فتح عكا 1832

عودة للموسوعة

فتح عكا 1832

عودة إلى عكا (1832)

لم يكن الاستيلاء على عكا بالأمر اليسير ، فهي التي وقفت صامدة أمام عبقرية نابليون وعزيمته ، وهي التي يدافع عنها الآن عبدالله وهورجل صارم القلب ثابت الجنان . فقد مرت أشهر أمام شجعان إبراهيم باشا ولم تسقط في أيديهم . ولم تكن منعتها هي الصعوبة التي قاومت قائدها فحسب بل كانت للخطة التي انتهجها الباب العالي مانعا . فقد كان السلطان يصب على إبراهيم اللعنات ، ويسلط عليه سيلا من فتاوي شيخ الإسلام . فمن ذلك أنه أصدر خطا شريفا يرمي فيه مصر بالمروق ثم تبعه في مايو1832 بفرمان شاهاني بتجريد محمد علي وإبراهيم وإباحة دمائهما . وهذا – ولامرية – له أثره على الروح المعنوية للمدافعين . وكان السلطان قد أعرب الحرب رسميا على محمد علي في 23 إبريل .

عاد إبراهيم باشا بعد حتى اطمأن للموقف العسكري في الشمال إلى عكا في 27 مايو1832 ، وحمل علهيا حملة صادقة أشرف عليها بنفسه – وكان إذا حمى وطيس القتال في مكان طالعته فيه يخوض غماره . وكان يحتاج من ضباطه حتىقد يكونوا مثله صناديد يرهبون الموت . وطالت المعركة واشتد سعيرها . فلما أذنت الشمس بالمغيب ، حمل إبراهيم على المدينة حملته الأخيرة . ولكن أبدى المهاجمون لدى مغيب الشمس من ضروب الجسارة والإقدام مثلما أبدوه في أول النهار ، ودافع عبدالله

أوضاع القوات في الاقتحام

وقد وصف مستر سنت جون استيلاء إبراهيم باشا على عكاء وصفا مسهبا تلخصه فيما يلي : في صباح يوم 26 مايوعام 1832 ، نادى إبراهيم باشا إلى خيمته كبار ضباط القوات المهاجمة ، من قادة وأميرالايات وقادة كتائب ، وأصدر إليهم أوامره تتضمن الآتي : اللواء أحمد المنكلي يتوجه بلوائه ومعه الكتائب الأولى من الآلاي الثاني المشاه للهجوم على برج (قبوبرجي – قلعة الباب) . الكتيبة الثانية المشاة تهجم الثغرة اللقاءة للنبي صالح . الكتيبة الثالثة المشاة بقيادة عمر بك تهاجم الثغرة المعروفة بالزاوية . وعينت قوة احتياطية من الكتيبة الرابعة (الآلاي الثاني) تحت الثغرة الأولى لمساعدة إحدى القوات السابقة المهاجمة عند الحاجة . وصدر الأمر إلى كتيبة من الآلاي العاشر بقيادة أميرالاي للوقوف تحت الثغرة الثالثة للغرض المتقدم . وصدر الأمر إلى كتيبة أخرى بنقل السلالم ، قبيل الساعة الأولى بعد منتصف الليل إلى الخندق الواقع بجانب قبو– يرجى ، وبأن تكون هناك على استعداد للهجوم . وزود القائد العام – فيما عدا ذلك – جميع قائد بالتعليمات الخاصة به .

ومن تحصيل الحاصل القول بأن استيلاء إبراهيم باشا على عكا قد وضع حدا نهائيا للجفوة الناشبة بين محمد علي وعبدالله . كما أثار موجة من الاغتباط في وادي النيل ، حيث أقيمت الزينات ثلاثة أيام متواليات .

واشتغل المهندسون العسكريون بحفر الخنادق المتعرجة وإقامة متاريس قريبة من الأسوار ونصب المدافع ، وأتموا جل هذه الأعمال في غمار الظلام ، بينما كانت نيران المدفعية تنصب باستمرار على المدينة .

وفي فجر 27 مايو، عقب شروق الشمس ، صدر أمر القائد العام بالهجوم ، واستمر القتال كما ذكرنا طيلة اليوم . وفي المساء سقطت عكا في قبضة المصريين .

ومن ثم اتى أعيان عكاء يلتمسون الرحمة – ولما كان دائما من شيمة الشجاع تعظيم الشجعان – فرأى إبراهيم باشا في فلول الجيش المنهزم أعداء له يفخر بمحاربتهم – فلم يسعه إلا أنه يؤمنهم على أنفسهم وأموالهم ، وبلغ منه ان جاز لهم بأن يحتفظوا بأسلحتهم .

أما عبد الله نفسه فلم يعد بأكثر من تأمينه على حياته لكنه تلقاه بما هوخليق بمقامه كوزير من وزراء الدولة من الحفاوة .

وكان طبيعا حتى يعمل الجند النهب في عكا ، مثلما يعمل زملاؤهم في الشرق والغرب ، قديما وحديثا ، رغم ما أصدره إبراهيم باشا من الأوامر . انطلق الجنود في المدينة ينهبون محتوياتها ، بيد حتى النظام لم يلبث حتى أعيد في صباح اليوم التالى . وبذل القائد الكبير كما ما في وسعه ليكفر عن خروج الجند عن النظام ، وكان مما عمله حتى أذاع بين الناس حتى جميع من فقد متاعه سيرد إليه إذا عثر ، وأمره جنوده حتى يعيدوا جميع ما كان في حوزتهم من الأسلاب .

(27 مايوسنة 1832)

ومكث ابراهيم باشا في بعلبك يرقب حركات الجيش العثماني مخافة ان يعاود كرة الهجوم، لكنه ما لبث ان فهم ان عثمان باشا انفذ يطلب المدد من الاستانة، وهذا مرشد على ضعف مركزه، ولما كان المدد لا يمكن ان يصل الا بعد شهرين اذا اعجله الباب العالي، فقد اطمأن ابراهيم باشا من هذه الناحية، وعاد الى عكا وشدد الحصار عليها من البر والبحر، وساعده في ذلك العرب والدروز والموارنة الذين أتوه طائعين.

حمل ابراهيم باشا على المدينة واخذ يرمي سورها بالمدافع القوية، وما زال الضرب مستمرا حتى تصدع السور وفتحت فيه ثغرتان كبيرتان واخرى صغيرة، وعندئذ صمم ابراهيم باشا على مهاجمة المدينة بجيشه وحدد للهجوم يوم 27 مايوسنة 1832.

ففي صباح ذلك اليوم حملت الجنود المصرية على الثغرات الثلاثة، فاستولوا على اثنتين منها، وتردد الجنود الذين قصدوا الاستيلاء على الثغرة الثالثة ولقوا مقاومة شديدة، فارتدوا الى الوراء، فلما ابصر ابراهيم باشا ارتدادهم بادر الى نجدتهم بجزء من الاحتياطي وتقدم هوالجنود شاهرا سيفه، فدبت الحمية في نفوسهم وعادوا الى الثغرة فاقتحموها، ودار قتال استمر حتى المساء، ودافعت الحامية دفاعا مجيدا، وابدى الفريقان شجاعة كبيرة الى ان عظمت خسارئ الحامية، وكلت عن مواصلة الحرب، فطلب عبد الله باشا التسليم وسلم المدينة في مساء ذلك اليوم.

وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصري بعد ان استمر ستة أشهر، وقد سقطت بالفريقين خسائر فادحة، فبلغت خسائر الجيش المصري اربعة آلاف وخمسمائة قتيل، وخسرت الحامية 140 قتيل، وهي خسارة تدل على شدة ما احتمله الفريقان، فلا غروان كان لفتح عكا دوي عظيم تجاوب في الخافقين، فان عكا هي التي امتنعت على نابليون منذ نيف وثلاثين سنة وعجز عن فتحها وارتد عنها خائبا، ففوز ابراهيم باشا في فتحها هوصفحة مجد وفخار للجيش المصري.

ومن الواجب تقديرا للحقيقة ان ننوه بان العقابت التي اعترضت نابليون في حصار عكا كانت اشد وابلغ مما اعترض الجيش المصري، فان نابليون حاصر عكا من البر، وكان الاسطول الانجليزي يدافع عنها من البحر ويمنع مواصلات الجيش الفرنسي من هذه الناحية، ولم يجد نابليون امامه سوى طريق الصحراء الشاق، فانبتر عنه المدد، بينما كان الجزار يتلقى المدد والمؤونة والذخيرة بحرا، أما الجيش المصري فقد عاودته العمارة المصرية من البحر، فكانت المدينة في حصار محكم برا وبحرا، ففضلا ان ان ابراهيم باشا كان على اتصال مستمر بثغور مصر وساحلها بواسطة العمارة المصرية، واستطاع ان يتابع الحصار ستة أشهر كاملة، فابراهيم باشا كان من هذه الوجهة اكثر توفيقا من نابليون، على أنه لا يغرب عن البال ان ما ابداه الجنود المصريون، من الجلد والصبر على مكاره القتال، وما امتازت به قيادتهم من الدربة والكفاية، جميع ذلك كان له الفضل الاكبر في ذلك الفتح المبين.

وقد كان لسقوط عكا تاثير ابتهاج عظيم في مصر فاقيمت الزينات في القاهرة ثلاثة أيام متواليات.

اما عبد الله باشا والي عكا بعد ان سلم نفسه تلقاه ابراهيم باشا بالحفاوة والاجلال، وارسله الى الاسكنردية حيث احسن محمد علي مثواه واسكنه في قصر خصص له ، وحقه بالرعاية والاكرام.

أما خسائر المصريين في معارك حصار عكا فهي :

الجرحى القتلى 1 قائمقام 1 قائمقام 1 بكباشي 2 قائد أورطة 2 قائد أورطة 3 صاغ 3 صاغ 8 يوزباشي 3 يوزباشي 47 ضابط 15 ضابط 1368 جندي 489 جندي ــــــ ــــــ 1430 المجموع 512 المجموع


المصادر

  1. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف.
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:18:57
التصنيفات: صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, حروب مصر, حروب الدولة العثمانية, حروب فلسطين, حروب محمد علي, معارك الحرب المصرية العثمانية, عكا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

قصور الثقافة تختتم قافلتها بقرية «بنجر خمسة»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

ما الذي قد يمكّن الصين من التفوق في سباق التسلح العالمي الجديد؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:07
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 77%

الأهلي يحاول التغلب على أزمة لقاء الهلال

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:40
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 36%

طقس الثلاثاء.. تساقطات ثلجية مع هبوب رياح قوية في مناطق المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:04
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 77%

بعثة الرجاء تسافر غدا إلى جنوب أفريقيا

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:25
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

الخارجية : الوزارة نجحت فى حصول مصر على مقعد بمجلس الأمن 6 مرات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:59
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

مودي الجارحي: التتويج بكأس مصر دليل على تفوق سلة الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:42
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 41%

تعليم الجيزة تفتتح معرض نباتات ومنتجات «التربية الزراعية»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:02
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

كأس العرش.. نتائج قرعة دور الثمن

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:30
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

سيطرة مطلقة.. الأهلي يهزم الزمالك 3–0 بدوري سيدات لكرة الطائرة

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:46
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 41%

ثقافة الدقهلية تكرم عميد السرد العربي محمد خليل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:17:58
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

الركراكي يعلق على تراجع مستوى غاي مبينزا

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:27
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 63%

الجيش الروسي: سندمر مصانع السلاح الأوكرانية رداً على قصف دونيتسك

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:36
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

مستشفيات تخزن الأدوية دون مراعاة تواريخ انتهاء صلاحيتها!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-15 00:18:09
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 77%

تحميل تطبيق المنصة العربية