نظام اقتصادي

عودة للموسوعة

نظام اقتصادي

Circulation model of economic flows for a closed mixed economy.

النظام الاقتصادي economic system، هومجموعة العلاقات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية التي تحكم سير الحياة الاقتصادية في مجتمع ما في زمان بعينِه. ويركز النظام الاقتصادي على مجموعة العلاقات والقواعد والأسس التي تحكم التفاعل والتأثير المتبادل بين الحاجات البشرية من جهة والموارد الطبيعية والبشرية والمعهدية والتقنية المتاحة من جهة أخرى.

ويعدّ النظام الاقتصادي جزءاً لا يتجزأ من النظام الاجتماعي العام يتأثّر به ويؤثِّر فيه. وعرّف أنتونيلي Antonelli النظام الاقتصادي بأنه مجموعة من العلاقات والمؤسسات التي تميز الحياة الاقتصادية لجماعة محددة في الزمان والمكان. وهوعند سومبارت Sompart المظهر الذي يجمع بين العناصر الثلاثة التالية:

ـ الجوهر: أي مجموعة الدوافع والبواعث التي تحرك الفعاليات الاقتصادية.

ـ الشكل: أي مجموعة العوامل الاجتماعية والحقوقية والتأسيسية التي تحدد إطار النشاط الاقتصادي والعلاقات بين جميع المسهمين في النشاط الاقتصادي كنوع الملكية ونظام العمل ودور الدولة في الحياة الاقتصادية للمجتمع.

ـ المحتوى المادي: أي المستوى التقني للإنتاج المتمثل بمستوى تطور وسائل الإنتاج التي يُحصل بوساطتها على السلع والخدمات.

وتتحدد طبيعة النظام الاقتصادي من التداخل المنطقي بين العناصر الثلاثة المذكورة. ويؤكد سومبارت حتى عنصر الشكل هوالمحدد الرئيسي لطبيعة النظام؛ لأنه تعبيرٌ عن الروحية التي تعكس في النهاية بالخلفية الفكرية (العقيدة) التي يقوم عليها النظام. وتتوافق الروحية أيضاً مع مستوى معين من تطور وسائل الإنتاج.

واعتمد التحليل الماركسي على المقاييس الاقتصادية أساساً للتفريق بين الأنظمة الاقتصادية، إذ يعدها، مع البنى الاجتماعية والقانونية المتوافقة معها، البنية الفوقية التي تتولد عن أسلوب الإنتاج السائد والمكون من قوى الإنتاج الاجتماعية وعلاقات الإنتاج، ويفرق بين الأنظمة الاقتصادية على أساس ملكية وسائل الإنتاج والطبقة التي تتحكم فيها.

الأنواع

الدول الشيوعية الماركسية اللنينية (باللون الأحمر) والدول الشيوعية السابقة )باللون البرتنطقي).

تصنف النظم الاقتصادية استناداً إلى عدد من المؤشرات والمعايير، وأهم هذه التصنيفات:

ـ التصنيف الذي يعتمد نوع الملكية ونظام العمل وإسهام الدولة وغيرها عوامل للتفريق بين الأنظمة الاقتصادية.

ـ التصنيف الذي يعتمد نوع الملكية عاملاً وحيداً يُفرق به بين الأنظمة الاقتصادية.

ووفقاً للتصنيف الأول يلاحظ حتى ثمة أنظمة اقتصادية أساسية وأخرى ثانوية (هامشية). ومن أبرز الأنظمة الاقتصادية الأساسية: نظام الاقتصاد المغلق، ونظام الاقتصاد الحِرْفي، والنظام الاقتصادي الرأسمالي، والنظام الاقتصادي الاشتراكي. أما الأنظمة الاقتصادية الثانوية فمنها: نظام الطوائف، والنظام التعاوني.

نظام الاقتصاد المغلق: يقوم على مبدأ الاكتفاء الذاتي، ويتميز بتدني مستوى تطور وسائل الإنتاج والتقانة، مما يؤدي إلى قلة كميات الإنتاج.

  • النظام الاقتصادي الحرفي: الذي نشأ وتطور مع نشوء المدينة وتطورها، ويتميز بتزايد مهارة الحرفي الذي أجاد صناعة السلعة، ويقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وخضوع الحرفيين إلى قوانين غير مكتوبة بل نابعة من الأعراف والتنطقيد.

ويعتمد الحرفي في عمله على استخدام المعدات اليدوية البسيطة وينتج كميات قليلة من السلع بحسب الطلب.

  • نظام الطوائف: يعتمد هذا النظام على تنظيمات مهنية تسمى بالطوائف، تضم كلَّ العاملين في مهنة واحدة. هدفه حتى يوافق بين الطبقات التي تكوِّن المجتمع، وجمع العمل ورأس المال في بنية وظيفية واحدة. فهويعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. ويلاحظ فيه تطور المستوى التقني لوسائل الإنتاج.

أمَّا التصنيف الثاني الذي أخذت به النظرية الماركسية والذي يعتمد على نوع أسلوب الإنتاج المرتبط بنوع ملكية وسائل الإنتاج، فهويفرق بين أنظمة اقتصادية تقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وفيها استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ونظام اقتصادي آخر يقوم على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج لا استغلال فيه. ويوحد هذا التصنيف بين مفهوم النظام الاقتصادي ـ الاجتماعي ومفهوم التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية. وقد طورت النظرية الماركسية مفهوم النظام الاقتصادي حتى صار يعني تشكيلة اقتصادية اجتماعية يحددها أسلوب الإنتاج الذي يتحدد في نوع ملكية وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج. وبذلكقد يكون مفهوم النظام الاقتصادي قد تأثر مباشرة بمفهومات أسلوب الإنتاج والتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية. وقد فرَّقت النظرية الماركسية استناداً إلى هذا التصنيف بين خمسة أنظمة اقتصادية ـ اجتماعية تتوافق تقريبياً مع مراحل تطور تاريخ البشرية الاقتصادي. ولكن في فترة الانتنطق من نظام اقتصادي إلى نظام آخر لابد من فترة انتنطقية يتعايش فيها أكثر من نمط اقتصادي اجتماعي في وقت واحد. وهذه الأنظمة هي:

  • المشاعية البدائية: تعد المشاعية البدائية أول نظام اقتصادي اجتماعي في التاريخ، وكانت وسائل الإنتاج التي استخدمها الإنسان بسيطة وبدائية، كما كانت مهارات العمل وخبرة الأفراد ومعهدتهم قليلة جداً. لذلك لم يكن في مقدور الأفراد لقاءة الطبيعة إلا بتجميع جهودهم وتضافرها. وقد عاش الأفراد في مشاعات قبلية متوحدين على أساس قرابة الدم، تسيطر عليهم عادات وتنطقيد بسيطة. وكانت المحاصيل القليلة التي لا تكاد تفي بحاجة الإنسان توزع بين أفراد المشاعة توزيعاً متساوياً، لذلك لم يكن هناك فائض من المحاصيل يمكن انتزاعه من الآخرين، ولا تفاوتٌ اقتصاديٌّ أوعلاقات استغلال في المجتمع. فكانت وسيلة الإنتاج الرئيسة هي الأرض، وسيطر الاقتصاد الطبيعي(إنتاج ـ توزيع ـ استهلاك) في هذه التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية. وكان نمط الإنتاج تعاونياً وجماعياً. ومن أبرز مراحل تطور النظام المشاعي البدائي:

ـ المجتمع ما قبل العشائري أو(القطيع البدائي).

ـ فترة المشاعية العشائرية وتنقسم إلى مرحلتين:

ـ المشاعية العشائرية الأمومية.

ـ المشاعية العشائرية الأبوية.

ـ المشاعية الزراعية، وفيها بدأ الإنسان فترة الاستقرار على ضفاف الأنهار وزراعة الأرض وتربية الماشية.

  • نظام الرق أوالعبودية: يعد نظام الرق Slavery أوالعبودية، الذي حلَّ محلَّ النظام المشاعي البدائي، أول نظام في التاريخ يقوم على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وعلى التناحر الطبقي. وكانت العبودية في أولى مراحلها تسمى «العبودية الأبوية» أوالعبودية البيتية، وكان عدد الأرقاء قليلاً، وكان السيد مالك الرقيق يشتغل في الأرض مع أرقائه، ولم يقتصر العمل في هذه الفترة على الرقيق وحدهم كما وقع في الفترة اللاحقة.

استهل أسلوب الإنتاج في نظام الرق تاريخه حين صار استغلال الرقيق هوالسائد في عملية الإنتاج، وحين انقسم المجتمع إلى طبقتين متناحرتين: المُسْتَغِلِّيْنَ «الأسياد» والمُسْتَغَلِّين «الرقيق». ويضمُّ مجتمع الرق إلى هاتين الطبقتين فئة الأحرار كالحِرفيين والفلاحين الصغار والتجار والمرابين. وتكَوَّن في ظل هذا النظام المجتمع الطبقي، وأضحت السيطرة السياسية مقصورة على طبقة الأسياد في المجتمع.

وظهر التناقض بين العمل الجسدي والعمل الذهني، فالعمل الجسدي، تخصص له الأرقاء للإنتاج المادي، في حين كان العمل الذهني من نصيب الأسياد الذين اختصوا بالإدارة الحكومية والسياسة والفلسفة والشعر والأدب والفن. إذا التفرغ للقيام بهذه الأعمال كان له أثر إيجابي في تطور المعارف والعلوم الإنسانية وتقدم المجتمع البشري.

وظهر في ظل نظام الرق تبادل البضائع الذي تحوّل تحولاً متدرجاً إلى تجارة منظمة، ونشأت الأسواق التي تجاوزت حدود الدولة الواحدة، وظهر ما يسمى بالتجارة الخارجية. وقد أدى تزايد كميات الإنتاج من السلع المخصصة للسوق وتوسيع التبادل التجاري إلى تزايد التفاوت في الملكية والثروة على حساب عمل الرقيق، وظل الاقتصاد الطبيعي سائداً إلى حد ما، وظهر إلى جانبه الاقتصاد التبادلي (إنتاج ـ تبادل ـ توزيع ـ استهلاك). وظلت الأرض وسيلة الإنتاج الرئيسة. واعتمد النشاط الاقتصادي على الزراعة وتربية الماشية مع ظهور الإنتاج الحرفي. ومع تطور التجارة المنظمة ظهرت النقود التي بدأت تحتل مكانة مهمة في اقتصاديات مجتمع الرق.

  • النظام الإقطاعي: حلت الإقطاعية محل نظام الرق. ويقوم النظام الإقطاعي على ملكية طبقة الإقطاعيين لوسائل الإنتاج «الأرض» واستغلال الفلاحين. وظلت الأرض وسيلة الإنتاج الرئيسة. وكانت الملكية الإقطاعية على منطقة معينة، تضم المدن والقرى وما فيها ومَنْ فيها من أقنان. ولم تكن هذه الملكية مجرد شكل حقوقي، وإنما كانت علاقة اقتصادية مضمونها استغلال الإقطاعيين للأرض والسكان المحرومين مما يضمن بقاءَهم. وقد كان هذا الشكل للملكية يحدد وضع الناس في عملية الإنتاج الاجتماعي ويحدد البنية الطبقية للمجتمع الإقطاعي كما يحدد كيفية توزيع المنتجات. إلى جانب ذلك وجدت في النظام الإقطاعي أنواع أخرى للملكية ولكنها محدودة جداً مثل ملكية الفلاحين الصغار والحرفيين لاستثماراتهم الخاصة.

وفي فترة تكوُّن النظام الإقطاعي بدأت تتحدد السمات الرئيسة لأسلوب الإنتاج الإقطاعي، وخاصة ظهور الملكية العقارية الإقطاعية، وظهور أنواع من الريع العقاري الإقطاعي بوصفه نوعاً اقتصادياً مميزاً لعلاقات الإنتاج في هذا النظام.

وكانت تبعية الفلاحين الأحرار للإقطاعيين تتم بأساليب مختلفة على اختلاف في درجتها. وبدأت التناقضات بين الإقطاعيين والفلاحين تتوضح أكثر فأكثر. وكان عمل الفلاحين الأساس في قيام المجتمع الإقطاعي واستمراره، كانوا ينتجون تلبية للحاجات الضرورية لأنفسهم، وللسيد الإقطاعي وحاشيته، ولجهاز الدولة.

ومع تطور أسلوب الإنتاج الإقطاعي تحوَّلَ، على نحومتدرج، من نظام الريع بالسخرة إلى نظام الريع العيني، ثم إلى الريع النقدي. وكان الإقطاعي وفقاً لنظام السخرة يستولي على العمل بشكله الطبيعي لذلك لم يُعْنَ الفلاح بالعمل أوبنتائجه. ومع ظهور الريع بنوعيه العيني والنقدي، صار الإقطاعي يحصل على نتيجة العمل ممثلاً بقسم من المُنْتَج وهوالمُنْتَج الفائض. وصار الفلاح أكثر اهتماماً بنتائج العمل. وحققت القوى المنتجة في النظام الإقطاعي مستوى تطور عالياً مقارنة مع مستواها في نظام الرق.

ومن تزايد العلاقات البضاعية النقدية ونموها، أخذ النقد شيئاً فشيئاً يسهم إسهاماً فعالاً بوصفه مقياساً للقيمة، كما اتسعت علاقات التبادل والعلاقات السلعية ـ النقدية من التطور في أدوات العمل ووسائله وتقسيم العمل الاجتماعي.

  • النظام الرأسمالي: الإنتاج في هذا النظام من أجْلِ التبادل، وتحقيق الربح. وتعود ملكية وسائل الإنتاج فيه إلى فئة قليلة من المجتمع هم الرأسماليون، أما باقي أعضاء المجتمع وهم الأكثرية، فلا تملك سوى قوة عملها وأفرادها يشتغلون عمالاً أجراء يُشَغِّلون وسائل الإنتاج التي يملكها الرأسماليون. ويمتاز هذا النظام بحرية النشاط الاقتصادي.

تُخصص الموارد الاقتصادية في النظام الرأسمالي عن طريق آلية السوق، وتُتَخذُ القرارات الاقتصادية في إطار من اللامركزية. ولا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، الذي تقوم به المؤسسات والأفراد، تدخلاً مباشراً.

كما يفترض النظام الرأسمالي حتى الوحدات الاقتصادية تسعى دائماً لزيادة كمية الربح للمنتج وزيادة المنفعة للمستهلك. فالفرد هنا يقوم بوظيفة مزدوجة في النظام الاقتصادي مرة بصفته منتجاً ومرة بصفته مستهلكاً، ولكنه دائماً مدفوع بالدافع الاقتصادي أي تحقيق مصلحته الشخصية. ويقوم النظام الاقتصادي الرأسمالي على آلية السوق التي لا يمكن حتى تؤدي وظائفها بكفاية إلا إذا اتصفت بالحرية والمنافسة التامة وعدم تدخل الحكومة، عندئذ لاقد يكون في مقدور أي من المنتجين أوالمستهلكين بصفته المنفردة التأثير في الأسعار السائدة في السوق. ومن أبرز عيوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أنه يسمح بتفاوت كبير في الدخل والثروة، بل تقود آلية السوق إلى مزيد من هجرز الثروة. وتحت ضغط التطورات التقنية الحديثة وهجرز الثروة تؤدي آلية السوق إلى انحسار المنافسة وانتشار الاحتكار. كذلك يتسم النظام الاقتصادي الرأسمالي بالتقلبات الدورية في النشاط الاقتصادي وحدوث الأزمات الاقتصادية[ر] المترافقة بظاهرتي التضخم[ر] والبطالة[ر]. ولا يحقق النظام الاقتصادي الرأسمالي عادة المستوى الأمثل للادخار كما أنه يعاني صعوبات كثيرة في توجيه الادخار نحوالاستثمار المنتج. وهويركز على السلع والخدمات الخاصة من دون العامة لأنها أكثر ربحا حقيقياً وأسرع من حيث المردود.

إن قيام التوازن العفوي في الحياة الاقتصادية في ظل النظام الرأسمالي يحتاج احترام مبدأ المنافسة الحرة؛ فآلية السوق قادرة على تحقيق هذا التوازن بتفاعل عوامل العرض والطلب في السوق. ويوضح آدم سميث آلية حدوث التوازن العفوي على أساس التفريق بين نوعين من الأسعار: الثمن الطبيعي (وهومساوٍ لكلفة إنتاج البضاعة أومساوٍ لقيمة البضاعة)، والثمن الجاري(وهوالثمن الذي يتكون بعمل العرض والطلب في السوق). ويظل الثمن الجاري يحوم حول الثمن الطبيعي ويقترب منه ليساويه في أغلب الأحيان عن طريق التوازن العفوي الذي يجري في السوق بين العرض والطلب، وإذا كان هناك أي اختلال فإنه زائل لا محالة لتعود حالة التوازن من دون شك في ذلك. إذا هذا التوازن العفوي لا يخلخله إلا عدم تطبيق مبدأ المنافسة الحرة.

  • النظام الاقتصادي الاشتراكي: وفيه تعود ملكية وسائل الإنتاج للمجتمع بكامله (الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج)، والهدف الرئيسي من النشاط الاقتصادي هوالسعي من أجل تلبية حاجات المواطنين المتنامية. ويترتب على ذلك انعدام التفاوت الكبير في الدخول والثروة بين الأفراد، إذ إذا التفاوت الاقتصادي في النظام الاشتراكي يرتبط بتفاوت كمية العمل ونوعيته. وليس بنظام الملكية والإرث.

يعتمد النظام الاقتصادي الاشتراكي على أسلوب التخطيط المركزي والكامل في الإدارة الاقتصادية، تُرسَمُ أهداف طموحة ويُسعى لتحقيقها عن طريق حصر الموارد المتاحة وتوجيهها توجيهاً واعياً وكفياً. ويتصف التخطيط في الاشتراكية بالشمول والمركزية والإلزامية. ويتصف النظام الاقتصادي الاشتراكي بهيمنة الدولة على الاقتصاد ويكون لها الإسهام الرئيسي في عمليات الإنتاج والتوزيع بسيطرتها على وسائل الإنتاج (الملكية العامة). ويستهدف النشاط الاقتصادي عادة السعي إلى تحقيق الأهداف التي تتبناها الدولة.

إن السمة الجوهرية لتطور القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج في النظام الاشتراكي تكمن في التنظيم المنهجي المخطط للاقتصاد الاشتراكي. ويقوم الإنتاج الاشتراكي على أساس تقسيم اجتماعي متطور للعمل، ويؤدي ذلك إلى سيادة علاقات متينة بين مختلف فروع الاقتصاد الوطني، تفترض وجود تناسب كمي سليم بين هذه الفروع. ولتحديد هذا التناسب يجب حتى يحدد مسبقاً حجم الإنتاج الاجتماعي وحجم الإنتاج في مختلف الفروع ومن جميع نوع من أنواع المنتجات وفقاً لحاجات الأفراد ومتطلبات المجتمع. وبذلك يستطيع المجتمع حتى يخطط ويحدد، تبعاً للموارد المادية والبشرية التي يملكها، كميات الإنتاج من مختلف أنواع المنتجات (وسائل الإنتاج أوالمواد الاستهلاكية) مع المحافظة على التناسب الضروري بين فروع الإنتاج. هذه النسب تسمح بالتطور المنهجي المخطط والمستمر والمتزايد لكل فرع من فروع الإنتاج، وللإنتاج الاجتماعي بمجمله. وبسبب توقف آلية السوق عن العمل في النظام الاشتراكي تغدوعملية تطور الإنتاج بأسلوب منهجي مخطط ضرورة موضوعية في أحوال الاشتراكية.

ومن أبرز عيوب النظام الاقتصادي الاشتراكي:

ـ إهمال الحوافز المادية، إذ من غير المتسقط حتى يبذل الفرد الأجير عند الدولة قصارى جهده من أجل زيادة الإنتاج وتخفيض التكاليف إذا لم يُفعَّل قانون التوزيع بحسب كمية العمل ونوعيته.

ـ إذا مبدأ المركزية يضفي على العملية التخطيطية درجة عالية من عدم المرونة والبيروقراطية. وهذا يؤدي إلى تدني مستويات الإنتاجية.

ـ تؤدي مركزية التخطيط إلى عدم قدرة الاقتصاد على لقاءة التغيرات الطارئة في الحياة الاقتصادية ولاسيما تلك التي يصعب التنبؤ بها لقاءة سريعة وفاعلة.

وهذا يوضح أنَّ بنى النظام الاقتصادي الكلي ليست بنى متجاورة أومضافاً بعضها إلى بعض إضافة عفوية وبسيطة، بل إنها تؤلف ترابطاً عضوياً وتجمعاً متوافقاً (يعبر عن علاقات مستقرة). وهذا يعني تطور مفهوم النظام الاقتصادي ليوضح العلاقات الداخلية في المجتمعات الإنسانية.

ويكون للبنى التي يتكون منها النظام الاقتصادي طابع عام وعلى عدة مستويات. لهذا فإن النظام يستلزم بنية قانونية وسياسية وبنية معنوية وهذه البنى تستلزمُ أيضاً ضرورة إظهار الجانب المسيطر في المستوى المطلوب معهدته. فإذا كانت التقنية هي المسيطرة تسيطر الآلة داخل النظام، أما إذا كانت البنية الفوقية هي المسيطرة فيظهر السعي لتحقيق الربح في النظام الرأسمالي قانوناً أساسياً، بينماقد يكون إشباع الحاجات القانون الأساسي في النظام الاشتراكي.

إن السمتين الرئيسيتين للنظام الاقتصادي هما ضرورة توافقه ودوامه النسبي، وتنتج هاتان السمتان من الميزتين الرئيسيتين لمكونات النظام، وهما مرونة البنى ومقدرتها على التوافق. ولأن البنى الفوقية والبنى التحتية مرنة ومتغيرة يمكن للنظام الاقتصادي حتى يتطور عملاً ويتحول. ولكن التحول يحدث على نحولا تستطيع معه البنى التوافق فيما بينها، وهذا يؤدي إلى الانتنطق من نظام اقتصادي إلى نظام اقتصادي آخر.

تظل الأنظمة الاقتصادية دائماً في حركة تطور، والعوامل المسؤولة عن هذا التطور تنقسم إلى عوامل ذاتية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالمتغيرات الاقتصادية كازدياد الإنتاجية وتطور مستوى وسائل الإنتاج التقني، وعوامل خارجية لا تتصل اتصالاً مباشراً بالظواهر الاقتصادية كالاكتشافات الجغرافية والفهمية والحروب والنزاعات السياسية بين الأنظمة المعاصرة.


التنظيم الاقتصادي

لابد من التفريق بين مفهوم النظام الاقتصادي ومفهوم التنظيم الاقتصادي بتعريف جميع منهما: فالنظام الاقتصادي كما سلف القول هومجموعة العلاقات والمؤسسات التي تميز الحياة الاقتصادية لمجتمع معين في الزمان والمكان، أما التنظيم الاقتصادي فهووسيلة يستخدمها النظام الاقتصادي لتنظيم النشاط الاقتصادي والفعاليات الاقتصادية المتنوعة. وتختلف طبيعة التنظيم الاقتصادي من نظام اقتصادي إلى آخر، ويمكن على سبيل المثال ذكر نوعين من التنظيمات الاقتصادية:

ـ التنظيم الاقتصادي الحر، وهووسيلة النظام الاقتصادي الرأسمالي في تنظيم فعاليات النشاط الاقتصادي التي تقوم على حرية النشاط الاقتصادي. ويتصف هذا التنظيم باللامركزية والعفوية، ومن أبرز خصائصه أنه اقتصاد يقوم التوازن فيه على آلية السوق، ويعتمد على المشروع الخاص، ولا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا تدخلاً غير مباشر.

ـ التنظيم الاقتصادي الموجّه، الذي يعتمد عليه النظام الاقتصادي الاشتراكي لتحقيق أهدافه الاقتصادية، حيث يحقق التخطيط الإلزامي والمركزي الكامل التوازن في النظام الاقتصادي وفعالياته. ومن أبرز خصائص هذا التنظيم: وجود خطة مركزية شاملة تتصف بالإلزامية تُوجه مجمل الأنشطة والفعاليات الاقتصادية لتحقيق أهداف النظام الاقتصادي الاشتراكي. وتفقد آلية السوق فاعليتها في هذا التنظيم الاقتصادي لتحل محلها الخطة، وتتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي عن طريق ملكيتها لوسائل الإنتاج (الملكية العامة). ويصبح المشروع هنا وحدة اقتصادية في جسم اقتصادي متناسق، فالمشروع وحدة اقتصادية منفصلة من الناحية القانونية فقط.

الأنظمة الاقتصادية العالمية

انقسم العالم في القرن العشرين إلى دول وشعوب حرة وشعوب مستعمرة. وتراجع النظام الاستعماري بسبب نموحركات التحرر الوطني، وحصلت شعوب كثيرة على استقلالها في آسيا وأمريكة اللاتينية وإفريقية. ومع ذلك مازال عالمنا المعاصر يشهد انقساماً من نوع آخر بين دول العالم، فثمة دول غنية متقدمة صناعياً (دول الشمال) ودول متخلفة فقيرة هي شعوب العالم الثالث (دول الجنوب). وشهد العالم المعاصر عدداً من الأنظمة الاقتصادية أهمها:

ـ النظام الاقتصادي الرأسمالي.

ـ النظام الاقتصادي الاشتراكي.

ـ النظام الاقتصادي المختلط، الذي يحاول التوفيق بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي وتجنب عيوبهما البارزة والهجريز على جوانبهما الإيجابية.

لذلك عمد الكثير من الدول النامية إلى التدخل في قطاعات النشاط الاقتصادي ومصادر الطاقة عن طريق التخطيط الاقتصادي بهدف تحقيق التنمية والقضاء على التخلف. وتقوم الدولة بوظيفة مهمة في النظام الاقتصادي المختلط، فهي تؤثر في مختلف جوانب النشاط الاقتصادي بوساطة السياسات المالية والنقدية والتجارية والتنموية التي تمارسها. وقد تقوم الدولة ذاتها بالنشاط الاقتصادي في حدود معينة إذا ما استدعت المصلحة العامة ذلك. وترغب الدول النامية في استخدام السياسات الاقتصادية العامة في توجيه النشاط الاقتصادي وإدارته بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع المبادرة الفردية واحترام حق الملكية وتعاون القطاعات المتنوعة لتسهم جميعها في عملية التنمية الكاملة.

ومن الممكن القول: إذا أغلب الأنظمة الاقتصادية المعاصرة هي نظم اقتصادية مختلطة. وظهرت الأنظمة الاقتصادية المتنافسة وأصبحت دراسة الأنظمة الاقتصادية المقارنة أسلوباً يستخدمه فهم الاقتصاد أكثر من كونها جزءاً منفصلاً عنه، وهذا متفق مع ما كان سائداً من قبل.

إن دراسة الأنظمة الاقتصادية المقارنة هي استعمال أساليب التحليل المقارن، ومن الممكن تطبيق هذه الأساليب على دراسة موضوعات في أي حقل فرعي من حقول الاقتصاد (مثل أنظمة الضرائب واتحادات العمال في الدول المتنوعة) ودراسة الاقتصاد في مجمله (مثل النظريات الاشتراكية، أوالمنجزات الإجمالية لاقتصاديات قومية منتقاة).

النظام الاقتصادي العالمي

يتميز عالمنا المعاصر باتساع الطابع الدولي في الحياة الاقتصادية وهوما يسمى «عولمة الاقتصاد»، وصار للمشكلات الاقتصادية الدولية أثر كبير في جوانب الحياة الاقتصادية ضمن الدولة الواحدة حتى في حياة الفرد الاقتصادية ونشاطه. وفي سياق هذا التطور العالمي ظهر مفهوم حديث يدعى النظام الاقتصادي العالمي. وهويمثل العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الشعوب أوالعلاقات الاقتصادية بين الدول بصفتها كيانات سياسية مستقلة والملاحظ حتى العلاقات الاقتصادية العالمية قد تزايدت وتشابكت بقدر كبير في عالمنا المعاصر؛ ولاسيما بعد توقيع اتفاقيات الغات[ر] GATT، وظهور منظمة التجارة العالمية[ر]. ويتصف النظام الاقتصادي العالمي في مرحلته الراهنة بالاستغلال لأنه يساعد على هجريز السيطرة والقوة الاقتصادية في أيدي عدد قليل من الدول الغنية المتقدمة، وعدم التكافؤ في التبادل التجاري الدولي، كما أنه يضع قواعد للتجارة الخارجية والنظام النقدي العالمي تخدم مصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية. وتجدر الإشارة إلى حتى النظام الاقتصادي العالمي قد أخفق في حل المشكلات الأساسية التي تعانيها الدول النامية ولاسيما معضلة الجوع والفقر والتخلف وعدم القدرة على التنافس مع الدول الغنية المتقدمة.


الاقتصاد التطوري


تطبيقه في المجتمع

قائمة الأنظمة الاقتصادية

  • المدرسة الأمريكية
  • فوضوية
  • رأس مالية فوضوية
  • شيوعية فوضوية
  • اكتفاء ذاتي
  • اقتصاد المقايضة
  • اقتصاد بوذي
  • رأس مالية
  • إستعمارية
  • شيوعية
  • Corporatism
  • Corporate capitalism
  • اقتصاد رقمي
  • Distributism
  • Dirigisme
  • Fascist socialization
  • Feudalism
  • Georgism
  • اقتصاد أخضر
  • Hydraulic despotism
  • Inclusive democracy
  • اقتصاد المعلومات
  • اقتصاد الإنترنت
  • اقتصاد إسلامي
  • نظام ياباني
  • اقتصاد الفهم
  • شيوعية ليبرالية
  • اشتراكية ليبرالية
  • اقتصاد السوق
  • اشتراكية السوق
  • اقتصاد ماركسي
  • الممضى التجاري
  • اقتصاد مختلط
  • Mutualism
  • National Socialism
  • اقتصاد طبيعي
  • Neo-colonialism
  • Network economy
  • النموذج الشمالي
  • Non-property system
  • Parecon
  • Participatory economy
  • Planned economy
  • PROUTist economy
  • Self-management
  • Social Credit
  • Social market economy
  • اشتراكية
  • Socialist market economy
  • Syndicalism
  • Subsistence economy
  • اقتصاد تقليدي
  • Virtual economy

انظر أيضا

  • اقتصاد
  • تاريخ الفكر الاقتصادي
  • اقتصاد سياسي
  • أيديولوجيا اقتصادية


قراءات إضافية

  • Richard Bonney (1995), Economic Systems and State Finance, 680 pp.
  • David W. Conklin (1991), Comparative Economic Systems, Cambridge University Press, 427 pp.
  • George Sylvester Counts (1970), Bolshevism, Fascism, and Capitalism: An Account of the Three Economic Systems.
  • Robert L. Heilbroner and Peter J. Boettke (2007). "Economic Systems". The New Encyclopædia Britannica, v. 17, pp. 908–15.
  • Harold Glenn Moulton, Financial Organization and the Economic System, 515 pp.
  • Jacques Jacobus Polak (2003), An International Economic System, 179 pp.
  • Frederic L. Pryor (1996), Economic Evolution and Structure: 384 pp.
  • Frederic L. Pryor (2005), Economic Systems of Foraging, Agricultural, and Industrial Societies, 332 pp.
  • Graeme Donald Snooks, Global Transition: A General Theory, PalgraveMacmillan, 1999, 395 pp.

المصادر

  1. ^ مصطفى العبد لله. "الأنظمة الاقتصادية". الموسوعة العربية. Retrieved 2011-12-09.

وصلات خارجية

  • Video Overview of Economic Systems by Thinkwell
  • Social Studies VSC Glossary
  • Glossary-Cultural Anthropology
  • ECONOMIC SYSTEMS, a refereed journal for the analysis of market and non-market solution, by Elsevier since 2001.
  • Economic Systems by WebEc, 2007.
  • World Economic Systems
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:31:56
التصنيفات: أنظمة اقتصادية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حيار: تمكين النساء وتعزيز ريادتهن في صلب البرنامج الحكومي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:29:48
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 59%

إحباط محاولة تسلل أزيد من 400 مهاجر إلى سبتة المحتلة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:29:20
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

حيار: تمكين النساء وتعزيز ريادتهن في صلب البرنامج الحكومي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:29:46
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

المنتخب الوطني ضمن القائمة النهائية لجائزة أفضل منتخب إفريقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:30:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

حرب غزة: "رحلت حنين ورحل معها عكاز عجزنا"

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 21:06:59
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 91%

إحباط محاولة تسلل أزيد من 400 مهاجر إلى سبتة المحتلة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:29:29
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

المنتخب الوطني ضمن القائمة النهائية لجائزة أفضل منتخب إفريقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:31:00
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

الأسود يسيطرون على قائمة المرشحين للفوز بأفضل لاعب إفريقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:31:07
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

الأسود يسيطرون على قائمة المرشحين للفوز بأفضل لاعب إفريقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 18:31:12
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

الجيش الملكي يواجه اتحاد تواركة في مباراة ودية صباح غد السبت

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 21:06:29
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

حرب غزة: لماذا تسود ألمانيا حالة توتر مع وصول أردوغان إليها؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-17 21:07:00
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 99%

تحميل تطبيق المنصة العربية