ابن البصال
أبوعبد الله محمد بن إبراهيم، المعروف بابن البصّال الطليطلي (عالم أندلسي كان من أوائل من ألف في الفلاحة، ومارسها في بلدة طليطلة فهماً وعملاً. وبما حتى كنيته، التي تنسب إلى من يشتغل بزراعة البصل، لم تكن مألوفة، فقد حرّفها بعض ناسخي كتابه فنطقوا ابن الفصّال أوابن البطّال وغير ذلك، ولعل هذا من الأسباب التي جعلت اسم المؤلف يظلّ مجهولاً، فلم يذكره بروحدثان في كتابه «تاريخ الأدب العربي»، ولا سارتون في كتابه «تاريخ الفهم»، ولا فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي.
نشر المحققان خوسيه مارية مياس ڤاليكروسا، الأستاذ بجامعة برشلونة، ومحمد عزيمان السكرتير العام لوزارة التربية والثقافة بالمغرب، منطقين متتابعين في مجلة الأندلس عام 1943، درسا فيهما الترجمة الإسبانية لكتابين عربيين في الزراعة، أحدهما مجموع في الزراعة للطبيب والنباتي الطليطلي أبي المطرّف عبد الرحمن اللخمي، المعروف بابن وافد. والثاني كتاب عنوانه «القصد والبيان» لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن البصّال، المعاصر للمؤلف الأول. ولسوء الحظ لم يكن الأصل العربي للكتابين معروفاً، فظلاّ مجهولين عند معظم الباحثين. ولم تكن توجد إلا إشارات إلى الكتاب الثاني، وردت في مؤلفات بعض المؤلفين المتأخرين، وهاتان الترجمتان، وإن كانتا غير تامتين، فإن لهما أهمية تاريخية وفهمية.
وبعد ذلك بعدة سنوات عثر محمد عزيمان على مخطوط عربي نادر لكتاب «الفلاحة الأندلسية» لابن البصال. كان المستشرق آسين بلاثيوس قد قام عام 1943 بدراسة مخطوط لكتاب «عمدة الطبيب في فهم النبات لكل لبيب» وهوكتاب كان مجهول المؤلف، صنّف في نهاية القرن الحادي عشر، أوفي بداية القرن الثاني عشر للميلاد، فوجد فيه عدة فقرات تردد فيها اسم ابن البصّال. ويقول مؤلف هذا الكتاب، وهوأبوالخير الإشبيلي، عند الحديث عن أحد النباتات: «وأنا قد رأيت هذا النبات في بلادنا (طليطلة) في بستان السلطان. وقد غرسه العارف بالفلاحة ابن البصّال، الذي كان خبيراً بهذا الشأن».
أما "بستان السلطان"، الذي ورد ذكره في عدة نصوص أخرى، فيقول عنه محققا كتاب ابن البصّال، إنه غالباً بستان المعتمد إسماعيل بن ذي النون، صاحب طليطلة قبل حتى يحتلها ألفونس السادس ملك قشتالة عام 478هـ/1085م. وحلّ ابن البصال بعد ذلك في قرطبة وإشبيلية، ثم ساح في بلاد البحر المتوسط، فزار صقلية والإسكندرية والقاهرة، كما أدّى فريضة الحج. وعاد بعد ذلك إلى الأندلس حيث اجتمع بصاحب كتاب «عمدة الطبيب في فهم النبات لكل لبيب»، بدليل حتى مؤلفه يقول عنه: «لقد ذكر لي ابن البصّال أنه رأى السوسن الأزرق في صقلية والاسكندرية».
وفي كتاب «نفح الطيب» أورد المقّري إشادة بما اختصّ به أهل الأندلس من النبوغ في العلوم والفنون، ومنهم ابن البصّال، صاحب الكتاب النفيس في فهم الفلاحة، وأنه أخرج من كتابه مطولاً ومختصراً، وأن المختصر يشتمل على ستة عشر باباً، وهوالشائع بين الناس.
ولشهرة هذا الكتاب استخرج منه نسخ عدة في الأندلس، مدونة بالعربية أومترجمة إلى الإسبانية. ومن لقاءة تلك النسخ المخطوطة تبين وجود اختلاف في عدد الأبواب، فالمخطوطة التي تحدّث عنها بيكروسا وعزيمان واسمها «القصد والبيان» كانت مختصرة، وتتألف من ستة عشر باباً. أما المخطوطة المترجمة إلى الإسبانية فكانت مطولة وتتألف من عشرين باباً.
قام المحققان بالتنسيق بين المخطوطتين، وتداركا النقص الموجود في نسخة عزيمان فظهر الكتاب بعد التحقيق مؤلفاً من عشرين باباً، يتناول فيها موضوعات مختلفة تتصل جميعها بالزراعة كالمياه والأراضي والسماد والأشجار والأعشاب.
وقيمة كتابه أنه تحدث عن جوانب في الفلاحة لا نجدها في مصدر آخر، لهذا صار مرجعاً لكل من كَتَبَ في فهم الفلاحة.
انظر أيضاً
- فهم الفلاحة
الهامش
- ^ محمد زهير البابا. "البصال (ابن ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- أبوالخير الإشبيلي، عمدة الطبيب في فهم النبات لكل لبيب (دار الغرب الإسلامي، بيروت).
- ابن البصال، الفلاحة (طبع بمعونة معهد مولاي الحسن بتطوان).
- أبوزكريا العوام الإشبيلي، الفلاحة الأندلسية (طبع وزارة الزراعة، معهد الثقافة الإسبانية العربية 1988).