إسلام عمر بن الخطاب
كان إسلام عمر بن الخطاب في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهوابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحوأربعين رجلاً، ودخل "عمر" في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على حتى يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها لمحمد وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى "المدينة" فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: "من أراد حتى يثكل أمه أوييتم ولده أويرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".
ذكر أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسلم نطق- نطق لنا عمر بن الخطاب: أتحبون حتى أُعلِّمكم كيف من الممكن أن كان بَدء إسلامي،يا ترى؟ قلنا: نعم. نطق:كنت من أشد الناس على رسول الله. فبينا أنا يوماً في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش،
- فنطق: أين تمضى يا ابن الخطاب،يا ترى؟ أنت تزعم أنك هكذا وقد ولج عليك الأمر في بيتك.
- قلت: وما ذاك؟
- نطق: أختك قد صبأت. فرجعت مغضباً وقد كان رسول الله يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان من طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين. فجئت حتى قرعت الباب،
- فقيل: من هذا؟
- قلت: ابن الخطاب وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم. فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا وهجروا أونسوا الصحيفة من أيديهم. فقامت المرأة ففتحت لي.
- فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! - يريد أسلمت - فأحمل شيئاً في يدي فأضربها به. فسال الدم. فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم نطقت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فاعمل، فقد أسلمت. فدخلت وأنا مغضب، فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت،
- فقلت: ما هذا الكتاب،يا ترى؟ أعطينيه.
- فنطقت: لا أعطيك. لَسْتَ من أهله. أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُوْنَ [الواقعة: 79]. فلم أزل بها حتى أعطيتينيه فإذا فيه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ فلما مررت بـ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي، ثم رجعت إلى نفسي فإذا فيها: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزِ الحَكِيْمُ [الحديد: 1] فحدثا مررت باسم من أسماء اللّه عزَّ وجلَّ، ذعرت، ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِيْنَ فِيْهِ [الحديد: 7] حتى بلغت إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ [الحديد: 8]
- فقلت: أشهد حتى لا إله إلا اللّه وأشهد حتى محمداً رسول اللّه. فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا اللَّه عزَّ وجلَّ. ثم نطقوا: يا ابن الخطاب، أبشر فإن رسول الله نادى يوم الاثنين فنطق: "اللّهم أعز الإسلام بأحد الرجلين إما عمروبن هشام وإما عمر بن الخطاب". وإنا نرجوحتى تكون دعوة رسول الله لك فأبشر. فلما عهدوا مني الصدق قلت لهم: أبلغوني بمكان رسول الله.
- فنطقوا: هوفي بيت أسفل الصفا وصفوه. فخرجت حتى قرعت الباب.
- قيل: من هذا؟
- قلت: ابن الخطاب. فما اجترأ أحد منهم حتى يفتح الباب.
- فنطق رسول الله: "افتحوا فإنه إذا يرد اللّه به خيراً يهده". ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبيَّ
- فنطق: "أوفدوه". فأوفدوني فجلست بين يديه. فأخذ بمجمع قميصي فجذبني إليه ثم نطق: "أسلم يا ابن الخطاب اللَّهُمَّ اهده"
- قلت: أشهد حتى لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه. فكبَّر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة.
وقد كان استخفى فكنت لا أشاء حتى أرى من قد أسلم يضرب إلا رأيته. فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا حتى يصيبني ما يصيب المسلمين. فمضىت إلى خالي وكان شريفاً فيهم فقرعت الباب عليه.
- فنطق: من هذا؟
- فقلت: ابن الخطاب. فخرج إليَّ فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
- فنطق: عملت،يا ترى؟ فقلت: نعم. نطق: لا تعمل. فقلت: بلى، قد عملت. نطق: لا تعمل. وأجاف الباب دوني (رده) وهجرني.:قلت: ما هذا بشيء. فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماء قريش فقرعت عليه الباب.
- فنطق: من هذا؟
- فقلت: عمر بن الخطاب. فخرج إليَّ، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
نطق: عملت،يا ترى؟ قلت: نعم. نطق: لا تعمل. ثم قام فدخل وأجاف الباب. فلما رأيت ذلك انصرفت. فنطق لي رجل: تحب حتى يفهم إسلامك،يا ترى؟ قلت: نعم. نطق: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً، رجلاً لم يكن يكتم السر. فاُصغ إليه، وقل له فيما بينك وبينه: إني قد صبوت فإنه يفترض أن يظهر عليك ويصيح ويعلنه. فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل، فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه.
- فقلت: أفهمت أني صبوت؟
- فنطق: ألا إذا عمر بن الخطاب قد صبا. فما زال الناس يضربونني وأضربهم. فنطق خالي: ما هذا،يا ترى؟ فقيل: ابن الخطاب. فقام على الحجر فأشار بكمه فنطق: ألا إني قد أجرت ابن أختي فانكشف الناس عني. وكنت لا أشاء حتى أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب. فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين. فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر وصلت إلى خالي فقلت: اسمع. فنطق: ما أسمع،يا ترى؟ قلت: جوارك عليك رد. فنطق: لا تعمل يا ابن الخطاب. قلت: بلى هوذاك. نطق: ما شئت. فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز اللّه الإسلام.
