مخط عنبر
هوأحد نماذج البيوت الدمشقية القديمة العريقة منغلق على الخارج منفتح على الداخل، مساحته 5000 م2 ، يعود تاريخه إلى بداية القرن العشرين في أحد مراحله والقسم الآخر يعود إلى فترة الفن الباروكي منتصف القرن التاسع عشر مخط بالهجرية تعني المدرسة أما (عنبر) هواسم صاحبه يوسف عنبر الذي صادرته منه الدولة العثمانية لقاء دين لها عليه حيث كان بمثابةالمخط السلطاني حتى العام 1921.
ثم تحول إلى مدرسة ثانوية (التجهيز) في أربعينيات القرن الماضي ثم مدرسة للفنون النسوية وفي عام 1974 تم ترميمه وافتتح على أنه قصر للثقافة العربية ومنذ عام 1988 مقراً لمديرية دمشق القديمة التي تعنى بكل ما يتعلق بالمدينة القديمة داخل السور.
المسقط والوصف
يقع في أحد منعطفاتالشارع المستقيم أوشارع سوق مدحت باشا الذي تتناثر حوله الحواري يمنة ويسرة، إذا نظرت إليه، أحسست بقدمه وعراقته، وإذا سرت فيه ستوصلك هذه الحارات العتيقة ا لتصل شمالا إلى الحديقة أوسوق الحميدية، أوجنوبا إلى شارع البدوي فالسويقة وتستوقفنا بعد سير مئة متر بوابة كبيرة من صفائح وقضبان الحديد، وإلى جانبيها نافذتان، وفي أعلى الباب لوحة رخامية خط عليها (مخط إعدادية ملكية)، وهوالاسم القديم لمخط عنبر قصر الثقافة الشعبية.
البناء الدمشقي الأصيل
مخط عنبر مكان جميل مثله مثل أي بيت من البيوت الدمشقية القديمة، وهومقسم إلى أربعة أقسام رئيسية، جميع قسم له باحته الخاصة به (ديار) التي تحيط بها الغرف، مجموعها أربعون غرفة موزعة على طابقين، يتمتع الداخل إليه بالنظر إلى جدرانه المرصعة بزخارف عربية على كيفية تنزيل الرخام والأحجار الملونة الصغيرة التي تم رصفها بأشكال هندسية جميلة، أما الأرض فقد فرشت بالرخام المفصص؛ ما جعل المكان آية من آيات الجمال والتنسيق والذوق الرفيع، وأما الباحات فقد ملئت بالأشجار المزهرة، وهناك باحة داخلية كبيرة تتوسطها بحرة من الرخام تحيط بها عريشة استرخت أغصانها المتشابكة فشكلت فوق البحرة قبة جميلة، وفي الباحة أيضاً عدد من أشجار الحمضيات كالليمون والكباد والنارنج، وشجيرات الزينة كالياسمين والمليسة والشمشير والورد، وإلى شمالي الباحة إيوان رحب يرتكز على أعمدة رخامية جميلة تتصدره قاعة فسيحة يدخل إليها بباب زيّن إطاره بالمرمر، وهناك باحة أخرى تحلقت حولها غرف واسعة كانت صفوفاً للتدريس وقد يفوق عدد طلاب أحد الصفوف المئة طالب، وقد زينت جميع الغرف والجدران المحيطة بالباحة بأبهى أنواع المرمر والرخام والاحجار البديعة؛ حتى ليحسب الناظر إليها أنه قد ولج إلى متحف لعرض فنون العمارة العربية.
وهناك في زاوية الدار حمام فيه ردهة تعلوها قبة جميلة محلاة بعشرات القبيقبات الزجاجية لإنارة الحمام، وفي الردهة ثلاثة أجران رخامية كبيرة، وفي الشرق من الحمام الموقد الذي كان يسمى (الأميم).
مراحل تطور مخط عنبر
كان مخط عنبر مدرسة تنتهي بالصف التاسع فقط، ووضع عليها حدثة (مخط إعدادية ملكية) للتفريق بينها وبين المدارس العسكرية، فقد كانت هناك (المدرسة الابتدائية الرشدية العسكرية) وكان مقرها في البحصة، ومدرسة (إعدادي عسكري) وكان مقرها جامع دنكز.
مخط عنبر في العهد العثماني
تم افتتاح مخط عنبر 1887ـ 1888م، وكان اسمه (مخط إعدادية ملكية)، وكانت الدراسة فيه تصل إلى الصف التاسع فقط.
مخط عنبر في عهد الدولة الهجرية
وعندما بدأ زعماء الاتحاد والترقي في استانبول بتطبيق سياسة التتريك، غدت اللغة الهجرية اللغة الرسمية في جميع دوائر الدولة، فأكملت الحكومة الهجرية صفوف المخط إلى الصف الحادي عشر، فغدا ثانوية كاملة وأصبح اسمه "سلطان مخطي"، وصار جهازه الإداري وجميع أساتذته من الأتراك.
ويذكر حتى جمال باشا السفاح، بعد حتى أعدم الثوار في ساحة المرجة بدمشق وفي بيروت، قام بتحد للشعور العربي فزار (سلطاني مخطي)، أي مخط عنبر، ووقف في شرفة الطابق الثاني المطلة على الباحة وقفة الجبار المنتصر، وكان الطلاب قد اجتمعوا في الباحة لتحية الفهم الهجري وتحية السلطان، وكان مدير المخط قد أنذر الطلاب قبل مجيء السفاح، إذ نطق لهم باللغة الهجرية: ((إن جميع من يتجرأ ويحمل رأسه إلى الأعلى وينظر إلى حيث يقف الباشا؛ يفترض أنقد يكون مصيره مثل مصير من علقت أجسادهم في ساحة المرجة)).
مخط عنبر في العهد الفيصلي
بعد جلاء السلطة الهجرية عاد الوجه العربي إلى البلاد، وأطلق على مخط عنبر اسم (مدرسة التجهيز ودار المفهمين) بدلاً من سلطاني مخطي، وتم اختيار أساتذة عرب للتدريس فيه، فقاموا بإذكاء الروح العربية وبعث التراث العربي في صفوف طلاب مخط عنبر، ولم يبق من آثار الهجرية في مخط عنبر سوى كاظم آغا؛ حارس المخط، ورجب آغا؛ نجار المخط، وشاكر آغا؛ طباخ المخط.
مخط عنبر في عهد الاحتلال الفرنسي
أما في عهد الاحتلال الفرنسي فقد كان لمخط عنبر الفضل الأكبر في بث روح الوطنية في صفوف المواطنين السوريين؛ فقد كان أول من نبه إلى مأساة فلسطين، وأفهم الناس من هوبلفور. وفي العام 1935م. انتقت وزارة المعارف مجموعة من المفهمين المؤقتين الحائزين شهادة البكالوريا الثانية لتأهيلهم كمفهمين اختصاصيين فأحدثت في مدرسة التجهيزات أي "مخط عنبر" صف التعليم العالي، وفي العام نفسه تم إنجاز بناء مدرسة التجهيز الحالية فانتقل طلاب وأساتذة مدرسة التجهيز ودار المفهمين في العام الدراسي 1936 ـ 1937، إلى البناء الجديد المعروف حالياً بالتجهيز، ثم سميت مدرسة التجهيز باسم عالم من فهماء الرياضيات كان يفهم في "مخط عنبر" فأصبح اسمها ثانوية (جودت الهاشمي).
مخط عنبر في عهد الاستقلال
أصبح مخط عنبر لعدة سنوات مقراً لمعهد التجهيز والفنون النسوية، ثم وفي عهد الرئيس حافظ الأسد أصبح بناء مخط عنبر (قصر الثقافة الشعبية) وقامت وزارة الثقافة بمساعدة محافظة مدينة دمشق بإجراء ترميمات وإصلاحات واسعة عليه، ما أعاد له رونقه وبهاءه، فأصبح يتباهى اليوم بحلته القشيبة وفخامته، وغدا متعة للناظرين.
انظر أيضا
- قائمة المدراس في العهد الأيوبي.
- قائمة مدارس عربية تاريخية.
- البيمارستان
- خانقاه
| بوابة سوريا تصـفح مقـالات الفهم المهـتمة بسوريا. |
