نوين كونگ هوان

نوين كونگ هوان Nguyên Công Hoan (عاش 1903 ـ 1977) مؤسس فن السيرة القصيرة في ڤيتنام وأبرز كتّابها في القرن العشرين. ولد في بلدة خوان كاوXuan Cau التابعة لمحافظة هاي هونگ Hai Hung، وتُوفِّي في العاصمة هانوي. بعد حصوله على الشهادة الثانوية عمل مفهماً في الريف عدة سنوات، وكان يحضّ الشباب على مقاومة الاحتلال الياباني، ويشارك في عملياتهم القتالية، فاعتقل وسجن سنوات طويلة. ثم انخرط منذ عام 1948 في حركة المقاومة المنظمة ضد جيش الاحتلال الفرنسي، مما عرضه لمخاطر كثيرة على الصعيد الجسدي ولمصاعب جمة في عمله مفهماً.

بدأ كونگ هوان نشاطه الأدبي منذ كان في السابعة عشرة من عمره في مجال السيرة القصيرة على نحورئيسي، ثم في السيرة الطويلة (الأقصوصة) وفي الرواية. وقد هجر وراءه إرثاً فنياً مهماً، واقعياً نقدياً، حمل فيه على مظالم النظام الإقطاعي المسؤول عن تخلف البلد والشعب عن ركب الحضارة المتسارع في القرن العشرين ومفاسده. دافع عن الشرائح الاجتماعية الفقيرة في المدن والبلدات، كما تناول نقاط ضعف البشر على اختلاف انتماءاتهم بأسلوب ساخر متميز من حيث الوصف والتحليل النفسي لسلوك الفرد وردود أفعاله في إطار بيئته الاجتماعية، أومتأرجحاً بين الطبقات بحيث يفقد جذوره وخصوصيته، ولا يكتسب إلا ظاهرياً صفات الشريحة الاجتماعية التي يبغي الانتماء إليها، فيصير هجيناً مرفوضاً من الجانبين بلا نكهة خاصة تميزه. وقد بلغ في بعض أعماله درجة عالية من الهاتى الفني الذي لم يسبقه إليه محرر في تاريخ الأدب الڤيتنامي، قديمه وحديثه، فالتصق باسمه الأدبي لقب «مفهم الهاتى النافع». يَنسب إليه النقد الأدبي شرف إدخال فن السيرة القصيرة إلى نسيج الأدب الڤيتنامي منذ ثلاثينيات القرن العشرين وتطويره. لكن مجده الأدبي بدأ مع قصته الطويلة «الممثل توبن» Kep Tu Bên ك(1935) التي يروي فيها مبتراً رئيسياً من حياة فنان مسرحي كان حضوره على الخشبة يملأ الصالات، ويحرك أقلام النقاد، ويثير النقاشات الطويلة. لكن عند سقمِ والده الذي يحبه، ويحترمه كثيراً، يجد نفسه وحده في لقاءة الأزمة عدا بعض القروض الشحيحة والوعود السخية. ولكي يتابع العناية بوالده المُحتضَر يُضطر إلى قبول دور كبير يموله عميد معهد التمثيل في هانوي. وفي حين ينجح العرض من يوم إلى آخر تتراجع صحة الوالد المودَع برعاية عميد المعهد الذي يخفي عن نجم عرضه أخبار وضع أبيه. وعند إنزال الستار على العرض المخصص للنقاد والصحافة يودِّع الوالد الحياة، وينهار النجم نفسياً. لقد أثار هذا العمل الأدبي في الأوساط الفنية الأدبية في ڤيتنام جدلاً استمر خمس سنوات تقريباً حول قضية «الفن للفن» أم «الفن من أجل المجتمع»، وكان بمنزلة التمهيد لأدب الواقعية الاشتراكية في الستينيات من القرن العشرين.

أصدر كونگ هوان في عام 1938 رواية «في المأزق» Buoc duong cung التي ناشد فيها الفلاحين في جميع أنحاء ڤييتنام حتى يتضامنوا ويوحدوا أفكارهم وجهودهم بهدف الخروج من حالة البؤس والتخلف والجهل المهيمنة في البلاد. أما رواياته التي صدرت بعد عام 1945 فهي تتمحور حول قضية بناء الاشتراكية اجتماعياً وفهمياً وفنياً وإنسانياً، لكنه لم يستطع استيعاب القضية في شموليتها من الجوانب كافة.

صدرت مذكراته عام 1971 بعنوان «أدبي خطته الحياة» Doi viet van cua toi. وعندما صدرت مؤلفاته الكاملة في عام 1975 زاد عدد القصص القصيرة فيها على ثلاثمئة، والطويلة على خمسين، أبرزها «بترة العملة المسحورة» التي تُرجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة.