بداية الدعوة المحمدية
|
جزء من سلسلة الإسلام
|
|
آدم·إدريس |
قبل بلوغه الأربعين وتكليفه بالرسالة، عهد محمد رسول الله بأخلاقه الحميدة إلى جانب رفضه لعبادة الأصنام والممارسات الوثنية التي كانت مكة أحد مراكزها في المنطقة.
ومنذ بداية الوحي كانت زوجته خديجة تشد من أزره حتى يتمكن من الصبر على هذا الحمل العظيم. بدأت الدعوة بمحاورة الأهل والأصحاب بموضوع هذا الدين الجديد المكمل والمتمم لما سبقه. فاقتنع به البعض وساند النبي محمد فيه وأعرض عنه الآخرون لأسباب عديدة.
أوائل المسلمين
ممن تجاوز إلى الإسلام خديجة بنت خويلد، وابن عمه الإمام علي بن أبي طالب وكان صبيا ابن عشر سنين يعيش في كفالة محمد وأسلم بعد النبوة بسنة, وقد أسلم قبل الإمام أبوبكر ولكنه كان يكتم إسلامه أما الصحابي أبوبكر فكان أول من أظهر الإسلام. جمع الرسول محمد أهله وأقاربه وعرض عليهم الإسلام فلم يجبه إلا علي - ومولاه الصحابي زيد بن حارثة، والصحابي أبوبكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول أيام الدعوة. واستمرت الدعوة سراً لمدة ثلاث سنوات ثم هبط الوحي يكلف الرسول بإعلان الدعوة والجهر بها.
موقف زعماء قريش
وفقا لابن سعد، لم تعارض قريش محمد ودعوته إلا بعد حتى نزلت آيات في ذم الأصنام وعبادتها. في حين يتمسك مفسري القرآن وبعض كتاب السيرة بأن المعارضة تزامنت مع بدأ الدعوة الجهرية للإسلام. كما كانت زيادة عدد الداخلين في الإسلام تمثل خطرا على نظام الحياة الدينية في مكة، مما يؤثر سلبا على القوة الاقتصادية لقريش التي تستمدها من حماية الكعبة وخدمة الحجيج وتوافدهم إلى المدينة، فكانت دعوة محمد تعرض جميع هذا للفناء. عرض كبار تجار قريش على محمد التخلي عن دعوته -وفي رواية ابن سعد التوقف عن شتم آلهتهم- في لقاء مشاركته التجارة ودخوله ضمن صفوفهم، والزواج من بناتهم لبناء مركزه بينهم، بيد أنه رفض. فعرضوا عليه حتى يعبد آلهتهم سنة ويعبدون الله سنة بحسب تاريخ الطبري، فأبلغهم أنه سينتظر أمر الله، فنزلت الآيات {قل يأيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون ، كما نزلت الآيات: ﴿قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون﴾ إلى الآية: ﴿بل الله فاعبد وكن من الشاكرين﴾.
نطقوا عن محمد: أنه مصاب بنوع من الجنون، ونطقوا: إذا له جناً أوشيطاناً يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان، ونطقوا شاعر، ونطقوا ساحر، وكانوا يعملون للحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعظم شبهاتهم دارت حول توحيد الله، ثم رسالته، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة وقد رد القرآن على جميع شبهة من شبهاتهم حول التوحيد. لكنهم لما رأوا حتى هذه الأساليب لم تجد نفعاً في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، وقرروا القيام بتعذيب المسلمين، فأخذ جميع رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وتصدوا لمن يدخل الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكي، حتى وصل التعذيب لمحمد نفسه وضربوه ورجموه بالحجارة في مرات عديدة ووضعوا الشوك في طريقه.[بحاجة لمصدر]
لما اشتد البلاء على المسلمين أبلغهم الرسول محمد حتى الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة في عام 615م، فخرج الصحابي عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وخرج الصحابي أبوحاطب بن عمروثم خرج الصحابي جعفر بن أبي طالب فكانوا قرابة 80 رجلاً.
كما ذكر الطبري حتى محمدا كان حريصا على صلاح قومه محبا لمقاربتهم، وشق عليه مقاطعة قومه له وإعراضهم عنه فتمنى حتى ينزل الله عليه ما يقرب بينه وبين قومه، فكان يوما يصلي بالمسلمين بسورة النجم، فلما انتهى إلى: ﴿أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى﴾ ألقى الشيطان على لسانه حدثات وهي: «تلك الغرانيق العلا وإن شافعتهن لترتجى»، حتى أتم السورة ثم سجد فسجد معه المسلمين وكل من كان في المسجد من قريش وكل من سمع بذلك. قام محمد بالتراجع لاحقا عن ذلك الجزء وحزن وخاف خوفا شديدا من الله لكنه عفا عنه وأنزل عليه الآيات: {وما أوفدنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فنيسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم . تعهد تلك الحادثة بحادثة الغرانيق، التي ذكرها بعض المؤرخين مثل ابن هشام والطبري وابن كثير الذي نطق حتى أصل الرواية من السليم، في حين عارضها الكثير منهم كابن حجر الذي اعتبرها مرسلة وضعيفة. وصلت الأخبار للمسلمين بالحبشة حتى قريشاً قد أسلموا -نظرا لسجودهم-، فقدم مكة منهم جماعة فوجدوا الاضطهاد مستمرا فمكثوا بمكة إلى حتى هاجروا إلى المدينة.
مقاطعة قريش للمسلمين
لما انتشر الإسلام وذاع، اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف فلا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يحدثوهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم محمد، وخطوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة. فانحاز إلى الشعب بنوهاشم وبنوالمطلب مسلمين كانوا أوغير مسلمين إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريش. استمرت المقاطعة قرابة ثلاث سنوات فلم يقربهم أحد في الشعب. ثم سعى في نقض تلك الصحيفة أقوام من قريش فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمروفأجابته قريش، وأبلغهم محمد حتى الله قد أوفد على تلك الصحيفة الأكلة فأكلت جميع ما فيها إلا المواضع التي ذكر فيها الله.
عام الحزن
توفي جميع من خديجة وأبوطالب -أكبر مؤيدي ومساندي محمد- في عام 619 م فسُمٍّي بعام الحزن. فتولى أبولهب قيادة بني هاشم من بعد أبي طالب، وبعدها انحسرت حماية بني هاشم لمحمد، وازداد أذى قريش له. مما دفعه للخروج إلى الطائف ليدعوهم آملاً حتى يؤوه وينصروه على قومه، لكنهم آذوه ورموه بالحجارة ورفضوا دعوته ولم يسلم إلا الطفيل بن عمروالدوسي الذي نادى قومه فأسلم بعضهم وأقام في بلاده حتى فتح خيبر ثم قدم بهم في نحومن ثمانين بيتاً. عاد محمد إلى مكة تحت حماية المطعم بن عدي. وفقاً للمعتقد الإسلامي فإن الملائكة عرضت على النبي محمد حتى يهلكوا أهل الطائف إلا أنه رفض ونطق: «عسى حتى يخرج من أصلابهم أقوام يقولون ربنا الله».[بحاجة لمصدر]
هوامش ومصادر
- ^ البداية والنهاية لإبن كثير (3/25)نقلا عن تاريخ الطبري (2/214) نقلا عن الواقدي بقوله: وأجمع أصحابنا حتى عليا أسلم بعدما تنبأ الرسول بسنة
- ^ البداية النهاية (3/25)
- ^ حديث يوم الدار
- ^ الطبقات الكبرى لابن سعد. ذكر نادىء رسول الله الناس إلى الإسلام.
- ^ Uri Rubin, Quraysh, Encyclopaedia of the Qur'an
- ^ Watt, The Cambridge History of Islam (1977), p. 36.
- ^ Alford Welch, Muhammad, Encyclopedia of Islam
- ^ تاريخ الرسل والملوك لمحمد بن جرير الطبري أبوجعفر، الناشر : دار الخط الفهمية - بيروت. الطبعة الأولى ، 1407
- ^ البداية والنهاية لابن كثير
-
^ أنظر المراجع:
- تاريخ الرسل والملوك
- مختصر سيرة الرسول
- البدء والتاريخ
- ^ Muhammad Nasiruddin Al-Albani, Nasb al Majaneeq fil Radd 'Ala Qissat al Gharaneeq, 1996, pg.1
- ^ نصب المجانيق لنسف سيرة الغرانيق لناصر الدين الألباني
- ^ الطبقات الكبرى لابن سعد. ذكر سبب رجوع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة
- ^ الفصول في اختصار سيرة الرسول لأبوالفداء إسماعيل بن كثير
- ^ Moojan Momen (1985), p. 4
