حميد بن سلطان الشامسي
حميد بن سلطان الشامسي (1896 - 1980) أديب ومؤرخ إماراتي.
ولد الشيخ حميد بن سلطان الشامسي في أم القيوين سنة 1314 هـ - 1896 م، وكان مولده في البيت الذي يقع تقريبا خلف حصن أم القيوين بالحي القديم. وفي هذا الحي – عايش الكثير من الرجالات والأعيان. حيث كان الحصن وما حوله من أحياء يشكل محور الحياة في مدينة أم القيوين القديمة.
ومنذ صباه انصرف حميد بن سلطان إلي الفهم وحب الفهم وسماع الأخبار والروايات من الرجال الذين يروون تاريخ البلاد ويتداولونها في مجالسهم الخاصة وفي الأسواق وعندما يجتمعون. ومنذ ذلك الوقت أخذ حميد بن سلطان على عاتقه ملاحقة الأخبار والبحث عن رواتها وحب سماع ما يقوله الناس في الكثير من الأحداث والأمور التي جرت في تلك الفترة.
وفي بداية حياته كان الشيخ حميد بن سلطان يهوي الثقافة الدينية والتاريخية. لذا كان أول عهده بالعلوم دراسة القرآن وحفظ الآيات والأحاديث في أحد الكتاتيب بأم القيوين. وذلك مكنه من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب وهوفي سن الخامسة عشرة. ودرس بعد ذلك علوم الفقه والحديث وقواعد اللغة والصرف والنحووالحسابات على يد العلامة الشيخ أحمد بن سيف يوسف آل يوسف، من أشهر فهماء عصره فتتلمذ على يديه وأخذ منذ وقت مبكر يطلع على دواوين الشعراء الفطاحل من أمثال جرير والفرزدق والنابغة والمتنبي وغيرهم، مع قراءة خط التراجم والسير. ولقد زاده ذلك فهم بتاريخ الشخصيات الإسلامية وألم بالأحداث إلي جانب ما كان يتميز به من ذكاء فطري ومقدرة على الحفظ والاستيعاب والرصد والتدوين الرقمي، مما ساعده في تلمس الطريق وحفظ تاريخ البلاد بتدوينه عن كبار السن من الرواة الذين عاصروا الأحداث فأخذ عنهم وكان يتبع أسلوب استماع الأخبار وتدوينها في مذكرات. فكان إذا انتهى من تدوين موضوع قام باسترجاعه بعد فترة لفهم مدى دقة الرواية الأولى التي سمعها. وأحياناً يشد الرحال إلي إنسان من الرواة ليأخذ عنه شفاهة ما لديه من أخبار ويسجلها ويذكر جميع من يلتقي بهم ويقول: نطق لي فلان بن فلان الذي التقيته في المكان الفلاني يوم كذا. نطق كذا وكذا. وتلك هي عادته في مجاراة الأحداث وتدوين الوقائع، وبذلك يعتبر من المؤرخين القلائل الذين فطنوا إلي كيفية التحقيق الفهمي والبحث الدقيق في المعلومة قبل تثبيتها والحكم عليها أوالموافقة على تسجيلها لكي تصبح مصدراً يمكن الرجوع إليه والاستفادة منه في إثبات خبر أوإجلاء الغموض عن بعض الأحداث.
وكان يتنقل من بادية إلي بادية ومن ريف إلي ريف ومن مكان إلي مكان متبعاً أسلوب التقصي والتدوين الرقمي من الرواة الأصليين الذين يتوسم فيهم الفهم والإلمام بالأخبار والأحداث.
وقد مارس لفترة بسيطة التجارة وسافر في رحلات تجارية إلي بعض البلدان رغم أنه لم يكن مولعاً بذلك. فانصرف عن التجارة وبدأ فترة أخرى في حياته بتعيينه محرراً في ديوان الشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم أم القيوين سابقاً، واستمر في هذا العمل لمدة ستة عشر عاماً. وكان يحرر رسائل الحاكم ويخط العقود ويسجل ما يأمره به الشيخ ويمارس ذلك بفهم ودراية بكافة الظروف المحيطة.
وفي آخر أيامه اعتلت صحته. وأقعده السقم، وفي عام 1980 م انتقل المؤرخ الشيخ حميد بن سلطان الشامسي إلي بارئه عن عمر ناهز أربعة وثمانين عاماً.