الأدب المجري
يشير مصطلح الأدب المجري إلى ما أبدعه الشعب المجري من أعمال في سائر الأجناس الأدبية، ودوَّنها لاحقاً بلغته المجرية. ولهذا السبب لا توجد آثار كتابية تدل على التراث القديم، ولكن من الممكن تتبع هذا التراث حتى العصر الوثني عن طريق الحكايات والأغاني الشعبية التي مازالت حية حتى اليوم. وهناك صيغ موجزة - ولكن باللغة اللاتينية - تعود إلى ما بين القرنين 11-14م لبعض الأساطير والملاحم المجرية القديمة المرتبطة بأصول الشعب المجري في مناطق الأورال وغزوِه الأرض التي عُرِفت لاحقاً بالمجر أوهنغاريا وحملات توسُّعه فيها في القرن العاشر.
المجرية القديمة
المجرية الوسطى
يعود أقدم مخطوط أدبي باللغة المجرية إلى عام 1440م، يتضمن أسطورة القديس فرنسيس الأسيسي. لكن الأدب القومي المجري لم يبدأ عملياً إلا مع عصر الإصلاح الديني Reformation حين ظهرت بدايات التأليف المسرحي والنثري الاجتماعي، كما «في غوايات الشيطان» On the Temptations of the Devil ت(1578) الذي قدّم فيه المحرر البروتستنتي پيتر بورنميسا Peter Bornemisza تحليلاً مهماً للمشكلات الأخلاقية والجنسية في عصره، وفي الوقت نفسه نُظمت أولى القصائد الوجدانية المهمة من حيث القيمة الأدبية. لكن أبرز إنجازات تلك الفترة كانت -لاشك - الترجمة الكاملة للإنجيل في عام 1590 التي قدّمها گاشپار كاروليه Gáspár Károlyi ومعاونوه، إلى جانب الرواية الشعرية «حكاية الأعمال الخارقة والشجاعة لنيكولاس تولْدي الرائع» The Story of the Remarkable Nicholas Toldi’s Extraordinary and Brave Deeds ت(1574) للمحرر بيتر إيلوشڤاي شِليمِش Péter Ilosvai Selymes، وحكاية الأمير «أرگيروش» The Story of the Prince Árgirus ت(1575) التي اعتمد فيها المحرر ألبرت گرگي Albert Gergei على كثير من عناصر «الفولكلور» المجري. وكان أبرز شعراء الفترة بالينت بلاسي Balint Balassi قد عُرف بقصائد الحب من جهة، وبأناشيد الحرب من جهة أخرى التي أبرز فيها الشجاعة الفردية في المعارك ضد العثمانيين، وقد اتصف شعره في فترة إبداعه الأخيرة بالتكلفية Mannerism. أما أبرز اسم في القرن الرابع عشر فكان الباحث والمحرر البروتستنتي يانوش أباتشاي تشره János Apáczai Csere الذي أنجز أول موسوعة مجرية Hungarian Encyclopaedia جمع فيها علوم عصره، ونشرها عام 1653 في مدينة اوترخت.
كان لحركة الإصلاح المضاد Counter-Reformation أثر جلي في تطور الأدب المجري منذ أواخر القرن السادس عشر. ففي عام 1613 صدر كتاب «دليل الحقيقة الإلهية» Guide to Divine Truth للكردينال اليسوعي والخطيب والمحرر پيتر پازماني Péter Pázmány الذي اتصف أسلوبه بالجزالة والبساطة في آن معاً، وبالاعتماد كثيراً على التعابير الشعبية، حتى وُصف الكتاب بأنه من روائع النثر الباروكي[ر]. كما تجلى تأثير الباروك الإيطالي في أعمال القائد العسكري والسياسي والأديب ميكلوش زرينيه Miklós Zrinyi ولاسيما في ملحمته «مخاطرة مدينة سيغِت» The Peril of Sziget ت(1651) التي وصف فيها في خمسة عشر نشيداً حالة الحصار الطويل الذي ضربه العثمانيون في عام 1566حول المدينة وأوضاع المدافعين عنها بقيادة الجد الأول للمؤلف. وتجلى هذا التأثير أيضاً في القصائد السردية للشاعر إشتڤان گيونگيوشي István Gyöngyösi وفي أغاني الزفاف التي صاغها بأسلوب ساعد على انتشارها في القرنين 17- 18 على نحوواسع.
المجرية الحديثة
مرَ الأدب المجري بين عامي 1700-1770 بفترة انحطاط قاسية ظهرت في أثنائها قلة من الأعمال اللافتة على صعيد النثر، مثل «رسائل من هجريا» Letters from Turkey ج(1760) للمحرر كِلِمِن ميكِش Kelemen Mikes و«تاريخ الأدب المجري» الذي سطَّر فيه المؤرخ داڤيد تشڤيتنگر Dávid Czvittinger سيرَ الأدباء المجريين، ثم تابعه من بعده المؤرخ پيتر بود Péter Bod في «جامع الأدب المجري» Hungarian Athenaeum ت(1766).
التنوير واصلاح اللغة
أما عصر التنوير المجري فقد كان فترة تلقٍ للمؤثرات الإنكليزية والفرنسية أكثر منه عصر إنتاج أعمالٍ أصيلة. على أنه قد ظهرت بين عامي 1772-1825 بعض الأعمال الجديرة بالذكر مثل «رحلة تاريمنش» Tarimenes’ Journey ت(1802-1804) التي تُعدّ أول رواية عملية في تاريخ الأدب المجري للمحرر گيورگي بسنياي György Bessenyei هاجم فيها بسخرية قاسية جميع معارضي أفكار التنوير. وفي عام 1790 نُشرت رواية «رحلة محرر العدل القروي إلى بودا» The Journey to Buda of a Village Notary، وهي أفضل أعمال المحرر المحافظ يوجف گڤدانيه Jósef Gavadányi دافع فيها عن التنطقيد والقيم الوطنية في وجه الأفكار الأجنبية الوافدة. وقبله بعامين نشر معاصره أندراش دوگوتخصص András Dugonics روايته العاطفية «إلكترا» Elektra التي تجري أحداثها في مواقع تاريخية، وقد لاقت الرواية انتشاراً واسعاً جداً. وتكمن قيمة العملين في حتى مؤلفيهما قد استخدما لغة عامة الناس أداة للتعبير الأدبي. وفي الفترة نفسها جمع الشاعر آدم بالوتشي هورڤات Adám Páloczi Horváth ونشر 450 قصيدة عُدَّت كنزاً من الأغاني الشعبية.
كانت نهاية القرن الثامن عشر فترة تجريب على صعيد اللغة الشعرية وأوزانها، وكان أبرز ممثليها دانيال برجنيه Dániel Berzsenyi في ديوانه الوحيد «قصائد» Poems ت(1813). وفي لقاءة رياح التنوير شكك المحافظون والتقليديون بحرية الثقافة التنويرية زاعمين أنها السبب في قيام الثورة الفرنسية ثم في مؤامرة مارتينوڤيتش Martinovics التي سحقها النظام الحاكم في المجر عام 1794، وزجّ بكثير من الأدباء التنويريين في السجن، ومنهم الشاعر يانوش بتشانيه János Batsányi الذي هاجم في قصائده حكم الطغاة ولاسيما في قصيدته الشهيرة «عن التغييرات في فرنسا» On the Changes in France ت(1789). أما تيار العاطفية Sentimentalism فقد كان يوجف كارمان József Kármán أبرز ممثليه في روايته «مذكرات فاني» The Memoirs of Fanny ت(1794). وعلى صعيد الشعر الغنائي شُهر ميهالي تشوكُناي ڤيتيز Mihály Csokonai Vitéz الذي تأثر لاحقاً في قصائده الفلسفية بفكر روسو، وكان لملحمته الكوميدية «دوروتيا» Dorottya ت(1804) دور مهم في تطوير اللغة الشعرية.
أما شاندور كيشفالودي Sandor Kisfaludy فقد عُرف بتنويعاته المبدعة على موضوعة الحب التعس ولاسيما في ديوانه «حب مُرّ» Bitter Love ت(1801) بابتكاره أوزاناً شعرية جديدة. وكان معاصره فرنتش كازينتشي Ferenc Kazinczy زعيم حركة المجددين اللغويين neologi، وقد أثمرت جهوده فوائد جمة للغة المجرية أدت إلى ولادة الحركة الإبداعية (الرومنسية) التي قادها المسرحي والصحفي كارولي كيشفالودي Károly Kisfaludy بمجلته الأدبية «أورورا» Aurora التي أسسها عام 1822.
كان فرنتش كلتشي F.Kölcsey نائباً وخطيباً مفوهاً وناقداً أدبياً لاذع القلم، وقد عالج في قصائده الأخيرة مشكلات وطنية وقومية بلغة قوية في أفكارها وتعابيرها. وقد صارت قصيدته اللافتة «ترتيلة» Hymn ت(1823) نشيد المجر الوطني. ويعدّ ميهالي ڤوروزمارتي M.Vörösmarty أحد أبرز الأعلام الأدبية في تلك الفترة ولاسيما في شعره الغنائي والملحمي.
لم تقم الرواية بدور مؤثر في الأدب المجري حتى القرن التاسع عشر حين تطور هذا الجنس الأدبي فكرياً وفنياً في أعمال كتّاب مثل ميكلوش يوشيكا Miklós Jósika في روايته التاريخية «أبافي» Abafi ت(1836)، ويوجف يُتْڤوش Jósef Eötvös في روايتيه المهمتين «محرر عدل القرية» The Village Notary ت(1845) و«المجر في عام 1514» Hungary in 1514 ت(1847)؛ إذ كانتا بمنزلة بيانات سياسية لدعم المضطهدين ضد الطغيان الظالم الذي أدى إلى انفجار ثورة 1848-1849.
كان شاندور بيتوڤي ويانوش أراني يعتقدان حتى الشعر الشعبي هوالشعر الحقيقي الوحيد، لكن مقاربتهما الموضوعات الشعرية كانت مختلفة، فارتفع إبداع بيتوفي إلى مستوى روائع الأدب العالمي؛ ولم يكن أراني أقل منه إبداعاً وتجديدا ولاسيما في قصائده السردية ذات العمق الفلسفي الإنساني. وقد اتى ابنه لاجلوLászló ليعبر في روايته الشعرية «بطل الأوهام» The Hero of the Mirages ت(1873) عن خيبة آماله بما آلت إليه أوضاع الشعب المجري بعد انكسار الثورة ومفاوضات 1867 التي أنتجت «الامبراطورية النمساوية-المجرية». وكان عملاق المسرح المجري إمره مداتش قبل المفاوضات بسنتين قد انتهى من كتابة أبرز أعماله المسرحية «مأساة الإنسان» التي حصَّل بها شهرة عالمية مازالت مؤثرة حتى اليوم. ومن روائيي أواخر القرن التاسع عشر يجدر بالذكر جيگموند كميني Zsigmond Kemény ومور يوكاي Mór Jókai وكالمان ميكشات Kálmán Mikszáth وگيزا گاردونيه Géza Gardonyi إلى جانب النقاد پال گيولاي Pál Gyulai وينوپيترفي Jenö Péterfy وفريگيش ريدل Frigyes Riedl.
ثمة مجلات مهمة قامت بتحريك الركود الذي هيمن بين نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ومنها «الأسبوع» The Week ت(1890) و«الغرب» The West ت(1898) اللتان ساعدتا على الكشف عن أسماء واعدة كثيرة، مثل دجوكوستولانيه Dezö Kosztolányi أحد أبرز كتّاب السيرة القصيرة في الأدب المجري والشاعر الروائي ميلان فوشت Milán Füst صاحب الرواية المتميزة «سيرة زوجتي» The Story of My Wife ت(1942)، وهناك من كتاب المجلة أيضاً مارگيت كافكا Margit Kaffka أبرز محررة في تاريخ الأدب المجري.
وبعيداً عن حلقة المجلات برز من الكتّاب المهمّين حتى الحرب العالمية الثانية مولنار الروائي والمسرحي وشبيهه فرنتش هرتشگ Ferenc Herczeg والشاعر الطليعي لايوش كساك Lajos Kassák وروائي التعبيرية دجوسابوDezsö Szabó.
لم تستطع المجلات الأدبية الجديدة مثل «الاستجابة» The Response ذات الطابع الشعبي، أو«الحدثة الراقية» Fine Word اليسارية حتى تحل محل المجلتين المهمتين. ومع ذلك تمكن شعراء مثل لورينتش سابوLörinc Szabó وأتيلا يوجف Attila József وگيولا إلياس Gyula Illyés وميكلوش رادنوتي Miklós Radnóti حتى يبرزوا مواهبهم المتباينة واتجاهاتهم الفكرية المتنوعة، ويحتلوا مواقعهم في الساحة الأدبية. ومنذ مطلع القرن العشرين صارت الرواية هي الجنس الأدبي المهيمن على حساب تراجع التعبير الشعري. ومن الذين حملوا لواء التجربة الروائية هناك شاندور مراي Sándor Márai ولايوش زيلاهي Lájos Zilahy ويانوش كدلانيه János Kodolanyi ولاسلونيمت Lzaszlo Németh وجيگموند رمنك Zsigmond Remenyik وتيبور ديري Tibor Déry. وأما في أثناء الحرب وما بعدها فقد سجن عدد من الأدباء، في حين هاجر أوصمت قسم آخر حتى انفراج أزمة تدخل السلطة في الشأن الأدبي وتوجيهه قسراً نحوأيديولوجية محددة. ومن الأسماء المهمة التي برزت بعد الستينيات هناك گيزا اوتليك Géza Ottlik وميكلوش ميسولي Miklás Mészöly وإشتڤان اوركيني István Örkény ويوجف لنگيل zJózsef Lengyel. وفي عام 2002 فاز الروائي إمره كرتيش Imre Kertész بجائزة نوبل في الأدب.
انظر أيضاً
- قائمة الكتاب المجريين
وصلات خارجية
عامة
- A History of Hungarian Literature (From the Earliest Times to the mid-1970s) by Lóránt Czigány
- Albert Tezla: Hungarian authors – A bibliographical handbook
- An overview of Hungarian literature by Daniel Abondolo
- A brefer view, from the 'same' source
- Hungarian literature
- János Kőbányai,Sándor Márai: a smoldering within,"Eretz Acheret" Magazine
summarized at the administrative website of Hungary
- Hungarian Literature Online
- The Hungarian Electronic Library
- Database for translations of Hungarian literary works
- Selected bibliographies of important Hungarian authors
- Magyar poems
- Magyar poetry
- Poetry of the Magyars
مصادر محددة
- Funeral Oration and Prayer
- Sermon above the grave or the Funeral Oration
- Hungarian poems in English
Literary chapters from the Encyclopaedia Humana Hungarica (1–5)
- The Remains of Oral Tradition; The Beginning of Literacy (from the beginnings till 1038)
- The External Conditions of Literature; The Characteristics of the Contents of Literature; The Authors; The Works (1038-1301)
- The Level of Education; Authors, Genres, Works (1301-1437)
- Hungarian Literature; Latin Literature; Humanist Literature (1437-1526)
- Hungarian Literature; Turkish Literature (1526-1699)
- (The English translation of volumesستة toتسعة are in preparation.)
نطقب:Hungarian literature