالجة الفيض المتنامي من المعلومات اللاسلكية فيما بين شبكات الأجهزة الإلكترونية المحمولة (التي تعمل بالبطارية)، إذ إذا هذه الشبكات المستقلة قد تشتمل على مساعِدات رقمية شخصية(1) personal digital assistants وكاميرات رقمية، وكاميرات ڤيديو، وأجهزة سمعية/ ڤيديوية، وهواتف خلوية، وحواسيب محمولة، وما أشبه ذلك من الأجهزة الإلكترونية الننطقة. ولكي يجري تبادل الملفات الرقمية الكبيرة اللازمة لرفد التطبيقات العريضة النطاق (العريضة الحزمة)(2) broadband applications والمتزايدة التعقيد، بحاجة هذه التجهيزات إلى وصلات اتصال لاسلكي ذات نطاق عالي العرض.

زيُنتظر من تقانة النطاق الفائق العرض اللاسلكية حتى تتيح ظهور طائفة جديدة تماما من الأدوات والوظائف الإلكترونية التي قد تغير مجرى حياتنا.

يُعد الحضور المتزايد لوسائط الارتباط السلكية بشبكة الإنترنت حافزا آخر إلى تطوير التقانة اللاسلكية القصيرة المدى؛ إذ إذا الكثيرين من سكان العالم المتقدم يمضون سحابة يومهم ضمن نطاقعشرة أمتار من وصلة سلكية ما إلى الشبكة. ومن شأن هذا القرب حتى يفتح المجال أمام إمكانية استخدام التقانة اللاسلكية القصيرة المدى للاتصال بين الأجهزة الإلكترونية المحمولة والإنترنت. والنتيجة حتى الصناعة استجابت لهذا الأمر عن طريق تطوير تقنيات اتصالات ضيقة النطاق يمكنها حتى «توصلني إلى مقبس الحائط فحسب.» تضم هذه التقنيات المواصفة IEEE 802.11b والمواصفة «بلوتوث» Bluetooth اللتين تعملان ضمن نطاق تردد غير مرخَّص يقع بين 2.400 و2.483 جيگاهرتز، وكذلك المواصفة IEEE 802.11a التي ينحصر نطاق عملها داخل الأبنية وتعمل على الترددات بين 5.150 و5.350 جيگاهرتز.

والواقع حتى تقنية «بلوتوث» هي أفضل التقنيات المعروفة من بين ما يُعهد عموما باسم الشبكات الشخصية personal-area networks (PANs) اللاسلكية. وقد صُمِّمت هذه الشبكات بديلا للكبلات التسلسلية وكبلات المسرى التسلسلي العميم universal serial bus (USB)، المستخدمة في نقل البيانات بين التجهيزات الإلكترونية المتقاربة المواقع. ومع وجود فوارق في تطبيقات معينة تبعا لأغراضها، من المتسقط حتى تتمكن مواصفة «بلوتوث» المنخفضة الطاقة من حتى توفر للمستخدمين سرعة قصوى في نقل البيانات تصل إلى قرابة 700 كيلوبتة بالثانية، وذلك لمسافات تصل إلى نحوعشرة أمتار.

وقد وُضِعت المواصفتان IEEE 802.11a وIEEE 802.11b بصورة خاصة للشبكات المحلية local-area networks (LANs) اللاسلكية التي تَبرز فيها أهمية السرعات الكبيرة والمدى الطويل، لكنها تتطلب استهلاكا أعلى للطاقة. وتتيح هذه الشبكات المحلية اللاسلكية في العادة وصلات بين الحواسيب المحمولة والشبكات المحلية السلكية بواسطة ما يسمى نقاط النفاذ access points. وبإمكان مستخدمي المواصفة IEEE 802.11b حتى يتسقطوا الاستفادة من سرعات نقل قصوى تبلغ قرابة 5.5 ميگابتة بالثانية عبر مسافات مكشوفة تمتد إلى نحو100 متر. أما المواصفة المرافقة لها، IEEE 802.11a، فستوفر للمستخدمين سرعات نقل قصوى للبيانات تقع بين 24 و35 ميگابتة بالثانية عبر أمكنة مكشوفة تناهز 50 مترا. والمعروف من الناحية العملية حتى المنظومات الراديوية القصيرة المدى كافة تعمد إلى «تخفيض» سرعاتها للتعويض عن طول المسافات ووجود الجدران والأشخاص ومختلف أنواع العوائق.

ويبدوحاليا حتى الأجهزة المرسِلة/ المستقبِلة transceivers ذات النطاق الفائق العرض، والمصنوعة أساسا من أشباه الموصلات، ستكون قادرة على تحقيق سرعات عالية جدا في نقل البيانات تقع بين 100 و500 ميگابتة بالثانية عبر مسافات تقع بينخمسة وعشرة أمتار. وسوف تؤدي هذه السرعات العالية لانتنطق البتات إلى نشوء تطبيقات يستحيل وجودها في ظل مواصفات الأنظمة اللاسلكية الحالية، بل يتسقط المهندسون حتى تكون وحدات النطاق الفائق العرض أرخص ثمنا وأصغر حجما وأقل استهلاكا للطاقة من أجهزة الراديوالحالية ذات النطاق الضيق من الترددات.

مطوروتقانة النطاق الفائق العرض

ثمة ناحية أخرى تتفوق فيها منظومات النطاق الفائق العرض على غيرها من المنظومات الأخرى القصيرة المدى، فالطلب المتزايد على زيادة سعة البيانات اللاسلكية، وازدحام أطياف التردُّدات الراديوية المعدَّلة، يحبّذان المنظومات التي لا تقتصر على توفير معدلات سرعة عالية في نقل البتات فحسب، بل توفيرها مركزة في مناطق جغرافية أصغر مساحة، وهي كمية مقيسة صار يطلق عليها اسم السعة الحيّزية spatial capacity، وتقاس بعدد البتات في الثانية في المتر المربع، وهي في الواقع معيار لشدة البيانات data intensity، مثلما حتى عدد وحدات اللومن بالمتر المربع هومعيار لشدة إضاءة مصدر ضوئي. ولما كان مستثمروالنطاق العريض ـ المتزايدون باطراد ـ يجتمعون في أمكنة مزدحمة كالمطارات والفنادق ومراكز المؤتمرات ومقار العمل، فقد بات أبرز متغير في المنظومة اللاسلكية هوسعتها الحيزية، وهي قدرة تتفوق فيها تقانة النطاق الفائق العرض (انظر الرسم البياني في هذه الصفحة).

تحبِّذ السعة الحيزية (وهي معيار للفعالية العملياتية تبرز أهميته لدى مقارنة المنظومات اللاسلكية القصيرة المدى) تقانة النطاق الفائق العرض. وهي تقاس بواحدات الكيلوبتة في الثانية في المتر المربع، ولا هجرِّز على سرعات البتات في نقل البيانات فحسب، بل وعلى سرعات البتات المتاحة في الأمكنة المحصورة التي يحددها مدى الإرسال القصير المدى.

إن التطور الناجح لتقانة النطاق الفائق العرض اللاسلكية سيتيح ظهور مجموعة جديدة تماما من الأدوات والوظائف الإلكترونية التي قد تغير مجرى حياتنا. عملى سبيل المثال، بدلا من حتى نقصد متجرا للڤيديولاختيار بعض الأفلام المسجلة، قد ينتهي الأمر إلى حتىقد يكون بإمكاننا ـ لدى توقفنا لملء خزان السيارة بالوقود ـ نقل (تحميل) downloading الأفلام من الشبكة مباشرة باستعمال وحدة خزن وسيع mass-storage unit محمولة، ووسيلة بث لاسلكية ذات عرض نطاق فائق. وقد يسمح النطاقُ الفائق العرض بمزامنة تقاويم المساعِدات الرقمية الشخصية وأدلة البريد الإلكتروني الضخمة لحظيا، أوبإرسال الرسائل واستقبالها في أمكنة عامة كالمقاهي والمطارات والفنادق ومراكز المؤتمرات. كذلك قد يمكِّن المسافرين بالطائرة أوالقطار من الاستمتاع بانسياب صور الڤيديووالألعاب التفاعلية على نظارات مجسّمة (ثلاثية الأبعاد)، وأجهزة استماع عالية الأمانة(3) مزودة بتقانة النطاق الفائق العرض. أما هواة التصوير فبإمكانهم تحميل الصور الرقمية والڤيديومن آلات التصوير إلى الحواسيب أوإلى آلات عرض السينما المنْزلية عن طريق الخدمة اللاسلكية ذات النطاق الفائق العرض، مستغنين بذلك عن العدد الكبير من الكبلات التي نستعملها اليوم على نطاق واسع.

وهناك تطبيقات أخرى بالغة الأهمية لتقانة النطاق الفائق العرض لا تنتمي إلى مجالات الاتصالات، وهي تعتمد على وجود نبضات دقيقة التوقيت، مرهفة كحد الموسى، تشبه النبضات المستخدمة في التطبيقات الرادارية، وتُكسب الجهاز اللاسلكي ذا النطاق الفائق العرض القدرة على كشف الأجسام المطمورة أوتمييز الحركات خلف الجدران، وهي إمكانات تنطوي على قدر كبير من الأهمية في عمليات الإنقاذ ومهمات فرض تطبيق القوانين.

يمكن أيضا الاستفادة من النبضات العالية الدقّة للنطاق الفائق العرض في تحديد مواقع أجهزة البث الموجودة داخل الأبنية. فعندما تعمل منظومة لاسلكية ذات نطاق فائق العرض بمثابة نموذج محلي لنظام تحديد المواقع الأرضي (GPS) أولتقنية «لوجاك» LoJack المضادة لسرقة السيارات، فإنها تحسب، بكيفية التثليث، مواقع البضائع التي وُسِمت قبلا بأجهزة إرسال، باستعمال أجهزة استقبال موضوعة في أمكنة مجاورة. وقد تعود هذه المقدرة بفائدة كبيرة على موظفي المتاجر الكبرى عند قيامهم بما يسمى «عمليات الجرد الوهمية» في متاجرهم ـ مثل تتبع مواقع البضائع الثمينة المعروضة على الرفوف أوفي المخازن. ويمكن كذلك استعمال ميزة تحديد المواقع هذه لتعزيز مستوى الأمن: فأجهزة الاستقبال ذات النطاق الفائق العرض التي هجرَّب في الأقفال «الذكية» للأبواب أوفي الصرّافات الآلية لن تسمح لهذه الآلات بالعمل إلا عندما يقترب مستفيد مخول باستعمالها ـ يحمل جهاز إرسال ذا نطاق فائق العرض ـ ويصير على مسافة متر أوأقل منها.


راديوبلا موجة حاملة

يختلف النظام اللاسلكي ذوالنطاق الفائق العرض عن الأشكال المألوفة للاتصالات الراديوية، كالتضمين السعوي/ الترددي AM/FM، أوالموجات القصيرة، أوترددات الشرطة والإطفاء، أوالبث الإذاعي والتلفازي، وما شابه ذلك. ذلك حتى هذه الخدمات التي تعمل على عرض نطاق ضيق، والتي تتحاشى إحداها التداخل مع الأخرى بالتزامها حدود النُّطُق الترددية المخصصة لها، تستخدم ما يسمى الموجة الحاملة carrier wave. ويقتضي ذلك دمغ رسائل البيانات فوق الإشارة الحاملة عن طريق تضمين سعتها أوترددها أوطورها بطريقة ما، ثم العمل بعد ذلك على استخلاصها منها عند فترة الاستقبال (انظر الإطار في الصفحة 22).

تقنيات الإشارات الراديوية

تقنيات الإشارات الراديوية

نظم التضمين الضيّقة النطاق والعريضة النطاق

تعتمد تقنيات الراديوالتقليدية الضيقة النطاق على موجة «حاملة» أساسية يجري تغييرها بطريقة منهجية (تضمينها) بحيث تجسد دفقا مكوَّدا من البتات. ويمكن تعديل الموجات الحاملة لتشتمل على بيانات رقمية، وذلك عن طريق تغيير سعتها أوترددها أوطورها.

لا تستخدم التقانة اللاسلكية ذات النطاق الفائق العرض موجة حاملة، بل تقوم، بدلا من ذلك، بتضمين النبضات الإفرادية بطريقة ما. وفي نظام التضمين الثنائي القطب يتمثل الرقم 1 بنبضة موجبة (صاعدة) ويتمثل الرقم 0 بنبضة معكوسة (هابطة). وفي مقاربة أخرى، تمثل النبضات المكتملة السعة الرقم 1، في حين تمثل النبضات ذات نصف السعة الرقم 0. أما التضمين بموضع النبضة فإنه يرسل نبضات متطابقة ولكنه يغير توقيت إرسالها. وتدل النبضات المتأخرة على الأصفار.

لماذا تدل النبضات القصيرة على نطق عريضة من الترددات خلافا لنظم الاتصالات التقليدية، يحتل النظام اللاسلكي ذوالنطاق الفائق العرض مدى عريضا من الترددات عند مستويات طاقة منخفضة جدا، غالبا ما تكون أدنى من مستوى ضجيج وسط إرسال الإشارات [1].

تبين المقارنة [2] التالية، التي تصوِّر نبضات نموذجية لحزمة فائقة العرض وأطيافها الترددية المصاحبة، أنه حدثا ضاق أمد النبضة ارتفعت قيمة ترددها المركزي وزاد عرض انتشار طيفها الترددي. [الپيكوثانية تساوي جزءا من تريليون من الثانية].

تُبيِّن نظرية محوِّل فورييه Fourier transform theory لما يكبر عرض نطاق النبضة حدثا قصر زمن حدوثها. وهي تنص على أنه يمكن تمثيل أي شكل موجة بالمجموع المثقل بشكل مناسب لأشكال الموجات الجيبية. عملى سبيل المثال، يمكن إعطاء قيمة تقريبية للموجة المربعة [رتل منها في الواقع] بواسطة أساس [جذر] موجة جيبية مضافا إليها موجات جيبية تردداتها مضاعفات فردية [توافقيات]

لتردد أساسها. وتكون جميع توافقية مضافة أضعف من سابقتها، إلا حتى القيمة التقريبية تتحسن بعد جميع عملية إضافة. ومن الناحية المبدئية، فإن عددا لامتناهيا من الإضافات يمثل الموجة المربعة بدقة؛ ولكن، كما يظهر فيما يلي [3]، فإن الأساس مضافا إليه التوافقيات الفردية الأربع الأولى، يعطينا جوابا تقريبيا مقبولا.

أما تقانة النطاق الفائق العرض فتختلف عن ذلك اختلافا جذريا. فبدلا من استخدام موجة حاملة، تكون إصدارات النطاق الفائق العرض مؤلفة من سلسلة من النبضات المتبترة. وبمجرد إحداث تغيير في سعة النبضات أوقطبيتها أووقت حدوثها أوفي أي صفة أخرى لها، يصبح بالإمكان تكويد المعلومات ضمن دفقة البيانات نفسها. ويشار هنا إلى حتى عدة مصطلحات أخرى قد استُعملت للتعبير عن نمط الإرسال في النطاق الفائق العرض، نذكر منها الإرسال من دون موجة حاملة، والإرسال بحزمة قاعدية، والإرسال اللاجيبي، والإرسال النبضي.

تجنُّب التداخل

ولأن أمد النبضات في النطاق الفائق العرض قصير جدا، فإنها تعمل ضمن نطاق متصل من الترددات يمتد بضع وحدات من الجيگاهرتز. يستتبع ذلك أنه حدثا قصر أمد النبضة، ازداد عرض طيف الترددات الذي تشغله النبضة (انظر الإطار في الصفحة اللقاءة).

يُصدر جهاز إرسال نموذجي ذونطاق فائق العرض ويعمل بقدرة 200 ميكروواط، إشعاعا لا يتعدى جزءا من ثلاثة آلاف جزء من متوسط،يا ترى؟ الطاقة التي يصدرها جهاز هاتف خلوي عادي تساوي قدرته 600 ملي واط.

ولما كانت نبضات النطاق الفائق العرض تَستخدم الترددات نفسها التي تستخدمها أنظمة الخدمة الراديوية التقليدية، فهناك احتمال لحصول تداخل بين هذه النبضات وتلك الأنظمة. وكانت محطات ماركوني ـ التي تعمل بفرجة شرارية ـ تستخدم طاقات عالية لحاجتها إلى تغطية مسافات بعيدة. أما في بيئتنا الحالية، التي تخضع إلى نوع من التنظيم، فأغلب الظن حتى المنظومات المماثلة لمحطات ماركوني لنقد يكون مسموحا باستعمالها نظرا إلى إمكانية تداخلها مع أي شيء تقريبا يرسَل عبر الهواء. وسوف تشاطرها منظوماتُ اتصالات النطاق الفائق العرض المسألةَ ذاتها لولا أنها تتعمد العمل على مستويات منخفضة من الطاقة بحيث لا يتعدى ما تصدره من طاقة راديوية ما يُصدره مجفف الشعر والمثقاب الكهربائي والحاسوب المحمول وغيرها من الأدوات التي تُصْدِر طاقة كهرمغنطيسية كمنتَج ثانوي. هذا الخرج المنخفض الطاقة يعني حتى مدى النطاق الفائق العرض صار محدودا جدا ـ أي بحدود 100 متر أوأقل، بل وحتىعشرة أمتار كما هي الحال عادة. أما فيما يتعلق بطرائق التضمين التي نُحسِن اختيارها، فإن التداخل الناجم عن أجهزة إرسال النطاق الفائق العرضقد يكون محمودا على وجه العموم نظرا إلى حتى مستويات طاقة النبضات تكون، بكل بساطة، منخفضة جدا بما يكفي لمنع حدوث أي مشكلات.

ويرجح حتىقد يكون متوسط القدرة المنبعثة من الأجهزة المرسلة/ المستقبلة للنطاق الفائق العرض منخفضا بما يكفي لعدم تعرض مستخدمي هذه الأجهزة لأي نوع من المخاطر البيولوجية، شأنه في هذا شأن الإصدارات المنبعثة من الأدوات الكهربائية المنزلية، فهما بأن ثمة حاجة إلى إجراء مزيد من الاختبارات لتأكيد هذا الأمر بصورة كاملة. وعلى سبيل المثال يُصدر جهاز إرسال ذونطاق فائق العرض بقدرة 200 ميكروواط إشعاعا لا يتعدى جزءا من ثلاثة آلاف جزء من متوسط الطاقة التي يصدرها جهاز هاتف خلوي عادي تساوي قدرته 600 ملي واط.

في 14/2/2002 أعطت المفوضية الفدرالية للاتصالات(4 FCC موافقتها المشروطة على استخدام النطاق الفائق العرض، بعد حتى ظلت تتلقى التعليقات والملاحظات الواردة من الجهات المعنية طوال سنتين تقريبا. وقد زاد عدد التعليقات على القوانين المقترحة على 900 تعليق، تَركَّز معظمها على احتمال حتى يتداخل النطاق الفائق العرض مع نظم الخدمة الموجودة حاليا مثل نظام تحديد المواقع الأرضي (GPS) ومنظومات الاتصالات الرادارية والدفاعية وخدمات الهاتف الخلوي.

إلا حتى شُرّاع القوانين في المفوضية الفدرالية للاتصالات سلكوا أسلوبا محافظا عندما سمحوا بإجراء تطبيقات على الاتصالات باستعمال النطاق الفائق العرض تنحصر حدود قدرة «الإشعاع الثانوي» الكلية فيها ما بين 3.1 و10.6 جيگاهرتز. أما الإشارات التي تقع خارج هذا النطاق فيجب توهينها بمقدار 12 ديسيبل (db)، إضافة إلى توهين إضافي بقيمة 34 ديسيبل في المناطق القريبة من نطق ترددات النظام (GPS). كذلك سُمِح للكوادر العاملة على فرض القانون والمحافظة على السلامة العامة بالتزام قيود أكثر تساهلا، باستعمالهم وحدات النطاق الفائق العرض في البحث عن ضحايا الزلازل أوالهجمات الإرهابية.

وعلى الرغم من هذه القيود المفروضة، فإن الجهات المعنية بتطوير تقانة النطاق الفائق العرض واثقة من حتى التقانة اللاسلكية ستكون قادرة على أداء معظم المهام التي تَصَورها لها أنصار هذه التقانة في مجال نقل البيانات. وقد أوضح المختصون في المفوضية الفدرالية للاتصالات أنهم يفترض أن ينظرون في إمكانية تخفيف هذه القيود حالما يتسنى اكتساب الخبرة العملياتية وإجراء مزيد من الدراسات.

ومن المفارقات الحقيقية ما يظهر من حتى أكثر المشكلات التقنية تحديا يتمثل في إيجاد وسائل تمنع أجهزة الإرسال الأخرى من حتى تتداخل مع أجهزة النطاق الفائق العرض. والواقع حتى هذا المجال هوواحد من المجالات التي تملك فيها منظومات الحزمة الضيقة ميزة واضحة لا مراء فيها ـ إذ إذا مثل هذه المنظومات تكون عادة مزودة بمرشح أمامي يمنع أجهزة الإرسال العاملة خارج نطاق ترددات استقبالها من إحداث أي مشكلات. ولعل من المؤسف حتى جهاز الاستقبال في النطاق الفائق العرض بحاجة إلى مرشح أمامي «مفتوح إلى مداه» يسمح بمرور طيف عريض من الترددات، بما في ذلك الإشارات الصادرة عن أجهزة تداخل محتملة. إذا قدرة جهاز الاستقبال في النطاق الفائق العرض على التغلب على هذا العائق، الذي يسمى أحيانا مقاومة التشويش jamming resistance، يعد عملا صفة أساسية في تصميم جهاز الاستقبال الجيد. ومن الطرائق المتبعة لتحسين مقاومة التشويش هجريب ما يسمى مرشِّحات ثلمية notch filters مهمتها توهين الأجزاء الضيقة من الطيف حيث يحتمل حدوث التداخل. وهناك إجراء وقائي آخر جرى تطويره يقضي باستخدام مرشِّحات ثلمية آلية تتتبَّع الإشارات الصادرة عن أجهزة التشويش القوية ذات النطاق الضيق وتعمل على إضعافها.


تعدد مسارات التداخل

هناك نقطة مهمة تتمثل في نوع آخر من التداخل الراديوي هوالتداخل المتعدد المسارات multipath interference. ففي بعض الأحوال، قد تنعكس إشارة النطاق الضيق نفسها، بتأثير الأجسام المحيطة، وتتخذ لها مسارَيْن مختلفين أوأكثر بحيث تصل الإشارات المنعكسة إلى جهاز الاستقبال بحالة اختلاف في الطور out of phase، وأحيانا تبطل إحداها الأخرى عمليا. وقد عانى معظمنا مشكلات تعدد المسار في أثناء الاستماع إلى محطة الراديوFM في السيارة. فعندما تتوقف السيارة عند إشارة مرور traffic light مثلا، قد تصبح الإشارة signal فجأة مفعمة بالضجيج ومشوَّهة. ولكن إذا تقدمت السيارة مسافة قدم أواثنتين فغالبا ما يؤدي ذلك إلى تغير التوقيت النسبي لوصول الإشارات المستقبَلة بما يكفي لاستعادة استقبال صوتي واضح.

على حتى الإشارات المتعددة الناجمة عن الانعكاسات من الممكن تكون في حد ذاتها عائقا أمام الوحدات اللاسلكية ذات النطاق الفائق العرض، لكن التصميم الحاذق قد يمكّن هذه الوحدات من الاستفادة من هذه الظاهرة لمصلحتها؛ ذلك حتى النبضات الضيقة للنطاق الفائق العرض تسمح لبعض أجهزة الاستقبال بميز جميع من التيارات المتعددة المسار واستخدام «أذرع» متعددة للإطباق على مختلف الإشارات المنعكسة. بعدئذ، وفي غضون زمن حقيقي وجيز، «تقترع» الأذرع لفهم ما إذا كانت البتة المستقبَلة واحدا أوصفرا. وتجدر الإشارة إلى حتى دالة تدقيق البتات تقوم في الواقع بتحسين أداء جهاز الاستقبال.

طاقة منخفضة ومدى قصير

إن النزعة الحالية لإرسال إشارات ذات طاقة أكثر انخفاضا على مدى أقصر حصلت سابقا في ميدان الاتصالات اللاسلكية، مع بدايات ظهور تقانة الهاتف الراديوي. فقبل عام 1980، كان بإمكان برج واحد يحمل جهاز إرسال عالي القدرة حتى يغطي مدينة بأسرها، لكن المتاحية الطيفية spectrum availability المحدودة كانت تعني عدم قدرته على خدمة عدد كبير من المشهجرين. فإلى عهد قريب (هوعام 1976) لم يكن بوسع شركات خدمة الهاتف الراديوي في مدينة نيويورك التعامل في وقت واحد مع أكثر من 545 مشهجرا في الهاتف المحمول ـ وهوعدد قليل بترا بالمقاييس الحالية. وقد استطاعت صناعة الهاتف الخلوي حتى تستوعب عددا كبيرا من المشهجرين عن طريق تخفيض القدرة والمسافة كلتيهما تخفيضا جذريا، ومن ثم إتاحة إمكان الاستفادة من الطيف نفسه مرات عدة ضمن الرقعة الجغرافية الواحدة. ويبدوحتى النظام اللاسلكي القصير المدى حاليا ـ ولا سيما النطاق الفائق العرض ـ هوعملا قاب قوسين من حتى ينسج على المنوال ذاته.

ولا شك في حتى تقانة النطاق الفائق العرض، باعتبارها أحدث نتاج لتقنية الراديوبالفرجة الشرارية، قد تتمكن بمساعدة أشباه الموصلات والإنترنت، من حتى تبرز في وقت قريب على أنها لبنة بناء لاسلكية أساسية في تقانة اتصالات البيانات الفائقة السرعة.

=ملاحظات

  • المؤلف ، David G.Leeper : رئيس قسم التقانات اللاسلكية في المجموعة New Business Investments التابعة للشركة إنتل، وهذه المجموعة تستطلع التطبيقات التجارية للمنظومات اللاسلكية ذات النطاق الفائق العرض. شغل ليپر ـ على مدى 32 عاما ـ عدة مناصب إدارية عليا في مختبرات بِلْ، وفي الشركتين «بِلْكور» و«موتورولا». وهويحب العمل مع مجموعات صغيرة في أبحاث تتعلق بالمثير من التقانات الجديدة. وحصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة پنسلڤانيا.

انظر أيضا

  • منطقات في الفهم تتضمن نصوصا من مجلة العلوم.
  • بوابة مجلة العلوم

المراجع

  • Ultra-Wideband Technology for Short or Medium-Range Wireless Communications. J. Foerster et al. in Intel Technology Journal, 02, 2001.
  • Available at http://intel.com/technology/itj/q22001/articles/art_4.htm
  • A Long-Term View of Short-Range Wireless. David G. Leeper in IEEE Computer Magazine, Vol. 34, No. 6, pages 39-44; June 2001.
  • Extensive links to UWB wireless information sources:
  • www.setherwire.com
  • FCC electronic comment-filing system: www.fcc.gov/e-flle/ecfs.html (Click on "Search for Filed Comments" and enter "98-153" in the box.)
  • History of radio Web site:
  • www.localhistory.scit.wlv.ac.uk/Museum/Engineering/Electronics/ history/radiohistory.htm
  • Official Bluetooth Web site: www.bluetooth.com
  • Official IEEE 802 Web site: http://grauper.leee.org/groups/802
  • Scientific American, May 2002

المصادر

  • مجلة العلوم
تاريخ النشر: 2020-06-04 05:29:34
التصنيفات: عن مجلة العلوم, حاسوب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

3 أفلام جديدة بدور العرض المصرية.. اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:03
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

الذهب حبيس نطاق ضيق مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:09
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي: «العكرمي» متورط بعلاقة مع «الغنوشي»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

جثة رضيع في «كيس بلاستيك» بالشرابية.. النيابة تحقق

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:01
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

أحمد داود ينشر أول صورة من كواليس مسلسل «سوتس بالعربي» مع آسر ياسين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:03
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

«مياه أسيوط» توقع اتفاقية تعاون مع منظمة الأمم المتحدة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:20:56
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

تدمير 4 مضافات لـ«داعش» في جزيرة «البو مرموص» العراقية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

وكيل «صحة النواب»: مصر صاحبة تاريخ في تأسيس المؤسسات الصحية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:07
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

استمرار بيع مستلزمات المصريين بأسعار مخفضة في شوادر «كلنا واحد»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:01
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

رئيس جامعة سوهاج يفتتح المرحلة السادسة من «جامعة الطفل»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:00
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

سنغافورة تسعى لتهدئة المخاوف من كورونا وسط تزايد الإصابات الخفيفة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:05
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

نائب عراقي: قرار إعادة فتح الترشيح لرئاسة الجمهورية «خطأ دستوري»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

«المنيا» تستقبل 3 وفود سياحية إفريقية لزيارة المعالم الأثرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

إحصائية للتعليم تكشف أهمية وحدات التدريب بالمدارس والإدارات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:20:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

قرار جمهوري بتعيين الدكتور ممدوح المصرى عميدًا لـ«آداب طنطا»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:00
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

السينمات المصرية تستقبل «Death on the Nile» بعد مقاطعته في لبنان والكويت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:04
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

النائب محمد أبو هميلة: القرى تعاني من الحصول على الخدمات الصحية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

كواليس ومواعيد حلقة محمد أبو جبل في معكم منى الشاذلي (صور)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:04
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

قرار مهم من التعليم للمدارس الصناعية الفنية بشأن عقد الامتحانات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:20:57
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

«التخطيط»: مليار دولار لتنفيذ 11 من أهداف التنمية المستدامة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-09 12:21:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية