مصر والحرب العالمية الثانية

عودة للموسوعة

مصر والحرب العالمية الثانية

مصر والحرب العالمية الثانية

إعداد: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية - مؤسسة الأهرام

  • د. محمد جمال الدين المسدي
  • د. يونان لبيب رزق
  • د. عبد العظيم رمضان

تقديم

لئن كانت الحرب العالمية الأولى قد أعقبت في مصر قيام حركة وطنية ثائرة تناضل في سبيل استقلالها واستعادة حريتها فإن الحرب العالمية الثانية قد هيأت لمصر مركزا دوليا متميزا على الصعيد السياسي والصعيد العسكري فكانت القاهرة مقرا أمنا لعد مؤتمرات ولقاءات هامة بين القادة السياسيين والعسكريين من انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وهجريا ودارت على أراضيها أكبر حرب كانت نقطة التحول في تاريخ تلك الحرب هي معركة الفهمين.

وليس من غرض هذا البحث الإشادة بالمجهود الحربي الذي قامت به مصر لصالح الحلفاء أوبالتضحيات التي تكبدتها مصر في الأرواح والأموال نتيجة لسبع وسبعين غارة جوية سقطت على الإسكندرية و15 غارة على القاهرة و46 غارة على منقطة القنال إنما الهدف من هذا البحث هومحاولة توضيح الموقف السياسي في مطلع الحرب العالمية الثانية وتحليل الصراع المرير الذي قام بين السفير البريطاني (سير مايلز لامبسون) وبين رؤساء الوزارات المصرية المتعاقبة وبخاصة في الفترة من سبتمبر 1939 إلى يونيه 1940.

كان السفير يعمل بإصرار لكي تعلن مصر الحرب على ألمانيا ثم إيطاليا وهويفهم حتى جهود حكومته قصرت عن تزويد الجيش المصري بالسلاح والعتاد وأن القوات البريطانية وأن القوات البريطانية المرابطة في مصر كنت تقل عددا وعدة عن القوات الإيطالية المتمركزة على حدود مصر الغربية وكانت الحكومة المصرية ومن ورائها قطاع كبير من الرأي العام ترى أنها أوفت بما عاهدت عليه في إطار معاهدة 1936 وبأن موقفها كدولة غير محاربة كان في صالح الحلفاء وقد انتهى هذا الصراع كما يبين من الوثائق بتسليم الجانب البريطاني بوجهة النظر المصرية ولم تعلن مصر الحرب إلا في فبراير 1945 استكمالا للشكليات وتهميدا لاشتراكها في مؤتمر سان فرانسيسكو.

وقد عهد المركز إلى فريق من أساتذة التاريخ الحديث بإشراف الدكتور محمد أنيس أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة بدراسة تلك الحقبة على ضوء الوثائق البريطانية وكنا وما زلنا نطمع في دراسة نظائرها من الوثائق المصرية وقد استغرق البحث ثمانية فصول قد قام الدكتور محمد جمال الدين على المسدي الأستاذ المساعد بكلية الآداب بجامعة القاهرة بدراسة التمهيد والفصل الأول ثم الفصول من ثلاثة إلىسبعة وأعد الدكتور يونان لبيب رزق الأستاذ المساعد بكلية الآداب بجامعة عين شمس الفصل الثامن كما أعد الدكتور عبد العظيم رمضان مدرس التاريخ الحديث بجامعة طنطأن الفصل الثاني.

وقد أشرف على تنسيق هذه الدراسة ومراجعتها على مجموعة الوثائق البريطانية التي حصل عليها المركز الأستاذ حسن يوسف رئيس وحدة البحوث التاريخية بالمركز.

ويسر المركز ن يسجل صادق الشكر للسيدة سوسن حسين عضووحدة البحوث التاريخية للجهد الذي بذلته في إعداد الفهرست ومراجعة بورفات هذا الكتاب.

والله ولي التوفيق

مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية.


المحتويات

تقديم:

تمهيد:

الفصل الأول: تسوية العلاقات المصرية البريطانية وأهداف التحالف:

الموقف الدولي وتسوية العلاقات المصرية البريطانية- النزاع الإيطالي الحبشي- المفاوضات ومعاهدة 1936 – البنود العسكرية في المعاهدة المصرية البريطانية – نذر الحرب في سبتمبر 1938 – موقف الأحزاب من تطبيق المعاهدة مفهوم التحالف والالتزامات الطرفين – حجم القوات المصرية والبريطانية المخصصة للدفاع عن مصر.

الفصل الثاني: تطور الصراع السياسي الداخلي:

تصور السفير البريطاني للعلاقة بين مصر وانجلترا بعد المعاهدة الحكومة الوفدية تحاول ممارسة الاستقلال انشقاق ماهر والنقراشي عن الوفد انقلاب العلاقات بين الوفد والإنجليز ظهور فكرة خلع فاروق عن العرش – السياسة البريطانية بين الوفد والقصر إقامة حكومة الوفد قواعد التدخل البريطاني في شئون مصر الداخلية بعد المعاهدة تغير العلاقات بين القوي السياسية في مصر .

الفصل الثالث: القاعدة البريطانية وتأمين الجبهة الداخلية.

الجالية الإيطالية النادىية الإيطالية الألمانية اهتمام مصر بالمسألة الفلسطينية سياسة مصر الإسلامية منصب وزير الدفاع ورئيس أركان حرب الجيش – الموقف المالي والاقتصادي والإداري – هبوط أسعار القطن.

الفصل الرابع: التدخل البريطاني بعد معاهدة 1936

تأكيد فكرة حق التدخل في مصر بعد المعاهدة لا تصان المصالح إلا بالتدخل قيود التدخل بعد المعاهدة تفهم التدخل في الأزمة الدستورية التدخل ووجود القوة وحدها الكفيلان بتطبيق رغبات بريطانيا علاقات الجانب البريطاني بمختلف الأطراف السراي ولنفوذ الإيطالي الوفد هوالمسيطر شعبيا.

الفصل الخامس: تطور علاقات علي ماهر بالجانب البريطاني وتشكيل وزارته الثانية:

تطور العلاقات بين علي ماهر والجانب البريطاني وضع علي ماهر في السراي بين رياسة الديون ورياسة الوزارة علي ماهر ومصر الفتاة علي ماهر والبنداري- كيف من الممكن أن تحسنت العلاقة بين علي ماهر والجانب البريطاني – عودة العداء بين الوفد والإنجليز- مسببات استنطقة وزارة محمد محمود – وزارة علي ماهر الثانية – كيفية تشكيلها- الثلاثي العسكري – رأي الإنجليز في أشخاص الوزراء – أهداف الوزارة ووسائلها والإطار الذي تعمل فيه دكتاتورية السراي- علاقتها بالجانب البريطاني .

الفصل السادس: وزارة علي ماهر بين المشكلة الدستورية والمشاكل الخارجية:

مصر بين الحرب والحياد موقف الوزارة من البرلمان – تطبيق المعاهدة في ظروف الحرب- معضلة إعلان الأحكام العهدية – جلسة حامية في مجلس الشيوخ- معضلة إعلان قيام حالة الحرب مع ألمانيا – الملك ورئيس الحكومة يطلبان زيادة القوات البريطانية المرابطة في مصر- قضية تجنيب مصر ويلات الحرب – تضارب أقوال الوزراء- رأي عبد الحميد بدوي باشا- مجلس الوزارة يوافق في جلسةسبعة سبتمبر 1939 على إعلان الحرب ثم يعدل عن قراره برقية نشأت باشا – الحقيقة كما تسجلها الوثائق البريطانية- موقف المؤيدين والمعارضين – موقف الرأي العام- الضغوط البريطانية – الاتجاه إلى التخلص من علي ماهر.

الفصل السابع: علي ماهر يجيب حتى يمضى:

ضعف مركز الوزارة الماهرية في البرلمان المشاكل الاقتصادية ومحصول القطن التعارض بين الحصول على شعبيه وإرضاء بريطانيا – الأزمات بين علي ماهر والسفارة – تنحية عزيز المصري – زيادة علي ماهر للسودان مذكرة الوفد إلى السفارة البريطانية وأثرها – العالقة بين علي ماهر والسفير البريطاني تزداد سوءا – دخول إيطاليا الحرب- جلسة النواب في 12ي يونيو1940 سياسة تجنب مصر ويلات الحرب السفير يحاول إقناع حكومته بضرورة التخلص من علي ماهر – العمل على إخراجه- مساجلات حول الحرب الدفاعية والحرب الهجومية – التهديد بعزل الملك وفرض الأحكام العهدية البريطانية على مصر- الإنذار البريطاني- إبعاد علي ماهر عن السلطة في الوزارة وفي الديوان- المعركة الأخيرة.

الفصل الثامن: الموقف السياسي في نهاية الحرب:

وزارة حسن صبري باشا- الوزراء السعديون يستقبلون بعد إصرارهم على دخول الحرب – إنجلترا تعدل عن مطالبة مصر بإعلان حالة الحرب على المحور- وزارة حسين سري باشا – القاهرة مدينة مفتوحة – استمرار سياسة الحياد- حادث أربعة فبراير 1942- موقف الوزارة الوفدية من الحرب – وزارة أحمد ماهر- مؤتمر سان فرانسيسكو- الوفد يعارض إعلان الحرب- الوزارة تعلن في فبراير 1945 قيام حالة الحرب بين مصر وألمانيا واليابان.

ملحق نصوص الوثائق البريطانية التي أعتمد عليها البحث.


تمهيد

انتهت الحرب العالمية الأولى بتوقيع معاهدة (فرساي) في 28 يونية سنة 1919 بين الحلفاء وألمانيا بعد مؤتمر دام ستة أشهر حضره سبعون مندوبا يمثلون سبعا وعشرين دولة ولم تدع ألمانيا إلى الاشتراك في أعمال المؤتمر إلا بعد حتى تم الإنفاق على نصوص المعاهدة فحضرت للتوقيع دون مناقشة.

وبمقتضى معاهدة (فرساي) خسرت ألمانيا عدة مقاطعات من أراضيها وما يقرب من عشر سكانها إذ تقرر ضم بوستانيا وبومرانيا وسليزانيا وسليزيا العليا إلى بولندا مع إعطائها ممرا في بروسيا الشرقية إى ميناء (دانزاج) كما تقرر ضم أراضي السوديت الألمانية إلى دولة تشيكوسلوفايكا وقضت المعاهدة بتدويل إقليم السارة لمدة 15 عاما واحتلال منطقة الراين لنفس المدة وتضمنت الشروط العسكرية إلغاء التجنيد الإجباري وتحديد جيش ألمانيا بمائة ألف رجل ومنعها من امتلاك مدافع ثقيلة أوطائرات حربية أوغواصات إلى غير ذلك من القيود الكفيلة بضمان أمن فرسنا وتعهدت ألمانيا بدفع التعويضات اعترافا بمسئوليتها عن الحرب.

ولم يكن الفرنسيون وبخاصة العسكريين منهم راضين تمام الرضا عن تلك المعاهدة وعلق عليها المارشال فوش قائد قوات الحلفاء يومئذ بأنها ليست صلحا بل هي هدنة لن تزيد مدتها عن عشرين عاما وقد صحت نبوءته ونشبت الحرب العالمية الثانية في سنة 1939.

وفي تلك السنوات العشرين تطورت الأحداث الدولية بشكل متلاحق وإن كان من الممكن تقسيمها إلى مراحل متميزة ثلاث: مهدت جميع منها للأخرى فاتىت نتيجة لها وهي:

(أ)- فترة التسويات العامة (1919- 1924):

فقد جرت في هذه الفترة محاولة لعقد المعاهدة بين جميع من فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية لتأمين الدفاع عن فرنسا ولكن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض المشروع كما رفض في نوفمبر 1919 التصديق على معاهدة (فرساي) نفسها بيد حتى سلسة من المعاهدات تم الاتفاق عليها بالصلح مع النمسا وبلغاريا والمجر ثم مع هجريا وكذلك عقدت فرنسا مع بولونيا سنة 1921 معاهدة دافع مشهجر.

وأنشئت عصبة الأمم سنة 1920 وافتتحت محكمة العدل الدولية.

وفي أكتوبر 1924 تم التصديق على معاهدة (فرساي) نفسها بيد حتى سلسلة من المعاهدات تم الاتفاق عليها بالصلح مع النمسا وبلغاريا والمجر ثم مع هجريا وكذلك عقدت فرنسا مع بولونيا سنة 1921 معاهدة دفاع مشهجر.

وأنشئت عصبة الأمم سنة 1920 وافتتحت محكمة العدل الدولية.

وفي أكتوبر 1924 تم التصديق على بروتوكول جنيف وهويقضي بحل الخلافات الدولية بالطرق السلمية.

(ب) فترة التطبيق والتطبيق (1925- 1931):

وابتدأت هذه الفترة بتوقيع معهد لوكارنوفي أول ديسمبر 1925 بين جميع من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا الذي يقضي بضمان سلام غرب أوربا.

وفي أغسطس 1928 تم التوقيع على ميثاق نبذ الحرب الشهير بميثاق كيلوج بريان أوعهد باريس بين جميع من الولايات المتحدة الأمريكية وفرسنا وبلجيكا وتشكوسلوفاكيا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبولندا.

وفي أكتوبر 1930 عقد في أثينا أول مؤتمر وكان نواة لقيام حلف البلقان (هجريا اليونان- رومانيا- يوجوسلافيا) إلى جانب حلف الدول الصغرى (تشيكوسلوفاكيا – يوجوسلافيا- رومانيا).

(ج) فترة الانتفاضة والتحدي 1931- 1939:

في مستهل هذه الفترة عم الكساد الاقتصادي دول أوربا وأمريكا واضطرت انجلترا إلى الخروج عن قاعدة المضى (21 سبتمبر 1931) وأعربت أمريكا التوقف عن الدفع (موراتوريوم) لمدة سنة وانتهزت اليابان الفرصة فراحت تحتل جنوب منشوريا.

ولم يمض على وصول أدولف هتلر إلى الحكم في ألمانيا أكثر من ثمانية أشهر حتى أعرب في أكتوبر 1933 انسحاب ألمانيا من مؤتمر نزع السلاح ثم من عصبة الأمم أيضا.

وفسبعة يناير 1935 عقدت فرنسا مع إيطاليا اتفاقا لتسوية الخلافات بينهما خصوصا فيما يتعلق بمناطق النفوذ في القارة الأفريقية.

وفي تلك السنة أخذت ألمانيا النازية تتحلل علنا من القيود التي كبلها بها المنتصرون في معاهدة فرساي ففي مارس 1935 أعربت عن إنشاء سلاح الجوالألماني كما أخذت تستعد لزيادة عدد جيشها بفرض التجنيد الإجباري وشرعت في بناء قوتها البحرية ولم تلبث بريطانيا حتى اضطرت إلى حتى تعقد معها معاهدة تعطيا الحق في بناء قوتها البحرية ولم تلبث بريطانيا حتى اضطرت إلى حتى تعقد معها معاهدة تعطيها الحق في بناء الغواصات وفي زيادة قدرة الأسطول الألماني ليصل إلى ثلث قوة الأسطول البريطاني.

وفي أواخر عام 1935 افتتح كلية أركان الحرب الألمانية من حديث فاكتمل بعث العسكرية الألمانية وفي أغسطس 1936 حملت مدة الخدمة العسكرية في ألمانيا إلى سنتين حتى يتمكن هتلر الذي أصبح القائد الأعلى للجيش من زيادة عدده.

وفي فترة السنتين التاليتين، استولت ألمانيا على النمسا في أغسطس 1938 واستولى هتلر على منطقة الراين المنزوعة السلاح بمقتضى المعاهدة وحصنها وبذلك أقام على حدوده الغربية ما عهد بالجدار الغربي (خط سيجفريد) وعمل على زيادة قوة ألمانيا الحربية، وبدأ مشروعا للسنوات الخمس لتقوية الاقتصاد الألماني وتنظيمه وإعداده لفترة الاكتفاء الذاتي في حالة قيام الحرب يضاف إلى ذلك حتى إيطاليا قامت بغزوالحبشة في أكتوبر 1935 وتصدت بريطانيا لقيادة عصبة الأمم ضد العدوان الإيطالي مما أدى في النهاية إلى فرض العقوبات الاقتصادية على إيطاليأن ولم تحل تلك العقوبات المتراخية دون نجاح إيطالية لكن تلك العقوبات والدور الذي قامت به بريطانيا نجحا على أية حال في دفع إيطاليا إلى انتهاج سياسة جديدة قامت على مقاطعة العصبة والانسحاب منها نهائيا عام 1937 واتسمت بالجفاء تجاه بريطانيا والانحياز إلى جانب ألمانيا وتكوين المحور عام 1936

إلى غير ذلك شهدت فترة 1935 – 1936 صحوة العسكرية الألمانية وعملها على التحلل من قيود معاهدة فرساي وبداية بناء قوة ألمانيا العسكرية والاقتصاد في اتجاه الحرب، وإقامة الجدار الغربي بينها وبين أعداء الأمس وقيام المحور ليضم ألمانيا وإيطاليا في لقاءة جميع من بريطانيا وفرنسا أوجبهة الدكتاتوريات في لقاءة جبهة الديمقراطيات لذلك فإن تلك الفترة تعتبر بداية لفترة جديدة تنطوي على مقدمات الحرب العالمية الثانية.

وفي الفترة بين سنتي 1936و1938 عملت جميع من ألمانيا وإيطاليا على زيادة قواتها العسكرية والاستعداد للحرب رغبة في تحقيق سياسة المجال الحيوي لكل منهما وكان ذلك واضحا للديمقراطيين الغربيين فكانت بريطانيا على سبيل المثال تدرك في عام 1936 حتى ألمانيا تنفق ألف مليون جنيه استرليني على أمور الحرب سنويا وكان تدرك في العام التالي أطماع ألمانيا في جعل شرق أوروبا مجالا حيويا لها ومع ذلك تراخت الدولتان ولم تتبعا في التسلح سياسة تكفل لها تفوقا يحول دون قيام الدولتين الدكتاتوريتين بمغامرات عسكرية اتضح منذ 1936 استعدادهما للقيام بها ويرجع هذا التراخي إلى مسببات داخلة كما يرجع إلى سيطرة فكرة نزع السلاح في أوائل الثلاثينات لذلك فحين بدأ هتلر يتحرك في عام 1938 كان عدوانه مدعما بالقوة وحين بدأت الدولتان تدركان التحول الذي تم في ميزان القوة كان الوقت قد فات وكان عليهما حتى تتبعا سياسة التهدئة والتنازلات بهدف كسب فسحة من الوقت للاستعداد للصراع المحتوم...

ذلك حتى تحلل هتلر من أحكام معاهدة فرساي الخاصة بتسلح ألمانيا وبمنطقة الراين لم يكن منطقيا ليكون هدفا في حد ذاته، بل كان وسيلة لتحدي الدول المنتصرة التي فرضت تلك المعاهدة بنقض أحكامها وإعادة رسم خريطة أوروبا من حديث بما يحقق مصالح ألمانيا وأطماعها...

كان استيلاء ألمانيا على النمسا في 12 مارس 1938 وضمها نقضا لمعاهدة فرساي لكن سياسة التهدئة جعلت بريطانيا وفرنسا تغضا الطرف عن ذلك حين أجرى هتلر بعد الاحتلال استفتاء وافق فيه النمساويون على الانضمام إلى ألمانيا.

وتشيكوسلوفاكيا دولة جديدة أقامتها معاهدة فرساي وارتبطت مع جميع من فرنسا والاتحاد السوفيتي بمعاهدة تحالف ومع ذلك فحين قامت في سبتمبر سنة 1938 أزمة الألمان الذينقد يكونون أغلبية في أرضي السوديت في تشكوسلوفاكيأن وانعقد في 29 سبتمبر مؤتمر ميونيخ لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة تحت التهديد الألماني سادت سياسية التهدئة وتقرر حتى تضم إلى ألمانيا منطقة السوديت بأغلبيتها الألمانية وأن تجري استفتاء على الانضمام إلى ألمانيا في مناطق أخرى إلى غير ذلك بدأ تقطيع أوصال تشيكوسلوفاكيا.

لكن عندما انتهز هتلر فرصة مشاكل تعدد الجنسيات التي ثارت فيما بقي من تشيكوسلوفاكيا وأجهز عليها بوضعها تحت حماية الرايخ الألماني في 15 مارس 1939 كان الأمر يختلف لقد كان يمكن تبرير التساهل مع الألمان فيما يختص بالنمسا وإقليم السوديت بحجة احترام رغبات القوميات وحق تقرير المصير لكن ضم بوهيميا ومورافيا كان عدوانا وتطبيقا لسياسة المجال الحيوي لا يخفف منه عذر أوشبهة عذر.

لذلك فإن بريطانيا وهي التي قادت سياسة التساهل تجاه ألمانيا بدأت سياسة التشدد إزاءها بعد ضم بوهيميا ومورافيا وقد يحدث من العوامل الأخرى التي ساعدت على ذلك حتى سياسة التسلح التي بدأتها بريطانيا عام 1936 أيام وزارة بولدوين قد أوصلتها في مارس 1939 إلى قدر من القوة تطمئن إليه، خاصة في سلاح الطيران الذي كانت قد أخذت تتضح أهميته الكبرى في الحروب إذ كانت بريطانيا قد بدأت عملية استبدال طائراته القديمة بطائرات أخرى أحدث منذ عام 1938 فتحسن الوضع في هذا السلاح عام 1939.

يضاف إلى ذلك أنه في مارس وأبريل 1939 تأكد بما لا يدع مجالا للشك تصميم دولتي المحور على العدوان والتوسع تأكد ذلك بالنسبة لألمانيا بضم بوهيميا وموارفيأن وتأكد بالنسبة لإيطاليا في فشل سياسة نيفل تشمبرلين رئيس وزراء بريطانيا في العمل على استرضاء إيطاليا والتفريق بينها وبين ألمانيا تمثلت تلك السياسة في اتفاقية روما بين إيطاليا وبريطانيا التي عقدت في 16 أبريل 1938 تلك الاتفاقية التي سوت الخلافات بين البلدين في الشرق الأوسط على أساس اعتراف بريطانيا بضم إيطاليا للحبشة في لقاء تعهد إيطاليا بعدم إنشاء تحصينات جديدة في ليبيا وسحب قواتها على مراحل من أسبانيا.

ثم قام تشمبرلين بزيارة لروما في أوائل 1939 ومع ذلك ففي آخر 1938 جدد موسوليني حملاته على فرنسا وأثار خلافات إيطاليا القديمة معها بشأن تونس وكورسيكا المعقودة مع فرنسا عام 1935 والتي تناولت موضوعات وسط أوروبا والمستعمرات الأفريقية ثم لم يلبث موسوليني حتى قام بعدوانه على ألبانيا فيسبعة أبريل 1939 وقد أخل ذلك بالتوازن في البحر المتوسط الذي حاولت بريطانيا حتى توفره باتفاقية روما 1938.

لذلك فبعد حتى كانت سياسة بريطانيا اجتذاب إيطاليا إلى نطاق الصداقة معها ومع فرنسا أصبح هدفها مجرد إبقاء إيطاليا على الحياد في حالة قيام الصراع مع ألمانيأن وذلك بالإبقاء على اتفاقية روما.

تشجع هتلر بنجاحه في ضم النمسا وتشيكوسلوفاكيا فتتابعت مطالبه من لتوانيا طلب ميناء (ممل) وحصل عليه، ثم تقدم في 26 مارس 1939 إلى بولندا بطلباته فيما يختص بميناء (دانزج) والممر البولندي وحين رفضتها ألغي في 28 أبريل ميثاق عدم الاعتداء الذي عقد معها عام 1934 كما ألغي الاتفاقية البحرية التي عقدت مع بريطانيا عام 1935 وبذلك أصبح في حل في زيادة أسطوله كما يشاء وفي 22 مايوعقد حلفا عسكريا مع إيطاليا عهد بميثاق الفولاذ( ) ثم عقد في 23 أغسطس ميثاق عدم الاعتداء مع الاتحاد السوفيتي وقد قصد بذلك الميثاق من جهة تحقيق أطماعه في بولندا ودويلات البلطيق دون معارضة من الاتحاد السوفيتي ومن جهة أخرى تأمين حدوده الشرقية حتى يتفرغ لجبهته الغربية

وتبعا لسياسة التشدد الجديدة مع ألمانيأن لم تتوان بريطانيا عن الرد على السياسة الألمانية ففي آخر مارس 1939 أعطت بولندا ضمانا بتقديم المساعدة لها ضد أي عدوان خارجي دون تحفظ وشاركتها فرنسا في هذا الضمان ثم أعربت التجنيد الإجباري في 26 أبريل وحين فهمت بالميثاق الألماني السوفيتي قررت تعبئة الأسطول وعقدت مع بولندا حلفا يؤكد تعهداتها السابقة لها على حتى تضم ضماناتها دانزج والممر البولندي.

كان طبيعيا أيضا وقد أخذت حدة الصراع تتصاعد بتشدد بريطانيا حتى يصبح البلقان ميدانا للتسابق بين المعسكرين فانحازت بلغاريا والمجر إلى جانب المحور بينما دخلت هجريا في تحالف مع جميع من بريطانيا وفرنسا وقد مالت يوغوسلافيا إلى صداقة إيطاليا أما رومانيا فمع ميلها إلى استرضاء المحور كانت تحاول أيضا إرضاء بريطانيا.

تلك كانت الأوضاع حين أشعلت ألمانيا النازية نيران الحرب العالمية الثانية بهجومها على بولندا في أول سبتمبر عام 1939 وردت جميع من بريطانيا وفرنسا على ذلك بإعلان الحرب على ألمانيا في الثالث من سبتمبر.

وفيما يتعلق بمصر موضوع دراستنا ينبغي حتى ندرك أنه خلال تلك السنوات العشرين بين 1919 و1939 كانت محاولة تحديد وضع مصر وعلاقاتها ببريطانيا هي المحور الرئيسي في معركة الشعب المصري وقياداته التي ابتدأت بثورة 1919 وما تمخض عنها من تسليم انجلترا ببعض التنازلات لمصر فيما عهد بتصريح 28 فبراير 1922.

ولقد فشلت جميع المفاوضات التي جرت بين الساسة المصريين وبين انجلترا بعد صدور هذا التصريح ابتداء من مفاوضات سعد زغلول ورامزي ماكدونالد في أكتوبر 1924 ثم مفاوضات ثروت تشمبرلين 1927 ومحمد محمود هندرسون 1929 والنحاس- هندرسون 1930 ثم أخيرا محادثات صدقي وجون سيمون في صيف 1932 والتي يتضح منها جميعا استمرار المحاولات من جانب الساسة المصريين لوضع حد للتدخل البريطاني في شؤون مصر الداخلية استنادا إلى ما احتفظت بريطانيا لنفسها من حقوق بموجب هذا التصريح وذلك بتسوية العلاقة بين البلدين شكل معاهدة أوبمعنى آخر محاولة تقنين تلك العلاقات.


الفصل الأول: تسوية العلاقات المصرية البريطانية وأهداف التحالف

الموقف الدولي وتسوية العلاقات المصرية البريطانية:

كان لابد من هذا الاستعراض السريع للتطورات التي سبقت قيام الحرب وأدت إليها فالموقف الدولي وبخاصة في ظروف الحرب – له أثره البالغ في العلاقات المصرية البريطانية وبالتالي في تطور الأحوال في مصر.

لم يكن البريطانيون وحدهم هم الذين أصابهم القلق لما استجد على الموقف الدولي في عامي 1934- 1935 نتيجة سياسة هتلر الجديدة والغزوالإيطالي للحبشة فقد شعر المصريون بالقلق أيضا كانوا يدركون حتى مصر بحكم مركزها الجغرافي معرضة إلى حتى تساق أوتنساق إلى الاشتراك في قريب أومن بعيد في جميع نزاع مسلح بين دول أوروبا( ) وهذا ما وقع عملا في الحرب العالمية الأولى يزيد من خطورة الوضع الأزمة الإيطالية الحبشية وأطماع إيطاليا المعروفة في المناطق المجاورة لمستعمراتها القائمة في ليبيا والصومال وإرتريا.

وكان المصريون لا يريدون حتى يعانوا في حرب قادمة كما عانوا في الحرب العالمية الأولى نتيجة عدم حسم موضع العلاقات المصرية البريطانية وزاد من تعقيد الوضع حتى مصر كانت تحكم بعد انهيار نظام إسماعيل صدقي دون دستور من أواخر 1934 وطول عام 1935.

وكان علاج هذا الموضع في رأي زعماء مصر العودة إلى طريق المفاوضات الذي أوصلهم مع بريطانيا إلى مشروع 1930 في مفاوضات النحاس هندرسون وذلك بالاتفاق على نقاط الخلاف التي عاقت توقيع ذلك المشروع وكان هدفهم من ذلك كما نطقوا كجبة وطنية في المذكرة التي تقدموا بها إلى السفير البريطاني في 12 ديسمبر 1935لاستئناف المفاوضات تسوية العلاقات المصرية البريطانية بإجابة أماني مصر الوطنية واستقرار الأوضاع في مصر لتزول العقبات من طريق تقدمها ورقيها وتنسيق التعاون بين مصر وبريطانيا على أساس من التحالف في الأزمات الدولية وبخاصة في ظروف الأزمة الإيطالية الحبشية القائمة( ) وكذلك في ظروف ضعف مصر العسكري الواضح حينئذ من جهة أخرى أما على الجانب البريطاني فمع أهمية مصر وقناة السويس للإمبراطورية البريطانية، ومع تطور الوضع الأوربي نحوالأزمة في عامي 1934- 1935 والأزمة الإيطالية الحبشية وما صحبها من استعدادات إيطالية عسكرية في ليبيا وشرق أفريقية مما هدد مصر والملاحة في قناة السويس أصبح من اللازمة الإعداد لما قد تحمله السنوات القادمة من مخاطر، وذلك بالعمل على حتى يسود الهدوء والاستقرار في مصر وكسب صداقة المصريين وتعاونهم فصداقة مصر كما خط محرر الشئون الخارجية لجريدة التايمز حينئذ (أعظم نفعا للقيادة البريطانية من أورط عديدة في حالة حدوث حرب في البحر المتوسط.

كان ذلك يعني وضع حد للتأثير المتبادل بين الأوضاع الداخلية في مصر والعلاقات المصرية البريطانية ذلك التأثير الذي تحدث عنه المندوب السامي في مصر سير برس لورين في خطابه السري رقم 1128 بتاريخ 29 ديسمبر 1932 إلى وزير الخارجية البريطانية سير جون سيمون واصفا إياه بأنه حلقة مفرغة لا معاهدة إذن لا استقرار داخلي ولا استقرار داخلي إذن معاهدة) ويكون كسر هذه الحلقة المفرغة.. بالعمل على إقامة حكم مستقر وتوقيع معاهدة توافق عليها مختلف القوى السياسية القائمة فيها.

علاقات الحليفين وأهدافها من التحالف:

هكذا كانت الأخطار الكامنة في الموقف الدولي هي العامل الأساسي في دفع الطرفين إلى الاتفاق ولهذا كانت للبنود العسكرية أهميتها في المعاهدة وقد رفض الجانب البريطاني التقيد بالبنود العسكرية في مشروع 1930 محتجا بالتطورات الدولية التي حدثت بعد ذلك التاريخ فطلب في بداية المفاوضات حتى تظل القوات البريطانية في القطر المصري كما هي دون تحديد لمكان أولوقت باعتبارها قوات حليفة واحتج بحالة الطرق في مصر مما يعوق تنقلاتها لوحدد مكانها بل أنه طالب أيضا بوجود تلك القوات في منطقة القناة بصفة دائمة حتى بعد اكتمال بناء واستعداد الجيش المصري على حتى يحدد عددها حينئذ وذلك لمساعدة الجيش في الدفاع عن القناة أي حتىقد يكون لبريطانيا حق دائم في مشاركة الجيش المصري في الدفاع عن القناة لكن الجانب البريطاني وافق في النهاية على تحديد عدد القوات البريطانية بعشرة آلاف جندي في وقت السلم وهوعدد يزيد عن العدد الذي تم الاتفاق عليه في مشروع 1930 (8 آلاف) وأن تنقل تلك القوات إلى منطقة تقع غربي قناة السويس أكبر مساحة من تلك التي تم تحديدها في ذلك المشروع وفي لقاء هذا تعهدت الحكومة المصرية بأن تبني على نفقتها مع مساهمة مالية بسيطة من الحكومة البريطانية ثكنات للقوات البريطانية في منطقة القناة، وأن تمد طرقا تصلح للأغراض العسكرية معظمها بين تلك المنطقة وبين جميع من الدلتا والإسكندرية والحدود الغربية وأن تقوم بتحسين وسائل المواصلات بالسكة الحديدية مع تلك الجهات وعلق الجانب البريطاني نقل قواته إلى منطقة القناة على إكمال تلك المشروعات على حتى تنسحب تلك القوات من مصر حين يصبح الجيش المصري قادرا وحده على الدفاع عن القناة..

وقد نصت المعاهدة أيضا على قيام تحالف بين الطرفين فيسرع أي من الطرفين إلى نجدة حليفة في حالة اشتباكه في حرب مع طرف ثالث، على حتى تنحصر مساعدة مصر لبريطانيا في حالة الحرب أوخطر الحرب أوقيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها في حتى تقدم إلى حليفتها داخل الأراضي المصرية، ومع مراعاة النظام المصري للإدارة والتشريع جميع التسهيلات والمساعدة التي في وسعها بما في ذلك استخدام موانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها.

بهذا النص الأخير تحددت التزامات الطرفين المتحالفين في حالة اشتباك بريطانيا في حرب تقدم لها مصر جميع ما يمكنها من مساعدات وتسهيلات داخل أراضيها فقط أما في حالة اشتباك مصر في حرب مع طرف ثالث وهذا في حالتها لنقد يكون إلا إذا هوجمت فتنجدها بريطانيا بقواتها وتقوم مصر بواجب الدفاع عن نفسها ولذلك نصت المعاهدة أيضا على حتى تساعدها بريطانيا على بناء قواتها العسكرية عن طريق بعثة عسكرية بريطانية لتدريب الجيش المصري، وأن تساعد في إمداد مصر بالأسلحة والمهمات اللازمة التي يشترط ألا تختلف عن تلك التي تستعملها القوات البريطانية كما تقبل للتدريب في بريطانيا من ترسلهم في مصر لهذا الغرض من أفراد قواتها المسلحة وألا يرسل هؤلاء الأفراد إلى بلاد أخرى لأغراض التدريب وتلك نقاط بطبيعة الحال لها أهميتها نظرا لاحتمال قيام تعاون بين قوات البلدين في عمل مشهجر نتيجة التحالف لكنها يمكن أيضا حتى تكون ضوابط تسيطر بها على نمووكفاءة الجيش المصري.

هذا يسوقنا إلى حتى نتساءل عن الأهداف الحقيقية التي كان يبتغيها جميع من الطرفين من التحالف والتزاماته في المعاهدة ومن النصوص العسكرية حينئذ.

لا شك حتى الأخطار الكامنة في الموقف الدولي، والتهديد الإيطالي في شرق البحر المتوسط والبحر الأحمر الذي بدا محيطا بمصر والسودان من جميع جانب قد جعل بريطانيا تتجه إلى اتخاذ مصر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأدنى.

هذا واضح من إصرار الجانب البريطاني في بداية المفاوضات على عدم تحديد مكان أوعدد للقوات البريطانية في مصر، وعدم تحديد مدة زمنية لوجودها وأنقد يكون لتلك القوات حق أبدى في الدفاع عن مصر والقناة والإسكندرية والصحراء الغربية وأن تكون لهم قاعدة بحرية في مصر ولم يتزحزحوا عن تلك المطالب إلا بعد حتى سافر السفير البريطاني (رئيس وفد المفاوضات) إلى لندن لإقناع الحكومة البريطانية وللحصول على تعليمات جديدة.

وكان البديل في النهاية هوزيادة عدد القوات البريطانية في وقت السلم وزيادة مساحة القاعدة البريطانية في منطقة القناة عما كان محددا في مشروع 1930 وإنشاء طرق المعاهدة التي تربط تلك القاعدة بنقط الارتكاز التي طلبوها في الإسكندرية والقاهرة والحدود الغربية والوجه القبلي في اتجاه سفاجة والقصير بل حتى مركز قيادة الأسطول البريطاني في البحر المتوسط تحول خلال الأزمة الإيطالية الحبشية قبل المعاهدة من مالطة إلى الإسكندرية التي أصبحت بذلك قاعدة ذلك الأسطول حينئذ وطوال سني الحرب .

ويغلب حتى بريطانيا لم تكن تعتزم سرعة سحب قواتها إلى منطقة القناة كما تنص المعاهدة وهذا هواتجاهها الأصيل ذلك أنه كان واضحا حتى إطلاق يد مصر في شئونها بعد المعاهدة سيضع على كاهلها أعباء يستدعيها إعادة تنظيم شئونها الداخلية ومن أبرز هذه الأعباء إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وقد أضافت المعاهدة إلى ذلك بناء ثكنات ومنشأت للقوات البريطانية في منطقة القناة وتطبيق طرق المواصلات التي نصت عليها سواء أكانت طرقا أوخطوطا للسكك الحديدية وأثناء المفاوضات قدرت تكاليف تلك الثكنات بخمسة ملايين من الجنيهات تدفع مصر ثلاث أرباعها تلك التي كلها أعباء تبهظ ميزانية كانت حينئذ حوالي 35 مليون جنيه لذلك ثار في مصر كثير من النقاش حول ضخامة تكاليف بناء الثكنات وبخاصة بعد حتى أتضح حتى التكاليف العملية ستصل إلى حوالي 12 مليون جنيه، وبعد حتى عقد محمد محمود باشا رئيس الوزراء اتفاقا مع بريطانيا في صيف 1938 بتقسيم تلك التكاليف مناصفة بين مصر وبريطانيا كان طبيعيا ومنتظرا لذلك حتى يتأجل إنشاء الثكنات ويتأخر تطبيق برنامج الطرق وأخيرا عندما اقترب خطر الحرب بعد ضم ألمانيا ما تظل من تشيكوسلوفاكيا في مارس 1939 طلبت الحكومة البريطانية إلى الحكومة المصرية العدول مؤقتا عن إنشاء ثكنات قرب السويس لأن تجمع القوات فيها يجعلها هدفا للغارات الجوية إلى غير ذلك احتفظت بريطانيا لقواتها بحرية الحركة في مصر وهذا ما يحتاجه أي جيش في قاعدته العسكرية.

أما الجيش المصري فحقيقة الدور الذي قدرته بريطانيا له حينئذ داخل نطاق التحالف المصري البريطاني غير واضحة تماما لقد ضمنت بعض السيطرة على الجيش المصري عن طريق البعثة العسكرية واحتكار تسليحه وتدريبه كما أنها ضنت عليه بالطائرات والسلاح المناسب حيث طلب منها فسوفت وأوفدت أنواعا قديمة بطل استعمالها ويريد الجيش البريطاني التخلص منها لظهور ما أحدث وأفضل يضاف إلى ذلك حتى الدفاع بمفردة عن القناة تلك كلها عوامل تجعل الرأي يميل إلى اتهام بريطانيا بعرقلة نموقدرة مصر العسكرية كمبرر لتأجيل الجلاء.. لكن ينبغي حتى نأخذ في الاعتبار أيضا حتى فترة 1937، 1938 هي الفترة التي كانت بريطانيا فيها مشغولة بتجديد تسليح قواتهأن وبخاصة سلاح الطيران حتى تتمكن من لقاءة تهديد ألمانيا بقواتها ذات التسليح المتفوق ومن الطبيعي حتى تلقى مصر تسويفا وألا تحصل في تلك الظروف إلا على القديم المستغني عنه من السلاح والطائرات وقد اعتذرت بريطانيا بذلك عملا عن عدم استجابتها لمطالب الجيش المصري كما كانت الحكومة المصرية تبغي ومع ذلك فيغلب حتى الدور الذي قدرته بريطانيا للجيش المصري حينئذ لا يعدوالمحافظة على الجبهة الداخلية وهومن وجهة النظر البريطانية الدور الأنسب له على ضوء عدم وجود خطر دولي داهم قبل سبتمبر 1938 ووجود حركة وطنية قوية في مصر واتخاذ مصر قاعدة عسكرية بريطانية وقد كان وضع الجبهة الداخلية مبعث قلق دائم للسلطة البريطانية.

يقابل هذا على الجانب المصري حتى حكومة الوفد حينئذ كان جادة في تطبيق بنود المعاهدة وفي بناء الجيش المصري ففي برقية مايلز لامبسون إلى مستر إيدن رقم 158 بتاريخ 31 ديسمبر 1937 عن لقاءته للنحاس باشا بعد استنطقته، يقول حتى دولته قد اتهم الوزارة الجديدة بأنها بصبغة إيطالية شديدة وأن دولته نطق أنها خيانة للبلاد حتى تصبح الآن جميع تنظيمات دفاع البريطانيين السرية المعقودة معه والتي تمت بناء على الحاجة الشديد مكشوفة لأمثال وزير الحربية الجديد الذي كان أداة في يد القصر ويصبح جميع شيء معروفا لإيطاليا وأن دولته يرى في ذلك خطرا وطنيا حقيقيًا للغاية....

واضح في هذه البرقية حتى النحاس باشا هوالذي ألح علي الاتفاق مع بريطانيا على خطط الدفاع عن مصر بينما لم تكن بريطانيا متحمسة لهذا... وهذا يعني حتى بريطانيا كانت تفضل حتى تستمر الوضع كما كان وأن تظل عمليا منفردة بشئون الدفاع عن مصر وأن يبقى دور الجيش المصري كما هوأي المحافظة على الجبهة الداخلية بينما أصر النحاس باشا على تطبيق نصوص المعاهدة بقيام مصر بالدفاع عن أراضيها تعاونها في ذلك بريطانيا.

وكان هذا رأيه عندما عقدت المعاهدة كما تجاوز حتى أشرنا...

كانت حكومة الوفد جادة في بناء الجيش المصري ليصل عدده إلى فرقة واحدة جيدة التسليح (حوالي 20 ألفا) مستعينة في ذلك ببعثة عسكرية قليلة العدد وبخبرة الضباط القدامى بعد حتى كان يزيد قليلا عن نصف هذا العدد ويقتصر سلاحه على البنادق، و26 مدفع هاوتزر كان هذا المشروع المتواضع يناسب اتجاهات بريطانيا وفرضته فيما يختص بالجانب المصري ما هناك من التزامات أخرى خاصة بالمعاهدة وحالة مصر المالية قبل توقيع اتفاق مونتروعام 1937 وإطلاق يدها في فرض الضرائب.

لكن هذا الوضع فيما يختص بالجيش وبالتحالف لم يلبث حتى تغير في عام 1938 بسبب الموقف الدولي الذي أخذت خطورته تتزايد حتى بلغت الذروة في أزمة سبتمبر من ذلك العام وبسبب الموقف الداخلي ذلك حتى أزمة سبتمبر حسمت خطر الحرب وجعلته في حيز الممكن العاجل أوالقريب فقد تأرجح العالم على حافة الحرب لمدة أسبوع من إنذار هتلر في 22 سبتمبر بالتدخل المسلح في تشيكوسلوفاكيا حتى تم الوصول إلى تسوية في مؤتمر ميونيخ في 29 سبتمبر بفضل سياسة التهدئة التي اتبعتها بريطانيا وفرنسا.

في تلك الظروف اتجها الجانب البريطاني إلى الحصول على تعاون أكثر من مصر، واستجاب الجانب المصري إلى ذلك بحذر كما يتضح في رسالة سير مايلز لامبسون إلي.

فيكونت هاليفاكس رقم 1197 في نوفمبر 1938 حيث يقول «كان موقف جميع من القصر والحكومة تجاه التعاون الإنجليزي المصري نحومتطلبات الحرب كما نرتجيه ولوأنه في نهاية الأزمة أدى الخوف من التورط في الحرب إلى شيء من التردد بشأن ما تقتضيه المعاهدة من مصر بدخولها الحرب..

ومن نهاية الأزمة فإن موقف الحكومة وكذلك موقف الملك فاروق تجاه بريطانيا العظمى ظل وديا وسليما سواء في المجال الدولي العام أوفي التدابير المحلية الخاصة بتعاوننا كحلفاء»

يتضح من تلك الرسالة حتى الجانب البريطاني حاول تفسير التزامات مصر كحليف بمقتضى المعاهدة بأنها تقتضيها في حالة قيام الحرب حتى تدخلها إلى جانب بريطانيا ضد ألمانيأن وأن الجانب المصري تردد في قبول التفسير وهذا واضح أيضا في تصريح رئيس الوزراء في مجلس النواب أثناء أزمة سبتمبر حيث ركز على موضوع دفاع مصر عن نفسها فنطق أنه «إذا دعت الظروف مصر إلى القيام بتعهداتها الدولية فستقوم بهأن ولن يتردد الشعب المصري في إجابة داعي الوطن للدفاع عن سلامته بما عهد عنه من صدق العزم وقوة الإيمان» وعبر عباس محمود العقاد عن رأي السعديين المشاركين في الحكم بطرح وجهة نظر مماثلة وأن كانت أكثر وضوحا حيث نطق حتى على المصريين حتى يستعدوا على اعتبار واحد هوأنهم أصحاب النصيب الأول في حماية بلادهم والدفاع عن حدودها داخل أراضيهم وعلى الحليفة أوالحلفاء بعد ذلك بقيمة المجهود.

وتبع أزمة سبتمبر نقاش على صفحات الجرائد وفي البرلمان في موضوع التزامات مصر بمقتضى المعاهدة أظهر عددا من الاتجاهات المتنوعة.

ويرجع ذلك إلى حتى معاهدة 1936 سقطت في ظل خطر إيطالي ماثل أيام غزوالحبشة حينئذ كان مفهوم التحالف لدى المصريين مرتبطا بتهديد إيطالي محتمل لكن أزمة سبتمبر 1938 قابلت المصريين بواقع مختلف إذ تراجع الخطر الإيطالي وبرز الخطر الألماني وأصبحت مصر معرضة للتورط في حرب لا ترى لها مصلحة مباشرة فيها وتحمل أعباء لم تخطر للمصريين على بال عام 1936 وكان المصريون قد أخذوا يشعرون بثقل العبء الذي يتحملونه نتيجة التزامات المعاهدة وسوء الحالة المالية وأخذ يتضح لهم استمرار تدخل بريطانيا في شئون مصر رغم المعاهدة وسوء الحالة المالية وأخذ يتضح لهم استمرار تدخل بريطانيا في شئون مصر رغم المعاهدة مما مش العداء التقليدي القديم وفي نفس الوقت بدا لهم نجاح سياسة المحور في ضم ألمانيا للنمسا وأراضي السوديت واستيلاء إيطاليا على الحبشة وتوقيع بريطانيا معاهدة روما معها في أبريل 1938 يضاف إلى ذلك حتى المعاهدة قصرت مساعدة مصر لحليفتها على حتى تكون داخل الأراضي المصرية ولم تنص صراحة على دخول الحرب إلى جانب بريطانيا.

ترتب على هذا كله حتى ظهرت فكرة حتى المعاهدة تلزم مصر تقديم المساعدات إلى بريطانيا لكنها لا تلزمها بإعلان الحرب إلى جانبها وبين طرفي هذه الفكرة تناقض ظاهر يؤدي إلى موقف قاسي فالدول المشتبكة في حرب بريطانيا لم تقبل هذا الموقف من مصر وستعتبر مساعداتها لبريطانيا عملا عدائيا رغم عدم إعلانها الحرب وقد اختلفت الاتجاهات للقاءة هذا الموقف والتوفيق بين ذلك وبين التزامات المعاهدة.

بلور صدقي باشا اتجاها منها في خطاب ألقاه في مجلس النواب في 20 ديسمبر 1938 بمناسبة الرد على خطاب العرش، أثار فيه النقاط الأساسية التالية:

1- المعاهدة لا تلزم مصر بدخول حرب لا مصلحة لها فيها إلى جانب بريطانيا لكنها لت تلزمها في حالة اشتباك بريطانيا في حرب وفي حالة خطر قيام حرب أوحالة دولية مفاجئة حتى تضع مواردها وتحت تصرف بريطانيا ولهذا خطورته على مصر لأنه الدول التي تشتبك معها بريطانيا في حرب ستعبر مصر دولة محاربة.

2- سرعة تطبيق النص الخاص بالحالة الدولية المفاجئة لا يهجر لمصر الوقت الكافي لتبين حقيقة وضعها من النزاع القائم مما يحركها فرصة العمل لدرء الخطر عن نفسها.

3- التزامات المحالفة يجب ألا تتعارض مع حتى مسعى سياسي تبذله مصر أوموقف تقفه ويكون مقصودا به استتباب السلام وتأمين حدود البلاد من جميع عدوان.

4- حث على التخلي عن بناء الثكنات في منطقة القناة واقترح حتى تخلي القوات البريطانية ثكنات قصر النيل والقلعة وتقيم في معسكرات العباسية المدة الباقية من المعاهدة..

بهذا نادى صدقي باشا إلى عدم بناء الثكنات والحد من التزامات مصر بمقتضى المعاهدة وعدم الدخول في حرب لا صالح لمصر فيها بل ونادى إلى عدم التقيد بالتحالف إذا تعارض مع مصالح مصر إلى غير ذلك عبر عن اتجاه الحياد في الصراع الدولي ويرى سير مايلز لامبسون حينئذ حتى هذا الاتجاه منتشر بين المصريين.

وقد أقر رئيس الوزراء محمد محمود باشا حتى حديث صدقي باشا يتضمن كثيرا من الصدق وعبر عن موافقته التامة على ما نطقه بشأن الحالة الدولية المفاجئة، لكنه نطق أنة ما دامت المعاهدة قد سقطت فيجب على أية حكومة مصرية حتى تنفذ التزاماتها بولاء وإخلاص حتى يتم تعديل المعاهدة بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وأشار إلى أنه من مصلحة مصر حتى تظل إلى جانب حليفتها في هذه الظروف الحرجة حتى يتم للمصرين تقوية أنفسهم.

تضمن هذا التصريح عدم استبعاد تعديل المعاهدة وحين سئل الوزراء في ذلك نطق أنه ليس هناك نية لذلك «الآن» وظهرت في الصحف تصريحات بأنه سيحاول مفاوضة الحكومة البريطانية لتعديل المادة السابعة من المعاهدة خلال الزيارة التي يشاع أنه سيقوم بها للندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الخاص بفلسطين وحين أثار السفير البريطاني هذا الموضوع معه وعهده حتى الحكومة البريطانية لا توافق على أي تعديل لالتزامات المعاهدة نفي رئيس الوزراء تلك الأخبار بكيفية توحي بأنها سليمة لذلك يمكن حتى نقول حتى اتجاه محمد محمود حينئذ كان الوفد بالتزامات المعاهدة دون زيادة والتفكير في التفاوض لتعديل تلك الالتزامات.

وتوالت ردود العمل لخطاب صدقي باشا فجريدة البلاغ وهي حينئذ موالية للقصر وتناصر الوزارة خط صاحبها عبد القادر حمزة يقول حتى التحالف بين مصر وبريطانيا قائم على أساس حتى تعاون بريطانيا حصر في الدفاع عن نفسها وأن تعاون مصر بريطانيا في جميع حرب تشهجر فيها وأن المفاوضة لتحديد الحالات التي تقدم فيها مصر مساعدتها سينصب على أساس هذا التحالف بينما لا غنى لنا عن هذا التحالف حتى نستكمل وسائل الدفاع عن أنفسنا وهولا يرى كيف من الممكن أن يمكن لمصر حتى تجتنب الدخول في حرب تدخل فيها بريطانيا ما دام للأخيرة جيش في مصر.

وقد زاد الدكتور هيكل وكان حينئذ وزيرا للمعارف وجهة النظر تلك إيضاحا فنطق حتى المعاهدة المصرية البريطانية «تلقى على مصر حتى تسارع إلى معاونة حليفتها انجلترا إذا سقطت الحرب ولم يكن أحد في مصر يتردد يومئذ في القول بأن هذه المحالفة تدفعنا إلى إعلان الحرب في صف انجلترا وإذا نحن أعربا الحرب أصبح حتما حتى نحمل أعباءها وأن نتعرض لكل ويلاتها وقد تعرضنا في الحرب العالمية الأولى حرب سنة 1914- 1918- لغارات جوية قليلة لأن الطيران الحربي كان لا يزال في طفولته ولأننا كنا محايدين لم نشهجر في الحرب ولم نعلنها ما بالك وقد تقدم الطيران الحربي وأصبح يضارع قوات البرد وقوات البحر ثم ما بالك ومصر معرضة لأن تعلن الحرب طبيعي حتى تشغل أنباء الأزمة بال جميع مصري»

إلى غير ذلك انقسم الأحرار الدستوريون في موضوع التزامات مصر في حالة الحرب.. وحدث انقسام مماثل في حزب السعديين الذي يشاركهم الحكم لقد أشرنا إلى رأي العقاد أما الدكتور أحمد ماهر فكان في صف وفاء مصر بالتزاماتها لبريطانيا.

وقد عارض حزب الإتحاد الشعبي على لسان سكرتيره العام عبد الرحمن البيلي بك اقتراحات صدقي باشا في مجلس النواب مؤكدا ضرورة محافظة مصر على التزاماتها بمقتضى المعاهدة...

أما الوفد فقد هاجمت صحفه خطاب صدقي باشا وفندته واتهمت صدقي باشا بأنه يريد تحقيق هدفين أحدهما هدم المحالفة بتقويض أساسها وركنها الركين وهوالمادة السابعة التي وضعت لفائدة الطرفين أما الهدف الثاني فهو«الاتفاق مع الطليان على تأمين الحدود ومساعدتنا في لقاء التخلي عن انجاد اتجلترا ومساعدتها عندما تتأزم إحدى الأزمات طبقا للمادة السابعة وأوضحت ذلك بأن صدقي باشا كان قد خط إلى النحاس باشا في أغسطس 1937 أثناء وزارة الوفد يلفت نظره إلى حتى الفرصة سانحة للمفاوضة في عقد معاهدة عدم اعتداء بين مصر وإيطاليا وأن المحالفة مع بريطانيا لا تحول دون ذلك لأنها أبرمت للدفاع لا للهجوم ونطقت حتى المادة السابعة من معاهدتها مع بريطانيا وقد نصت المادة الخامسة من تلك المعاهدة على تعهد جميع من الطرفية بألا يبرم معاهدات سياسية تتعارض معها ونعت الجريدة على صدقي باشا تراميه على إقدام الدول الدكتاتورية إلى غير ذلك يمكن حتى نقول حتى اتجاها لوفد طبقا لما ظهر في جرائده، كان الوفد بالتزامات المعاهدة بتقديم المساعدات للحليفة داخل مصر.

إلى غير ذلك أظهرت المناقشات وجود اتجاه عام هوقيام مصر بالدفاع عن نفسها لوسقط اعتداء على أراضيها مع قبول مساعدة حليفتها وفيما عدا هذا اختلفت الاتجاهات فيما يختص بالتزامات مصر تجاه حليفتها وظهر من ذلك تلاثة اتجاهات اتجاه يرمي إلى التزام الحياد في الصراع الدولي الذي لا يمس مصر مع الحد من التزامات المعاهدة...

واتجاه يرى حتى تفي مصر بالتزاماتها بالكامل وأن يضم ذلك دخولها الحرب إلى جانب بريطانيا واتجاه ثالث يدعوإلى حتى تفي مصر بالتزاماتها بمقتضى المعاهدة ولا تزيد على ذلك..

كان الاتجاه الأخير يمثل رأي الكثيرين من المصريين وهوالذي استقر عليه رأي الإخوان المسلمون وأعربوه عند قيام الحرب وكان في مفهومهم يتضمن تقديم المساعدات دون دخول الحرب وكانوا بالإضافة إلى ذلك يرون السعي إلى تخليص مصر من القيود المفروضة على حريتها واستقلالها ولكن ما جد من تطورات دولية بعد أزمة سبتمبر 1938جعل الاتجاه الثاني يحظى بتأييد أكثر من ذي قبل.

ذلك حتى الأخبار أخذت تردد منذ أوائل ديسمبر عن أطماع لإيطاليا في الحصول على ممر عبر السودان يصل ليبيا بالحبشة، ورغبتها في تخفيض الرسوم في قناة السويس وتعديل نظام إرادتها بما يكفل لها نصيبًا من الإشراف على هذا الشريان الحيوي الذي يصلها بمستعمراتها في شرق أفريقيا ونشرت الجرائد أخبار الحشود العسكرية الإيطالية في ليبيا وأشارت إلى أنها بلغت مائة ألف جندي وأخبار طائرتين حربيتين إيطاليتين هبطتا في مكانين مختلفين في الصحراء الغربية وادعى الطيارون هبطوا بطريق الخطأ وفي مارس 1939 أجهزت ألمانيا على باقي تشيكوسلوفاكيا وبدأت مطالبها الجادة في دانزج والممر البولندي وفيسبعة أبريل غزت إيطاليا ألبانيا...

إلى غير ذلك برز الخطر الإيطالي من حديث إلى جانب الخطر الألماني.. فعاد إلى أذهان المصريين المفهوم القديم للتحالف مع بريطانيا بظهور الحاجة إلى الاعتماد عليها في لقاءة أطماع إيطاليا وكما نطق السفير البريطاني تزايد تحقق المصرين من الخطر الذي قد يلحق بدولتهم من تقوية محور برلين روما العدواني وقد أدت الصدمات المتتابعة بسبب مآسي تشيكوسلوفاكيا وألبانيأن وبخاصة الأخيرة إلى إدراك المصريين لما عسى حتى يلغه موقفهم من خطورة دون مساعدة كافية من حليفتهم بريطانيا وقد عبر المصريون بكل حرية على المستويين الرسمي وغير الرسمي عن الرغبة في وجود عدد أكبر من القوات البريطانية في مصر إذا الخوف من ألمانيا وإيطاليا والاشمئزاز مما صنعته الأخيرة في ألبانيا قد جعل سكان مصر أكثر ميلا إلينا كما زاد المصريين إدراكا بحاجة مصر إلى انجلترا وقد كان لها العامل أثره في تسهيل التعاون العسكري المصري الإنجليزي، وأصبحت الحكومة المصرية أخيرا أكثر استجابة لنا فيما يتعلق بمتطلباتنا العسكرية.

إلى غير ذلك تحول بعض المصريين إلى فكرة الوفاء بالتزامات مصر تجاه بريطانيا كاملة، بما في ذلك دخول الحرب إلى جانبها ومن هؤلاء رئيس الوزراء نفسه الذي أعرب في مجلس النواب بمناسبة أزمة مارس 1939 أنه يقبل توحيد قيادة الجيش الإنجليزي والمصري في حالة الحرب وأن تكون القيادة لأقوى الدولتين كما أنه مع الدكتور أحمد ماهر وبعض الوزراء من كلا الحزبين الحاكمين كانوا يميلون إلى قبول الانضمام إلى ميثاق سعد أباد في الأسابيع الأولى من عام 1939 رغم ما يؤدي إليه ذلك من أعطى تحالف مصر مع انجلترا إلى خارج حدود مصر ودفع القوات المصرية بعيدا مئات الأميال إلى هجريا والعراق وإيران لكن ذلك لا يعني حتى هذا الاتجاه قد أصبح هوالغالب، فقد يرجع موقف هؤلاء بالإضافة إلى العوامل التي أشرنا إليها إلى وضعهم الرسمي والصراع القائم حينئذ بين الوزارة والقصر وتطلع الدكتور أحمد ماهر لتولي الوزارة خلفا لمحمد محمود باشا فإذا ابتعدنا عن الأشخاص المسئولين نجد الأمر يختلف نجده كما يقول السفير البريطاني في خطابه إلى وزير الخارجية البريطانية في 13 يوليو1939 لا يزال هناك شعور كبير في البلاد بأن مصر ينبغي حتى يسمح لها بأن تظل بعيدة عن نزاع عالمي لا يهمها بشكل مباشر لكن موقف المسئولين المصرين لا يزال سليما وهذا يدفعنا إلى محاولة تبين موقف الوفد كتنظيم شعبي مفروض أنه أكثر تعبيرا عن اتجاهات الجماهير..

كان الوفد بحكم نشأته ومبادئه كحزب شعبي ضد النازية والفاشية وفي جانب الديمقراطية وكان حريصا وهوفي الحكم على تأكيد التزام مصر بالدفاع عن نفسها وتمكينها من ذلك. أما في فترة وجوده خارج الحكم فلم تصدر عن زعيمه أوصحفه تصريحات مباشرة توضح موقفه أوتضيف جديدا إليه فيما عدا هجوم المصري على خطاب صدقي باشا ذلك الهجوم الذي أوضح كما أشرنا- تأييد الوفد للديمقراطيات ولفكرة التزام مصر بمساعدة بريطانيا داخل الأراضي المصرية يقابل.. هذا هجوم الوفد المستمر بعد ذلك على بريطانيا التي اعتبرها مسئولة عن مساندة الحكم غير الديمقراطي القائم وقد وصل هذا الهجوم إلى حد التهديد بعدم التقيد بالمحالفة...

لكن الملاحظ حتى هجوم الوفد على بريطانيا كان أقرب إلى الضغط العنيف أوالعتاب الشديد منه إلى الجفاء والقطيعة وعدم الالتزام بالمعاهدة...

وهذا واضح مما خطه المصري بعد أزمة مارس 1939 حيث تقول الصحيفة حتى المصريين مرتبطون بمحالفة يجب المحافظة عليها لكن كيف من الممكن أن يمكن حتى ندخل الحرب إذا كان حلفاؤنا ينقضون العهد نقضا ويستخفون بالمعاهدة بندا بندا أنحارب للدفاع عن الديمقراطية التي يحارب حلفاؤنا من أجلها والديمقراطية في بلادنا شوهت وجني عليها،يا ترى؟ وكان السفير البريطاني يدرك رغم تقديره الكامل لخطورة هجوم الوفد أنه قد لاقد يكون سوى جزء من اللعبة السياسية يضغط به الوفد للعودة إلى الحكم وكان يأمل ويرجح حتى الأحزاب جميعها إذا قامت الحرب ستعود إلى الالتفاف حول بريطانيا تنشد الحماية

أما اتجاه الوفد الحقيقي حينئذ بالإضافة إلى الدفاع عن مصر، فيغلب أنه كان الوقوف إلى جانب بريطانيا وتقديم المساعدات اللازمة لها في لقاء سيادة الديمقراطية في مصر وهذا يعني عودة الوفد إلى الحكم بالإضافة إلى إجابة مطالب تقرب من تلك التي تقدم بها السفير البريطاني في أبريل 1940 وهذا قريب من موقف الإخوان المسلمين عند قيام الحرب، وقد أشرنا إليه، ويختلف عن موقف أحمد حسين الذي رأى حينئذ دخول الحرب عمليا دون حتى يضع شروطا لذلك

تناولنا التطورات التي طرأت على الموقف الذي اتخذه جميع من الجانبين المصري والبريطاني من مفهوم التحالف والتزاماته منذ أزمة سبتمبر 1938حتى قبيل قيام الحرب وكان من الطبيعي حتىقد يكون لذلك أثره على الموقف من الجيش المصري والدور الذي أريد له عملى الجانب البريطاني أدى تزايد خطورة الموقف الدولي عام 1938 مع النقص الواضح في القوات البريطانية في شرق البحر المتوسط، في لقاءة الحشود الإيطالية إلى اتجاه الجانب البريطاني إلى زيادة الاعتماد على الجيش المصري وإلقاء عبء أكبر عليه واستمر هذا الاتجاه سياسة للحكومة البريطانية رغم ما استجد من عوامل مشجعة وأخرى مثبطة حتى يونيو1940 من العوامل المشجعة تصريحات محمد محمود باشا أيام أزمة سبتمبر 1938 بتأكيد قيام مصر بالدفاع عن نفسها ورغم حتى خطاب صدقي باشا في ديسمبر 1938 وما بدا حينئذ من اتجاه رئيس الوزراء إلى طلب تعديل التزامات مصر بمقتضى المعاهدة كانت عوامل مثبطة إلا حتى موقف الوفد والزعماء الآخرين وتغير موقف رئيس الوزراء بعد ذلك كما أشرنا كانت عوامل مشجعة أزالت ذلك الأثر السيئ..

وقد عبر السفير البريطاني عن هذا الاتجاه في رسالة إلى وزير الخارجية يستعرض فيها الموقف في مصر في شهري مايوويونيو1939 إذ يقول: «إن التقدم الذي تم في الاستعداد للحرب بصفة عامة وتدريبات الجيش المصري بصفة خاصة كانت بوجه عام أدعى إلى الرضاء خلال هذه الفترة التي نستعرضها رغم ما كان يعترض البعثة العسكرية البريطانية من عقبات كان يثيرها حسين سري باشا بخصوص بعض النقاط ومما يبعث على الرضا حتى نلاحظ على سبيل المثال حتى رجال المدفعية المصريين قد أظهروا مقدرة إشارة في المدفعية المضادة للطائرات لكن المشكلة الأساسية بالنسبة للجيش المصري لا تزال هي معضلة الروح المعنوية بمعنى هل تصمد أولا تصمد القوات المصرية في خط النار يظهر من غير المحتمل الاعتماد على حتى الضباط أوالجندي المصري سيقابل إشكال الحرب الحديثة القوية ما لم يضمهم إطار واحد مع القوات البريطانية أوالهجرية ويقودها ضباط إنجلترا أوأتراك هذا الضعف هوالذي يجعل الموقف في مصر خطيرا زيادة على ما عليه إذ ينبغي حتىقد يكون في الاعتبار حتى الهجوم الإيطالي الألماني إذا سقط لا يحتمل حتىقد يكون زحفا عسكريا خالصا على نقطة واحدة، بل يغلب حتى يقترن الهجوم الرئيس للعدوبمجموعة متباينة من الإجراءات الهجومية الصغيرة من الخارج ومن الداخل بقصد تحويل الانتباه وإضعاف الروح المعنوية بين الأهالي في المؤخرة وبذلك تضعف قوى المقاومة ضد الهجوم الرئيسي.

ولما كانت قواتنا العسكرية الحالية صغيرة نسبيا فسنحتاج إليها كلها تقريبا للقاءة الهجوم الرئيسي وربما يعجز الجيش المصري عن الاحتفاظ بالجبهة الداخلية لولم تسانده قوات بريطانية كبيرة وكان الجنرال سير هنري ميتلاند ويلسن قد اتى إلى مصر في 21 يونيو1939 ليتولى قيادة القوات البريطانية فيها ومعه تعليمات بسرعة اتخاذ الاستعدادات للحرب ويقول ويلسن حتى مهمة قواته كانت الدفاع عن الإسكندرية التي أصبحت قاعدة للأسطول في البحر المتوسط بدلا من مالطة والدفاع عن السويس وبور سعيد والصحراء الغربية.

بالإضافة إلى حفظ الأمن داخل مصر كما يقول أنه قد لفت نظره عند وصوله ضآلة القوات التي لديه بالنسبة للمهمة المسندة إليها ويقول أيضا أنه في حالة قيام الحرب كانت بريطانيا تنتظر حتى تنضم مصر إليها كحليف وأن تعلن الحرب على دول المحور...

وكانت تتسقط حتى تنضم إيطاليا إلى ألمانيا في أي حرب عدوانية وأضاف إلى ذلك أنه طبقا لمعاهدة 1936 كان من المنتظر حتى الجيش المصري سيحارب كحليف تحت القيادة البريطانية ويبدي في موضع آخر أسفه لاستنطقة محمد محمود في وقت غير مناسب لأن يده هي التي قادت مصر في سبيل الاستعداد للقاءة الحرب الحديثة

وحين سال محمد محمود لامبسون في أواخر أبريل 1939 عن عدد القوات البريطانية في مصر أبلغه أنها في مجموعها تبلغ 13 ألفا وهوما يقرب من عدد القوات المصرية عند توقيع المعاهدة أما القوات الإيطالية في ليبيا فكانت حوالي 100 ألف كما أشرنا جهودها موزعة بين جبهتي تونس ومصر.

يتبين من تلك الوثائق ومما خطه ويلسن حتى القوات البريطانية في مصر كانت قليلة العدد لا يكفي للدفاع عن مصر بينما كان مطلوبا منها إلى جانب ذلك حفظ الأمن أوالمحافظة على الجبهة الداخلية وما كان المتسقط في حالة قيام الحرب حتى تدخلها إيطاليا إلى جانب ألمانيأن لذلك رأى الجانب البريطاني حتى تقتصر مهمة القوات البريطانية على لقاءة الهجوم الرئيس المتسقط وأن تتسع مهمة الجيش المصري في حفظ الجبهة الداخلي بحيث تتعدى مجرد حفظ الأمن في الداخل وهي المهمة التي رسموها له منذ معاهدة 1936 كما أشرنا إلى لقاءة أي هجوم فرعي يشنه لتحويل الأنظار عن الهجوم الرئيس وأضعاف المقاومة التي تقابله...

كان هذا يعني في النهاية اشتراك الجيش المصري في الحرب إلى جانب الجيش البريطاني لصد أي هجوم على مصر ومتابعته خارجها لهذا اتى ويلسن إلى مصر وهوينتظر حتى يحارب الجيش المصري كحليف تحت قيادته طبقا لمعاهدة 1936 وهذا ينطبق أيضا على مفهوم بريطانيا للتحالف الذي اتضح في سبتمبر 1938 كما أشرنا: وكان هذا يعني من ناحية التطبيق حتى تتخلى بريطانيا عن سياسة التلكؤ والتسويف التي اتبعتها وتبذل جهودا جادة في تسليح الجيش المصري وفي تدريبه..

ولما كان هناك شكوك لدى الجانب البريطاني في قوة الروح المعنوية بالجيش المصري مما يعجزه عن لقاءة وسائل الحرب الحديثة العنيفة فقد اتجه إلى إجراء تدريبات ومناورات مشهجرة بين الجيش المصري والقوات البريطانية ووضعه تحت القيادة البريطانية في حالة الحرب لضمان حمل روحه المعنوية وحسن قيادته.

صادف هذا الاتجاه فيما يختص بتسليح الجيش المصري وتدريبه استعداد لدى الجانب المصري حينئذ فالأموال اللازمة لتطبيق ما تريده مصر من قوة حربية قوية حديثة التسليح أصبحت قريبة المنال بعد توقيع اتفاق مونترووإطلاق يد مصر في فرض الضرائب المباشرة على الأجانب وبالتالي على المصريين وتقديم مشروعات قوانين جديدة للضرائب إلى البرلمان كضريبة الدخل وضريبة التمغة وضريبة الهجرات.

وضح التحول نحوالسياسة الجديدة في صيف 1938 حين زار محمد محمود بريطانيا للتفاوض في موضوع نصيب جميع من مصر وبريطانيا في تكاليف الثكنات إذ تدل جميع الشواهد على حتى المفاوضات ضمت أيضا موضوع الجيش المصري وتسليحه وتدريبه فقد تم الاتفاق بين محمد محمود والحكومة البريطانية على حتى تكون للحكومة المصرية حرية استيراد الأسلحة للجيش المصري من غير المصانع الإنجليزية تجنبا للإبطاء فتحررت مصر بذلك من القيد الذي وضعته المعاهدة في يد بريطانيا على تسليح الجيش المصري ومن عقد بتوريد مدافع المورتر اللازمة للجيش المصري لمشغولية المصانع البريطانية لمدة ثلاث سنوات وسافر وزير الحربية حسن باشا صبري إلى أوروبا حيث اتفق مع المصانع الفرنسية على توريد 120 مدفع مورتر وبحث في بريطانيا موضوع إنشاء مصنع للذخيرة وفي نفس الوقت تقدمت البعثة العسكرية البريطانية بمذكرات تتضمن مقترحاتها لتوفير العدد اللازم من الضباط لتوسعات الجيش وذلك بزيادة عدد الضباط الجدد عن طريق توسيع الكلية الحربية وزيادة عدد طلبتها وتخفيض مدة الدراسة بها والإكثار من إرسال البعثات إلى انجلترا بدلا من المشروع القديم الذي كان يقوم على الاستفادة من الضباط القدامى وكانت الحكومة المصرية حينئذ مشغولة بدراسة نظام حديث للتجنيد يستهدف تحسين وسائل التجنيد وتكوين احتياطي وتوفير العدد اللازم للجيش ويقوم على جعل مدة الخدمة العسكرية ثلاث سنوات بدلا من خمس وإلغاء البدل العسكري وكانت بالإضافة إلى ذلك قد تبلور لديها مشروع لتدريب طلبة الجامعة وإعدادهم لمناصب الاحتياطيين وشرعت عملا في تطبيقه وتلك بداية نظام ضباط الاحتياط كما كانت تدرس مشروعا لإنشاء جيش إقليميقد يكون بمثابة الصف الثاني إذا دعت الظروف وتلك بداية مشروع الجيش المرابط لكن مشاكل توفير الضباط والمدربين عاقت تطبيق المشروع حتى صدر به مرسوم في أول سبتمبر 1939 وقد أوضح عبد الرحمن عزام وزير الأوقاف وقائد الجيش المرابط حتى الهدف من إنشائه إعداد أكبر عدد من الشعب لحمل السلاح في الأوقات العصيبة وتكوين، نواة قوة يستطيع الجيش العامل الاعتماد عليها.

والحقيقة حتى حكومة محمد محمود كانت حينئذ تقوم بجهود كبيرة لزيادة عدد القوات المسلحة وإعادة تنظيمها على القواعد العسكرية الحديثة وكان موضوع الضباط والجند جانبا من مشروعات للدفاع الوطني على مدى خمس سنوات، طرحت على مجلس الدفاع الأعلى في أكتوبر 1938 ورؤى حينئذ أنها تتجاوز قدرة البلاد المالية ويشير السسفير البريطاني إلى تلك المشروعات في رسالته إلى وزير الخارجية البريطانية في نوفمبر 1938 بقوله حتى الحكومة المصرية قد بدأت في وضع الخطط للإسراع في زيادة عدد أفراد الجيش وقوة الطيران بل وفي إنشاء بحرية مصرية ولست أعتقد حتى هناك تقديرات سليمة وأن هناك ميزانية قد وضعت للموازنة بين المصروفات المتزايدة وبين هذه المشروعات الطموحة في حدود الموارد الاقتصادية للبلاد

لذلك رؤى إعادة النظر في تلك المشروعات على ضوء قدرة البلاد المالية وعرض المشروع المعدل على مجلس الدفاع الأعلى فأقره وتناولته الصحف في ديسمبر 1938 ويقضي المشروع بزيادة عدد الجيش إلى حوالي 50 ألفا وأن يتكون سلاح الطيران من 280 طائرة حربية و47 طائرة تدريب أما الأسطول فتقرر البدء بنواة من تسع بتر منها باخرة حراسة واحدة وأربع قاذفات طوربيد وأربع من لاقطات الألغام كما تقرر إنشاء مصنعين أحدهما للذخيرة والآخر للأسلحة الصغيرة وتبلغ تكاليف نفقات الدفاع طبقا لهذا المشروع 48 مليون جنيه موزعة على خمس سنوات منها 14 مليون المصروفات العادية قبل تطبيق المشروع 14 مليون مصروفات زائدة نتيجة لزيادة القوات المسلحة والباقي للزيادات والإنشاءات الجديدة وقد استدعى تطبيق هذه التوسعات زيادة البعثة العسكرية البريطانية في مايو1939 من 92 عضوا إلى 119.

أدى ذلك كله في النهاية إلى زيادة عدد الجيش وزيادة تدريبه وتسليحه ففي الأسبوع الأول من أبريل 1939 خطت النيويورك تايمز تقول حتى مصر قد أصبح لديها ثلاثون ألف جندي وفرقة من الدبابات مجهزة أحسن تجهيز ووحدات ميكانيكية وقوة جوية وأن هذه القوات تزيد شهرا بعد شهر وفي آخر أغسطس 1939 خطت السبكتاتور حتى الجيش المصري زاد عدده زيادة كبيرة وأعيد تنظيمه وتجهيزه

وحين وصل الجنرال ويلسن إلى مصر في يونيو1939 عثر الجيش المصري كما يقول يتضمن فرقة من الدبابات الخفيفة ويملك مدافع مضادة للدبابات ومدافع مضادة للطائرات ووحدات للمدافع الرشاشة وأضاف إلى معدات الجيش المصري تفضل تلك التي سلحت بها القوات البريطانية التي يقودها يضاف إلى ذلك أنه في سبتمبر 1938 تم تعيين ضابط مصري وآخر بريطاني ليعملا كحلقة اتصال بين الجيشين إلى غير ذلك بدأ الاتصال الذي أخذ يتوثق ليصل إلى المشاركة في التدريبات والمناورات وخطط الدفاع.

الفصل الثاني: تطور الصراع السياسي الداخلي في مصر

العلاقات الجديدة بين القرى السياسية في مصر بعد المعاهدة:

انطوت بإبرام معاهدة 1936 صفحة من العلاقات المصرية البريطانية وفتحت صفحة جديدة وفي الوقت نفسه انفكت العلاقات القديمة التي كانت قائمة بين القوى السياسية المتصارعة في مصر وهجربت علاقات جديدة وكانت هذه القرى تتكون من:

الإنجليز، القصر، والوفد، أحزاب الأقلية (حزب الإتحاد وحزب الشعب والحزب الوطني) وكانت تحكم هذه القوى قبل المعاهدة أنواع العلاقات الآتية:

1- تتحالف بين دار المندوب السامي والقصر ضد الحكومة الوطنية وبمعنى أدق كان القصر تحت الحماية البريطانية في وجه القوى الوطنية وقد استمر هذا على طول الفترة من 1919- 1936)

2- تحالف بين القصر وأحزاب الأقلية (أوبعضها) ضد الوفد (القصر مع حزب الإتحاد 1935 – القصر مع الأحرار الدستوريين 1928- القصر مع حزبي الشعب والاتحاد والحزب الوطني 1930- 1934)

3- تحال مؤت بين الوفد و[[حزب الأحرار الدستوريين]] ضد القصر (عهد الائتلاف 1926- 1928 المقاومة ضد حكم صدقي باشا 1930- 1934) ثم بين الوفد وأحزاب الأقلية ضد الإنجليز (معاهدة 1936).

وبإبرام عاهدة 1936 انتهت هذه الأنواع من العلاقات لتحل محلها أنواع أخرى على النحوالآتي:

1- خصومة بين السفارة البريطانية والقصر.

2- تحالف بين القصر وأحزاب الأقلية (أوبعضها) ضد الوفد.

3- «تحالف مؤقت» بين الوفد والسفارة البريطانية ضد القصر وأحزاب الأقلية.

وفي الوقت نفسه برزت قوى سياسية جديدة على مسرح العمل السياسي وهي القوى الفاشية الممثلة في جماعة مصر الفتاة وجماعة الإخوان المسلمين.

وقد يظهر كأن معاهدة 1936 وحدها هي التي أحدثت هذا التأثير في علاقات القوى السياسية في مصر على حتى الحقيقة حتى هناك عوامل أخرى مساعدة تحالفت مع إبرام المعاهدة في تغيير المجرى الرئيسي للأحداث كما كان يجب حتىقد يكون فالمجرى الرئيسي للأحداث بعد إبرام المعاهدة كان ينحصر في تطبيق المعاهدة وتطبيق المعاهدة كان يفرض صورتين من صور العلاقات بين الإنجليز والوفد: الصورة الأولى، صورة التحالف على النحوالذي أرسته المعاهدة والصورة الثانية صورة التناقض الطبيعي بين مصلحة الإنجليز في استدامة السيطرة والنفوذ والمصلحة الوطنية في انتزاع هذه السيطرة وهذا النفوذ أوبمعنى آخر انتزاع الاستقلال الحقيقي وفي الفترة الأولى في تطبيق المعاهدة (من إبرام المعاهدة في 26 أغسطس 1936 إلى تولي الملك فاروق حقوقه الدستورية في يوليه 1937) سادت هاتان الصورتان من صور تطبيق المعاهدة وإن تغلبت صورة التناقض على صورة التحالف: فمن جانب الإنجليز في الوقت الذي كانوا يهيئون أنفسهم لتقبل المستوى الجديد من العلاقات بينهم وبين مصر كانوا من الجانب الآخر يحاولون التمسك بما كان لهم، أوببعض ما كان لهم من النفوذ والسيطرة قبل إبرام المعاهدة وبالنسبة لحكومة الوفد ففي الوقت الذي كان هذه الحكومة تهيئ نفسها لعلاقة التحالف كانت أيضا تحاول التمتع بما صار حقا لها بحكم المعاهدة من الحرية والاستقلال في ممارسة شئون مصر الداخلية الخارجية ومن الطبيعي حتى تؤدي صورة التحالف في العلاقات المصرية الإنجليزية إلى إرضاء الإنجليز لأن هذا التحالف لصالحهم بالدرجة الأولى، ولكن من الطبيعي أيضا حتى تؤدي صورة التناقض التي ذكرناها إلى إغضابهم. وترسم المراسلات بين السفير البريطاني وبين وزير الخارجية البريطاني هاتين الصورتين في وضوح شديد:

ففيما يختص بصورة التناقض توضحها رسالتا السير مايلز لامبسون إلى المستر إيدن فيستة نوفمبر 1936 و16 فبراير 1937 وفي الرسالة الأولى نرى محاولة السفير البريطاني الاحتفاظ في يده بخطوط السلطة في إطار الظروف التي فرضتها المعاهدة، وفي الرسالة الثانية نرى محاولة حكومة الوفد التمتع بحريتها واستقلالها الذي هيأته المعاهدة كما نرى تأثير هذه المحاولة من جانب الحكومة الوفدية في سخط السفير البريطاني عليها ورميها بأشنع التهم.

تصور السفير البريطاني للعلاقة بين مصر وإنجلترا بعد المعاهدة.

وتمضي الرسالة الأولى على النحوالآتي: فيروي السير مايلز لامسبون حتى مناقشة قد دارت بينه وبين مجلس الوصاية في صباح ذلك اليوم حول المستقبل بعد حتى يبدأ تطبيق المعاهدة ويذكر أنه رأى من المفيد حتى يعطيهم فكرة عامة عن مفهومه الشخصي الخالص عما يفترض أنقد يكون عليه طبيعة العلاقات بين الحكومة المصرية والسفارة البريطانية فنطق لهم:

«لقد جرى كلام كثير هنا في القاهةر عن حتى نفوذنا في مصر سيقل من الآن فصاعدا وهذا مجرد لغوباطل لأنه لا يمكن حتى يحدث حتى لوأردناه وهوما لا نريده، بل إنه على العكس من ذلك يجب في اعتقادي حتى يزداد، وإن كان من السليم أنه سيكون من نوع مختلف حيث لم يعد هناك الآن موجودا عنصر الإملاء وإنما توجد النصيحة الودية التي ترمي إلى المساعدة فلقد حاولنا في السنوات الأخيرة حتى نجعل رغباتنا ووجهات نظرنا معلومة بكل لباقة وأن نتحاشى بكل حرص، وعلى قدر الإمكان الالتاتى إلى التحفظات الأربعة ولكن كان هناك على الدوام مختفيا عنصر الإملاء وهومالم يكن مناص منه مع وجود التحفظات الأربعة والآن فإن هذه التحفظات على وشك حتى تصفي بإبرام المعاهدة، وسيتغير مركزنا ولكن دورنا كحماة لمصر لن يتغير بل إنه في الحقيقة قد ازداد قوة وأصبح شرعيا بالمعاهدة وقد كنت متفائلا بدرجة كافية لأن أمل حتى أهمية دورنا كنصحاء ومرشدين وأصدقاء لمصر يفترض أن تنموعاما بعد عام تبعا لتطور الأمور فبعد حتى زال الآن عنصر الإملاء الذي كان كامنا يفترض أن نكون في وضع الشقيق الأكبر مع الشقيق الأصغر أووضع الشريكين في بيت تجاري ولوأنه بحكم طبيعة الأمور فإن نفوذنا يجب حتىقد يكون أكبر في الشئون الدولية علاوة على ذلك فإن من الواضح أننا لا يمكن حتى نتخلى عن الاهتمام برفاهية مصر واستقرارها حتى لوأردنا ذلك فبوصفنا حلفاء فإن اهتمامنا بهذه الرفاهية وذلك الاستقرار أصبح أكبر مما كان.

ثم نطق لامبسون إنه كان لهذا السبب كما من الممكن أنكم تذكرون أنني تعمدت حتى أضمن تصريحاتي التي كنت ألقيها في الوفد المصري في ختام جميع دور ناجح من أدوار المفاوضات تحذيرا لبقا ولكن محددا بأن بريطانيا العظمى تتسقط حتى تكون مصر حليفة مخلصة وأن تخلص في تطبيق بنود المعاهدة كما يفترض أن نكون نحن كما نطق ذلك أيضا وزير الخارجية البريطانية في خطابه الرسمي عند توقيع المعاهدة في لندن وعلى ذلك فن الحكومة الحاضرة (قلت ذلك عمدا نظرا حتى الأمير الوصي دأب على حتى يعيد لي حديثه عن مساوئ الوفد وعدم استحقاقه للثقة) قد تلقت تحذيرا كافيا لكي تبذل أقصى ما تستطيع من جهد وإنني لا أكاد أصدق أنها يفترض أن تعرض للخطر وبجودها في الحكم بإساءة العلاقات بينها وبين حكومة صاحب الجلالة وبالاختصار فإنه على الرغم من حتى اسم دار الإقامة يفترض أن يصبح في المستقل (دار السفارة) وعلى الرغم من حتى الصوت لم يعد صوت المندوب السامي وإنما هوصوت السفير البريطاني إلا أنني من ناحية المبدأ آمل حتى يستمع إلى هذا الصوت عن رغبة بنفس القدر الذي كان يستمع إليه في الماضي إذا لم يكن أكثر لأنه يفترض أنقد يكون أولا صوت الصديق للصديق أكثر منه صوت السيد للمسود ولأنه ثانيا يفترض أن يستهدف المصالح الحقيقية للبلدين ولأني ثالثا لا أستطيع حتى أتصور حكومة مصرية تتبع على الدوام سياسة عدم الاكتراث بنصيحتنا وتفقد ثقتنا ثم يمكنها حتى تأمل في البقاء طويلا في الحكم.

واختتم لابمسون خطابه لوزير الخارجية قائلا: «ولقد انصت الأوصياء الثلاثة لهذا الكلام بأعظم جانب من الانتباه وإنني أعتقد أنه لم يكن من غير المستحسن حتى أتحدث إليهم بهذا الكلام في أول حديث لي معهم، إذ يوجد جوعام يمكن للمرء حتى يطلق عليه الانهزامية في الدوائر البريطانية والأجنبية يجب وضع حد له، لأننا إذا لعبنا دورنا بمهارة فإني آمل حتى الأحداث يفترض أن تثبت حتى هذا الاعتقاد كان في غير موضعه

الحكومة الوفدية تحاول ممارسة الاستقلال

هذا هوفيما يختص بموقف الإنجليز غداة إبرام المعاهدة أما فيما يختص بموقف حكومة الوفد فتوضحه الرسالة التالية من السير مايلز لامبسون للمستر إدين وتتضمن كما يقول لامبسون عرضا موجزا للموقف السياسي في مصر بعد حتى تحررت مصر من الرقابة البريطانية التي كانت تمارسها حتى الآن دار المندوب السامي والعناصر البريطانية في الإدارة وقوات الأم العام وفي هذه الرسالة نرى محاولة الحكومة المصرية ممارسة حريتها واستقلالها ثم نرى رد العمل لذلك ممثلا في حلمة لامبسون على هذه الحكومة ورميها بالنقائص ولكن لامبسون لا يمضي في رسالته حسب هذا الترتيب أي العمل ورد العمل وإنما يبدأ برد العمل (الحملة على حكومة الوفد) ليضفي على كلامه مسحة الموضوعية وينتقل بعد ذلك إلى العمل وسوف نستعرض الرسالة بترتيبها المنطقي.

ففيما يختص بالعمل يستعرض لامبسون سياسة الحكومة الوفدية الخارجية، وبصفة خاصة مما يتعلق بموقفها من انجلترا بالذات ومن دار السفارة البريطانية في مصر فيقول إذا هذا الموقف (ليس سقميا وقد أشرت سابقا إلى كتمان الوفد محادثاته مع حكومة العراق بخصوص إبرام معاهدة تحالف أنظر رسالتي رقم 148 في أول فبراير) على الرغم من حتى أي حليف ملزم أدبيا بمناقشتنا في احتمالات دخوله في التزامات مع دولة خارجية والحكومة المصرية بوجه عام لا تستشيرنا وفي الحق فإنه على حد تصوري لا يوجد إلا استعداد قليل من جانب هذه الحكومة لاستشارتنا بخصوص المسائل ذات لانفع المتبادل وهواستعداد أٌل مما ننتظره من أي حكومة خارجية يربطنا بها رباط الصداقة والمنفعة.

«وقد أبلغتكم في تقاريري السابقة بالمتاعب التي تلاقيها البعثة العسكرية البريطانية من جراء شكوك المصريين والصعوبات التي يضعونها في طريقها ومن الواضع حتى الحكومة المصرية الحالية يستحوذ عليها شعور الاستقلال وترى الابتعاد عن أي مظهر من مظاهر الخضوع لسيطرتنا.

ولكن على أي حال لست ميالا لأن أخذ هذه المظاهر المبكرة مأخذا خطيرا ومن الممكن مقارنة مصر بجواد أودع طويلا في إسطبله ثم أطلق سراحه فجأة فحين يعود صبي الإسطبل للظهور أمامه ومعه طعامه (التبن) فإن ذلك يثيره ويدفعه إلى العدوبعيدا ولن يعود الجواد إلا إذا عضه الجوع فبعد محاولة أواثنتين للاقتراب من تردد من الصبي ينتهي الأمر بتناول الطعام من يده مرة أخرى.

هكذا يصور السير مايلز لامبسون موقف الحكومة الوفدية بعد المعاهدة ولما كان هذا الموقف لا يرضي السياسة البريطانية بطبيعة الحال فإن هذا ينعكس في الفقرات التي يتناول فيها السفير البريطاني سياسة الحكومة الوفدية الداخلية ويتبدى غضبه عليها في ترديده التهم التي كان يطلقها عليها خصومها في المعارضة والفقرات تجري على النحوالتالي:

«لا يزال الوفد يحتفظ في البرلمان بزمام الموقف دون منازع ولا زالت أحزاب المعارضة من الأحرار الدستوريين والشعبيين والاتحاديين عديمة النشاط والتأثير، على الرغم من المحاولات المتكررة لإنعاشها.

ولا تزال الهيئة الوفدية البرلمانية على طاعتها العمياء بالرغم من الهجوم الضاري الذي شنه أحد النواب الوفديين على وزارة المعارف مسببات شخصية متهما إياها بمحاباة الأقارب واستغلال سلطة الوظيفة..

ولا شك في حتى النحاس باشا يفقد حاليا شيئا من شعبيته فزوجته الشابة على الرغم من كونها شخصية ريفية محببة إلا أنها تجهل أصول الحياة الوزارية هذه الزوجة جعلته يبدون موضع سخرية بسبب نزواتها واستجابته لهذه النزوات ومنذ زقابل اعتاد الحضور متأخرا إلى مخطه بدرجة لا تجعله يؤدي أي عمل جاد كما حتى تأخيره في الحضور إلى الدعوات كان سببا في مضايقة منتظريه ولقد اعتادت حرم النحاس باشا حتى تتصل مباشرة بالوزارات بقصد التأثير في التعيينات وفي الترقيات الخاصة بذوي قرباها وكان من الممكن حتى يمر هذا الضعف الإداري دون حتى يثير انتباه الجمهور أثناء فترات حكم الوفد القصيرة في الماضي أما في الوقت الحاضر وخلال هذه الفترة الطويلة من حكم الوفد فكان لابد لهذا الضعف حتى يظهر جليا.

والخطأ الكبير الذي ارتكبه حزب الوفد، وكان سببا في إضعاف مركزه لدى المصريين هوضربه لهم في أكبر نقاط الضعف لديهم، وهي جيوبهم ولقد شرحت في تقريري رقم 60، 71 في 12، 15 يناير على التوالي الطرق المتعددة التي استخدمت في جمع الاكتتابات للدفاع الوطني فقد أرغم بالعمل جميع الموظفين على حتى يكتتبوا بمرتب شهر يخصم منهم مقسطا على مدى عامين وحتى أفراد الشرطة والجيش الذين لا يتقاضون إلا مرتبات زهيدة قد استنزفوا بهذه الصورة وأكثر من ذلك فإن المديرين المتحمسين بتشجيع الحكومة يرغمون ملاك الأراضي على الاكتتاب، كما أرغموا عليه أيضا العمال الزراعيين الذين تعد أجورهم المتناهية في الصغر سبة في جبين الطبقة المالكية الثرية في مصر وقد أبلغ وصفي بك محافظ الصحراء الجنوبية السكرتير الشرقي منذ بضعة أيام أنه أجبر على حتى يفرض الاكتتاب بمرتب شهر حتى على أفقر رجال بوليس الصحراء الذين لا يزيد مرتب الواحد منهم على جنيهين شهريا وكان وصفي بك إلى ذلك الحين قادرا على حتى يتجنب فرض هذه الضريبة على الموظفين الرسميين ونطق إنه يفضل الاستنطقة على حتى يضطر إلى إرغامهم على ذلك لأنه عاش طويلا بينهم ويفهم حق الفهم مقدار ما يعانونه من شظف العيش.

«وتجمع جميع التقارير الواردة من شتى المصادر على حتى فرض هذه الاكتتابات قد أثارت شعورا عاما بالحقد من جانب الموظفين نحوالوفد وكان لابد لهذا الشعور بالحقد حتى يسري بنفس القوة بين جميع العناصر الزراعية تلك العناصر التي عانت نفس المعاناة مضافا إليه الإحساس بالمرارة نتيجة عدم الاطمئنان للحكم بسبب الانحلال ومحاباة الأقارب وعجز حكومة الوفد عمومًا.

«وقد أبلغني الأمير الوصي حتى النحاس اضطره إلى الموافقة على منح 850 من الرتب والنياشين لأعوان الوفد وكان لابد لهذه الإنعامات التي جرت على نطاق واسع حتى تزعزع الثقة بالحكومة تزيد من تذمر كثير من الأشخاص.

«وكان أكبر خطأ ارتكبه النحاس هوأنه لم يبذل أي جهد لإرضاء الأوصياء والملك وكل ما له تأثير عليه في الوقت الحاضر مثل الملكية وحسن صبري باشا وقد غير الأمير الوصي الذي كان متحيزا للوفد ضد الملك رأيه تماما ولكنه ليس مخدوعا من جهة الملك وقد نطق بقتناع تام خلال حديث له مع السكرتير الشرقي إذا الملك سيسبب المتاعب للوفد ولنا ومن جهة أخرى فإنه متخوف أكبر من الوفد لأن عدم كفاءته وأعمال دهماء قد تؤدي إلى تطورات ثورية ولقد كان الخلاف بخصوص النياشين التي منحها الوفد في أغسطس الماضي دون تبصر (أنظر برقيتي رقم 88 في أربعة سبتمبر 1936) سببا في ازدياد كراهيته للوفد ولم يبذل النحاس أي مجهود لترضيته كذلك كان لابد للملك حتى يصبح عدوا للوفد بسبب إهمال الوفد له ووقوعه تحت تأثر أعداء هذا الحزب وحسين صبري الذي ضاق غرسا بالمعاملة المتعجرفة التي سبقت استنطقته من محافظة الإسكندرية أنظر رسالتي رقم 1408في 12 ديسمبر الماضي) كان من الممكن استرضاؤه بتعيينه عضوا بمجلس إدارة قناة السويس وقد أبلغني أمين عثمان حتى حسن صبري عندما فهم بأن هذا التعيين لن يحدث علق قائلا أنه لن ينسى مطلقا هذا التجاهل لرغباته.

ومن المتسقط هنا في هذه اللحظة حتى التصادم مع الوفد سيحدث سريعا عند بلوغ الملك سن الرشد في نهاية يوليوالقادم ويشاع حتى الملك يرغب في تعيين علي ماهر رئيسا للديوان الملكي على الرغم من معارضة الوفد وسواء تولى علي ماهر هذه الوظيفة أولأن فمن المحتمل حتى تأتي بأعمال ضد الوفد خلال الخريف القادم.

وينطق حتى علي ماهر مقتنع تماما بأن من الممكن إجبار وزارة الوفد على الاستنطقة في الخريف القادم وإجراء انتخابات بواسطة حكومة محايدة ظاهريا وضمان الحصول على أغلبية ضد الوفد دون الاستعانة بالوسائل والمناورات الانتخابية المتطرفة ومما هوجدير بالملاحظة حتى أمين عثمان أثناء حديث له مع السكرتير الشرقي بعد ذلك بشهر قد أبدى رأيا مماثلا.

إن موقف الجيش والشرطة سيكون بلا شك حاسما في حالة حركة ضد الوفد ولكن المعلومات الحالية تشير إلى حتى محاولة الوفد استخدام الجيش والشرطة لن تؤدي في المستقبل القريب إلى تمرد هذبه القوات ضد حكومة يساندها الملك وجلالته في الوقت الحاضر محبوب جدا من الجيش ومع ذلك فإن وضع الجيش الحالي دون رياسة تقوده إذ جرد فجأة من الضباط البريطانيين الذين كانوا يقومون بعمليات التوجيه جعله معرضا للدسائس الحزبية المتنافسة من الوفد والقصر وأصبح من الواضح وجود الخطر إذا لم تتمكن البعثة العسكرية من إقرار الأمور في الوقت المناسب وعندما تتدخل الجيوش في السياسة فإنها تصبح فريسة سهلة للمغامرين العسكريين وتسبب غالبا المصائب للجميع بما في ذلك السياسيين الذين يتآمرون للاستفادة من وراء الجنود.

ونأمل ألا يقع الملك وعناصر المعارضة في خطأ اتخاذ إجراءات متسرعة كما كان يحدث في الماضي لأن ذلك يفيد الوفد ويوحد صفوفه فإذا طرد الوفد من الحكم دون تشويه كاف لسمعته فإنه يستطيع تسليم أوضاعه وتصوير نفسه كشهيد للحرية وتعود له بذلك شعبيته مرة أخرى ولا يزال هناك حتى بين العناصر المعتدلة الكثير من العطف على الوفد والأسف على تحطيمه لنفسه نتيجة لحماقاته ومن المحتمل حتى تكون الناصر المناهضة للنحاس بسبب تطلعها الشديد للسلطة قد غالت في تصويرها لمدى فقدان الوفد لسمعته ومدى استعداد أنصار الوفد السريعة لتقبل استبدال حكومة موالية للقصر بحكومة الوفد ومن المحتمل ألا ينتبهوا إلى احتمال أنهم سيصادفون كثيرا من المصاعب للتغلب على اختلافهم في الطباع والمصالح، والبقاء متحدين حتى الوقت الذي يتمكنون فيه من هزيمة الوفد.

ولا ينبغي أيضا المبالغة في تقدير مظاهر الحفاوة الشعبية بالملك فاروق والتي لسوء الحظ تعطيه ثقة أكثر من اللازم في نفسه فهناك احتمال قائم وهوحتى يرتد الشعب المصري إلى شعور الكره المتأصل فيه ضد أسرة محمد علي ويجب حتى نسلم بأن الملوك المتعاقبين من هذه الأسرة لم يشجعوا الشعب إلا نادرا على التغلب على تلك الكراهية وليس من العدل حتى نصدر أحكاما مسبقة على مستقبل الملك الشاب استنادا إلى نزواته الصبيانية ولوحتى كثيرين من الأشخاص ذوي الرأي يصفونه بالجهل والكسل والرعونة وعدم تقدير المسئولية والغرور ولكن إلى جانب ذلك فهولماح ذكي ذكاء سطحيا ويمتاز بشخصية جذابة وليست هذه الصفات التي تجعل الملك يملك زمام رعيته الاستبدادية التي كان كانت في عهد والده أثناء الفترات المتبترة لحكم القصر وبما أنه لا ينبغي علينا حينئذ حتى تقوم بإقرار النظام وكبح جماح الملكية وإرهابها حتى تقوم من حكم القصر فإن الملك فاروق لنقد يكون بقادر على الصمود في وجه المعارضة الشعبية بسهولة كما كان يعمل والده من قبل ولذلك فنحن نأمل ألا يهاجم الوفد قبل حتى يضعف بدرجة كافية حتى لاقد يكون خطرا في موقف المعارضة

على هذا النحويظهر تحامل السير مايلزم لامبسون على حكومة الوفد لممارسة حريتها واستقلالها فهويردد أقوال خصوم الوفد عن تدهور شعبية النحاس باشا وعن نزوات زوجته التي تجعله يظهر في موضع السخرية. ويهاجم الوزارة لما يزعمه من إجبارها الموظفين وفئات الشعب على الاكتتاب للدفاع الوطني مع حتى مشروع الاكتتاب كان هوالحل الذي ارتأته البلاد في ذلك الحين لتقوية الجيش نظرا لصغر حجم ميزانية الدولة في ذلك الحين 35 مليونا من الجنيهات) وعجزها عن لقاءة تكاليف الدفاع ولارتباط تقوية الجيش ومقدرته على الدفاع عن القنال بمفرده بجلاء الجيوش البريطانية حسب الشرط الذي حددته معاهدة 1936كذلك يتبدى تحامل السفير البريطاني فيما أورد من حتى طول الفترة التي قضاها الوفد في الحكم بالمقارنة بفترات الحكم السابقة قد أظهرت ضعفه الإداري مع حتى هذه الفترة لم تكن قد تجاوزت عشرة أشهر حين خط السير مايلز لامبسون تقريره حيث تولى الحكم يومتسعة مايو1936 وقد انقضت هذه الأشهر العشرة في المفاوضات التي انتهت بإبرام المعاهدة في 26 أغسطس وفي التحضير لمؤتمر إلغاء الامتيازات الذي عقد يوم 12 أبريل 1937 فكيف تكفي هذه الأشهر العشرة التي مضت على هذا النحولإصدار حكم بضعف الوفد الإداري وقد أفصح لامبسون عن شعوره تجاه الوفد حين أبدى خشيته من حتى يهاجمه فاروق قبل حتى يضعف بدرجة كافية حتى لاقد يكون قويا في المعارضة وحين أبدى أمله في ألا يسرع الملك وعناصر المعارضة بالهجوم عليه دون تشويه كاف لسمعته.

هكذا تبدوأزمة السياسة البريطانية بعد المعاهدة فالسفير البريطاني يجد نفسه عاجزا عن تطبيق القواعد التي أعربها أمام الأوصياء يومستة نوفمبر 1936 فينضم إلى المعارضة في سوق الاتهامات إلى حكومة الوفد ولكن هذه الأزمة لا تلبث حتى تتحول إلى مأزق يقابل السياسة البريطانية حين يأخذ السير لامبسون في طرح فكرة تغيير حكومة الوفد بحكومة من حكومات القصر فيكتشف أنه بذلكقد يكون كمن يستجير من الرمضاء بالنار على حد قوله وهذا ما تصوره الفقرات الآتية من رسالته:

«مهما كانت المتاعب التي نقابلها بسبب الوطنيين المتطرفين وتأثيرهم على علاقات الوفد بنا فقد يحدث تغيير حكومة الوفد بأخرى من حكومات القصر كالمستجير من الرمضاء بالنار فإذا استثنينا واصف غالي باشا وحده فإن زعماء الوفد الحاليين ميالون لتفضيلنا على غيرنا من دول القارة وإني مقتنع على الرغم من تقارير المصادر السرية التي وصلتكم بأن الوفد لا يفكر جديا في التحالف مع إيطاليا وإني أشك في حتى النحاس أوأي عضومن قادة الوفد قد تأثر جديا بالنفوذ الألماني الذي ينتشر بهمة في أنحاء القارة على أيدي الحكومة الألمانية وعملائها وذلك على الرغم من زيارة النحاس لبرلين وإعجابه الظاهري بالهتلرية وإن إهمال الوفد الحالي لتشكيل القمصان الزرقاء (أنظر رسالتي رقم 29 فيتسعة يناير الماضي) لدليل على عدم رغبته في تقوية المنظمات النازية.

«كما حتى القصر من الجانب الآخر كان ولا يزال لديه أفضليات لاتينية ومن المؤكد أنه بفضل الثقافة الفرنسية على الأنجلوسكسونية وإن إرتباطاته بإيطاليا وألمانيا لأكثر قوة من ارتباطات الوفد بهما ومن الطبيعي حتى ألمانيا وإيطاليا تباشران نفوذا أقوى على نظم القصر بأكثر مما هوالحال على حكومة الوفد وزيادة على ذلك فإن القصر يظهر مستمرا في نزعة الملك فؤاد الإسلامية ولعله يسبب لنا المتاعب أكثر من الوفد في البلاد العربية.

«وباختصار فليس من ناحيتنا وجه للتفضيل بين حكومة وفدية وحكومة من أتباع القصر ولكن إذا وقع شيء من هذا فربما مال الميزان إلى ناحية الوفد على الرغم من تطرفه القومي أكثر من ميله ناحية حكومة يؤديها القصر تعادي البريطانيين بالذات وتخلص للقارة الأوربية بحكم التنطقيد والمشاعر .

انشقاق ماهر والنقراشي عن الوفد:

في ذلك الحين كان المسرح السياسي الداخلي في مصر يتهيأ لحركة كبيرة وتغيير كبير في العلاقات بين القوى المتصارعة فيه وقد قدر لهذا التغيير حتى يقلب صورة الصراع بين حكومة الوفد والإنجليز الذي شرحته الرسالتان السابقتان للسير مايلز لامبسون إلى صورة أخرى مغايرة هي صورة التحالف فلقد رأينا في الرسالة الأخيرة بعض الإشارات إلى عداء الأمير الوصي والملك فاروق للوفد وتحفز علي ماهر باشا لإجبار حكومة الوفد على الاستنطقة في الخريف ولكن ذلك كله لم يكن ليؤثر في مركز حكومة الوفد المتين في البلاد في ذلك الحين لولا حتى الوفد كان يتعرض وقتذاك لانشقاق يعد من أخطر الانشقاقات التي تعرض لها في حياته وذلك بتمرد محمود فهمي النقراشي باشا والدكتور أحمد ماهر على زعامته التي كان يتولاها مصطفى النحاس باشا ويمكن تتبع مسببات هذا التمرد في رسالة السير مايلز لامبسون للمستر إيدن السالفة الذكر يوم 16 فبراير 1937 فهويقول:

«ويمكن القول حتى الصلة بين رئيس الوفد وسكرتيره العام النحاس ومكرم وبين الهيئة الوفدية البرلمانية تكاد تكون منعدمة ويميل هذان الزعيمان إلى مهادنة هذه الهيئة في الأوقات العصيبة ويبد حتى النحاس ومكرم، بسبب الانشغال بكثير من الأعمال يهملان الهيئة البرلمانية التي لا يغافل عنها أحمد ماهر والنقراشي كما يعمل الآخران وقد يتمخض هذا الإهمال عن مفاجآت سيئة بالنسبة للنحاس ومكرم.

«أما داخل الوزارة والقيادة الوفدية فلا يزال الخلافات القديمة قائمة وآخذة في الازدياد فالنحاس مستمر في اعتماده على مكرم، ولا يستشير إلا نادرا أحمد ماهر والنقراشي وهما ضالعان في حركة مقاومة النحاس ومكرم إذا عداء أحمد ماهر والنقراشي يرجع إلى مسببات عديدة منها المنافسة وكراهية المسلمين لأي صورة من صور السيطرة القبطية وكذلك الاحتقار الشديد لعدم الكفاءة ومحاباة الأقارب التي تضعف في رأيهما من قوة الوفد وهناك دلائل في داخل الوزارة تشير إلى وزراء آخرين يضيقون ذرعا بعيوب حكومة النحاس – مكرم فقلما يتبادل النحاس الرأي مع أحد من أعضاء وزارته عدا مكرم وتوجد كذلك دلائل أخرى تشير إلى سخريتهم من هذه الثقة المتبادلة بين الاثنين.

«وبعيدا عن أحزاب المعارضة فإن هناك عناصر مستقلة ساخطة إذ حرمها النحاس ومكرم من الاشتراك في الغنائم وهي تتطلع إلى الفرص التي تمكنها من التصدي لهما وإن حالة عبد الوهاب لمثل صارخ لهذا النوع من السخط.

هذا وخصوم النحاس ومكرم يزمهم بشكل أساسي نقطة تجمع لا تتوفر في ظروف ما بعد المعاهدة إلا في القصر وعلي ماهر باشا هوحاليا الذي يحرك القصر من أطرافه.

وإن كان محمد محمود على اتصال وثيق بالقصر وقد تم عمل جميع شيء من شأنه جعل الملك الشاب شخصية شعبية مثل تأدية الملك لصلاة الجمعة في مساجد الإسكندرية والقاهرة، والمظاهر الملكية الرائعة في الحفلات والمناسبات الرياضية وغيرهأن والنادىية بذات التملق الزائف في الصحافة وأخيرا الزيارة الملكية للوجه القبلي القائمة على أساس البعد عم مراسيم التنطقيد لإرضاء جماهير المصريين وبصفة خاصة المغرمين بالاتجاهات المثيرة للإعجاب.

«وهناك اعتقاد عام بأن جناح أحمد ماهر والنقراشي قد ينفصل في النهاية عن النحاس ومكرم ويشكل مع أحزاب المعارضة والمستقلين بمساعدة القصر معارضة قوية لحزب الوفد الرسمي وليس هناك من هذه العناصر المعادية للنحاس من له أية شعبية لدى الجماهير ومن ثم فلأجل التغلب على النحاس لابد لهم من زعامة رمزية تستطيع حتى تنافس زعيم الوفد في شعبيته لدى الجماهير والملك الشاب وحده هوالذي يستطيع حتى يمثل هذه الشخصية

انقلاب العلاقات بين الوفد والإنجليز:

على هذا النحويضع لامبسون أصبعه بمهارة تامة، وفي هذا الوقت المبكر، على خمائر الانقلاب السياسي الذي سقط بالعمل في نهاية ذلك العام والذي كان مقدماته ما تزال مختفية عن العيان حتى ذلك الحين وهوفي تحليله السابق الذكر يبرز أبرز عنصرين نشآ في الموقف السياسي الداخلي بعد المعاهدة وغيرا المجرى الرئيس للأحداث وهما: انقسام الوفد بانسلاخ أحمد ماهر والنقراشي منه والثاني بروز زعامة القصر لأول مرة منذ عهد عباس حلمي.

ولن نتعرض بالتفصيل للخلاف الذي جرى داخل الوفد بين جناح أحمد ماهر والنقراشي وجناح النحاس مكرم كما لن نتعرض أيضا للأساليب التي اتبعها علي ماهر باشا بمهارة لقلب صورة القصر في عين الجماهير وإبراز زعامة فاروق على المسرح السياسي ولكن يهمنا إبراز أثر هذين العنصرين على المجرى الرئيسي للأحداث.

فقد رأينا كيف من الممكن أن حتى طبيعة الظروف بعد المعاهدة من حيث رغبة الإنجليز في التمسك بما كان لهم من سلطة ونفوذ ورغبة حكومة الوفد في التمتع باستقلالها قد غلبت صورة التناقض على صورة التحالف في العلاقة بين الوفد والإنجليز ولكن تغير الموقف الداخلي على النحوالذي ذكرناه قد أدى فورا إلى حدوث العكس وهوتغليب صورة التحالف على صورة التناقض فقد أندفع الوفد إلى تحسين علاقاته بالإنجليز والتحالف معهم للاستعانة بهم في لقاءة خصومه الداخليين، فأصبح الوفد والإنجليز في جانب والقصر وأحزاب الأقلية في جانب آخر.

وتصور رسالة السير مايلز لامبسون إلى المستر إيدن يوم 28 يوليو1937 هذا التغيير بوضوح تام كما تصور رضاء الإنجليز عن هذا التغيير فبعد حتى كان رسالة السير لامبسون في 16 فبراير تفيض بالسخط على الوفد فإن هذا السخط يزول تمامأن ويحل المدح محل الهاتى وتمضي رسالة السفير البريطاني على النحوالآتي:

1- «أتشرف بأن أعرض فيما يلي تقريرا عن الموقف السياسي في مصر وتطوراته منذ عودة النحاس باشا في ثلاثة يونيووتتميز نهاية هذه الفترة بشكل واضح بعودة الملك فاروق وعودة القصر كعامل مؤثر في مجريات الأمور.

2- ففي رسالتي رقم 691 بتاريخ 25 مايوتسقطت حتى يتأثر المستقبل القريب بعاملين أساسيين: أولهما مسلك الملك الشاب عند توليه العرش وهومسلك لابد حتى يؤثر فيه ما كان الملك يتلقاه من نصائح مباشرة أوغير مباشرة من علي ماهر باشا والعامل الثاني هوسلوك النحاس باشا في أعماله بعد عودته من «مونترو» أما العامل الأول فلم يمضى الوقت الكافي ليعبر عن نفسه بعد وأما الثاني فهوما تعني به هذه الرسالة بصفة خاصة.

3- ا إذا تطلعنا إلى الوراء خلال الشهرين الماضيين فإنه يطيب لنا حتى نسجل حتى النحاس باشا بصفة عامة قد أظهر من سجايا التعقل والسياسة ما أهل للرضا.

4- وهوفي اعتقادي يؤمن بإخلاص كبير بفائدة التعاون الكامل بين انجلترا ومصر وقد بدا ذلك واضحا في مؤتمر مونتروواقتناعه بهذا التعاون هوما حدا به إلى الاعتدال في تصفية المشاكل الكثيرة التي نتجت عن المعاهدة طالما كان الطريق قبل ذلك ممهدا تمهيدا صالحا بواسطة أمين عثمان باشا وطالما لقي المساعدة في التغلب على المشاكل التي تمس الكرامة الوطنية أوتثير له المتاعب في البرلمان.

5- ومن الأمثلة ذات المغزى لهذا الاتجاه الاتفاقات التي تمت بخصوص عودة الجيش المصري إلى السودان ومسألة لقب الملك ومستقبل مصلحة الحدود وأكثر من ذلك فإن الموقف الذي اتخذه (النحاس باشا) تجاه المسألة الفلسطينية كان معقولا وجديرا برجل دولة ومتفقا مع ما ينتظر من رئيس وزراء دولة حليفة ثم إذا معارضته للعمل الذي قام به حكمت سليمان كانت فيما أعتقد صادرة عن حزم وصدق (أنظر برقيتي رقم 411 بتاريخ 21يوليو).

6- وينعكس عزمه على التعاون القلي معنا في خصومته الشديدة للنقراشي باشا ورغبته في التخلص منه والنقراشي باشا دون شك يخفي وراء أسلوبه الناعم الخلاب رغبة متحرقة للتخلص من جميع موظف إنجليزي في خدمة الحكومة المصرية وموقف هذا قد تجاوز حتى أبلغتكم عنه في رسالتي رقم 769 المؤرخة 16 يونيووفي برقيتي رقم 426 في 24يوليو.

7- وفيما يختص بالعلاقات بين السفارة والحكومة المصرية فإن الموقف يبعث على الرضا ويبشر بالأمل وإني شخصيا يسرني حتى أعبر عن تقديري لموقف النحاس باشا تجاهنا بوجه عام منذ عودته من أوروبا وفوق ذلك فقد أظهر ميلا متزايدا للرجوع إلينا التماسا للنصيحة بمحض اختياره.

8- وكما ذكر في رسالتي رقم 769 في 16 يونية فقد أجريت سلسلة من المحادثات مع بعض زعماء الوفديين وفيها أكدت لهم حتى مصاعبهم الحقيقية إنما تبدأ من الآن، وأنه يجب عليهم من أجل مصالحهم ولمصلحة مصر حتى يعنوا بموضوع لا يقل أهمية عن أي شأن آخر وهوالإصلاح الإداري في الداخل.

9- ويبدوحتى هذه النصيحة قد أثمرت لحد ما وإن كان ذلك بصفة سلبية أكثر مما هوإيجابية فقد كفت الوزارة عن كثير من التصرفات السخيفة وقللت من صورة المحسوبية الصارخة وإن كنت أخشى حتىقد يكون بعضها لا يزال جاريا بصورة خفيفة ومن ثم فإن الوزارة لم تفقد شعبيتها من هذه الناحية كما كان الحال في بداية العام إذا افتقار الوفد إلى المقدرة الإدارية لا يمكن حتى يعوض في يوم ولا توجد دلائل تشير إلى أنه يحرز تحسنا كبيرا في هذا الخصوص وعلى جميع حال فمن العسير تسقط ذلك من أي إدارة مصرية تخلصت بدرجة كبيرة من الموظفين الأجانب.

10- وثمة عامل آخر في تحسين مركز الوزارة هوحسن حظها الممثل في ضعف وتفكك أحزاب المعارضة التي تقابلها وكما ذكرت في برقيتي رقم 75 في 6يوليوفإن زعماء المعارضة ومحمد محمود باشا كانوا يحاولون وضع عدة خطط لمهاجمة الحكومة وقيل أنهم يستعدون للانسحاب من البرلمان وعملا قدم صدقي باشا استنطقته من مجلس النواب عقب مناقشة موضوع الدفاع، ولكنه عاد سريعا فاستردها وعلى أي حال فإن خططهم باءت بالفشل لأسباب بعضها يتصل بصلابة مركز الوزارة كما ظهر بالنسبة لمسألة معاهدة مونوترو، وبعضها يتصل بسوء اختيارهم لنقط الهجوم، كما في قضية «ميت عساس» (انظر برقيتي رقمي 76، 77، يستة يوليو) وكذلك لم يحرز محمد محمود أي تحسن في مركزه عندما بعث برسالة إلى المفتي في شأن القضية الفلسطينية قبل حتى يكن لديه الوقت الكافي لدراسة التقرير عن فلسطين.

11- ومن الواضح لكل إنسان حتى التكتيك الذي يتبعه زعماء المعارضة إنما ينبعث من اعتبارات شخصية وقد تحسن مركز النحاس باشا في البرلمان بفضل الأسلوب الذي استطاع به لقاءة هذا الهجوم والقضاء عليه وليس لزعماء المعارضة شعبية حقيقية وهم شخصيا لا يعتد بهم كما أنهم لا يثقون ببعضهم البعض.

12- ومن الخطأ مع ذلك حتى نظن حتى النحاس باشا بما أظهرن نحونا من مشاعر الود وحسن السياسة وبسيطرته على المعارضة في الوقت الحاضر قد أصبح مركزه آمنا بصورة دائمة فإن بعض القرارات التي اتخذها منذ عودته قد تحوى ببذور متاعب جديدة في المستقبل.

13- ولقد كان تصرفه في مسألة امتحانات الطلبة ضعيفا بدرجة مؤسفة (أنظر رسالتي رقم 867 في 16 يوليو) وكان موضعا للنقد الشديد من بعض مؤيديه وكبذلك كان تردده في معالجة موضع القمصان الزرقاء وغيرها من فوق القمصان الملونة ثم إذا تشبثه البالغ بنصوص الدستور بصدد الحفل الديني عند تولي الملك العرش لم يكن ليقر به من الملك فاروق وعندي حتى موقف النحاس وإن تمشي مع حرفية القانون إلا أنه لم يتسم بسلامة التقدير وهوبسبيل البحث في تعديل نصوص يمين الجيش بحيثقد يكون الولاء لكل من الملك والدستور، مما قد يترتب عليه إساءة أخرى للقصر ثم إذا مسارعته إلى تمرير القانون الخاص بمجلس الدفاع الأعلى، لم تمر دون حتى تلفت النظر في دوائر القصر.

14- وفوق ذلك فمن جهة الإدارة فإن أعضاء البرلمان مازال يسمح لهم بالتدخل في جميع فروع الإدارة المحلية مما سبب الاضطراب وخيبة الأمل بين المديرين ومأموري المراكز كما حتى موضوع وكلاء الوزرات البرلمانيين لم يعالج بصفة جدية، ولا تزال الفوضى الناجمة من هذا النظام الضار مستمرة في الوزارات.

15- وفي داخل الوزارة فإن العلاقات ليست طيبة ومن المؤكد حتى الوزراء الحاليين لا يمثلون أقوى فريق وقد أبلغني النحاس باشا بصفة سرية أنه يعتزم بعد تولي الملك سلطته الدستورية حتى يدخل بعض التغييرات وقد فهمت أنه يفترض أن يقصي النقراشي باشا وصفوت باشا وغالب باشا وعلي فهمي باشا..

16- إن الاهتمام الذي يبديه الرأي العام بالأمور في هذه الفترة التي نستعرضها ليس كبيرا فقد تأثر دون شك بالفوز الذي تم إحرازه في مونترو، وقد قدر تقديرا حقيقا في ذلك الحين ما قدمه الوفد البريطاني من المساعدة الحاسمة التي أوصلت مصر إلى هذه النتيجة السعيدة وكان موفقة البرلمان المصري على المعاهدة أمرا مفرغا منه ومنذ حتى سويت الأمور ف مونترولم تعد البلاد تهتم بهذا الموضوع زيادة على ذلك فإن الجمهور أخذ ينصرف عن الاشتغال بالسياسة التي جذبت اهتمامه طوال العامين الماضيين، وأصبح قانعا بأن يتولى البرلمان معالجة أمور الدولة، التي أصبحت تجري بطريقة آلية نظرا للأغلبية الوفدية وعدم وجود معارضة حقيقية بيد حتى مسائل الدفاع أخذت تشد اهتمام الرأي العام في الفترة الأخيرة بسب ما تنشره الصحف عن وجود أنشطة عسكرية إيطالية في ليبيا فقد اهتز الرأي العام بالخوف هذه المرة والمسألة الأخيرة التي تسبب اهتماما كبيرا هي مستقبل العلاقات بين الملك فاروق والوفد وغير خاف حتى النحاس باشا يريد حتى يحد، ما أ/كنه ذلك، من امتيازات الملك والجمهور الذي تربطه في الوقت الحاضر بشخص الملك الشاب روابط عاطفية قوية يهتم بهذا الأمر اهتماما بالغا ويتحدث الناس عمن ستكون له الغلبة في الشهور القليلة القادمة ولنقد يكون النحاس باشا يريد حتى يحد ما أمكنه ذلك من امتيازات الملك والجمهور الذي تربطه في الوقت الحاضر بشخص الملك الشاب روابط عاطفية قوية يهتم بهذا الأمر اهتماما بالغا ويتحدث الناس عمن ستكون له الغلبة في الشهور القليلة القادمة ولنقد يكون النحاس باشا حكيما إذا سار في هذا الدرب شوطا أبعد مما ينبغي فمن عادة الشرق حتى يفضل الأشخاص على المبادئ.

17- هذا في رأي هوالموقف عند تولي الملك الشاب سلطته الدستورية وإن عودة القصر ليكون عاملا في السياسة المصرية يفترض أن لا يلبث حتى تترتب عليها تطورات هامة جدا إذا عاجلا أوآجلا ولكن أي كلام يخط في هذه التطورات لنقد يكون إلا رجما بالغيب فالكثير يتوقف على اختيار الملك فاروق لمستشاريه، وعلينا حتى نأمل في هذه الحالة في حكمة جلالته، وفي حتى النحاس باشا من جانبه لن يعترض لدوافع شخصية أوغيرها على تعين إحدى الشخصيات القيادية القادرة للعمل بالقصر ولقد كان سير الأمور خلال الشهرين الماضيين مما يدعوللتفاءل بمعنى حتى ما قد ينشأ من صعوبات بين الملك ووزرائه يفترض أن يعالج بدون انفعال وبتغليب الحكمة وقد بذلت من ناحيتي ما استطعت من نفوذ في سبيل إدراك هذا الهدف.

18- على أنني غير مطمئن إلى بعض المخاطر التي تهدد على طول المدى استقرار الأمور في الدولة المصرية وأراني مضطرا قبل اختتام هذه الرسالة إلى التنويه بهذه الأخطار وفي ذلك في الإنصاف للمصريين حتى أصرح هنا بأن هذه المخاطر ترجع إلى حد ما إلى فشلنا في معالجة بعض المشاكل المتصلة المتصلة بالإدارة الحكومية حينما كنا نقبض على زمام الأمور في إدارة البلاد..

19- إن نظرة إلى الوراء حيث عهد الحكم البريطاني توضح حتى ما قدمناه أشبه بتثبيت قوائم خشبية إلى بناء متزعزع لحمايته من السقوط وليس أساسا جديدا للبناء والآن وقد أزيلت هذه القوائم فقد وضح حتى البناء ما زال بعيدا عن الأمان.

20- قد تكون مصر الآن حرة فهي ستنهض إلى مستوى الظروف الجديدة في تجربة مريرة وتنظيم دارها إنها بعد زوال نشوة الاستقلال قد تلجأ إلينا بإخلاص لمعاونتها في هذه المهمة وفي الوقت نفسه فلم أهجر فرصة في أحاديثي مع المصريين البارزين إلا وانتهزتها لتوضيح وتأكيد أهمية حتى تكون نظرتهم إلى الأمور نظرة بعيدة، وأن يقابلوا اهتمامهم إلى معالجة المشاكل الداخلية.

21- وقد لا يظهر متناقضا في بلاد المتناقضات حتى تكون بريطانيا مقبلة الآن على أبرز دور بناء في علاقتها بمصر وهذا يتوقف على ما إذا كان الاستقلال ومسئولياته يفترض أن يهب المصريين الخصائص اللازمة للقاءة المستقبل ويهيئهم للتعاون معنا وفي هذا فإن الكثيرين ممن يعهدون المصريين حق الفهم متشائمون بيد أني مقتنع بأننا كنا على صواب في حتى نعطي مصر الفرصة لإثبات وجودها وإنها لجديرة بكل مساعدتنا لتشق طريقها فإن الكثير من أشق المشاكل التي ستقابلها إنما هوإلى حد ما مما خلفناه وراءنا

السياسة البريطانية بين الوفد والقصر:

وقد جرت الأمور بعد ذلك بسرعة عن طريق الانقلاب السياسي فقد استعبد النحاس باشا عند تأليفه وزارته الثانية يوم ثلاثة أغسطس بعد تولي الملك فاروق سلطته الدستورية كلا من النقراشي باشا ومحمد صفوت باشا وعلي فهمي باشا ومحمود غالب باشا وكان ذلك إيذانا بوقوع أسوأ الانقسامات في تاريخ الوفد فقد جرت محاولة تشويه سمعة الوفد في مشروع توليد الكهرباء من خزان أسوان على يد محمود غالب باشا بتأييد من أحمد ماهر والنقراشي كما خاض النقراش جولته الثانية ضد الزعامة المقدسة للوفد لإسقاط النحاس باشا وكانت هاتان الجولتان ضرورتين للإستيلاء على الوفد وزعامته بحجة الإصلاح والديموقراطية وبيما كانت اللجان الوفدية تنقسم بين محوري (النحاس- مكرم) و(أحمد ماهر- النقراشي) كان القصر بوجه ضربته الكبرى للوفد بتعيين علي ماهر باشا رئيسا للديوان الملكي يوم 20 أكتوبر 1937دون استشارة النحاس باشا فكان هذبا التعيين بمثابة إعلان الحرب رسميا على الوفد وفي الحق فقد انتقل الصراع بين القصر والوفد بعد ذلك من لغة المذكرات والموضوعات إلى لغة المظاهرات والمصادمات في الشوارع وكان وجود تنظيمين ينتحلان الشكل الفاشي في ذلك الحين وهما: القمصان الزرقاء التي تتبع زعامة الوفد مباشرة والقمصان الخضراء (برئاسة أحمد حسين) التي تتبع القصر وعلي ماهر مباشرة ما جعل الصراع الداخلي يصطبغ بصبغة العنف

قد مرت السياسة البريطانية إزاء هذا الصراع بين القصر والوفد بثلاث مراح: الفترة الأولى، وتقوم على مناصرة الوفد مع محاولة الوصول إلى حل وسط بينه وبين الملك، والثانية، وتقوم على دعم الوفد إلى حد طرح فكرة خلع الملك فاروق عن العرش، والثالثة، التخاذل والتخلي عن الوفد.

وتعبر المذكرة التالية للمستر سمارت، السكرتير الشرقي للسفارة البريطانية المؤرخة 27 أكتوبر 1937 عن الموقف السياسي في مصر، عن الفترة الأولى من مراحل السياسة البريطانية فهويستعرض فيها السياسات التي ينبغي على حكومته حتى تتبع واحد منها بناء على تحليله للموقف الداخلين ولكنه يقيم استعراضه للسياسات المطروحة على أساس تقدير خاطئ منه للقوى المتصارعة فهويبالغ في تقدير القوى المناهضة للوفد وفي الوقت نفسه يبالغ في التهوين من قوة الوفد إلى الحد الذي يتصور فيه أنه «قد قضى عليه» وهذا التقدير الخاطئ من جانب سمارت منشؤه تأثره بالأحداث الجارية دون التعميق إلى أسبابها وجذورها الرئيسية وتمضي مذكرته على النحوالآتي:

1- «يعتبر إخراج النقراشي من الوزارة وما تبعه من إبعاد أحمد ماهر، نقطة البداية في تدهور مركز حكومة الوفد وتبدد الظروف الملائمة التي كانت لاتزال قائمة بخصوص تطبيق المعاهدة.

2- كان أحمد ماهر والنقراشي يمثلان في الوفد العناصر المثقفة والقادرة في البلاد وفي السنوات الخمسة الأخيرة كان الوفد يفقد بالتدريج العناصر المثقفة ولكن نظرا لوجود أحمد ماهر والنقراشي بين أعضائه فقد ظل مركز تجمع للمثقفين ولكن تكوين الوفد الآن أصبح بدائيا لدرجة حتى المثقفين لم يعودوا ينظرون إليه نظرة جدية.

3- ولقد كانت الفرصة الوحيدة لخلاص الوفد تتمثل ليس فقط في عدم استبعاد النقراشي وأحمد ماهر ومحمود غالب وصفوت ولكن في حتى يعيد الوفد إلى حظيرته أمثال عبد الوهاب والهلالي والشمس وغيرهم في العناصر المتفهمة القادرة التي من شأنها حتى تضمن للوفد صفة الاستقرار وتكسبه الهيبة والاحترام بيد حتى النحاس ومكرم فضلا حتى يحيطا شخصيهما بالجهلاء والإمعات ليحكما حكما دكتاتوريا.

4- ولم تلبث النتائج الحتمية حتى بدت للعيان فالجامعة التي ظلت خلال العقد الأخير عاملا حاسمًا في الاضطرابات السياسية، أصبحت الآن ضد الوفد، وأخذ شباب الوفد من المثقفين ينصرفون إلى القصر ابتغاء التخلص من دكتاتورية النحاس ومكرم.

5- وقبل الانقسام الذي وقع في الوفد أخيرا فإن كثيرا من الموظفين كانوا ضد الحكومة نظرا لتلاعب الوفديين بالتعيينات والترقيات وغيرها أما رجال الشرطة وقد كانوا دائما ضد الوفد فقد زاد حنقهم عليه بسبب القمصان الزرق ومن غير المحتمل تماما حتى يقوم الجيش في وجه الملك الذي تسانده الأغلبية المثقفة في البلاد.

6- ولا تزال تؤيد الوفد جماهير الشعب وجماعة كبيرة من الملاك الزراعيين في البلاد ولكن جميع هؤلاء أتباع أما العناصر القيادية أوالخلافة فقد انضمت إلى المعارضة.

7- إن وفد النحاس قد قضى عليه ونهايته السريعة غير المنتظرة هي من سوء حظنا فالوفد أكثر من القصر بساطة وأكثر أمانة وأقل كراهية للبريطانيين وأقل انحياز للعناصر الأوربية هذا القصر الذي يتحرك ليحتل مكانة في هذه الفترة الدقيقة من تطبيق المعاهدة.

8- هذه هي خليفة الصراع الحقيقي بين الملك والوفد والسؤال المطروح الآن هو: ما الذي يجب حتى تكون عليه سياستنا؟

9- إما حتى تستمر في مناصرة الوفد بحذر كما هوالحال في الوقت الحاضر ولكن دون حتى نمضى إلى حد إرغام الملك على الإذعان وهذا يقتضي مواصلة بذل جهودنا كي نوصل الطرفين إلى حل وسط فإذا فشلنا في ذلك تحول النزاع إلى صدام محقق وإذا نجحنا كانت النتيجة حتى تستمر حكومة الوفد في الحكم بدون فوز ولكن في حالة تسمح لها بالاحتفاظ بماء وجهها لبضعة شهور ثم ترغم بعدها على اعتزال الحكم.

10- وإما حتى نزيد من دعمنا للوزارة الحاضرة لدرجة تجبر الملك على قبول مطالب النحاس وهذا قد يثبت موقف النحاس مؤقتا على الأقل ولكنه يسئ إلى موقف الملك وإلى الانتلجنتسيأن وقد يترتب على هزيمة الملك إما حتى يقوى الوفد لدرجة تمكنه من وضع العرش تحت رحمته وتهدد بقاء الأسرة المالكة وإما حتى تتعزز سلطة الوفد بحيث يستمر في الحكم لمدة عام آخر ولكنها لن تنجيه من انهيار حتمي في المستقبل القريب.

11- وإني أعتقد حتى الاحتمال الثاني هوالأقرب، ولكن إذا استبعدنا الاحتمال الأول فإن التقليل من شأن مركز الملك قد يحدث سابقة سيئة في نظر الوزارة المقبلة وقد تودي بالعرش.

12- وإما حتى نبتعد عن المسرح تماما ونكتفي بالمراقبة، وهذا ما قد يفسره الملك كما عمل أبوه من قبل في سنة 1930 كإشارة لشن هجوم مباشر على الوفد مع ما يترتب على ذلك من حل البرلمان ويصبح الوفد شهيدا على الوفد مع ما يترتب على ذلك م حل البرلمان ويصبح الوفد شهيدا فيستعيد بعض ما فقده من الشعبية كما يترتب على ذلك حتما العودة إلى وزارات قصر مستندة أوغير مستندة إلى برلمانات من طراز برلمان صدقي وذلك بعد صراع عنيف مع الوفد.

13- وأيا كان الطريق الذي تسلكه من هذه الطرق الثلاثة فإننا سنجابه في النهاية بحكومة من حكومات القصر بكل مخاطرها: حكومة من الأقلية وعصابات من المستشارين غير الأكفاء حول الملك ودسائس من القوى الأوربية ومناهضة الثقافة البريطانية جميع ذلك في ظل حكم ملك شاب ينبئ بأن سيكون أقل ملوك مصر تقديرا للمسئولية وعندي أنه من غير المحتمل حتى يظل الملك كهذا قارا على حتى يحتفظ إلى مالا نهاية بمركزه ضد أغلبية رعيته، الذي تقوى صفوفهم باستمرار بمن ينضم إليهم ممن خاب أملهم فيه بعد حتى كانوا عونا له في مناهضة الوفد.

14- إن الشبه بين موقف عباس حلمي الشاب ومحمد ماهر باشا (والد علي ماهر) وبين فاروق وعلي ماهر باشا لينبئ بمستقبل ملئ بالشؤم.

15- وجملة القول حتى القوتين المؤثرتين في الموقف ف مصر هما: الوفد والملك أما الوفد فقد حطم نفسه، وأما الملك فهوالبديل وإن كان بديلا لا يحظى برضاء البريطانيين أوالمصريين على السواء ولا يظهر في الأفق حتى الآن حزب وطني آخر بالقوى الكافية للقاءة القصر، وإن كان احتمال وجوده أمرا غير مستبعد ولوحتى نشأته وتطوره مسألة وقت.

16- إن تحسن العلاقات بين مصر وانجلترا قد أخذ يتوارى بالانقسام الذي أثاره النحاس في صفوف الوفد في يوليوالماضي وكما تسقطنا في بداية العام فإننا نقابل اليوم أول شرخ في تطبيق المعاهدة يكمن في حلبة الصراع الحزبي.

17- وعلى ضوء ما تقدم فإني أرى متابعة سياستنا الحاضرة المبينة في الفقرة (أ) فهي سياسة عملية يمكن تطبيقها في الوقت الحاضر وفرصتها في النجاح كبيرة وإن كان قد تؤدي فقط إلى الحيلولة دون ضربة قاضية في الجولة الأولى وهي لا تورطنا في نزاع حاد لا يمكن إصلاحه مع القوى السياسية التي تتحرك لتحل محل الوفد وقد تؤخر الوجود الصعب لحكومة مجبرة على مصادقتنا وهذا التأخير قد يجيء لنا بحكومة جديدة تلقي معارضة جماهيرية أقل في البلاد وهذه النقطة الأخيرة على جانب كبير من الأهمية لنا نحن الذين يفترض أن نعمل مع الحكومة الجديدة من أجل الدفاع عن مصر وتطبيق المعاهدة

كانت هذه هي مذكرة المستر سمارت عن الموقف السياسي في مصر يوم 27 أكتوبر 1937 ويتضح منها مدى الخطأ التي مضى إليه في تحليله فقد اعتبر حتى الوفد أصبح «بدائيا لدرجة حتى المثقفين لم يعودوا ينظرون إليه نظرة جدية» وأنه أصبح «يضم الجهلاء والإمعات» لمجرد خروج النقراشي والدكتور أحمد ماهر منه وهوتقليل من شأن الوفد مبنى على سوء تقدير حجم العناصر المثقفة فيه، فوق حتى النحاس ومكرم عبيد لمقد يكونا ينتميان إلى جناح كبار الملاك وإنما إلى جناح المثقفين كذلك نلاحظ التناقض في مذكرة سمارت فقد ذكر حتى شباب الوفد المثقفين أخذوا ينصرفون إلى القصر ابتغاء التخلص من دكتاتورية النحاس ومكرم، ولكنه في نفس المذكرة يعود فيتحدث عن انصراف مؤيد القصر إلى الوفد، حين ذكر حتى صفوف معارضي الملك أخذت (تقوي باستمرار بمن ينضم إليهم ممن خاب أملهم فيه بعد حتى كانوا عونا له في مناهضة الوفد) ولن نتعرض لخطأ تحليله الذي مضى فيه إلى حتى الوفد قد حطم نفسه وأنه قضى عليه إذ أثبتت الحوادث بعد ذلك خطأ ما مضى إليه ولكن الخطأ الأكبر في تحليله هوسوء فهمه لانصراف بعض شباب المثقفين وطلبة الجامعة عن الوفد وعزوه ذلك إلى رغبتهم في التخلص من دكتاتورية النحاس ومكرم وفي الواقع حتى السبب الأساسي في انصراف هذه العناصر عن الوفد في ذلك الحين، يرجع إلى تزايد أعدادهم عن حجم الوظائف الحكومية التي كانت عاجزة عن استيعابهم وامتناع الشركات الأجنبية عن تعيينهم وما ترتب على ذلك من أزمة بطالة حادة بين المتفهمين أدت إلى حدوث سخط شديد في صفوفهم تمثل في المظاهرات والاضطرابات التي كان يقوم بها الطلبة في ذلك الحين، وكانت حكومة الوفد في موقف لا تحسد عليه ففي الوقت الذي كانت تحاول فيه مقاومة التيارات المعارضة التي تدبرها العناصر الأجنبية في مصر لعرقلة إلغاء الامتيازات وتبذل قصارى جهدها حتى لا يبدر منها ما تشتم منه الدول صاحبة الامتيازات رائحة الخطر على مصالحها التجارية والمالية في مصر كانت من الجانب الآخر تتعرض لضغط شديد من الطلبة والخريجين المتعطلين لاتخاذ التشريعات اللازمة التي تجبر الشركات الأجنبية على توظيفهم ولما كانت الحكومة الوفدية لا تملك إلا المضي إلى هدفها الأكبر وهوإلغاء الامتيازات في ذلك الحين فقد كان من الطبيعي حتى تدفع ثمن ذلك خسارة عطف قطاع كبير من جيشها الذي كانت تعتز به وهوالطبلة وسلمته غنيمة سائغة للنقراشي والدكتور أحمد ماهر اللذين استغلا ذلك أحسن الاستغلال

ومن أجل ذلك توهم المستر سمارت حتى النقراشي والدكتور أحمد ماهر يمثلان العناصر المثقفة في الوفد، وأنه بخروجهما خرج منه المثقفون.

18- ظهور فكرة خلع فاروق عن العرش

على جميع حال فعندما قدم سمارت مذكرته يوم 27 أكتوبر 1937 إلى المستر كيلي كان السير مايلز لامبسون غائبا عن مصر وعندما عاد اتبع نصيحة سمارت فاستمرت السياسة البريطانية على مناصرة الوفد دن حتى تمضى إلى حد إرغام فاروق على شيء ولكن تفاقم النزاع بين الوفد وفاروق مع ما ظهر من حتى مركز الوفد في البلاد أقوى مما قدر سمات لم يلبث حتى انتقل بالتحالف الوفدي الإنجليزي إلى مستوى خطير حين طرحت مسألة خلع الملك فاروق عن العرش على بساط البحث وتمت موافقة المستر إيدن على ذلك بشروط وكانت أول مرة طرحت فيها فكرة خلع فاروق يوم 30 أكتوبر 1937 بعد تدهور حديث في العلاقات بين القصر وحكومة الوفد بسبب مصادرة الحكومة لجريدة البلاغ لسان حال القصر لنشرها نصر حديث دار بين الملك فاروق والنحاس طلب فيه الأول حل القمصان الزرقاء فقد قابل أمين عثمان الذي كان يقوم حينذاك بدور ضابط الاتصال بين الوفد والسفارة البريطانية المستر كيلي وأبلغه أنه تقابل مع النحاس باشا وأن النحاس وهويفكر بصوت مسموع أعطاه الانطباع بأنه ينوي حتى يطلب من سفير صاحب الجلالة التنحي جانبا ويدعه يتعامل مع الملك.

ونطق أمين عثمان أنه يظهر حتى فكرة إحلال الأمير عبد المنعم محل فاروق قد لعبت بخاطر النحاس باشا وقد أبلغ المستر كيلي نص هذا الحديث للمستر إيدن ونطق إنه رد على أمين عثمان بأن (كيلي) يجب حتى ينتظر (لحين عودة السير مايلز لامبسون غدا

وفي يوم 23 نوفمبر أثيرت المسألة مرة أخرى فقد خط السير مايلز لامبسون إلى لامستر إيدن يخبره أنه تقابل مع النحاس باشا في صباح ذلك اليوم وقد أبلغه بأن الملك فاروق قد ازداد غطرسة ويملا للإهانة وأصبح غير قابل للإصلاح وأن دولاب العمل في الحكومة أوشك حتى يتوقف وأنه قد اعتزم تبعا لذلك حتى يستأنف حريته الكاملة في العمل في إطار العلاقات الدستورية بين الملك والحكومة وعلق لامبسون على بذلك قائلا: بودي حتى أسلم بأن النحاس كان صبورا كما تجاوز حتى وعد ذلك منذ ثلاثة أسابيع ولكن الأحوال لم تستمر وقد كفاه ما لاقاه من هذا الغلام عديم التجربة ناقص التعليم المتغطرس واستطرد لامبسون قائلا أنه سلم مع النحاس بأن الموقف كما عرضه لا يطاق ولكنه مع ذلك يرى حتى يبذل مسعى آخر مع علي ماهر ليتأكد من حتى جميع جهد في هذا لا شأن قد استنفد وقد رد عليه النحاس سريعا بأن الملك فاروق لا يمكن إصلاحه بالمرة وأنه لم يعد في طوقه الانتظار أكثر من ذلك ولكن لامبسون مع ذلك لم يفقد الأمل حتى تقابل علي ماهر ويبحث معه الموقف

على حتى أمل لامبسون في تحسن الموقف قد خاب بعد محاولة اغتيال النحاس باشا يوم 28 نوفمبر 1937 على يد عضوفي جمعية مصر الفتاة الفاشية يدعى عز الدين عبد القادر وعندئذ انتقلت فكرة خلع فاروق إلى مستوى حديث ففي مساء اليوم التالي زار أمين عثمان دار السفارة البريطانية ونطق للسير مايلز لامبسون إنه (أمين عثمان) يرى لزاما عليه حتى يحثنا بقوة على عدم الوقوف جانبا نظرا لأن النحاس باشا يعتقد حتى الملك فاروق يفترض أن ينتصر في النهاية إذا وصلت المعركة إلى شوطها الأخير فبعد حتى يصدر أمر إنطقته يفترض أن يتحاشى دعوة البرلمان إلى الانعقاد أويزيف الانتخابات وعندئذ فإن الوفد سيطلق لنفسه العنان وسيغرق جميع شيء وإدارة البلاد ستصبح محالة وكل تقدم سيتوقف وحتى تطبيق المعاهدة يفترض أن يسد في وجهه الطريق وكل من في الوفد يفترض أن يعتقد أننا لعبنا بهم وخدعناهم وسيعتقد ذلك جميع إنسان أيضا وعندئذ ستثور روح العداوة القديمة لتمرر علاقاتنا إذا جميع مصري يتسقط تدخلنا وإنه لأمر حيوي لمصلحة مصر وبريطانيا حتى نقف بشكل قاطع وراء النحاس باشا وإلا فلن نر أمامنا سوى طريق لا نهاية له من الفوضى والعلاقات المتوترة على أننا يجب حتى نجعل تأييدنا للنحاس مشروطا بتخليه عن سياسة الاحتكار فيضم إليه العناصر الصالحة مثل عبد الوهاب (في شركة قناة السويس) وعلي الشمسي (لوزارة الخارجية) وأحمد ماهر (للحربية).

ومضي السير مايلز لامبسون في خطاه لوزير الخارجية البريطانية فلاحظ حتى تطبيق هذه النصيحة يفترض مسبقا أننا يفترض أن نكون مستعدين للتعامل بحزم مع الملك فاروق دون أي اعتبار لما قد يقودنا إليه ذلك لأن الملك قد لا يعير نصيحتنا أي اهتمام، وعندئذ فما العمل ونطق إذا أمين عثمان قد اعترف بأن ذلك يفترض أن يعني حتى نكون مستعدين للمضي بالأمور إلى نهايتها المرة وقد اقترح لامبسون حتى يعمل النحاس على توقوية مركزه، حتى يسحب الأرض من تحت أٌدام خصومه عن طريق إدخال أحمد ماهر في وزارته فورا نظرا لأن أي وزارة بديلة تهجرز حول اسمه وقد تعهد أمين عثمان بالسعي لتحقيق ذلك على الرغم من عدم استعداد النحاس وأحمد ماهر للموافقة على ذلك ولكن لامبسون أبدى استعداه للمساعدة وقد رأى أمين عمثان أنه ستكون هناك فسحة من الوقت حتى العيد أي حتى يومخمسة أوستة من ديسمبر ولكنه رجا السير مايلز لامبسون حتى يفكر فيما نصحه به لأن القرار هام بدرجة حيوية ويحب اتخاذه بسرعة، وإلا أصبح الوقت متأخرا.

وكان رأي لامبسون في فكرة أمين عثمان، كما عرضه على المستر إيدن، أنه من الصعب لحد كبير التغاضي عن هذه الفكرة لأن أمين عثمان رجل صافي المضى وعملي، دوافعه ليست محل شك، ولكن هل نحن مستعدون لدفع الثمن المحتمل لمساندة النحاس ضد الملك فاروق،يا ترى؟ وهل نحن على وجه الخصوص مستعدون لأن نمضي بالأمور إلى نهايتها المرة،يا ترى؟ إذا ذلك يعني استخدام القوة وحتى قد يعني خلع الملك عن عرشه إذا هذه المستوى الأخيرة قد تكون من جميع الوجوه إنقاذا للموقف وقد توفر حيرة ومتاعب لا نهاية لها على المدى الطويل، لأنه إذا كان الملك قد بدأ حكمه على هذا النحوفما الذي سيصبح عليه فيما بعد عندما يمتلك زمام الأمور،يا ترى؟ فضلا عن ذلك فإن الأمير محمد علي الذي يليه في ولاية العرش صاحب خبرة كبيرة وسيكون أساس قيادا وأكثر تقبلا للإقناع والنصح ولكن هل نحن مستعدون لبحث هذه المستوى المتطرفة،يا ترى؟ إنني أجد من الصعب النصح بها

على حتى الرد اتى من المستر إيدن في اليوم التالي 30 نوفمبر 1937 وفيه يبدي اهتمامه بفكرة توسيع قاعدة تشكيل الحكومة الوفدية كما يبدي استعداده لمساندة النحاس باشا إذا وافق على ذلك ولكن يفترض أن أكون غير راض لحد كبير إذا مضىت إلى حد قبول فكرة خلع الملك فاروق بأي حال إلا عبد زقابل وبعد حتى تقل شعبيته لحد ما وعلى ذلك عمليك فورا ما لم تر اعتراضا أوتكون حوادث الثمانية والأربعين ساعة الأخيرة قد جعلت تعدل عن رأيك حتى تتصرف على النحوالآتي:

(أ) أضغط على النحاس باشا ليقبل توسيع وزارته على الأسس المقترحة.

(ب) اطلب لقاءة الملك فاروق وحثه بأشد لغة على التعاون مع الحكومة الحالية على الأسس العريضة وأن يتخلى عن سياسة العناد ووخز الإبر وإني أهجر لك استخدام ما تشاء من الأدلة لتبرهن له على حتى ما قدمته إليه من تأكيدات بأن حكومة جلالة الملك يفترض أن تسانده إنما هومشروط بأن يتصرف بشكل دستوري وبحكمة وإني لعلي ثقة بأنك قادر على حتى تعمل ذلك دون التعرض في الوقت الحاضر لخصومته الدائسمة وإني أقول بذلك دون تردد لأني أفهم من رسالتك الأخيرة في 17 نومبر للسير أوليفانت أنك تقدر مزايا جلالته الطيبة، ولأني استوعب حتى هناك أخطاء من الجانبين وسوف أرحب برأيك فيما يختص بما ينبغي عمله بالتحديد فيما تكون أعمال الملك فهي غير دستورية

إنطقة حكومة الوفد:

على حتى الدكتور أحمد ماهر لم يلبث أنر فض الدخول في وزارة النحاس باشا عندما طلب إليه المندوب السامي ذلك يوم 16 ديسمبر بحجة حتى مكرم عبيد يسيطر على الوزارة لحد كبير ونطق إنه يستبعد حتى يقبل ذلك الآخرون مثل علي الشمسي وبذلك صرف الإنجليز النظر عن فكرة توسيع وزارة النحاس باشا ولما كانت نتيجة دراسة السفير البريطاني قد أثبتت كما خط لوزير الخارجية يوم 2 ديسمبر أنه لا توجد مخالفة محددة من جانب فاروق لنص مكتوب أوإعادة دستورية قد أرسيت يمكن إثباتها وإنما روح الاتجاه العام للملك هي التي تخالف الدستور ولما كان الشرطان اللذان تسمك بهما المستر إيدن ليتحققا قبل خلع فاروق وهما زقابل وتدهور شعبيته لم يتحققا إلى ذلك الحين فقد اقتصر تدخل السفارة البريطانية على محاولة التوفيق بين القصر وحكومة الوفد ولكن هذه المحاولة فشلت وعندما حانت اللحظة الحاسمة وعهدت السفارة حتى الإنطقة على وشك الصدور تخاذلت وعجزت عن اتخاذ أي خطوة توقف بها هذه الإنطقة وبذلك طردت حكومة الأغلبية يوم 30 ديسمبر 1937.

والسؤال الآن: كيف من الممكن أن أمكن حتى يهزم البريطانيون في أول معركة يخوضونها في الشئون الداخلي في مصر بعد معاهدة 1936 وعلى يد أحزاب غير شعبية يقودها القصر،يا ترى؟ وهل يرجع ذلك لأن ظروف ما بعد المعاهدة لم تكن تجيز لهم التدخل أم يرجع إلى وجود مصلحة لهم في تلقي هذه الهزيمة؟

لقد طرح النحاس باشا هذه القضية حينما زاره السير مايلز لامبسون في فراش سقمه في اليوم التالي لإنطقته كما تقضي التنطقيد وخط لامبسون يقول:

وكما تسقطت فقد حاول حتى يلقي باللوم علي لمنعي إياه حينما أراد حتى يطرح المسألة أمام البرلمان في أوائل نوفمبر ونطق إنها كانت من أول الأمر مؤامرة مدبرة من علي ماهر الذي عجل بتطبيقها بعد محاولة الاعتداء على حياته النحاس حيث كان يفهم بوجود مرشد على أنه متورط في العملية وأراد ألا يستكمل التحقيق إلى نهايته.

ولقد وجدت صعوبة كبرى ف إمكان التفوه بحدثة ولكنني تمكنت أخيرا من تسليم فكرته بالنسبة لموقفنا فلقد كان سليما أنني أوصيت بالتزام الصبر على الدوام ولكني عملت ذلك أيضا مع الملك فاروق على أنني أخيرا حينما تبدد جميع أثر للشك يوم الأربعاء الماضي في حتى علي ماهر مصمم على الإنطقة الفورية لم أكتف بمحادثة علي ماهر تليفونيا محذرا إياه من اتخاذ هذه المستوى ولكنن أوفدت أيضا إليه النحاس رسالة عاجلة أنصحه فيها (أ) بقبول لجنة التحكيم من ناحية المبدأ (ب) وإذا اعتبر القصر ذلك كرفض وهوما كان يظهر واضحا فليعتبر النحاس نفسه حرا تماما من ناحيتي في حتى يصدر على الفور بيانا عاما على الأمة وأمام البرلمان يطرح فيه قضيته وقد تحدث أمين تليفونيا أولا من غرفتي بمنزل النحاس ولكنه نطق حينما لم يجب الجانب الآخر إنه سيقوم بذلك مشافهة في دقائق قليلة وإذا كانت هذه الرسالة لم تبلغ إليه إطلاقا فإن ذلك من سوء الحظ (وقد أعرب النحاس أنها لم تبلغ)

وكان طبيعيا حتى يميل النحاس إلى لومي لعدم اتخاذي موقفا حازما مع الملك فاروق وقد أوضحت حتى هذا الاعتقاد كان خاطئا تماما ففي غياب استخدام التهديدات المعززة بالقوة لم يكن في وسعنا حتى نعمل أكثر من ذلك وحملته كرجل وطني لم يكن ليستفيد إذا ما استبقيناه بالقوة حتى إذا كان ذلك مستطاعا.

وقد اتهم حملته الوزارة الجديدة بأنها مصطبغة بصبغة إيطالية شديدة ونطق أنها خيانة للبلاد حتى تصبح جميع تنظيمات دفاعنا السرية المعقودة معه والتي كانت بناء على إلحاح شديد منه، مكشوفة الآن لأمثال وزير الحربية الجديد (حسين رفقي باشا) الذي كان أداة في يد القصر ويصبح جميع شيء معروفا لإيطاليا لقد كان ذلك خطرا وطنيا حقيقيا للغاية.

وأخيرا نطق حتى أحمد ماهر والنقراشي خانا عهد الوفد، ولن يسمح لهما بالعودة إليه بعد ذلك وأنه النحاس وزملاؤه يفترض أن يكافحون إلى النهاية ولوأدى الأمر إلى مصرعهم، وأن مثلهم العليا يفترض أن تنتصر آخر الأمر، ثم نطق إنه ينتظر أياما مأساوية، ولكن ذلك لن يثنيه عن عزمه على الجهاد في سبيل الدستور

قواعد التدخل البريطاني في شئون مصر الداخلية بعد المعاهدة.

على جميع حال فإن فشك السفارة البريطانية في التدخل في الشئون الداخلية لمصر لمصلحة الوفد وإهمال نصيحتها من جانب القصر قد دفع بوزير الخارجية البريطانية وهوالمستر إيدن في ذلك الحين إلى وضع الأسس والقواعد لتنظيم عملية التدخل البريطاني في الشئون الداخلية المصرية وتحديد الحالات التي تستوجب هذا التدخل.

وقد ضمن هذه القواعد والأسس رسالته التي أوفدها إلى السير مايلز لامبسون يومعشرة فبراير 1938 والتي تعتبر على أعظم جانب من الأهمية حتى لنستطيع اعتبارها على الرغم من صفتها السرية بمثابة تصريح من جانب واحد مكمل لمعاهدة 1936 فيما يتصل باستقلال مصر الداخلي وتمضي الرسالة على النحوالآتي:

1- لقد أوليت عناية كبيرة مؤخرا للموقف الذي يجب على حكومة جلالة الملك في المملكة المتحدة اتباعه تجاه السياسة الداخلية المصرية بعد حتى أصبحت معاهدة التحالف الآن في موضع التطبيق وأنه لما يعين فخامتكم حتى تكونوا على فهم بوجهات نظري في هذا الموضوع.

2- أنه ليبدومحتملا إذا لم يكن محتوما حتى الأحزاب السياسية المصرية مثل الوفد الأصلي والوفد المنشق يقصد حزب أحمد ماهر والنقراشي والحكومة الحالية يفترض أن تسعى للحصول على تأييد حكومة صاحب الجلالة وللوصول إلى هذا الهدف فسوف تزعم أننا نظهر التحيز لخصومها وسوف تبدي تهديدات مستمرة بأن تنتهج موقفا مواليا للمصالح الإيطالية أوتلجأ إلى الدس بأن خصومها يتآمرون مع العملاء الإيطاليين أوهم على وشك ذلك وعلى ذلك فإنه من المرغوب فيه كقاعدة عامة، حتىقد يكون تدخل حكومة جلالة الملك مقصورا على الحالات التي تتعرض فيها المصالح البريطانية أوهم على وشك ذلك وعلى ذلك فإنه من المرغوب فيه كقاعدة عامة حتىقد يكون تدخل حكومة جلالة الملك مقصورا على الحالات التي تتعرض فيها المصالح البريطانية لخطر حقيقي وأن نتحاشى تقديم النصيحة بقدر الإمكان حتى ولوطلبت مثل هذه النصيحة وإذا قدمت هذه النصيحة ولم يقاس من يتلقاها سوء العاقبة في حالة إهماله لها فإن هيبة حكومة صاحب الجلالة هي التي ستقاسي بما يترتب على ذلك من ضرورة اتخاذ إجراءات شديدة لحمل الحكومة المصرية على العمل طبقا للمطالب التي تقدم لها عند تعرض المصالح البريطانية الهامة مباشرة للخطر.

3- إن الوفد الأصلي تحت زعامة النحاس باشا من الممكن ينتصر في الانتخابات المقبلة وربما يرفض الملك فاروق مع ذلك حتى يقبله رئيسا للوزراء، وتحدث بذلك أزمة دستورية حادة إذا حكومة صاحب الجلالة ليس مسئولة بحال من الأحوال عن المحافظة على الدستور واهتمامها باتباع قواعد الدستور في مصر منشؤه ضرورة ألا تقوم في مصر حالة من الاضطراب والفوضى قد تلحق الضرر بمصالحها كحليفة: أما بإضعاف البلاد في وقت غير مناسب بتعريض أرواح وممتلكات البريطانيين والأجانب للخطر وإما بإغراء دولة ثالثة على التدخل لحماية رعاياها وممتلكاتهم.

4- وكقاعدة عامة فإن تدخل حكومة صاحب الجلالة يجب حتىقد يكون مقصورا على مثل الأحوال الآتية:

(أ‌) إغفال تطبيق نصوص المعاهدة أوروحها.

(ب) السعي من جانب الحكومة المصرية لتأمين نفسها بالتفاوض مع دولة أخرى لعقد معاهدة عدم اعتداء أونحوها مما يعتبر متعارضا مع نصوص معاهدة التحالف.

(ج) امتناع الحكومة المصرية عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحسين وسائل الدفاع عن مصر، أورفضها الوعد بالتعاون المطلوب لهذا الغرض.

(د) تدهور النظام والأمن العام في مصر إلى الحد الذي يؤثر على حياة الأجانب وممتلكاتهم أ, يعرضها للخطر.

(هـ) خطر تدهور الوضع المالي، على نحويترتب عليه حتى يصبح الحكومة المصرية عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية وعلى وجه الخصوص تطبيق النصوص المتعلقة بالنواحي المالية في معاهدة التحالف.

(و) مساندة الحكومة، أوالملك فاروق، للعناصر العربية المعادية لحكومة صاحب الجلالة، أوالدخول في مشروعات غير مرغوبة خاصة بالجامعة العربية أوالجامعة الإسلامية.

5- وأني إذ أسجل هذه الخطوط العامة لسياستنا لا أريد حتى أقيد تصرفكم بقواعد جامدة وثابتة فإنكم بوصفكم سفيرا لصاحب الجلالة في مصر تملكون الحرية في إبداء النصيحة في أي وقت إذا نشأت اعتبارات أخرى تبرر التدخل.

6- إن ما تجاوز ذكره في هذه الرسالة لا يجب حتى تقرأه على أنه إشارة إلى أي عدول عن السياسة التي بناء عليها أعتمد عليكم في بذل أقصى جهدكم للحفاظ على الوضع الذي يحتله ممثل صاحب الجلالة في مصر حتى هذا الوقت

على هذا النحوأرسى المستر إيدن الأسس والقواعد التي يتم بموجبها يسترشد بها في القيام بالتدخل في شئون مصر الداخلية ولكن المستر إيدن لم يلبث بعد عشرة أيام فقط من إرسال هذه الرسالة للسير مايلز لامبسون أي في يوم 20 فبراير 1938، حتى قدم استنطقته من منصبه بسبب الخلاف بينه وبين رئيس الوزراء المستر تشمبرلن على سياسة التقرب من الدول الفاشية وتولى اللورد هالفاكس وزارة الخارجية وقد قام وزير الخارجية بدراسة موقف السياسة البريطانية في مصر من خلال المراسلات المتبادلة بين سلفه والسفير البريطاني وأبدى اهتماما خاصا برسالة المستر إيدن سالفة الذكر ورد مايلز لامبسون عليها يؤكد سياسة سلفه في رسالة تعد مكملة لرسالة المستر إيدن في شأن التدخل البريطاني في شئون مصر الداخلية والتي استمر العمل بها إلى قيام الحرب العالمية الثانية وتمضي رسالة اللورد هاليفاكس وهي بتاريخخمسة مايو1938 على النحوالآتي:

1- لقد درست بعناية رسالتكم رقم 197 في 24 فبراير ردا على رسالة سلفي رقم 166 فيعشرة فبراير بخصوص الخطوط العامة للسياسة التي يجب اتباعها من جانب حكومة صاحب الجلالة أوالسفير البريطاني للتدخل في الشئون المصرية.

2- وفي بداية الأمر فإن أوافق على أنه إذا طلبت نصيحة ممثل صاحب الجلالة في ظروف يرى هومن المرغوب فيه الاستجابة لهذا الطلب كما يرى حتى من المحتمل حتى تقبل هذه النصيحة فإن إعطائهاقد يكون له ما يبرره وعلاوة على ذلك فإني أشارككم الرأي بأن الظروف المحلية الدقيقة ورأي ممثل صاحب الجلالة يجب حتىقد يكونا المعيار الذي يرجع إليه عند الحكم.

3- وإني أوافقكم على حتى ممثل صاحب الجلالة يجب حتى تكون له حرية التصرف في الإعراب عن رأيه (للسلطات المصرية) في مسائل غير التي وردت في الفقرة الرابعة من رسالة المستر إيدن رقم 166، دون حتى يحتاج ذلك بالضرورة الحصول على تعليمات مسبقة، حيث حتى مثل هذه التعليمات قد تصل بعد فوات الفرصة المناسبة نظرا للسرعة التي يتعرض لها الموقف السياسي في مصر للتغيير.

4- إن التعليمات التي تضمنها رسالة المستر إيدن، كان المقصد منها حتى تكون إشارة إلى وجهة نظر حكومة صاحب الجلالة لإرشادكم بصفة عامة ولم يكن المقصود منها حتى تحد من حرية تصرفكم أوتقيد رأيكم في حالة ما إذا رأيتم حتى الأمور تتطلب إسداء نصيحة عاجلة للحكومة المصرية بشأن حالة لم تتضمنها الفقرة الرابعة في برقية المستر إيدن.

5- ولقد نشأت التعليمات التي تضمنتها رسالة المستر إيدن رقم 155 أساسا من حقيقة حتى النصيحة التي قدمتموها للملك فاروق في أثناء الأزمة الدستورية قد لقيت الإعراض وأنكم قد اتهمتم من جانب فريق بأنكم تدخلتم في الشئون الداخلية لمصر دون حتىقد يكون لكم حق في ذلك بعد المعاهدة كما اتهمتم من جانب فريق آخر بالفشل المحسوب في التدخل لصالحه لقد تصرفتم بناء على تعليمات بالتحدث إلى جلالة الملك فاروق وقد كان هناك إحساس بأنه حتى دور إسداء النصيحة بصفة ودية وغير معتمدة في هذه المسألة الداخلية وإن كان في مصلحة مصر بالدرجة الأولى، قد عركم لحد ما بوصفكم ممثلا لصاحب الجلالة للصد واللوم لانتهاككم من جانب روح المعاهدة ولعدم تورطكم، من جانب آخر في النزاع فكان المقصود بهذه التعليمات هوتحاشي المواقف المماثلة في المستقبل حتى لا تصاب هيبة سفير صاحب الجلالة بوهن وهي الهيبة التي يعتمد عليها في الاحتفاظ بالوضع الخاص لحكومة صاحب الجلالة في مصر.

6- إن الأحوال الواردة في الفقرة الرابعة من رسالة المستر إيدن والتي تبيح التدخل إنما كان المقصود بها حتى توضح المبدأ العام بأن التدخل يجب حتى يقوم على اعتبارات المصالح البريطانية ولم يكن المقصود بها لتقييد رأي سفير صاحب الجلالة وهوالذي يجب حتى تعتمد عليه الحكومة البريطانية فيما يتصل بتوقيت تقديم النصيحة بحيث لا يمكن تجاهلها وبالتالي لا يمس نفوذه بأذى نتيجة لذلك وإن حكومة صاحب الجلالة يفترض أن تعتمد بشكل أكثر استعدادا على رأيكم فيما يتصل بإسداء النصيحة للحكومة المصرية، نظرا لأنها تقدم بأعلى درجة الأسلوب الناجح الذي أرسيتم به في الظروف الجديدة وضعا خاصا ودرجة غير عادية من النفوذ لممثل صاحب الجلالة في مصر واحتفظتم به حتى مثل هذا الوضع وهذه الدرجة من النفوذ يفترض أن يستمران في الاعتماد بشكل أساسي على شخصية ممثل صاحب الجلالة، وعلى الثقة التي يحس بها رجال السياسة المصريون في حتى نصيحته حينما تقدم في مسألة لا تؤثر بشكل مباشر على المصالح البريطانية، إنما هي نصيحة صديق لمصر، وأن رخصته الوحيدة في التقدم بها هي وضعه رفاهية مصر في صميم فؤاده

7- تغير العلاقات بين القوى السياسية في مصر.

وقد جرت الأمور بعد ذلك في هذا المجرى الجديد الذي شقته في حقل الخلافات والتصارعات السياسية الداخلية، وهوحقل خصب لنموالنفوذ الإنجليزي المدعوم بنصوص معاهدة 1936.

عملى أثر إنطقة الوفد أعيدت صياغة العلاقات بين القوى السياسية في مصر على النحوالآتي:

1- عداء بين الوفد والإنجليز بعد التحالف المؤقت الذي جري بينهما أثناء الأزمة الدستورية فقد رأى النحاس أنه من المحال على الملك فاروق حتى يستطيع وحده، بتأييد من علي ماهر باشا إنطقته إذا كان الحكومة البريطانية ترى جديا حتى تمنع حدوث ذلك وهوما عاد فأفضى به لكل من المستر كيلي ولامستر تشابمان أندروز حينما رأى الأول زيارته لوداعه

2- تحالف بين الإنجليز ووزارة محمود باشا في إطار الأسس والقواعد التي أرساها المستر إيدن للتدخل في الشئون الداخلية المصرية ولم يكن يهم السفارة البريطانية سوى اعتبارات المصالح البريطانية وتطبيق المعاهدة.

3- تصارع بين [[حزب الأحرار الدستوريين]] والقصر من جانب، وبينه وبين الحزب السعدي من جانب آخر وهوتصارع خفي يدور في إطار التحالف ضد الوفد والتصارع الأول منشؤه حتى القصر كان يريد حتى يملك ويحكم وحده لا شريك له في الحكم بينما كان [[حزب الأحرار الدستوريين]] يريد حتى يشارك في الحكم ومن الممتع حتى كثيرا من الأمور التي دار حولها التصارع بين حزب الأحرار والقصر وقتها كانت بخصوص مسائل تجاوز حتى سقط التصارع حولها بين حكومة الوفد والقصر وكان الأحرار يؤيدون القصر ضد الوفد في أثنائها فكان على حزب الأحرار حتى يدفع ثمن خيانته لمبادئ الدستور ومن أبرز المسائل التي دار حولها الخلاف حق رئيس الوزراء الدستوري في اختيار زملائه وقد أدى النزاع حوله بين محمد محمود باشا والقصر إلى انفصال تام البنداري باشا من [[حزب الأحرار الدستوريين]] بعد حتى استبعده محمد محمود باشا من الوزارة عند إعادة تأليفه لها بعد الانتخابات لشبهة اتصاله بعلي ماهر، فمع حتى محمد محمود باشا تخاذل في النهاية وقبل البنداري وزيرا في وزارته مرة أخرى، إلا حتى علي ماهر باشا اكتفى بتسجيل هذا التخاذل واستصدر أمرا ملكيا بتعين البنداري وكيلا للديوان الملكي.

أما فيما يختص بالصراع الخفي بين حزب الأحرار والدستوريين والحزب السعدي فهوبحكم العداء القديم بين رجال الحزب السعدي وهم أصلا وفديون منشقون حديثا وبين الأحرار الدستوريين وكان الحزب السعدي يريد حتى يتقدم على حزب الأحرار الذي كان يعتبر إلى ذلك الحين الحزب الثاني بعد الوفد واستفاد أحمد ماهر باشا من ذلك بنفوذ علي ماهر في القصر.

4- عداء بين الإنجليز والقصر بعد حتى أهمل فاروق اتباع النصيحة التي قدمها له السير مايلز لامبسون أثناء الأزمة الدستورية وقد تزايد هذا العداء بعد تزايد نفوذ الطليان في القصر وعلى رأسهم فيروتشي وبعد حتى أخذ المد الفاشي في القصر يرتفع على يد تام البنداري باشا وكان تام البنداري قد انقلب على رئيسه علي ماهر باشا بسبب الخلافات الأيديولوجية بين الرجلين فبينما كان علي ماهر باشا ينتصر للنظام الليبرالي المنطوي في حقيقته على مضمون أوتوقراطي كان البنداري ينتصر للنظام الفاشي الذي اتخذ في عامي 1939و1938 أي في المناخ الرجعي الذي ساد بعد طرد الوفد من الحكم، شكل تيار قوي يقف على رأسه أحمد حسين الذي غير اسم مصر الفتاة من (جماعة) إلى (حزب) وزار إيطاليا وألمانيا في يوليه وأغسطس 1938، ومر بلندن حيث أعرب منها أننا يفترض أن نثبت جدارتنا بالسير ببلادتنا في هذا الطريق الذي سلكه من قبل هتلر وموسوليني وكانت نتيجة الصراع داخل القصر بين علي ماهر باشا والبنداري باشا حتى حزب مصر الفتاة، الذي كان يلعب إلى ذلك الحين دور كلب الحراسة للقوى الرجعية الإقطاعية والرأسمالية: القصر وأحزاب الأقلية في لقاءة الوفد أخذ يتطلع إلى الحكم فقد أعرب أحمد حسين أنه يتسقط انتنطق حزبه إلى السلطة بعد ثلاث سنوات ولما كان علي ماهر باشا يتخذ من هذا الحزب مطية لتحقيق مآربه الشخصية بينما كان تام البنداري متحمسا لفكرة إحلال النظام الفاشي محل النظام الليبرالي فقد انتقل أحمد حسين بولائه من علي ماهر إلى البنداري وبلغ المد الفاشي داخل القصر ذورته في يناير وفبراير 1939 أنثاء سفر علي ماهر باشا إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة ففي هذه الفترة التي حكم فيها تام البنداري باشا دون منازع سقط أشد الصدام بين فاروق والسير مايلز لامبسون حول موكب الموتوسيكلات المصاحب للسفير البريطاني وحول زيارة السفير لأسوان وكاد البنداري حتى ينجح في التخلص من علي ماهر باشا لولا حتى الأخير سارع إلى الارتماء في أحضان مايلز لامبسون، واستطاع حتى يجبر الملك فاروق على التراجع بعد حتى خشي حلفا مكونا من علي ماهر والإنجليز والوفد فضلا عن [[حزب الأحرار الدستوريين]] الذي كان يتململ في الحكم تحت تصرفات القصر الاستبدادية والذي سارع رئيسه محمود محمود باشا إلى إعلان تأييده لعلي ماهر ضد البنداري وكانت النتيجة إخراج البنداري من القصر وعاد علي ماهر ليقتص من حزب مصر الفتاة جزاء خيانته له وليتبني جماعة الإخوان المسلمين

وتوضح المراسلات المتبادلة بين السفير البريطاني ووزير الخارجية البريطاني في تلك الأثناء جوانب من علاقات التصارع والتحالف بين القوى السياسية التي أشرنا إليها والرسالة التالية من السير مايلز لامبسون للمستر إيدن في أول يناير 1938 تتناول ما دار في اللقاءة الأولى التي تمت بين السير مايلز لامبسون ومحمد محمود باشا بوصفه رئيس الوزارة المصرية الجديدة وقد تم فيها وضع أسس التعاون بين الطرفين وتمضي على النحوالتالي:

1- اجتمعت برئيس الوزراء الجديد هذا الصباح للمرة الأولى وقد التقينا كأصدقاء قدامى وكان لقاء مشجعا لما أبداه من الاستعداد للتعاون وقد طلب إلي حتى أؤكد لكم اعتزامه حتى تظل علاقات الصداقة والولاء قائمة بيننا كما أنه قرر حتى تكون لمسألة الدفاع عن مصر وما تتطلبه من النفقات أولوية على ما عداها من المسائل وأن رأيه في المعاهدة معروف تماما وسوف يراعي تطبيقها بإخلاص.

2- وقد ناقشنا نظام العمل فنطق أنه نظرا لأن وزير خارجيته عبد الفتاح يحيي باشا لا يملك نصيبا كبيرا من الذكاء وأنه كذلك كما أفهم مت تجاربي فإنه أي محمد محمود يفضل حتىقد يكون التعامل معه مباشرة بوصفه رئيسا للوزراء في جميع الأحوال عدا المسائل الروتينية أوقليلة الأهمية وقد أكدت له حتى هذا يتفق مع رأي أيضا.

3- وقد تحدث عن فلسطين وهي تشغل باله كثيرا فأكدت له أنه ليس وحده في ذلك وأن المشكلة لها جميع الأهمية في أذهان رجال حكومة صاحب الجلالة.

4- وفي أثناء حديثنا كانت هناك مظاهرة صاخبة يتزعمها طلبة الأزهر تسير خارج مبنى الوزارة ةقد أبلغني أنه يعتزم منع جميع المظاهرات وأنه يفترض أن يطبق التشريع المعمول به عندنا فيما يختص بارتداء الأزياء شبه العسكرية الخاصة بالمنظمات العسكرية وقد طلب صورة من هذا التشريع فوعدته بموافاته بها.

5- وعندما اتى ردا لزيارتي، أثار موضوع الرقابة على حمل الأسلحة وطلب صورة من تشريعنا في هذا الخصوص للاسترشاد به وقد وعدته بإجابة طلبه أيضا.

6- ثم ناقشنا موضوع العلاقات مع إيطاليا وهومقدر تماما للأخطار القائمة وقد أوضحت له حرصنا على تحسين علاقتنا مع إيطاليا ولكن في نفس الوقت حدثا زاد استعدادنا متعاونين لمجابهة أي تهديد حدثا قل خطر وقوع الحوادث.

7- ثم طرح مسألة السودان فأوضحت له حتى النظام المعمول به في الوقت الحاضر بعد تطويره كفيل بمعالجة ما يجري من الأمور هناك وقد وافقني على ذلك كما وافق على استمرار الحال على ما عليه في الظروف الحاضرة، ثم ألمح إلى خزان جبل الأولياء ونطق إنه بمناسبة إتمام إنشائه وهومشروع مصري صميم فقد يحدث من المناسب حتى يحضر الملك وهوأي رئيس الوزراء حفلة الافتتاح الرسمي للخزان وهما لم يسبق لهما زيارة السودان من قبل ولما كان هذا الطلب من الصعب الاعتراض عليه فقد اكتفيت بهذه الملاحظة العامة، وهي حتى جميع المسائل المتصلة بالسودان وعلاقاتنا المشهجرة هي من الدقة بحيقد يكون من الخير حتى نهجرها للنظم القائمة وتطوراتها وقد وافقني على ذلك.

8- إن علاقة رئيس الحكومة الحالي بالملك فاروق طيبة، ولكنه يعتزم لقاءة جلالته إذا أظهر اتجاها لتجاوز مهام سلطاته الدستورية ومن رأيه حتى الملك مستجيب لهذا في الوقت الحاضر وأن من السهل التعامل معه

وتستعرض الرسالة التالية الفترة من إجراء الانتخابات المزيفة التي أجريت بعد حل مجلس النواب الوفدي إلى يوم 6مايو1938 وتتعرض لعلاقات التصارع بين حزب الأحرار والقصر على الحكم ودور علي ماهر في هذا الصراع ونلمح في هذه الرسالة التي أوفدها السير مايلز لامبسون إلى اللواء هاليفاكس في هذا اليوم تفضيل السفارة البريطانية التعامل مع أي حكومة مصرية سواء كانت حكومة وفدية أوحكومة من حكومات الأقلية، على التعامل المباشر مع القصر وتمضي الرسالة على النحوالآتي:

1- أتشرف بأن أعرض عليكم فيما يلي بعض الملاحظات على الموقف السياسي في مصر بعد الانتخابات البرلمانية وفي أعقاب الأزمة الوزارية الأخيرة.

2- ففيما يتعلق بمجلس النواب، فإن السعديين والأحرار الدستوريين يكاد عددهم يتساوى ولوحتى السعديين يزيدون قليلا ويشكلون بذلك أقوى الأحزاب عددا في المجلس ويليهما المستقلون وهم في غالبيتهم يساندون أية وزارة في الحكم ويستطيعون من ثم ترجيح أي اتجاه يرغب القصر في اتخاذه للقاءة أية حكومة قائمة.

3- وليس للوفديين في مجلس النواب قوة تذكر أما في مجلس الشيوخ فلهم أغلبية اسمية ويرى كثير من مؤيدي الحكومة حتى فريقا من الشيوخ الوفديين يفترض أن لا يلبث حتى ينضم إلى صفوف الحكومة.

4- لا يزال الوفد قويا في البلاد بماله من تأييد الجماهير ولوأنه من غير المحتمل حتى تقاوم هذه الجماهير الحكومة بعنفي ولا شك حتى الوفد قد فقد الكثير من نفوذه بين طبقات المثقفين ولكن أساليب الانتخابات الأخيرة وبداية المظالم في ظل النظام الحاضر قد يكسب الوفد بعض العطف الذي خسره من قبل.

5- والنظام الحاضر ولوأنه لا يلقى من التأييد الشعبي إلا القليل فإنه يتمتع بقدر من التأييد بين أعلى الطبقات الأرستقراطية والمثقفين ومن بين هؤلاء الأزهريون وزيادة على ذلك فإن هذا التعاطف بين طلاب الجامعة والأزهر نحوالنظام الحاضر قد تحول بمضي الوقت إلى الوفد وقد قامت عملا مظاهرات في الأزهر لصالح النحاس باشا أثناء الأزمة السياسية الأخيرة، وكان الدافع الظاهر إليها حتى الأزهر لم ينوه عنه في خطاب العرش.

6- وفي ضوء رضاء الجماهير عن اختفاء نفوذ من مجلس النواب، يظل القصر في الوقت الحاضر هوالفيصل في الموقف السياسي والقصر اليوم معناه علي ماهر باشا والمظنون أنه يسعى لرياسة الوزارة معتمدا في ذلك على مساعدة أخيه الدكتور أحمد ماهر والسعديين ولوأنه من المحتمل أنه قد يفكر في حتىقد يكون الدكتور أحمد ماهر هوالذي يخلف محمد محمود باشا ومن المحتمل حتى يرغب علي ماهر في الوصول إلى غرضه على أسس شبه قومية بتشكيل وزارة تضم أكبر عدد من العناصر.

7- ومحمد محمود باشا والأحرار الدستوريون يعملون تماما ما يدور في خلد علي ماهر باشا والأزمة الأخيرة ولوأنها حلت رسميأن إلا أنها كما يظهر لي قد أحدثت فجوة واضحة بين رئيس الوزراء والقصر وعلي وجه العموم فمن المتسقط ألا يمضي وقت طويل حتى ينشأ نزاع جديدقد يكون سببا في خروج محمد محمود باشا ولوكان علي ماهر باشا حصيفا لهجر للوزارة الحاضرة الوقت الكافي والحبل الذي تشنق به نفسها كما هوالحال مع جميع الوزارات في مصر بيد حتى من سوء حظه أنه رجل قليل الصبر إلى أقصى حد وكما أنه لم يمكنه التريث وهجر الزمن لتقويض النحاس باشا فإنه ليس من غير المحتمل على أي حال حتى يسارع إلى مجابهة محمود باشا في المستقبل القريب بدلا من الانتظار حتى يعمل الزمن والارتباكات الداخلية عملها بوزارة محمود باشا وهناك عامل معوق هورغبة أحمد ماهر في حتىقد يكون إسقاط الوزارات مترتبا على سحب ثقة البرلمان منها وليس بناء على أوامر يصدرها القصر.

8- وبعد الأزمة الأخيرة مباشرة يمكن حتى ينطق حتى علي ماهر باشا قد ألقى القفاز في وجه محمود باشا بتعيين البنداري باشا وكيلا للديوان الملكي بعد حتى استبعده محمود باشا من زارته الجديدة بسبب انحيازه (البنداري) إلي علي ماهر باشا وقد اعترض الأحرار الدستوريون على هذا التعيين بل إذا الصحافة الوفدية انتقدته بشدة مستندة إلى حتى وظيفة وكيل الديوان قد ألغيت ولا يمكن إعادتها إلا بموافقة البرلمان وهنا تعود بنا الذاكرة إلى تاريخ نشأت باشا في القصر فقد بدأ بطريقة مماثلة إذ أنه بمجرد حتى أقصاه زغلول باشا من وكالة وزارة الأوقاف عينه الملك فؤاد وكيلا للديوان الملكي وقد نشأت عن هذا التعيين أزمة بين الملك ورئيس وزرائه.

9- ولوحتى علي ماهر باشا يمثل دور القصر السياسي في الوقت الحاضر فإنه ليس بمستبعد حتى يفقد محبة الملك كما وقع للشيخ المراغي الذي كان موضع ثقة الملك وعطفه زمنا طويلا ثم ما لبث حتى زايله جميع ذلك بتأثير علي ماهر باشا كما تقول الإشاعات وقد تظهر الأيام شخصية أخرى تلعب الدور نفسه مع علي ماهر باشا (يتنبأ مايلز لامبسون هنا بدور البنداري باشا)

10- وما زال الموقف غامضا بالنسبة لما قد يتمخض عنه مستقبل الملك فاروق فهوفي الوقت الحاضر يظهر شخصية جذابة فتية ولكنه متقلب الأطوار، تلمح فيه طبائع الخديوي إسماعيل أوأحد الأمراء العثمانيين وقد تجاوز حتى أشرت في تقاريري إلى عدم انتظامه في عاداته ومواعيده المتأخرة في مباشرة عمله، وصرف الكثير من وقته في نزوات الشباب بيد أنه ليس من الإنصاف ولا من الحكمة حتى نحكم عليه وهوما يزال صبيا في الثامنة عشرة من عمره وأملنا لخير مصر حتى تنصلح حاله بعد سنوات قليلة وأن ينصرف ذكاؤه الذي لا ريب فيه ألا تعديل مسلكه، كما وقع في انجلترا لأميرنا البرنس هاري harry ولا يسعني هنا إلا حتى أضيف حتى أغلبية المطلعين على بواطن الأمور غير متفائلة بالنسبة لمستقبل الملك فاروق.

11- وقد ظل الجيش ورجال الشرطة على ولائهم للعرش ولوحتى بعض ضباط الجيش أبدوا تذمرهم بسبب الترقيات والتعيينات التي أجريت أخيرا كتعيين عزيز المصري باشا مفتشا عاما للجيش ولم يكن من رجالة وترقية عمر فتحي بك كبيرا للياوران مختطيا زملاءه في القوات المسلحة.

12- وفيما يتعلق بالسياسة الداخلية فإن المسألة الدينية هي أبرز موضوع في الوقت الحاضر وكما ورد في تقاريري السابقة فإن دوائر القصر تبذل جهدا لإحاطة الملك بهالة إسلامية ومع أني شخصيا أشك في تمسك علي ماهر بأصول الدين فإنه يساند تلك الجهود لاعتقاده حتى مصر تستطيع القيام بدور فعال إذا هي اتجهت إلى الشرق دون الغرب الأمر الذي يتيح لها حتى تصبح قوة إسلامية رائدة تستطيع أعطى نفوذها إلى آسيا.

13- علي أني لا أعتقد حتى يستمر هذا التحمس الإسلامي المصطنع فالشباب الذين يتخرجون جميع عام من المدارس الثانوية والمعاهد العليا يتطلعون إلى المبادئ والأفكار الأوربية الفهمانية ومع أنهم فخورون باعتناق الإسلام وهوقوة سياسية واجتماعية كما هوالشأن في البلاد الإسلامية الأخرى فإن ما يجري في أوروبا الحديثة من تطورات قوية يجعل من العسير على أولئك الشبان حتى يرجعوا إلى أفكار القرون الوسطى.

14- ويسرني حتى أسجل حتى النادىية المضادة للأقباط التي هجرت بطبيعة الحال في نفوسهم بعض الخوف والتي كانت سائدة بين مؤيدي الحكومة الحاضرة قد توقفت بعد فوزهم في الانتخابات النيابية الأخيرة.

15- أما في مجال السياسة الخارجية فإنه لا القصر ولا الحكومة الحاضرة قد أظهر أنه أقل ولاء من حكومة النحاس باشا نحوتطبيق المعاهدة الإنجليزية المصرية بيد حتى الوزارة الحاضرة شأنها شأن رجال الأعمال أشد يقظة من سابقتها في الناحية الاقتصادية وأوفر تقديرا للأعباء المالية المترتبة على تطبيق المعاهدة ولذلك لا يساورني شك في أننا سنقابل بعض الصعوبات مع النظام الحاضر أكثر مما كنا ننتظره من وزارة النحاس باشا في الأمور المالية المتصلة بالمعاهدة أما فيما يختص بعلاقة مصر مع الدول الأجنبية الأخرى وخصوصا إيطاليا فإن موقف القصر وموقف محمد محمود باشا إزاءها مما يدعوإلى الارتياح.

16- وقد أشرت في تقارير السابقة إلى ما يبديه الوفد من العداء لبريطانيا فقد حمل على المعاهدة الإنجليزية الإيطالية التي عقدت أخيرا ونطق إنها قد أبرمت بأساليب تتنافى مع نصوص المعاهدة الإنجليزية المصرية ومع حتى الرأي العام لا يأخذ هذه الحملات مأخذ الجد وكثير من الوفديين يأسفون لها فإن الوفد ما زالت له قوة بين الجماهير فلا تصدر عنه بادرة ولوكانت سخيفة إلا وجدت صداها في أنحاء البلاد.

17- وكذلك في الشئون الخارجية فإن الدور الذي ترغب مصر أوتقدر على القيام به في الدول العربية في المشرق لم يتضح بعد وللقصر أطماع حقيقية في تلك المنطقة وقد تسبب لنا في بعض المتاعب في هذا الصدد مستقبلا خصوصا فيما يتعلق بفلسطين.

18- ومن العسير حتى نتنبأ بمستقبل الوفد فقد حصل منذ الأزمة الوزارية الأخيرة على بعض التأييد ولم يتخل عنه بعض الأنصار الذين كانت الحكومة تأمل في انفصالهم عنه ويبدوأنهم بعد إعمال الفكر وجدوا حتى استمرارهم تحت جناح الوفد الثابت آمن لهم من الانضمام إلى الأحزاب المتناحرة التي تتولى الحكم في الوقت الحاضر ولوأتيح للقصر حتى يحكم باعتدال وبوزارة نزيهة فإن الوفد لا يلبث حتى تتفتت أوصاله أما إذا وقع العكس وهوالغالب بأن تتفتت أوصاله أما إذا وقع العكس وهوالغالب بأن تستمرئ هذه الوزارة المظالم والتحكم في شئون الناس مؤيدة من القصر كما وقع في الماضي فمن المحتمل حتى يظل الوفد قوة يحسب حسابها خارج البرلمان، وقد ينتهي به الأمر إلى التحالف مع حزب أوأحزاب برلمانية أخرى ليكون حلفا مضادا للقصر وإذا أمكن تنحية مكرم عبيد بطريقة أوبأخرى فليس بمستعبد حتى تتهيأ الظروف لجمع الضم مرة أخرى بين السعديين والوفديين.

19- وإذا صح تقديري للموقف، فإن معنى هذا حتى المستقبل مليء بالاحتمالات وأراني آسفا من ذلك كله فيما يتعلق بمستقبل مصر، هوالمشكلة الكبرى ألا وهي شخصية الملك وأحسب حتى الملك فاروق: أما حتى يلاقي نجاحا كبيرا وأما حتى يفشل فشلا ذريعا مع ما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة بالنسبة للنظام الدستوري القائم وليته كان محاطا بمن يقومه من أمثال لورد ملبورن، بيد حتى علي ماهر بكل أسف ليس لورد ملبورن .

الفصل الثالث: القاعدة البريطانية وتأمين الجبهة الداخلية

سبقت الإشارة إلى الأحوال التي يرى الجانب البريطاني فيها تهديدا للمصالح البريطانية ولسلامة القاعدة البريطانية في مصر مما يستدعي تدخله أشار الجنرال ويلسون إلى أنه حين وصل مصر في يونيه 1939 ليتولى قيادة القوات البريطانية فيهأن لفت نظره ضآلة القوات التي يتولى قيادتها بالنسبة للمهمة المسندة إليها وهي الدافع عن مصر والسودان من جهة والمحافظة على الأمن في الداخل من جهة أخرى..

وأشار إلى الاعتبارات التي تجعل المهمة صعبة وهي ماضي مصر التاريخي (وهويعني بهذا قوة الحركة الوطنية المعايدة للاستعمار البريطاني) والجالية الإيطالية الكبيرة فيها وسوء العلاقات بين السراي والحزب القائم بالمعارضة (الوفد) وبين السفارة البريطانية وكان مما يدعوإلى قلقه حتى ملك مصر هوالقائد الأعلى للجيش وعلى الإنجليز حتى يعتمدوا عليه كحليف لاتخذ إجراءات معينة للدفاع مما يجعل لتلك العلاقات السيئة أهمية عسكرية كبيرة

بذلك وضع العسكريون أصابعهم على العناصر الأساسية التي تعوق تعاون الجانب المصري تعاونا مخلصا مع بريطانيا وهي: العداء التقليدي لبريطانيا وجود جالية إيطالية كبيرة لها اتصالات واسعة في مصر بالإضافة إلى قوة النادىية الألمانية الإيطالية سياسة مصر الإسلامية والقضية الفلسطينية الحالية المالية والاقتصادية والإدارية.

كان تعاون الجيش المصري وولاؤه أمرا أساسيا فيما يختص بالجبهة الداخلية فقيامه بتأمينها بكفاءة ضد أي اضطرابات داخلية يوفر على القوات البريطانية القليلة الموجودة الحاجة إلى التدخل في وقت قد تكون فيه مشغولة بلقاءة هجوم للعدوكما حتى تعاونه في الدفاع عن مصر أصبح مطلوبا كما أشرنا أما انتقاض الجيش المصري على الإنجليز فكان أمرا بالغ الخطورة لووقع قبل الحرب أوبعد اندلاعها نظرا لقلة عدد القوات البريطانية في مصر قبيل الحرب وحسن تسليح الجيش المصري.

وكان الجانب البريطاني يقدر أهمية تعاون الجيش المصري وولائه ويراقب الأوضاع داخل في يقظة واهتمام وكانت أداته في ذلك البعثة العسكرية البريطانية التي كانت أيضا من وسائله في محاولة توجيه أمور الجيش بما يصون المصالح البريطانية.

ففي عام يناير 1939 على سبيل المثال قامت أزمة وزارية حين حاول وزير المالية تطبيق كادر الموظفين الجديد، بما يتضمنه من تخفيض المرتبات على ضباط الجيش مما أدى إلى استياء الضباط واستنطقة وزير الحربية انتهزت السراي الفرصة لتكتيل الجيش خلفها بالإيحاء بأنها تتخذ جانب الجيش مما هدد بجر الجيش إلى مجال السياسة..

حينئذ كما يقول لامبسون لهاليفاكس أبدى الجنرال ماكريدي رئيس البعثة العسكرية للسفير مخاوفه من حتى الزمام قد يفلت وعرض على حتى أقترح على رئيس الوزراء إصدار ثلاث كادرات واحد خاص بالجيش والثاني خاص بالبوليس والثالث يعامل بمقتضاه موظفوالحكومة المدنيون

وكان الجانب البريطاني يبدي اهتماما خاصا بشاغلي المنصبين المسيطرين على الجيش، منصب وزير الدفاع من الناحية السياسية ومنصب رئيس أركان حرب الجيش من الناحية الفنية لذلك فعندما طرح اسم اللواء صالح حرب باشا كمرشح لوزارة الدفاع عن تشكيل وزارة علي ماهر في أغسطس 1939 أوشك مستر بتمان القائم بأعمال السفير البريطاني حتى يحذر علي ماهر ضد تعيينه وزيرا لولا حتى الأميرال ويلز باشا مدير عام مصلحة المواني والمنائر الذي عمل مع صالح حرب أبدى رأيا طيبا فيه وكان اتجاه مستر بتمان الأول يرجع إلى تخوفه من ماض صالح حرب لأنه هرب من عمله في مصلحة الحدود وانضم إلى السنوسي خلال الحرب ولأن تعيينه وزيرا للدفاع كان يستتبعه كما يقول بتمان تعيين عزيزي المصري باشا رئيسا لأركان حرب الجيش المصري ولوحتى عزيز المصري باشا مصري الجنسية إلا أنه قضي معظم مدة عمله العسكري في الجيش الهجري والمعروف عنه أنه كثير الإطلاع في المسائل العسكرية لكني منذ بضعة أشهر أصبحت أميل إلى الارتياب في قيمة آرائه إذا لم أقل في سلامة عقله حين حاول جاهدا حتى يثبت لي حتى الألمان لم يهزموا في مسقطة المارن وعلاوة على ذلك فلدى مسببات قوية تدعوني إلى الاعتقاد حتى تعيينه لنقد يكون موضع رضاء الجيش المصري أوالبعثة العسكرية البريطانية.

(إن اجتماع هارب سابق من الخدمة (صالح حرب) ومعجب بالألمان (عزيز المصري) في وزارة الدفاع الوطني ليس أمرا مثاليا).

لهذا ففي لقاءته الأولى لرئيس الوزراء ذكر مستر بتمان مخاوفه من تعيين عزيز المصري فأكد له علي ماهر أنه سيعزله لوثارت متاعب نتيجة تعيينه رئيسا للأركان ولم يكمل عزيز المصري خمسة أشهر منصبه قبل حتى ينحي عنه تحت الضغط البريطاني..

ولا شك حتى مخاوف الجانب البريطاني من تعيين عزيز المصري كانت ترجع إلى ما معروف من وطنيته وكراهيته للاحتلال بالإضافة إلى إعجابه بالعسكرية الألمانية.

وقد حرص الجنرال ويلسن على إقامة علاقات طيبة مع الجيش المصري وتجنب قيام أي خلاف مع القوة العسكرية اللقاءة على الجانب المصري لذلك فعندما قامت الحرب في سبتمبر 1939 وأصبح من الضروري حتى توضع مصر في حالة الاستعداد لها بأسرع ما يمكن اتبع ويلسن طريقة عقد مؤتمر يومي يحضره هوأوأحد كبار مساعديه وماكريدي مع كبار الضباط المصريين للاتفاق على الإجراءات اللازمة وبهذه الطريقة أمكنه حتى ينجز الكثير دون حدوث خلاف وكان الاشتراك الجيش المصري منذ خريف 1939 في التدريبات مع القوات البريطانية وقيامهما بمناورات مشهجرة عاملا خريف 1939 في التدريبات مع القوات البريطانية وقيامهما بمناورات مشهجرة عاملا آخر قصد به توثيق صلات التعاون والتفاهم بين الجيشين خاصة وقد كان بعض الضباط المصرية أعضاء فخريون في ميس الضباط الإنجليز.

ولا شك حتى الجنرال ويلسن كان يشر إلى تلك الجهود كما أنه يوضح تقديره لأهمية موقف الجيش المصري وأثره على الجبهة الداخلية حين يقول تعليقا على حادث أربعة فبراير 1942 الذي فهم به وهوفي سوريا (لقد ذهلت وفزعت لهذه الأنباء لأني شعرت بأن كافة الجهود التي بذلتها في الأيام الأولى للحرب لإقامة علاقات طيبة مع المصريين وضمان نعاونهم قد تبددت وكان من الممكن حتىقد يكون لهذا العمل رد عمل في الجيش المصري له ضرره البالغ على مجهودنا الحربي وكانت جهود عطا الله باشا رئيس الأركان في معالجة الحالة هي وحدها التي حالت دون وقوع أحداث

ويتضح أيضا تقديره أهمية موقف الجيش المصري مما وقع في عام 1934 حين أراد الملك فاروق حتى يقبل وزارة النحاس بمناسبة أزمة الكتاب الأسود ذلك حتى لامبسون أراد حتى يكرر حينئذ ما وقع ف أربعة فبراير 1942 من تدخل بريطاني فعارض في ذلك العسكريون ويقول ويلسن أنه شعر أنها ستكون كارثة حتى نعيد المسلك المختلف حول تقديره والذي أقدمنا عليه في أربعة فبراير 1942 لأن النتائج التي ستترتب عليه ستكون أبعد أثرًا وتؤدي إلى اشتباك البريطانيين في حرب مسلحة مع الجيش المصري أوعلى الأقل يقابل البريطانيون بنوع من الإضراب من بعض القوات المصرية وسوف يخلق على جميع حال موقفا خطيرا في الجيش المصري وكان الجيش المصري في ذلك الوقت يتولى المدفعية المضادة للطائرات وحراسة المناجم والمنشآت

هذا عن تعاون وولاء الجيش المصري أما العوامل التي تعوق تعاون وولاء المصريين بوجه عام فمنها كما أشرنا العداء التقليدي لبريطانيا نتيجة الكفاح الطويل المرير الذي خاضته الحركة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني فلم يكن مما يتفق مع طبيعة الأمور حتى تختفي بمجرد توقيع المعاهدة جميع عوامل عدم الثقة والشعور بالظلم والمرارة والكراهية التي رسخت خلال احتلال قارب حينئذ ستون عاما خاصة وأن المصريين لم يشعروا بعد المعاهدة بأن الأوضاع تغيرت كثيرا عما كانت خاصة وأن المصريين لم يشعروا بعد المعاهدة بأن الأوضاع تغيرت كثيرا عما كانت عليه قبلها فجيش الاحتلال استمر في ثكناته في القاهرة والإسكندرية ولا تزال بريطانيا تتدخل في شئون مصر كما أكد الوفد بعد إنطقة وزارة النحاس في 30 ديسمبر 1937 وزاد الطين بلة أعباء مالية ثقيلة ترتبت على التزامات المعاهدة واحتمال توريط مصر بمقتضى التحالف في مشاكل وحروب بريطانيا التي لا تمس المصالح المصرية في قليل أوكثير.

ذلك كان المحور الرئيسي الذي تدور حوله النادىية الألمانية الإيطالية الموجهة بالعربية إلى مصر من محطة برلين في ألمانيا ومحطة باري في إيطاليا وكانت تساند تلك النادىية وتقوي من أثرها جالية إيطالية كبيرة في مصر ومفوضية إيطالية نشطة في القاهرة

أما الجالية الإيطالية فيقدر عددها بحوالي 60 أو70 ألفا منتشرة في الوجه البحري مع هجريز في القاهرة والإسكندرية والسويس وبورسعيد وكان نفوذها في مصر يعتمد على كثرة عددها وانتشارها واتصالاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المصريين .. كما يرجع إلى عاملين آخرين هامين، أحدهما تأثيرها داخل القصر نتيجة وجود بعض الإيطاليين ضمن الحاشية، أوقيامهم ببعض الأعمال داخله منذ أيام الملك فؤاد الذي تربي في إيطاليا ومن هؤلاء أنطون بوللي الذي كان كهربائيا ثم انضم إلى الحاشية وهاروالحلاق وكانوتشي مدرب الكلاب ومنهم شخصيات كان لها بعض النفوذ في القصر هم ميلانيزي رئيس فريق الموسيقى وفيروتشي كبير مهندسي القصر وأنجلوسان ماركوالمؤرخ.

العامل الآخر هوحتى جانبا كبيرا من تلك الجالية كان يتعاطف مع الحركة الوطنية في مصر منذ سنة 1919 يتمثل ذلك في نشاط جمعية الصداقة المصرية الإيطالية ونادي خريجي الجامعات والمدارس الإيطالية وبعض الصحف التي تصدر في مصر بالإيطالية مثل جورنالي دي أورينتي والمساجيرو، وروما ومديتارينووكورييرديتاليا لكن جانبا آخر من تلك الجالية كان يؤيد الاحتلال.

وقد انقسمت الجالية الإيطالية أيضا في موقفها من الفاشية واختلفت المصادر في أي الفريقين أرجع المؤيدون أوغير المؤيدين للفاشية فالجنرال ويلسن يرى حتى الجالية الإيطالية كانت قليلة التحمس للفاشية أما جان ليجول فيؤكد أنها كانت شديدة الحماس لقضية الفاشية.

والحق حتى الجالية الإيطالية من هذه الناحية كان يتجاذبها فريقان: المفوضية الإيطالية بنشاطها وتنظيماتها ممثلة للفاشية والعناصر المعادية للفاشية.

وتلقى تقارير الأمن في سنوات 1940 و1941بعض الضوء على الفريق الثاني.. إذ توضح لنا أنه كان هناك تنظيمات هما:

(لجنة الإيطاليين الأحرار في مصر) comitato d azioni degli italiani liberi In Egitto و(الحزب المعادي للفاشية) gruppo d azioni antifascista وأن هذين التنظيمين قد اندمجا في مارس 1941 تحت اسم الحزب الإيطالي الحر المعادي للفاشية.gruppo d azioni antifascista el italiani liberi ويمثله في القاهرة لجنة من ثمانية أعضاء هم: alceste coli, Antonio indracollo, Maurizia والدكتور sandro rocca, edmondojabes angelo tartgni, ezio vais التي تقوم بعمل السكرتارية vittorio boccara paolo lanza والبرفسور boccara

وكانت تلك الجماعات تلقى التأييد والمساعدة من اليهود والماسون والسلطات البريطانية والسلطات المصرية فلسان حالها جريدة corriere d Italia كان يخط فيها شبان يهود تلقوا تعليمهم في إيطاليا ويساعدها ماليا أغنياء اليهود ومخط الاستعلامات البريطاني كما كانت تلك الجماعات على اتصال بالقسم المخصوص بوزارة الداخلية المصرية.

إذ أخذنا الصحافة كمقياس فإننا نخرج من ذلك بنتيجة هي حتى الجماعات المعادية للفاشية كانت هي الجانب الأضعف فجريدة giornale d oriente المعادية للفاشية لم تلبث حتى احتجبت في مارس 1941 رغم اندماج القوى المعادية للفاشية حينئذ كما راينا ورغم نجاح القوات البريطانية في مصر في طرد الإيطاليين من برقة وهي عوامل كان مفروضا حتى تقوم من وضع القوى المعادية للفاشية وبالتالي رواج الجرائد المعبرة عن آرائها.

ورغم حملة جان ليجول في كتابه على المفوضية الإيطالية وأفرادها وغضه من كفاءتهم، وهووضع طبيعي من صحفي فرنسي كان عليه حتى يقابل نادىية المحور المعادية للحلفاء في مصر فالأمر الواضح حتى من كلامه، حتى المفوضية الإيطالية كانت تملك الوسائل ولديها الكفاءة ولها الاتصالات التي تجعل لنادىيتها تأثيرا من المصريين فهناك العدد الكبير الذي تضمه المفوضية الإيطالية والذي يقول ليجول أنه يبلغ المائة وهناك الجالية الإيطالية الكبيرة والكثير من أفرادها متحمس للفاشية وهناك المدارس الإيطالية في بعض المدن الهامة وبخاصة في القاهرة والإسكندرية بالإضافة إلى (مركز الفاستية) في المدرسة الإيطالية بالقاهرة وكان التعليم فيها بالمجان وتضم 400 طالبا مصريا وكان الحزب الفاشستي في روما هوالذي يعين السكرتير السياسي لذلك المركز كما حتى الوزير المفوض كونت ماتزوليني mazzolini كان أحد منظمي الفاشية الأوائل عام 1919 وشارك في الزحف على روما كما كان سكرتيرا مساعدا للحزب يضاف إلى ذلك حتى الكابتن أوجودادون ugo dadone رئيس مركز الاستعلامات الإيطالي كان أيضا من كوادر الحزب الهامة وكان يتخذ مركز الاستعلامات وسيلة لتنظيم طابور خامس كبير النشاط ولجمع المعلومات.

من شخصيات المفوضية الهامة كان هناك ثلاثة لهم اتصالات اجتماعية واسعة هم ما تزولين ودادون والملحق التجاري ديسيوبافوني decio buffoni كان دادون ذوصلات واسعة له كثير من المعارف والأصدقاء بل ويعهد جميع إنسان في القاهرة كما يقول ليجول وتفتح له الأبواب أينما مضى أما (بافون) فكان رساما له صلاته بالمجتمع الفني والأوساط المثقفة في القاهرة.

وكان يساند المفوضية الإيطالية في نشاطها مفوضيات الدول الموالية للمحور، وبخاصة المفوضية الألمانية فتدل تقارير الأمن على أنه تكونت في القاهرة هيئة ausiand nazi frauensch تضم النساء الألمانيات المتزوجات من غير آريين ومن أغراضها النادىية للمبادئ النازية ونشر الإشاعات وأعمال التجسس

تلك هي ركائز النفوذ والنادىية الإيطالية الألمانية التي كانت مصدر قلق دائم لسير مايلز لامبسون خوفا منه على الجبهة الداخلية فمنذ وقت مبكر وفاروق لا يزال يحكم عن طريق مجلس الوصاية وجهود لامبسون متصلة للتخلص من الحاشية الإيطالية في القصر وعلى الأخص فيرتشيverucci كبير المهندسين حاول ذلك في مايو1936 ثم نصح فاروق ثانية في مارس 1939 بأنه كملك دستوري لمصر المستقلة ينبغي ألا تضم حاشيته عناصر غير مصرية لكن مساعديه لم تصادف نجاحا قبل نشوب الحرب.

وقد تواليت تقارير لامبسون تحمل شكواه من النادىية الإيطالية الألمانية ومخاوفه من آثارها ففي يناير 1939 خط يقول الحق أنه يخشى حتى عملاء إيطاليا وألمانيا قد يؤثرون بواسطة صنائعهم داخل القصر وخارجه على الملك فاروق بما يريده محور روما برين، أي حيدة مصر في حالة قيام الحرب وليس هناك من شك في حتى النادىية الألمانية والإيطالية تعمل على حتى تزكي بين المصريين جميعا سواء أكانوا من الطبقات العليا أوالدنيا الشعور بأن مصر ينبغي حتى تتجنب الانسياق إلى حروب إنجلترا إذا كانت تلك الحروب لأسباب لا تمس مصالح مصر بطريقة مباشرة لقد توقفت النادىية الإيطالية المفتوحة ضد بريطانيا توقفا تاما منذ حتى صودق على اتفاقية رومأن لكن النادىية الألمانية حلت محلها وهي تعمل لصالح طرفي محور روما برلين ولا شك أنه يوجد تفاهم وثيق بين تنظيمات النادىيتين الألمانية والإيطالية ويما يختص بمصالحنا لا يعنيا كثيرا أي الشريكين يدير النادىية المضادة لنا.

النادىية الإيطالية الألمانية شاملة لكن يظهر حتى أحد مجالاتها المفضلة هوما يماثل في مصر الطبقة الأرستقراطية في أوروبأن أي البلاط ومن يدورون في فلكه، الأتراك والمصريون المتهجرون والعناصر الراقية والأكثر تعاليا في المجتمع المصري في هذا المجال يجد عملاء النادىية الإيطالية الألمانية آذانا أكثر تعاطفا عما هوالحال في الدوائر الأكثر بورجوازية وشعبية التي لا تزال على عدائها لإيطاليا تحت لواء الوفد وكل هذه النادىية المقنعة والمتباينة لها غاية واحدة هي تقويض مركز انجلترا في مصر والشرقيين الأدنى والأوسط لصالح محور روما برلين ولابد لها حتى تضعف مركزنا في أي وقت وفي أي مكان تتعارض فيه مصالح بريطانيا العظمى مع مصالح العالم المصري العربي

لكن غزوالبانيا في أبريل دفع إيطاليا إلى تنشيط نادىيتها في مصر تبريرا للغزووتلمحا إلى ما عليه بريطانيا من ضعف ولما كان الجانب البريطاني ملتزما بالاتفاقية الإنجليزية الإيطالية (معاهدة روما) فقد وقف مغلول اليدين عاجزا عن لقاءة تلك النادىية مما أضعف موقف بريطانيا وزاد من ضعفه زيادة دكتور جوبلز وزير النادىية الألماني لمصر بعد ذلك مباشرة لذلك لجأ لامبسون إلى طريقة استعراض القوة بمرور بعض القوات البريطانية في عرض كبير في شوارع القاهرة ثم خط يتقرح بإصرار شديد حتى يسمح له بالقيام بحملة نادىية مضادة في الحال إنها لازمة من وجهة النظر العسكرية القائد العام (البريطاني) تحدث إلى في ذلك عدة مرات بإصرار والأوضاع المحلية تتطلبها ولا أملك سوى حتى أعرض وجهة النظر التي ترى حتى الصمت المفروض علينا حاليا هوجنون مطبق حتى لوكان ذلك منى صراحة زائدة عن الحد إذا الوضع وصل إلى حد يدفعني إلى حتى أقترح حتى تبدأ حملتنا النادىئية المضادة من الأسبوع القادم إذا كم تصلني تعليمات تخالف هذا

ومع ذلك فإن وزير الخارجية صرح له باستخدام ما لديه من وسائل لإيضاح وجهة النظر البريطانية ووقوف بريطانيا ضد العدوان لكنه منعه من حتى يجاوز ذلك إلى حملة تهاجم إيطاليا فذلك نقض للمعاهدة الإنجليزية الإيطالية التي تعتز بريطانيا حتى تلتزم بها لأن نقها يعطي إيطاليا مبررا للتحلل من التزاماتها بمقتضاها تلك الالتزامات التي تفيد بريطانيا فيما يختص بالشرق الأدنى وسحب القوات الإيطالية من أسبانيا

وعاد لامبسون في مايو1939 يشكوم النادىية الإيطالية الألمانية ويتقرح علاجا مباشرا لها بقوله ساق القلق المصري نتيجة استيلاء ألمانيا على باقي تشيكوسلوفايكا والغزوالإيطالي لألبانيا أيضا الحكومة لأن تكون عونا لنا في مسألة النادىية الألمانية الإيطالية التي أصبحت منذ زيارة الدكتور جوبلز في الشهر الماضي أكثر شمولا وأشد قوة وقد نوهت في ممحرراتي السابقة بخطر هذه النادىية وبعد كفاية إجراءتنا المضادة إذا الشرط الأساسي الذي ينبغي توافره لكي نقوم بهجوم مضاد ناجح هوإنشاء وزارة للإعلام في لندن واتخاذ القاهرة مركزا للنادىية في العالم المصري العربي وهذا يماثل تماما التنظيم الإيطالي والألماني

وقد أنشأت عملا وزارة للإعلام في لندن تضم قسما خاصا بالشرق الأوسط.

من العوامل الأخرى التي كانت تؤثر في موقف المصريين في بريطانيا وبالتالي مصدر قلق للامبسون على سلامة الجبهة الداخلية سياسة مصر الإسلامية وموقفها من القضية الفلسطينية ذلك حتى مصر بعد معاهدة 1936 أخذت تبحث لها عن دور في السياسة العالمية ولم تبدأ مصر ذلك من فراغ فقد كانت تنازعها عدة اتجاهات منذ آخر القرن التاسع عشر فبالإضافة إلى شعورها بشخصيتها المتميزة كان هناك اتجاه إسلامي قوي نحوالجامعة الإسلامية ذلك الاتجاه الذي كان يشجعه من الخارج سلاطين هجريا ويشجعه من الداخل الكثير من الهيئات والمفكرين منهم الحزب الوطني كان هناك أيضا الاتجاه العربي ويدعوله مفكرون أمثال عبد الرحمن الكواكبي ويشعه الخديوي عباس حلمي الثاني نكاية في السلطان العثماني ولتحقيق مآرب سياسية.

وفي الفترة التي يتناولها البحث الآن كان الاتجاهان يسيران جنبا إلى جنب على المستوى الشعبي أما على المستوى الرسمي فكان الاتجاه الإسلامي هوالأعلى نتيجة للسياسة الإسلامية التي اتبعها الملك فاروق لزيادة شعبيته بتوجيه من الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر وعلي ماهر باشا رئيس ديوانه تلك السياسة التي تضمن إظهار الملك الشاب بمظهر الصلاح والتقوى وأدائه صلاة الجمعة جميع أسبوع في أحد المساجد والهتاف له بلقب الخليفة وأمير المؤمنين ومحاولة صبغ حف وتولية العرش بالصبغة الدينية وقد تضمنت هذه السياسة الإسلامية بحكم الضرورة انعكاسات عربية وبخاصة فيما يتصل بقضية فلسطين وفي أكتوبر 1938 عقد في القاهرة المؤتمر البرلماني العربي والإسلامي لنصرة قضية فلسطين وحين تألفت وزارة علي ماهر في أغسطس 1939 ضمت ثلاثة من كبار المدافعين عن الإسلام والعروبة وهم عبد الرحمن عزام وصالح حرب ومحمد علي علوبة

تلك السياسة الإسلامية العربية كانت كما أشرنا مصدر قلق للامبسون علي سلامة الجبهة الداخلية من وجهة النظر البريطانية فخط في نوفمبر 1938 عقب المؤتمر البرلماني لنصرة قضية فلسطين يقول (ما كاد ينتهي الفزع الناشئ عن تذر الحرب حتى أخذت المسألة الفلسطينية بوصفها من الشئون الخارجية مكان الصدارة على السياسة الداخلية وقد شجع القصر والحكومة الحركة الفلسطينية هنا كجزء من سياسة مصر الإسلامية المسيطرة في الشرق الأدنى والأوسط واستجابة للمساعي التي بذلتها لدى القصر والحكومة أمكن توجيه مداولات المؤتمر العربي البرلماني إلى أسس معتدلة نسبيا وفي نفس الوقت فإن الجمعيات الإسلامية المتنوعة التي ازداد عددها في السنة الماضي ولها اتصال بالقصر قد اشتد عنفها في استنكارها للصهيونية والجبهة الإمبريالية التي تساندها وهي بريطانيا العظمة وهنا مرة ثانية استجابت الحكومة لتوسطاتي وأظهرت بعض السيطرة على عوامل الهياج وقد أصبحت الجامعة المصرية أيضا مركزا لهذه لحركات المعادية لبريطانيا ويشهجر فيها الطلاب من جميع الأحزاب ومع حتى الوفد قاطع المؤتمر البرلماني لأنه انعقد تحت رعاية النظام الحالي إلا أنه استغل المسألة الفلسطينية ليظهر بريطانيا العظمى بمظهر العدوالأكبر وليظهر فتور الحكومة نحوالقضية العربية لأن الوزارة كما يدعي الوفد مدينة للدعم البريطاني بالاستمرار في الحكم.

ونظرا لتعاطفي المصريين الشديد مع عرب فلسطين فما لم تحل المشكلة الفلسطينية فإنها ستظل مادة يستغلها المحرضون السياسيون سواء في ذلك القصر أوالوفديون لمهاجمة بريطانيا العظمة المحرضون وإلحاق الضرر بالعلاقات المصرية الإنجليزية إذا حل هذه المشكلة من شأنه حتى يقلل من الصعوبات التي نلاقيها هنا ولا يفتأ رئيس الوزراء يردد هذا الرأي في أحاديثه معي...

لا يزال الملك فاروق بإرشاد علي ماهر باشا يواصل السياسة الإسلامية التي كان والده يسير عليها دون حتى تكون له بصيرته أما في الخارج فإنها هذه السياسة الإسلامية تميل إلى تعزيز نفوذ مصر في العالم الإسلامي تحت رعاية بريطانيا العظمى وفرنسا وسواء أكان هذا الحلم الأخرق يؤدي إلى قيام الخلافة في مصر أوكان الهدف العملي الوصول إلى نوع من الرياسة الدينية في الإسلام فإن هذه السياسة الملكية تنطوي على خطر إثارة كراهية الأجانب في مصر كما أنها تؤدي إلى توثيق التعاون بين الدول الإسلامية التي تناهض سياستنا وسياسة الفرنسيين وعما قليل يفترض أن يتضح الموقف في هذا الأمر الحيوي الهام فإما حتى يواصل العالم الإسلامي صداقته التقليدية لنا وإما حتى ينحاز إلى الجانب الإيطالي الألماني لذلك فإن السياسة الإسلامية التي ينتهجها ملك مصر يجب حتى تكون موضع اهتمامنا الكبير وينبغي حتى نراقب تطوراتها بعناية فائقة

وفي يناير 1939 خط يقول حتى المسألة الفلسطينية تعمل على استمرار تعقيد العلاقات المصرية البريطانية وأن مصر (تطمع في استخدام استقلالها الذي حصلت عليه أخيرا في حتى تلعب دورا قياديا في الشرقين الأدنى والأوسط إذا أطماع الملكية في الخلافة تجعل عون مصر مؤكدا لأية قضية إسلامية داخل أوخارج الحدود المصرية.

هذا الحماس الإسلامي المثار قد نفث عن نفسه تنفيثا طبيعيا في حملة متصلة هدفها مساعدة جيرانها من مسلمي فلسطين الذين يتخذ جهادهم ضد البريطانيين واليهود صورة الحرب المقدسة وقد ألقى وصول المنفيين من سيشل مزيدا من الوقود على النار المشتعلة وهم ضيوف جمعية الشبان المسلمين وقد أصبحوا مركزا لأعمال الهياج الإسلامي المعادي للبريطانيين إذا قسوة أعمال القمع العكسري التي كان يتعذر تجنبها في فلسطين قد أتاحت الفرصة لاستغلال ما أسموه بالوحشية البريطانية ومرة تلوالأخرى كان على السفارة حتى تحتج على هذا الهياج لدى وزارة الداخلية من وقت لآخر كانت السلطة المصرية نتيجة لطلباتنا تصادر بعض الكتيبات الجارحة المضادة للبريطانيين..

وعلى أية حال يجب ألا نفترض حتى التعصب الديني هووحده المسئول عن مساعدة المصريين لعرب فلسطين فجميع المصريين يتعاطفون عملا مع العرب في جهادهم وأكثر ويخشى المصريون وربما لخوفهم ما يره حتى جوار دولة يهودية قوية يؤثر جديا في تفوق مصر الاقتصادي في الشرق الأدنى.

يجب حتىقد يكون في بالنا أنه توجد هنا جالية فلسطينية مهمة غالبية أفرادها من اللاجئين وأن هؤلاء الفلسطينيون سيظلون مركزا دائما لهياج مضاد للبريطانيين إلى حتى تتم تسوية المسألة الفلسطينية بما يرضي العرب وهذه صورة من الموقف في فلسطين لها أهميتها الكبرى بالنسبة لوضع بريطانيا العظمى في مصر.

ولا ريب في حتى متاعب بريطانيا العظمى مع العالم العربي بشأن فلسطين تضعف من موقفها في شرق البحر المتوسط بشكل محسوس وبذلكقد يكون لها أثر سيء على دورنا كحليف لمصر وقد تجاوز حتى أوضحت حتى مصر لم تعد على ثقة كاملة من قدرتنا على توفير الحماية الكافية لها ضد العدوان لذلك كان لابد من الإسراع بتسوية المسألة الفلسطينية بكيفية تعيد لنا تأييد العالم العربي وبذلك يقوي موقفنا هنا

وعاد لامبسون في مايو1939 يقول أنه (من الواضح حتى عداء الوفد لاشتراك مصر في حرب يمكن بسهولة تصويرها للشعب الجاهل على أنها حرب بريطانيا العظمى وليست حرب مصر قد يعقد أعمالنا وأعمال الحكومة المصرية إلى درجة كبيرة.. وإذا لم تحل المسألة الفلسطينية سريعا حلا سقميا فإنها ستمد الوفد بالكثير من الذخيرة الفعالة (ضد بريطانيا)

ولا شك حتى هذا الضغط الشديد من جانب لامبسون لسرعة تسوية المسألة الفلسطينية بما يرضى العرب كان من العوامل الهامة التي أدت إلى تغيير بريطانيا سياستها في فلسطين أواخر 1938 وأوائل 1939 فقبل ذلك كانت السياسة البريطانية منذ يوليو1937 تقوم على أساس تقرير لجنة بيل peel الذي تضمن الاقتراح بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية ومنطقة محايدة تضم الأماكن المقدسة ثم أوفدت في أبريل 1938 لجنة التقسيم لتضع تفاصيل تطبيقه ونشر تقريرها في أكتوبر في ذلك التقرير أوضحت اللجنة حتى التقسيم غير عملي لكنها في النهاية عرضت مشروعا معدلا للتقسيم يقوم على أساس تكوين اتحاد جمركي من الأقسام المتنوعة وفي نوفمبر 1938 أعربت الحكومة البريطانية عن عدولها عن سياسة التقسيم واعتزامها دعوة ممثلين لعرب فلسطين ولليهود وللدول العربية المجاورة إلى مؤتمر يعقد في لندن للبحث عن حل للمسألة الفلسطينية

لم يسفر مؤتمر المائدة المستديرة (فبراير – مارس1939) عن حل لكن المقترحات التي تقدمت بها الحكومة البريطانية خلاله هي التي صدر بها الكتاب الأبيض في مايو1939 وتتضمن إنهاء الانتداب وإقامة دولة واحدة مستقلة خلالعشرة سنوات، وتحديد الهجرة وإيقاف الهجرة غير الشرعية وبيع أراضي العرب لليهود تلك كلها مكاسب للعرب ويلاحظ حتى فترة هذا التطور في السياسة البريطانية تتفق مع إجازة لامبسون في بريطانيا وهي تمتد عادة بين يوليووأكتوبر وخطاباته المتوالية التي أشرنا إليها بين نوفمبر 1938 ومايو1939.

وكانت حالة البلاد الإدارية والاقتصادية والمالية بوجه عام تزعج لامبسون وتثير قلقه على الجبهة الداخلية.

ترتبت على معاهدة 1936 عدة نتائج كان لها صداها في المال في المجال الإداري والاقتصادي فقد ألغيت الامتيازات الأجنبية واسترددت مصر حريتها في التشريع للأجانب وفي فرض الضرائب المباشرة عليهم وقد أثار ذلك قلق الأجانب وتخوفهم من الكيفية التي ستزاول بها الحكومة المصرية سلطاتها التي استردتها وكان لهذه المخاوف أثرها في المجال الاقتصادي ومن النتائج التي كانت مصدر توجس وترقب أيضا تصفية القسم الأوروبي أوبوليس الأجانب في وزارة الداخلية.

وقد ترتبت على استرداد مصر حريته فيم يختص بفرض الضرائب حتى سنت قوانين جديدة خاصة بضرائب الدخل والتمغة والهجرات لتنمية موارد الدولة وذلك دون تطوير مبكر وسريع للإدارات الخاصة بجباية تلك الضرائب بالشكل الذي يحمل من كفاءتها ويمكنها من مجابهة تلك الأعباء الجديدة وكانت الحاجة مساة إلى هذا التطوير حتى تجني الدولة أقصى فائدة من تلك القوانين الجديدة مما يمكنها من لقاءة الأعباء الباهظة التي فرضتها عليها المعاهدة ومن لقاءة أعباء التنمية في مجتمع حديث عهد بالاستقلال وبذلكقد يكون العجز الإداري أساس لعجز مالي واقتصادي يقع ضرره في النهاية على المجتمع ويؤدي إلى تذمر أفراده من السلطة الحاكمة.

يضاف إلى ذلك انخفاض أسعار القطن في نهاية عام 1938 وأوائل 1939 مع نقص محصوله نتيجة لظروف جوية ومهاجمة الآفات للمحصول مما أدى إلى سوء الحال في الريف والعجز عن تسديد الديون العقارية ومهاجمة الحكومة والضغط عليها لإيجاد حل حاسم لتسوية تلك الديون وقد أدى سوء حال البلاد المالية والاقتصادية إلى تفشي البطالة.

ولما كان الاعتقاد لا يزال حينئذ سائدا بأن بريطانيا مستمرة على التدخل في شئون مصر بعد معاهدة 1936 وأن تلك المعاهدة قد أثقلت مصر بالتزامات مالية فادحة فإن جانبا كبيرا من الاستياء نتيجة سوء الحالة المالية والاقتصادية كان ينصب على بريطانيا.

تلك هي الحالة التي كانت مبعث قلق السفير البريطاني وخوفه من أنها ستؤدي إلى وجود شعور عدائي في مصر ضد بريطانيا وضد المعاهدة وقد عبر عن مخاوفه تلك ابتداء من نوفمبر 1938 إذ خط يقول (إن مصر ضد بريطانيا وضد المعاهدة وقد عبر عن مخاوفه تلك ابتداء من نوفمبر 1938 إذ خط يقول (إن مصر مقبلة على أوقات عصيبة ولم يبز من رجال السياسة فيها من هوكفء لرسم تخطيط سليم للقاءة الأخطار التي تهدد مستقبل البلاد.

الموقف المالي والاقتصادي سيء فالمساحة المزروعة قطنا العام أقل من مساحة العام الماضي كما حتى المحصول قد انخفض بسبب العوامل المناخية وبسبب الخسائر الفادحة التي أحدثتها دودة القطن ولظروف الفيضان ومع حتى التقديرات تختلف فالاعتقاد السائد هوالمحصول هذا العام يقل عن محصول العام الماضي بمقدار الثلث مما يؤدي إلى خسارة في الدخل القومي تبلغ عشرة ملايين من الجنيهات كما حتى حصيلة الجمارك قد أظهرت اتجاها إلى الانخفاض وقد أصبحت جباية ضريبية الأطيان الزراعية من الفلاحين الذين يعانون من النكبة أمرا شاقا يستلزم إجراءات مشددة ضد المختلفين عن السداد وقد بدأت الحكومة وضع مشروعات للإسراع في زيادة عدد الجيش وقوة الطيران بل وفي إنشاء بحرية مصرية، ولا أعتقد حتى هناك تقديرات سليمة أوحتى ميزانية قد وضعت للموازنة بين المصروفات المتزايدة وبين هذه المشروعات الطموحة في حدود موارد البلاد الاقتصادية.

وقد أشار إلى مشروعات ضرائب الدخل والتمغة والهجرات وأنها قدمت إلى البرلمان في سبتمبر وأدخلت عيها بعض التعديلات وأنها ستبحث خلال الدورة الجديدة ونطق وحتى إذا تمت الموافقة عليها في صورتها المعدلة فإنه لا يحتمل حتى تكون مصدرا كبيرا للإيراد لفترة كبيرة وكذلك فإن الأجهزة اللازمة للإدارة الفعالة في هذه الظروف المالية المعقدة لا تتوفر لها الخبرة الكافية ومن ثم فإن الحكومة تقابل برنامجا عسكريا ضخما لا يمكن تمويله من اعتمادات الإيرادات الحالية إذا أريد تطبيقه، ومن المفروض حتى تلجأ الحكومة إلى المبالغ الاحتياطية بالميزانية.

ومن الصعب حتى نتجنب التشاؤم تجاه مستقبل مصر الاقتصادي والمالي نظرا لالتزاماتها العسكرية الجديدة ولضعف الجهاز المنوط بلقاءة الأعباء الجديدة التي تثقل موارد البلاد الاقتصادية ومن صور هذا التشاؤم الذي يشعر به المستثمرون أجانب ووطنيون نزول أسعار الأوراق المالية المصرية ولوحتى هذا النزول يرجع أيضا إلى عوامل اقتصادية عالمية.. وسوف يؤدي زيادة الأعباء المالية إلى حتى يزداد الناس كراهة للقصر ويقوم تذمرهم ضد نظام القصر الذي يعزون إليه متاعبهم الاقتصادية.

ولما كان الناس يخشون حتى يتعرضوا للمخاطر إذا ما أعربوا عن معارضتهم للملك فإنهم ينحون باللائمة على إنجلترا كما تعودوا ذلك من قبل وقد بدأ الوفد بالعمل حملته على برنامج الإنفاقات العسكرية بدعوة حتى هذه الأعباء فرضت على المصريين لخدمة مصالح الإمبريالية البريطانية والوفد يعتبرنا مسئولين عن جميع إجراء حكومي يثير السخط لدى الشعب ولا يزال المصريون يعيشون على المفاهيم القديمة التي مؤداها حتى إنجلترا في حقيقة الأمر هي التي تمسك بخيوط الحكم وتحركها وراء ستار من الإنادىء بعدم تدخلها لذلك فإن النادىية الوفدية تلقى آذانا صاغية ليس بين الجماهير الجاهلة فحسب بل بين المتفهمين وأنصاف المتفهمين أيضا وطالما استطاع الملك فاروق وحكومته حتى يحولوا دون تدهور خطير في الجهاز المالي والإداري فإن ما يثيره الوفد من مشاعر التذمر لنقد يكون خطيرا لكنه قد يبلغ درجة الخطر إذا ما تعدت المشاكل الجديدة الإدارية والمالية طاقة حكام مصر الحاليين وقد يجد السخط الشعبي الناجم عن الخلل الاقتصادي منفذا في قيام تحركات معادية للقصر بل ومعادية لبريطانيا وللمعاهدة بصفة خاصة ذلك حتى الحقيقة تظل دائما ماثلة في حتى مصير التعاون بين انجلترا ومصر مرتبط بصلاحية الأداة الحكومية المصرية وبمتطلبات السياسة الدولية

وعاد لامبسون في يناير 1939 إلى الكتابة عن سوء الحالة المالية وأشار إلى حتى هذه الصعوبات قد ازدادت واستمر هبوط الدين الموجد بدرجة تدعوإلى القلق ومع حتى هذا الهبوط يعزي من جهة إلى عوامل خارجية ومن جهة أخرى إلى ضعف اقتصاد البلاد بسبب الهبوط الكبير في أسعار القطن إلا حتى انعدام الثقة في مستقبل مصر الإداري قد لعب دورا كبيرا في هبوط الأوراق المالية المصرية فمشروع القانون المعروض الآن أمام البرلمان على سبيل المثال والذي مؤداه حتى يخلص ملاك الأراضي من جزء كبير من رهنيات أراضيهم قد أثار شعورا سيئا في الدوائر المالية التي تنظر إليه كدليل على عبث الغوغاء بسمعة البلاد.

إن المصريين المستثمرين لأموالهم في السندات الحكومية معظمهم من الأجانب أوشبه الأجانب كاليهود والسوريين وغيرهم من المتجنسين بالجنسية المصرية وقد بدأوا يدركون حرج موقفهم باعتبارهم أقلية من الدائنين تقابل أغلبية ساحقة من المدينين المصريين الذين أصبحوا بعد استقلال مصر وإلغاء الامتيازات يتمتعون بقوة يحتمل حتى يسيئوا استخدامها في مصالحهم المالية بغض النظر عن سمعة البلاد.

وأشار لامبسون إلى حتى الدكتور أحمد ماهر وزير المالية حينئذ قد بذل جهدا جبارا لضغط المصروفات وبخاصة اعتماد مرتبات الموظفين كما أنه اقترح كادرا جديدا يتضمن تخفيضات كبيرة في مرتبات الموظفين ويبدي تشككه في حتى تتمكن الحكومة من المضي في هذه السياسة لأن الموظفين في مصر قوة تخشاها جميع الحكومات ثم أشار إلى الصعوبات التي تقابلها مشروعات الضرائب الجديدة في البرلمان واستغلال الوفد للأزمة المالية وكادر الموظفين الجديد لإحراج الحكومة وعرج على الاضطرابات التي يثيرها طلبة الأزهر ودار العلوم والجامعة والمدارس الفنية بقيامهم بالإضراب للضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم فيما يتعلق بتوظيف الخريجين ونطق حتى وراء حركة الاضطرابات هذه توجد معضلة البطالة التي تفشت بين العمال والتي كان سببها التطور السريع للتعليمين العالي وغير الفني في بلاد زراعية لا تتوافر فيها فرص العمالة التي تكفي لتوظيف آلاف الشباب الذين عدلوا عن الاشتغال بالزراعة إذا خطر الثورة الكامن في هذا الوضع واضح جلي إذا الحقائق المؤلمة للموقف المالي والاقتصادي معروفه ومن المتسقط حتى تؤدي إلى تدهور ذريع في بناء البلاد الاقتصادي ولكنهم المصريون لا يقابلونها بصراحة نظرا لانعدام روح التضحية والتضامن القومي

وعاد في مايو1939 يقول حتى الموقف الاقتصادي السيئ الذي يعزي إلى هبوط أسعار القطن يظهر أثره في الريف في تزايد عدم قدرة ملاك الأراضي على سداد أقساط الديون المرتهنة عليها أراضيهم وأنه لا يمكن تجنب أثر رد العمل السيئ لهذه الظروف على سمعة مصر ومع ذلك فإن فقد الثقة لدى الأجانب في مصر يقوم بالأكثر على الاعتقاد بأن المظاهر الحالية المعتدلة نسبيا لكراهية المصريين للأجانب في المجال الاقتصادي المصري يفترض أن تشتد على مرور الزمن ويزداد عدم الثقة هذا نتيجة الاعتقاد في استمرار التدهور الإداري والقضائي في مصر.

إن الإدارة المصرية أصبحت عاجزة عن معالجة مشاكل اقتصادية واسعة كتلك التي تترتب على زيادة عدد السكان بالنسبة لموارد الإنتاج وهبوط أسعار المحاصيل ووجود جاليات خارجية كبيرة وعلاقات مصر الاقتصادية الواسعة مع أوروبا وضخامة مشكلتها العسكرية في ظروف الحروب الحديثة إذا الإدارة المصرية آلة أقامها الأوروبيون على النمط الأوربي المعقد ولا يمكن حتى تدار بأيد مصرية وهي لا تزال تدور في الوقت الحاضر بقوة الدفع القديمة لكن من الواضح حتى سرعتها تتلاشى وبعبارة أخرى فلا يوجد الآن عمل حقيقي كثير يتم انجازه

وفي يوليو1939 عاد إلى نفس الموضوع فخط يقول حتى الاحتفاظ بالجبهة الداخلية سيتأثر بشكل عكسي بالسياسة الحالية للحكومة المصرية التي ترمي إلى التخلص من الموظفين الأجانب على نطاق واسع دون النظر بعين الاعتبار إلى ما إذا كان هناك مصريون صالحون يحلون محلهم وتنطوي هذه السياسة على إبعاد كثير من الموظفين البريطانيين الذين تعتبر خدماتهم في مؤخرة الحرب ذات أهمية أساسية

لم يقدم لامبسون اقتراحات لعلاج سوء الحالة الاقتصادية والمالية والإدارية حينئذ لكن حين عاد إلى الكتابة في هذا الموضوع في نوفمبر 1939 اقترح حتى تتدخل الحكومة البريطانية لشراء محصول القطن المصري بثمن يعلوقليلا عن ثمنه حينئذ

حين كان لامبسون يخط إلى الخارجية بآرائه عن الإدارة المصرية كان اللواء رسل باشا حكمدار لبوليس العاصمة وكان وكيله الأميرالاي فيتز باتريك بك، وكان اللواء بيكر باشا حكمدار البوليس بالإسكندرية ووكيله الأميرالاي جيز بك، كما كان اللواء ويلز باشا مديرا لمصلحة المواني والمنائر وكان الأميرالاي أبلت ablitt بك حكمدار لبوليس القناة أما مصلحة التلغرافات والتليفونات فكان على رأسها مستر وب، وكان بالجيش المصري بعثة عسكرية بريطانية كبيرة العدد على رأسها الجنرال ماكريدي وكانت تشرف على تدريب الجيش وتسليحه أي أنه كان لبريطانيا رجالها القابضون على السلطة في المصالح الحساسة: البوليس، والمواني والمواصلات السلكية واللاسلكية والمشرفون على الجيش.

يبدومن هذا حتى لامبسون كان يرى حتى تأمين الجبهة الداخلية لضمان سلامة وفعالية القاعدة البريطانية في مصر كن يستدعي زيادة الإشراف البريطاني على الإدارة المصرية.

ولما كان ذلك متعذرا في ظروف ما بعد معاهدة 1936 فقد أصبح بديله هوالتدخل السياسي تسنده القوة العسكرية الكفيلة بحفظ هيبة بريطانيا وبقاء حدثتها مسموعة.

وكان لامبسون يرى في التدخل والقوة العسكرية إلى جانب مقترحاته التي أشرنا إليها الوسيلتان الحاسمتان للقاءة جميع العوامل التي تهدد سلامة الجبهة الداخلية من وجهة النظر البريطانية ولضمان تعاون المصريين وتطبيق المعاهدة وكان مصمما على التدخل والسيطرة السياسية حتى بعد توقيع معاهدة 1936

ولا شك حتى في هذه الفكرة توجد بذور التدخل البريطاني في حادث أربعة فبراير 1942.

في نوفمبر 1938 خط لامبسون عن الأزمة الدولية في سبتمبر وأشار إلى ما لمسه من تردد الحكومة بشأن ما تقتضيه المعاهدة من مصر في رأسه بدخولها الحرب ثم نطق (إن تجدد مثل هذا الاتجاه لتجنب الوفاء بالتزامات المعاهدة إنما يتوقف إلى حد كبير على قوتنا الحربية فإذا شعر المصريون أننا في وضع يمكننا من حمايتهم بشكل فعال تضاءل ميلهم إلى حتى يلعب الخيال بعقولهم في إمكان التباعد عن حرب تتورط فيها بريطانيا العظمى إذا ضعفنا في جبهة شرق البحر المتوسط هوالذي يشجع على مثل هذه الميول

وفي يناير 1939 حين خط عن خطاب عن خطاب صدقي باشا في البرلمان عن حياد مصر وتعديل التزاماتها بمقتضى المعاهدة، نطق إذا انتشار فكرة حياد مصر. يتوقف إلى حد كبير على قدرتنا على استرجاع ما كان لنا من هيبة وقوة في الشرقين الأدنى والأوسط فلوحتى مصر اعتقدت حتى بريطانيا العظمى لديها من القوة ما يكفل حمايتها أي حماية مصر ضد النشاط العسكري والجوي المخرب فسوف يقل بلا شك الحديث عن حيادها وإذا لم نتمكن من إثارة هذا الشعور بقوة أسلحتنا وباستعادة صداقتنا مع العالم العربي المجاور، فمن الواضح حتى مصر ستطالبنا إذا عاجلا أوآجلا بالحد من التزاماتها الحربية بمقتضى المعاهدة المصرية البريطانية وأشار إلى حتى النادىية الألمانية الإيطالية تعمل على تقويض مركز بريطانيا في مصر والشرقين الأدنى والأوسط وأن الطريقة الفعالة للقاءة تلك النادىية هي تسوية الخلافات مع أصدقاء بريطانيا وحلفائها من العرب والمصريين .

(وأن تقوى قواتنا المسلحة بدرجة كافية حتى يرى أصدقاؤنا وأعداؤنا على السواء أننا أقوياء إلى الحد الكافي لحماية أنفسنا في شرق البحر المتوسط

وبعد استيلاء ألمانيا على باقي تشيكوسلوفاكيا واستيلاء إيطاليا على ألبانيا عاد لامبسون يقول إذا مستقبل موقفنا كله في الشرق الأوسط يتوقف على وجود قوات بريطانية كافية في مصر لكن نثبت للمصريين ولشعوب الشرق الأدنى الأخرى قدرتنا على الدفاع بكفاءة عن البلاد التي تعهدنا بالدفاع عنها بمقتضى المعاهدات

يتضح من تلك الرسالة حتى لامبسون يطلب تعزيز القوات البريطانية في مصر ليس لحماية مصر والشرق الأدنى فقط، بل أيضا لحماية مصالح بريطانيا في تلك البلاد في لقاءة أهلها عن طريق الإرهاب الذي يخلقه وجود تلك القوات.

الفصل الرابع: التدخل البريطاني بعد معاهدة 1936

1- فيتسعة نوفمبر 1936 خط لامبسون عن لقاءة له مع النحاس باشا تحدث معه فيها عن تنظيم القمصان الزرقاء التابعة للوفد فنطق، (وأبلغته بكل صراحة عن التخوف الخطير في لندن بشأن هذا التنظيم شبة العسكري نحن نخشى حتى يبني غول فرانكشتاين الذي قد يسيطر على صانعة ويحكم البلاد كلها.

2- نطق النحاس باشا على الفور أنه يدرك هذا الخطر وأنه يدرك هذا الخطر وأنه يتخذ الإجراءات لإبقاء هذه الحركة تحت السيطرة وتكون مهمتها ألعاب القوى الوفدية) وتبتعد عن السياسة..

3- ذكرت أني فهمت حتى هناك تشريعا يفترض أن يقدم قريبا إلى البرلمان البريطاني لمثل هذه التنظيمات السياسية في المملكة المتحدة، وأنه يحرم ارتداء مثل هذه الأزياء العسكرية إلخ وأني لا أفهم بالبنود الكاملة يفترض أن أطلب هذا القانون حين يرى دولة رئيس الوزراء حتى هناك فائدة من دراسته عند النظر في عدم اشتغاله بالسياسة

وفي 14 نوفمبر خط عن لقاءة جرت بينه وبين أمين عثمان بمناسبة توليه منصب وكيل وزارة المالية، وكان الأخير يحظى بنفوذ كبير في الوفد وبخاصة لدى النحاس، كما كان على اتصال وثيق بالسفارة البريطانية لذلك كان همزة الوصل بين الوفد والسفارة في هذه اللقاءة نقل لا مبسون إلى أمين عثمان مضمون لقائه مع مجلس الوصاية فيستة نوفمبر، فكرر أمين عثمان (ما كان قد تطوع بقوله من قبل، وهوأنه من المرغوب فيه الآن، من الممكن أكثر مما كان الحال من قبل حتى يستمر نفوذنا ملموسا وأن تغير وضع مصر لا ينبغي حتى يعني حتى نتبع سياسة عدم التدخل أوعدم الاهتمام لذلك فقد أسعده بوجه خاص أني تدخلت في موضوع الإنعامات حتى يستمر النظر إلى عادة الاستماع إلينا في مثل هذه الأمور كأمر عادي وعلق لامبسون على ذلك قائلا لأمين عثمان أنه لا يعتزم حتى يتخلى عما كان يتبعه، وهوالاتصال مباشرة برئيس الوزراء في المسائل الكبرى، أما المسائل الروتينية الصغيرة فيجري الاتصال بشأنها بوزير الخارجية وأجاب أمين عثمان على ذلك بأن لامبسون سيجد ترحيبا حارا بهذا من النحاس باشا

ويلقى مستر كيللي القائم بعمل لامبسون في الفترة المبكرة من الأزمة الدستورية عام 1937 الضوء على ضرورة اتباع سياسة التدخل بقوله تلخيصا لتقرير مرفق لوالتر سمارت السكرتير الشرقي بالسفارة مازلت القوى الحاكمة هي القصر والوفد والسفارة البريطانية رغم حتى موقفنا أصبح دقيقا بعد حتى تنازلنا عن التحفظات الأربعة)..

أما بالنسبة لسفارة جلالة الملك فقد أثبتت الأحداث الأخيرة استحالة الاستمرار في اتخاذ موقف دبلوماسي عادي لوكانت السفارة قد اتخذت موقف السياسي المحايد حقيقة فإن هذا الموقف المحايد على حد قول مستر سمارت كان سيفسر من جانب الملك وعلي ماهر أنه إشارة منا بالاستمرار بل والأكثر من ذلك كان سيفسر بنفس المعنى من جانب النحاس ومكرم عبيد وأعتقد أنه لا جدوى من عدم اتخاذنا لخط واضح ما دام رفضنا إبداء الرأي سيفسر على أنه طريقة دبلوماسية للتشجيع.

وهناك عامل آخر مهم وهوالمرونة التي تميز بها النحاس ومكرم في شتى الأمور...

لاعتقادهما حتى مساعدتنا لهم أساسية في التعامل مع القصر وأشك حتى هذه الحكومة أوأية حكومة أخرى في المستقبل ستستمع إلى رأينا إذا اعتقدوا أننا عملا سنتبع سياسة حياد مطلق قد يعاملوننا بود لكنهم سيهتمون بمصالحهم السياسية قبل جميع شيء دون اعتبار لوجهة نظرنا.

المقصود بموقف دبلوماسي عادي هنا هوعدم التدخل والمقصود بتعبير إشارة بالاستمرار هوإشارة لكل من الطرفين بالاستمرار في الصراع وهذا في رأي سمارت وكيللي يؤدي في النهاية إلى مجيء وزارة من وزارات القصر بكل مساوئها .

نخرج من رسالة كيللي ومن تقرير سمارت بثلاث نقاط واضحة فيما يختص بالتدخل:

أولا: صعوبة التدخل بعد معاهدة 1936 لانتهاء التحفظات الأربعة.

ثانيا: التدخل حينئذ لازم حتى لا يحتدم الصراع بين الوفد والقصر وتجيء وزارة أقلية خاضعة للقصر وهذا ما يخشاه الجانب البريطاني حينئذ.

ثالثا: التدخل لازم لحماية المصالح البريطانية التي لن تراعيها الأطراف المتصارعة لوأتخذ الجانب البريطاني موقف عدم التدخل.

خلاصة الأمر حتى لامبسون تحرك بسرعة بعد توقيع المعاهدة ليؤكد حتى النفوذ البريطاني والتدخل البريطاني سيبقى بعد توقيع المعاهدة كما كان قبلها ولم يلق معارضة في ذلك سواء من الوفد أومن السراي لكن هذا القبول لم يكن مطلقا بل مقيدا بمصلحة جميع من الأطراف الأخرى يستثنى من ذلك طبعا حالة التهديد باستخدام القوة لذلك فحين تدخل الجانب البريطاني لصالح الوفد في الأزمة الدستورية أواخر عام 1937، ولم يستخدم سوى وسيلة الضغط السياسي فشل هذا التدخل أمام تصميم السراي وتعاونها مع أحزاب المعارضة وانقسام الوفد فأقيلت وزارة النحاس في ديسمبر 1937 وبدأت في مصر فترة أخرى من حكم السراي عن طريق أحزاب الأقلية ترتب على هذا الفشل إضعاف مركز الجانب البريطاني وسوء علاقته مع جميع من السراي والوفد.

هذه الحقائق تقودنا إلى حقيقتين أخريين على جانب كبير من الأهمية إحداهما أنه يفضل عدم التدخل عن طريق التهديد باستخدام القوى إلا في حالة خطر داهم ومؤكد للمصالح البريطانية ذلك لأن التهديد باستخدام القوة يحب حتى يصحبه وجود الإمكانيات والاستعداد لاستخدامها والتدخل بهذا الشكل خطيرا الأثر بعد توقيع المعاهدة والتخلي عن التحفظات الأربعة وفي ظروف الصراع الدولي المحتدم وتنبنى على هذا الحقيقة الثانية وهي الحد من التدخل البريطاني وقصره على ما يسمى مصالح بريطانيا الأساسية.

أدركت وزارة الخارجية البريطانية هاتين الحقيقتين بعد فشل التدخل البريطاني في الأزمة الدستورية لذلك خط وزير الخارجية مستر إيدن إلى لامبسون فيعشرة فبراير 1938 يحدد له، على وجه التقريب أحوال التدخل وقد أشرنا إليها في الفصل السابق التي ينبغي عدم تعديلا وألحقها لورد هالفاكس الذي خلف إيدن في وزارة الخارجية برسالة أخرى تحمل نفس المعنى وقد سبقت الإشارة إلى ذلك

وقد استمرت هاتان الرسالتان من إيدن وهالفاكس مع معاهدة 1936 تشكلان الإطار الذي تتحرك في نطاقه السياسة البريطانية في مصر حتى قيام الحرب.

أما الجانب المصري فقد استوعب هاتين الحقيقتين في وقت مبكر فأثناء الأزمة الدستورية أدركت السراي الملك ورئيس ديوانه علي ماهر حتى الجانب البريطاني لن يتعدى الضغط السياسي وتقديم النصيحة إلى التهديد باستخدام القوة لذلك استمرت في تطبيق خطتها وأنطقت وزارة النحاس إذا إدراك السراي لهاتين الحقيقتين عن التدخل البريطاني يمثل إحدى خلفيات حادث أربعة فبراير 1942 فلوكانت السراي حينئذ تعتقد حتى الجانب البريطاني قد يلجأ إلى استخدام القوة لتغيرت معالجتها للأزمة.

أما الوفد فإن تصرف رئيسه يشير على إدراك الأوضاع بعد عقد المعاهدة.

لم يعترض على تدخل لامبسون في أول الأمر ولا شك أنه بذلك كان يريد حتى يتجنب صراعا مع الجانب البريطاني وهويتسقط صراعا آخر مع السراي حين يتولى الملك سلطاته الدستورية لكن النحاس لم يلبث حتى أحس بثقل وطأة التدخل البريطاني وأخذ يتصرف تصرفا مستقلا مما أغضب لامبسون فخط في فبراير 1937 إلى إيدن شاكيا بقوله فيما يختص بميدان السياسة الخارجية فإن موقف حكومة الوفد ليس سقميا وسبق حتى أشرت إلى كتمان الحكومة أمر حادثاتها مع حكومة العراق لعقد معاهدة تحالف وسبق حتى أشرت إلى كتمان الحكمة أمر محادثاتها مع حكومة العراق لعقد معاهدة تحالف (أنظر برقيتي رقم 148 في أول فبراير الماضي) على الرغم من حتى أي حليف ملزم أدبيا بأن يناقش معنا احتمالات دخوله في التزامات مع دولة أجنبية.

والحكومة المصرية بوجه عام لا تستشيرنا والحق أنها فيما أعتقد لا تميل إلى التشاور معنا في المسائل التي تهم كلا من الطرفين كما تعمل حكومات أخرى لا تربطنا بها سوى روابط الصداقة والمنفعة إلى أخر ما ورد في تلك الرسالة من تمنيات بأن يضعف الوفد وقد سبقت الإشارة إليها يمكن حتى نضيف إلى ذلك الرسالة من تمنيات بأن يضيف إلى ذلك حقيقتين لتتضح الصورة، إحداهما حتى لامبسون حاول جاهدا احتواء السراي عن طري اجتذاب فاروق ووعده بالوقوف إلى جانبه إذا اتبع الطريق الدستورية وعن طريق الحد من نفوذ علي ماهر في السراي وتشجيع أحمد حسانين أما الثانية فهي حتى لامبسون حاول مساعدة الوفد في الأزمة الدستورية أواخر عام 1937.

بذلك تتضح سياسة لامبسون ويمكن إيجازها في حتى السيطرة البريطانية والتدخل البريطاني يقابلان في الوفد خصما قويا بما له من تأييد شعبي لقاءة ذلك أوائل عام 1937 في ظروف ما بعد المعاهدة تكون بإضعاف الوفد والمساعدة على تفتيته وبذلك تضعف مقاومته للتدخل وتتبدد جهوده في الصراع مع خصوم يقاربونه في القوى هذا في حدود الإبقاء على الوفد في الحكم لضمان تطبيق المعاهدة.

هذه النقطة الأخير على أية حال تستدعي استعراض علاقات الجانب البريطاني مع القوى الأخرى على المسرح السياسي في مصر لأن تعاون هذه القوى أوعدم تعاونهأن له أثره في تطبيق المعاهدة وتأمين الجبهة الداخلية في حالة قيام الحر والقوى السياسية التي يعتد بها في هذا المجال هي الوفد والسراي.

يمكن في ذلك حتى نقسم الفترة بين توقيع المعاهدة وقيام الحرب إلى قسمين تفصلهما الأزمة الدستورية أواخر عام 1937 وإنطقة وزارة النحاس.

في القسم الأول تسيطر على الجانب البريطاني فكرة الحاجة إلى بقاء الوفد في الحكم في تلك الفترة الأولى الحساسة لتطبيق المعاهدة فالوفد يعتبر المعاهدة من إنجازاته الهامة، وقد وصفها رئيسه بأنها معاهدة الشرف والاستقلال بينما انتقدتها معظم الأطراف السياسية الأخرى يضاف إلى ذلك ما يحظى به الوفد من تأييد شعبي وما له من أغلبية كبيرة في البرلمان وتلك عوامل تكفل لوزارته السلطة وتوفر لها الهدوء والاستقرار اللازمين لإرساء قواعد السياسة الجديدة واتخاذ المراحل الأولى لتطبيق المعاهدة.

في أوائل تلك الفترة يبدي الجانب البريطاني كما أشرنا استيائه من الموقف الاستقلالي الذي تتخذه حكومة الوفد بعدم التشاور معه والابتعاد عن أي مظهر من مظاهر الخضوع للسيطرة البريطانية لكنه مع ذلك يفضل بقاء حكومة الوفد على مجيء حكومة من حكومات السراي بما تتميز به من اتجاهات لاتينية وصلات واثق بألمانيا وإيطاليا وميول استبدادية أما السراي فقد حاول لامبسون حتى يحتويها كما أشرنا بتقديم الوعود إلى الملك بمساعدته وهويرى بعكس ما نقل إليه الملك فاروق لا تبدوعليه علامات الغرور أوعدم تقدير المسئولية ويرى أنه غرائزه سليمة وفي باطنه خامة طيبة أصيلة لكن تنقصه الخبرة لذلك فإن جميع شيء يتوقف على من سيحيطون به لكنه مع ذلك لا يغفل ولهذا أهيمته حتى القصر كان دائما ولا يزال لديه أفضليات لاتينية، ويفضل الثقافة الفرنسية وارتباطاته بألمانيا وإيطاليا قوية

ولكن في أواخر هذه الفترة بعد حتى تولى الملك فاروق سلطاته ف أواخر يوليو1937 وبعد حتى قام الصراع بينه وبين وزارة الوفد فيما عهد بالأزمة الدستورية وبعد تول علي ماهر رئاسة الديوان تغير موقف الجانب البريطاني من الطرفين: الوفد والملك فحاول مساعدة الوفد في تلك الأزمة لكي يستمر في الحكم.

ويتضح رأي الجانب البريطاني في الوفد والقصر ووزارات القصر في مذكرة قدمها 27 أكتوبر سنة 1937 والترسمارت السكرتير الشرقي بالسفارة بمناسبة الأزمة الدستورية وفي تعقيب دافيد كيللي الوزير المفوض بالسفارة عليها وقد ورد نص مذكرة سمارت فيما سبق

وفي خطاب القائم بأعمال السفارة إلى إيدن الذي أرفق به تقرير سمارت أيد دافيد كيللي تلك الآراء ونطق إنه يعتقد حتى للتصرف الحذر حينئذ هوحتى ندع الوقت يمر ونحاول إبقاء الحال كما هووأن تستمر وزارة النحاس في مسارها الطبيعي.

وفي خطاب القائم بأعمال السفارة إلى إيدن الذي أرفق به تقرير سمارت أيد دافيد كيللي تلك الآراء ونطق إنه يعتقد حتى للتصرف الحذر حينئذ هوحتى ندع الوقت يمر ونحاول إبقاء الحال كما هووأن تستمر وزارة النحاس في مسارها الطبيعي.

وهوأيضا الطريق الوحيد أمامنا كما فهمت من تعليماتك السابقة.

أظنن أننا مجبرين على قبول هذا الوضع كأخف الأضرار ولكننا يجب حتى نستعد للقاءة الخطر الدائم لمصالحنا إذا ما تشكلت حكومة موالية للقصر وهوخطر أكبر بكثير في رأي مما كنا نقابله أيام الملك فؤاد وسيكون الخطر أكبر لأن الملك فاروق لن يستطيع في المستقبل القريب حتى يكتسب الخبرة في الحياة التي أكتسبها والده نتيجة للتجارب القاسية التي مر بها قبل اعتلاءه العرش.

وقد كان تأثير ذلك في الماضي تأثيرا محليا ولكنه الآن سيصبح من العوامل المهمة في تكييف السياسة العامة لحكومة جلالته لأن هناك عنصر حديث ولج إلى المسألة المصرية بسبب تغير العلاقات بين انجلترا وإيطاليا.

وأخشى أنه يجب التسليم بأن الملك فاروق مندمج في زمرة الأمراء والنبلاء القدامى وأقاربهم وجميع العائلات الهجرية العريقة المتصلة بهم من الذين لا يمكننا الاعتماد عليهم بأي حال من الأحوال

وقد فهمتنا التجربة خلال الثمانية عشر شهرا الأخيرة أننا نستطيع الاعتماد على المعاملة الصريحة والتعاطف الحقيقي لشخصيات من الفلاحين البدائيين أمثال النحاس باشا وما يتميز به من عقلية بسيطة هذه البساطة التي كان إلى حد ما سببا في الأزمة الحالية والتي تسعى الآن إلى إقامة علاقة طبيبة معنا..

وقد تساعدنا الظروف في المستقبل على تكوين رأي في الملك الصغير أفضل مما يظن مستر سمارت. لكن لا يوجد حتى الآن للأسف أي مرشد على خطأ رأيه المتشائم ولابد لنا حتى نتصرف على أساس أنه مادام الخطر الإيطالي قائما فإن أي حكومة موالية للقصر ستكون مصدر متاعب لنا

وحين عاد لامبسون من أجازته السنوية بدأ تدخله لتسوية الأزمة في أول نوفمبر 1937 على نفس الأسس التي ذكرها جميع من سمارت وكيللي والتي تسير عليها السياسة البريطانية فقد اتجه إلى العمل على بقاء وزارة الوفد تجنبا لما يراه الجانب البريطاني من مخاطر تترتب على حكومة موالية للقصر.

وحين طرح جميع من النحاس ومكرم تنحية فاروق عن العرش وتنصيب ملك آخر، لم يوافق لامبسون على تلك الفكرة

ولا شك حتى لم يكن من مصلحة الجانب البريطاني حتى يضع جميع أسهمه في جانب حزب هوفي النهاية الحزب الشعبي الذي يتبنى المطالب الوطنية في لقاءة التدخل الأجنبي.

لكننا نلحظ اتجاهه إلى حل الأزمة عن طريق تقوية الوفد ووزارته بالعمل على حتى تعود إلى حظيرته العناصر التي أخرجت منه أوكانت على خلاف مع قيادته وبخاصة النقراشي وأحمد ماهر ومع حتى هذا يتعارض في الظاهر مع فكرة تفتيت الوفد التي أشرنا إليها كوسيلة لإضعافه وللتدخل إلا أنه لا يتعارض مع الجوهر فإن هذه الزيادة ف قوة الوفد ستتعادل مع السياسة القوية الجديدة التي بدأت تزاولها السراي بعد حتى تولى الملك سلطاته الدستورية في يوليو، وتولي علي ماهر رئاسة الديوان الملكي في أكتوبر وبذلك يتم الاحتفاظ بالتوازن بين القوتين الرئيسيتين المتصارعتين على مسرح السياسة الداخلية الوفد والسراي.

يضاف إلى ذلك أنه خط بعد لقاءة له مع الملك لحل الأزمة الدستورية يقول أنهم من الممكن احتاجوا إلى معاملته في المستقبل بطريقة أكثر حزما

خلاصة الأمر أنه بعد تولي الملك فاروق سلطاته الدستورية برز تطور في موقف الجانب البريطاني أخذ يزداد وضوحا خلال الأزمة الدستورية.

لقد استمر الهدف الرئيس هوتطبيق المعاهدة والدفاع عن مصر، بما يستتبعه ذلك من الحفاظ على الجبهة الداخلية.

لكن في حدود هذا الهدف أصبح الموقف من السراي أقل ودأن والخوف من ميول السراي اللاتينية ومن وزارات القصر أكثر وضوحا وقام شبه وفاق ضمني بين الوفد والسفارة البريطانية في لقاءة السراي مضمونه من الجانب البريطاني تطبيق المعاهدة ومن جانب الوفد لقاءة عداء السراي والاستمرار في الحكم.

يضاف إلى ذلك حتى الجانب البريطاني أخذ يبني حساباته أيضا على أسس ضعف الوفد، نتيجة سياسته والانسلاخات التي خرجت منه ونتيجة النزاع داخله بين النحاس ومكرم وبين أحمد ماهر ومؤيديه، وعلى أساس احتمال قيام حزب حديث من القوى الوطنية الخارجية على الوفد والمتذمرة منه.

في القسم الثاني من الفترة التي نستعرضها وهوالقسم الذي يبدأ بإنطقة وزارة النحاس حتى قيام الحرب وقع تغير آخر في موقف الجانب البريطاني وعلاقاته بالقوى السياسية في مصر.

لقد مالت علاقاته مع السراي بوجه عام نحوالتحسن وإن بقيت مخاوفه من وجود تأثيرات لدول المحور وقامت علاقات طيبة بنيه وبين وزارة محمد محمود، رغم أنها تعتبر من وزارات السراي وساءت بالتالي علاقاته بالوفد.

لقد أدركت القوى المتنوعة في مصر حتى ما يهم بريطانيا في الحقيقة هوتطبيق المعاهدة والدفاع عن مصر لذلك في لقاءته الأولى كرئيس للوزراء مع السفير البريطاني أكد محمد محمود اعتزامه حتى تظل علاقات الصداقة والولاء قائمة بيننا.

كما أنه قرر حتى تكون المسألة الدفاع عن مصر وما تتطلبه من النفقات أولوية على ما عداها من المسائل.

إن رأيه في المعاهدة تماما وسوف يراعي تطبيقها بإخلاص

وفي مايو1937 خط لامبسون تقريرا إلى هاليفاكس عن الفترة منذ أبريل الماضي يقول فيه حتى القصر والحكومة الحاضرة لا يقلون ولاء عن حكومة النحاس باشا نحوتطبيق المعاهدة الإنجليزية المصرية..

أما فيما يختص بعلاقات مصر مع الدول الأجنبية الأخرى وخصوصا مع إيطاليا- فإن موقف القصر وموقف محمد محمود إزاءها لما يدعوإلى الارتياح

ومع حتى موقف محمد محمود من التعاون المصري البريطاني خلال أزمة سبتمبر 1938 وفي ديسمبر من نفس العام بمناسبة حديث صدقي باشا قد شابته بعض الشوائب من وجهة النظر البريطانية إلا حتى موقف محمد محمود تحول بعد ذلك إلى تعاون تام يصل إلى حد دخول الحرب إلى جانب بريطانيا ووضع الجيش المصري تحت قيادتها لونشبت الحرب لذلك خط لامبسون في مايو1939يقول أنه يأمل كثيرا حتى يستمر تحسن صحة محمد محمود لأن اتجاهه طيب بلا جدال نحوبريطانيا والعمل معه يبعث على الرضى والإعجاب والحق أني لا أطمع في رفيق عمل أحسن أوأكثر ولاء منه وأتمنى حتى يبقى في الوزارة بعض الوقت

أما السراي فقد حظي موقفها برضاء لامبسون خلال أزمة سبتمبر 1938.

لكنه في تقريره عن خطاب صدقي باشا في البرلمان يبدي قلقه من موقف السراي فيما يختص بالتزامات مصر في حالة الحرب بمقتضى المعاهدة، فيقول حتى موقف القصر غامض وهناك تأثيرات قوية وطنية وأجنبية يظهر أنها تعمل هناك لتوضح للملك الخطر من التزامات الحرب في مصر كما تنص عليها المعاهدة.

وفي الحقيقة فإنه مما يخشى منه حتى عملاء إيطاليا وألمانيا قد يؤثرون بوسائلهم داخل القصر وخارجه على الملك فاروق بما يريده محور روما برلين أي حيدة مصر في حالة الحرب.

ثم يقول عن النادىية الإيطالية الألمانية أنه يظهر حتى أحد حقولها المحببة (هوجميع ما يتصل بالأوساط الأرستقراطية في مصر مثل البلاط والملتفين حوله الأتراك والمصريين المتهجرين والطبقات الراقية والأكثر تعاليا في المجتمع المصري.

ففي هذا الميدان يجد أنصار النادىية الإيطالية الألمانية آذانا أكثر إصغاء عما هوالحال في مجال الطبقا الوسطى والشعبية

وفي مايوخط لامبسون يقول حتى موقف جلالته أضحى أكثر ودا وأبعث على الرضاء ولا يزال يخالط أتباعه الإيطاليين غير المرغوب فيهم بما فيهم حلاقه والكهربائي وفيروتشي.

وقد أبلغت جلالته على المفتوح ولكن بدون إهانة ظاهرة، أنه من غير المرغوب فيه حتى يحيط أول ملك لمصر المستقلة نفسه بغير المصريين.

وعلى الرغم من جميع هذه السقطات فقد برهن جلالته على رجاحة عقله تجاه الحالف إبان الأزمات الدولية

إن نبرة القلق الواضحة في تقارير لامبسون فيما يسميه ميول السراي اللاتينية، واستعدادها للتأثر بالنفوذ الإيطالي الألماني وقد خط لامبسون عن العوامل التي تباعد بين السراي والجانب ألبريطاني وتجذبها نحوإيطاليا وألمانيا فنطق حتى الاحتلال البريطاني من البداية حال بين العرش والطبقة الحاكمة وبين استغلال المحكومين، كما أجبر الملك فاروق فؤاد بعد ثورة 1919 على منح دستور للبلاد وقد كرهت الطبقات الحاكمة جرثومة الديمقراطية التي طعم بها المصريون.

وأشار إلى حتى النظم الدكتاتورية بما تبديه من احتقار للديمقراطيات تحظى في الظروف الحالية بإعجاب السراي التي تحكم ضد رغبة غالبية الشعب.

ونطق لامبسون حتى إيطاليا كانت لها دائما مكانتها في السراي لأنها استضافت الخديوي إسماعيل بعد نفيه من مصر كما حتى ابنه فؤاد شب البلاط الإيطالي.

وأشار إلى حتى النادىية الألمانية تتعاون مع النادىية الإيطالية وأن صدقي باشا وهوعلى علاقة طيبة بالملك ينشر ما تروج له النادىية الإيطالية والألمانية من الدعوة لحياد مصر.

ولما كان صدقي في معسكر علي فيغلب حتى الأخير يشجعه على ذلك.

وأشار لامبسون أيضا إلى كثرة ظهور فاروق في صحبة ابتاعه الإيطاليين الحلاق والكهربائي وفيروتشي وأنه من المؤكد حتى المفوضية الإيطالية وممحرر النادىية تستخدمهم كمصادر للمعلومات ووسائل للتوجيه والإيحاء.

واقترح لامبسون حتى يدعي فاروق لزيارة انجلترا وأن يمنح وساما بريطانيا ولكنه لم ير في ذلك سوى مسكنات لأن عاهلا شرقيا شابا صلب الرأي لن يؤثر فيه في النهاية سوى اعتبارات القوة.

علنيا حتى نقوي وضعنا في شرق البحر المتوسط بحيث لا يبقى مجال للشك لدى الملك فاروق وحاشيته في قدرتنا على الدفاع عن مصر وعلى إجبار حكامها على تطبيق رغباتنا لولزم الأمر.

سنجد حتى ملك مصر والارستقراطية الحاكمة يحاولون دائما حتى يتخذوا موقفا مستقلا إزاء بريطانيا طالما بقي في مصر شعور بأن نهضة ألمانيا وإيطاليا قد أضعفت موقفنا في العالم بوجه عام وفي شرق البحر المتوسط بوجه خاص إلى حد أنه لم يعد من الأسلم فقط بل أصبح من الحكمة أيضا حتى تصل مصر حبال الود بأصدقاء آخرين.

إن موقفا كهذا قبل الحرب الماضية دفع بنا إلى عزل الخديوي عباس حلمي ولوواظب الملك فاروق على اتباعه فمن الممكن حتى يدفعنا إلى اتخاذ إجراء مماثل تجاهه قبيل الحرب القادمة

إلى غير ذلك نبتت في ذهن لامبسون الفكرة التي أوشك حتى ينفذها في أربعة فبراير 1942

أما الوفد فإن تسقطات الجانب البريطاني بشأنه لم تلبث حتى خابت لم يضعف الوفد وينهار بل استرد قوته وشعبيته ولم يقم حزب وطني آخر يأخذ مكانته لدى الجماهير.

وأصبح عداء الوفد ومهاجمته للسياسة البريطانية مصدر قلق بالغ للامبسون والأساس في عداء الوفد اعتقاد رئيسه حتى الملك فاروق ما كان يمكنه حتى يقيل النحاس باشا في ديسمبر 1937 لوكانت الحكومة البريطانية ترى جديا حتى تمنع حدوث ذلك وأن قرار الملك فاروق برفض استنطقة محمد محمود في أبريل 1938 إنما كان بتدخل من السفير البريطاني

بعد حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات في أبريل 1938 لم يعد للوفد في مجلس النواب قوة تذكر كان هذا نتيجة قيام وزارة محمد محمود بعملية الانتخابات لكن الوفد كانت له أغلبية في مجلس الشيوخ بقيت متماسكة ولم ينفض عنه أما بين الجماهير فإن أساليب الانتخابات التي أجريت وبداية المظالم على يدي وزارة محمد محمود لم تلبث حتى كسبت للوفد بعض التأييد الذي كان قد فقده.

وتعاطف طلاب الجامعة والأزهر أخذ يعود إلى الوفد واستمر الوفد يستعيد مكانته في أنحاء البلاد وفي الجامعة ودلت انتخابات الاتحاد العام للطلاب التي أجريت في أوائل العام الجامعي 1938 1939 على انحيازهم نحوالوفد.

وقد تردد لامبسون في تعليل هذه الظاهرة لكنه استقر على حتى الجمهور في مصر في الحقيقة لم يتخل عن ولائه للوفد.

لقد كانت السياسة الخاطئة وسوء الإدارة في وزارة الوفد سببا في نفور عدد كبير من أنصاره من المثقفين.

لكنهم لم يجدوخارج الوفد هيئة أفضل تجتذبهم لذلك فمع أنهم كفروا بالأحزاب بما في ذلك الوفد إلا أنهم سرعان ما عادوا إليه باعتباره جبهة معارضة لنظام لا يرضيهم ورمزا للحرية وحصنا لها

تزايد قوة الوفد جعلت لامبسون يخشى نتائج هجومه المتصل على السياسة البريطانية لما يحدثه ذلك في حالة قيام الحرب.

ففي مايو1938 خط يقول تعقيبا على مهاجمة الوفد للحكومة وما اتخذته من استعدادات للحرب أثناء الأزمة الدولية من الواضح على أية حال من الموقف أثناء الفترة الحرجة وما بعدها حتى الوفد طالما ظل خارج الحكم لن يتردد أثناء أية أزمة في المستقبل في حتى يتلاعب بمخاوف المصريين ليحرج الحكومة القائمة مع رسم صورة قائمة لموقف مصر وق أرغمتها انجلترا على الدخول في حرب لا تمس المصالح المصرية.

وليس من شأن هذا الهجوم الذي يشنه حزب لا يزال هوالحزب الشعبي في البلاد حتى يخفف من الصعوبات القائمة في سبيل اتخاذ الدابير العسكرية اللازمة

ثم عاد في مايو1939 يعبر عن مخاوفه ثانية بقوله من الواضح حتى عداء الوفد لاشتراك مصر في حرب يمكن بسهولة تصويرها للشعب الجاهل على أنها حرب بريطانيا العظمى وليست حرب مصر قد يعقد أعمالنا وأعمال الحكومة المصرية إلى درجة كبيرة عند قيام الحرب

إلى غير ذلك تبين لامبسون بطريقة عملية خطأ الآراء السابقة عن الوفد وتبين مقدار قوة ذلك الحزب وثقل وزنه في الحياة السياسية في مصر وما يمكن حتى يحدثه عداؤه من أثر على الجبهة الداخلية بكل ما لها من أهمية في حالة قيام الحرب.

وسنرى حتى الدرس كان دائم العودة إلى ذاكرة لامبسون في الأزمات المقبلة وكان له أثره في حادث أربعة فبراير 1942.

الفصل الخامس: تطور العلاقات بين علي ماهر والجانب البريطاني وتشكيل وزارته الثانية

رأينا حتى خطر الحرب قد دفع الجانبين المصري والبريطاني إلى عقد معاهدة 1936تلك المعاهدة التي قصد بها تسوية الخلافات بين البلدين ووضع أساس لعلاقات جديدة بينهما وقد أقامت المعاهدة تلك العلاقات على أساس التحالف.

كان المفروض من التحالف بالنسبة للجانب المصري الحصول على تعاون بريطاني في الدفاع عن مصر في لقاءة خطر ماثل هوأطماع إيطاليا وكان بالنسبة إلى الجانب البريطاني إقامة قاعدة عسكرية بريطانية في مصر وتأمين وجودها وفعاليتها بضمان مساعدة الجانب المصري وتعاونه.

وشهدت الفترة بين توقيع المعاهدة وقيام الحرب العالمية الثانية تطورا وتبلورا في الأهداف وبالتالي في الالتزامات التي تترتب على التحالف أستقر الجانب البريطاني على حتى مصر ملتزمة بدخول الحرب إلى جانب بريطانيا وكان يرى حتى يدخلها الجيش المصري كحليف تحت القيادة البريطانية أما في مصر فاختلف موقف القوى السياسية اتفق الجميع حتى تقوم مصر بالدفاع عن نفسها لكنهم اختلفوا في التزامها تجاه بريطانيا في حالة عدم وقوع هجوم عليها رأى البعض عدم تورط مصر في صراع لا يمس مصالحها وتعديل المعاهدة بما يقلل من التزاماتها وعبر عن هذا الرأي إسماعيل صدقي باشا ورأى فريق آخر حتى تقتصر مصر على الوفاء بالتزامات المعاهدة لا تعدوها أي مساعدة الحليفة داخل مصر مع السعي إلى انتزاع باقي الأماني الوطنية منها في لقاء هذا كان هذا الرأي الإخواني المسلمين ويغلب أنه كان اتجاه الوفد وفريق من الأحرار الدستوريين والسعديين وهناك فريق ثالث استقر رأيه بعد تردد على حتى تضم مساندة الدستوريين والسعديين وهناك فريق ثالث استقر رأيه بعد تردد على حتى تضم مساندة الحليفة دخول الحرب إلى جانبها ومن هؤلاء أحمد حسين زعيم مصر الفتاة ومنهم فريق من السعديين والأحرار الدستوريين على رأسهم أحمد ماهر ومحمد محمود وكانوا يمضىون بعيدا إلى حد قبول التزامات خارج مصر تحت لواء حلف سعد إياد أما الملك فقد عبر لامبسون مرارا عن رضائه عن موقفه من التحالف لكنه لم يكف عن التعبير عن مخاوفه من وجود إيطاليين من الحاشية وفي وظائف السراي وعلاقة فاروق الوثيقة بهم ومن ميول السراي اللاتينية.

شهدت تلك الفترة أيضا قلة لامبسون وجهوده للحفاظ على سلامة الجبهة الداخلية وتعاون المصريين مع بريطانيا كضرورة لضمان سلامة وفاعلية قاعدة بريطانيا العسكرية في مصر كأن يخشى في هذا المجال النادىية الإيطالية الألمانية وسياسة مصر الإسلامية والفلسطينية وسوء الحالة الاقتصادية وضعف الكفاءة الإدارية ومن أبرز ما كان يراه علاجا لذلك زيادة قوة بريطانيا العسكرية تقوية لنفوذها وتمكينا لهيبتها والتدخل السياسي يحكم التدخل السياسي ظروف ما بعد المعاهدة ومدى استعدا الحكومة البريطانية لمواصلة التدخل حتى يبلغ غايته بالإضافة إلى صلات السفير البريطاني مع مختلف أطراف اللعبة السياسية في مصر.

حكمت سياسة التدخل في الفترة السابقة لقيام الحرب وبعد إنطقة وزارة النحاس تعليمات الحكومة البريطانية في أوائل 1938بقصرها على ما يسمى المصالح المباشر لبريطانيا أي تضييق نطاق التدخل أما صلات السفير وهي الوسيلة السياسية المساعدة للتدخل فقد رأينا أنها تطورت وتغيرت لكن في حدود الهدف الرئيسي للسياسة البريطانية وهوتطبيق المعاهدة والحصول على تعاون المصريين لضمان سلامة وفاعلية القاعدة البريطانية في مصر.

بدأ لامبسون بمحاولة احتواء السراي بعد وفاة الملك فؤاد والتعاون مع والوفد لتطبيق المعاهدة وعندما تولى فاروق سلطاته بدأت العلاقات تسوء بينه وبين الوفد وبينه وبين السفير البريطاني مدينة المعاهدة للوفد الحزب الشعبي القادر على تطبيق المعاهدة والقائم بتطبيقها بإخلاص يضاف إلى ذلك التخوف من سيطرة القصر وما تأتى به إلى ساحة الحكم من نفوذ محوري متفوق في القصر من جهة ووزارات أقلية تصاحبها المتاعب والمخاطر من جهة أخرى بلغ هذا التطور الذروة أثناء الأزمة الدستورية أواخر 1937 لكن بعدها بدأ تطور في اتجاه مضاد تماما ساءت العلاقات مع الوفد والعامل الأساسي في ذلك اعتقاد الوفد حتى السياسة البريطانية لم تكن جادة بشكل كاف في مساعدته ضد القصر خلال الأزمة الدستورية وهذا في نظر الوفد يعادل وقوفها إلى جانب القصر وترتب على ذلك مهاجمة الوفد المتصلة للسياسة البريطانية وربما كان من العوامل المساعدة على سوء العلاقات حتى السفارة البريطانية كانت قد اعتقدت حتى الوفد يعادل وقوفها إلى جانب القصر وترتب على ذلك مهاجمة الوفد المتصلة للسياسة البريطانية وربما كان من العوامل المساعدة على سوء العلاقات حتى السفارة البريطانية كانت قد اعتقدت حتى الوفد قد ضعف وانتهى أمره بما وقع فيه من انسلاخات وخلافات وضعفت شعبيته في البلاد وأخذت تتطلع إلى قوة أخرى افترض أنها في سبيل الظهور لتحل محل الوفد يقابل هذبا حتى العلاقات تحسنت بين لامبسون وفاروق واعتقد السفير في سلامة موقف الملك من التحالف يضاف إلى ذلك توثق العلاقات بين السفير ومحمد محمود باشا رئيس الوزراء نتيجة تعاون الأخير مع السفارة وقيامه بتطبيق المعاهدة بإخلاص إلى غير ذلك ضعفت كراهية السفارة لوزارات الأقلية.

وقبيل اشتعال الحرب كان هذا التطور قد تبلور إلى الآتي: فيما يختص بالملك استمرت علاقات لامبسون به طيبة واستمر يعتقد بسلامة موقف فاروق من التحالف لكن مخاوفه من ميول القصر المحورية استمرت كما هي نماها عدم تمشي فاروق مع رغبات السفارة في التخلص من الإيطاليين في الحاشية وفي وظائف القصر لذلك كان رأيه حتى وجود قوة بريطانية كافية والتهديد بها هووحده الضمان لإقناع فاروق وحاشيته والارستقراطية الحاكمة بوجه عام بالتمشي مع متطلباته السياسية البريطانية.

أما فيما يختص بالوفد تبين للامبسون أنه قد استرد نفوذه وشعبيته بسرعة، وأنه لا يزال الحزب الشعبي القوي الذي تستجيب له البلاد وأن مهاجمته للسياسة البريطانية يمكن إذا واصلها خلال ما ينشأ من أزمات وخلال الحرب حين تنشب حتى تلحق بالسياسة البريطانية أضرارا فادحة وتسبب لها ارتباكات خطيرة وأن الدلائل تشير إلى حتى تلك قد تكون سياسة الوفد.

ومع ذلك فحين نشبت الحرب في أول سبتمبر 1939 كانت وزارة علي ماهر في الحكم منذ 18 أغسطس ووصول علي ماهر إلى الحكم في تلك الفترة يثير بعض التساؤلات.

كان من الواضح حتى تلك يغلب حتى تكون وزارة حرب فمنذ حتى زاد تشدد ألمانيا تجاه بولندا في 28 أبريل 1939 أصبح واضحا حتى قيام الحرب مسألة وقت واتضح ذلك بشكل أكثر بعد قيام التحالف الإيطالي الألماني المعروف بميثاق الفولاذ في 22 مايووزاد وضوحا في آخر يونيوحين بدأت الاشتباكات بين أهالي دانزيج من الألمان وقوات الأمن البولندية وأخيرا أصبح قيام الحرب متسقطا في أي وقت بعد توقيع ميثاق عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي في 23 أغسطس.

ولا شك حتى علي ماهر حين شكل وزارة كان يدرك هذه الأوضاع فبعد أسبوع واحد من توليه الحكم بدأ يصدر القرارات والمراسيم اللازمة لتهيئة البلاد لأوضاع الحرب في 25 أغسطس أصدر مرسوما خاصا بالتدابير الاستثنائية التي تتخذ لتأمين سلامة البلاد وآخر بإحصاء المؤن اللازمة للجيش والسكان المدنيين وفي 27 أغسطس أصدر مرسوما بحماية الأسرار العسكرية وفي 29 أغسطس أصدر مرسوما بإنشاء نظام لتفتيش السفن بميناء الإسكندرية لحماية الميناء وفي آخر أغسطس أصدر مرسوما بإنشاء القوات المرابطة من المجندين الزائدين عن حاجة الجيش العامل

أما عن الجانب البريطاني فيقول الجنرال ويلسن أنه عند مغادرته لندن في 15 يونيو1939 لتولي قيادة القوات البريطانية في مصر كانت تعليماته هي سرعة اتخاذ الاستعدادات للحرب وأن جميع القادة الذين قابلهم أدوا ضرورة الإسراع في إعداد الدفاع عن مصر وعن الصحراء الغربية كما نوقش موضوع إرسال تعزيزات إلى مصر ب وتم أيضا الاتفاق على إشارة رمزية تصله حتى يقول أنها وصلته عملا قبل نهاية أغسطس بحوالي ثمانية أيام أي حتى الجانب البريطاني أيضا كان يتسقط في أغلب الأحوال حتى تكون وزارة علي ماهر وزارة حرب.

هذا الوضع يثير عددا من التساؤلات حين ننظر إليه في ضوء تطور العلاقات بين الجانب البريطاني وعلي ماهر أثناء وزارته بما أدى إلى تدخلهم لطرده من الوزارة في يونيو1940 تلك التساؤلات هي: هل كان الجانب البريطاني حينئذ يثق في علي ماهر ويطمئن إلى توليه الوزارة،يا ترى؟ أم أنهم لمقد يكونوا يثقون فيه لكن سياستهم لم تكن تتجه إلى التدخل في موضوع تغيير الوزارات أم أنهم أخذوا بعامل المفاجأة ولم يتح لهم وقت للتدخل؟

يمكن حتى نستبعد الاحتمال الأخير فقد ساءت حال محمد محمود الصحية بما اضطر إلى تقديم استنطقته فيستة يوليو1939 ومع حتى الملك رفض قبول الاستنطقة ونصحه بأن يعهد ببعض أعماله إلى زملائه الوزراء إلا أنه كان هناك إدراك عام بأنه لن يستطيع حتى يستمر طويلا في عمله ويقول لامبسون حتى الرأي الشائع حينئذ هوحتى اختيار القصر سيقع على علي ماهر ليخلف محمد محمود وفي تقريره بتاريخ 25 أغسطس إلى لورد هاليفاكس عن تشكيل الوزارة الجدية يقومستر بتمان الوزير المفوض والقائم بعمل السفير: (لقد أسند تشكيل الوزارة الجديدة إلى علي باشا ماهر كما كان يتسقط الجميع لكن المهمة لم تكن سهلة فقد توقفت الإدارة الحكومية مدة أسبوع تام بينما تجاهل رئيس الوزراء الجديد الوفد تجاهلا تماما وسمح للسعديين والأحرار الدستوريين بالتصارع على مراكز الوزراء وهم يدركون تماما أنهم إذا لم يقبلوا شروطه فقد يستغني عن تأييدهم ويشكل وزارة ممن يرشحهم هونفسه والأسبوع الذي يشير إليه بتمان انقضى بين استنطقة محمد محمود في 12 أغسطس وتشكيل الوزارة الجديدة في 18 أغسطس أي حتى إسناد الوزارة إلى علي ماهر كان متسقطا وفرصة التدخل كانت موجودة لكن نجيب على التساؤلات الأخرى ينبغي حتى نستعرض تطور العلاقات بين علي ماهر والجانب البريطاني.

مرت تلك العلاقات في أدوار ثلاث: يضم الدور الأول فترة وزارته الأولى بعد استنطقة وزارة محمد توفيق نسيم باشا وحتى الأزمة الدستورية في أواخر 1937 والدور الثاني بعد تلك الأزمة أما الدور الثالث فيضم الفترة السابقة على وزارة علي ماهر الثانية في 18 أغسطس 1939.

في الدور الأول تقوم العلاقات بين المندوب السامي، الذي أصبح سفيرا بعد المعاهدة وبين علي ماهر على التعاون والتقدير تعاون بدأ من أيام سقوط وزارة توفيق نسيم وتولي علي ماهر رياسة وزارة محايدة لإجراء الانتخابات وبدء المفاوضات بين مصر وبريطانيا وتقدير من الجانب البريطاني مبني على أساس ما بذل علي ماهر من نشاط وما أظهر من كفاءة خلال فترة وزارته تلك، وعلي أساس ما صار له من مكانة ونفوذ في القصر خلال فترة وزارته تلك وعلي أساس ما صار له من مكانة ونفوذ في القصر خلال تلك الفترة وبعدها يصاحب ذلك إدراك واضح لنوايا علي ماهر وأطماعه في السلة ففي مارس 1936 خط لامبسون إلى أنتوني إيدن وزير الخارجية يذكر المشروعات الإصلاحية الكثيرة والإجراءات الإدارية التي تقدم بها علي ماهر.

وأشار إلى كثرتها رغم طابع الحكومة المؤقت أدى ببعض الناس إلى الاعتقاد بأن علي ماهر يفكر في البقاء في السلطة مدة أطول مما تدل عليه تصريحاته ونطق أنه حين سأل علي ماهر في البقاء في السلطة مدة أطول مما تدل عليه تصريحاته ونطق إنه حين سأل علي ماهر في ذلك أكد له بنفسه أنه لا يرمي بنشاطه هذا كله إلا إلى أنه يوجد لنفسه شهرة كرئيس وزراء كفء حتى يدعي إلى الحكم في المستقبل لوسنحن الفرصة وعلق لامبسون على ذلك قائلا أنه من الممكن حتىقد يكون هذا هوالتفسير الحقيقي لذلك. لكن من الممكن أيضا حتى حملته يأمل في حتى يحدث ما يحول دول الوفد إلى الحكم وفي فبراير 1937 خط لامبسون إلى إيدن يقول حتى علي ماهر هوالذي يحرك القصر رغم حتى علي ماهر حينئذ كان خارج الحكم وخارج القصر ولا شك حتى الجانب البريطاني كان يدرك ما لعل ماهر من نفوذه على الملك الشاب وهونفوذ كسبه نتيجة خدماته السابقة للعرش على أيام الملك فؤاد ونتيجة ما أداه من خدمات للملك الشاب بعد وفاة والده فقد كسب له الحق في إدارة أملاكه قبل حتى يستكمل السابعة عشرة من عمره، كما ساهم مع الشيخ المراغي شيخ الجامع الأزهر في الحملة التي قامت لكسب محبة الشعب للملك الشاب وكانت نصائح علي ماهر وآراؤه تصل إلى الملك فاروق عن طريق عبد الوهاب طلعت باشا صديق علي ماهر ومدير الإدارة العربية حينئذ

لكن إلى جانب ذلك عثر ما يشوب هذا التقدير وقام ما يحد من التعاون ففي مايو1936 خط لامبسون إلى إيدن عن نشاط حزب مصر الفتاة ورئيسه أحمد حسين وقيامهم بجولات في البلاد يبثون فيها نادىيات ثورية معادية للإنجليز وأشار إلى اهتمام ممثلي إيطاليا في مصر بذلك ثم نطق حتى التقارير تشير إلى حتى أحمد حسين على اتصال بعلي ماهر، وذكر حتى الأخير كن يحاول الحصول على أموال من وزارة الداخلية ليعطيها لأحمد حسين وأن الدوائر المطلعة ترى حتى علي ماهر يريد حتى يستخدم مصر الفتاة وقمصانها الخضراء وصلتها بدول أخرى يقصد إيطاليا والخوف من تدخل تلك الدولة إلى غير ذلك وجدت التربة الصالحة لكي ينمولدى الجانب البريطاني بذور الشك في ولاء علي ماهر وميوله نحوالمحور، وكان لذلك أثره الخطير على العلاقات المصرية البريطانية فيما بعد.

أما التعاون بين الجانبين فقد حد منه، بعد استنطقة علي ماهر ووصول النحاس إلى الحكم العداء بين علي ماهر والوفد كان ذلك العداء يقوم على عاملين: العامل الأول ماضي علي ماهر مع الوفد فبعد انفصاله من الوفد بل كان صاحب الفتوى في إنطقة النحاس الأول عام 1928 أما العمل الثاني فكان السياسة المعادية للوفد والموالية لفاروق والتي اتبعها في فترة وزارة الوفد فبعد استنطقته نشط في توجيه الضربات للوفد وعمل على حتى يقلب الميزان لصالح الملك بعد حتى كان أيام فؤاد لصالح الوفد، وذلك عن طريق المساهمة في تطبيق ما أشرنا إليه من حملة نادىئية واسعة لتغيير صورة الملك لدى الناس وحمله في أعين الشعب وإظهار الوفد بمظهر المعتدي على حقوق الملك ولما كان لابمسون حريصا على استمرار حكومة الوفد ضمانا لتطبيق المعاهدة فإنه أخذ يحث علي ماهر على الحد من نشاطه واتباع طريق الحكمة فعندما أبلغه أحمد حسانين حتى النحاس يرتاب في السراي وأن شكوكه تهجرز حول نفوذ علي ماهر علي الملك فاروق نطق له لامبسون أنه يأمل مخلصا حتى يواصل علي ماهر سياسة التحفظ والابتعاد الحكيم عن الأضواء وتجنب إعطاء الفرصة للنحاس بأي شكل كان باتهام السراي بالتآمر لوجود علي ماهر إلى جوار الملك وقد تعهد أحمد حسانين بأن يحذر علي ماهر ليلزم جانب الحكمة

وكان علي ماهر يتجاوب مع تلك النصائح أوالتوجيهات فيقول لامبسون عن حديث طويل له مع علي ماهر في أول مارس 1937 حتى الأخير أكد له أنه (لا يعتزم إقرار أي عمل غير دستوري يقوم به الملك في يوليوالقادم ولا هويعتقد حتى الملك فاروق قد اعتزام حتى يقوم بشيء من هذا القبيل .. وقد أضاف علي ماهر أنه قبل سفير حسانين إلى أوروبا أعرب عن أمله في حتىقد يكون دولته في مصر في يوليوفقد تدعوالحاجة إلى خدماته وقد أوضح دولته أنه سيكون موجودا في مصر ومستعدا لأن يخلص النصح بعيدا عن الأضواء (وأعرب عن أمله في تجنب الأخطاء) ومع جميع فإنه لن يخرج إلى الأضواء إلا إذا تطلبت إرادة الشعب من العرش حتى يباشر حقوقه الخاصة وهوبالعمل يرى حتى الحكومة الحاضرة عندما تقدم استنطقتها بصورة شكلية في يوليوالقادم فإن من المؤكد حتى يطلب الملك إليها استئناف أعمالها

لذلك فعندما انضم لامبسون مع الأوصياء على العرش ومع أحمد حسانين في 25 فبراير 1937 وأثير موضوع ضرورة اختيار أحد الساسة المجربين ليكون إلى جانب الملك عندما يبلغ سن الرشد ليرعي حقوق العرش الشرعية وليحول في نفس الوقت دون نزعات الملك عير الدستورية أي اختيار رئيس للديوان وطرح اسم علي ماهر ليشغل النصب فإن لامبسون رغم شكوكه التي أشرنا إليها في نوايا علي ماهر وصلاته كان يرى أنه إنسان مناسب جدا وإن كان ذلك محالا في ضوء عداء الوفد له

يتضح من الحديث الذي أشرنا إليه بين لامبسون وعلي ماهر في أول مارس حتى السفير كان يشتغل ما يعهده من نفوذ الأخير لدى الملك في التأثير على سياسة القصر وتوجيهها يظهر هذا أكثر وضوحا في أغسطس 1937 حين أعاد النحاس تشكيل وزارته بعد تولي الملك سلطاته الدستورية وأخرج منها محمود فهمي النقراشي باشا ومحمد صفوت باشا وعلي فهمي باشا ومحمود غالب بك وانفجر على أثر ذلك النزاع داخل الوفد وخرج منه النقراشي وأنصاره ترتب على ذلك ضعف الوفد واتجاه أعدائه واتجاه القصر إلى انتهاز الفرصة للتخلص من وزارة الوفد.

حينئذ كانت سياسة الجانب البريطاني هي التأثير على سياسة القصر عن طريق علي ماهر والشيخ المراغي بهدف التهدئة وعدم التسرع حتى تمر الأزمة بسلام وتبقى حكومة الوفد لذلك قابل مستر كيللي الشيخ المراغي في 28 أغسطس وانتهز الفرصة ليبين له:

(أ) الملائمة الواضحة لتطبيق المعاهدة مع النحاس باشا في الوقت الحاضر.

(ب‌) الخطر على الملكية من أعمال التسرع.

وحين قابل كيللي علي ماهر بعد ذلك بيومين كان هدفه حتى يضغط عليه في نفس هذا الاتجاه فقد أظهر له اهتمام الجانب البريطاني الخاص العلاقات مع الحكومة الحالية في هذه الفترة من أجل تطبيق المعاهدة كما صمم أساسا (على وجوب الحماية الكاملة لملك غير مجرب من التورط في مغامرات سياسية وقد نصح بمعاملة رئيس الوزراء معاملة مستقيمة وكان مستر إيدن وزير الخارجية يحث مستر كيللي على مواصلة التأثير على الملك فاروق أومستشاريه بحكمة التأني

لذلك فلا شك حتى تعيين علي ماهر رئيسا للديوان في 20 أكتوبر 1937 لم يصادف استياء من الجانب البريطاني بل قد يحدث مبعث ارتياح فإن تولي علي ماهر المنصب يجعله يشغل رسميا ما كان يشغله من وراء ستار أي منصب مستشار الملك وبذلك يتحمل مسئولية ما يشير به وقد اكتفى لامبسون في تعليقه على تعيينه بأن كيفية التعيين كان طأ وتفتقر إلى الحكمة وذلك لانفراد الملك بتعيينه دون التشاور مع مصطفى النحاس، رئيس وزارته في ذلك والحصول على موافقته.

وقد أدى تعيين علي ماهر في رئاسة الديوان الملكي ثم ما تلي ذلك من أزمة دستورية بين القصر ووزارة الوفد إلى تزايد العوامل المؤثرة في العلاقات بينه وبين الجانب البريطاني قوة فتزايد تقدير الجانب البريطاني لنفوذ علي ماهر في القصر بعد حتى أصبح عملا مستشار الملك الأول هناك وتزايدت الرغبة في الحصول على تعاونه لتوجيه سياسة القصر بما يلائم السياسة البريطانية وأدى ذلك في النهاية إلى تزايد عوامل الشك لدى الجانب البريطاني في إخلاص علي ماهر واتجاهاته وأطماعه وسلبياته وتزايد عوامل الاحتكاك بين سياسة جميع من الطرفين.

ذلك حتى الوصول إلى رئاسة الديوان الملكي لم يكن غاية بالنسبة لعلي ماهر بل كان خطوة إلى هدف أسمى هوالعودة إلى رئاسة الوزارة قد رأينا كيف من الممكن أن عبر علي ماهر عن هذا الاتجاه بصراحة في حديثه مع لامبسون في مارس 1936 أيام وزارته الأولى) عملي ماهر لم يكن يستند إلى تأييد حزب أوقوة عصبية لبذلك لم يكن أمامه سوى الاستناد إلى القصر إلى غير ذلك عمل على تمكين نفوذه في القصر والوصول إلى رئاسة الديوان وفي هذا المنصب نشط علي ماهر في خدمة العرش وكسب حقوق له على حساب الشعب وهذا هوأساس الأزمة الدستورية بين القصر ووزارة الوفد تلك الأزمة التي اشتدت واستعصت في ديسمبر 1937 وانتهت بإنطقة الوفد لم تكن خدمة العرش والولاء له على أية حال غريب على ابن محمد ماهر باشا رجل الخديوي عباس حلمي الثاني الذي اقترن اسمه أزمة الحدود المشهورة في يناير 1894 لكن الولاء للعرش كان واحدا فقط من العوامل التي دفعت علي ماهر رئيس الديوان إلى توجيه سياسة القصر بما أدى إلى الأزمة الدستورية أما العامل الآخر الهام فهوحتى الوصول إلى الحكم لم يكن ليتحقق قبل إضعاف الوفد والتخلص من الوزارة الوفدية رأينا كيف من الممكن أن عمل علي ماهر على إضعاف الوفد قبل رئاسته للديوان وقد عمل على إخراج الوفد من الحكم بعد حتى أصبح رئيسا للديوان.

لسنا في حاجة في هذا المجال إلى متابعة باقي خطوات علي ماهر للوصل إلى السلطة بالوقوف جانبا وهجر الوزارة تسند إلى محمد باشا محمود، ثم إشراك السعديين مع الدستوريين في الحكم ووضع العقبات أما الوزارة لدفعها للاستنطقة وإثبات فشل هؤلاء الساسة جميعا وبذلك ينفتح أمامه الطريق إلى السلطة واسعا ودون عقبات الذي يممنا هنا هوحتى سياسة علي ماهر في التخلص من الوفد تعارضت جذريا مع سياسة السفارة البريطانية في استبقاء الوفد وكان هذا مجال الاحتكاك.

كان مفروضا حتى لامبسون يدرك هذا التعارض في سياسة الطرفين تجاه الوفد، فقد عبر له ماهر عن أمله في العودة إلى تولي الوزارة كما أشرنا كما كان يدرك أيضا عداء علي ماهر للوفد وعلى فهم بما ينطق من أنه من المحتمل حتى يأتي بأعمال ضد الوفد خلال الخريف القادم (أي خريف1937) .. وينطق حتى علي ماهر مقتنع بأنه من الممكن أجبار وزارة الوفد على الاستنطقة في الخريف القادم وإجراء انتخابات بواسطة حكومة محايدة ظاهريا وضمان الحصول على أغلبية ضد الوفد دون الاستعانة بالوسائل والمناورات الانتخابية المتطرفة ومع بداية الأزمة الدستورية تحدث النحاس إلى السفير عن عدم ثقته في علي ماهر ووجود (مؤامرة بالقصر لتجميع جميع عناصر المعارضة لضمان استنطقته ونطق أنه لن جاز للقصر بالاستمرار في لعب هذا الدور الذي يتعارض مع الدستور على خط مستقيم ورغم ذلك فإن لامبسون بعد عودته من أجازته في آخر أكتوبر 1937 اتجه إلى الاستعانة بعلي ماهر ليقوم بدور الوسيط بين الطرفين (الملك ورئيس الوزراء) لحل الأزمة عن طريق إيجاد نوع من التفاهم والتقارب في وجهات النظر وتدبير لقاءة فقابل علي ماهر في 2 نوفمبر وأوضح له خطورة قيام ملك صغير السن بإثارة أزمة دستورية مع رئيس وزرائه المنتخب دستوريا وقد وافق علي ماهر على التعاون عندما اقترح عليه لامبسون حتى يقوم بدور الوسيط بين الملك والنحاس وأظهر (علي ماهر) استعداده للقيام بهذه المهمة وسار لامبسون في هذا الاتجاه إلى مداه، فقابل الملك فيخمسة نوفمبر ونصحه بأن يعهد إلى عي ماهر بإيجاد حل عمل للأزمة عن طريق إيجاد مخرج للتفاوض مع رئيس الوزراء إلى غير ذلك كما يقول لامبسون أصبح الأمر متروكا لعلي ماهر لكي يقوم بواجبه في الفترة المبكرة من الأزمة كان لامبسون كما يقول في يومياته، واثقا حتى علي ماهر يفترض أن يبذل ما في وسعه لحلها لكنه من أواخر نوفمبر بدأ يرتاب في نوايا عي ماهر واتجاهاته فيما يختص بالأزمة وموضوع الوساطة فقد رأى حتى ضغط علي ماهر عليه فيما يختص بضرورة حل فرق القمصان الوفدية الزرقاء هوبلا جدال محاولة منه لكي يسقط السفير في مشاكل مع النحاس بخصوص مسألة لا ريب حتى النحاس مخطئ فيها وفي الأسبوع الثاني من ديسمبر تزايدت شكوك لامبسون وأخذ أمله يضعف في حل الأزمة.

فخط يقول معلقا على فشل المساعي لحل الأزمة حتى ذلك الوقت أنه لا يرى أملا يذكر في ضم هذه العناصر المتنافرة للعمل معا ثم خط عن حديث له مع أمين عثمان (همزة الوصل بينه وبين الوفد) في مشروع لتسوية الأزمة يتضمن حل فرق القمصان الزرقاء وأشار إلى اعتقاد أمين عثمان أنه يمكنه حتى يجعل النحاس يقبل ذلك بشرط وجود ضمان بحسن نية القصر لأن النحاس يشعر أنه إذا جرده القصر من السلطة فإن جميع أجهزة الدستور يفترض أن يساء استعمالها ضده بما في ذلك الجيش والشرطة، وأنه ليس هناك إلا القمصان الزرقاء التي عليه حتى يركن إليها وقد وافق لامبسون على ما أشار إليه أمين عثمان من حتى أضعف ما في هذا المشروع هوالاعتماد الذي يفترضه مقدما على حسن نية علي ماهر وأخيرا فقد أبلغه النحاس بعد حتى أٌيلت وزارته حتى الموضوع كان من أول الأمر مؤامرة دبرها علي ماهر ولا شك حتى ما وضعه علي ماهر من عقبات في وجه وزارة محمد محمود للتخلص منها وتحقيق أطماعه في الوصول إلى الرئاسة قد أكد للامبسون صحة اتهامات النحاس.

كان طبيعيا على أية حال حتى تفشل الوسائط بين الطرفين لأن الوسيط علي ماهر كان طرفا في الصراع والسؤال الآن هولما عهد إليه لامسون بالوساطة،يا ترى؟ إذا استبعدنا فكرة حتى لامبسون يجهل أطماع علي ماهر، يتبقى لدينا عاملان أحدهما حتى السفارة اعتادت على استجابة علي ماهر لرغباتها مما جعل لامبسون يعتقد كما يقول، أنه بالضغط عليه قد يصبح أكثر استعدادا لعمل ما في وسعه لتخطي هوة النزاع بين القصر والوزارة أما العامل الثاني فهوأنه لم يكن لدى لامبسون وسيلة أخرى للتأثير على فاروق وهذا واضح من قوله في يومياته معلقا على عودة فاروق من رحلته في الخارج عام 1937 لتولي سلطاته الدستورية، أنه يخشى أنه يعتقد فاروق أنه يستطيع حتى يلعب أية لعبة يريدها وإذا وقع فسوفقد يكون خطأ قاتلأن وهويأمل (أن يستطيع علي ماهر حتى يؤثر فيه، وإلا فسوف تكون هناك أيام عاصفة بيننا وقد ازدادت هذه الحاجة إلى الإفادة من نفوذ علي ماهر لدى فاروق بعد حتى ولى رئاسة الديوان.

وقد قام ارتياب في بداية الأزمة في نفوذ علي ماهر على فاروق وقدرته على التأثير عليه عبر عن هذا الارتياب جميع من أمين عثمان والنحاس فنطق الأول حتى علي ماهر لا يستطيع السيطرة على الملك وكذلك لا يريد إغضابه بإبداء رأي مخالف.

ونطق الثاني حتى فاروق غلام عديم التجربة ناقص التعليم تغطرس وهوفي شك من حتى حق علي ماهر نفسه قد يؤثر عليه بل إذا لامبسون قد عبر عن ارتيابه في حتى علي ماهر متأكد من وضعه من الملك فقد نطق هل علي ماهر أنه محاصر بالمتاعب في القصر.

لكنها كانت شكوك عابرة فمحمد التابعي، وله حينئذ اتصالاته القوية في القصر، يؤكد حتى نفوذ علي ماهر استمر قويا على فاروق حتى تولى محمد محمود الحكم وبدأ علي ماهر يدس له لدى الملك وأن السياسة التي اتبعت خلال الأزمة الدستورية بين الوفد والقصر حتى أقيلت وزارة النحاس وخلفتها وزارة محمد محمود هي سياسة علي ماهر وقد استوعب لامبسون هذا في نهاية الأزمة، فخط قبل إنطقة النحاس بيوم واحد يقول أنه حين يتأمل ما وقع يشعر أنه (لم يكن هناك قط أدنى شك في حتى علي ماهر كان مصمما على طرد الوزارة الحالية والحق حتى الأمر يعود حتى إلى ما قبل ذلك الأزمة الدستورية إلى عودة الملك في الصيف الماضي أي من رحلته إلى أوروبا كما حتى سيطرة علي ماهر في القصر كانت كاملة في الفترة الأولى ن وزارة محمد محمود بحيث خط لامبسون في مايو1938 يقول حتى القصر اليوم معناه علي ماهر إلى غير ذلك فإن ما وقع هوصدام بين سياسة جميع من السفير ورئيس الديوان فيما يختص بوزارة الوفد.

وقد خرج علي ماهر منتصرا فساءت علاقته بلامبسون لفترة بعد الأزمة.

ليس هذا فقط بل إذا لامبسون كما يقول في يومياته بدأ يعتقد حتى فاروق في حقيقته ولد لطيف يمكن التعامل معه ويرتاب في حتى علي ماهر هوالسبب الحقيقي لما يلاقونه من متاعب مع فاروق وقد لمس بهذا جانبا من الحقيقة لا كلها.

كان لعلي ماهر نفوذه القوى على فاروق كما رأينأن وقد استغل هذا النفوذ في تجنب وقوع فاروق تحت السيطرة البريطانية وهولا يزال صبيا عديم التجربة وقد عبر لامبسون عن سياسة علي ماهر تلك حين تعمق فهمها بأنها (إبعاد فاروق عنا حتى يمكن للسراي حتى تمارس سياستها الدكتاتورية في المجال الداخلي والمستقلة في المجال الدولي، دون حتى تعوقها النصائح البريطانية أما خصوم علي ماهر فكان بعضهم يصف سياسته بأنها تحويل الملك فاروق عن بريطانيا وكانوا يرون أنها خطيرة على جميع من الأسرة المالكة والبلاد وقد تنتهي بسقوطه السريع في حالة قيام الحرب

وقد ترجع هذه السياسة لعدة أسباب: قد يحدث دافعها الوطنية كما يفهم من حديث محمد تام البنداري مع الدكتور عبد العظيم رمضان وقد يحدث إبعاد فاروق عن الوقوع تحت السيطرة البريطانية كما يفهم من رأي لامبسون وهذا السبب مرتبط بالسبب الأول وقد تكون أيضا وسيلة للانفراد بالنفوذ على فاروق دون مزاحمة من النفوذ البريطاني.

هذا على أية حال جانب من الحقيقة أما الجانب الآخر فهوحتى فاروق عند عودته من بريطانيا كان مشبعا بروح العداء للسيطرة والنفوذ البريطاني وكان يحاول في هذا الوقت المبكر تخلص نفسه والقصر من النفوذ البريطاني كما يتضح من يوميات كيلرن إلى غير ذلك اتفق اتجاه فاروق مع اتجاه علي ماهر. وخلال الأزمة الدستورية بدأت تكشف للجانب البريطاني نواحي من شخصية علي ماهر بما أدى إلى سوء فكرتهم عنه فقد خط لامبسون في أوائل الأزمة يقول حتى علي ماهر إنسان مخادع ولا يمكن الوثوق به وقبل نهاية الأزمة نطق أنه كان مراوغا وكانت فكرة مساعدي لامبسون عنه مثل فكرة لامبسون أوأسوأ فمستر كيللي الوزير المفوض بالسفارة خط أثناء الأزمة يقول أنه لا يستطيع حتى يخاطر حتى بمحادثة شخصية مع علي ماهر لأنه يحتمل حتى ينقل حديثة محرفا إلى جريدة البلاغ في اليوم التالي

أما السكرتير الشرقي والتر سمارت فكان يرى حتى موقف فاروق مع علي ماهر يعيد إلى الذاكرة ما تجاوز حتى وقع بين الخديوي الشاب عباس ومحمد باشا ماهر والد علي ماهر تلك السابقة التي تنذر بالشر ويشير سمارت بذلك إلى تعاون محمد باشا ماهر وكيل وزارة الحربية مع الخديوي عباس حلمي وتشجيعه على العمل ضد الاحتلال البريطاني بما أدى إلى الصدام ين الخديوي عباس حلمي وتشجيعه على العمل ضد الاحتلال البريطاني بما أدى إلى الصدام بين الخديوي وكتشتر ومن خلفه كرومر، في حادث الحدود المشهور في يناير 1894.

وبوصول علي ماهر إلى رئاسة الديوان أخذت تتأكد للجانب البريطاني علاقته بأحمد حسين ومصر الفتاة تلك العلاقات التي كانوا على فهم بها من قبل ذلك حتى مصر الفتاة كانت من الأدوات التي استخدمت في التخلص من وزارة الوفد في أواخر 1937 وكان عز الدين عبد القادر حفيد عرابي وعضومصر الفتاة هوالذي أطلق الرصاص على النحاس قبل إنطقة الوزارة وقد عبر النحاس للسفير البريطاني عن اعتقاده حتى علي ماهر ضالع في محاولة اغتياله ولما كان السفير البريطاني قد استوعب في آخر الأزمة الدستورية حتى سياسة التخلص من وزارة الوفد هي سياسة علي ماهر، فإن هذا يؤكد لديه صلة مصر الفتاة بعلي ماهر يضاف إلى ذلك أنه بعد حتى خلف محمد محمود النحاس في الوزارة قام الصراع على السلطة بينه وبين علي ماهر في هذا الصراع اتخذ أحمد حسين جانب علي ماهر لذلك فقد اعتبرت السفارة البريطانية علي ماهر متواطئا مع الفاشية المصرية، ومسئولا عن تزايد النفوذ الفاشي في السراي.

حقيقة حتى أهمية مصر الفتاة في الحياة السياسية المصرية أخذت تقل التدريج، بعد خلافهم مع محمد محمود ثم مع علي ماهر، وبعد خروج محمد تام البنداري نصيرها ووكيل الديوان الملكي من السراي وتبعا لذلك أخذ يتضح للامبسون بالتدريج قلة شأن مصر الفتاة في الحياة السياسية المصرية لكن مصدر الخطورة من وجهة النظر البريطانية كان ما هناك من شكوك حول صلة مصر الفتاة بإيطاليا الفاشية بل واتهامها بالعمالة لها خاصة وأن شخصية لها وزنها السياسي كزعيم الوفد قد وجهت هذا الاتهام إلى مصر الفتاة في مجلس النواب في يونيو1936 وأعاد مصطفى النحاس توجيه هذا الاتهام بعد إنطقته في آخر ديسمبر 1937

كان طبيعيا حتى تعلق هذه الشكوك أيضا بعلي ماهر صديق مصر الفتاة لذلك حينما خط لامبسون في فبراير 1939 إلى هالفاكس عن النادىية الإيطالية الألمانية وعن توغل النفوذ الإيطالي الألماني في السراي وبين رجال البلاط وفي الطبقات الاجتماعية العليا نجده يقول حتى صدقي باشا على سبيل المثال وهوعلى علاقة طيبة بالملك يقوم بنفس الدور الذي تلعبه النادىية الإيطالية الألمانية وذلك نبشر الآراء التي تقوم بضعف انجلترا وبحياد مصر في حالة قيام حرب لا تمس المصالح المصرية مباشرة ولما كان صدقي في معسكر علي ماهر أيضا فيغلب حتى الأخير يشجعه على انتهاج هذا الطريق ولا شك حتى إيطاليا وألمانيا لهما عملاء آخرون يعملون على الحط من مكانة انجلترا في نظر الملك فاروق ويعملون على توجيهه في اتجاه معادي لهأن من الممكن دون حتى يشعر هوبذلك

وقد كان لهذه الفكرة عن علي ماهر أثرها الخطير في موقف الجانب البريطاني منه فيما بعد، ذلك الموقف الذي تطور إلى طلب إخراجه من الوزارة في يونيو1940 ثم طلب اعتنطقه بحجة انحيازه إلى المحور.

الخلاصة حتى تولي علي ماهر رئاسة الديوان وقيام الأزمة الدستورية وسياسة علي ماهر خلالها قد أدت إلى سوء العلاقات بين علي ماهر ولامبسون كما أخذ الجانب البريطاني يعتقد حتى علي ماهر إنسان مراوغ مخادع متآمر لا يمكن الوثوق به وأنه أقرب إلى العداء لبريطانيا والميل إلى المحور بحكم صلاته بالفاشية المصرية المتهمة بالعمالة لإيطاليا.

بعد انتهاء الأزمة الدستورية بإنطقة مصطفى النحاس أخذت الحدة تزول بالتدرج عن سوء العلاقات بين علي ماهر والسفير البريطاني لكن علاقتهما لم تعد إلى ما كانت عليه هناك عدة عوامل ساعدت على ذلك: انتهاء الأزمة الدستورية وانتهاء الاحتكاكات التي ترتبت عليها بانتنطق مركز الثقل نسبيا في العلاقات السياسية إلى رئيس وزراء محمد محمود يحاول حتى يثبت أقدامه في السلطة في لقاءة رئيس الديوان واستمرار وجود علي ماهر رئيسا للديوان واستمرار نفوذه قويا لدى الملك فاروق فترة بعد الأزمة وما وجده لامبسون لدى محمد محمود والسراي من تعاون واستعداد لتطبيق معاهدة التحالف بحيث خط في مايو1938 يقول إذا (القصر والحكومة الحاضرة لا يقلون ولاء عن حكومة النحاس باشا نحوتطبيق المعاهدة في هذا الدور الثاني من العلاقات بين علي ماهر ولامبسون نجد اهتمام الأخير يهجرز على ثلاث نقاط أساسية هي: وضع علي ماهر في السراي صراع علي ماهر للوصول إلى السلطة أي إلى رئاسة الوزارة والنفوذ الإيطالي الألماني في السراي.

في مايو1938 خط لامبسون يقوحتى القصر في الوقت الحاضر هوالفيصل في الموقف السياسي والقصر اليوم معناه علي ماهر.. علي ماهر يمثل دور القصر السياسي في الوقت الحاضر وذلك لما كان لعلي ماهر حينئذ من نفوذ قوي على الملك فاروق كما تجاوز حتى أشرنا لكن ذلك النفوذ أخذ يضعف لما اتضح من طمع علي ماهر في السلطة ومؤامراته للوصول إليها وعجزه عن التصدي للتدخل البريطاني ولتعيين محمد تام البنداري باشا ووكيلا للديوان الملكي وما أحرز من نفوذ لدى الملك انتقص من نفوذ علي ماهر بل وتعارض معه رغم حتى علي ماهر صاحب الفضل في انتقص من نفوذ علي ماهر بل وتعارض معه رغم حتى علي ماهر صاحب الفضل في تعيين البنداري لكن يظهر حتى لامبسون لم يفطن إلى ضعف نفوذ علي ماهر في السراي إلا بعد فترة فحين لاحظ في نوفمبر هدوء علي ماهر وتخليه عن التآمر ضد رئيس الوزراء افترض حتى السبب هوهجوم الوفد عليه أودقة الموقف الدولي لكنه في أوائل 1939 فطن إلى ضعف موقف علي ماهر وعزاه إلى الدسائس ضده داخل السراي وهذا حقيقي، فضعف موقف علي ماهر حينئذ ناتج عن تزايد نفوذ البنداري في السراي.

في أبريل 1938 خط لامبسون يقول عن الأزمة الوزارية التي قامت في نفس الشهر حتى أساس الأزمة هو(النزاع بين الأحرار الدستوريين والقصر فقد كان الأحرار يريدون السيطرة على الوزارة لتوطيد مركزهم عن طريق الحكومة بينما كان القصر بتوجيه علي ماهر باشا يرغب في وضع الأحرار تحت السيطرة من خلال حكومة ائتلافية والفكرة الغالبة بين المصريين حتى علي ماهر باشا أوأحمد ماهر بتأييد حزب السعديين الكبير في البرلمان سيحل محل محمد محمود باشا ثم عاد في مايويقول عن علي ماهر حتى المظنون أنه يسعى لرئاسة الوزارة معتمدا في ذلك على مساعدة أخيه الدكتور أحمد ماهر والسعديين ومن المتسقط أنه لا يمضي وقت طويل حتى ينشأ نزاع جديدقد يكون سببا في خروج محمود باشا ولوكان علي ماهر باشا حصيفا لهجر الوزارات في مصر بيد أنه من سوء حظه أنه رجل قليل الصبر إلى أقصى حد ومع أنه خط في نوفمبر يقول حتى علي ماهر قد تخلى مؤقتا عن تدبير المؤامرات ضد رئيس الوزراء إلا أنه عاد في يناير 1939 يقول إذا القصر أي على يواصل إضعاف مركز محمد محمود باشا بتداخله في الإدارة وبمساعدته للحركات والعناصر المعادية للحكومة.

إلى غير ذلك تأكد لدى لامبسون سعى ماهر ونشاطه الملح للوصول إلى رئاسة الوزارة، وتآمره ضد محمد محمود وعرقلته أعمال الوزارة حتى يتمكن من الوصول إلى هدفه.

هذا السعي الدؤوب من جانب علي ماهر للتخلص من وزارة محمد محمود والوصول إلى السلطة كان عاملا من عوامل استياء لامبسون من علي ماهر ذلك أنه كان قد اطمأن إلى إخلاص محمد محمود وتعاونه في سبيل تطبيق المعاهدة والوفاء بالتزامات التحالف ولم يكن يشعر بنفس هذا الاطمئنان من جهة السراي ولما كان علي ماهر هوالمسيطر في السراي وهوبالتالي مسئول عن سياسة السراي فإن تغييرا يأتي بعلي ماهر إلى الحكم لم يكن مما يرحب به لامبسون لذلك نجده في مايو1938 يقول حتى علي ماهر يسعى لرئاسة الوزارة وأنه أي لامبسون سيأسف إذا اعتزل محمد محمود الحكم ويقول عن محمد محمود في مايومن العام التالي أنه لا يريد رفيق عمل خيرا منه ولا أكثر ولاء، وآمل كثيرا حتى يظل في عمله بعض الوقت

أما عن النفوذ الإيطالي الألماني في السراي فقد كان مصدر قلق بالغ للسفير البريطاني فخط في يناير 11939 يقول إذا هناك تأثيرات قوية- وطنية وأجنبية يظهر أنها تعمل لتوضح للملك الخطر الذي تتعرض له مصر من التزامات الحرب التي تنص عليها المعاهدة والحق أنه مما يخشى منه حتى عملاء إيطاليا وألمانيا عن طريق أذنابهم داخل القصر وخارجة يقومون عملا بالتأثير على الملك فاروق وتوجيهه الوجهة التي يريدها محور روما بريلن وهي حياد مصر في حالة قيام الحرب إذا النادىية الإيطالية الألمانية شاملة لكن من الواضح حتى أحد ميادينها المفضلة هوما يقابل في مصر الطبقة الأرستقراطية أي البلاط والدائرين في فلكه والأتراك المتمصرين ...

كان السفير البريطاني يدرك صلة البنداري بمصر الفتاة وصلاته الودية مع المفوضية الإيطالية وأثر ذلك كله في تزايد النفوذ الإيطالي الألماني ونفوذ مصر الفتاة في السراي، وتزايد الاتجاهات الفاشية في السراي وفي البلاد إلا أنه مع ذلك كان يعتبر وصل الأمر بلامبسون في فبراير 1939 إلى وضع علي ماهر مع إسماعيل صدقي باشا في الفريق المناصر لإيطاليا الذي يعمل على نشر النادىية الإيطالية الألمانية المضادة لبريطانيا كما يتضح من خطاب لامبسون إلى هاليفاكس رقم 110 في ثلاثة فبراير الذي سبقت الإشارة إليه.

خلاصة الأمر حتى الدور الثاني في العلاقات بين علي ماهر والسفير البريطاني قد أكد عدة انطباعات لدى السفير البريطاني: أكد قوة نفوذ علي ماهر في السراي ولوحتى هذا النفوذ أخذ يضعف في الربع الأخير من 1938 وأكد سعي علي ماهر لرئاسة الوزارة، ومناوراته ومؤامراته ضد وزارة محمد محمود لتحقيق هذا الغرض وأن وجوده في رئاسة الديوان الملكي وشهوته في الاستحواذ على السلطة لا يعطي الوزارة القائمة الفرصة لممارسة الحكم، إلى غير ذلك استمر التعارض الذي كان قائما من قبل بين سياسة علي ماهر وسياسة السفير الذي كان يريد حتى تستمر وزارة محمد محمود في الحكم يضاف إلى بذلك حتى لامبسون استمر يعتقد في عدم صداقة علي ماهر لبريطانيا وفي مسئوليته عن تزايد الاتجاهات الفاشية وتزايد النفوذ الإيطالي في السراي وفي البلاد وأخيرا عملي ماهر متآمر لا يمكن الوثوق به.

هناك عاملان في هذا الدور من العلاقات دفعا إلى التغيير الذي أدى إلى تحسن العلاقات بين علي ماهر والجانب البريطاني في الدور التالي، هما سعي علي ماهر للوصول إلى رئاسة الوزارة، وإدراكه لسوء علاقته بالجانب البريطاني.

بدأ علي ماهر يدس لوزارة محمد محمود منذ أسابيعها الأولى كما يقول التابعي: وبدأت الأزمات بين الوزارة والسراي بعد الانتخابات مباشرة وذلك بمناسبة إعادة تأليف الوزارة في أبريل والحق حتى ضعف الوزارة واعتمادها على تأييد السراي كان يتيح لعلي ماهر فرصة طيبة للتلاعب بها ذلك حتى الأحرار الدستوريين استمروا في الحكم بعد انتخابات غير نزيهة بناء على أغلبية نسبية ويقاربهم السعديون كوسيلة لتدعيمها ومع ذلك فقد استمر ضعف الوزارة، وزاد الخلاف بين الوزراء الدستوريين، وبينهم وبين السعديين والمشاكل الإدارية والمالية الناتجة عن سوء الحالة الاقتصادية وفضيحة مغرسة الجبل الأصفر التي أدت إلى استنطقة رشوان محفوظ وزير الزراعة وعمل علي ماهر لمتصل لإضعاف مركز الوزارة بتداخله في الإدارة ومساعدته للحركات والعناصر المعادية للحكومة وفي أوائل عام 1939 كانت الوزارة قد وصلت درجة كبيره من الضعف والسراي قد أحرزت قدرا كبيرا من السيطرة والتسلط يوضحه سفير علي ماهر رئيس الديوان في يناير لتمثيل مصر في مؤتمر المائدة المستديرة الذي عقد في لندن لبحث المشكلة الفلسطينية دون رئيس الوزراء أووزير الخارجية

حينئذ افترض علي ماهر حتى الوقت قد حان للتخلص من وزارة محمد محمود والوصول إلى الحكم، وانتهز فرصة حضوره المؤتمر للتمهيد لتحقيق هذا الهدف وذلك بإزالة الاتصال رأسا بالحكومة البريطانية فقد سبقه إلى ذلك الخديوي عباس حلمي الثاني أثناء الصراع على السلطة بينه وبين لورد كرومر، مع الفارق بطبيعة الحال بين الرجلين وبين الظروف المحيطة بكل من الحالتين.

يبدوحتى علي ماهر تمكن من تفسير تصرفاته وإزالة شكوك الحكومة البريطانية نحوه، وإقناع وزير الخارجية البريطانية لورد هاليفاكس بحسن نيته وتعاونه وبذلك أزال أية عقبة من جانب الحكومة البريطانية في سبيل وصوله إلى رئاسة الوزارة وقيام تعاون بينه وبين الجانب البريطاني حين يتم ذلك بقي تصفيه الموقف مع السفير البريطاني وذلك ما سعي علي ماهر إليه حين عاد إلى القاهرة.

حينئذ كانت قد استجدت عوامل هيأت المناخ الملائم لتصافي الرجلين، تتضح هذه العوامل في تقرير لامبسون إلى لورد هاليفاكس عن الموقف السياسي في الشهور الأربع الأولى من عام 1939 حيث يقول فيه (إن أكثر ما يلفت النظر من معالم الفترة التي نستعرضها هوما صار إليه مركز رئيس الوزراء من قوة نتيجة أقول نجم علي ماهر بشكل غير متسقط، إذ كانت فرصته منذ أربعة أشهر في انتزاع الوزارة من محمد محمود باشا تعتبر بحق فرصة قوية فخلال غيابه لحضور مؤتمر فلسطين الذي عقد في لندن تمكن من تقويض مركزه في السراي البنداري باشأن الذي يدين لعلي ماهر باشا نفسه بتعيينه وكيلا للديوان الملكي وقد ساعد البنداري باشا في أعماله الخفية خصوم آخرون كثيرون لعلي ماهر باشا بينهم أفراد من الأسرة المالكة كانوا يرون ولرأيهم ما يبرره في تأثير علي ماهر باشا على الملك فاروق خطرا على جميع من الأسرة والبلاد وكان بعضهم يخشى بصفة خاصة حتى ينتهي عمل علي ماهر باشا في تحويل الملك فاروق عن بريطانيا العظمي بسقوط جلالته في حالة قيام الحرب وقد تحدث في ذلك كثيرا جميع من الأمير محمد علي وشريف صبري باشا.

وقد حاول علي ماهر باشا عند عودته إلى مصر حتى يستعيد مركزه بإجبار الملك فاروق على حتى يختار بينه وبين البنداري باشا فقدم استنطقته لكنه سحبها عندما قرر جلالته منح البنداري باشا أجازة لمدة شهر وفي نهاية المدة عين رئيس الوزراء البنداري باشا وزيرا مفوضا في بروكسل بناء على طلب الملك ومع حتى علي ماهر باشا قد حصل بهذا على ترضية سريعة إلا حتى رئيس الوزراء أبلغني أنه إنما نال نصرا رخيصا وأن نفوذه لدى الملك الآن قد ضعف ضعفا بينا على أية حال من الممكن ساء الملك حتى يتقدم إليه رئيس ديوانه بما يكاد حتىقد يكون إنذارا نهائيا بشأن البنداري باشا الذي عمل على حتى يحظى برضاء الملك وكان يؤيده على الأقل بعض موظفي السراي ولا يوجد أدنى شك في حتى علي ماهر باشا يشعر لذلك بالضيق وأحد مظاهر ضيقه هوما يبديه الآن من رغبة واضحة تتسم بالذلة في الحصول على رضائي وعلى مساندة محمد محمود باشا وحتى في إقامة علاقات مع الوفد إلى غير ذلك حين عاد علي ماهر إلى مصر عثر من انهيار نفوذه في السراي دافعا جديدا زاد من رغبته في تحسين علاقاته بالسفير البريطاني وبالمثل كان غياب علي ماهر عاملا أزال لفترة الضوابط التي كانت تتمتع الجموع في سياسة السراي وقد أدى هذا بالإضافة إلى قيام البنداري بعمل رئيس الديوان إلى تزايد النفوذ الفاشي في السراي، وإلى الاصطدام بالسفارة البريطانية.

سقط الصدام بمناسبة مظهرين من المظاهر المتنوعة منذ كان السفير البريطاني مندوبا ساميأن وبعد حتى أبرمت المعاهدة وأصبح المندوب السامي سفيرا هجرت حكومة الوفد للامبسون حتى يحتفظ بهذين المظهرين على سبيل المجاملة بصفة استثنائية نظرا لدوره في التوصل إلى المعاهدة أحد هذين المظهرين هوموكب راكبي الموتوسيكلات الذي يسبق سيارة السفير والآخر هواستقباله استقبالا رسميا عند زيارته للأنطقيم في غياب علي ماهر أصرت السراي على إلغاء الموكب واضطر لامبسون إلى الموافقة وحين زار لامبسون أسوان واستقبله مديرها استقبالا رسميا طلب البنداري توجيه انذار إلى المدير وإخطار المديرين الآخرين بسبب الإنذار مع التحذير بتوقيع عقوبة شديدة لوتكرر ذلك

لهذا فلا شك حتى لامبسون قد رحب بعودة علي ماهر ونجاحه في طرد النبداري من السراي باعتبار علي ماهر أهون الشرين.

أما مدى استجابته لمحاولات علي ماهر تحين العلاقات معه فتتضح من خطاب للامبسون إلى هاليفاكس يخبره فيه عن حديث دار بينه وبين رئيس الوزراء بشأن علي ماهر:

نطق إذا علي ماهر كان حريصا جدا على استعادة الثقة فيه إني لأرجوألا تؤدي عودته إلى دائرة الرضاء الملكي إلى عودته إلى عادته القديمة في التآمر فنطق رئيس الوزراء يخشى أنها قد تؤدي إلى ذلك لووقع ها فإنه شخصيا سيعمل على حتى يسير الملك في الطريق السليم.. وأنه يمكنني حتى أعتقد عليه في لقاءة أية مؤامرات يحكيها علي ماهر الذي تلقى درسا قاسيا..

قلت لرئيس الوزراء إنه للأسف لا يوجد من يتحلون بالصفات اللازمة ليحولا محل علي ماهر والبنداري لقد أجهدت فكري لكني لم أهتد إلى أي إنسان وقد وافق رئيس الوزراء على أنه لا يوجد الأشخاص لقد فكر مثلي ووصل إلى نفس النتيجة.

أنا متخوف من عودة علي ماهر إلى السراي لقد قابلته عدة مرات في الفترة الأخيرة وقد أكد لي تصميمه على العمل معنا بولاء لكن الرجل أثبت أنه متآمر مطبوع بحيث لم يعد أحد يثق فيه على أية حال يحتمل حتىقد يكون قد تفهم شيئا من تجربته الحالية

كانت هناك استجابة إذن، من جانب السفير البريطاني لمحاولات علي ماهر لكنها استجابة بتحفظ استجابة من لا يجد بديلأن وتحفظ المرتاب في إمكان حدوث تغيير وهذا ينفي فكرة قيام تحالف بين السفير البريطاني وعلي ماهر للتخلص من البنداري.


هناك حقيقة أخرى من لا يجد تتضح من الوثائق التي تعرضنا لهأن هي حتى علي ماهر هوالذي سعى إلى تحسين العلاقات بينه وبين السفير البريطاني وليس العكس وهذا يحسم نقطة ثار حولها الخلاف

إلى غير ذلك نجح علي ماهر في تحسين العلاقات بينه وبين الجانب البريطاني لكن هذا لم يؤد إلى تحقيق الهدف الذي كان يرمي إليه من سعيه هذا وهوتمهيد الطريق إلى رئاسة الوزارة فإن انهيار نفوذه لدى الملك نتيجة مساعي البنداري قد باعد بينه وبينها وكان علي ماهر حتى ينتظر بعض الوقت قبل حتى يتحقق هدفه رغم حتى الطريق كان ممهدا له ذلك حتى صحة محمد محمود ساءت بما اضطره إلى تقديم استنطقته إلى الملك فيستة يوليولكن فاروق رفضها فسحبها ليعود ويقدمها ثانية ي 12 أغسطس في هذه المرة قبل الملك الاستنطقة وعهد إلى علي ماهر بتأليف الوزارة.

واضطرابات في القلب وخلال الشهر الماضي لم يتمكن حملته من مزاولة العمل معظم الوقت وحالة الضعف التي يعانيها حاليا تجعل من المتعذر حتى يزاول عملا جادا كثيرا وأخيرا واضطرته حالته الصحية السيئة إلى تقديم استنطقته إلى الملك فاروق فيستة يوليووقد رفض جلالته قبولها واقترح عليه كما أبلغني حملته حتى يعهد بالكثير من عمله إلى زملائه الوزراء وقد سحب محمد محمود باشا استنطقته لكن من المؤكد أنه في الوقت الحاضر ليس في حالة صحية تمكنه من تحمل أعباء الدولة..

هناك إدراك سائد بأن محمود باشا لن يمكنه حتى يستمر طويلا في عمله، وقد فتح هذا الباب على مصراعيه للمضاربات والدسائس بشأن من يخلفه وحتى وقت قريب كان الدكتور أحمد ماهر باشا هوالمشرح المفضل لأن محمود باشا كان يؤيده بقوة، كما حتى الملك فاروق تقبل الفكرة حتى يتجنب فيما يظهر أية مشاكل دستورية لكن الخلاف الذي يؤسف له على الإعانة المقترحة لشركة بواخر البوستة الفرعونية قد أضعف مركز الدكتور أحمد ماهر وينطق وإن كنت لا أدري مبلغ صدقي ما نطق حتى موقف الملك فاروق تجاه الباشا قد تأثر بموضوع هذه الإعانة وإن جلالته لم يعد الآن موافقا على إسناد رئاسة الوزارة إليه وعلى ذلك فالرأي الشائع الآن هوحتى علي ماهر هومختار السراي ليخلف محمود باشا.

لم يسترجع علي ماهر باشا حتى الآن ما كان له من نفوذ عند الملك فاروق، ومن الممكن حتى يرى جلالته بثاقب رأيه خروجه من القصر لرياسة مجلس الوزراء حيث لا يطول بقاؤه في هذا المنصب وتسري الإشاعات أيضا بأن جلالته يميل إلى قيام حكومة تمثل مختلف الأحزاب وفديين معينين مثل عبد السلام فهمي جمعه باشأن وزير التجارة في وزارة الوفد الأخيرة، ويوسف الجندي أفندي وكيل وزارة الداخلية السابق.

إذا اتضح عظم المصاعب التي تعترض تعيين علي ماهر باشا أوأحمد ماهر باشا لرئاسة الوزارة فهناك رأي بأن السراي قد تلجأ إلى تعيين رئيس وزراء دمية مثل عبد الفتاح يحيي باشا أومحمود خليل بك

حين قدم محمد محمود استنطقته في يوليو، إذن وجدت السراي نفسها في ورطة خرجت منها برفض الاستنطقة فالشخص الذي كان عليه الاختيار ليخلف محمد محمود أحمد ماهر أحاطت باسمه صعوبات تحول دون تعيينه والشخص الذي يسعى إلى الرئاسة علي ماهر لم يكن قد استرد بعد نفوذه لدى الملك قدرا يوصله إلى رئاسة الوزارة، وإن يكن قد استردد من النفوذ والسلطة في رئاسة الديوان القدر الذي يدفع به محمد محمود في طريق الاستنطقة.

تمكن علي ماهر من إخراج البنداري من السراي في أوائل أبريل 1939 ومنذئذ وهويعمل جاهدا على استرداد نفوذه لدى الملك كان موقفه ضعيفا في أول الأمر لذلك عمل على تحسين استرد قدرا من نفوذه لدى الملك عاد إلى سياسته القديمة في مضايقته محمد محمود ووضع العقبات أمامه للتخلص منه إذا بصمات علي ماهر واضحة فيما يرويه الدكتور محمد حسين هيكل من رفض السراي السماح لمحمد محمود بالسفر إلى أوروبا في صيف 1939 للاستجمام والاستشفاء رغم حاجته الشديدة إلى ذلك ذلك الرفض يخدم أغراض علي ماهر فهومن جهة أخرى استبقى محمد محمود في مصر لأن سفره سيطيل عمر الوزارة فالمسافر لا يستقبل.

لكن يظهر حتى صحة محمود دفعته إلى الاستنطقة بأسرع مما قدر علي ماهر وقبل حتى يستكمل الشطر الآخر من خطته وهواسترداد نفوذه السابق لدى فاروق لذلك كان على رئيس الوزراء حتى يسترد استنطقته وينتظر فترة أخرى وحين قدمها بعد ذلك في 12 أغسطس قبلت ولكلف علي ماهر بتأليف وزارته الثانية.

اختلفت الآراء في استنطقة محمد محمود الثانية فنطق الدكتور هيكل إنه فهم حتى كبير الأمناء اتى إلى فندق وندسور حيث كان ينزل محمد باشا وأن رئيس الوزراء طلب إليه حتى يبلغ الملك استنطقته لأنه فهم حتى علي باشا ماهر يتصل بأشخاص يعرض عليهم الاشتراك معه في وزارة جديدة ونطق رجال القصر حتى الملك أوفد كبير الأمناء يطلب إليه حتى يستقيل حرصا على صحته

أما مستر بتمان، الوزير المفوض في السفارة البريطانية والقائم بعمل لامبسون حينئذ فيقول إذا محمد محمود قدم استنطقته إلى الملك راجيا قبولها على أساس حتى حالته الصحية تمنعه من الاستمرار في العمل أكثر من ذلك وكان معروفا من وقت مضى حتى رئيس الوزراء كان رجلا عليلأن ولكن قرار استنطقته يظهر أنه قد اتخذ فجأة ما أثار الإشاعات المعتادة من أنه وراء الاستنطقة أكثر مما يظهر في الظاهر لكنني على ثقة حتى تلك الإشاعات لا أساس لها من الصحة فعندما زرت حملته بعد لقاءته الأخيرة للملك مباشرة نطق لي أنه عثر حتى البقاء في اجتماعات مجلس الوزراء حتى لمدة ربع ساعة يكلفه جهدا يفوق احتماله لذلك لم يكن يستطيع حتى يستمر في العمل أكثر من ذلك، وقرر حتى يأخذ الراحة الطويلة التي أصر أطباؤه حتى يأخذها

هناك شواهد تؤيد وجهة نظر بتمان في سبب استنطقة محمد محمود، فقد كانت حالته الصحية سيئة بالعمل وسبق حتى يقدم استنطقته بسببها في 6يوليوكما رأينا يضاف إلى ذلك أنه سافر بعد الاستنطقة مباشرة للاستجمام في مرسى مطروح، وكان الأطباء قد منعوا حتى يشغل ذهنه بأي أمر ذي بال حرصا على صحته كما أنه نطق لأعضاء حزبه أنه يرحب بعلي ماهر رئيسا للوزارة ويوافق تمام الموافقة على حتى يشهجر الأحرار الدستوريون معه بل وعهد إلى الدكتور أحمد ماهر باشا ليقوم مقامة في مفاوضات تأليف الوزارة الجديدة

تلك كانت الولادة العسرة لوزارة علي ماهر الثانية. تعسرت في وصولها إليه واحتاجت إلى استرضاء الحكومة البريطانية في لندن حتى رضيت واسترضاء السفير البريطاني في القاهرة حتى رضى بتمنع وتحفظ واسترضاء الملك فاروق حتى أعاد رئيس ديوانه إلى ما كان له من حظوة لديه بل إنها تعسرت في تأليفها الذي استغرق ستة أيام حتى تم ي 18 أغسطس بعد مفاوضات ومساومات انتهت باشتراك السعديين في الوزارة ورفض الأحرار الدستوريين الاشتراك فيها

يهمنا من ذلك موقف السفير البريطاني من علي ماهر وقد أشرنا إلى أنه استجاب إلى محاولات علي ماهر تحسين العلاقات معه في تحفظ وارتياب كان لهذا التحفظ والارتياب أثره في علاقات الرجلين وكان من عوامل سقوط وزارة علي ماهر في يونيو1940

وزارة علي ماهر الثانية:

تتبادر إلى الذهن عند التعرض لموضوع تلك الوزارة عدة أسئلة:

ما هي الظروف التي تشكلت فيها الوزارة وحكمت بالتالي تشكيلها؟

ما هوتشكيل تلك الوزارة وما هي القوى التي تعتمد على تأييدها للبقاء في الحكم،يا ترى؟

ما هي الأهداف التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها والمشاكل التي قابلتها؟

ما هي وسائلها لتحقيق الأهداف وحل المشاكل وما هوالإطار الذي يدور فيه هذا النشاط؟

وأخيرا ما هي علاقتها بالجانب البريطاني؟

سنعرض الانطباع الذي تكون لدى الجانب البريطاني في أوائل أيام الوزارة ثم نناقش ما يحتاج منه إلى المناقشة ونلخص إلى ما يستقر عليه الرأي.

حين تشكلت الوزارة كان لامبسون يقضي أجازته في بريطانيا ويقوم بعمله مستر تشارلي هارولد بتمان الوزير المفوض بالسفارة وقد خط إلى وزير الخارجية عن تشكيلها يقول:

1- عهد إلى علي ماهر باشا بتشكيل الوزارة الجديدة كما كان الجميع يتسقطون لكن المهمة لم تكن سهلة فقد توقفت الإدارة الحكومية مدة أسبوع تام بينما كان رئيس الوزراء الجديد الذي تجاهل الوفد تجاهلا تاما قد هجر السعديين والأحرار الدستوريين يتصارعون على مراكز الوزراء مع يقينهم التام بأنهم إذا لم يقبلوا شروطه فق يستغني عن تأييدهم له ويشكل وزارة ممن يرشحهم هونفسه ومما يتسار مع تصرفات الوفد في هذه الأيام أنه في اليوم التالي لاستنطقة محمد محمود باشا نشرت صحفهم زعما طائشا بأن علي ماهر باشا قد استشار السفارة قبل تقديم قائمة مرشحيه للملك وفي يوم 23 أغسطس ذكري وفاة زغلول أضاف النحاس نصيبه في الحملة وذلك في إحدى شطحاته الخطابية باتهام بريطانيا العظمى أنها تنشب مخالبها في ثروة مصر، وتعاون وزراء دمي لتتمكن من سلب أقوات الفلاحين وأجور الصناع وفي هذا الخطاب وصف علي ماهر بأنه رجل بريطانيين القوي الذي تعهد بأن يعطيهم جميع ما يريدون وفي نفس الوقت نشرت جريدة الوفد المسائية تصريحا مؤداه أنه على الرم من جميع قاسته مصر على أيدي بريطانيا فإن الوفد لن يخذلها في ساعة شدتهأن وأنه إذا نشبت الحرب يمكن لبريطانيا حتى نعتمد على جميع مساعدة ممكنة من الوفد لن يخذلها في ساعة شدتها وإنه إذا نشبت الحرب يمكن لبريطانيا حتى تعتمد علي جميع مساعدة ممكنة من الوفد الذي لن ينتهز الفرصة ليطعنها من الخلف ويبدوحتى الحقيقة هي حتى النحاس باشا لا يعهد تماما أين يقف في الوقت الحاضر..

2- أثناء اختيار الأفراد الذين تتشكل منهم الوزارة كان من الطبيعي حتى يطالب جميع من الأحرار الدستوريين والسعديين بعدد من الوزراء يتناسب مع عدد مقاعدهم في مجلس النواب وهو99، 84 بنفس الترتيب في مجلس عدد أعضائه جميعا263 لكن يظهر حتى علي ماره باشا أوضح من أول الأمر أنه لن يعطي جميع حزب أكثر من أربعة مراكز وأنه سيحتفظ بالمراكز الرئيسية لنفسه ولمرشحيه وأنه اعتزم حتى تكون له الأغلبية حتى لوأدى الأمر إلى زيادة العدد الإجمالي للوزراء وقد كان يتم الوصول إلى اتفاق رغم حتى الحزبين لم يستسيغا هذه المقترحات لكن انهار نتيجة إصرار علي ماهر باشا على اختيار عبد القوي أحمد بك وزير الأشغال العمومية المنتظر على أساس أنه من الأحرار الدستوريين وقد تبرأ منه الحزب وانسحب من المفاوضات رغم نصيحة محمد محمود باشا تاركا رئيس الوزراء والسعديين يسوون الأمر فيما بينهم..

3- وتعتبر الوزرة الجديدة بوجه عام وزارة قوية، على أساس أنه يرأسها رجل على جانب عظيم م الهمة والنشاط كما حتى بقية الوزراء يعهدون ما يريدون، إما لخبرتهم الإدارية الطويلة أولأنهم فنيون يتولون أعمالهم التي تخصصوا فيها ولكنها من الممكن كنت تحمل بذور ضعفها لنفس السبب فحتى الآن لم تكن الوزارات المصرية تضم أكثر من اثنين أوثلاثة من الرجال ذوي المقدرة البارزة، ومع هذا فقد كان يصعب تجنب الصدام بين الشخصيات ولما كانت وزارة علي ماهر تضم تجميعه كفاءات فقد يجد من الصعوبة بمكان حتى يحتفظ بوزرائه متحدين خاصة وقد تولى هونسه وزارتين الداخلية والخارجية) ..

4- أما تعيين صالح حرب باشا وزيرا للدفاع فقد أثار مخاوفي نظرا لأهمية وجود وزير مناسب يشغل هذا المنصب الحيوي في ظروف التوتر الدولي الحالي فهوواحد من المصريين الذين هربوا وانضموا إلى السنوسي أثناء الحرب وكان حينئذ يعمل في خفر السواحل ويحن طرح اسمه لأول مرة كنت أميل إلى تحذير رئيس الوزراء من تعيينه، وبخاصة لأنني كنت واثقا إذا هذا التعيين يفترض أن يستلزم تعيين عزيز المصري باشا رئيسا لهيئة أركان حرب الجيش المصري ورغم حتى عزيز المصري باشا مصري الجنسية فإنه عمليا قد أمضى جميع مدة خدمته العسكرية في الجيش الهجري ومع أنه يعتبر واسع الاطلاع في الشئون العسكرية فإني أصبحت أميل إلى عدم إقامة أي وزن لحكمة علي الأمور إذا لم أقل لسلامة عقله منذ حتى حاول جاهدا من عدة أشهر مضت حتى يثبت لي حتى الألمان لم يهزموا في معركة المارن وزيادة على ذلك فقد كان لدي من الأسباب ما يدعوني إلى الاعتقاد بأن تعيينه يفترض أن لا يقابل بالرضاء التام سواء في الجيش المصري أوفي البعثة العسكرية البريطانية والجمع البريطانية والجمع في وزارة الدفاع بين هارب سابق وبين إنسان أعتبره ألماني النزعة لا يظهر أمرا مثاليا لكن حديث أجرى بيني وبين الأميرال سير ج. ويلز مدير الموانئ والمنائر، الذي عمل في اتصال وثيق مع صالح حرب باشا وقد أبدى فيه رأيا طبا بعد هذا الحديث رجحت لدى كفة السكوت خاصة وأنه كان معروفا حتى الملك وعلي ماهر باشا قد تأثرا إلى حد كبير بمعلومات هذين المرشحين عن الصحراء الغربية وفي لقائي الأول مع رئيس الوزراء بعد حتى تسلمت الوزارة منطقيد الأمور، ذكرت مخاوفي فيما يختص بعزيز المصري باشا وقد زالت مخاوفي حين أكد لي أنه إذا اتضح عمليا أنه لا يصلح للمنصب الذي يشغله فإنه يفترض أن ينحي عن وظيفته وقد رأيت حتى الآن من الوزارة الجديدة ما يكفي لكي استوعب أنه يفترض أن لا تتخذ أية قرارات في السياسة العسكرية دون مشورة وزير الأوقاف عبد الرحمن عزام بك الذي استدعي من أنقره ليتولى منصبه الجديد إذا معهدته بليبيا، التي حارب فيها الإيطاليين لسنوات عدة هي فهم لا يباريه فيها أحد وهوصديق شخصي لي منذ عدة سنوا ولي فيه ثقة تامة.

5- ويبين كتاب رئيس الوزراء المرفوع إلى الملك بقبول تشكيل الوزارة موجزا لسياسة الحكومة الجديدة الجدير بالملاحظة هوالإشارة الخاصة إلى ضرورة الوحدة الوطنية وتقليل النفقات والمراحل التي ينبغي اتخاذها لحمل مستوى معيشة الفلاحين.. إذا الحديث عن الوحدة الوطنية يمكن طبعا صرف النظر عنه في الحال باعتبار أنه لا قيمة حقيقية له فمن المعترف به أنه يستحيل تحقيقها لكن هذا لا يستتبعه بالضرورة حتى العبارة لا أهمية لهأن بل إنه على العكس من ذلك فمن حديثي مع جلالته الذي خطت عنه في برقيتي رقم 458 قد تأكدت أنها تعني حتى علي ماهر باشا بمسانة الملك يعتزم حتى يدخل في معركة مع الوفد وأن يقضي إذا أمكن قضاء نهائيا على سيطرته على الجماهير على أساس من انجازاته واختفاء الوفد العملي من على المسرح السياسي سيساعد على إزالة أحد عناصر الانقسام ومن هنا كان تصميمه على حق الفلاحين في الاهتمام السريع وقد لمح لي جلالته بوجه عام في 20 أغسطس حتى هذا العمل في الحقيقة أحد أهداف الوزارة الجديدة وقد نطق الملك أنه بينما لا تروق له الدكتاتوريات الأوربية، فإنه من المحال القول بأن الديمقراطيات تحظى بالفضائل كلها هناك بعض الخير في جميع من النظاميين وفي وقت عصيب كالوقت الحالي من الخير لمصر التخلي عن بعض نواحي العمل الديمقراطي التي ثبت عدم فائدتها أوعدم إمكان تطبيقها وأن يستبدل بها ما يمكن حتى يؤدي إلى دفعة إلى الأمام إذا البرلمان لا ريب حتى جلالته يقصد بذلك مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الوفدية قد أصبح لا يزيد على جمعية مناظرات بها ميل واضح لإقامة العقبات وكثير من الموظفين الدائمين لا يعملون شيئا سوى تقاضي مرتباتهم وقد صمم علي ماهر باشا على حتى يعطيهم جرعة من شرابه وذلك بدفعهم جميعا إلى بذل جهد أشد وأكثر فعالية فالحاجة ملحة والوقت يمر والسيطرة على الأمور عند القمة مطلوبة أكثر من ما تكون في هذا الوقت إذا الوزارة المستقبلة رغم أنها كنت تستحق الإعجاب في نواحي كثيرة، كانت متراخية إلى حد كبير فمالية البلاد كانت مرتبكة وحان الوقت لكي يقبض على ناصية الأمور رجل نشط خلاق وذي قدرة على العمل الشاق.. إذا ما يتضح أنه لازم بسرعة لمصلحة البلاد ينبغي فهمه بدون تلكؤ لكن جلالته طلب مني ألا أصدق الإشاعات التي ستثار بأن هناك دكتاتورية في طريق التكوين فسيكون أمام البرلمان فرص كثيرة حين يعود إلى الانعقاد لكن على الأعضاء حتى يتذكروا حتى الوقت الذي تحت تصرفهم ليس بدون حدود على أية حال يمكن حتى أطمئن إلى حتى علي ماهر باشا مقتنع بضرورة العمل بتعاون قلبي مع السفارة وبخاصة في أمور الدفاع وأنه مصمم على ذلك وقبل ذلك في نفس اليوم عبر لي رئيس الوزراء شخصيا عن مشاعر مماثلة وإذا حكمنا بالمحادثات اليومية التي أدت بيني وبينه منذ تولي الوزارة يمكن حتى أقول إنه مخلص في ذلك فالكثير من متطلبات دفاعنا قد تم إنجازه بطريقة سقمية في ساعات قليلة والاجتماعات مع ممثلي الأسلحة هجرت انطباعا طيبا.

6- يبقى بعد ذلك درس احتمالات المستقبل لقد بدأت الوزارة الجديدة عملها بعدد من التغييرات الكاملة في نظام الموظفين بعضها مضطرب بشكل يثير القلق، وبعضها يجافي الحكمة سأخط في ذلك بتفصيل أكثر حينما تكتمل التغييرات لكن حين يتم ذلك يمكن حتى أٌول بحق حتى معظم المفكرين تدركهم الحيرة حين يحاولون حتى يتبينوا جدوى التخلص من إنسان في مثل مستوى أمين عثمان باشا تلك حركة من القصر بلا جدال وفي لقاءتي الأول لرئيس الوزراء لم أهجر له مجالا للشك في أني أرى حتى هذا عمل طائش مثل هذه الأعمال تخلق بسهولة وبلا ضرورة جبهة من المعارضة داخل البرلمان وخارجه ستسبب للوزارة متاعب جسيمة في الخريف من الواضح حتى اتخاذ مجلس الشيوخ جانب المعارضة وموقف مجلس النواب المشكوك فيه يجعلان رئيس الوزراء إذا أراد حتى يكسب الشعور العام يعتمد على ما يكسبه إنجازاته العملية خلال الشهور الثلاثة القادمة من رضاء الناس..

وقد ذكر بتمان في خطابه بعض الوزراء الآخرين غير صالح حرب وعبد الرحمن عزام فأشار إلى مقدرة عبد السلام الشاذلي وزير الشئون الاجتماعية وأن رئيس الوزراء يأمل عن طريقة في تحقيق جانب كبير من برنامجه لتحسين حال الفلاحين، وأشار إلى فنيين آخرين تولوا وزارات تتفق مع اختصاصهم: مثل عبد القوي أحمد بك وزير الأشغال العمومية ومحمود توفيق الحفناوي بك وزير الزراعة أما إبراهيم عبد الهادي ومحمد علي علوية باشا فقد عينا وزيري دولة للشئون البرلمانية للدفاع عن سياسة الحكومة في مجلس البرلمان

إن القوي التي تعتمد عليها الوزارة وظروف تشكيلها هي التي حكمت ذلك التشكيل.

حين تشكلت الوزارة كان علي ماهر قد فقد نفوذه على فاروق ثم عمل جاهدا لاسترداد ها النفوذ أوجانب منه وحقق في ذلك نجاحا هوالذي أوصله إلى رئاسة الوزارة لذلك كان من الطبيعي حتى يحرص علي ماهر في تشكيل الوزارة ورسم سياستها على إرضاء الملك لتثبيت ما استرد من نفوذ واستدامته وسنعود إلى تناول هذا الموضوع.

وفي نفس الوقت كان علي ماهر قد نفوذه على فاروق، ثم عمل جاهدا لاسترداد هذا النفوذ أوجانب منه، وحقق في ذلك نجاحا هوالذي أوصله إلى رئاسة الوزارة، لذلك كان من الطبيعي حتى يحرص علي ماهر في تشكيل الوزارة ورسم سياستها على إرضاء الملك لتثبيت ما استرد من نفوذ واستدامته وسنعود إلى تناول هذا الموضوع.

وفي نفس الوقت كان علي ماهر حريصا على إرضاء الجانب البريطاني وكسب تأييده وقد رأينا الجهد الذي بذله في لندن وفي القاهرة لتنقية جوالعلاقات بينهما ويكفي دليلا على نجاحه حتى السفير البريطاني حين عاد من أجازته في أول سبتمبر كان يحمل له خطابا بالتأييد من الحكومة البريطانية بمناسبة توليه منصبه ولما كانت نذر الحرب الوشيكة واضحة في الأفق عندما تولى الوزارة فإن إرضاء الجانب البريطاني كان يعني تطبيق معاهدة التحالف وتقبل التزامتها بما يرضيه، وتطبيق مطالبه فيما يختص بأمور الدافع ويشهد بتمان في خطابه حتى علي ماهر مخلص في تعبيره عن استعداده للعمل في تعاون قلبي مع السفارة وبخاصة في أمور الدفاع كما حتى علي ماهر وعده بالتخلص من عزيز المصري لوثبت عدم صلاحيته لمنصب رئيس الأركان.

اتىت وزارة علي ماهر بعد حتى زايد ضعف وزارة محمد محمود وآنت بالسقوط وتزايدت شعبية الوفد في البلاد ولما كانت نذر الحرب واضحة فقد كان الوضع الطبيعي حتى بمقياس السياسة المصرية في السابقة، هوحتى تخلف وزارة محايدة وزارة محمد محمود لتجري انتخابات يتولى بعدها الوفد الحكم لذلك فوزارة علي ماهر حينئذ هي البديل السيئ لوزارة الوفد لذلك ولموقف جميع من علي ماهر والملك من الوفد اتخذت وزارة علي ماهر سياسة العداء للوفد. وكانت سياسة العداء للوفد اقتراب الحرب تعني تشكيل وزارة قوية ذات برنامج يحظى بتأيد الشعب وسنعرض لذلك بتفصيل.

يضاف إلى ذلك حتى المسألة الفلسطينية كانت حينئذ الشغل الشاغل للبلاد العربية ومنها مصر ولبريطانيا وكان علي ماهر وهوفي رئاسة الديوان يدفع فاروق إلى انتهاج سياسة إسلامية حتى تشغل مصر بعد استقلالها وضعها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي وكان ذلك يعني الاهتمام بالمسألة الفلسطينية وكان علي ماهر هوالذي مثل مصر في مؤتمر المائدة المستديرة الذي عقد في لندن عام 1939 كما أشرنا وقد اصطحب معه مستشارا هوعبد الرحمن عزام بك لذلك كان منتظرا حتى يبرز ذلك الاتجاه سواء في تشكيل الوزارة أوسياستها وقد ضمت الوزارة ثلاثة من المتهمين بالقضايا العربية هم محمد علي علوبة باشا ومحمد صالح حرب باش وعبد الرحمن عزام بك.

هذا عن الظروف المحيطة بتشكيل الوزارة أما عن القوى التي تعتمد عليها فإن علي ماهر لم يكن له حزب يعتمد على تأييده لذلك فإن اعتماده الأساسي كان على الملك في المقاوم الأول ثم على ما يمكن الحصول عليه من تأييد الأحزاب، وعلى تأييد المستقلين في البرلمان والحصول على تأييد المستقلين يكلفه تأييد السراي إلى حد كبير لما يمكن حتى يمارسه من ضغط عليهم وبخاصة التهديد بحل البرلمان إلى غير ذلك نعود ثانية إلى تأييد الملك كعامل أساسي وتأييد الملك كان يعني في المقام الأول ضمن ما يعني استبعاد الوفد هذا بالإضافة إلى حتى الوفد نفسه كانت سياسته عدم الموافقة على أية وزارة إلا إذا كانت وزارة وفدية أووزارة محايدة لإجراء انتخابات تأتي بالوفد بطبيعة الحال إلى الحكم ولم تكن تلك هي وزارة علي ماهر لهذا فإن علي ماهر عند تشكيل الوزارة تجاهل الوفد تجاهلا تاما كا يقول بتمان.

ويغلب حتى سياسة علي ماهر كانت ترمي أيضا إلى استبعاد الأحرار الدستوريين عملي ماهر بمناوراته ومضايقاته وهوفي رئاسة الديوان كان العامل الأساسي في دفع محمد محمود إلى الاستنطقة ليحل محله ولا شك حتى الأحرار كانوا سيحفظون له هذه اليد السيئة لذلك لم يكن يأمن معاكساتهم لواشهجروا في الوزارة بل من الممكن محاولة تخريبها من الداخل والوزارات القومية التي شارك فيها الوفد تقدم أمثلة لإمكان حدوث ذلك نقصد بذلك وزراة النحاس عام 1938 لهذا السبب طالت كما يقول بتمان المفاوضات لتشكيل الوزارات القومية التي شارك فيها الوفد تقدم أمثلة لإمكان حدوث ذلك نقصد بذلك وزارة النحاس عام 1928 لهذا السبب طالت كما يقول بتمان المفاوضات لتشكيل الوزارة وأخذ علي ماهر يضع شروطا ويتقدم بترشيحات يتعذر الدستوريين قبولها: مثل ترشيح أحمد خشبه باشا لوزارة الصحة بدلا من وزارة العدل التي كان يشغلها في الوزارة المستقلة ورغم أنه من رجال القانون وترشيح عبد القوي أحمد بك لوزارة الأشغال العمومية واحتسابه من العدد الذي يخصصه للدستور رغم أنهم رفضوا اعتباره منهم إلى غير ذلك دفعهم في النهاية إلى تقرير عدم الاشتراك في الوزارة ويبدوأنه كان قد رسم خطته على إشراك السعديين فقط ووصل معهم عملا إلى اتفاق على ذلك لأنه رغم حتى الدستوريين والسعديين اتفقوا على اتخاذ سياسة موحدة في موضوع الاشتراك في الوزارة أوعدم الاشتراك فيها بمجرد حتى قرر الدستوريون عدم الاشتراك في الوزارة شكل علي ماهر وزارته ومنح السعديين خمسة مناصب بدلا من أربع إلى غير ذلك اكتفى عي ماهر في البرلمان بضمان تأييد السعديين وما يمكن الحصول عليه من أصوات المستقلين تلك بلا جدال نقطة ضعف في وزارة علي ماهر ويغلب أنها كانت من مسببات عدم قبول استنطقة محمد محمود في 6يوليو، حتى لاقد يكون علي ماهر مضطرا إلى لقاءة البرلمان في أيام وزارته الأولى، وتأجلت بذلك الاستنطقة وتشكيل الوزارة إلى أغسطس حتى يفيد علي ماهر من فرصة العطلة البرلمانية لدعم مركز وزارته.

إلى غير ذلك كون علي ماهر وزارته من المستقلين والسعديين واعتمد أساسا على تأييد الملك، وسعي إلى تأييد الجانب البريطاني وحصل عليه وكون وزارة قوية ذات برنامج إصلاحي، اتجهت إلى إرضاء الملك ومناوأة الوفد وقد استبقينا النقاط الأخيرة لمناقشة أكثر تفصيلا.

تلك النقاط تمثل حلقات متصلة: فإرضاء الملك حينئذ يعني، مناوأة الوفد ومناوأة الوفد تستدعي قيام وزارة قوية تنفذ برنامجا جادا للإصلاح وبخاصة الإصلاح الاجتماعي وبذلك كما يقول بتمان، تنتزع من الوفد سيطرته على الجماهير على أساس من إنجازاتها لهذا ركز برنامج الوزارة الذي أوضحه علي ماهر في خطابه إلى الملك على العناية بالفلاح وأنشئت لأول مرة وزارة للشئون الاجتماعية ذلك أنه كانت توجد حينئذ آراء بأن الوفد ركز جميع جهوده في القضية الوطنية ولمقد يكون لنفسه برنامجا شاملا للإصلاح بحيث أصبح بعد معاهدة 1936 وقد استنفد الغرض من وجوده ووجدت فترة وزارته الأخيرة فكرة حتى حكم الوفد يتميز بالفساد وبنقص الكفاءة الإدارية عبر عن ذك لامبسون في كثير من تقاريره أيام تلك الوزارة.

هي إذا خطة تم الاتفاق عليها بين علي ماهر والملك للقضاء على الوفد كحزب شعبي يكاد يحتكر تأييد الجماهير ويغلب أنها هي الخطة التي أقنع فاروق على أساسها بإسناد الوزارة إليه وهي أخرا تتفق مع ما يحاول علي ماهر حتىقد يكونه لنفسه من شهرة من أيام وزارته الأولى بأنه رئيس وزراء كفء نشط ذوقدرة خلاقة وقادر على دفع الأداة الحكومية إلى العمل والإنتاج.

النقطة الأخيرة الواضحة أيضا في خطاب بتمان هي نقطة السلطة والإطار الذي تزاول فيه الوزارة شئون الحكم ذلك حتى فاروق كان قد تخلص لتوه من البنداري ون لم يكن قد تخلص من تأثيره ومن أفكاره المتشعبة بالاتجاهات الفاشية تلك الاتجاهات التي لم تكن على أية حال غريبة عن روح العصر في مصر فقد كانت هي الاتجاهات والمبادئ التي قام على أساسها عظمة دولتين كانتا لا تزالان عظيمتين بل ومتفوقتين في لقاءة معسكر الديمقراطية المتخاذل تلك الاتجاهات هي التي قسمت القصر أيام وجود البنداري إلى معسكر الفاشية ومعسكر الديمقراطية الذي يمثل علي ماهر وقد انتهت المعركة بين المعسكرين بفوز علي ماهر وإن لم تنته آثار الفاشية في القصر ولا تأثيرها على فاروق ولم يكن وقوف علي ماهر إلى جانب الديمقراطية عن حب أصيل لها فقد كان طبعه الأوتوقراطي أميل إلى الدكتاتورية بل لأن مصلحته لم تكن إلى جانب قيام فاشية عمليه كما حتى مصلحته كانت تتعارض مع قيام ديمقراطية حقيقية يستأثر فيها الوفد بالسلطة إلى غير ذلك كان مما يتفق مع اتجاهات علي ماهر ومما يرضي فاروق حتى تظل البرلمان قائما وأن يعين وزيرا دولة للشئون البرلمانية هما محمد علي علوبة باشا وإبراهيم عبد الهادي جميع ذلك كما يقول فاروق في حدود السيطرة على الأمور عند القمة وفي حدود إذا من الخير لمصر التخلي عن بعض نواحي العمل الديمقراطي التي ثبت عدم فائداتها أوعدم إمكانية تطبيقها وفي حدود حتى على الأعضاء حتى يتذكروا حتى الوقت الذي تحت تصرفهم ليس بدون حدود وأن ما يتضح أنه لازم بسرعة لمصلحة البلاد ينبغي عمله بدون تلكؤ أني حتى الإطار هودكتاتورية مغلقة بغلاف ديمقراطي يجلس على القمة فيها علي ماهر لينفذ ما تستقر عليه السراي هي إذن دكتاتورية السراي ولعل مما يوضح ذلك في الفترة المبكرة في حياة الوزارة هوفصل أمين عثمان الوسيط بين السفارة البريطانية والوفد والذي كان محمد محمود في فترة سقمه في يوليويفكر في تعيينه وكيلا في رئاسة الوزراء ليقوم عنه بتصريف الأمور الروتينية للوزارة ولم ينجح في ذلك لما يكنه فاروق من كراهية لأمين عثمان هي إذن كما يقول بتمان بحق حركة من السراي وليست من علي ماهر الذي يغلب أنه كان يتجنب صداما خطيرا كهذا مع السفارة في أيام وزارته الأولى لوهجر الأمر له.

ولهذا فإن الوفد على إدراك منه بطبيعة نظام الحكم القادم وبخطورة الموقف الدولي قد حسم موقفه في الحال فصفق الباب بعنف في وجه عي ماهر وفتحه كما يوضح بتمان ي وجه الجانب البريطاني والوفد في ذلك كان مدركا حتى قيام الحرب سيدفع بريطانيا إلى عاجلا أوآجلا إلى الضغط لإسناد الحكم إلى الحزب الشعبي الذي يمكنه وحده حتى يكتل المصريين إلى جانب التحالف المصري البريطاني وإلى جانب الديمقراطية إلى غير ذلك مهد الوفد لتدخل بريطانيا لإسناد الحكم إليه في 4فبراير 1942

الفصل السادس: وزارة علي ماهر بين المشكلة الدستورية والمشاكل الخارجية

حين نتعرض لسياسة علي ماهر في وزارته ولعلاقاته بالجانب البريطاني ينبغي حتىقد يكون في بالنا تلك النقاط التي اتضحت لنا: موقف التحفظ الذي أتخذه السفير البريطاني من علي ماهر ومخاوفه من النفوذ الفاشي في السراي واتجاهاتها المحورية وقيام دكتاتورية السراي هذه النقاط تجسم لنا المشكلتين الأساسيتين اللتين قابلتا علي ماهر وأثرتا في الكيفية التي قابل بها غيرهما من مشاكل الحكم هاتان المشكلتان هما المشكلة الخارجية، أوعلاقاته بالجانب البريطاني في ظروف قيام الحرب والمشكلة الداخلية أوالمشكلة الدستورية.

سنتعرض للمشكلة الأولى حين نتناول موضوع قيام الحرب والعلاقات المصرية البريطانية أما المشكلة الثانية فترتبت على الأوضاع التي كانت قائمة حين شكل علي ماهر وزارته، وعلى طبيعة تكوين تلك الوزارة.

كان الوضع في البرلمان كالآتي: في مجلس الشيوخ كان الوفد يحظى بما يقرب من نصف الأعضاء مما كفل لمعارضته للوزارة به قوة فعالة أما مجلس النواب الذي جرت انتخاباته في مارس 1938فلم يكن للوفد به سوى 12 مقعدا بينما أحرز الدستوريون 99 مقعدا والسعديون 84 مقعدا والباقون من المستقلين وكانت العلاقات بين الوفد وعلي ماهر يشوبها العداء ولم يتحول الوفد عن موقفه هذا حتى بعد حتى أخذ علي ماهر حين تبين ضعف موقفه يتقرب إلى الوفد أما الأحرار الدستوريون فلم ينسوا مناورات علي ماهر رئيس الديوان ومعاكساته أيام وزارة محمد محمود لذلك فرغم حتى موقفهم المعلن من البداية كان التعاون مع الوزارة إلا أنهم اتخذوا بوجه عام موقف المعارضة من وزارته وأخذ محمد محمود يسعى لإسقاطها بل إنه سعى إلى التقارب مع الوفد وإقامة تعاون بين الحزبين لتحقيق هذا الغرض ومع حتى الوفد استجاب مبدئيا لهذه المساعي إلا أنه أصر على التمسك بمبدأ رئيس في سياسته الحزبية وهورفض الوزارات الائتلافية والمطالبة بحكومة محايدة تجري انتخابات برلمانية حرة حين تسمح الظروف أما السعديون فمع أنهم كانوا شركاء علي ماهر في الوزارة إلا حتى تأييدهم له لم يكن مطلقا كما سنرى كذلك لم يكن تأييد المستقلين له قضية مسلما بها حقيقة أنهم بوده عام كانوا يخضعون لضغط السراي المؤيدة لعلي ماهر لكن الأمر في النهاية كان خاضعا أيضا للمناورات البرلمانية هذا الاستعراض يوضح ضعف موقف علي ماهر في البرلمان وهوأمر مفروغ منه منذ تخلي الأحرار الدستوريون عن الاشتراك في الوزارة لم يكن أمام علي ماهر سوى طريقين للقاءة هذا الموقف: أحدهما حتى يحل البرلمان ويقيم دكتاتورية سافرة، بدلا من دكتاتورية السراي المقنعة التي يعتزم إقامتها أما الطريق الثاني فكان لقاءة البرلمان ودخول حلبة الصراع داخله.

الطريق الأول سبقته تجربة فاشلة وتحيط به الأخطار كانت هناك تجربة إسماعيل صدقي في حل البرلمان وإلغاء الدستورية والانقلاب الدستوري في آخر ديسمبر 1937 وما أدى إليه من توتر حاد في العلاقات بين لامبسون وكل من علي ماهر والسراي يضاف إلى بذلك الظروف التي استجدت بقيام الحرب مع وجود القوات البريطانية وقيام تحالف بين مصر وبريطانيا مما يجعل القيام بمغامرات دستورية أمرا محفوفا بالمخاطر يضاف إلى ذلك أيضا حتى وجود البرلمان في تلك الظروف الجديدة يعتبر غطاء لازما للسراي وللوزارة القائمة في لقاءة قوة بريطانيا السياسية والعسكرية الغالبة وأخيرا فإن السعديين شركاء علي ماهر في الوزارة ما كانوا ليقبلوا انقلابا دستوريا وهم في الحكم.

ويبدوحتى علي ماهر قد اختار الطريق الثاني من البداية فقد ضمت وزارته وزيري دولة للشئون البرلمانية هما محمد علي علوبة باشا لشئون مجلس الشيوخ وإبراهيم عبد الهادي لشئون مجلس النواب لكن يظهر أيضا حتى قيام الحرب كان فرصة أسرع علي ماهر إلى اقتناصها لمحاول الحصول على سلطات دكتاتورية تساعده على تحسين وضعه الضعيف وتتفق مع طبعه الأوتوقراطي فأعرب الأحكام العهدية وعين نفسه حاكما عسكريا وقرر عدم دعوة البرلمان إلى دور انعقاد غير عادي لعرض الأحكام العهدية عليه كما يقتضي الدستور بحجة حتى إعلانها يتضمنه القانون رقم 80 لعام 1936 الصادر بمعاهدة 1936 والذي وافق عليه البرلمان بل إنه حين اضطر تحت ضغط المعارضة القوية إلى عرض الموضوع على البرلمان عرضه على أساس أنه إبلاغ وليس عرضا أي حتى مرسوم الأحكام العهدية معروض للفهم وليس للحصول على الموافقة وذلك ليسلب البرلمان حقه في حتى يقرر استمرار الأحكام العهدية أوإلغائها لكنه اضطر في النهاية إلى الموافقة على حتى مرسوم الأحكام العهدية معروض ليقرر المجلس استمرارها أوإلغائها

إلى غير ذلك عدل علي ماهر عن محاولته وعاد إلى السير في الطريق الثاني وقد علق لامبسون على مسلك علي ماهر بقوله إنه ليس من الخامة التي يصاغ منها الدكتاتورية وهووإن يكن استبداديا في وسائله إلا أنه تنقصه الشجاعة والعزيمة وعندما تصل المسائل إلى النقطة الحاسمة فإنه يظهر كما لوكان يرتجف خوفا من القرارات الخطيرة

كان الإبقاء على الدستور والبرلمان يعني قبول التحدي داخل البرلمان ومحاولة الحصول على تأييد داخله يكفل للحكومة حتى تنفذ مشروعات وذلك رغم ضعف نصيبه من التأييد الحزبي سنتعرض فيما بعد إلى المناورات الحزبية والبرلمانية التي لجأ إليها لتقوية مركزه لكن ينبغي حتى نشير هنا إلى أنه اضطر إلى اتخاذ سياسة يراعي فيها الرأي العام كي يحصل على قدر من الشعبية يوازن به ضعف نصيبه من التأييد الحزبي هذه السياسة كانت تتعارض مع سياسة أخرى اتى بها علي ماهر إلى الوزارة واستدعتها ظروف الحرب في نفس الوقت وهي تحسين علاقاته بالجانب البريطاني وكان موقف علي ماهر بالغ الصعوبة وهويحاول الجمع بين هاتين السياستين.

والآن لنر كيف من الممكن أن عالج علي ماهر مشاكل الحكم وهويسير بحذر على هذا الحبل المشدود:

تطبيق المعاهدة في ظروف الحرب:

حين أصبح خطر الحرب داهما قابل مستر بتمان القائم بعمل لامبسون رئيس الوزراء في 23 أغسطس 1939 وأشار إلى حتى الحكومة البريطانية ترى أنه قد قامت حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها بالمعنى الذي نصت عليه المادة السابعة من معاهدة التحالف بين الدولتين ثم عزز ذلك بمذكرة في اليوم التالي وفي تلك المذكرة طلب بتمان باسم حكومته بأن تقدم الحكومة المصرية إلى الحكومة البريطانية ما تنص عليه المادة السابعة من المعاهدة من تسهيلات ومساعدات ومع أنه لم يطلب إعلان حالة الطوارئ التي تشير إليها تلك المادة إلا أنه طلب اتخاذ الإجراءات التمهيدية التي تكفل إعلانها في أقصر وقت إذا دعت الحاجة إلى لك وبناء على ذلك اتخذ علي ماهر ما أشرنا إليه من إجراءات في الفترة بين 25، 31 أغسطس وحين قامت الحرب عملا قابل لامبسون علي ماهر وطلب إليه إعلان حالة الطوارئ وقد استجاب علي ماهر لهذا الطلب وأعرب حالة الطوارئ وفرض الأحكام العهدية وعين نفسه حاكما عسكريا يوم 1 سبتمبر وفي يوم 2 سبتمبر أعربت بريطانيا الحرب على ألمانيا فأعرب علي ماهر في نفس اليوم بتر العلاقات مع ألمانيا وأصدر قرارات بمنع التعامل التجاري مع الرعاية الألمان، وباعتنطقهم فيما عدا النساء والأطفال تمهيدا لترحيلهم إلى بلادهم وبوضع الممتلكات الألمانية تحت الحراسة تبع إعلان الأحكام العهدية وبتر العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا اتخاذ إجراءات أخرى مكملة لفرض الأحكام العهدية ولتأمين سلامة البلاد ففرضت الرقابة على البريد والصحافة والمواصلات السلكية واللاسلكية وأنشئت لهذا الغرض مصلحة للرقابة لها لجنة استشارية تضم عضويتها سسل تام عضومجلس الإدارة المنتدب لشركة ماركوني، كما تولى مستر ويب تطبيقها من في مصلحة التلغرافات والتليفونات وأنشئت لجنة في مصلحة الجمارك برئاسة مستر كاسل المفتش فيها للنظر في طلبات الترخيص بإصدار البضائع والمحصولات المصرية وبدأ اللواء ويلز باشا مدير مصلحة المواني والمنائر الذي عهد إليه باتخاذ التدابير لحماية ميناء الإسكندرية بتطبيق إجراءات تفتيش السفن الداخلة فيه وإغلاقه بالشباك بين الغروب والشروق وأنشئت نقطة بحرية لمراقبة السفن بميناء بور سعيد ووضع نظام لإغلاق الميناء وعدم فتحه إلا لمرور السفن كما وضع نظام لتفتيش السفن الداخلية إلى القناة ووضعت السكك الحديدية في حالة استعداد فجهزت عربات للمستشفيات وأعدت قطارات لنقل الجند والعتاد وتقرر إنشاء أربع مناطق عسكرية في محافظات القاهرة والإسكندرية والصحراء الغربية والقنال وعين محافظوالمحافظات الثلاث الأول حكاما عسكريين كما عين أحمد محمود عزمي بك حاكما عسكريا لمنطقة القنال واستدعى ضباط الاحتياط للالتحاق بالجيش العامل كما استدعي الرديف لحراسة المرافق وخول وزير المالية سلطة التصرف في الاحتياطي العام وأخيرا صدر قانون بتسعير المواد الغذائية والحاجيات الأولية وبدأت تجارب الغارات الجوية وبدأ إنشاء المخابئ

يتضح مما تجاوز حتى علي ماهر وضع مصر في حالة الاستعداد للحرب وقدم للحليفة ما يمكن من مساعدة وتسهيلات فأعرب الأحكام العهدية ووضعت تحت تصرف السلطات البريطانية مواني البلاد وطرق ووسائل مواصلاتها وأشركها في الرقابة على المواني والمواصلات بل وفي مراقبة تجارة مصر الخارجية والسيطرة عليها وزاد على ذلك حتى جاز لها حتى تراقب باسم مصر التجارية المارة بقناة السويس إلى غير ذلك أوفى علي ماهر بالتزامات مصر بمقتضى المعاهدة كاملة بل أنه تعدى تلك الالتزامات فالمادة السابعة في حقيقة الأمر لا يلزم مصر بإعلان الأحكام العهدية، بل تهجر ذلك لحكمة الحكومة المصرية وذلك وفقا لنص المادة نفسه الذي يقول: it will accordingly be for the egptian governmnet to take all the administrative and legislative messures, inclublish ment of martiallaw, وهي لا تلزم مصر إلا بتيسيرات استخدام بريطانيا للمواني المصرية بينما أعطى علي ماهر لبريطانيا سيطرة كاملة على المواني المصرية وقناة السويس عن طريق اللواء ويلز باشا البريطاني مدير عام المواني والمنائر والقوات البحرية البريطانية التي اتخذت الإسكندرية قاعدة لها وعينت الأميرال إليوت قائدا للميناء وعن طريق هيئة تفتيش السفن الداخلية إلى الميناء والتي سيطر عليها ويلز باشا وعن طريق نظام تفتيش السفن المارة بالقناة بل حتى علي ماهر جاز لبريطانيا بالسيرة على تجارة مصر الخارجية ومراقبة التجارة المارة بقناة السويس عن طريق موظفين يتلقون تعليماتهم من وزارة الحرب الاقتصادية في بريطانيا وهذا ما تخلومنه معاهدة التحالف تلك كلها تدابير تجاوزت التزامات مصر بمقتضى المعاهدة ويبدوأنه قد منح الجانب البريطاني في الأيام الأولى من الحرب جميع ما طلبه تقريبا فيما عدا إعلان الحرب على ألمانيا وتعيين حكام عسكريين بريطانيين يطبقون القانون العسكري البريطاني وخاصة في مناطق القاهرة والإسكندرية والقناة والصحراء الغربية وقد أشارت الأهرام في حينه إلى حتى ما تقدمه مصر تجاوز التزاماتها بمقتضى المعاهدة كما أشارت تلك الجريدة أيضا وبحق إلى حتى ما اتخذته مصر من إجراءات من الداخل وتجاه ألمانيا جعلها في مركز وسط بين الحرب والحياد

لكن علي ماهر سرعان ما اصطدم في الداخل بمشكلة إعلان الأحكام العهدية كما اصطدم بمشكلة رغبة بريطانيا في حتى تعلن مصر الحرب على ألمانيا وبلقاءة هاتين المشكلتين في ظروف وضع الوزارة والأوضاع القائمة واتجاهات الرأي العام، ورغبة علي ماهر في إرضاء بريطانيا.

مشكلة الأحكام العهدية:

صدر مرسوم إعلان الأحكام العهدية أثناء العطلة البرلمانية مستندا إلى أحكام القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العهدية لكن علي ماهر لم يتقيد بحدود هذا القانون ولا بالمادة 45 من الدستور الخاص بالأحكام العهدية أيضا: ذلك حتى المرسوم الصادر بإعلان الأحكام العهدية خول الحاكم العسكري وهوهنا علي ماهر نفسه، السلطات الواسعة التي تتضمنها المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1923 وزاد عليها الترخيص له باتخاذ أي إجراء آخر لازم للمحافظة على النظام أوالأمن العام وبهذا جعل له في البلاد سلطانا مطلقا غير محدود أما المادة 45 من الدستور فكانت تقضي بعرض إعلان الأحكام العهدية فورا على البرلمان ليقرر استمرارها أوإلغاءها فإذا سقط ذلك الإعلان في غير دور الانعقاد وجبت دعوة البرلمان للاجتماع على وجه السرعة لكن علي ماهر لم يستصدر المرسوم بدعوة البرلمان إلى الانعقاد إلا في 23 سبتمبر أي بعد اثنين وعشرين يوما من إعلان الأحكام العهدية وحدد للاجتماع يوم 2 أكتوبر 1939 بل حتى المرسوم الصادر بدعوة البرلمان إلى الاجتماع فرق بين إعلان الأحكام العهدية والمراسيم الأخرى وذلك بالإشارة إلى الأول الاجتماع فرق بين إعلان الأحكام العهدية والمراسم الأخرى وذلك بالإشارة إلى الأول بحدثة إبلاغ وإلا والمراسيم الأخرى بحدثة عرض مما يعني محاولة علي ماهر تجريد البرلمان من حقه في إلغاء الأحكام العهدية يضاف إلى ذلك أنه حتى هذه الدعوة المتراخية لم تتم إلا بعد إلحاح من أخيه أحمد ماهر شريكة في الحكم وقد استند في عدم عدوة البرلمان إلى فتوى من الدكتور عبد الحميد بدوي رئيس لجنة قضايا الحكومة بأن إعلان الأحكام العهدية في هذه الحالة مترتب على القانون رقم 80 لعام 1936 الذي صدرت به معاهدة 1936 والذي وافق عليه البرلمان وبأنه لذلك فلا حاجة إلى الحصول على موافقة البرلمان

ليس من الصعب حتى نعهد الدوافع التي وقع بعلي ماهر إلى انتهاج هذه السياسة فلا شك أنه كان عازفا عن لقاءة البرلمان في تلك الفترة المبكرة من وزارته وفي هذا الموضوع بالذات خوفا من رفض الموافقة على استمرار الأحكام العهدية مما يعرض وزارته للخطر أنه كان حريصا على إرضاء الجانب البريطاني بل وعلى استرضائه بعد حتى خيب ظنهم فيما طلبوه من إعلان الحرب على ألمانيا يضاف إلى ذلك رغبته في الحصول على سلطات دكتاتورية يشغلها في تحسين مركز وزارته وإضعاف خصومه.

وقد خط لامبسون عن ذلك إلى هاليفاكس في تقاريره قائلا إذا علي ماهر لما اقتنع أخيرا بوجهة نظر أخيه أحمد ماهر باشا بأن لابد من دعوة البرلمان ظل شهرا كاملا دون حتى يعمل مما أعطى الوقت لنمومختلف ألوان المعارضة كما اتضحت الكيفية التي يتبعها لتطبيق حالة الطوارئ وقد أثارت تلك الطريقة مخاوف خصومه السياسيين الين شعروا أنه يتخذ من حالة الطوارئ ذريعة لكتم أنفاسهم أضعف إلى ذلك مشاكل الحرب مثل معضلة القطن وغيرها تلك المشاكل التي تطورت وأثارت شعورا قويا كان من الطبيعي حتى يشغله المعارضون السياسيون ضد رئيس الوزراء

وعاد بعد ذلك يقول إذا رئيس الوزراء تردد كثيرا في دعوة البرلمان لإقرار مرسوم حالة الطوارئ كما ينص الدستور لكنه على أية حال اضطر في النهاية إلى دعوته لأن الرأي العام أخذ يبدي قلقا متزيدا في هذا الموضوع وشعر حتى رئيس الوزراء كان يستغل السلطات الخاصة التي يخولها له الدستور في تحقيق أهدافه السياسية وقد انصب النقد بالذات على استخدام وعلي سوء استخدام الرقابة لهذا الغرض وقد انتقد فريق الأغلبية من لجنة الأحكام العهدية بمجلس الشيوخ تطبيق الوزارة للأحكام العهدية ونطقوا إذا حرية الرأي أصبحت معدومة وحرية النقد لا وجود لها وأن الشكاوي كثيرة من الأحكام العهدية

علي أية حال فقد اجتمع البرلمان في دورة غير عادية في 2 أكتوبر لنظر ذلك المرسوم وغيره من المراسيم التي صدرت في غيبته وقد تمت الموافقة على المرسوم بأغلبية كبيرة في مجلس النواب ويرجع ذلك إلى معاونة محمد محمود بالإضافة إلى السعديين شركاء علي ماهر في الحكم ولضئالة عدد النواب الوفديين فيه المعركة كانت حامية في مجلس الشيوخ يتمتع الوفد بعدد يقرب من نصف الأعضاء وانتهى الأمر بموافقة مجلس الشيوخ بأغلبية ضئيلة على المرسوم.

تكونت في مجلس الشيوخ لجنة خاصة لدراسة الموضوع والتقدم للمجلس بنتيجة هذه الدراسة وقد تشكلت بنفس نسبة تشكيل المجلس تقريبا أربعة من الوفدين واحد لكن من الدستوريين والسعديين إثنان من المستقبل بالإضافة إلى رئيسها عبد الفتاح باشا يحيي.

رأت اللجنة حتى مرسوم إعلان الأحكام العهدية صدر مستندا إلى القانون رقم 15 لسنة 1923 وأن رئيس الوزراء قد صرح بأن إعلانها كان أيضا بناء على طلب بريطانيا وذلك تطبيقا للمعاهدة ورأت اللجنة بالإجماع حتى الدستور صريح في حتى إعلان الأحكام العهدية سواء أكان تطبيقا للقانون رقم 15 لسنة 1923 أم لقانون المعاهدة لابد من عرضه على البرلمان لإعطاء رأي قاطع إما باستمرار الأحكام العهدية إلى اللجنة حيث صرح إبراهيم عبد الهادي بأن الموضوع المطروح هوعرض مرسوم الأحكام العهدية ليقرر المجلس استمراره أوعدم استمراره.

بحسم هذه النقطة تفرغت اللجنة إلى التداول في شأن ما تشير به على المجلس في شأن الأحكام العهدية فرأى خمسة من أعضائها عدم استمرار الأحكام العهدية ورأي ثلاثة استمرارها وامتنع رئيس اللجنة عن إبداء رأيه.

استندت الأغلبية في رأيها على مسببات عدة فقد قامت بمقارنة بين قانون الأحكام العهدية المصرية ونظيره في بعض البلاد الأخرى فأشارت إلى حتى في فرنسا لا يصح للبرلمان حتى يفوض السلطة التطبيقية بتفويض عام اتخاذ أي إجراء تشريعي للقاءة حالات الطوارئ إلا بقانون يحدد الموضوع والزمن يصدره البرلمان أما في انجلترا فقد جعلوا للبرلمان حق تفويض السلطة التطبيقية في التشريع ولكن ما تتخذه من ذلك يجب عرضه على البرلمان ليقول حدثته فيه وفوق هذا فإن إجراءات السلطة التطبيقية في ذلك فضلا عن مراقبتها بالبرلمان تقع تحت سلطان المحاكم العادية أما قانون الأحكام العهدية المصري فهوفي رأي أغلبية اللجنة قانون متشدد قد تناول موضوعات شتى وضع لها أحكام استثنائية تخالف الدستور وتقلب القواعد العامة للتشريع ففي نصوصه ما يحرم الأفراد من حرياتهم الشخصية وما ينتهك حرمة الملكية وغير ذلك والمخالفات التي ترتكب لما يفرض من إجراءات بمقتضى الأحكام العهدية تنظرها محاكم عسكرية أحكامها نهائية ولا يصح للفرد حتى يلجأ إلى أية سلطة للتعويض عما تكون هذه الإجراءات قد أصابته به من أضرار.

خرجت الأغلبية في رأيها من ذلك إلى حتى إعلان الأحكام العهدية كان بناء على طلب الدولة الحليفة بينما الأمر والنظام مستتبين في البلاد لذلك كان ينبغي إذا ما أعربت الأحكام العهدية حتى تكون مقصورة على التدابير التي تقتضيها حماية المصالح المشهجرة وقد حاولت اللجنة استطلاع رأي رئيس الوزراء في ذلك كما عرضت عليه استمرار انعقاد البرلمان كضمان لحصر الأحكام العهدية في هذا النطاق لكن علي ماهر لم يوافق على هذا الرأي محتجا بأنه لا يمكنه فصل الإجراءات العسكرية عن غيرها وعرض على اللجنة استعداده لإعطاء بيان بالظروف التي تستدعي اتخاذ أي إجراء كما صرح باستعداده لعقد البرلمان في دورة غير عادية حدثا اقتضت الظروف ذلك.

ويبدوحتى هذا كان حلا وسطا وكان من جانب الأغلبية اختبار لنوايا علي ماهر وأنه برفضه رأي اللجنة قد سقط في هذا الاختبار لذلك رأت حتى الحالة الدولية قد تتطلب إعلان الأحكام العهدية في حدود ما تقتضيه حماية المصالح العسكرية فقط لكن رئيس الوزراء رفض ما عرضته اللجنة يضاف إلى ذلك حتى قانون الأحكام العهدية المصري يمنح القائم على تطبيقها سلطات واسعة جدا زاد منها المرسوم المعروض أنه رخص للحاكم العسكري اتخاذ أي إجراء آخر لازم للمحافظة على النظام أوالأمن العام وبهذا جعل له في البلاد سلطانا مطلقا غير محدود، بينما الأمن والنظام أوالأمن العام وبهذا جعل له في البلاد سلطانا مطلقا غير محدود، بينما الأمن والنظام مستتبان فإن أضيف إلى ذلك أيضا حتى المادة 155 من الدستور تجيز تعطيل أحكامه أثناء قيام الأحكام العهدية ظهر ما في الاستئثار بهذه السلطات الواسعة النطاق من الخطر الجسيم.

بهذا أوضحت الأغلبية مخاوفها من حتى يقوم الحاكم العسكري علي ماهر بتعطيل الدستور وحل البرلمان وإقامة دكتاتورية سافرة ثم لمحت إلى أنها لا تأمن حتى يقوم علي ماهر بذلك فنطق إذا البلاد فوق ذلك لا تطمئن إطلاقا حتى تجعل تطبيق الأحكام العهدية في يد ليست موضع الرضاء منها وأشارت إلى حتى اللجنة قد استعرضت بعض الصور التي طبقت فيها الأحكام ولفت نظرها بصفة خاصة الكيفية التي روقيت بها الصحف وعوملت بها حرية النقد فتبين لها حرية الرأي أصبحت معدومة وأن حرية النقد لا وجود لها فضلا عن أنه حصل تمييز بين صحف وأخرى في مراقبة الأخبار والآراء التي تنشر ولا شك حتى حرية الصحافة وبصفة خاصة حرية النقد في الظروف القائمة هي من الضمانات الجوهرية لحسن سير العدالة والمحافظة على مصالح البلاد.

وخلصت أغلبية اللجنة في ذلك إلى أنها ترفض استمرار الأحكام العهدية كما أعربت بالمرسوم المعروض

أما الأقلية فقد عرضت رأيها من الناحية الدستورية والقانون وخلصت إلى حتى إعلان الأحكام العهدية قد استند إلى القانون رقم 80 لسنة 1936 الصادر بمعاهدة التحالف بين مصر وبريطانيا وقد اشتبكت بريطانيا في حرب مع دولة أخرى ولا تزال مشتبكة ولهذه الدولة الأخرى في مصر رعايا ولها فيها مصالح فهل يستطاع تحت ظل الأحكام العادية الآن الموجودة في مصر والحال هكذا حتى تقوم مصر بالوفاء بعهدها الذي بترته لانجلترا والذي قررته المادة السابعة من المعاهدة فإذا كان ذلك مستطاعا وجب ألا تكون الأحكام العهدية أما إذا لم يكن ذلك مستطاعا وجب حتى تكون الأحكام العهدية على ألا نتجاوز الغاية المقصودة من إعلانها وهي تسهيل السبيل لقيام مصر بتعهداتها التي بترتها لانجلترا ونطقت الأقلية أنه لا يتيسر لمصر حتى تفي بتعهداتها التي بترتها لبريطانيا في ظل القوانين العادية وأنه لا مندوحة عن الاتجاه إلى النظم الاستثنائية السريعة التي يجيزها إعلان الأحكام العهدية على ألا تتجاوز الغاية المقصودة من إعلانها وهي تسهيل السبيل لقيام مصر بتعهداتها التي بترتها لانجلترا ونطقت الأقلية أنه لا يتيسر لمصر حتى تفي بتعهداتها التي بترتها لبريطانيا في ظل القوانين العادية وأنه لا يتيسر لمصر حتى تفي بتعهداتها التي بترتها لبريطانيا في ظل القوانين العادية وأنه لا مندوحة عن الاتجاه إلى النظم الاستثنائية السريعة التي يجيزها إعلان الأحكام العهدية فاستمرار الأحكام العهدية التي يجيزها إعلان الأحكام العهدية فاستمرار الأحكام العهدية التي أعربت بمرسوم أول سبتمبر 1939 واجب كوسيلة فعالة لجعل التسهيلات والمساعدات التي تعون بها مصر حليفتها بريطانيا العظمى فعالة.

وأضافت الأقلية إلى ذلك أنها توجه نظر الحكومة إلى الأمور الآتية:

1- العمل على حصر هذه الأحكام جهد الطاقة عند الضرورات العسكرية التي تقتضيها سلامة البلاد وتقضي بها المعاهدة.

2- الرجوع إلى البرلمان في الشئون الخطيرة مراعاة لحرج الموقف.

3- تخفيف الرقابة على الصحف بحيث تقتصر على الأنباء التي يترتب على نشرها أضرار بسلامة البلاد وبالقوات المصرية وبالقوات الحليفة والصديقة.

لكن رأي الأغلبية هوالذي كان يشكل الرأي الذي يتقدم به اللجنة إلى المجلس في النهاية فطلبت اللجنة إلى المجلس حتى يقرر عدم استمرار الأحكام العهدية

زاد هذا التقرير من صعوبة موقف علي ماهر في مجلس الشيوخ في لقاءة معارضة الوفد لإعلان الأحكام العهدية وتمثيله القوي في المجلس وقد استند معارضوالأحكام العهدية في المجلس بالإضافة إلى ما ذكرته أغلبية اللجنة إلى حتى مصر لم تعلن الحرب وأنها بعيدة جميع البعد عن ميادينها وإلى حتى الأحكام العهدية لم تعلن في بريطانيا نفسها بالإضافة إلى حتى المعاهدة لا تلزم مصر بإعلانها واضطر علي ماهر إلى حتى يخوض معركة حامية في مجلس الشيوخ حتى حصل على موافقته على استمرار الأحكام العهدية بأغلبية بسيطة.

أدت معركة الأحكام العهدية في البرلمان إلى عدة نتائج فقد أتاحت الفرصة للرأي العام لكي يعبر عن نفسه سواء داخل البرلمان أوخارجه تجاه سياسة علي ماهر وقد رأينا أنه حتى المؤيدين لاستمرار الأحكام العهدية في اللجنة في مجلس الشيوخ كانوا يرون حتى تطبق هذه الأحكام في أضيق نطاق وأنه يجب الرجوع إلى البرلمان في المسائل الهامة وقد اضطر علي ماهر إلى التمشي مع هذه الرغبة وحين عقدت الدورة العادية للبرلمان في نوفمبر بدأت يتبع تقليدا جديدا هوالاجتماع بأعضاء لجنتي الأحكام العهدية، كذلك الاجتماع بأعضاء اللجنة المختصة ومناقشتهم فيما يريد حتى يتقدم به إلى البرلمان.

إلى غير ذلك اضطر علي ماهر إلى التخلي عن أية خطط دكتاتورية كان يعتزمها يضاف إلى ذلك حتى محمد محمود انتهز فرصة الدورة غير العادية فتقدم هووآخرون إلى مجلس النواب بطلب اضطرت الحكومة حتى تتبناه وهوحتى تشتري بريطانيا جميع محصول القطن المصري وكان هدفه من ذلك حتى يكسب لحزبه مزيدا من الشعبية لأن تصريف محصول القطن المصري وكان هدفه من ذلك حتى يكسب لحزبه مزيدا من الشعبية لأن تصريف محصول القطن كان معضلة الساعة حينئذ وكان يرمي أيضا إلى إحراج الحكومة تمهيدا لإسقاطها إلى غير ذلك بدأت معاكسات الأحرار الدستوريين لوزارة علي ماهر

مشكلة إعلان مصر قيام حالة الحرب مع ألمانيا:

ثارت هذه المشكلة في نفس الوقت الذي ثارت فيه معضلة الأحكام العهدية لكنها اختلفت عنها في أنها كانت أساسا بين الحكومة المصرية وبريطانيا وأنها بلغت الذروة من البداية بينما كانت معضلة الأحكام العهدية أساسا بين أطراف داخلية كما أنها لم تبلغ زروتها إلا عندما انضم البرلمان في دورته الاستثنائية في أوال أكتوبر.

وقد أشرنا فيما تجاوز إلى موقف الأطراف المتنوعة من التزامات مصر بمقتضى المعاهدة وأن البعض رأى حتى تتخذ مصر موقف الحياد في نزاع دولي لا يعينها وأن تعمل على الحد من التزامات المعاهدة عبر عن ذلك إسماعيل صدقي ورأى البعض الآخر حتى تفي مصر بالتزاماتها بمقتضى المعاهدة وأن يتضمن ذلك دخولها الحرب إلى جانب بريطانيا وكان هذا موقف أحمد حسين زعيم مصر الفتاة وموقف فريق من الأحرار الدستوريين والسعديين ورأي ثالث حتى تفي مصر بالتزاماتها بمقتضى المعاهدة لا تزيد عليها وأشرنا إلى حتى هذا كان موقف الإخوان المسلمين وفريق من الدستوريين والسعديين ويغلب أنه كان موقف الوفد بل حتى الإخوان المسلمين زادوا على هذه ضرورة السعي إلى استكمال تحقيق الأماني الوطنية في لقاء مساعدة مصر لحليفتها وهوما تطور إليه موقف الوفد أيضا في أبريل 1940 كما يتضح من مذكرته إلى السفير البريطاني حينئذ

والحق حتى موقف الوفد كان حاسما في موضوع دفاع مصر عن نفسها والتزامها بتقديم المساعدة البريطانية داخل حدودها لكنه يخلومن الوضوح والحسم في موضوع دخول مصر الحرب إلى جانب بريطانيا فقد تساءلت جريدة المصري في 29 مارس 1939 كيف من الممكن أن يمكن حتى ندخل الحرب إذا كان حلفاؤنا ينقضون العهد نقضا ويستخفون بالمعاهدة بندا بندا،يا ترى؟ أنحارب للدفاع عن الديمقراطية التي يحارب حلفاؤنا من أجلها والديمقراطية في بلادنا شوهت وجني عليها،يا ترى؟ ألا يصح للمصريين حتى يعودوا إلى ضمائرهم فيسألوها هذا السؤال الخطير،يا ترى؟ لكنها عادت في أربعة سبتمبر بعد قيام الحرب تقول (لسنا في حاجة إلى القول حتى مصر ستكون مع حليفتها في هذا الموقف الدقيق قلبا ونطقبأن وأنها ستكون وفية لعهدها مؤيدة بكل قوتها الديمقراطية ضد الدكتاتورية مدافعة عن كيانها ووطنها المقدس.

ولا شك حتى موقف الوفد كان يحدده ضعف أوقوة جميع عامل من العوامل المؤثرة في سياسته: الحالة الدولية القائمة وبخاصة موقف إيطاليا رغبة الوفد في العودة إلى الحكم رغم معارضة السراي واتجاهات الرأي العام في مصر وقد رأينا حتى الرأي العام في مصر كان يتجاذبه عاملان الخوف من إيطاليا وأطماعها الواضحة في مصر والرغبة في الابتعاد بمصر عن نزاع عالمي لا يهمها بشكل مباشر وقد أشار السفير البريطاني قبيل الحرب إلى حتى هذا يمثل شعورا كبيرا في البلاد وبذلك اتخذ موقف إيطاليا من الحرب ومن مصر أهمية خاصة في تحديد موقف جانب كبير من الرأي العام وفريق كبير من الساسة ذلك الفريق الذي كان يرى حتى تقف مصر عند حدود الوفاء بالتزاماتها بمقتضى المعاهدة داخل الأراضي المصرية فقط.

أما عن السراي فقد تكررت إشارات السفير البريطاني إلى سلامة موقف الملك من التحالف كما تكرر تعبيره عن مخاوفه من النفوذ الإيطالي في السراي وميولها المحورية تلك المخاوف كانت عملا ترتكز على قدر كبير من الحقيقة ففي 23 فبراير 1936 خط كونت شيانووزير خارجية إيطاليا في يومياته حتى السفير الإيطالي في برلين أوفد يخبره عن حديث دار بينه وبين وزير مصر المفوض هناك مراد سيد أحمد باشا في هذا الحديث كان الوزير يتحدث بلسان مليكه قائلا إنه يكره الإنجليز ومتسائلا عما إذا كان المحور على استعداد لمساندته إذا ما أعربت مصر حيادها وحاولت بريطانيا العظمى نتيجة لذلك حتى تتدخل مباشرة أوعن طريق غير مباشر ونطق شيانوأنه بعد اتفاقه مع الدوتش أوفد إلى السفير يفوضه في مواصلة محادثاته مع الوزير المصري، وأن يوح له حتى إيطاليا تؤيد أي جهد يؤدي إلى إضعاف الروابط بين مصر ولندن وفيتسعة مايو1939 زار القاهرة المارشال بالبوحاكم ليبيا وقد أقام له رئيس الوزراء مأدبة كما استقبله الملك فاروق وتردد حينئذ حتى إيطاليا ترمي إلى عقد ميثاق عدم اعتداء مع مصر وأن الفكرة تجد صدى في بعض المقامات

وأخيرا ففي 30 مايو1940 خط شيانوفي يومياته يقول إذا مراد سيد أحمد الذي كان حينئذ وزير مصر المفوض في روما تحدث على مسئوليته عن اعتزام حكومته إعلان حيادها في النهاية ونطق شيانوإنه شجعه على ذلك .

يضاف إلى تلك الحقائق احتفاظ فاروق بما تضمه السراي من موظفين إيطاليين وما تضمه حاشيته من الإيطاليين رغم حتى لامبسون حاول بإلحاح حتى يدفعه إلى التخليص منهم.

تلك عوامل كان لها أثرها في موقف الحكومة المصرية والمصريين بوجه عام من موضوع إعلان قيام حالة الحرب بين مصر وألمانيا يضاف إليها عامل آخر له أثره الكبيرة في ذلك الموقف وهوقوة جميع من الفريقين المتنازعين: القوات البريطاني في مصر وما يقابلها من قوات إيطالية في ليبيا وقوة جميع من المحور وبريطانيا وفرنسا بوجه عام لقد تأثر المصريون بضآلة عدد القوات البريطانية في مصر وما يقابلها من حشود إيطالية كبيرة في ليبيا كما تأثروا بالسياسة القوية التي اتبعتها دولتا المحور ونجاحها في تحقيق أهدافهما وآخرها استيلاء ألمانيا على باقي تشيكوسلوفاكيا في مارس 1939 واستيلاء إيطاليا على ألبانيا في أبريل بينما قابلت بريطانيا وفرنسا ذلك بسياسة التهدئة.

تتضح مخاوف الجانب المصري في طلبة الملح بزيادة القوات البريطانية في مصر حين تبين حتى قيام الحرب أمر يكاد حتىقد يكون مفروغا منه بعد أزمة مارس أبريل فبعد الغزوالإيطالي لألبانيا تحدث رئيس الوزراء محمد محمود إلى لامبسون عن عدم كفاية القوات البريطانية في مصر فنطق إذا قلة عدد هذه القوات أصبح في الأحاديث الشائعة وأن الأمة المصرية جميعها تشعر بالقلق في قدرتنا على حتى تقدم لمصر الحماية التي تضمنها لها معاهدة التحالف إلا إذا تلقت قواتنا تعزيزات كبيرة..

وقد تساءل سعادته عن عدد قواتنا الآن في مصر، وحين أبلغته حتى عدد الحامية جميعها حوالي 13 ألفا نطق إذا هذا لا يكفي لتهدئة مخاوف الناس وأنه يريد حتىقد يكون لنا ما بين 25 إلى 30 ألفا وأن نجعل الناس يرونهم حتى تتبدد مخاوفهم من هجوم مفاجئ من ناحية ليبيا وكرر الأمير محمد على هذا الطلب إلى السكرتير الشرقي ي مايوالتالي وحين أصبحت الحرب متسقطة في أية لحظة في أغسطس 1939 طلب الملك من بتمان القائم بعمل لامبسون زيادة عدد القوات البريطانية في مصر وأكد أهمية هذه الزيادة وأهمية أثرها النفسي إلى سير مايلز لامبسون حين عادة الأخير من إجازته وقابله في أول سبتمبر حين اشتعلت الحرب

وكان لامبسون يدرك مخاوف المصريين وأثرها على موقفهم من التحالف لذلك تكرر تحذيره لحكومته من نتائج قلة عدد القوات البريطانية في مصر وطلب زيادتها في يناير 1939 خط إلى وزارة الخارجية يقول لواعتقدت مصر حتى لدى بريطانيا من القوة ما يكفي لحمايتها من نشاط العدوالعسكري والجوي المدمر فلا جدال في حتى الكلام سيقل عن حياد مصر أما إذا لم نتمكن من خلق هذا الشعور عن طريق حجم قواتنا العسكرية واستعادة صداقتنا مع البلاد العربية المجاورة فإن مصر ستطلب إلينا عاجلا أوآجلا الحد من التزاماتها الحربية بمقتضى المعاهدة المصرية البريطانية وعاد لامبسون إلى هذا الموضوع في الشهر التالي فخط إلى هايفاكس يقول علينا حتى نعمل على تقوية وضعنا في شرق البحر المتوسط بحيث لا يبقى لدى الملك أوحاشيته أدنى شك في قدرتنا على حماية مصر وعلى إجبار حكامها على الاستجابة لرغباتنا لولزم ذلك..

سنجد ملك مصر والفئة الارستقراطية الحاكمة يحاولون باستمرار حتى يتخذوا موقفا مستقلا عن بريطانيا طالما بقي في مصر شعور بأن نهضة ألمانيا وإيطاليا قد أضعفت موقفنا في العالم بوجه عام وفي شرق البحر المتوسط بوجه خاص بحيث إنه لم يعد من الأسلم لمصر حتى تنشد ود أصدقاء آخرين فقط بل إذا ذلك أصبح من الحكمة وبعد حتى طلب محمد محمود في أبريل زيادة القوات البريطانية خط لامبسون يقول لقد عبر الرسميون وغير الرسميين في مصر عن رغبتهم في وجود قوات بريطانية أكثر في مصر إني لأرجوجادا حتى نتمكن في القريب العاجل من حتى نحقق للمصريين رغبتهم في تلك ولهم الحق في ذلك أنهم يدركون عدم كفاية قواتنا الحالية لحماية مصر من هجوم إيطالي ألماني ومستقبل وضعنا في الشرق الأدنى يتوقف على حتى توجد في مصر قوات بريطانية كبيرة إلى الحد الذي يقنع المصريين وغيرهم من شعوب الشرق الأوسط بقدرتنا على حتى ندفع بكفاءة عن البلاد التي تعهدنا بالدفاع عنها بمقتضى المعاهدة

والآن لنر كيف من الممكن أن تطورت معضلة إعلان مصر قيام حالة الحرب مع ألمانيا متأثرة بهذه العوامل. لم تعد بنا حاجة إلى مناقشة موضع طلب الجانب البريطاني حتى تعلن مصر الحرب على ألمانيا وهل ذلك سليم كما صرح بذلك علي ماهر في أكثر من مناسبة أم أنه غير سليم كما صرح بذلك مصدر رسمي بريطاني ذلك حتى الوثائق البريطانية حاسمة في حتى الجانب البريطاني طلب إلى علي ماهر إعلان حالة الحرب ويغلب حتى مستر بتمان وهويقوم بعمل لامبسون أول من أتصل بعلي ماهر في هذا الشأن وذلك يوم 23 أغسطس قبل قيام الحرب حين أبلغه حتى الحكومة البريطانية ترى أنه قد قامت حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها وطلب إليه باسم حكومته حتى تقوم الحكومة المصرية بتقديم ما تنص عليه المادة السابعة من معاهدة التحالف من مساعدات وتسهيلات تخرج بهذا من مذكرة بعث بها علي ماهر إلى لامبسون فيتسعة سبتمبر يقول فيها إذا تعهدات مصر المبكرة قبل اشتعال الحرب بالقيام بإعلان الحرب رسميا كانت على أساس حتى إيطاليا ستدخل الحرب وأنها ستهاجم القوات البريطانية هنا أي في مصر

يضاف إلى ذلك حتى لامبسون يقول في يومياته عن يوم أول سبتمبر 1939 أنه مضى في المساء للقاءة علي ماهر ليتأكد من حتى إعلان مصر حالة الحرب سيحدث في نفس الوقت الذي تعلن فيه بريطانيا الحرب، وأنه عثر حتى علي ماهر عاد في جميع ما كان قد نطقه لبتمان قبل عودة لامبسون من بريطانيا مباشرة يؤيد هذا أيضا ما نشرته مجلة آخر ساعة بعددها الصادر في 28 مارس 1973 لعبد الرحمن عزام وزير الأوقاف في وزارة علي ماهر عام 1939 نطق سيادته إذا بتمان القائم بأعمال السفير البريطاني قام بلقاءة رئيس الوزراء عدة مرات للتشاور في موقف مصر في حالة إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا الوزراء عدة مرات للتشاور في موقف مصر في حالة إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا وأضاف أنه حين عاد السفير البريطاني لم يكن مفاجأة لرئيس الوزراء فقد تجاوز له حتى تلقى تبليغا متشابها من القائم بأعمال السفير قبل عودة السير مايلز لامبسون من لندن وكان من رأي علي ماهر وفي رأي غالبية وزراء حكومته حتى تقوم الحكومة المصرية بإعلان الحرب على ألمانيا بمجرد اشتراك الإنجليز في الحرب ضدها.

يتضح من هذا حتى المصادر المصرية والوثائق البريطانية تتفق على حتى لامبسون عند قيام الحرب في أول سبتمبر طلب إلى علي ماهر حتى تعلن مصر الحرب على ألمانيا حين تعلنها بريطانيا لكن الفريقين يختلفان فيما عدا ذلك من تفاصيل.

المصدر المصري الرئيسي في هذا الموضوع هوعلي ماهر نفسه في شهادته في قضية مقتل أمين عثمان باشا نطق علي ماهر ردا على سؤال عن الخلافات التي نشبت بينه كرئيس للحكومة وبين الحكومة البريطانية إذا الخلاف بدأ بمجرد إعلان ألمانيا الحرب كانوا يتسقطون حتى تعلن مصر الحرب على ألمانيا ثم حصل حتى رأينا لمصلحة مصر ونحن مصريون، ألا تدخل مصر الحرب، .. وكان تقدير ذلك متعلقا بما يقتضي به الصالح، ولأن الدخول أوعدم الدخول يتعلق بالاستعداد خصوصا وأن السفير سئل: ما موقف مصر في نهاية الحرب، هل تستكمل جميع استقلالها،يا ترى؟ فأجاب بأنهم لا يمكنهم حتى يعدوبشيء وكفاهم وعد بلفور.. وقد عملنا ما توجبه المعاهدة للحليفة وما يزيد عليه ما دام لا يتعارض مع مصالح مصر ونطق أيضا في الكلام عن عدم دخول مصر الحرب حين أعربتها إيطاليا وكان وقتها عدد الجنود البريطانية ضعيفا جدا وكان ما عندهم 28 مدفعا ضد الطائرات منها 20 في الإسكندرية لحكاية الأسطولثمانية لحماية الورش بتاعتهم وباقي القطر لا يوجد به شيء يحميه أي حتى عدم إعلان مصر الحرب يرجع إلى اقتناع الحكومة المصرية حينئذ بعدم وجود القوات الكافية في مصر لذلك سواء على الجانب المصري أوعلى الجانب البريطاني، وبخاصة عدم وجود دفاع جوي كافي يضاف إلى ذلك حتى دخول الحرب ليس في صالح مصر ولا يحقق لها مصلحة خاصة بعد حتى رفض الجانب البريطاني حتى يعد باستكمال استقلال مصر إذا دخلت الحرب.

أما محمد صبيح فيأتي لنا بوثيقة من محفوظات قصر القبة، وهي مذكرة سرية حملها إلى الملك عبد الوهاب طلعت باشا رئيس الديوان الملكي بالنيابة حينئذ وتتضمن ما عمله من سكرتير عام مجلس الوزراء عن مداولات المجلس يومسبعة سبتمبر في موضوع إعلان مصر حالة الحرب وقد أشارت المذكرة إلى حتى الوزراء انقسموا في هذا الشأن بين آراء ثلاث رأي ضد إعلان حالة الحرب ويقول به مصطفى الشوربجي بك وزير العدل الذي يرى حتى ما تم فوق الكفاية وأن المعاهدة لا تلزمنا بشيء أكثر من ذلك وليس لمصر شأن في الخلاف القائم الآن ورأى وسط انفراد به عبد الرحمن عزام بك وزير الأوقاف ورئيس القوات المرابطة وكان يوافق على رأي مصطفى الشوربجي لكنه لا يمانع في إعلان الحر مع الانتظار على الأقل حتى يعود جميع المصريين من الخارج وكذلك البواخر المصرية، لأن في حملها الفهم المصري حماية لها من جميع سوء ما دامت مصر ليست في حالة حرب مع أية دولة أخرى أما الرأي الثالث فهوإعلان حالة الحرب ونطق به بقية الوزراء وأشارت المذكرة من هذا الفريق إلى محمد صالح حرب باشأن وحسين سري باشا ومحمد علي علوبة باشا وغيرهما وكان من رأي هذا الفريق أنه ما دامت مصر قد بترت العلاقات مع ألمانيا وتكدر صفوهذه العلاقات فليس هناك داع للانتظار ويجب إعلان حالة الحرب لأن مصر أصبح مصيرها معلقا بمصير انجلترا ورد هذا الفريق على آراء عبد الرحمن عزام بأن انجلترا تحمي البواخر المصرية بأسطولها كما تحمي بواخرها سواء بسواء وتقول المذكرة حتى علي ماهر انضم إلى هذا الفريق الأخير بتحفظ وهوأنه إذا اتىه كتاب من السفير البريطاني باسم حكومته بأن إعلان حالة الحرب ضروري جدا لسلامة القوات البريطانية والمصرية وأنه لا يمكن الدفاع عن مصر بغير ذلك فعندئذ نقرر حالة الحرب.

من الجلي حتى هذا كان قرار مجلس الوزراء عملي ماهر كلف سكرتير عام المجلس بالتوجيه في نفس الليلة إلى السفير البريطاني لإحاطته فهما به وبمختلف وجهات النظر في هذا الموضوع والسفير البريطاني سر لذلك ونطق للسكرتير العام أنه يرجح كثيرا حتى يرد إليه الجواب المطلوب الليلة وعندئذ تعلن حالة الحرب بين مصر وألمانيا منذ صباح الغد.

وقد نفي جميع من علي ماهر وصالح حرب لمحمد صبيح البيانات التي تضمنها الوثيقة نفيا قاطعا والتمسا لعدم صحتها حتى تلك المناقشات لم تدون عنها محاضر وأن سكرتير عام المجلس لم يكن يحضر المداولات وأنه استقى معلوماته من بعض الوزراء الذين لم يعطوه صورة سليمة ويضع محمد صبيح مما استقاه منهما من معلومات وبخاصة من علي ماهر كما هوواضح صورة أخرى عن الموقف تتضمن تلك الصورة حتى رجال القانون كانوا يرون التزاما مصر بإعلان الحرب بمقتضى المعاهدة وأن عي ماهر رأى من البداية حتى يحتفظ برأيه في موضوع إعلان الحرب إلى النهاية لا يبديه للمجلس وأن يلاحظ جميع التيارات وقد سأل علي ماهر السفير البريطاني عما إذا كانت بريطانيا مستعدة لإلغاء معاهدة 1936 وعقد معاهدة جديدة تتضمن قيام علاقات جديدة غير مقيدة بأي قيد والتعاون تعاون الأنداد السفير أجاب بالنفي ونطق محمد صبيح أيضا أنه اتضح لعلي ماهر وجود ثلاث تيارات داخل مجلس الوزراء تيار ضد الحرب يتزعمه الوزيران صالح حرب ومصطفى الشوربجي وتيار مع الحرب يتزعمه محمود فهمي النقراشي وحسين سري وتيار متردد يتساءل عما يمكنه كسبه من انجلترا لقاء دخول الحرب وكان عبد الرحمن عزام هوالذي يري التفاهم للحصول على مكاسب من الإنجليز.

ويقول محمد صبيح أيضا حتى علي ماهر استخدم رد السفير البريطاني في موضوع قيام علاقات حرة بين مصر وبريطانيا في إقناع فريق المترددين بفكرة عدم دخول الحرب وأقنع بها أيضا الفريق المحبذ لدخول الحرب الذي رأى حتى ينتهز فرصة في المستقبل لتجديد السعي لدى الإنجليز عسى حتى يحققوا لمصر مطالبها إذا رأوا مصلحة في دخول الحرب إلى غير ذلك صدر قرار مجلس الوزراء بالإجماع حتى تلتزم مصر الحياد، وحين أبلغ إلى السراي كان ردها حتى الملك مع الوزارة في هذا القرار

تلك على أية حال معلومات طرفين مشهجرين تضاربت بشأنها الآراء.

هناك طرف أدلى براية أيضا هوعبد الرحمن عزام وقد أشرنا إلى طرف مما نشر من ذكرياته في مجلة آخر ساعة أما باقيها فيتناول موقف مجلس الوزراء من موضوع إعلان حالة الحرب مع ألمانيا نطق سيادته حتى السفير البريطاني في لقاءته لعلي ماهر يوم أول سبتمبر طلب حتى تعلن مصر حالة الحرب مع ألمانيا بمجرد اشتراك انجلترا في الحرب واعتنطق الرعايا الألمان واحتجازهم كأسرى حرب وكان الرأي حينئذ حتى تعلن مصر حالة الحرب مع ألمانيا في الوقت الذي تدخل فيه بريطانيا الحرب ضدها وقد عقدت جلسة طارئة لمجلس الوزراء ليبحث الموضوع حضرها الدكتور عبد الحميد بدوي رئيس لجنة قضايا الحكومة.

كان رأي عبد الحميد بدوي حتى المعاهدة تلزم مصر بدخول الحرب إلى جانب انجلترا وكان رأي السعديين دخول الحرب فورا إلى جانب انجلترا وأيد صالح حرب وزير الحربية اتجاه إعلان الحرب ويقول عبد الرحمن عزام أيضا أنه عارض هذا الاتجاه على أساس حتى المعاهدة لا تلزم مصر بدخول الحرب وأن إعلانها على عدوعدوة مصر غير معقول قبل حتى تعلنها أصدقاؤه الإيطاليون وأن إعلانها سيحلق كثيرا من الدمار والخراب بالجيش والشعب وأضاف حتى هذا قد يحدث مقبولا لوكان هناك لقاء له كوعد بالجلاء وتعويض عن الخسائر لكنه لا يوافق على إعلان الحرب دوم لقاء، ونطق سيادته حتى علي ماهر لم يشارك في المناقشة بل وامتنع عن التصويت حين أخذت الأصوات على القرار فوافق الوزراء جميعا على إعلان الحرب إلى جانب بريطانيا. حينئذ قدم عبد الرحمن عزام استنطقته مما اضطر علي ماهر إلى حتى يفض الاجتماع ويقرر عدم إذاعة القرار أوإبلاغه إلى الانجليز.

أدت المناقشات بين علي ماهر وعبد الرحمن عزام إلى يتخلى الأخير عن الاستنطقة ويقوم بناء على طلب علي ماهر الذي أبدى اقتناعا بوجهة نظره، بالاتصال بالجانب البريطاني لإقناعه بعد الإصرار على طلبه لكن هذه الاتصالات لم تسفر عن شي سوى إصرار الجانب البريطاني على عدم تقديم أي تنازلات لمصر في لقاء إعلان الحرب ويختم عبد الرحمن على ألمانيا وأنه تقرر حتى علي ماهر اقتنع تماما بن لا فائدة لمصر من إعلان الحرب على ألمانيا وأنه تقرر ألا تعلن مصر الحرب إلا في حالة واحدة وهي حتىقد يكون الهجوم عليها لذاتها لا لارتباطها بالإنجليز وفي لج سبتمبر بعث علي ماهر إلى السفير البريطاني بمذكرة تراجع فيها عن قرار إعلان الحرب على ألمانيا بحجة حتى إيطاليا لم تعلن الحرب على مصر وأن تطورات الموقف لم تعد تستدعي اتخاذ هذا القرار.

أما الوثائق البريطانية فتقدم لنا صورة تختلف في ملامحها كما أنها أكثر تفصيلا سنعرض هذه الصورة ثم نقوم بتقييم وتحليل هذه المصادر جميعا ونخرج من ذلك بصورة أقرب إلى الحقيقة عن موقف جميع من مصر وبريطانيا من معضلة إعلان حالة الحرب مع ألمانيا.

يقول لامبسون في يومياته أنه قابل علي ماهر مساء يوم أول سبتمبر ليتأكد من حتى إعلان مصر الحرب سيحدث في نفس الوقت الذي تعلن فيه بريطانيا الحرب وأنه عثر حتى علي ماهر عاد في جميع ما كان قد نطقه لبتمان قبل عودة لامبسون من بريطانيا مباشرة، فقد أخذ يقول أنه ليس من اللازم حتى تدخل مصر الحرب وأنهم سيعملون جميع ما تطلب بريطانيا دون حتى تعلن مصر الحرب وأنه يريد حتى يحصل على إجماع زملائه الوزراء وفي اليوم التالي أبلغ علي ماهر لامبسون في خطاب رسمي حتى حكومته مستعدة لإعلان الحرب لكن يظهر حتى مجلس الوزراء عاد عن هذا الرأي في اليوم التالي لأن لامبسون عاد وقابل علي ماهر صباح يوم أربعة سبتمبر وحذره بشدة من الآثار المحزنة التي هجرها في لندن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في الليلة السابقة وأكد له خطورة العوامل السياسية التي تدعوإلى عدم اتخاذ هذا الاتجاه المضار التي تترتب عليه وأشار لامبسون إلى حتى الوضع الوسط بين الحياد والحرب ما إلا سراب خادع وحثه على إقناع زملائه الأربعة المترددين بذلك وقد رد علي ماهر على ذلك بأنه شخصيا مستعد لإعلان حالة الحرب لكنه حريص على حتى يحصل على إجماع الوزراء على ذلك ونطق حتى زملاؤه غير مقتنعين بأن مصر قادرة على مقاومة هجوم إيطاليا بالعدد الموجود من القوات البريطانية وقد وافق على حتى يطلب إلى عزام باشا بأن يناقش اعتراضاته مع مستر بتمان وأن يطلب إلى وزير الحربية حتى يتصل بالقائد العام للقوات البريطانية بشأن عدد القوات والنواحي الاستراتيجية وقد ألح علي ماهر على سرعة إرسال تعزيزات بريطانية وأشار إلى مخاوف الدوائر الأصلية من حتى تفكر الحكومة البريطانية في التضحية لمصر كما قد يحدث في حالة المستعمرات النائبة ونطق حتى مصر تتسقط تدافع عنها ببريطانيا بمقتضى المعاهدة وحث علي ماهر على تزويد الجيش المصري بمدافع أخرى وطالب ببنادق لتسليح عشرة آلاف جندي بالجيش المرابط حتى يتفرغ الجيش العامل للجبهة

وفي يومستة سبتمبر قابل السفير علي ماهر وحثه على إعلان قيام حالة الحرب مع ألمانيا فرد علي ماهر بأن ذلك سيتم بمجرد حتى يخرج المصريون من ألمانيا ونطق لامبسون في تقريره إلى هاليفاكس عن هذه اللقاءة أنه نظرا لهذا التردد المستمر من جانب رئيس الوزراء في إعلان حالة الحرب ذلك التردد الذي كان له أثر سيء على العراق فإنه يميل كثيرا إلى حتى يقول لرئيس الوزراء حتى الحكومة البريطانية تصر على حتى يقوم بهذا الإعلان في الحال ويعود لامبسون ليوضح عوامل تدعوإلى التأني وعدم تعجل هذه المستوى وتلك العوامل هي حتى عبد الحميد بدوي أشار على الحكومة المصرية بأن إعلان حالة الحرب لن يزيد شيئا على السلطات التي أحرزتها الحكومة بإعلان الأحكام العهدية كما حتى الإصرار على ما يعتبره الجانب البريطاني نتيجة منطقية لمعاهدة 1936 يغلب حتى يؤدي إلى صدور الإعلان المطلوب لكن الحكومة في هذه الحالة ستكون قد أصدرته وهي مكرهة وقد يحدث انقسام داخل الوزارة وعودة إلى حالة الإذعان الكاره التي اتسم بها موقف مصر في فترة الحرب العالمية الأولى وبعدها وأضاف أنه من الواضح أنه يحسن تجنب ذلك إذا كان الجانب البريطاني يريد حتى يقف المصريون خلفه بصلابة ومع حتى لامبسون يعرض هذه العوامل حتى يتدبرها هاليفاكس إلا أنه يعود في نهايته تقريره ليرجح عامل الضغط واستعجال إعلان حالة الحرب فيقول حتى جميع يوم يزيد من تخوف المصريين والأعذار التي يقدمونها لعدم إعلان الحرب وبخاصة مع الأخبار السيئة التي تصل من بولندا لبذلك فإن شعوره الشخصي هوأنه بعد حتى يتلقى رد هاليفاكس على هذا التلغراف يخبر رئيس الوزراء أنهم لا يمكنهم حتى ينتظروا أكثر من 24 ساعة ويضيف إلى ذلك أنهم لوأصروا على طلبهم فإن هناك احتمال ولوحتى لا يعتبره كبيرا في حتى تسقط الحكومة حينئذ سيكون علينا حتى قابل الملك بأن يختار بين قبول مطلبنا أولقاءة النتائج التي تترتب على انهيار ثقتنا فيه ومع أنه كان مفروضا حتى ينتظر لامبسون حتى يتلقى رد هاليفاكس متضمنا تعليماته فإنه تعجل الأمر وعاد إلى الضغط على رئيس الوزراء لإعلان حالة الحرب فقابله لهذا الغرض في صباح يومسبعة سبتمبر وهونفس اليوم الذي أوفد فيه تلغرافه عن لقاءةستة سبتمبر وربما كان سبب هذه العجلة إدراكه حتى مجلس الوزراء سيجتمع في مساء نفس اليوم لمناقشة موضوع إعلان حالة الحرب.

نطق لامبسون في تقريره عن هذه اللقاءة أنه رأى من العدل حتى يحذر رئيس الوزراء من أنه بعد حتى تأخرت مصر ثلاثة أيام بعد دخول بريطانيا الحرب فإنه يتسقط حتى يتلقى من حكومته تعليمات قاطعة بالإصرار على حتى تعلن مصر حالة الحرب وقد رد رئيس الوزراء على ذلك بأن هذا الأمر قد أصبح معقدا بعد حتى قام الألمان باحتجاز المصريين وموظفي المفوضية وسيتم إعلان حالة الحرب في الحال بعد حتى يصحح هذا الوضع.

وقد رد لامبسون على ذلك بأن الموضوعين منفصلان وأن إعلان حالة الحرب لن يؤثر في موضوع احتجاز الرعايا حيني حتى كلا من الطرفين قد قام عملا بذلك لكن علي ماهر طلب المساعدة في هذا الموضوع وإلا فإنه سيتعرض للهجوم من جانب شعبه واقترح لذلك إطلاق سراح رجال المفوضية الألمانية في يوم السبتتسعة سبتمبر بشرط حتى يسمح لرجال المفوضية المصرية بمغادرة ألمانيا في لقاء ذلك وهويرجوأيضا حتى يوافق الجانب البريطاني على إطلاق سراح عدد آخر من الألمان في مصر يكفي لإقناع الحكومة الألمانية بالسماح للمصريين الآخرين غير موظفي المفوضية بمغادرة الألمانيا ورد لامبسون على ذلك بأنهم حريصون على مساعدته لكنه لن يتمكن من إجابته بشأن هذه الطلبات قبل الساعة السابعة مساء وهوالوقت المحدد لاجتماع مجلس الوزراء لمناقشة موضوع إعلان حالة الحرب لذلك عاد لامبسون كما يقول إلى الضغط على رئيس الوزراء بشدة ليعمل على التغلب على معارة زملاءه لسرعة إعلان حالة الحرب ونطق إذا مصر بموقفها قد تخلت عن حتى تضرب مثلا يحتذيه العالم العربي في هذا السبيل وصدت العراق عن اتخاذ المراحل السليمة وفقدت كثيرا مما كان يمكن حتى تحرزه من فضل وزعزعت إلى حد كبير ثقة الحكومة البريطانية فيها وحين رد علي ماهر على ذلك بحرصه على إجماع الوزراء على القرار المطلوب نطق لامبسون أنه كرجل قوي ينبغي حتى يحبر زملاءه في هذا المساء على التزام الخط السياسي الذي يراه وأضاف إلى ذلك مهددا أنه يفضل حتى يخط إلى لندن بأن الموضوع سوى بطريقة سقمية على حتى يعمل بمقتضى تعليمات قاطعة يتسقط حتى يتلقاها من لندن في أية لحظة.

أثمر هذا الضغط نتيجته المرجوة، كما يقرر لامبسون فقد زاره في وقت متأخر من ليلة 7/8 سبتمبر سكرتير عام مجلس الوزراء يحمل إليه قرار ذلك المجلس بتكليف من رئيس الوزراء وكانت الرسالة التي حملها من علي ماهر كما يقول لامبسون هي حتى مجلس الوزراء قرر بالإجماع الموافقة على إعلان حالة الحرب مع ألمانيا وأن وصول أخطار بهذا القرار إلى السفارة يتوقف علي حتى يرسل السفير خطابا إلى رئيس الوزراء يقول فيه حتى المراحل التي اتخذت حتى ذلك الوقت وهي إعلان الأحكام العهدية وبتر العلاقات مع ألمانيا لا تكفي كأساس للإجراءات اللازمة لتأمين البلاد وسلامة القوات البريطانية وأن المطلوب هوإعلان حالة الحرب وقد فسر السكرتير العام لمجلس الوزراء ذلك بأنه إعلان الحرب الهجومية يستلزم دعوة البرلمان والأمر يختلف تماما إذا كان إعلان حالة الحرب بناء على طلب الحليفة بمقتضى التزامات المعاهدة.

وقد أضاف السكرتير العام إلى ذلك حتى هناك ثلاث مسائل تقلق الوزراء المصريين هي:

(1) المراكب المصرية في البحر المتوسط وهم يطالبون بأن تقدم لها الإمبريالية البريطانية ما تقدمه للمراكب البريطانية.

2- وهم يرجون حتى تقدم الحكومة البريطانية في سبيل إعادة المصريين الموجودين في الخارج مساعدة كالمساعدة التي تقدمها لرعاياها البريطانيين في نفس الظروف.

3- هناك بواخر مصرية في الطريق إلى الإسكندرية وأخرى غادرتها إلى مرسيليا دون حتى تفهم شيئا عن احتمال قيام حالة الحرب وهم يطالبون بالعمل على إخطارها باللجوء إلى أقرب ميناء أوالعودة إلى مصر، حسب الحالة وقد أجاب السفير على رسالة رئيس الوزراء بأنه سيعمل على الحصول على الخطاب المطلوب وأن الحكومة البريطانية ستبذل جهدها بالتأكيد لإجابة المطالب الأخرى

وقد خول هاليفاكس سفيره حتى يوجه إلى الحكومة المصرية الخطاب المطلوب لكنه حين توجه في مساءثمانية سبتمبر للقاءة علي ماهر وتسليمه رد حكومته فوجئ بتراجع رئيس الوزراء على موقفه ذلك أنه تلقى تلغرافا من حسن نشأت باشا السفير المصري في لندن عن لقاءة تمت بنيه وبين مستر بتلر في وزارة الخارجية في يومستة سبتمبر وقد تضمن التلغراف قول السفير أنه اقترح على مستر بتلر شراء المواد الحربية من الولايات المتحدة عن طريق مصر التي يمكنها حتى تقوم بذلك بسهولة باعتبارها غير محاربة وقد استخف السرور مستر بتلر لهذا الاقتراح ونطق إنه سيتقدم به إلى لورد هاليفاكس.

وقد علق رئيس الوزراء على هذا الخبر بأنه يغير الوضع: فزملائه مصرون على أنه يؤثر بشكل أساسي على قرار المجلس في الليلة السابقة بشأن إعلان حالة الحرب كما حتى الملك فاروق بعث إليه بمذكرة عاجلة بنفس المعنى فنطق السفير بغضب إنه يرجوألا ينساق الملك إلى اتخاذ موقف تترتب عليه نتائج يؤسف لها وعبر عن استيائه لموقف رئيس الوزراء ونطق إذا السفير المصري من الممكن أساء فهم مستر بتلر، وإن اللقاءة تمت من يومين وتعليمات لورد هاليفاكس جبت ما قبلها لكن ذلك لم يقنع علي ماهر بتغيير موقفه، ونطق إنه إزاء رسالة الملك وموقف زملائه لا يملك عمل شيء حتى يسوي التعارض بين تعليمات لامبسون وتقرير حسن نشأت. وعلق لامبسون على ذلك بأن ما أذاعه الراديوالفرنسي من حتى الألمان في وارسو، من الممكنقد يكون هوالذي غير الموقف وقد عاد إلى الضغط على رئيس الوزراء في اليوم التالي لكن دون جدوى ذلك أم موقف الملك فيما يظهر قد حسم الأمر خاصة وقد أوفد إلى علي ماهر فتوى من عبد الحميد بدوي بأن إعلان حالة الحرب يستلزم دعوة البرلمان وكان علي ماهر يخشى قوة الوفد في مجلس الشيوخ

وجد علي ماهر نفسه في وضع سيء فتحرك في ثلاث اتجاهات: نادى مجلس الوزراء إلى الانعقاد فيتسعة سبتمبر لمناقشة موضوع إعلان حالة الحرب وأوفد في نفس اليوم إلى لامبسون مذكرة يوضح موقفه من هذا الموضوع وأوفد إلى حسن نشأت ليتصل بالخارجية البريطانية يشكوضغط السفير عليه.

وقد عاد مجلس الوزراء في قراره السابق بإعلان حالة الحرب وقرر أنه يجب دعوة البرلمان إلى الانعقاد قبل إعلان الحرب أيا كانت طبيعة إعلانها هكذا حسم المجلس الموقف

أما مذكرة علي ماهر إلى السفير فقد تضمنت ست نقاط رئيسة هي:

(أ) لا يمكن إعلان الحرب الهجومية دون موافقة البرلمان والحالة القائمة هي حالة حرب هجومية غير مباشرة ضد بريطانيا مما يثير الشكوك ف اعتبار إعلان مصر الحرب يمكن حتى يعتبر حربا غير هجومية.

(ث‌) حين تعهدت مصر قبل قيام الحرب بإعلان الحرب رسميا كان ذلك على أساس حتى إيطاليا ستدخل الحرب وتهاجم القوات البريطانية في مصر ويستدل رئيس الوزراء على ذلك بطلباته المتكررة للأسلحة والتعزيزات.

(ج‌) اتخذت مصر بالعمل جميع الإجراءات التي طلبت الحكومة البريطانية اتخاذها وقد أعربت السلطات العسكرية البريطانية في مصر رضاءها عن هذه الإجراءات التي يعتبرونها كافية

(ح‌) إعلان حالة الحرب رسميا لن يضيف إلى السلطات التي تتمتع بها الحكومة وستتخذ الحكومة جميع الإجراءات اللازمة.

(خ‌) أن مصر باعتبارها محايدة من الوجهة الفنية يمكن حتى تكون أكثر فائدة لبريطانيا إذ ستحتفظ بعلاقاتها التجارية مع الدول المحايدة.

(د‌) لونشأت حالة تستدعي اتخاذ إجراءات جديدة وضرورية لا يمكن اتخاذها دون إعلان حالة الحرب رسميا فإن رئيس الوزراء سينظر في اتخاذ أية خطوات دستورية لتحقيق ذلك وقد خط لامبسون إلى هاليفاكس في 12 سبتمبر معلقا على هذه المذكرة وما تضمنته من نقاط فنطق إذا النقطة الثانية سليمة والنقطتان الثالثة والرابعة سليمتان فيما عدا عدم إعلان مصر حالة الحرب كما حتى السلطات العسكرية البريطانية ترى حتى عدم إعلان حالة الحرب قد أدى إلى بعض العقبات وقد يؤدي في المستقبل إلى قيام عقبات أخرى وخلص من ذلك إلى حتى موقف الجانب البريطاني يتوقف على المقارنة بين المضار التي تترتب على هذه العقبات وتلك التي تترتب على فقدان تعاون مصر قلبيا وعن طبيب خاطر ودفعها إلى إعلان الحرب كارهة وانتهى إلى حتى تقديره للموقف ككل هوأنه يحسن بالجانب البريطاني حتى يسلم بأن الحكومة المصرية ليست على استعداد لإعلان الحرب في هذا الوقت

وقد انتهى هاليفاكس إلى نفس النتيجة وبخاصة بعد حتى قابله حسن نشأت يوم 12 سبتمبر وأبلغه شكوى علي ماهر من ضغط السفارة فخط إلى لامبسون في اليوم التالي بقول أنه يظهر حتى فرصة الحصول على إجماع الوزراء على إعلان حالة الحرب قد ولت وأن هذا الإعلان لن يتم إلا بعد حتى يعرض على البرلمان وقد ينتهي الأمر بالرفض لهذا فإنه لا جدوى من إعادة الضغط على الحكومة المصرية في هذا الموضوع

يمكن حتى يستخلص الحقائق التالي من استعراض هذه الوثائق وأقوال المختصين المصريين:

في يوم أول سبتمبر طلب لامبسون من علي ماهر حتى يفي بتعهداته لمستر بيتمان وبالتزامات مصر بمقتضى المعاهدة وذلك بأن تعلن مصر حالة الحرب حين تدخل بريطانيا الحرب عملا كان ذلك في اللقاءة الثانية بين الرجلين التي تمت في ذلك اليوم في المساء وفي الاجتماع الثاني لمجلس الوزراء الذي عقد في مساء ذلك اليوم أيضا عرض علي ماهر الموضوع على زملائه في هذا الاجتماع التزام علي ماهر الصمت واكتفى بأن يعرض عبد الحميد بدوي ومؤيدوالحرب من السعديين وغيرهم وجهة النظر المؤيدة للحرب ولا شك حتى هذا الموقف أملته وعوده للجانب البريطاني ورغبته في الاحتفاظ بعلاقات ودية معه من جهة وإدراكه لاتجاهات السراي من جهة أخرى انتهى الأمر على أية حال بموافقة مجلس الوزراء على إعلان حالة الحرب بالأغلبية وهي الموافقة التي دفعت عبد الرحمن عزام إلى تقديم استنطقته لكن علي ماهر أقنعه بسحبها فقد كان يدرك خطورة ذلك على مركزه في وقت لا يتمتع فيه البرلمان بأغلبية تمكنه من لقاءة العاصفة التي تتلواستنطقة كهذه هذا الاجتماع وهذا القرار لا يظهر فيما لدينا من وثائق بريطانية لكنه واضح في تعهد علي ماهر رسميا وكتابة للسفير البريطاني في اليوم التالي كما تقول الوثائق البريطانية بأن الحكومة المصرية مستعدة لإعلان حالة الحرب ذلك حتى علي ماهر ما كان ليعطي هذا التعهد دون قرار من مجلس الوزراء.

كان هذا اليوم الأول وكان التساؤل عاما عن موقف إيطاليا والخوف من هجوم تقوم به على مصر مع ضعف وسائل الدفاع عنها منتشرا وقد بدأ سفر الجنود المصرية إلى الحدود لتتخذ المواقع المحددة لها في حالة الطارئ وبدأ وعظهم لبذل النفس للدفاع عن بلدهم وبدأ أيضا كثير من رجال مصر وشبانها يتقدمون للتطوع في صفوف الجيش المصري بينهم كثر من المهندسين والأطباء وخريجي المعاهد العليا وفهماء الأزهر جميع هذا تسقطها لدخول إيطاليا الحرب لكن الأخبار أتت متأخرة عن قرار إيطاليا بعدم اتخاذ أي إجراء حربي ولا شك حتى الملك فاروق كان يعبر عن رأي الكثيرين عندما نطق للامبسون حين قابله في أصيل ذلك اليوم للحرب أنه لا ريب حتى إيطاليا ترغب حتى تظل على الحياد وأن تظل على أطراف الصراع الدائر ترقب الحالة حتى تحين اللحظة المناسبة فتدخل فيه

في اليوم التالي اتضح موقف إيطاليا بشكل أكثر وبخاصة بعد حتى قابل ما تزولينى وزيرها المفوض في مصر علي ماهر وأكد له ما تكنه إيطاليا لمصر من صداقة ومودة وأنها قد اعتزمت الاحتفاظ بحيدتها فلن تبدأ الهجوم على أية دولة أخرى وبدأت الجرائد المصرية تخط عن حياد إيطاليا وكيف أنه يبعد عن مصر شبح دخولها الحرب فيوفر عليها ملايين الجنيهات وعشرات الأرواح من زهرة شبابها ورجحت بعض الجرائد استمرار موقف الحياد هذا ساعد هذا على بلورة الرأي العام واتجاهه إلى عدم دخول الحرب وصرح عبد الرحمن عزام حتى مصر ستكون على حدود المعاهدة الإنجليزية أي أنها لن تزيد على التزاماتها بمقتضى المعاهدة شيئا.

كان هذا هوالجوالعام في مصر حين أعربت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في الثالث من سبتمبر وقابل لامبسون رئيس الوزراء ولا شك أنه طالبه بالوفاء بتعهداته وإعلان حالة الحرب إلى غير ذلك أصبح على مصر حتى تحدد موقفها فجمع علي ماهر مجلس الوزراء في مساء اليوم ليناقش الأمر من حديث كان طبيعيا في هذه الظروف حتى يتغلب مصر حالة الحرب مع ألمانيا واكتفى مجلس الوزراء ببتر العلاقات الدبلوماسية واعتنطق الرعايا الألمان من الرجال إلى هذا القرار يشير لامبسون حين يقول إنه قابل علي ماهر صباح اليوم التالي وحذره بشدة من الآثار المحزنة التي هجرها في لندن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في الليلة السابقة وحثه على إقناع زملائه الأربعة المترددين بالموافقة على إعلان حالة الحرب تلك كانت بداية تصاعد الضغط على رئيس الوزراء لإعلان حالة الحرب وقد أخذ هذا الضغط يتزايد فقابل لامبسون علي ماهر يومستة سبتمبر وحثة ثانية على إعلان حالة الحرب وعاد في صباح اليوم التالي ليزاول ضغطا شديدا عليه للتغلب على معارضة زملائه باعتباره رجلا قويا وإعلان حالة الحرب بل إنه تجاوز الضغط إلى التهديد بأنه من الأفضل حتى يستجيب على حتى يرغم على الاستجابة أوالاستنطقة نتيجة معلومات قاطعة يتسقط لامبسون حتى يتلقاها من لندن في أية لحظة

أثمر هذا الضغط الشديد والتهديد قرار مجلس الوزراء الذي بلغ إلى لامبسون قبيل صباحثمانية سبتمبر وكان قرارا إجماعيا بالموافقة على إعلان حالة الحرب لكنها كانت موافقة مقيدة بتحفظ ومصحوبة بمطالب أما التحفظ فهوالحصول على خطاب من الحكومة البريطانية بعدم كفاية ما اتخذ من إجراءات وبضرورة إعلان حالة الحرب هوالقشة التي أراد حتى يتعلق بها علي ماهر ليسبح بعيدا عن الخطر الذي يخشاه من دعوة البرلمان للموافقة على الإعلان وهويعتمد في ذلك على منطق عبد الحميد بدوي الذي بدأت به معضلة إعلان الأحكام العهدية ويقضي بإمكان إصدار القرارات والقوانين المنفذة للالتزامات مصر بمقتضى المعاهدة دون الحاجة إلى موافقة البرلمان لأن البرلمان تجاوز حتى وافق على القانون الذي صدرت به المعاهدة كما أنه اعتمد أيضا على فتوى عبد الحميد بدوي التي نطق بها في اجتماع مجلس الوزراء يوم أول سبتمبر بأن مصر ملتزمة بدخول الحرب إلى جانب بريطانيا بمقتضى المعاهدة أما المطالب فكانت الثمن الذي قدم إلى الوزراء المعارضين للحصول على موافقتهم ولإرضاء الرأي العام وتتضمن المساعدة في عودة المصريين من الخارج وتأمين البواخر المصرية الموجودة حينئذ في البحر المتوسط

إن أي طرف يتخذ قرارا تحت ضغط يتلمس الفرصة للرجوع في هذا القرار خاصة إذا تغيرت الظروف بما يظهر الضرر منه وهذا ما وقع ففي نفس اليوم الذي بلغ فيه لامبسون بالقرار وصل تلغراف من السفير المصري في لندن عن لقاءة تمت بنيه وبين مستر بتلر في وزارة الخارجية البريطانية في يومستة سبتمبر وكان مضمون جانب من الحديث فيها ترحيب مستر بتلر بفكرة استفادة بريطانيا من وضع مصر كدولة غير محاربة في شراء المواد الحربية من الولايات المتحدة عن طريقها وقوله أنه سيعرض ذلك على لورد هاليفاكس يضاف إلى ذلك الأخبار التي وصلت عن فوزات الألمان الكاسحة في بولندا ووصول قواتهم إلى ضواحي وارسووقد قوى ذلك من موقف الفريق من الوزراء الذي كان معارضا لإعلان حالة الحرب فرجع في موافقته على الإعلان أما الفريق الموافق على الإعلان فقد آثر حتى يتأنى لكن الجديد في الموضوع حتى الملك أسفر عن موقفه فرمي بثقله إلى جانب المعارضين واستخلص فتوى عبد الحميد بدوي بأن إعلان حالة الحرب يستدعي دعوة البرلمان هذه الخطة من الملك وفتوى عبد الحميد بدوي حسمت موقف علي ماهر الذي كان يخشى عرض الموضوع على البرلمان وما كان يمكنه حتى يتغاضى عن موقف الملك ووزارته وزارة القصر.

يقول لامبسون في إيضاح مخاوف علي ماهر تلك أنه متخوف من مجلس الشيوخ بالات لكن حسن نشأت في وقع مع هاليفاكس حيت أبلغه شكوى علي ماهر من ضغط السفارة عليه يزيد هذا الأمر إيضاحا فيقول معلقا على الموقف من إعلان حالة الحرب بأنه لا يمكن ضمان الموافقة على الإعلان في البرلمان بالإجماع وأن الاعتراض عليه حتى لوكان من 10٪ من الأعضاء سيكون أمرا مؤسف له ولا شك حتى حسن نشأت يقصد بذلك حتى قرار إعلان حالة الحرب إلى جانب بريطانيأن عودة الوطنية المصرية حتى معاهدة 1936 يجب حتىقد يكون بالإجماع ليكون ملزما للجميع فلا تقوم ضده معارضة تضعف موقف الحكومة وتحول دون قيام وحدة وطنية خلفها وإلى جانب بريطانيا عودة الوطنية المصرية حتى معاهدة 1936 يجب حتىقد يكون بالإجماع ليكوم ملزما للجميع فلا تقوم ضده معارضة تضعف موقف الحكومة وتحول دون قيام وحدة وطنية خلفها وإلى جانب بريطانيا وقد أضاف حسن نشأت إلى قوله هذا حتى الحقيقة هي أنه يمكن ضمان الموافقة عليه حتى بالأغلبية لأنه ليس لعلي ماهر نفوذ على المستقلين وهم في حقيقة الأمر وفديون لا يكشفون عن وفديتهم تلك هي الأسباب التي جعلت المجلس فيتسعة سبتمبر يرجع في القرار الذي اتخذه قبل ذلك بيومين بإعلان حالة الحرب وذلك بموافقة مختلف الأطراف في المجلس.

هذه القرارات الأربعة المتعارضة بين أيام 1و9 سبتمبر، والتي بدأت بالموافقة على إعلان حالة الحرب وانتهت برفض ذلك الإعلان، توضح صراعا داخل المجلس بين مؤيدي إعلان حالة الحرب والمعارضين وكانت النتيجة المتغيرة لهذا الصراع هي محصلة تفاعل عوامل ثلاث أساسية هي الموقف الدولي وبخاصة الموقف العسكري وقوة الضغط البريطاني أما العامل الثالث فهوالموقف الداخلي وأثر العاملين السابقين عليه.

حين كان خطر الهجوم الإيطالي ماثلا لم يكن أمام مصر بضعفها العسكري سوى حتى تقف مع بريطانيا إلى غير ذلك صدر قرار بإعلان حالة الحرب حين تعلنها بريطانيا وحين وضح حتى الخطر الإيطالي ليس داهما وأن الأمر سيصبح زجا بمصر في حرب لا شأن لها بها بين ألمانيا وبريطانيا العدوالحقيقي لأماني مصر القومية عاد المجلس عن قراره وأصبح الوضع كما نطق عبد الرحمن عزام، الوقوف عند حد المعاهدة حينئذ أخت فوزات الألمان في بولندا تضغط على جميع من الجانبين في اتجاه مضاد للاتجاه الذي تضغط به على الجانب الآخر فالجانب البريطاني رأى ضرورة إدخال مصر بسرعة في الحرب إلى جانبه، لأن أي تأخير في ذلك سيؤدي إلى زيادة ترددها وعدم دخولها في النهاية أما الجانب المصري فإنه إزاء هذه الفوزات وإزاء التضحيات والمشكلات التي ستترتب على الحرب ومنها معضلة المصريين المحتجزين في ألمانيا التي أصبح يخشى حتى تؤثر على الرأي العام في مصر، وقد رأى حتى تبقي مصر بعيدا عن الحرب وخاصة وأنه سيكون من الصعب إقناع البرلمان والرأي العام بدخولها إلى غير ذلك سقط علي ماهر ضغط بريطاني عنيف بلغ حد التهديد بضرورة إعلان حالة الحرب فخضع مجلس الوزراء للضغط وصدر قراره بالموافقة على الإعلان لكن ذلك كان إلى حين فإن وصول الألمان إلى ضواحي وارسوقوي من المعارضة في مجلس الوزراء ورمي فاروق بثقله إلى جانبها فعدل المجلس عن قراره نهائيا.

واضح من هذه الصورة لمشكلة إعلان حالة الحرب حتى الاعتماد الأساسي في تكوينها على الوثائق البريطانية وأخبار الجرائد الصادرة مع الاستعانة بالمصادر المصرية الثلاث عي ماهر ومحمد صبيح وعبد الرحمن عزام. بتحفظ ونلاحظ حتى المصدر الثاني يروي عن المصدر الأول وعن محمد صالح حرب والحقيقة حتى كلا من هذه المصادر الثلاث لا يصور سوى وضعا واحد هوالوضع الذي يناسبه من موقف متطور متغير عملي ماهر في شهادته في قضية أمين عثمان وفيما أدلى به إلى محمد صبيح من معلومات ينسب لنفسه فضلين هما تجنيب مصر الدخول في الحرب ومحاولة مساومة بريطانيا لاستكمال استقلال مصر لقاء دخولها الحرب الوثيقة التي نشرها محمد صبيح وسنرى حتى الوثائق البريطانية تؤكد صحتها وما نشره عبد الوهاب محمد صبيح سنرى حتى الوثائق البريطانية تؤكد صحتها وما نشره عبد الوهاب طلعت في الأهرام، والوثائق البريطانية التي أشرنا إليها تؤكد صحتها وما نشره عبد الوهاب طلعت في الأهرام، والوثائق البريطانية التي أشرنا إليها توضح حتى علي ماهر ليس له نصيب كبير من الفضل الأول، وأن السبق في هذا كان لغيره فتلك المصادر تثبت أنه أوفد في يوم 2 سبتمبر إلى السفير البريطاني رسميا يوضح استعداده لإعلان حالة الحرب كما أنه وافق على إعلان حالة الحرب في اجتماع مجلس الوزراء يومسبعة سبتمبر كما أنه عبر للامبسون عدة مرات عن استعداده شخصيا لإعلان حالة الحرب وأن ما يعوقه هوحاجته إلى إجماع زملائه الوزراء والحق حتى علي ماهر كرئيس للوزراء قد اتخذ هذا الفضل لنفسه واستغله كرصيد سياسي يرتكن عليه ويباهي به فيما بعد حين تبلور الرأي العام واستقر على تجنيب مصر حتى تساق إلى دخول الحرب أما موضوع مساومة بريطانيا لاستكمال استقلال مصر فيغلب أنها لم تكن فكرة علي ماهر بل فكرة عبد الحميد عزام يظهر هذا مما يقوله محمد صبيح بناء على معلوماته من علي ماهر نفسه من حتى عبد الرحمن عزام كان يري التفاهم للحصول على مكاسب من الإنجليز يضاف إلى ذلك حتى ما تحت يدنا من وثائق بريطانية يخلومن أية إشارة لمحاولة علي ماهر القيام بهذه المساومة بنفسه وكل ما تتضمنه هوما نطقه لامبسون عن لقاءته لعلي ماهر يوم 4سبتمبر من حتى رئيس الوزراء وافق على حتى يطلب إلى عزام باشا كان عزام حينئذ حائزا على لقب بك فقط حتى يناقش في الحال اعتراضاته على (إعلان حالة الحرب) مع مستر بتمان وهذا يؤيد رواية عبد الرحمن عزام في مجلسة آخر ساعة من أنه كان معارضا لإعلان الحرب، ولوأنه كان من رأيه حتى ذلك قد يحدث مقبولا لوكان هناك لقاء له كوعد بالجلاء وتعويض عن الخسائر وأنه قام بناء على طلب علي ماهر بالاتصال بالجانب البريطاني لإقناعه بعدم الإصرار على طلبه وأن الاتصالات أسفرت عن إصرار الجانب البريطاني لإقناعه بعدم الإصرار على طلبه وأن الاتصالات أسفرت عن إصرار الجانب البريطاني لإقناعه بعد الإصرار على طلبه وأن الاتصالات أسفرت عن إصرار الجانب البريطاني على عدم تقديم أي تنازلات لقاء إعلان الحرب أي حتى محاولة المساومة تمت لكن عن طريق غير رئيس الوزراء ولوأنها بعمله وكانت ضمن جملة اعتراضات أثارها عبد الرحمن عام وربما كان هذا هوالسبب في إهمال ذكرها تفصيلا في الوثائق البريطانية وفي عدم أخذها مأخذ الجد باعتبارها وجهه نظر فردية هذا الموقف المتخاذل من علي ماهر يرجع إلى ضعف موقف وزارته وحساسية العلاقات بينه وبين الجانب البريطاني.

لقد ركز علي ماهر في أقواله في قضية مقتل أمين عثمان وفي معلوماته التي أدلى بها إلى محمد صبيح على قرار مجلس الوزراء يومتسعة سبتمبر بعدم إعلان حالة الحرب، واتخذ لنفسه الفضل في الوصول إلى هذا القرار وتجاهل تماما قراري الأول والسابع من سبتمبر بإعلان حالة الحرب بل إنه نفي صحة ما ورد في الوثيقة التي نشرها محمد صبيح عن اجتماع مجلس الوزراء فيسبعة سبتمبر وما تضمنته من قرار ومن مواقف الوزراء المختلفين من موضوع الإعلان

تلك الوثائق سليمة رغم تكذيب علي ماهر وصالح حرب ما تضمنه من بيانات يؤكد صحتها تلغراف لامبسون إلى هاليفاكس فيثمانية سبتمبر متضمنا أخبار زيارة محمد تام سليم سكرتير عام مجلسا الوزراء وما أبلغه به من قرار مجلس الوزراء في مساءسبعة سبتمبر يتضح من هذا أنه لا يمكن الأخذ بما روي نقلا عن ماهر وصالح حرب دون الاستناد إلى مصادر أخرى تؤيده.

أما المصدر الثالث عبد الرحمن عزام فإن ما يرويه من اعتراضه على إعلان حالة الحرب دون الحصول على مكاسب من بريطانيا تؤكده رواية محمد صبيح والوثائق البريطانية كما تجاوز حتى أوضحنا لكنه بدوره يركز في كلامه على اجتماعي مجلس الوزراء أيام الأول والتاسع من سبتمبر ويتجاهل اجتماع السابع من سبتمبر الذي صدر فيه قرار المجلس بالإجماع بإعلان حالة الحرب كما أنه يقرر أنه وحده الذي اعترض على الإعلان بينما تثبت الوثيقة التي نشرها محمد صبيح وتثبت الوثائق البريطانية أنه كان هناك آخرون معارضون وهذا يسوقنا إلى المعارضين والمؤيدين من الوزراء لإعلان حالة الحرب.

ناقشنا موقف علي ماهر من موضوع الإعلان ويبقى باقي الوزراء عبد الرحمن عزام يشير إلى معارضته وحده للإعلان في اجتماع أول سبتمبر وإلى استمرار معارضته له تقرير عبد الوهاب طلعت الذي نشره محمد صبيح عن اجتماعسبعة سبتمبر يشير إلى معارضة مصطفى الشوربجي بك وزير العدل للإعلان على أساس إذا ما تم فوق الكفاية وأن المعاهدة لا تلزمنا بشيء أكثر من ذلك وليس لمصر شأن في الخلاف القائم الآن ويشير أيضا إلى حتى عبد الرحمن عزام مع موافقته لرأي الشوربجي يرى الانتظار حتى يعود جميع المصريين من الخارج وكذلك البواخر المصرية كما يشر إلى وجود فريق يوافق على الإعلان ويتكون من حسين باشا سري ومحمد علي علوبة باشا وآخرين أما الوثائق البريطانية فتشير إلى معارضة أربعة وزراء للإعلان ذكر منهم لامبسون عبد الرحمن عزام ومحمد صالح حرب وأشار إلى أنه ينطق حتى عدم إعلان حالة الحرب يرجع إلى نفوذ عزام إلى حد كبير ويذكر حسين سري باشا وزير المالية للامبسون حتى المعارضين هم عزام وغالب أي محمود غالب باشا وزير المواصلات.

أما الموافقون على الإعلان فتذكر منهم تلك الوثائق حسين سري ومحمود فهمي النقراشي

يتضح من هذا حتى المعارضة الأساسية النشطة كانت من عبد الرحمن عزام ومصطفى الشوربجي والأخير أصلا حزب وطني وأن المعارضين الآخرين هم صالح حرب ومحمود غالب أما الموافقون فأبرزهم حسين سري والنقراشي وعلوبة لكن ينبغي حتى نلاحظ حتى المعارضة اضطرت إلى التخلي عن موقفها تحت التهديد البريطاني وذلك في اجتماع يومسبعة سبتمبر الذي صدر فيه قرار الإعلان بالإجماع والملاحظة الأخيرة في هذا الموضوع هي استمرار ما أشرنا إليه من انقسام السعديين فيما يختص بالحرب ويوضح ذلك موقف جميع من النقراشي ومحمود غالب.

ننتقل الآن إلى الأسباب التي أدت بالمصريين إلى عدم إعلان حالة الحرب وتلك التي جعلت الجانب البريطاني يلح ويصر على إعلانها.

يتضح مما تجاوز حتى إعلان حالة الحرب يرجع إلى مسببات متعددة هناك مسببات أصيلة وقائمة من البداية من ذلك عدم وجود قوات كافية مصرية كانت أوبريطانية للدفاع عن مصر يضاف إلى ذلك عدم دخول إيطاليا الحرب وبذلك أصبح النزاع القائم بين ألمانيا وبريطانيا أمرا لا يعني مصر والدخول فيه لا يحقق لها مصلحة خاصة وليس في صالحها ولوامتدت الحرب إلى مصر نتيجة انسياقها إلى الدخول فيها ستكبدها كثيرا من التضحيات في الأموال والأرواح جميع هذا إرضاء لبريطانيا العدوالأول للأماني الوطنية مما جعل الرأي العام ضد دخول الحرب أما فيما يختص بالمعاهدة فكان الرأي أنها لا تلزم مصر بدخول الحرب وأن مصر قدمت ما يتجاوز التزاماتها بمقتضاها هناك مسببات طارئة مثل فوزات الألمان الكاسحة في بولندا والمشاكل التي أخذت تظهر بعد قيام الحرب ومن أهمها احتجاز المصريين في ألمانيا والخوف على الملاحة المصرية في البحر المتوسط وعلى اتصالات مصر وتجارتها مع أوروبا هناك أيضا مسببات خاصة بوزارة علي ماهر نفسها وهي عدم وجود أغلبية برلمانية تساندها وتمكنها من الحصول على موافقة البرلمان على إعلان حالة الحرب واعتماد علي ماهر على تأييد القصر في الوقت الذي رمي فيه الملك بثقله إلى جانب المعارضين لإعلانها.

أما الجانب البريطاني وبخاصة لامبسون فكان إصراره على حتى تعلن مصر حالة الحرب عنيدا وملحا بوضوح ما أشرنا إليه من تهديد لامبسون لعلي ماهر يضاف إلى ذلك أنه حتى بعد حتى تخلى لامبسون وهاليفاكس عن فكرة الضغط لإعلان حالة الحرب بعد قرار مجلس الوزراء المصري الأخير عاد الأول في 16 سبتمبر يقترح العودة إلى تهديد علي ماهر بالإنطقة إذا لم يعلن حالة الحرب كان إصرار عنيدا وملحا رغم ما أوضحه الجانب المصري من حتى الإعلان لن يزيد شيئا على السلطات الواسعة التي حصل عليها بمقتضى الأحكام العهدية وأن مصر كبلد محايد أكثر فائدة لبريطانيا منها كبلد محارب ورغم المحاذير التي كان الجانب البريطاني يدرك أنها ترتبط بما يمارسه من ضغط من ذلك كما يقول لامبسون احتمال سقوط الوزراء ولقاءة الملك بأن يختار بين الاستجابة للمطالب البريطانية أوالتخلي عن الحكم وما يترتب على الضغط من دخول مصر الحبر كارهة وتكرار ما وقع خلال الحرب العظمى الأول وما بعدها تلك كلها احتمالات لها خطرها على الجبهة الداخلية التي رأينا حتى الجانب البريطاني كان شديد الحرص علي صيانتها لذلك كان مترددا في حتى يبلغ بضغطه المدى.

هذا الإلحاح في الحقيقة تبرره بعض الحقائق من ذلك ما سبقت الإشارة إليه من ضعف القوات البريطانية في مصر في لقاءة القوات الكبيرة التي حشدتها إيطاليا في ليبيا مما جعل الجانب البريطاني يدخل في حساباته دخول مصر الحرب ووضع الجيش المصري الصغير الحديث التسليح تحت قيادته وتبرره أيضا الأسباب التي تذكرها الوثائق البريطانية من ذلك التأثير الأدبي الكبير في الشرق الأدنى لإعلان مصر حالة الحرب فقد كان مفوضا حتى تضرب مصر بذلك مثلا وتقود العالم العربي في هذا الطريق وقد كان لامتناعها في رأي الجانب البريطاني أثر سيء على العراق الذي تردد هوالآخر ولم يعلن حالة الحرب بل لم يعلن الأحكام العهدية من ذلك أيضا حتى عدم إعلان حالة الحرب قد يؤدي في المستقل إلى عدم تقديم التسهيلات اللازمة إلى الجانب البريطاني خاصة وقد أدى عملا إلى بعض العقبات التي وضعها الموظفون المصريون يضاف إلى ذلك الخوف من حتى إحراز ألمانيا بعض الفوزات في المستقبل قد يؤدي إلى تردد مصر في الموافقة على أية إجراءات يحتمل حتى تغضبها أي حتى الجانب البريطاني كان يخشى انتقاض مصر عليه في حالة فوز ألمانيأن وأنه بإصراره على إعلان حالة الحرب كان يريد حتى يبتر الطريق على ذلك ويضمن استمرار مصر إلى جانبه وارتباطها نهائيا بمعسكره.

يؤكد هذه الفكرة الأخيرة عودة لامبسون في 16 سبتمبر إلى فكرة الضغط على رئيس الوزراء وتهديده لإعلان حالة الحرب ذلك أنه كما يقول لهاليفاكس وصلته معلومات تؤكد حتى علي ماهر يتبع سياسة ذات وجهين وأنه على اتصال مستمر بوزير إيطاليا المفوض وفي نفس الوقت خط إليه هاليفاكس حتى القائم بالأعمال المصري في برلين قرر حتى أعضاء المفوضية والقنصليات المصرية سيغادرون ألمانيا في 12 سبتمبر وأن الحكومة الألمانية قد سمحت للمصريين بمغادرة ألمانيا بأمتعتهم وقد أبلغ القائم بالأعمال المصري الحكومة الألمانية حتى ممثلها في مصر سيسمح له بمغادرتها بالتكريم اللازم ولم تفرض أية قيود على مغادرة الرعاية الألمان لمصر وأن الحكومة المصرية وأن الحكومة المصرية بترت علاقاتها الدبلوماسية بألمانيا ولكنها لن تعلن حالة الحرب معها لذلك اقترح لامبسون حتى يخبر رئيس الوزراء أنه يجب عليه حتى يعلن حالة الحرب فإذا رفض يخبره بأن لديه تعليمات بلقاءة الملك فاروق خلال 24 ساعة وفي هذه الحالة قد ينتزع منه الإعلان فهؤلاء الناس كما يقول لامبسون جبناء حين يقابلون لحظة الحسم وعلي ماهر لا يريد حتى يتخلى عن منصبه الآن وفي هذه الظروف.

وهذا يعدوبنا إلى ما تجاوز الإشارة إليه من حرص الجانب البريطاني على تأمين الجبهة الداخلية كشرط أساي لازم لتأمين القاعدة البريطانية في مصر.

والآن كيف من الممكن أن قابل الجانب البريطاني رفض مصر إعلان حالة الحرب؟

كانت الحكومة البريطانية والعسكريون البريانيون كما كان لامبسون يتسقط حتى تدخل مصر الحرب إلى جانب بريطانيا وكان لامبسون يعتقد حتى شعور غالبية الشعب المصري كان متجها من صميم القلب إلى جانب الدول الديمقراطية وضد النازية ولوكان هناك قائدا يعيد النظر لسار وراء هذا التيار الشعبي وألقى بثقله بإخلاص إلى جانب الحلفاء وأعرب الحرب على ألمانيا هذا الاتجاه كان كفيلا بالقضاء على جميع المؤامرات الموالية لألمانيا في بعض الدوائر العليا تلك المؤامرات التي تلت ذلك وأدت إلى حدوث تدهور لا ينصب على الموقف فحسب بل على مصير رئيس الوزراء نفسه ذلك لأن دعوة البرلمان بصفة عاجلة للموافقة على إعلان الحرب والأحكام العهدية إبان الشعور الشعبي الذي كان سائدا في الأيام الأولى في شهر سبتمبر كان من الممكن حتى تؤدي بسهولة إلى حصول رئيس الوزراء على أغلبية لا ريب فيها في المجلسين حيث لم يكن الوقت قد انفسح بعد للمؤامرات الحزبية للإفصاح عن المعارضة التي أظهرتها فيها بعد لرئيس الوزراء شخصيا نظرا لما كان سيحرزه علي ماهر باشا م قوة نتيجة تأييد البرلمان وثقة حكومة حضرة صاحب الجلالة فإنه كان يستطيع باستخدام السلطات المخولة بمقتضى الأحكام العهدية بذكاء، حتى يمضي بمهارة في طريقته شبه الدكتاتورية بحيث يصبح قادرا على كتم أنفاس المعارضين واستخدام البرلمان والجهاز الإداري لصالحه.

4- لكن علي ماهر باشا سلك الطريق المضاد ثم حاول حتى يستغل عمله هذا لكي يظهر نفسه أمام الشعب المصري بأنه الرجل الذي يحميهم من المجهودات التي تبذلها بريطانيا لجر مصر إلى حرب عظمى كريهة وقد ظفر في بداية الأمر بتأييد ومحبة رخيصة.

5- إن بعض الأمراء والأميرات وبعض الارستقراطيين من الأتراك المتمصرين وصدقي باشا وأنصاره وجميع الذين يعادون بريطانيا ويوالون ألمانيا وجميعهم متحدون في الاتجاه مع السراي انتهز فرصة الموقف غير الواضح الذي خلقه علي ماهر باشا وانغمسوا إما في نادىية لصالح ألمانيا أوفي شعور انهزامي غير مرغوب فيه

إلى غير ذلك كان لامبسون لا يمانع، في سبيل إعلان مصر الحرب على ألمانيأن في حتى يكتم علي ماهر أنفاس المعارضة وبقيم حكما ديكتاتوريا في مصر، وقد اعتبر الموقف المائع بين الحرب والحياد الذي اتخذه علي ماهر مسئولا عما ظهر في اتجاهات معادية لبريطانيا وودية تجاه المحور أواتجاهات انهزامية.

لذلك كان رد العمل شديدا لدى الجانب البريطاني حين لم تعلن مصر الحرب علي ألمانيا واتضحت له سياسة علي ماهر ذات الوجهين واتصالاته الودية بكل من إيطاليا وألمانيا يتضح هذا من تلغراف لهاليفاكس في 28 سبتمبر ورد لامبسون عليه في 2 أكتوبر 1939 يشير هاليفاكس إلى الأوضاع القائمة في مصر والأخطار المترتبة على استمرارها كما يشير إلى موضوع إحالة أمين عثمان صديق الإنجليز إلى المعاش وخطورة ذلك على نفوذ بريطانيا في مصر ويطلب من لامبسون رأيه في الوسائل التي تساعد على حتى تقوم في مصر حكومة أفضل

وقد رد لامبسون بأن ذلك الموضوع كان يشغل فكره من مدة ثم استطرد:

1- لدي شعور بأن الحكومة الحالية هي نبت ضار، وأن استمرارها في الحكم سيؤدي إلى تزايد ضعف نفوذنا في مصر لكي ينبغي حتى أعترف حتى هذا الرأي في الوقت الحالي قائم على الحدس والتقولات أكثر منه على حقائق يكن الإشارة إليها.

2- حين نذكر ما في جانب الحسنات من علي ماهر يجب حتى نشير إلى أنه بث نشاطا دافقا في جميع ما مسته يداه وأنه فيما عدا إستثنائين بارزين هما إعلان الحرب واعتنطق الشخصيات الألمانية الهامة قد أجاب جميع مطالبنا بسرعة وأصدر تشريعات الطوارئ بسرعة تفوق ما كان يمكن تسقطه من أية حكومة مصرية أخرى أما فيما يختص بالاستثنائيين المذكورين، فإن موقفه قد يعزي إلى الخوف من نتائج الحرب، وقد يتغير مع أول نصر حاسم يحرزه الحلفاء.

3- وحين نذكر ما في جانب السيئات منه نشير إلى الآتي: علي ماهر عمليا هورئي الوزراء ورئيس الديوان الملكي في نفس الوقت لأن صنيعته عبد الوهاب طلعت وكيل الديوان الملكي يصرف أعمال الديوان عمليا عن طريقه وذلك أصبح الملك معزولا تحت نفوذ علي ماهر المتهم بأنه يستخدم الأحكام العهدية في خنق جميع أنواع المعارضة خارج السراي.

4- التقارير التي تصل من مصادر مختلفة تشير إلى حتى الجوداخل السراي وبين العناصر الارستقراطية المتصلة بها باستثناء الأمير محمد علي يميل إلى حتىقد يكون معاديا لبريطانيا بل ومواليا لألمانيا وحيث لاقد يكون مواليا لألمانيا فإنهقد يكون جوا انهزاميا وينطق حتى علي ماهر يتحدث علانية عن خلافاته مع السفارة، ونسب إليه الرغبة في دق إسفين بين السفارة والسلطات العسكرية البريطانية وذلك بإظهار السفارة بمظهر التشدد بشكل غير معقول وإظهار العسكريين بمظهر المهدئ وفي نفس الوقت ينطق حتى علي ماهر ينسب إلى نفسه أنه يقاوم مطالب بريطانيا غير العادلة ومحاولاتها إقامة شبه حماية على مصر.

5- ينطق أيضا حتى عزيز المصري وعزام وصالح حرب يحاولون، على الجانب العسكري حتى يديروا أداة الحرب المصرية بكيفية تقضي على نفوذ البعثة العسكرية البريطانية.

6- إن فصل أمين عثمان باشا وعبد الرازق أبوالخير باشا بفظاظة، وقد أنعم عليهما حديثا بأوسمة بريطانية قد فسرته دوائر كثيرة على أنه صفعة على الوجه قصد توجيهها إلينا عن عمد وهناك دلائل أخرى تشير إلى حتى علي ماهر وهوينفذ بالكامل التزامات مصر العسكرية بموجب المعاهدة المصرية البريطانية يستهدف في النهاية إضعاف قبضتنا على مصر عن طريق إضعاف نفوذنا فيها تدريجيا.

7- الزمن وحده هوالذي سيظهر لنا ما إذا كان هذا الرأي عن علي ماهر سليم أم أننا أسأنا الحكم عليه لكن إذا وضعنا المصالح البريطانية في الاعتبار فإن شعوري أنه سيتعين عليه حتى يمضى يهجر السلطة عاجلا أكثر منه آجلا لكن هذا ليس بالأمر يتعجله المرء ولوأننا يجب حتى نكون على استعداد لاتخاذ قرار سريع في أي وقت إذا استلزمته الظروف ذلك أنه لا يوجد في الوقت الحالي ما يشير على وجود معارضة عامة لعلي ماهر كما أنه يجب حتىقد يكون في البال أننا لا نستطيع حتى نتخلص منه دون الدخول في معركة كبرى مع الملك فاروق ولوأنه سيكون علينا عاجلا أوآجلا حتى نقابل هذا الاحتمال بتصميم في الوقت الحالي لا يوجد مصري يجرؤ على حتى يتحدث بصراحة إلى الملك فاروق فإن ما انتابه من جنون العظمة بالإضافة إلى نفوذ علي ماهر قد جعله جموحا لذلك فحين نعتزم اتخاذ إجراء سيكون من الضروري حتى قابل الملك فاروق بوضوح وإذا قاومنا بعناد نقول له أنه، إذا لم يسلم بما نريد، سيكون عليه هونفسه حتى يمضى لكن يجب عينا في هذا الأمر أيضا حتى نأخذ في حسابنا اتجاه الرأي العام وموقف الجيش وهوتهديد لا نوجهه في الظروف الحاضرة إلا إذا كنا على استعداد لتطبيقه بالقوة وهذا إجراء قد يصعب حاليا التوفيق بينه وبين أهدافنا والتزاماتنا الحربية.

8- إذا كان سيتعين علينا في النهاية حتى نتدخل لتشكيل حكومة أدي إلى الرضاء، فإن خير أسلوب نتخذه الآن لتجنب تكتيل معارضة مصرية لتدخلنا هوأننا نعتبر الحكومة الحالية لا تمثل البلاد إلى حد يجعلها غير جديرة بالسلطات شبه الدكتاتورية التي يقتضيها قيام الأحكام العهدية.

9- المشكلة في هذا المجال هي عدم وجود ساسة قديرين يحلون محل عليم ماهر إلا إذا استرد محمد محمود صحته بشكل كافي هوبالتأكيد أفضل بكثير من علي ماهر لكني لا أظنه سيكون في حالة صحية مناسبة لبعض الوقت وفيما عدا ذلك لا يوجد حاليا أي مرشح مناسب.

10- لذلك فالخلاصة في رأي، هي أنه يحسن بنا في الوقت الحالي ألا نتدخل عملي ماهر شخصيا ليست له شعبية ويبدوحتى خير ما نعمله هوحتى نرخي له الحبل حتى يقضي على نفسه وستأتي اللحظة المناسبة لتدخلنا حين يتزايد الشعور المعادي له إلى الحد الذي يجعل تدخلنا يظهر للشعب أمر مطلوبا بسبب الأخطار التي تترتب على استمرار نظام كهذا في زمن الحرب أوإذا بدأ يعبث بالدستور.

11- قد يمكننا الاجتماع غير العادي للبرلمان هذا الأسبوع من الوصول إلى تقدير أفضل لاحتمالات قيام معارضة جدية لعلي ماهر

الاجتماع غير العادي الذي يشير إليه لامبسون هوالاجتماع الذي نظر موضوع الأحكام العهدية. تزودنا هاتان الوثيقتان بالكثير سنتناولها بالتحليل مع إيضاحات تفصيلية نستعين فيها بتقرير لامسبون فيثمانية نوفمبر 1939 عن الموقف السياسي في الفترة السابقة عليه والتي تبدأ بتولي علي ماهر الوزارة بذلك نصل إلى الوضع بين علي ماهر والجانب البريطاني في نهاية الشهرين الأولين لقيام الحرب يتضح من الوثيقتين حتى رأي الجانب البريطاني قد استقر على حتى علي ماهر يجب حتى يمضى عاجلا أكثر منه آجلا بالإضافة إلى عدم إعلانه الحرب واحتفاظه بعلاقات ودية مع ألمانيا وإيطاليا هناك مسببات أخرى لذلك على الجانب المدني عمل علي ماهر على تقوية مركزه الضعيف في الداخل بمحاولة كسب شعبية على حساب الجانب البريطاني وذلك بكشف محاولات لامبسون جر مصر إلى الحرب ومقاومة وزارته لها يضاف إلى ذلك استمرار وجود الجوالمعادي لبريطانيا والموالي للمحور في السراي وبين الطبقات الأرستقراطية الملتفة حولها واعتبار علي ماهر مسئولا عن ذلك على أساس استمرار سيطرته على السراي واستمرار نفوذه لدى الملك عن طريق وكيل الديوان عبد الوهاب طلعت كما حتى حالة بعض كبار الموظفين الموالين لبريطانيا وبخاصة أمين عثمان إلى المعاش قد اعتبر هجوما على النفوذ البريطاني في مصر وإضعافا له بذلك أصبح استمرار علي ماهر في الحكم خطرا على النفوذ البريطاني وعلى الجبهة الداخلية من وجهة النظر البريطانية.

أما على الجانب العسكري فإن جهود جميع من صالح حرب وعزيز المصري وعبد الرحمن عزام بتأييد من علي ماهر كما يقول لامبسون قد سارت في ثلاث اتجاهات شعر بخطورتها وهي تكوين الجيش المرابط خارج نطاق وزارة الدفاع وإضعاف الثقة داخل الجيش ببريطانيا كقوة عسكرية وإضعافها نفوذ البعثة العسكرية البريطانية وإضعاف قبضتها على الجيش أما المرابط الذي أشرف على إنشائه وتولى قيادته عبد الرحمن عزام، فإن وجوده خرج نطاق وزارة الدفاع وبالتالي خارج إشراف البعثة العسكرية البريطانية قد أثار مخاوف الجانب البريطاني الذي ارتاب في حتى الوزارة ترغب بإنشائه حتىقد يكون قوة تحت يدها تستخدمها عند اللزوم لتحقيق أغراض سياسية أما الاتجاه الثاني فيعزوه لامبسون إلى عزيز المصرية رئيس أركان حرب الجيش وهوأنه كان معجبا بقوة العسكرية الألمانية ونظامها وتفوقها وان يعتر عن هذه الأفكار في أحاديثه مع ضباط الجيش المصري مصغرا شأن الجيوش البريطانية إلى غير ذلك أصبح استمرار علي ماهر في الحكم ومعه الثلاثي العسكري يشكل من الناحية العسكرية خطرا على الجبهة الداخلية وعلى التعاون المنشود بين القوات المصرية والبريطانية.

هنا تبرز مسألة التخلص من علي ماهر وتمهيد السبيل لوزارة يرضى عنها الجانب البريطاني وهوما طلب هاليفاكس رأي لامبسون يه من الجلي حتى لامبسون عثر في ذلك معضلة عويصة أجهد فيها دون حتى يصل إلى حل يطمئن إليه ذلك أنه لم تكن هناك معارضة عامة وقوية في البلاد ضد علي ماهر تجعل التخلص منه أمرا يسيرا لا يثير مشاكل أويؤدي إلى تعقيدات بل إذا الأمر على العكس من ذلك فقد عمل علي ماهر على حتى يكسب شعبية على أساس حرصه على مصالح الوطن ومقاومته للتدخل البريطاني يضاف إلى ذلك حتى لامبسون كان واثقا من وقوف الملك فاروق إلى جانب رئيس وزرائه إلى غير ذلك أصبح التخلص من علي ماهر يستدعي في أغلب الأحوال التهديد بالقوة واستخدامها للتغلب على مقاومة الملك أوإنزاله عن عرشه، وهوأمر لا يبرره في ظروف الحرب سوى حدوث تهديد خطير لمصالح بريطانيا الجوهرية وهذا ما لم يحدث لأن مؤامرات السراي والولاء للمحور والكلام عن الضغط البريطاني أمور كانت محصورة في مجال الكلام ولم تخرج إلى مجال الأعمال الحقيقية يضاف إلى ذلك أنه لا يوجد في رأي لامبسون ساسة قد يرون يحلون محل علي ماهر سوى محمد محمود، وصحته حينئذ كانت أسوأ من حتى تسمح له بتولي الحكم والاستمرار فيه لذلك رأى لامبسون الانتظار وعدم التدخل وفي نفس الوقت تشجيع المعارضة ضد علي ماهر على أساس حتى تزايدها سيؤدي إلى تهيئة الجووالظروف المناسبة للتدخل.

وحتى هذا الحل لم يكن مما يطمئن إليه لامبسون ذلك حتى تزايد المعارضة كان معضلة تثير مخاوفه بنتائجها ووضع الملك كان معضلة أخرى ويضع لامبسون المشكلتين على الوجه الآتي:

إذا قابل علي ماهر برلمان معاديا فيحتمل حتى يفضل عدم المخاطرة بأحداث انقلاب والرجوع إلى منصبة كرئيس للديوان الملكي الذي حرص على هجره خاليا.

12- وإذا استجمع شجاعته وخاطر بالقيام بانقلاب فإننا سنقع في حيرة إذا رضينا بدكتاتورية مكروهة فسنقابل غضب الشعب على أساس حتى تلك الدكتاتورية لا تقوم إلا بتأييد منا وبسبب حالة طوارئ قمنا بفرضها وإذا تدخلنا لمنع لا تقوم إلا بتأييد منا وبسبب حالة طوارئ قمنا بفرضها وإذا تدخلنا لمنع الانقلاب فإن مثل هذا التدخل الصارخ سيقحمنا ثانية إلى حد بعيد في الصراع السياسي الداخلي الذي كان أملنا حتى نخلص أنفسنا منه كنتيجة للمعاهدة المصرية الإنجليزية.

13- وإذا ما قرر علي ماهر باشا الاستنطقة ونجح في العودة إلى عمله كرئيس للديوان الملكي وأشعر أنه سيكون من الصعب منعه من ذلك فأنه سيكون في استطاعته حتى يجعل وضع أي رئيس وزراء مستقل في حكم المحال وسيواصل عزل الملك عن جميع نفوذ جدي سوي نفوذه هومما يلحق الضرر بأي حكومة صالحة، بل وربما بالعلاقات المصرية البريطانية

أما الملك فإن استهتاره وطبعه الاستبدادي وتأثير علي ماهر عليه، كما يقول لامبسون يجعل من المتعذر قيام حكومة مناسبة في مصر حتى تحل مسألة الملك إما بتحسن في سلوكه أوبوجود قيد رادع على استبداده. إلى غير ذلك أصبح علي لامبسون حتى ينتظر للتخلص من علي ماهر والقضاء على مقاومة الملك أمرا من اثنين: إما حدوث أعمال حقيقية يقوم بها أشخاص مسئولون ضد مصالح بريطانيا الجوهرية أوقيام ظروف تهدد مصالح بريطانيا ومركزها في مصر تهديدا خطيرا حينئذ كما يقول لامبسون يمكن تطبيق العلاج الحقيقي الوحيد وهوحتى نفرض على الملك رئيس وزراء مناسب وكذلك رئيسا مناسبا للديوان الملكي وأن نجبر جلالته على العمل بنصائحها وقد يجبرنا هذا العمل في النهاية إلى ضرورة وضع مالك يرضي الجميع على عرش مصر

الخلاصة حتى عدم إعلان حالة الحرب والاحتفاظ بصلات ودية بدولتي المحور، وموقف الملك بالإضافة على العوامل الأخرى التي أشرنا إليها قد جعلت الجانب البريطاني وبخاصة لامبسون يعود إلى انطباعه الأول من علي ماهر باعتباره شخصا مراوغا متآمرا ميالا إلى المحور ولا يؤمن جانبه وعن ميول السراي الودية نحوالمحور وتبلور اتجاه الجانب البريطاني منذ منتصف سبتمبر 1939 على حتى علي ماهر يجب حتى يمضى وإلى كان ذهابه يعتبر مسألة وقت ومشكلة يهجر حلها للظروف الضرورات كما أخذ الجانب البريطاني يوطن نفسه على احتمال حدوث لقاءة مع الملك قد تضل إلى حد استخدام القوة وإقصائه عن العرش هكذا أخذت السياسة البريطانية تسير في الطريق الذي أوصلها إلى طرد علي ماهر من الوزارة في يونيو1940 وحادث أربعة فبراير 1942.

الفصل السابع: علي ماهر يجب حتى يمضى

علي ماهر بين وضع وزارته وعلاقته ببريطانيا:

والآن لنرى كيف من الممكن أن تطورت الأحوال مع علي ماهر في مصر وفي علاقاته بالجانب البريطاني بما أدى في النهاية إلى استنطقة تحت ضغط من بريطانيا في 27 يونيو1940

أشرنا إلى المشكلة الدستورية التي قابلت علي ماهر بعد حتى شكل وزارته، وتتلخص في حتى وزارته كانت وزارة سراي وحكمه يمثل دكتاتورية السراي لكن مظاهر الحكم الديمقراطي كان ينبغي حتى تراعي وكان ينبغي حتىقد يكون للبرلمان دوره ولما كان علي ماهر مستقلا لا ينتمي إلى حزب يؤديه فقد كان موقفه ضعيفا في البرلمان بعد حتى تخلى الأحرار الدستوريون عن الاشتراك في الوزارة ولم يشهجر فيها سوى السعديون.

لذلك فقد قابل علي ماهر داخل البرلمان إذ كان عليه حتى يحصل على تأييد داخله يكفل للحكومة تطبيق سياستها رغم ضعف نصيب من التأييد الحزبي وقد رأينا نموذجا لهذا الحرج الذي قابله في مسألة الأحكام العهدية وقد لجأ علي ماهر في لقاءة هذا الموقف إلى وسيلتين: في أول الأمر حين قابل أزمة الأحكام العهدية والمصاعب الاقتصادية والمالية التي تزايدت خطورتها بقيام الحرب بدأ سياسة التقارب مع محمد محمود لهذا الغرض لكن الأحرار الدستوريين رفضوا الاشتراك في الوزارة وذلك كما نطقوا مع الاحتفاظ بخطة المعارضة البعيدة عن الإحراج والهدم مع الاستعداد الصادق للتشاور مع رئيس الحكومة في جميع ما يتصل بالصالح العام أي أنهم رفضوا الوزارة ووعدوا بالتعاون ويلاحظ حتى محاولة علي ماهر اكتسبت ثوب الدعوة إلى الوحدة وقيام وزارة قوية لكن جرائد الوفد كانت حريصة على الإشارة إلى حتى ما ينطق عن اشتراك الوفد في مباحثات لتشكيل وزارة قومية غير سليم، مما يوضح حتى الأمر اقتصر على محاولة دعم الوزارة بضم عناصر من المستقلين وأحزاب الأقلية، ولم تتسع لتتضمن قيام وزارة قومية يشهجر فيها الوفد

أما الوسيلة الثانية فكانت التقرب إلى أعضاء البرلمان وإرضائهم وإجابة مطالبهم سواء أكانوا مستقلين أوحزبيين وذلك لكسب ودهم والحصول على تأييدهم فحين تبين تخوف النواب من أنه يعتزم زيادة سلطاته فإنه كما يقول لامبسون وافق على أنه قبل حتى تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة بمقتضى الأحكام العهدية فإنهم يجب حتى تعرضها على لجنة برلمانية لتنظرها على وجه الاستعجال وقد طور علي ماهر باشا بمهارة هذا الاتفاق ليصبح اتفاقا عاما يبحث الحكومة بمقتضاه مع مختلف اللجان جميع المسائل الهامة التي بحاجة إلى موافقة البرلمان وتحصل على موافقة عليها قبل تقديمها عملا إلى البرلمان وقد كان هذا النظام جزيل الفائدة لرئيس الوزراء، ذلك أنه لم يكن برلمانيا ولا خطيبا مفوهأن كما كان يتعذر عليه حتى يسوس المجالس الشعبية لكن تربيته القضائية كانت تمكنه من حتى يناقش بشكل مقبول اللجان التي كانت موافقتها على مشروعاته تشكل ضمانا عمليا لموافقة البرلمان عليها ويبد حتى هذه الطريقة قد سهلت في الوقت الحاضر عمل رئيس الوزراء في برلمان لا تستغله في الفترة التي نستعرضها فترة نوفمبر 1939- يناير 1940 أية مسائل ذات أهمية كبيرة فالميزانية والمسائل الأخرى لا تزال أمام اللجان.

وفي نفس الوقت بدأ رئيس الوزراء في الإكثار من توجيه الدعوات في المناسبات الاجتماعية إلى النواب والشيوخ من جميع الأحزاب بما فيهم الوفد ولا شك أنه يأمل بذلك في الحصول على ما كان يحلم به منذ وقت طويل وهوإيجاد سند قومي بظاهره، وفيما يختص بالأحرار، الذين تجاوز له حتى أغراهم أثناء انتخابات رئيس المجلس يقصد رئيس مجلس النواب لوح أمامهم بالأمل في الوصول إلى الوزارة وبخاصة أولئك الذين ساءهم أنهم لم يدخلوا وزارة محمد محمود بل أنه لوح بمثل هذه الآمال لبعض الوفديين..

الأستاذ يوسف الجندي وآخرون من الوفديين الذين كان علي ماهر يحاول إغرائهم من زمن كانوا حريصين على حتى يتقدموا للتعاون مع رئيس الوزراء لكن زعماء الوفد أدركوا حتى مثل هذا التعاون لابد حتى ينتهي إلى تدمير الوفد علي أيدي عدوهم الداهية ورغم الاعتراضات التي أثارها الأستاذ يوسف الجندي وآخرون ممن هم على مثل رأيه فقد قررت الهيئة التطبيقية للوفد أنه يجب على الوفديين ألا يحضروا أي حفل اجتماعي يقيمه علي باشا أويشهجروا في مناقشات اللجان البرلمانية مع علي ماهر باشا فالوفد يعتبر تلك المناقشات خلف الكواليس عاملا على الحد من سلطات البرلمان وكان لنظام الوفد من القوة ما اضطر يوسف الجندي وغيره من المتأرجحين إلى الالتزام بما يقرره الوفد.

ومع ذلك فقد واصل علي ماهر باشا تودده إلى الوفد، ووصل في ذلك إلى الحد السماح بحرية نسبية في التصويت في الانتخابات الفرعية في إحدى دوائر الإسكندرية وقد أدى ذلك إلى حتى مرشح الوفد تصدر القائمة واكتسح منافسيه من السعديين والأحرار.

انتهى تدليل الوفد هذا إلى انزعاج أحمد ماهر باشأن وكان قد بدأ يشعر بقلق بالغ لعداء أخيه الواضح للبريطانيين.

وقد فكر محمد محمود باشا بعض الوقت في الاتفاق مع الوفد وذلك نتيجة لاستيائه مع أحمد ماهر باشا والسعديين بعد انتخابات رئاسة المجلس مجلس النواب فقامت اتصالات بين الحزبين ودارت بعض مناقشات أوضحت عدم وجود أسس يقوم عليها الاتفاق فقد استمر الوفد يرفض قبول أية حكومة ائتلافية ويطالب بحكومة محايدة لإدارة البلاد حتى تسمح الظروف بإجراء انتخابات حرة

يتضح من تقرير لامبسون هذا حتى موقف ماهر في البرلمان، ولوأنه تحسن بعض الشيء في الفترة التي يتناولها التقرير وهي فترة نوفمبر 1939 إلى يناير 1940 إلا أنه استمر مزعزعا ذلك حتى أخيه الدكتور أحمد ماهر عندما انضم البرلمان في دورته العادية في نوفمبر 1939 فاز برئاسة مجلس النواب بتأييد من السراي متغلبا في ذلك على منافسه بهي الدين بركات باشا الذي أيده الدستوريون هذا الفوز دعم مركز علي ماهر وأضعف مركز محمد محمود، لكنه في نفس الوقت زاد من معارضة الدستوريين للوزارة ودفعهم إلى محاولة الاتفاق مع الوفد يضاف إلى ذلك حتى تودد علي ماهر إلى الوفديين وعلاقاته السيئة مع الجانب البريطاني جعلت أخيه أحمد ماهر يشعر بالقلق لأنه رأى في ذلك بداية الطريق الذي يؤدي إلى عودة الوفد إلى الحكم وهوما لا يريده أحمد ماهر لعدائه لزعامة الوفد القائمة من جهة ولوجود قضية البنك التجاري بينه وبين مصطفى النحاس، ولم يكن قد فصل فيها بعد من جهة أخرى لذلك فإن الهيئة البرلمانية السعدية عقدت في يناير 1940 اجتماعا ناقشت فيه الموقف السياسي وسياسة علي ماهر وقد انتقدت الأعضاء سياسة رئيس الوزراء وقررت الهيئة ألا يوافق الوزراء السعديون على القرارات الهامة في مجلس الوزراء دون موافقة مسبقة من الحزب

هذا الضعف الذي اتسم به موقف علي ماهر في البرلمان جعل موقف وزارته ضعيفا بوجه عام، حيث كان سندها الوحيد هوالسراي وقد زاد من ضعف الوزارة ما قابلته من مشاكل داخلية وبخاصة في النواحي الاقتصادية والمالية ويوجه أخص معضلة محصول القطن.

كانت الحالة الاقتصادية والمالية بوجه عام سيئة قبل الحرب نتيجة لعدة عوامل سبقت الإشارة إليها وأهمها أعباء الاستقلال بعد معاهدة 1936 وبخاصة إنشاء جيش وطني والوفاء بالتزامات المعاهدة وعجز الجهاز المالي في الحكومة عن لقاءة الظروف التي استجدت بعد معاهدة 1936 وإلغاء الامتيازات الأجنبية بالإضافة إلى عجز محصول القطن في موسم 1938، 1939 وانخفاض أسعاره

بقيام الحرب تزايد سوء الحالة الاقتصادية والمالية، فقد تزايد الضغط على موارد الميزانية نتيجة طلبات السلطات العسكرية وسواء في ذلك السلطات البريطانية وفاء لالتزامات المعاهدة بتقديم المساعدات والتسهيلات التي تلزمها أوالسلطات العسكرية المصرية استكمالا لإعداد قواتها يضاف إلى ذلك عدم التناسب بين أسعار سلع التصدير التي ترتفع قيمتها وبين الواردات التي ارتفع ثمنها كثيرا تلك كلها عوامل أدت إلى عجز في ميزان المدفوعات وفي ميزانية الدولة مما ألجأها على الاحتياطي العام وإلى محاولة ضغط المصروفات إلى حد حتى قررت إغلاق المدارس التي يقل عدد طلبتها عن 100 طالب وتوزيعهم على المدارس الأخرى كما أدت إلى عجز في القدرة الشرائية للأفراد نتيجة ازدياد تكاليف المعيشة بارتفاع أسعار كثير من السلع الضرورية وقد كان سوء الحالة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة مجالا لهجوم صحف المعرضة على الحكومة

أما محصول القطن فقد كان مثار قلق بالغ للمصرين حين قامت الحرب خوفا من العجز عن تصريفه وانخفاض أسعاره خاصة وقد وضعت الحكومة البريطانية قيودا على تصديره باعتباره سلعة استراتيجية خوفا من تسربه إلى بلاد الأعداء كان هذا القلق هوالذي دفع أعضاء البرلمان خلال الدورة الاستثنائية التي عقدت في أكتوبر 1939 إلى الضغط على الحكومة حتى تعهدت بالعمل على حتى تشتري بريطانيا محصول القطن

وقد دارت عملا مفاوضات بين الحكومة المصرية إلى الدخول مشترية في جميع من سوقي القطن والبذرة لإيقاف انخفاض الأسعار عن حد معين حددته وحين تحركت الحكومة البريطانية متأخرة خيبت آمال المصريين إذ عرضت شراء جزء سهل من المحصول يعادل ما كانت تشتريه دول الأعداء وحددت له ثمنا أصبح يعتبر منخفضا بعد حتى أخذت الأسعار ترتفع وحتى ازدياد الأسعار اتى متأخرا بعد حتى كان المحصول قد تعرضت سياسة الحكومة البريطانية في موضوع القطن إلى هجوم مرير سواء في الصحافة أوفي البرلمان أوفي الخطاب الذي وجهه الوفد المصري إلى السفير البريطاني في أول أبريل 1940 واتجه جانب من الهجوم إلى حكومة علي ماهر هذا ولم توضع القيود على تصدير القطن فقط بل إذا التصدير والاستيراد جميعه خضع لرقابة فعالة من السلطات المصرية والبريطانية فقامت المصاعب في وجه التجار.

ويرتبط بسوء الأوضاع الاقتصادية معضلة الديون العقارية على ملاك الأراضي للمصارف فعندما عجز المدينون عن السداد تدخلت الحكومة ووضعت تسوية لتيسير سداد تلك الديون مع تأجيل البيوع الإجبارية حفظا للثروة القومية لكن تلك التسوية فشلت في حل الجانب الأكبر من الحالات التي أصبح الملاك فيها مهددون بفقد ممتلكاتهم نتيجة إصرارا المصارف على البيع فضجوا بالشكاوي إلى السراي والبرلمان والوزارة، مما أعطى الفرصة لصحف المعارضة لمهاجمة الحكومة

وكان لامبسون يقظا لخطورة الأثر المترتب على سوء الحالة الاقتصادية والمالية، وبخاصة معضلة القطن على موقف الشعب من الحكومة ومن بريطانيا فخط في نوفمبر 1939 يقول حتى مركز مصر المالي والاقتصادي تكتنفه مشاكل خطيرة يتعذر على عي ماهر حلها وأشار إلى مشاكل ما قبل الحرب ثم نطق أضعف إلى هذه المشاكل القائمة أيضا المشاكل الوقتية الناتجة عن اقتصاديات الحرب وعلى الأخص عدم التناسب بين أسعار سلع التصدير التي لم ترتفع قيمتها وبين الواردات التي ارتفع ثمنها كثيرا..

إن هذا الموقف الاقتصادي الذي يؤسف له قد ساعد على هدم ثقة الناس في نظام علي ماهر باشا إلا أنه في الوقت نفسه محفوف بالمخاطر بالنسبة إلينا نحن البريطانيون الذين ينتهزون فرصة الحرب فيخفضون أسعار القطن لفائدتهم الخاصة لكن هذه النادىية يمكن دحضها بأن تتدخل الحكومة البريطانية وتشتري القطن المصري بأسعار ترتفع قليلا عن الأسعار السائدة في الوقت الحاضر وقد تجاوز حتى أدت مرارا ضرورة عمل شيء للقاءة الموقف، وإني لأشعر بالأسف لتأخر إصدار قرارات بتطبيق التوصيات التي تقدمت بها ذلك لأن المسألة ليست مسألة حق المصريين في طلب المساعدة الاقتصادية منا بل هي مسألة ضرورة سياسية يجيب من باب العدل حتى نتأكد من حتى الحرب التي تورطت فيها مصر بسبب تحالفها معنا قد جلبت الشقاء على الشعب المصري نتيجة عدم التناسب بين أسعار الصادرات وأسعار الواردات كما تجاوز حتى أشرت ومن الخطر حتى نهجر المصرين تحت هذا الشعور بالظلم

وخط لامبسون بعد ثلاثة أشهر يقول (إن الشعب المصري بسبب الحرب التي عثر نفسه متورطا فيها نتيجة ارتباطه ببريطانيا العظمة قد أصبح لزاما عليه حتى يتحمل بعض المصاعب.. لقد زادت تكاليف المعيشة وبخاصة أسعار بعض السلع الضرورية كالكيروسين الذي يلعب دورا في الرأي والأمور المنزلية بمصر أكثر مما يلعبه في البلاد الأخرى أما عن معالجتنا لمشكلة القطن فقد أثارت نقدا قاسيا حتى ن أعز أصدقائنا المصريين وإذا أردنا ألا تصبح تلك المشكلة خطيرة حقا وجب حتى نصغي إلى شكايات المصريين الحقه التي تقول أننا نفرق تفريقا ظلما بين مصر والولايات المتحدة في موضوع الرقابة على السلع الممنوع تصديرها فليس هناك من منطق يقنع المصريين بأن الواجب يحتم عليهم حتى يمتنعوا عن تصدير أقطانهم إلى الأسواق التي يسمح للولايات المتحدة بالتصدير إليها.

أي هبوط في أسعار القطن لا يثير نادىية ضد البريطانيين فحسب، بل يضع أيضا مصاعب حقيقة على عاتق الشعب المصري فالميزانية غير متوازنة نظرا لازدياد النفقات العسكرية التي ترتبط في أذهان المصريين بالالتزامات التي فرضتها المعاهدة البريطانية وقد فرضت ضرائب جديدة لسد العجز لكن تلك الضرائب انصبت على سلع تهم الشعب وقصاري القول أنه يوجد في مصر أساس حقيقي لضيق واستياء شعبي هوفي حد ذاته أقوى مساعد لنادىية العدووإذا وقع فوق ذلك حتى حاولت الحكومة حتى تثير شعور العداء ضد بريطانيا العظمى وعدم الثقة بها فمن الواضح حتى يصبح مسرح الأحداث معدا لمتاعب يحتمل حتى يثور عاجلا أوآجلا

وعاود لامبسون بعد أشهر ثلاث أخرى يشير إلى المتاعب المالية التي تعانيها الحكومة المصرية والنتائج المترتبة عليها قائلا:

وفي نفس الوقت أخذت متاعب الحكومة في النواحي المالية تصل إلى درجة الأزمة وقد تجاوز في عديد من رسائلي وبرقياتي حتى أكدت على تزايد خطورة مركز الميزانية المصرية إذ يظهر حتى الجهد الذي تبذله الحكومة لإنشاء جيش حديث تام العدة الميكانيكية قد ثبت أنه يحتاج إلى نفقات باهظة لا تتحملها موارد البلاد، وما لم تمنح حكومة صاحب الجلالة الحكومة المصرية بعض التيسيرات بتأجيل دفع نفقات التسليح وتقسيطها فإن الحكومة تقابل أزمة خطيرة وسيكون عليها حتى تهجر الجيش الذي كونته دون حتى تجهزه بالمهمات اللازمة أوحتى تلجأ إذا أمكنها ذلك إلى عقد قرض بشروط مجحفة لسداد نفقات التسليح وأي من هاتين الطريقتين سيجعل الحكومة هدفا سهلا لهجمات خطيرة من المعارضة.

لا شك حتى هذه المصاعب السياسية والمالي هي إلى حد ما التي حسنت موقف الملك فاروق ورئيس وزارته منا لقد عاد جلالته وعلي ماهر باشا مؤخرا إلى إظهار رغبة واضحة في تنمية علاقات المودة بيننا أما إلى متى تستمر مظاهر الصداقة هذه فإن ذلك يعتمد كثيرا على تطورات الموقف الداخلي وعلى درجة استعدادنا لتقديم المساعدات المالية أوغيرها من المساعدات

هذه الإشارة الأخيرة للامبسون توضح العامل الأساسي المؤثر في موقف علي ماهر الجانب البريطاني وهوتطورات الموقف الداخلي والمساعدات البريطانية وهذا يتفق مع ما تجاوز حتى أشرنا إليه من حتى علي ماهر كان مضطرا إزاء ضعف موقفه إلى اتخاذ سياسية يراعي فيها الرأي العام والمصلحة الوطنية كي يحصل على قدر من الشعبية يوازن به ضعف نصيبه من التأييد الحزبي وهي سياسة تتعارض مع سياسة أخرى اتى بها علي ماهر إلى الوزراء واستدعتها ظروف الحرب في نفس الوقت، وهي تحسين علاقاته بالجانب البريطاني

كان طبيعيا حتىقد يكون موقف علي ماهر بالغ الصعوبة وهويحاول الجميع بين هاتين السياستين وإن تتذبذب سياسته تجاه الجانب البريطانية ودا وتعاونا أوجفاء ومقاومة تبعا لتغير موقفه قوة وضعفا من جهة وتبعا لتغير الشعور في مصر تجاه بريطانيا من جهة أخرى وتبعا للسياسة المتذبذبة ولم يكن الجانب البريطاني ليرضي بهذه السياسة المتذبذبة ولم يكن يقنع منه في ظروف الحرب بأقل من تعاون تام يرقى إلى درجة الخضوع الكامل لمطالب بريطانيا وتعاون قلبي مخلص يعبئ الرأي العام والجبهة الداخلية فكريا ونفسيا إلى جانبها لم يكن ذلك استطاعة علي ماهر لذلك فإن الانطباع السيئ الذي كان قد تكون عنه لدى لامبسون قد تأكد والقرار الذي كان وصل إليه بشأن وزارته قد استقر بحيث أنه حين أشتد تأزم الموقف السياسي والعسكري الدولي المصاحب لاجتياح ألمانيا لكل من هولندا وبلجيكا وهجومها على فرنسا ولدخول إيطاليا الحرب، كان الجوممهدا تماما لقرار الجنب البريطاني بأن علي ماهر يجب حتى يمضى.

أما ذلك الانطباع فهوحتى علي ماهر إنسان مراوغ مخادع متآمر لا يمكن الوثوق به وأنه أقرب إلى العداء لبريطانيا والميل إلى المحور، تكون هذا الانطباع خلال الأزمة الدستورية أواخر 1937 وخلال رئاسة علي ماهر للديوان الملكي وتأكد في النصف الثاني من سبتمبر 1939بعد أزمة عدم إعلان مصر قيام حالة الحرب بينها وبين ألمانيأن وهي نفس الفترة التي وصل فيها لامبسون إلى قراره بشأن وزارة علي ماهر

يتضح هذا من استعراض تطور العلاقات بين الجانبين:

لم يستطع علي ماهر حتى يستجيب إلى ضغط الجانب البريطاني لإعلان حالة الحرب علي ألمانيا كما حتى لامبسون أعتقد أنه يتبع سياسة ذات وجهين تجاه جميع من بريطانيا ودولتي المحور لذلك ساءت العلاقات بنيه وبين علي ماهر رغم اعترافه بأن الأخير استجاب بسرعة إلى المطالب البريطانية فيما عدا إعلان الحرب ولم يكن سوء العلاقات نتيجة الامتناع عن إعلان حالة الحرب فقط بل لأسباب أخرى من أهمها حتى علي ماهر استغل ذلك ليكسب شعبية على حساب الجانب البريطاني اتضح في هذه الفترة ضعف مركز علي ماهر الداخلي رغم حتى الأحكام العهدية زادت ما بيده من سلطات وقد وضح هذا الضعف خلال دورة البرلمان الاستثنائية في منتصف أكتوبر، حيث لم يمر قانون الأحكام العهدية من مجلس الشيوخ إلا بمشقة وبعد مجهود كبير من علي ماهر كما بدأ محمد محمود نشاطه في معارضة الحكومة وإحراجها بغية إسقاطها أي حتى موقف علي ماهر كان ضعيفا في الداخل ولدى الجانب البريطاني في نفس الوقت.

عمل علي ماهر على تقوية مركزه بعد الدورة الاستثنائية فتقرب إلى الأحرار الدستوريين على أمل إشراكهم في الوزارة مع بضع المستقلين لكن تلك المحاولات منيت بالفشل ثم قوي مركزه بعد انعقاد البرلمان في دورته العادية في 18 نوفمبر 1939 حين نجح أخوه أحمد ماهر في انتخابات رئاسة مجلس النواب بمساعدته ومساعدة السراي كما عمل علي ماهر على التقرب إلى النواب من مستقلين وحزبين للحصول على تأييدهم وأخذ يتودد بوجه خاص إلى الوفد إلى درجة إطلاق حرية التصويت في انتخابات فرعية بدائرة بالإسكندرية مما أدى إلى فوز مرشح الوفد ضد منافسيه من السعديين والدستوريين.

استكمال لهذه السياسة عمل علي ماهر منذ أوائل نوفمبر على تحسين علاقاته بالجانب البريطاني خاصة وأنه حينئذ كان قد ولج في مفاوضات مع الحكومة البريطانية لاقتناعها بشراء محصول القطن بثمن مناسب. لكن تلك الأوضاع لم تلبث حتى أخذت تتغير في فترة ديسمبر ويناير 1940 في المجال الداخلي أدت سياسة علي ماهر في التقرب إلى الوفد إلى استياء أحمد ماهر والسعديين، وزاد من هذا الاستياء حتى تلك السياسة اقترنت بأزمة في العلاقات بين علي ماهر والسراي وبين الجانب البريطاني مما جعل أحمد ماهر يخشى حتى يؤدي ذلك إلى عودة الوفد إلى الحكم لذلك فقد اجتمعت الهيئة البرلمانية للحزب السعدي في منتصف يناير وناقشت سياسة علي ماهر ونددت بها وقررت ألا يوافق الوزراء أعضاء الحزب حتى الدستوريين ساءهم فوز أحمد ماهر برئاسة مجلس النواب ضد مرشحهم بهي الدين بركات فعملوا على التقرب إلى الوفد لوحتى مساعيهم مع الوفد لم تأت بثمرة نتيجة رفض الوفد أي حكمة ائتلافية وفي تلك الفترة أيضا ساءت علاقات علي ماهر بالجانب البريطاني بسبب مسألة عزيز المصري وسيأتي الكلام عنها إلى درجة أفزعت السراي تلك كلها عوامل أضعفت موقف علي ماهر إلى درجة حتى محمد محمود افترض بقرب سقوط وزارته ونادى نفسه في 24 يناير لتناول الشاي مع السفير البريطاني في محاولة لإقناعه بأن المرشح الوحيد الصالح لتولي الوزارة إلى غير ذلك عاد موقف علي ماهر إلى السوء داخليا.

في تلك الفترة أيضا سرى بين المصريين شعور مرير بخيبة الأمل والاستياء من بريطانيا التي شعروا أنها لم تعامل حليفتها مصر معاملة تنطوي على الإنصاف رغم ما قدمته لها من مساعدات وما تحملت من تضحيات ذلك حتى المفاوضات مع بريطانيا بشأن شراء محصول القطن طالت دون حتى تصل إلى نتيجة يرضى عنها المصريون مما أثار نقدا قاسيا لموقفها. هذا الوضع كان له أثره ي مدى قدرة علي ماهر على الاستجابة للمطالب البريطانية

أما في مجال العلاقات بالجانب البريطاني فإن تلك الفترة شهدت تدهورا حادا في تلك العلاقات ذلك حتى صالح حرب وزير الدفاع وعزيز علي المصري رئيس أركان حرب الجيش واصلا سياسة تمكين السيطرة على الجيش والحد من سيطرة البعثة العسكرية البريطانية عليه لذلك لم تكن توصياتها تقابل دائما بترحاب يضاف إلى ذلك حتى عزيز المصري كما يقول جميع من لامبسون وويلسن قائد القوات البريطانية كان يعتبر دائما أمام ضباط الجيش المصري عن إعجابه بالعسكرية الألمانية ويقلل من شأن الجيوش البريطانية والفرنسية وقد انتهى الأمر بالجانب البريطاني إلى حتى طلب في 29 ديسمبر 1939 تنحية عزيز المصري عن منصبه ولم يكن علي ماهر ليستطيع حتى لوأراد حتى يستجيب إلى هذا الطلب ببساطة وسهولة نظرا لضعف مركزه ولمكانة عزيز المصري وسمعته وعلى العكس من ذلك فقد استغل الطلب بذكاء للحصول على شعبية تدعم مركزه الضعيف فاتبع سياسة المماطلة بأن وعد بتنحيته في فبراير ثم جعل أخبار المطالب البريطانية تتسرب إلى الصحف التي أثارت الأمر باعتباره تدخلا في شئون مصر الداخلية واعتداء على سيادتها وتمهيدا لإعادة منصب السردار البريطاني كما صورت موقف علي ماهر بأنه موقف وطني يقاوم بنجاح تعدي بريطانيا على استقلال مصر.

ثارت لذلك أزمة أدت إلى تدخل الخارجية البريطانية لتأييد موقف سفيرها مما اضطر علي ماهر إلى تأكيد وعده بتنحية عزيز المصري عن منصبه في فبراير وقد نفذ وعده حينئذ فمنحه أجازة لمدة ثلاثة أشهر ونصف تمهيدا لإحالته إلى المعاش

لم يكن موضوع عزيز المصري هوالسبب الوحيد للأزمة حينئذ هناك مسببات أخرى منها زيارة علي ماهر للسودان فقد وجه حاكم عام السودان إليه دعوة غير معتمدة في أول الأمر، لزيارة الخرطوم ويبدوحتى علي ماهر استغل تلك الدعوة أيضا للحصول على شعبية فحاول توسيع نطاق تلك الزيارة واصطحاب وفد كبير من الوزراء وأعضاء البرلمان والصحفيين كما أخذت الصحف تخط عنها وعن وضع السودان استاء الجانب البريطاني لذلك فأخذ يضع شروطا وتعطل توجيه الدعوة رسميا حتى يتعهد علي ماهر باتباعها وقد انتهت الأزمة بأن قرر علي ماهر أنه لم يكن يعتزم ن يدعوإلى زيارة السودان معه أحد من أعضاء البرلمان أوالصحفيين وأنه لن يصحب معه سوى اثنين من الوزراء المهتمين بأمور السودان وهما وزير الأشغال ووزير الدفاع بعد ذلك وجهت الدعوة إلى علي ماهر وتمت الزيارة في النصف الأخير من فبراير وكان لتصريحات علي ماهر وصالح حرب في السودان ولبرقياتهما من السودان ولما نشر في الصحافة خلال الزيارة وبعدها آثار سيئة لدى الجانب البريطاني

تلك كانت العوامل التي استجدت في فترة ديسمبر يناير وأدت إلى قيام الأزمة بين علي ماهر والجانب البريطاني لكن بالإضافة إلى ذلك كانت هناك عوامل موجودة من قبل مثل انتشار النادىية لصالح الألمان، والجوالمعادي للبريطانيين في السراي وبعض تطورات اعتبرها لامبسون ذات صبغة شبه فاشية مثل الجيش المرابط وتنظيمات الطلبة

هناك عاملان جعلا لامبسون ينظر إلى تلك الأزمة نظرة خطيرة أحدهما أنه افترض حتى تصرفات علي ماهر وزملائه بالإضافة إلى الجوالمعادي لبريطانيا في السراي تمثل حملة عن سوء قصد ضد بريطانيا وأن تلك الحملة نجحت في خلق جوعام نشأ وانتشر انتشارا واسع النطاق ضد البريطانيين أما العامل الثاني فهوحتى لامبسون كان يرى حتى الشعب المصري يسبب الحرب التي عثر نفسه مشتبكا فها نتيجة محالفتة لبريطانيا أخذ يعاني كثيرا من المتاعب ويتحمل كثير من الأعباء بسبب ثقل وطأة الضرائب وارتفاع الأسعار وأنه إذا وقع فوق ذلك محاولات مصطنعة من جانب الحكومة لإثارة شعور العداء لبريطانيا وعدم الثقة بها فمن الواضح حتى مسرح الأحداث يصبح معدا لمتاعب يحتمل حتى تثور عاجلا أوآجلا

إلى غير ذلك عاد علي ماهر في تلك الفترة يعاني ضعف موقفه في الداخل وسوء علاقاته بالجانب البريطاني.

إزاء هذا كان على علي ماهر حتى يتحرك لتحسين وضع وزارته سواء في المجال الداخلي أومع الجانب البريطاني لذلك فقد تراجع عن سياسة التودد إلى الوفد وعمل على إصلاح علاقاته مع السعديين وفي انتخابات فرعية جرت في الجيزة في أواخر يناير فاز المرشح السعدي بسهولة على منافسه الوفدي بفضل مساعدة الحكومة، بل حتى علي ماهر في مارس يردد محاولة سابقة لضم الدستوريين إلى وزارته لكنه فشل في ذلك وفي يناير واصل جهوده لزيادة شعبيته بالقيام بزيارة للوجه القبلي وفي أواخر فبراير قام بزيارة السودان.

أما في المجال الخارجي فقد عمل على تحسين علاقاته بالجانب البريطاني فاستجاب إلى مطالب لامبسون ومنح عزيز المصري في فبراير أجازة لمدة ثلاثة أشهر ونصف تمهيدا لإحالته إلى المعاش ونقل الإشراف على الجيش المرابط إلى وزارة الدفاع.

هذا الاتجاه من علي ماهر جعل لامبسون رغم نظرته الخطيرة إلى تصرفات علي ماهر وزملائه يستمر على رأيه السابق بشأن وزارة علي ماهر والموقف بوجه عام فيرى أنه:

كما وقع في تقاربه منا في نوفمبر الذي أشرنا إليه في البند التاسع أعلاه، يجب علنيا حتى نقابل في منتصف الطريق على الأقل تقارب حديث من جانبه.. ولا يوجد الآن خلف مناسب عملا لعلي ماهر وهونشيط وفعال على أية حال فصحة محمود باشا ليست جيدة إلى الحد الذي يبعث على الثقة بأنه على قدر من القوة تمكنه من تولي الحكم في هذه الأوقات العصيبة ولن يوافق الملك فاروق على عودة الوفد إلى الحكم علاوة على حتى الوفد لا يزال عمليا مجردا من الكفاءات الإدارية يضاف إلى ذلك حتى قيام حكومة فعالة غير حزبية برئاسة الدكتور حافظ عفيفي باشا على سبيل المثال ليس أمرا عمليا الآن، من جهة لأن الملك فاروق لا يميل لمثل هذه الحكومة ومن جهة أخرى لأن الأحزاب الممثلة في البرلمان ليست على استعداد للتضحية بمغانم الحكم ومن جهة ثالثة لأن الدكتور حافظ عفيفي باشا أوأي إنسان من مشربه لن يقبل رئاسة الوزارة إلا بضمانات لا يمكن توفيرها الآن ضد تدخل السراي.

ومع حتى استمرار الوزارة الحاضرة في الحكم يظهر ضروريا ف الظروف الحاضرة إلا حتى احتمالات المستقبل القريب لا تبدومشجعة فالوزارة لا تستند إلى شيء سوء تأييد الملك فاروق الذي اهتزت هيبة في البلاد بسبب سلوكه ولا يزال الوفد حائزا على تأييد الجماهير كما ظهر بوضوح في الانتخابات الفرعية في الإسكندرية التي أشرنا إليها في البند رقمستة أعلاه ولا يزال الوفد أكثر صداقة لنا من السراي ومن وزارة علي ماهر باشا لكن طول إقصاءه عن الحكم واستمرار التعسف الملكي والاستبداد الحكومي في ظل الأحكام العهدية كفيل في النهاية بتوجيه الاستياء العام نحونا إذ نعتبر مسئولين عن بقاء نظام غير محبوب في الحكم حتى عودة الوفد إلى الحكم رغم عيوبه الإدارية يحتمل حتىقد يكون الحل الأمثل من ناحية مصلحتنا في الاحتفاظ بالشعب المصري إلى جانبنا والقضاء على نادىية العدووفيما عدا ذلك فإن الأمل الوحيد في تحسن الأحوال يظهر كامنا في إصلاح أساس للملك فاروق الذي يعتبر أساس المتاعب حتى تغييرا كهذا لا يحتمل حدوثه طالما بقي علي ماهر المستشار الوحيد الذي يسمع إليه الملك علينا حتى نفكر في الحكومة التي نفضل حتى تقوم بدلا من حكومة علي ماهر باشا في حالة سقوطه، ومن المؤكد حتى مركزه قد ضعف مؤقتا على أية حال نتيجة ما أرغم عليه من التضحية بعزيز المصري باشا

واضح من هذا حتى لامبسون في أوائل فبراير 1940 كان لا يزال عند رأيه الذي أبداه في أوائل أكتوبر 1939 وهوحتى علي ماهر يجب حتى يمضى، لكن تحول دون تحقيق هذا الهدف مشكلتان هما عدم وجود بديل مناسب وممكن له، والاصطدام بالملك فاروق الذي يؤيد علي ماهر وكان لامبسون لا يزال يرى حتى خروج علي ماهر من الحكم مع عودته إلى رئاسة الديوان الملكي لنقد يكون حلا حقيقيا للموقف وأن المشكلة الحقيقية في مصر هي الملك نفسه والحل الحقيقي في رأيه هوخروج علي ماهر من الحكم من دعوته إلى رئاسة الديوان وإجبار الملك فاروق على تغيير مسلكه وإسناد الوزارة إلى سياسي على جانب من المقدرة ومتعاون مع الجانب البريطاني مثل حافظ عفيفي وهناك حل آخر يعتبره الحل الأمثل لأن يكسب به الشعب المصري إلى جانب بريطانيا هوعودة الوفد إلى الحكم وقد أدى تطور الأحداث بالجانب البريطاني إلى فرض هذين الحلين بنفس الترتيب الذي ذكرناه في 27 يونيو1940 وأربعة فبراير 1942.

مذكرة الوفد

في أواخر مارس 1940 تجمعت عدة عوامل دفعت بالوفد إلى اتخاذ سياسة نشطة فيما يختص بالعلاقات المصرية البريطانية كانت معضلة القطن على حالها لم تقدم بريطانيا الحل الذي يرضى عنه المصريون بل أنها غيرت الإفادة من أوضاع الحرب فعرضت شراء الجانب من المحصول الذي كانت تشتريه دول الأعداء بثمن دون ما ارتفع إليه ثمن القطن في الأسواق يضاف إلى ذلك تردي الحالة الاقتصادية والمالية وثقل الأعباء التي فرضتها ظروف الحرب وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار مما أثقل كاهل المصريين وخزانة الدولة دون حتى تعني الحليفة بأن تقدم لمصر تسهيلات مالية كما قدمت لدول أخرى لا يربطها بها تخالف مثل رومانيا تلك كلها عوامل أثارت سخط المصريين على بريطانيا يضاف إلى ذلك ضعف مركز وزارة علي ماهر الذي أبرزه بوجه خاص خلاف علي ماهر مع السعديين والأزمة بينه وبين الجانب البريطاني في يناير 1940 حين كان مصير وزارة علي ماهر في مهب الريح ونشط المتطلعون لخلافتها في أواخر مارس أيضا وضح حتى الصدام الحقيقي بين ألمانيا والحلفاء الغربيين على وشك حتى يبدأ.

حينئذ نشط الوفد لتصدر الصف الوطني ومطالبة بريطانيا بتحديد موقفها من مصر فقدم مصطفى النحاس باسم الوفد والهيئة الوفدية البرلمانية إلى السفير البريطاني في أول أبريل 1940 مذكرة تتضمن عددا من المطالب.

بدأت المذكرة بإثبات إخلاص الشعب للحليفة في وقت شدتها وللديمقراطية في إبان محنتها حفيظا على شرف العهد غير متردد في حتى تقوم مصر بواجبها كاملا رغم تكاليف هذا الواجب وأعبائه بل وأخطاره وذلك برغم الانقلاب الدستوري في ديسمبر 1938الذي أقصى فيه الشعب وحكومته عن إدارة شئون البلاد والذي باركته الحليفة واستغلته لصالحها رغم أحكام المعاهدة في نصها وفي روحها لذلك ما كاد الوالدولي يضطرب وتبدوفي الأفق نذر الحرب حتى أعرب رئيس الوفد حتى مصر تمد يدها إلى الشعب الحليف وأن واجب الشرف يقضي على جميع مصري حتى يعضد الحليف ويشد من أزره، وأن يتجنب جميع مناوأة تعتبر طعنا في ظهره ذلك كان موقف ولا يزال موقف الشعب المصري ومسلكه وقد تحملت مصر الأمة الصغيرة وتتحمل عن حليفتها الكثير من أعباء الحرب وأوزارها ما كاد يودي بمرافقها وينقض ظهرها إذا فقدت الميزانية توازنها ونفذ الاحتياطي الحكومي وأصبحت البلاد تعاني أزمة مالية تقرب من الكارثة.

وقد ألمحت المذكرة إلى حتى بريطانيا لم تقدر لمصر ما قامت وتقوم به بل بالعكس حاولت استغلال الظروف القائمة فوضعت العقبات في وجه تصدير محصول القطن والحاصلات الأخرى ولم تشتر محصول القطن بل عرضت شراء جزء منه بثمن منخفض وفي لقاء قبول نظام الحصص الذي يضر بالاقتصاد المصري، كما حاولت حتى تحول البنك الأهلي المصري وهوبنك انجليزي إلى بنك مركزي للدولة يضاف إلى ذلك حتى بريطانيا هي التي طلبت إعلان الأحكام العهدية، مما أفسح المجال لاستغلالها من جانب الحكومة القائمة ضد إرادة الشعب حتى أصبح المصريون في عهد الاستقلال وكأنهم آلة عمياء، صماء لا يسمع لهم صوت في تصريف شئون بلادهم، ولا يدرون إلى أي مصري هم مسوقون، بل ولا قدرة لهم على الشكوى مما هوإليه مسوقين.

وأشارت المذكرة إلى ما ترتب على ذلك وهوالحالة الخطيرة التي صارت إليها البلاد وهي بعد لم تستهدف إلى الخطر الأكبر الذي قد يحدث رابضا على أبوابها وإلى الخوف من استهداف المحالفة المصرية البريطانية إلى أزمة روحية خطيرة بدت ويا للأسف بعض بوادرها بين أفراد الشعب المصرين بل وامتدت إلى غيره من الشعوب العربية والشرقية.

لذلك فإن الوفد المصري يطلب إلى بريطانيا حتى تحدد موقفها منأن وأن تقوم هي من المحالفة وتطبيقها بالنصيب الذي قمنا به وذلك بالاستجابة إلى المطالب التي تقدم بها وهي:

أولا: حتى تصرح الحكومة البريطانية الحليفة من الآن أنه عندما تضع الحرب الحالة أوزارها ويتم عقد الصلح بين الأمم المتحاربة، تنسحب من الأراضي المصرية القوات البريطانية جميعأن سواء في ذلك القوات المعسكرة قبل الحرب أوبعدهأن وأن تحل محلها القوات الحربية المصرية، على حتى تظل المحالفة فيما عدا ذلك قائمة بين الطرفين بالأوضاع المبينة فيها وقد استند الوفد في ذلك إلى استحالة بناء ما نصت عليه المعاهدة بالإضافة إلى ما أصبح عليه الجيش المصري من قوة بعد زيادة عدده وتسليحه مما يجعله قادرا على حتى يحل محل القوات البريطانية المنصوص عليها في المعاهدة كما حتى ما قام من تعاون بين الجيش المصري والبريطاني وبين الأمتين لا يتفق مع بقاء قوات بريطانية في مصر.

ثانيا: عند التسوية النهائية بإذن اله يجب حتىقد يكون مصر طرفا فيها وأنقد يكون لها اشتراك عملي ف مفاوضات الصلح للدفاع عن مصالحها والعمل على تحقيق أغراضها معنوية كانت أومادية.

ثالثا: بعد انتهاء مفاوضات الصلح يجب حتى تدخل انجلترا ومصر في مفاوضات يعترف فيها بحقوق مصر كاملة في السودان لمصلحة أبناء وادي النيل جميعا.

رابعا: فيما يختص بالأحكام العهدية المعلنة الآن في مصر بناء على طلب الخليفة، نطالب الخليفة بالتنازل عنها تنازلا تاما وإخطار الحكومة المصرية بهذا التنازل وما من شك في حتى الحكومة البريطانية إذا ما أعربت تنازلها عن مطالبها بصدد الأحكام العهدية لم تجد الحكومة المصرية مسوغا لإبقائها وأصبح الأمر فيها على أي حالة بين الحكومة المصرية والشعب المصري يفصلان فيه ويسويان حسابه.

خامسا: لفتت المذكرة نظر الحكومة البريطانية إلى خطورة تصرفاتها في المسائل الاقتصادية والمالية مثل معضلة القطن ونظام الحصص والبنك المركزي.

وقد ختم الوفد مذكرته بأن هذه هي مطالب الديمقراطية المصرية إلى حليفتها الديمقراطية

كان أثر مذكرة الوفد كبيرا سواء في مصر أوعلى الجانب البريطاني في مصر بلورت هذه المذكرة شعور غالبية الشعب المصري وحددت أمانيهم وأبرزتها وجمعتهم حولها وبذلك تصدر الوفد الحركة الوطنية في لقاءة الجانب البريطاني وجميع الصف الوطني خلفه حول مطالب معينة تصلح أساس لسياسة تحرر وطني كان لذلك أثره على القوى السياسية المتنوعة في مصر فمصر الفتاة والحزب الوطني أيدا موقف الوفد أما السراي وعلي ماهر والسعديين والدستوريين فقد عارضوه انصبت المعارضة على الشكل لا المضمون على أساس أنه ما كان يجوز للوفد حتى يتقدم بمطالبه إلى دولة خارجية مدعيا أنه وحده يمثل الشعب وأن الحكومة القائمة لا تمثله بالإضافة إلى حتى الوقت غير مناسب لمطالبة بريطانيا بشيء أما المضمون فلم تكن أية قوة سياسية تجرؤ على معارضته بطبيعة الحال حتى لا تبدومتخلفة عن الوفد في تبني المطالب الوطنية فأحمد ماهر على سبيل المثال رغم تأييده علنا لقيام تضامن مصري بريطاني قد تبنى فكرة حتى تسليح الجيش المصري يجعل من الممكن جلاء الجيوش البريطانية تماما بعد انتهاء الحرب.

ولا شك حتى هذه المعارضة من جانب القوى المعادية للوفد، وبخاصة علي ماهر والسعديين ترجع أيضا إلى مذكرة الوفد قد غلت يدها في تعاملها مع الجانب البريطاني بذلك التحديد الذي وضعته للمطالب الوطنية ومطالبة بريطانيا بقبولها حتى يستمر التعاون المصري البريطاني بمقتضى معاهدة التحالف يضاف إلى ذلك حتى المذكرة تضمن تعبير الوفد أوالديمقراطية المصرية عن صداقته للديمقراطية البريطانية وعتابها على موقفها من الانقلاب الدستوري في ديسمبر 1937 مع ما يتضمنه ذلك من رغبة الوفد في إنهاء الوضع غير الديمقراطي القائم وإعادة السلطة إلى الشعب والقوة السياسية التي تمثله أي إلى الوفد يغلب حتى هاليفاكس كان يشير إلى ذلك حين نطق في رده على المذكرة حتى قرارات الوفد محاولة مقصودة للعب دور في السياسة الداخلية.

على أية حال فإنه مما يوضح قوة الأثر الذي هجره نشر مذكرة الوفد حتى الحكومة منعت بعد ذلك نشر جميع ما يتصل بالموضوع سواء في ذلك تلغرافات التأييد لما تضمنته المذكرة أورد الجانب البريطاني عليها ورد الوفد على ذلك الرد

أما أثر المذكرة على الجانب البريطاني وانطباعه عنها فنجده في تقارير لامبسون وفي رد هالفاكس عليها أما هاليفاكس فقد عبر عما سببته مذكرة الوفد للحكومة البريطانية من ألم وأنها تعتبرها محاولة مقصودة من جانب الوفد لكي يلعب دورا في السياسة الداخلية وأنها تعتبرها محاولة مقصودة من جانب الوفد لكي يلعب دورا في السياسة الداخلية وأنها تؤدي إلى إعادة النظر في المعاهدة وتدخل بريطانيا في السياسة الداخلية في مصر والطعن فيما تتخذه بريطانيا من وسائل للضغط الاقتصادي على ألمانيا وأضاف هالفاكس حتى بريطانيا تحارب من أجل سلامة الأمم الصغيرة وأنه لوانتصر العدوفإن الاحتمالقد يكون قليلا في مناقشة مستقبل مصر ضمن حدود ديمقراطية وطلب هاليفاكس حتى يعمل النحاس باشا على التخفيف من أثر الحركة غير السديدة التي قام بها الوفد ويقول لامبسون في تقريره:

(أدى ظهور الوفد في الميدان السياسي بسياسة قومية متطرفة إلى تأكيد مكانته وقدرته على المشاغبة إذا بيان الوفد الذي يتضمنه الخطاب الذي سلمه النحاس باشا إلى في أول أبريل قد يتضح أنه يمثل نقطة تحول في تاريخ العلاقات المصرية البريطانية بعد المعاهدة حتى طلب الوفد انسحاب قواتنا من مصر عند إقرار السلام يظهر أنه قد أصبح الأساس النظري للسياسة المصرية فالدكتور أحمد ماهر باشا الذي كان بوجه عام حصيفا جميع الحصافة في الأمور الدولية قد أصبح الآن يتبنى علينا بعبارات ولوأنها دبلوماسية وسليمة إلا أنها أقرب إلى لافهم مما يقول الناس باشا مضمون النظرية التي يقول بها الوفد وهي إذا إعادة تسليح مصر على نطاق واسع بسبب متطلبات الحرب ينبغي حتى يجعل من الممكن حتى تجلوقواتنا جميعا عن مصر عند إقرارا السلام بدلا من انسحابها إلى منطقة القناة إلا أنه يقرن ذلك بتصريحات تدعوإلى الإعجاب عن التضامن المصرية الإنجليزي أرجع إلى نص خطابه في رسالتي رقم 460 في ثلاثة مايو) أما علي ماهر باشا فليس له أتباع في البلاد وقد قام بنشاط وطني للحصول على شعبية مثل زيارته للسودان وزياراته التي تميزت بالديماجوجية للأنطقيم لكنها لم تهجر أثرا كبيرا لذلك فهولا يستطيع حتى يهجر المعارضة تفوقه في إثبات وطنيتها والوفد بتك الحركة التي قام بها سيضطره إلى التحرك قبل الأوان فقد كانت تنسب إلى علي ماهر خطط كتلك التي تضمنها بيان الوفد وكان الاعتقاد العام أنه ينتظر حتى يتمكن من تقوية مركزه وإضعاف مركزنا قبل حتى يفصح عن خططه بطريقة علنية لكن الوفد انتزع الآن مكان الصدارة في هذا المجال ونظرا لنفوذ الوفد الواسع وتنظيماته المنتشرة في أنحاء البلاد فإنه يظهر حتى الاحتمال الغالب هوحتى الصراع السياسي الداخلي قد يدور حول معضلة إجراء تعديلات كبيرة في المعاهدة عند إقرار السلام مع ما يصاحب ذلك عادة من مزايدات تقوم بها الأحزاب فيما تتقدم به من مطالب وطنية.. لقد عادت الراية الوطنية ثانية إلى يد الوفد وقد يجد علي ماهر باشا نفسه في نفس الوضع الذي كانت الحكومات المتنوعة المعارضة للوفد تجد نفسها فيه في فترة ما قبل المعاهدة أي وضع المضطر إلى تجنب الظهور بمظهر العقبة القائمة في طريق الأماني الوطنية هناك تحيز ضد الأجانب في جميع دولة تخضع للاحتلال الأجنبي وهذا التحيز قد زاده شدة مناورات حزب وطني يتمتع كالوفد بتأييد غالبية الشعب.

إن أي نجاح في إثارة شعور عدائي ضد البريطانيين في مصرقد يكون له أثره خارج مصر أيضا وقد أفصح بكل جلاء عن عزمه على جر الأمم الشرقية الأخرى إلى حملته ضد بريطانيا ولا يزال الوفد يتمتع بمنزلة كبيرة في العالم العربي وأية محالة منظمة منه لاستغلال ما يشعر به الفلسطينيون والسوريون من ظلم ستزيد الشعور ضد الحلفاء في العالم العربي كما تزيد من المصاعب التي تقابلها جميع من بريطانيا العظمى وفرنسا في وضع البلاد العربية تحت جناحها

واضح من هذا التقرير الأهمية الكبيرة التي يعلقاها لامبسون على بيان الوفد والأثر الذي هجره، واعتقاده أنه زاد من قوة الوفد، وقوى قبضته في قيادة الحركة الوطنية في لقاءة بريطانية وواضح أيضا حتى هذا أدى إلى قلق لامبسون وتخوفه من عدة نواح، فمن جهة رغم حتى الوفد أكثر صداقة لبريطانيأن إلا حتى أطول إقصاء عن الحكم واعتباره حتى بريطانيا مسئولة عن استمرار نظام حكم غير شعبي، قد جعله أخيرا يلجأ إلى إثارة المتاعب ومهاجمة السياسة البريطانية وفي وقت تزايد فيه الشعور المعادي لبريطانيا في مصر نتيجة الحالة الاقتصادية والمالية ونتيجة سياسة عليم ماهر ومن جهة أخرى فإن ما تقدم به الوفد من مطالب سيجعل موقف الوزارة القائمة في الحكم صعبا بين اضطراها إلى مراعاة هذه المطالب التي أصبحت تشكل أساسا للسياسة الوطنية، ومراعاة المطالب البريطانية في نفس الوقت يضاف إلى ذلك حتى تحرك الوفد ضد السياسة البريطانية سيثير المتاعب لكل من بريطانيا وفرنسا في المشرق العربي.

خط لامبسون تقريره هذا في أوائل مايوحينئذ ألمانيا قد اجتاحت السويد والدانمرك وفشلت القوات البريطانية في هزيمة الألمان في النرويج وبد واضحا حتى الدور على غرب أوروبا الذي لن يهجر هادئا مدة طويلة وقد ضاعف هذا من قلق لامبسون بسبب موقف الوفد وخط في نفس التقرير يقول:

أن تطور الشعور المعادي لبريطانيا في العالم المصري العربي إنما يعتمد أساس على تقلبات الحرب ونجاح ألمانيا حتى الآن قد ساعد أكثر من أي نادىية ألمانية في الاعتقاد بأن أداة الحرب الألمانية أقوى منا بكثير لوانتهت جهودنا ضد القوات الألمانية في النرويج إلى الفشل فإن هذا سيشجع العناصر المعايدة لبريطانيا تلك العناصر التي يكبح جماحها حتى نحرز فوزا في تلك البلاد

الخلاصة أنه قبيل هجوم الألمان في الميدان الغربي فيعشرة مايو1940 كان الوضع في مصر كالآتي:

- علي ماهر والسراي يواصلان محاولة تحسين العلاقات مع الجانب البريطاني بسبب ما يقابله علي ماهر في الداخل من مشكلات سياسية واقتصادية ومالية.

- شعور العداء لبريطانيا وعدم الثقة بها يتزايد نتيجة الحالة الاقتصادية والمالية وأعباء الحرب ومشكلة القطن بالإضافة إلى سياسة علي ماهر وبيان الوفد، وأخيرا فشلها أمام الألمان في النرويج.

- يعيد الوفد عرض صداقته على بريطانيا وفي نفس الوقت يشن حملة على سياستها في مصر ويتقدم إليها بمطالب وطنية محددة.

- لامبسون عند رأيه في عدم الثقة بعلي ماهر ويغلب أنه عند رأيه في حتى علي ماهر يجب حتى يمضى على ألا يعود إلى رئاسة الديوان وإن كانت مسألة التخلص من وزارته مسألة وقت وظروف لعدم وجود خلف مناسب ومقبول سواء من الجانب البريطاني في مصر وقد يدفعها إلى فرض رئيس وزراء ورئيس ديوان مناسب على الملك والملك هومعضلة مصر الأساسية.

- يرى لامبسون حتى الوفد أكثر صداقة لبريطانيا من علي ماهر والسراي وهوقلق من نتائج حملة الوفد الأخيرة على السياسة البريطانية لذلك فيغلب أنه عند رأيه في حتى الحل الأمثل هوعودة الوفد إلى الحكم لأن ذلك يكفل تكتل المصريين خلف بريطانيا وهذا أمرا أساس نظرا لاقتراب خطر الحرب.

إبعاد علي ماهر عن السلطة:

كان شهر مايوالذي وضع تقرير لامبسون المشار إليه في أوائله حافلا بالأحداث الجسام في مجال الصراع بين جميع من ألمانيا وبريطانيا وحلفائهما وأخذ الموقف الدولي يتحرك عسكريا وسياسيا بسرعة خاطفة وضعت ألمانيا وبريطانيا وحلفائها وأخذ الموقف الدولي يتحرك عسكريا وسياسيا بسرعة خاطفة وضعت ألمانيا حدا للركود في الجبهة الغربية بهجومها الكبير فيعشرة مايوعلى جبهة طويلة تضم جيرانها: هولندا وبلجيكا وفرنسا سقطت هولندا بعد أربعة أيام وفي 17 مايونجح الألمان في اختراق شمال فرنسا للوصول إلى الساحل عند مصب نهر somme وبذلك شطروا جبهة الحلفاء إلى قسمين شمالي ويضم بلجيكا وجزء من شمال فرنسا وجنوبي ويضم باقي فرنسا ي 25 مايوساء الموقف بحيث تقرر إجلاء القوات الإنجليزية والفرنسية عن القطاع الشمالي وفي 28 مايوبدأت عملية دنكرك الشهيرة التي انتهت في 2يونيوبإجلاء من نجا من القوات البريطانية وفي 4يونيوبإجلاء القوات الفرنسية في ذلك القطاع الشمالي وفي 28 مايوبدأت فهمية دنكرك الشهيرة التي انتهت في 2يونيوبإجلاء من نجا من القوات البريطانية وفي أربعة يونيوبإجلاء القوات الفرنسية في ذلك القطاع إلى بريطانيا وفي 28 مايوأيضا سلمت بلجيكا وفي نفس الوقت سحبت بريطانيا قواتها من النرويج بعد بدء الهجوم الألماني فاكتملت سيطرة ألمانيا على تلك البلاد إلى غير ذلك سقطت هولندا وبلجيكا وشمال فرنسا بعد سقوط النرويج والدنمرك وأصبحت القوات الألمانية تسيطر على أكثر من نصف سواحل أوروبا الغربية وتقابل بريطانيا عبر بحر الشمال والقناة الإنجليزي وساء موقف الحلفاء بوجه عام وفرنسا بوجه خاص وقد انتهى الأمر بهزيمة الحلفاء في فرنسا وسقوط باريس في 14يونيووطلب بيتان الهدنة ف 17 يونيووكانت القوات البريطانية في فرنسا قد بدأت عملية الجلاء الثانية بعد دنكرك في 14 يونيو.

وخلال مايوأيضا أخذ موقف إيطاليا من الحرب الدائرة ينجل بالتدريج في 13 مايوبعد حتى اتضح رجحان كفة ألمانيا أعرب موسوليني حتى إيطاليا لا تستطيع حتى تقف بعيدا عن صراع يقرر مصير أوروبا ورد على نداء تشرشل في 16 مايولحقن الدماء بأن إيطاليا ستفي بالتزاماتها التي تفرضها المعاهدة الإيطالية الألمانية، أي مثياق الفولاذ وبذلك تأكد حتى موسوليني سيدخل الحرب في الوقت المناسب وفي ثلاثة يونيوقرر كونت شيانو، وزير الخارجية الإيطالي حتى موسوليني قرر خوض الحرب ضد فرنسا وقد دخلت إيطاليا الحرب ضد فرنسا عملا فيعشرة يونيو.

إلى غير ذلك أصبح واضحا منذ منتصف مايوحتى دخول أيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا مسألة وقت وأصبح واضحا أيضا في أواخر مايوحتى دخولها الحرب مسألة أيام وأن انسحاب فرنسا من الحرب أمر غير مستبعد وقد تحقق جميع ذلك في النصف الأول من يونيووأصبحت بريطانيا تقابل منفردة ألمانيا المنتصرة والمسيطرة في أوروبا وتقابل إلى جانبها إيطاليا منذ 17 يونيو.

كان دخول إيطاليا الحرب يعني بالنسبة لبريطانيا فتح ثلاث جبهات جديدة مباشرة معها في مصر والسودان والصومال بالإضافة إلى تهديد مواصلاتها في البحر المتوسط، وكان لهذا الخطر وزنه الكبير في هذه الظروف وقبل حتى تتضح القيمة العسكرية للقوات الإيطالية.

كان طبيعيا حتىقد يكون لذلك صداه القوي في مصر خاصة وقد نشطت النادىية الألمانية والإيطالية وسائلها الإذاعة العربية من راديوبريلن وراديوباري ومفوضية إيطالية نشطة في القاهرة تساعدها جالية إيطالية من حوالي 60أو70 ألف

ونشطت العناصر المعادية لبريطانيا والتي ترى في فوزات ألمانيا طريقا إلى الخلاص من النفوذ البريطاني فأخذت مكانة من النفوذ البريطاني فأخذت مكانة بريطانيا في مصر تتدهور وأخذت تنشر فكرة عدم دخول الحرب بل واتخاذ موقف الحياد بين الأطراف المتحاربة وأخذت هذه الاتجاهات تقوى مع توالي فوزات ألمانيا ولا شك حتى السياسة التي اتبعتها بريطانيا تجاه مصر منذ قيام الحرب والأضواء التي سلطها عليها بيان الوفد قد ساعدت على ذلك إذا أخذ يتضح حتى مصر لن تكسب شيئا من فوز بريطانيا لتسمك الأخيرة بالقيود التي تضعها المعاهدة على استقلالها مصر أما إذا انتصرت ألمانيا وإيطاليا وهوالأمر الذي بدا مرجحا حينئذ فإن حساب مصر سيكون عسيرا على قدر انحيازها إلى جانب بريطانيا.

كان طبيعيا أيضا حتى ينتاب القلق لامبسون وأن يتحرك للقاءة الموقف وتبين نوايا السلطات المصرية وقد تحرك في اتجاهين: في 25 مايوقابل علي ماهر وفي خلال حديثهما أبلغه أنهم يتسقطون حتى تدخل مصر الحرب إلى جانب بريطانيا لواشتبكت الأخيرة في حرب مع إيطاليا فرد علي ماهر بأنه لوسقط هجوم على مصر من أراضي إيطالية فإنها تعتبر حربا دفاعية ولا يحتاج الأمر إلى الرجوع إلى البرلمان أما إذا كانت حربا خارج الأراضي المصرية فإنها تعتبر حربا هجومية ويجب الرجوع إلى البرلمان بمقتضى الدستور وحينما ألح عليه لامبسون وأشار إلى حتى الهجوم قد يحدث خير وسيلة للدفاع رجاه علي ماهر حتى لا يصر على إثارة الأمر قبل حتى تدخل إيطاليا الحرب ثم اشرا إلى أنه لووقع ذلك فلا يرى كيف من الممكن أن يمكن ألا تهاجم إيطاليا مصر مع وجود الأسطول البريطاني في الإسكندرية والقوات البريطانية في مصر إلى غير ذلك حاول علي ماهر إرضاء لامبسون لكنه لم يرتبط بشيء في نفس الوقت.

في تلك اللقاءة حذر لامبسون علي ماهر مما يروج له الإيطاليون وهوحتى مصر من مصلحتها حتى تظل خارج الحرب لواشتبكت إيطاليا مع بريطانيا وفي أول يونيوقابل الملك وأثار معه موضوع تزايد مؤامرات الإيطاليين ووجود فكرة التزام مصر موقف الحياد بين بعض الطبقات.

أما الاتجاه الآخر فهومحاولة التدخل لتقوية مركز الوزارة فيما لواضطرت إلى الذهاب إلى البرلمان للحصول على موافقته على حرب هجومية أي خارج مصر ضد إيطاليا وذلك بنصيحة علي ماهر حتى يعمل على إدخال عناصر أخرى إلى الوزارة واتصاله ببعض الوسطاء لبحث فكرة السعي لتسوية الخلافات بين النحاس وأحمد ماهر لتحقيق نفس هذا الهدف واضح من هذا حتى لامبسون حينئذ كان قد تخلى عن فكرة حتى علي ماهر يجب حتى يمضى في لقاء موافقته على دخول الحرب.

تلك علي أية حالة كانت محاولات لتمهيد الأراضي وتبين النوايا إذ كان دخول إيطاليا الحرب لا يزال احتمالا للمستقبل للمستقبل لذلك فإن هاليفاكس لم يحبذ محاولات لامبسون الضغط على الملك ورئيس الوزراء للالتزام مقدما بدخول الحرب لأن الأحداث لن تهجر لهم فرصة لتجنب دخولها كما أنه لم يحبذ تدخله بشأن توسيع نطاق الوزارة، وأشار إلى أنه يفضل عدم اللجوء إلى استخدام نفوذ السفارة إلا إذا ساءت الأمور إلى حد كبير

لكن شكوك لامبسون لم تلبث حتى ثارت حين أخذت جرائد على اتصال بالسراي والوزارة مثل البلاغ تناقش موضوع دخول إيطاليا الحرب وعدم دخول مصر إلا إذا هوجمت أوهددت مصالحها يضاف إلى ذلك حتى مراد سيد أحمد وزير المفوض في روما قابل كونت شاينوفي 30 مايووتحدث إليه على مسئوليته الخاصة عن اتجاه الحكومة المصرية إلى إعلان حيادها وقد شجع كونت شيانوهذا الاتجاه ويبدوحتى نشاط مراد سيد أحمد في هذا الموضوع لم يقتصر على تلك اللقاءة ووصلت أخبار ذلك إلى الجانب البريطاني لذلك فقد قابل لامبسون علي ماهر في 5يونيو، وأثار مسألة ما ينشر في الجرائد من هذا النوع ونطق أنه وسيلة لإعداد الرأي العام لفكرة عدم دخول الحرب وعبر عن ارتيابه في حتى علي ماهر يشجع نشر هذه الآراء ونطق حتى واجب الملك والحكومة هوإعطاء التوجيه السليم للشعب وطالب بأن يعملوا على حتى يظهر في الصحف الموضوعات التي تخدم هذا الغرض وليس مجرد منع نشر الأفكار الخطرة والمضللة تطرق من ذلك إلى نشاط مراد سيد أحمد ونطق أنه يعمل في روما على حياد مصر ويبدي عدم ولاء متعمد للتحالف القائم بينها وبين بريطانيا وطلب إليه حتى يوقف نشاط وزيره في روما وخلص لامبسون من ذلك إلى التساؤل عما إذا كان علي ماهر يخدع بريطانيا مع إيطاليا وقد نفي الأخير مسؤوليته عن منطقات الصحف وأنكر حتى مراد سيد أحمد يقوم بالنشاط المذكور، وليس لديه تعليمات بذلك على أية حال وأنكر أنه يخدع بريطانيا وأكد ولاءه، وأن جميع ما هناك أنه يريد حتى يعمل بطريقته الخاصة وقد لاحظ لامبسون عن هذه اللقاءة أنه يوجد رأي منتشر وبخاصة في الدوائر العليا حتى علي ماهر يخدع بريطانيا ومع أنه لم يبد منه ما يشير على ذلك إلا أنه مشهور بأنه متآمر

إلى غير ذلك عادت إلى لامبسون أفكاره القديمة عن علي ماهر بأنه متآمر ومراوغ ولا يمكن الوثوق به أوالاعتماد عليه وعادت إليه شكوكه في ميله نحوالمحور.

لذلك فإن علاقات علي ماهر بلامبسون منذ قيام الحرب مع إيطاليا حتى خروجه من الوزارة يمكن حتى نقسمها إلى ثلاث فترات: فترة تأكد الشكوك في تعاونه وولائه، وفترة إقناع الحكومة البريطانية بضرورة التخلص منه، ثم فترة العمل على طرده من الوزارة.

بدأت الفترة الأولى مباشرة بقيام الحرب فقيامها استدعى حتى يحدد علي ماهر موقف مصر من الحرب بين بريطانيا الحليفة وإيطاليا الجارة القريبة، وقيامها استدعى حتى تتقدم بريطانيا إلى مصر بمطالب كان من الاستجابة لها تحديدا لموقف علي ماهر وموقف مصر.

بمجرد إعلان موسوليني الحرب على بريطانيا أوفد هاليفاكس إلا لامبسون يؤيده في حديثه مع علي ماهر يوم 5يونيو، وأي حديث يجربه معه ليؤكد له حتى الحكومة البريطانية تعتبر فكرة حياد مصر فكرة خاطئة ومضللة حيث أنها ستضطر بالتأكيد إلى اتخاذ مصر قاعدة لعملياتها الحربية إلى غير ذلك حدد هاليفاكس وضع مصر والدور الذي ينتظر منها حتى تلعبه وكان ذلك يعني في ضوء رسائله السابقة دخول مصر الحرب إلى جانب بريطانيا.

في اليوم التالي قابل لامبسون علي ماهر ونقل إليه وجهة نظر هاليفاكس ولفت نطره إلى موقفه السابق من موضوع دخول مصر الحرب وذلك بأنه لنقد يكون في حاجة إلى الرجوع إلى البرلمان لوهوجمت مصر واعتبرت الحرب حربا دفاعية، وأنه سيحتاج إلى الرجوع إلى البرلمان لوكانت الحرب خارج مصر واعتبرت حربا هجومية وأشار لامبسون إلى حتى تأكيدات علي ماهر بالإضافة إلى ذلك قد جعلته هووهاليفاكس يثقان بأنه سيقرر دخول الحرب على أية حال وبغض النظر على النواحي القانونية لكن علي ماهر حاول التملص من أي التزام وأشار إلى أنه قابل سيلا من الناس طوال اليوم يتساءلون لما يجلب الدمار على البلاد بإعلان الحرب إذا لم يكن لديه سوىخمسة آلاف مقاتل ليدفع بهم إلى الجبهة وقد نفي لامبسون صحة هذه الأرقام وحين عليم أنه ذاهب إلى اجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة الموضوع وسيلقي بعدة تصريحات في البرلمان أشار إلى أنه يجب عليه حتى يقوم بلده ويقود الراي العام في الطريق السليم وأن يعمل ذلك في أي تصريح يلقى به في البرلمان وطالب بأن يخرج من مصر وزير إيطاليا المفوض وموظفوا المفوضية وحتى يتم ذلك تحاط المفوضية والقنصلية بنطاق (كوردون) يمنع أي اتصال بينهما والخارج.

كان انطباع لامبسون سيئا عن موقف علي ماهر خلال اللقاءة فنطق أنه سيئ النية وأنهم إذا لم يتبعوا مع الملك أسلوبا قويا فإنه سيستغفلهم وأشار إلى حتى الحاجة قد تدعوإلى اتخاذ إجراء سريع في هذه الحالة يرى لامبسون أنه ينبغي الإصرار على تشكيل وزارة أكثر تمثيلا للقوى السياسية المتنوعة وعلى رأسها سياسة يقف إلى جانب بريطانيا بولاء مثل حسن سري أوحافظ عفيفي وهناك غيرهم يثق لامبسون حتى الملك سيعارض في هذا الطلب ويجب حتىقد يكون الجانب البريطاني مستعدا للقاءة معارضته وذلك بتخييره بين الموافقة والتنازل عن العرش وقد اقترح لامبسون الأمير محمد علي ليخلفه فهوموال لبريطانيا ويمكن الاعتماد عليه.

تلك هي نفس الفكرة التي عرضها لامبسون في أوائل أكتوبر 1939 وهي حتى علي ماهر يجب حتى يمضى عاجلا أكثر منه آجلأن وأن العقبة في سبيل تحقيق ذلك هي عدم وجود بديل مناسب من جهة واحتمال قيام لقاءة قد يؤدي في النهاية إلى إنزال فاروق عن عرشه، وهوأمر لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا وقع تهديد خطير لمصالح بريطانيا ومركزها في مصر ولا شك حتى إعادة عرض الفكرة واقتراح أسماء من يخلفون علي ماهر في الوزارة وفاروق على العرش يوضح الخطورة التي ينظر بها لامبسون إلى موقف علي ماهر.

تلك على أية حال كانت مجرد فكرة يطرحها لامبسون دون حتى يطالب بتطبيقهأن فإن علي ماهر لم يكن قد حدد موقفه بطريقة حاسمة بعد كان مفروضا حتى يتحدد موقف مصر في جلس مجلس الوزراء مساء يوم 11 وأن يلقى علي ماهر بتصريح في مجلس النواب في نفس المساء يعلن فيه ذلك الموقف لكن يظهر حتى مناقشات المجلس طالت وتأجل إلقاء تصريحه في البرلمان إلى صباح اليوم التالي وكان طبيعيا حتى تطول مناقشات المجلس فقد كان هناك اتجاهان يطرحان نفسيهما: أحدهما عدم دخول الحرب ويؤيده تصريح موسوليني بأن إيطاليا لت تعتزم جر الشعوب الأخرى التي تجاورها برا وبحرا إلى الصراع أما الاتجاه الآخر فهودخول الحرب إلى جانب بريطانيا يطالب به لامبسون باسم معاهدة التحالف وقد انتهى المجلس على أية حال إلى الموقف الذي أعربه علي ماهر في مجلس النواب يوم 12يونيو.

بالإضافة إلى ذلك هناك عامل آخر استجد وجعل لامبسون يخفف من غلوائه، ويغير مركز الثقل في ضغطه على الجانب المصري من موضوع دخول مصر الحرب إلى موضوع ولاء علي ماهر للحليفة وتطبيق ما يتقدم به الجانب البريطاني من مطالب وإن كان لم يتخل عن موضوع دخول مصر ذلك حتى هاليفاكس بعث إليه في يوم 11 يونيوبوجهة نظر الخارجية ومضمونها حتى عدم دخول مصر الحرب لا يخلومن فوائدة بشرط أنه يمكن الاعتماد على حتى الحكومة المصرية ستتخذ على وجه السرعة جميع ما يطلب إليها اتخاذه من إجراءات لازمة لسلامة القوات البريطانية لذلك يحسن عدم الضغط عليها لدخول الحرب وهجرها لتقرر ما تراه بنفسها

لذلك فحين قابل لامبسون علي ماهر في صباح 12 يونيووفهم منه بمضمون التصريح الذي سيلقيه في مجلس النواب في نفس اليوم متضمنا حتى مصر ليست ملزمة بدخول الحرب ولن تدخلها إلا إذا هوجمت لم يعترض لامبسون على ذلك، ولم يضغط لدخول مصر الحرب وإن كان قد نطق أنه مادامت مصر في النهاية ستدخل الحرب إلى جانب بريطانيا فلا يهم كيف من الممكن أن يتم ذلك وهوفي هذا يعتمد على تأكيدات علي ماهر المتعددة بشأن دخول الحرب وقد أشار إلى حتى القوات الإيطالية اجتاحت في اليوم السابق نقطة حدود مصرية جنوب السلوم، وهذا يحل لرئيس الوزراء معضلة الحرب الدفاعية لكن لامبسون في نفس الوقت ضغط بشدة لترحيل وزير إيطاليا المفوض، وموظفي المفوضية، وهدد بأنه إذا لم يتم ذلك في الحال فإنه ستحدث تطورات محرجة

واتىت جلسة مجلس النواب يوم 12 يونيووتصريح علي ماهر فيها بما زاد من استياء لامبسون وارتيابه في علي ماهر، فقد صرح الأخير بأن المعاهدة لا تلزم مصر بدخول الحرب وأنها ستكتفي ببتر العلاقات الدبلوماسية مع إيطاليا ولن تعلن عليها الحرب إلا إذا اعتدت عليها بإحدى الطرق الآتية:

1- إذا غزت القوات البريطانية الأراضي المصرية مبتدئة.

2- إذا ضربت إيطاليا المدن المصرية بالقنابل.

3- إذا شنت غارات جوية على مواقع الجيش المصري.

وخلال الجلسة صرح علي ماهر بأن وزير إيطاليا المفوض كان قد سأله إذا كان إيطاليا لا تهاجم مصر فهل تعلن مصر الحرب عليهأن فأجاب بالنفي ثم أبلغ السفير البريطاني بما دار من حديث.

ويلاحظ حتى ما أساء لامبسون من تصريحات علي ماهر أمران.

اشتراط عدم إعلان الحرب إلا إذا غزت القوات البريطانية الأراضي المصرية مبتدئة فإن ذلك يقلل من فرض دخول مصر الحرب لأنه يعني أنه لوحتى القوات البريطانية هي التي تبدأ الهجوم على الأراضي الليبية ثم ترد القوات الإيطالية الهجوم وتطارد القوات البريطانية في الأراضي المصرية فإن مصر لا ترى في ذلك ما يدعوإلى دخولها الحرب لأن القوات الإيطالية ليست هي البادئة وقد لاحظ لامبسون بوجه خاص حتى إسماعيل صدقي أول من نادى إلى فكرة حياد مصر والذي يعتبره عميلا إيطاليا قد وافق على تصريح علي ماهر تماما الموافقة وهذا ما يزيد من ارتياب لامبسون واستيائه، يضاف إلى ذلك حتى علي ماهر حرف حديثه مع الوزير الإيطالي إذ كان السؤال إذا كانت إيطاليا لا تهاجم مصر فهل تهاجمها مصر فرد علي ماهر بأن مصر في هذه الحالة لا تهاجم إيطاليا وقد اعتبر لامبسون هذا التحريف سوء نية ودليل آخر على تصميم علي ماهر على عدم دخول الحرب

تأكدت مخاوف لامبسون فيما يختص باعتزام علي ماهر عدم دخول الحرب وهومطلب لم يتخل عنه هووإن لم يصر عليه لأن هاليفاكس كان قد تخلى عنه وقد شرح موقفه لهاليفاكس يوم 14 يونيوقائلا أنه يوافق على حتى عدم دخول مصر الحرب قد يحدث مفيدا لنا بشرط حتى يمكن الاعتماد علي قيام الحكومة المصرية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لسلامة قواتنا المسلحة وإن تتخذها في الحال لكن الواقع على أية حال هوأنها لا تتخذ تلك الإجراءات إلا بعد تردد وبعد اللجوء إلى مختلف وسائل المراوغة والمماطلة والخطر الإيطالي الداهم يؤدي من جهة إلى تزايد حاجتنا الملحة إلى سرعة العمل ويؤدي من جهة أخرى إلى زيادة تردد رئيس الوزراء في تطبيق مطالبنأن طالما بقيت سياسته على حالها الآن وهذا وضع لا يمكن هجره يستمر دون التعرض لمخاطر جسيمة

منطق لامبسون إذن هوالآن كما كان أيام معضلة إعلان مصر الحرب على ألمانيا حتى إعلان مصر الحرب على إيطاليا ضمان لتعاون الحكومة المصرية بولاء مع الجانب البريطاني لأنه يحسم الموقف ويبتر خط الرجعة على أية حركة موالية للمحور، ويوجد الجهود ويوجهها في اتجاه الحرب ويحول دون أي تخاذل أوتردد في الاستجابة لمتطلبات الحرب سواء من جانب المدنيين أوالعسكريين المصريين هذا المنطق يمكن التغاضي عنه في حالة وزارة ولاؤها مضمون وتعاونها مع بريطانيا وعداؤها للمحور مؤكد، كالحال مع وزارة وفدية أووزارة يرأسها أحمد ماهر الذي رضي لامبسون تمام الرضا عن موقفه الموالي لبريطانيا في جلسة مجلس النواب يوم 12 يونيولكنه ينطبق تماما على وزارة علي ماهر الذي أصبح لدى لامبسون ما يقرب من اليقين بعد ما وصله من معلومات عن نشاط مراد سيد أحمد في روما ومماطلات علي ماهر في تطبيق بعض مطالب لامبسون أنه يتبع سياسة ذات وجهين بين بريطانيا وإيطالي

أما وقد اضطر لامبسون نتيجة موقف هاليفاكس إلى التخلي عن طلب دخول مصر الحرب ضد إيطاليا فقد بدأ منذ 13يونيويتبع سياسة جديدة تتفق مع توجيهات الخارجية البريطانية وتحقق نفسا الغرض وهوولاء وتعاون الحكومة المصرية الكاملة اتجه لامبسون إلى تشديد الضغط على علي ماهر لتطبيق طلبات بعينها وهي طلبات تخدم مصالح بريطانيا السياسة والعسكرية من جهة ويؤدي تطبيقها من جهة ثانية إلى سوء العلاقات بن علي ماهر وإيطاليا بما يمنع قيام تفاهم بينهمأن على حساب بريطانيا كما يؤدي عدم تطبيقها إلى كشف موقف علي ماهر بما يؤدي إلى طرده من الوزارة والحصول على وزارة تتعاون بولاء مع الجانب البريطاني أي أنها سياسة إحراج وتوريط لعلي ماهر.

عندما قابله أحمد حسنيني باشا يوم 13 يونيوعبر له لامبسون عن استيائه من موقف علي ماهر في جلسة مجلس النواب في اليوم السابق ومن موقفه بشأن موقف الصحافة المصرية من مسألة وضع مصر في الحرب بين بريطانيا ومن نشاط مراد سيد أحمد في روما ونطق إذا المهم في الأمر هوألا توضع أية عقبات في طريق مجهود بريطانيا الحربي وأن تتخذ الحكومة المصرية جميع الإجراءات الضرورية التي تطلب السلطات العسكرية البريطانية اتخاذها وأن تحرم التجارة مع إيطاليا أوالتعامل معها بأي شكل من الأشكال حفاظا على مقتضيات الأمن في الداخل ونطق إنه لونفذ رئيس الوزراء ما يريدون، فإنهم سيقبلون التعامل معه، لكن حين يتضح أنه يخدعنا مع الإيطاليين فإن سيكون علي الملك فاروق لصالحه ولصالح بلاده حتى يتصرف وكلفه بتحذير الملك من الأخطار المقبلة

وفي نفس اليوم خط إلى هاليفاكس عن المطالب التي لا يزال علي ماهر مترددا في إجابتها وهي:

(أ‌) ضرورة اعتنطق من لا يزال طليقا في الأملان بسرعة رجالا كانوا أونساء وذلك بسبب نشاط الطابور الخامس.

(ب‌) ضرورة القيام في الصحف والإذاعة بنادىية مضادة للنادىية الإيطالية ومع حتى رئيس الوزراء قد وعد ذلك فإن يعيق القيام بما وعد.

(ت‌) ثم إطلاق سراح بعض من تجاوز اعتنطقهم من الإيطاليين بالمخالفة لما طلبناه.

(ث‌) هناك كما يشير على عدم الرغبة في العمل طبقا لما نريده من إيقاف جميع أنواع التعامل تجاريا وماليا مع إيطاليا ومصادرة المؤسسات الإيطالية في مصر وتجميد الحسابات الإيطالية في البنوك المحلية كما وقع مع ألمانيا عند قيام الحرب رئيس الوزراء لم يوافق بعد على ذلك رغم استعداد وزير المالية حسين سري للتعاون في هذا المجال.

(ج‌) يعارض علي ماهر بعناد تعين حكام عسكريين بريطانيين لثلاث مناطق عسكرية، ويحاول لامبسون حتى يجد حلا بديلا.

أضاف لامبسون إنه يكاد لا يوجد شك في حتى علي ماهر يتبع سياسة ذات وجهين بين بريطانيا وإيطاليا وإنه يعمل على تسهيل الأمور للإيطاليين وإنه يتلاعب بطريقة مقلقة فيما يختص بالجيش المصري ونطق إنه يعتزم حتى يقوم باحتجاج قوي على موقف الحكومة المصرية من تلك المطالب

في اليوم التالي قابل لامبسون علي ماهر وأثار معه النقاط التي لم يكن الأخير قد استجاب إلى طلباته فيها:

طلب سرعة رحيل المفوضية والقنصلية الإيطالية وحتى يتم ذلك طلب حتى تحاط المفوضية والقنصلية بنطاق كوردون يمنع أتصالها بالناس في الخارج على أساس حتى رجال المفوضية يعملون على نشر شعار عدم والولاء لبريطانيا وقد رد علي ماهر بأن إحاطتها بكوردون أمر غير طبيعي ولا داعي له لكن لامبسون أصر ونطق إنه يطلب ذلك رسميا باعتباره ضرورة حربية.

أثار لامبسون بعد ذلك موضوع اعتنطقات الإيطاليين فأشار إلى حتى سبعة ممن كانوا قد اعتقلوا أطلق سراحهم وطلب ألا يطلق سراح أي معتقل إيطالي دون الرجوع إلى السلطات العسكرية البريطانية ثم نطق إنه سيطلب اعتنطق جميع الإيطاليين الذين في سن الخدمة العسكرية باعتبار ذلك ضرورة حربية فنطق علي ماهر إذا من أطلق سراحهم أطباء دعت حاجة العمل في المستشفيات الإيطالية إليهم ولم يلتزم بشيء في شأن الطلب الثاني لكنه نطق إنه يحتمل أنه يتحمل شخصيا المسئولية عن أي إيطالي طليق السراح ووعد باتخاذ أي إجراءات يلزم لضمان سلامة القوات البريطانية لكن نطق إنه لن يتخذ إجراءات. ليس لها من نتيجة سوى إثارة السخط.

واشتكى لامبسون من حتى رئيس الوزراء لم يف بما تعهد به من إعطاء التوجيه السليم للصحافة ولا يزال من المحال نشر منطقات ضد الإيطاليين في الجرائد وقد رد علي ماهر بأنه منح تعليمات لمحمود عزمي (الرقيب) بالتعاون مع السفارة وأنه غير مسئول عن الاتجاهات المعادية لبريطانيا في الجرائد لكن لامبسون عاد وأكد حتى علي رئيس الوزراء وحكومته حتى يوفروا للمصرين قيادة قوية أما خديعتهم يجعلهم يظنون حتى في استطاعتهم البقاء خارج الحرب بعد حتى دخلتها إيطاليا فهوأمر ضار بالمصريين وببريطانيا وقد تجاوز حتى أقر حملته أنه يستبعد حدوث ذلك وقد علق عل ماهر قائلا إذا الظروف تغيرت.

وأكد لامبسون خطورة نشاط الطابور الخامس واشتكى من حتى عددا كبيرا من الألمان لا يزالون طلقاء، فرد علي ماهر بأن وكيل وزارة الداخلية قد تم تخويله السلطة الكاملة للتصرف في هذا الموضوع وما يمثله بالاتفاق مع الجانب البريطاني ونفي أنه يكن أية نوايا لوضع العقبات في طريقه.

ثم حث السفير على حتى هناك ضرورة عاجلة لأن يطبق علي إيطاليا البلاغ رقمستة الذي فرض حالة الطوارئ فيما يختص بألمانيا إذ ينطق إذا الأموال الإيطالية تتدفق خارج من مصر ولا تزال التجارة مستمرة مع إيطاليا وقد وعد رئيس الوزراء بتوقيع الإعلان المطلوب بعد حتى يغادر وزير إيطاليا المفوض مصر.

وقد ضغط السفير على علي ماهر ليصدر في الحال البلاغات اللازمة لتعيين حكام عسكريين بريطانيين لثلاث مناطق حربية قائلا إذا القائد العام يحتاج إلى غطاء قانوني لأية إجراءات يرى اتخاذها وقد رد علي ماهر حتى هذا إجراء لا يمكن قانونا اتخاذه إلا بعد إعلان الحرب فحذره لامبسون بأنهم إذا لم يحصلوا على ما يريده القائد العام فإن الوضع سيكون خطيرا وإنه يحاول حتى يستمهل القيادة العليا لتسوية الموضوع وديا.

وأشار لامبسون إلى أنه تصله تقارير عن الفساد الذي أخذ ينشر في الجيش المصري نتيجة للموقف الذي تقفه مصر في إيطاليا ونطق إنه إذا لم تتوفر له القيادة القوية، ويتلقى تعليمات بالتعاون تعاونا كاملا مع حليفة مصر فإنه سيفقد قيمته كقوة محاربة.

وختم لامبسون بأن لفت نظر عليم ماهر إلى موقف وزارته في الصيف الماضي حين رفضوا إعلان الحرب على ألمانيا ونطقوا إنه لودخلت إيطاليا الحرب فلن تظل مصر خارجها.

وخلال اللقاءة نطق علي ماهر إنه يدين بالولاء لشعبه ولنفسه فقط، وحين رد لامبسون إنه يدين بالولاء للمعاهدة أيضا نطق علي ماهر إنه ينفذ المعاهدة نصا وروحا وزيادة ونطق إذا ما يطالب به لامبسون لا يمثل سوى 1٪ مما طالب به بمقتضى المعاهدة وأن باقي الطلبات قد تم تطبيقها.

وقد علق لامبسون على نتيجة اللقاءة قائلا إذا موقف علي ماهر مما تقدم به من طلبات كان إما المراوغة أوعدم التعاون الصريح وأنه حين يعد فإنه لا ينفذ ما يعد به ونطق إذا السبب في ذلك يرجع إلى طبيعة علي ماهر التي لا تمكنه من العمل باستقامة لكن أبرز من ذلك هوخوفه من إثارة ألمانيا وإيطاليا في وقت بدت فيه الموازين مائلة بشكل كبير ضد الحلفاء وأن سياسته هي الحصول على شعبية عن طريق عدم دخول الحرب بشعب قد أفزعه شبحها.

ثم علق لامبسوعلى توجيهات هاليفاكس بأن عدم دخول مصر الحبر قد يحدث مفيدا لبريطانيا فنطق إنه يوافق على هذا بشرط أنه يمكن الاعتماد على قيام الحكومة المصرية بتطبيق الإجراءات اللازمة لسلامة القوات البريطانية وأن تنفذها في الحال لكن الواقع أنها لا تنفذ إلا بعد تردد شديد وبعد اللجوء إلى جميع وسائل المراوغة والمماطلة ونطق إذا الخطر الإيطالي الداهم سيؤدي من جهة إلى تزايد حاجة الجانب البريطاني الملحة إلى سرعة العمل ومن جهة أخرى سيؤدي من جهة إلى تزايد حاجة الجانب البريطاني الملحة إلى سرعة العمل ومن جهة أخرى سيؤدي إلى زيادة تردد رئيس الوزراء في الاستجابة للمطالب البريطانية طالما بقيت سياسته على حالها وتلك حالة لا يمكن السماح باستمرارها دون التعرض لأخطار جسيمة

وهذا مهد لامبسون لما أوفد يقول لهاليفاكس في اليوم التالي وهوحتى علي ماهر يجب حتى يمضى وبسرعة

كانت لقاءة يوم 14 يونيوهي لقاءة العمل الأخير بين لامبسون وعلي ماهر ونلاحظ حتى ظروف الحلفاء كانت عصيبة وقت اللقاءة ففي نفس اليوم ولج الألمان باريس، وبعدها بيومين تولى بيتان السلطة وطلب الهدنة، وأصبح تسليم بريطانيا في نظر الكثيرين مسألة وقت.

كان لهذا تأثيره على الجوالذي ساد اللقاءة فقد سادها التوتر وكانت صداما حقيقيا بين لامبسون وعلي ماهر اتخذ إلى حد ما صيغه الاتهام والطلب الملح من جانب لامبسون والدفاع والرفض العنيد أحيانا من جانب علي ماهر موقف الحلفاء هذا يوضح صواب رأي لامبسون من حتى السبب الأساسي في موقف علي ماهر هوالخوف من إثارة ألمانيا وإيطاليا كما أنه يوضح قول علي ماهر حين قابله لامبسون بما سيخطه إلى هاليفاكس عن موقفه من المطالبة البريطانية إذا ولاءه لشعبه ولنفسه فقط، وقوله إذا الظروف قد تغيرت حين لفت لامبسون نظره إلى رأيه السابق بأن مصر ستدخل الحرب لودخلتها إيطاليا ويلاحظ على كثير من مطالب لامبسون وبخاصة تلك التي رفضها علي ماهر حتى الغرض منها إما توريط علي ماهر مع الإيطاليين بما يؤدي إلى سوء العلاقات بين مصر وإيطاليا أوإلى الحرب مثال ذلك طلب عزل المفوضية الإيطالية تفتيشها وتفتيش رجالها أونقل السلطات في المناطق التي تهم السلطات العسكرية البريطانية إلى تلك السلطات بما يضمن لها حرية العمل.

والحق حتى اللقاءة كانت صداما بين ولائين: ولاء علي ماهر لشعبه ولنفسه وقد رأى مصلحة مصر في البقاء خارج الحرب وعدم إساءة علاقاتها بدولتي المحور مع التزام حدود المعاهدة مع الحليفة ورأى مصلحته في الحصول على شعبية بالتمشي مع الاتجاه السائد وهوتجنب مصر مخاطر الحرب وولاء لامبسون لبلاده في ساعة محنتها وقد رأى صالحها في التوسع في تفسير التزامات مصر بمقتضى المعاهدة لتصبح إلزاما لمصر بتطبيق جميع ما يطلبه الجانب البريطاني وقد ألمح علي ماهر للامبسون خلال اللقاءة عن ذلك بقوله إذا ولاءه لشعبه ولنفسه فقط، ورد لامبسون بأن ولاءه للمعاهدة أيضا وعاد علي ماهر إلى نفس المعنى حين شرح في مجلس الشيوخ يوم 24 يونيوسياسته وأسباب الخلاف بينه وبين الجانب البريطاني قائلا إذا بعض طلبات الجانب البريطاني كانت تؤدي بذاتها أوبمجموعها إلى حالة الحرب المقرر تفاديها ونشأ الخلاف ويتلخص جوهر الخلاف الحال في التعارض بين مصلحة الدولتين فكل منا كان يعمل بما يمليه عليه الولاء والإخلاص لوطنه

في 15 يونيوأوفد لامبسون إلى هيالفاكس بما انتهى إليه رأيه بشأن وزارة علي ماهر فنطق إذا الأمور قد ساءت إلى حد خطير:

1- فجميع الشواهد تدل على حتى الموقف يتدهور بسرعة وقد وصلتني رسائل يائسة من جميع من محمد محمود والنحاس باشا بأنه يجب حتى يمضى علي ماهر وأن يمضى بسرعة لإنقاذ البلاد ويؤسفني حتى هذا هوما وصلت إليه بنفسي بعد تردد فلا يوجد ظل للشك في حتى علي ماهر غير متعاون ولا يعتمد عليه وأنه جدير بالاحتقار الشديد فلم يقم بتوجيه الرأي العام إلى الطريق السليم رغم وعوده المتكررة بحيث أصبحت أعتقد أنه لم يكن في الحقيقية يعتزم حتى يعمل ذلك على الإطلاق لا نستطيع ولا تستطيع مصر حتى تبقيه في الوزارة أكثر من ذلك.

2- لذلك فإنا ومن عندي من مستشارين مقتنعون بأن خير طريقة هي حتى نسأل النحاس باشأن باعتباره أبوالمعاهدة والرجل الذي لا يزال مسيطرا على الرأي العام، عن رأيه في أنسب وزارة تخلف الوزارة القائمة وعند سؤاله سيراعي التأكيد على ضخامة المسؤولية التي تتحملها أية وزارة، وما يعنيه ذلك من مزايا تتمتع بها وزارة تضم ممثلين لعناصر أخرى إلى جانب الوفد يوجد من الأسباب ما يدفعني إلى الاعتقاد حتى بعض تلك العناصر مستعدة للتعاون مع النحاس باشا وهناك غير وفديين يعتبر تعاونهم مفيدا لنا وللنحاس باش من الناحية الإدارية.

3- لكن الأمر الذي له الأهمية هوأنه يجب حتى يحدث تغيير وزاري دون تأخير وأنا مستعد لقبول وزارة وفدية خالصة لوفضل النحاس باشا ذلك لأن اعتقادي أنه هونفسه سيعمل معنا بولاء رغم جميع أخطائه فهومقتنع بالخطر الإيطالي ويكره الدكتاتورية وأعتقد أنه ينظر إلى بريطانيا العظمى باعتبارها أمل مصر الوحيد.

4- سنحتاج إلى اتخاذ موقف الحزم مع الملك لكن الجنرال ويفل الذي يشاطرني الرأي في حتى تغيير الوزارة في الحال أصبح الآن أمرا أساسيا مستعد لشد أزري إذا استدعى الأمر ذلك لكن أيا منا على أية حال لا يعتقد حتى الملك سيصمد في وجهنا لقد تضاءلت شعبيته وكثير من المصريين مستاءون من مجونه وعدم مراعاته للمسئولية ومن الضروري بطبيعة الحال حتى يمنع علي ماهر من العودة إلى السراي حيثقد يكون أكثر خطرا منه في منصبه الحالي.

5- لذلك فما لم تصلني تعليمات أخرى أقترح إذا أمكنني حتى أتصل به لأنه هوأيضا في الإسكندرية حتى أفاتح النحاس باشا طبقا لما اقترحت عاليه، وذلك في مساء 17 يونيو..

وفي نفس اليوم عاد إلى الضغط على هاليفاكس لسرعة التخلص من علي ماهر فنطق إذا حسين سري حثه على التخلص من علي ماهر في الحال وأكد له حتى علي ماهر لا يعمل مع الجانب البريطاني بولاء وأنه لولا الخوف من الأثر الذي يحدث في البلاط لاستنطق هووبعض زملاءه في الحال ونطق لامبسون إذا الجنرال ويفل يتفق معه في أنه ينبغي العمل في أقرب فرصة وأشار إلى حتى الملك فاروق عاد إلى القاهرة وأنه يشعر حتى التواني في العمل يحمل مخاطر كبيرة لذلك فإذا لم تصله تعليمات أخرى في الصباح التالي فإنه سيطلب لقاءة الملك في المساء.

وأضاف لامبسون إنه إذا سأل النحاس باشا عما إذا كان إعلان الحرب شرط مسبق لقبول العرض البريطاني فإنه سيجيبه بالنفي بشرط حتى يتعاون بولاء تعاونا كاملا لتطبيق المعاهدة نصار وروحا وهويثق حتى النحاس باشا سيفضل ذلك وأشار إلى حتى الإشاعات التي انتشرت عن أخبار سيئة من فرنسا تجعل الحاجة أشد لسرعة العمل

يغلب حتى الاتفاق الدبلوماسي والعسكريين البريطانيين في مصر، بالإضافة إلى رأي القوى السياسية التي لها وزن في مصر، الوفد والأحرار بضرورة التخلص من وزارة علي ماهر بسرعة كانت عوامل لها أثرها في موافقة هاليفاكس على آراء لامبسون يضاف إلى ذلك عوامل أخرى لها أهميتها مثل تقارير لامبسون على ضعف موقف جميع من فاروق وعلي ماهر والموقف الخطير في فرنسا حيث تغلب أنصار الهدنة في 15 يونيوووصل بيتان إلى السلطة وبدأ يطلب الهدنة في اليوم التالي

لذلك ففي 16 يونيوخط هاليفاكس إلى لامبسون يخوله حتى يقابل الملك ويطلب إليه تغيير الوزارة:

1- من الجلي حتى علي ماهر ليست لديه الشجاعة اللازمة للقاءة المصاعب والمخاطر التي لابد حتى يحملها الموقف الحالي لمصر وأنه حتى حين يوافق على مطالبنا فإنه يجعل تلك الموافقة تبدوأنها ضد تقديره ورغبته وأن متفق معك ي حتى ذلك لا يمكن حتى يستمر.

2- لذلك فأنا أخولك حتى تقول للملك فاروق حتى سياسة التردد هي أسوأ سياسة تتبع في زمن الحرب وأن تردد علي ماهر لا يتفق مع روح المعاهدة ولا يمثل شعور الشعب المصري وليس في صالح مصر في النهاية لذلك يلزم حتى تشكل وزارة أخرى.

3- ولمعلوماتك الخاصة فإنه يجب حتىقد يكون هدفنا حتى تضم الوزارة الجديدة ممثلين لأكبر عدد ممكن من العناصر وقد يحدث من الحكمة حتى نحصل لوأمكن على رئيس وزراء غير وفدي يؤيده النحاس بدلا من مفاتحة النحاس مباشرة.

4- إلى جانب عدم كفاءة الوفد الإدارية، لا ريب حتى ستقدر حتى وزارة وفدية خالصة لن تستثير عداء السراي فقط بل عداء دوائر سياسية أخرى لتعاونها قيمته، كما حتى معاكساتها قد تكون خطيرة.

5- إذا موقف القوات المسلحة المصرية ذوأهمية كبرى وأرجوحتى تحصل الوزارة الجديدة على ولائها وولاء غالبية الشعب

إلى غير ذلك اتخذ الجانب البريطاني قراره بإخراج علي ماهر من الوزارة وقبل حتى نتعرض لمعركة تطبيق هذا القرار لأن تطبيقه احتاج عملا إلى معركة عنيفة دارت بين أطراف متعددة سنتعرض لبحث بعض ما تضمنه هذا الاستطراد من حقائق وبعض النقاط التي أثيرت بمناسبة الضغط البريطاني لإخراج علي ماهر من الوزارة.

النقطة الأولى التي يجب حتى توضح هي حتى ما سمي بالتبليغ البريطاني إلى الملك فاروق لم يكن علي ماهر بعد يوم 19 يونيو، بل مساء يوم 17 في لقاءته للسفير البريطاني ولم يقابل لامبسون علي ماهر بعد يوم 14 كما أنه لم يقابل الملك بعد ذلك إلا يوم 23 حين يردد المطالب البريطانية يضاف إلى ذلك حتى لامبسون كان بالعمل قد عاد إلى التفكير في التخلص من علي ماهر يوم 11 يونيو، وقوى هذا الاتجاه لديه بعد تصريحات علي ماهر في مجلس النواب يوم 12 وتبلور هذا الاتجاه تماما لدى لامبسون واستقر عليه رأيه بعد اللقاءة العاصفة بينه وبين علي ماهر يوم 14 ثم طلب إلى هاليفاكس في اليوم التالي الموافقة على حتى يطلب إلى الملك تغيير الوزارة وصرح له هاليفاكس بذلك يوم 16 كما سبقت الإشارة أي حتى الموضوع مطروح لدى الجانب البريطاني من يوم 11 حتى استقر عليه يوم 16 وطالب به يوم 17.

خطأ التوقيت هنا له أهميته لأنه كان جانبا من أساس بنيت عليه نظرية في تفسير مسببات التدخل البريطاني ضد علي ماهر الفكرة في ذلك هي الربط بين طلب فرنسا الهدنة في 17 يونيوأي قبل التوقيت الخاطئ للتبليغ البريطاني وبين موقف جميع من علي ماهر والجانب البريطاني عملي ماهر في بيانه الذي وافق عليه مجلس النواب يوم 21 يونيوكان وفقا لتلك النظرية قد التزم الاستمرار في سياسة الحرب الدفاعية أي دخول الحرب لوهوجمت الأراضي المصرية لكنه بعد سقوط فرنسا قد رأى حتى دخول مصر الحرب ليس في صالحها حتى لوكانت حربا دفاعية وهنا اتخذ علي ماهر باشا القرار الذي يعتبر نكوصا عن قرار 12 يونيه الذي وافق عليه النواب فقد أصدر أوامره إلى القوات المسلحة المصرية المرابطة على الحدود بالارتداد إلى داخل البلاد منعا للاشتباك مع الطليان وتوريط البلاد في الحرب.. فما هومدى ارتداد القوات المصرية وفقا لأوامر علي ماهر باشا،يا ترى؟ إذا هذا الارتداد يبلغ مساحة هائلة تبلغ 230 كيلومترا وهي المسافة بين السلوم ومرسى مطروح وهذا واضح من القرار الذي اتخذته وزارة حسن صبري باشأن التي خلفت وزارة علي ماهر باشا بعدم محاربة الطليان إلا إذا تقدموا إلى مرسى مطروح فقد أشار الدكتور هيكل إلى هذا المسقط باعتباره أول مركز للقوات المصرية المسلحة في صحراء مصر الغربية.

هنا أدركت السلطات البريطانية حتى وزارة علي ماهر باشا لم تعد تصلح لمواصلة التعاون معها ذلك حتى خطورة القرار الذي اتخذته هذه الوزارة بارتداد القوات المصرية داخل البلاد لم يكن يتمثل فقط في الانتقاض على سياسة 12 يونيه التي تقضي بدخول الحرب الدفاعي وإنما تمثلت بالدرجة الأولى في هذه الوزارة لم تعد تؤمن بفوز الحلفاء وأنها أصبحت تتصرف على هذا الأساس

بغض النظر عن حتى موضوع إعطاء الأوامر للقوات بالارتداد قد لا يحمل المضمون السياسي الكبير الذي حملته هذه النظرية له فإن النقطة الأساسية التي نناقشها هنا هي فكرة حتى علي ماهر بعد سقوط فرنسا تخلى عن سياسة الحرب الدفاعية التي التزم بالاستمرار في اتباعها في بيانه يوم 12 يونيوتلك الفكرة هي الأساس الثاني لنظرية تفسير التدخل البريطاني وهذه الفكرة أيضا مثلها مثل توقيت التبليغ البريطاني بيوم 19 يونيوخاطئة ذلك أنها اعتمدت على تفسير خاطئ أوناقص لتصريح علي ماهر يوم 12 يونيوهذا التفسير هوحتى علي ماهر كان يعني دخول مصر الحرب إذا توغلت الجنود الإيطالية في الأراضي المصرية اعتداء على مصر يوجب مقاومتها له وليس حربا بين إيطاليا وبريطانية تخصهما وحدهما وعلى أساس هذا التفسير تصبح هذه السياسة استمرارا لسياسة الحرب الدفاعية ويصبح غريبا حتى يسميها علي ماهر سياسة تجنيب مصر ويلات الحرب وأن يعتبر صدقي باشا أنها تقضي بعدم دخول مصر الحرب إطلاقا

لكن الحقيقة حتى رأي علي ماهر ورأي إسماعيل صدقي يمثل التفسير السليم لتصريح علي ماهر وعلي ماهر، على أية حال أدرى بمقصده مما يقول لكن بغض النظر عن ذلك فإن التصريح بأن مصر تدخل الحرب إذا توغلت الجنود الإيطالية في الأراضي المصرية لأن هذا يعتبر اعتداء على تلك الأراضي لكن إذا بدأت القوات البريطانية بمهاجمة القوات الإيطالية في الأراضي الليبية وردت تلك القوات على ذلك بمهاجمة القوات البريطانية في مصر فإن ذلك لا يعتبر اعتداء على الأراضي لكن إذا بدأت القوات البريطانية بمهاجمة القوات الإيطالية في الأراضي الليبية وردت تلك القوات على ذلك بمهاجمة القوات البريطانية في مصر فإن ذلك لا يعتبر اعتداء على الأراضي لكن إذا بدأت القوات البريطانية بمهاجمة القوات الإيطالية في الأراضي الليبية وردت تلك القوات على ذلك بمهاجمة القوات البريطانية في مصر فإن ذلك لا يعتبر اعتداء على الأراضي المصرية، بل يعتبر ردا للعدوان وحربا بين دولتين على أراضي دولة ثالثة لا يستدعي حتى تعلن مصر الحرب على إيطاليا ويبدوحتى هذا هوما وقع عملا فإنه بمجرد حتى أعرب موسوليني الحرب فيعشرة يونيوبادرت الطائرات والقوات البريطانية كما يقول الجنرال ويلسن، بعبور الحدود ومهاجمة القوات الإيطالية التي لم تكن مستعدة للقاءتها أي حتى بريطانيا هي التي بدأت الهجوم ومما يؤيد حتى هذا التفسير هوعملا ما كان يقصده علي ماهر بتصريحه ذلك الاهتمام الشديد بالحصول على موافقة الجانب البريطاني على مشروع إعلان القاهرة مدينة مفتوحة، وإخراج الأهداف العسكرية منها فإن ذلك لوتم يقلل مجالات الاحتكاك مع إيطاليا وفرص اضطرار مصر لدخول الحرب بسبب الغارات الجوية على المدن المصرية كتصريحه في 12 يونية .

وفقا لهذا التفسيرقد يكون علي ماهر قد تخلى عن سياسة الحرب الدفاعية واتبع سياسة ألا حرب أوتجنيب مصر ويلات الحرب في تصريحه يوم 12 يوينه ويغلب حتى لامبسون قد فهم ذلك فقد تغير موقفه من علي ماهر تغيرا كبيرا بعد يوم 12 ولولا توجيهات هاليفاكس له بعدم الإصرار على دخول مصر الحرب لكان رد العمل لديه أسرع وأوضح وأشد عنفا وبذلك لاقد يكون طلب الجانب البريطني التخلص من علي ماهر مرتبطا ذلك الارتباط المباشر الذي تصوره تلك النظرية بموضوع تغير موقف علي ماهر من دخول الحرب. هذا يقودنا إلى النقطتين التاليتين في هذا التحليل للموقف وهما طلب الجانب البريطاني دخول الحرب وأسباب طلبه التخلص من علي ماهر.

فيما يختص بالنقطتين التاليتين في هذا التحليل للموقف، وهما طلب الجانب البريطاني دخول الحرب، وأسباب طلبه التخلص من علي ماهر.

فيما يختص بالنقطة الأولى روايتان: رواية علي ماهر التي يقرر فيها حتى الحكومة البريطانية طلبت منه اشتراك مصر في الحرب لكنه لم يقبل ذلك وتلميحه بأن هذا سبب طلب تغييرا لحكمة والتجأ ممثل الحليفة إلى الوسائل العتيقة التي كانت تعهدها هذه البلاد قبل إمضاء المعاهدة أما الرواية الأخرى فنطق بها الجانب البريطاني في تصريح لمصدر رسمي بريطاني يوم 20 يونيووهي أنها لم تعمل لإرغام صر على إعلان الحرب ويرى الدكتور عبد العظيم رمضان حتى هذا النفي انصب على فكرة الإرغام دون الطلب وواضح مما تقدمنا به من سرد لمجرى الأحداث وهومأخوذ من الوثائق البريطانية حتى هذا الرأي سليم وإن كان يمكن حتى نضيف إليه حتى الجانب البريطاني سرعان ما تخلى تماما عن هذا الطلب منذ 12 يونيولذلك فلا داعي لما أصر عليه علي ماهر، والدكتور عبد العظيم من الربط المباشر بين عدم دخول الحرب وطلب التخلص من علي ماهر ويبدوحتى علي ماهر لم فطن في أول الأمر إلى هذا التغيير في الموقف البريطاني تغيير حقيقي أوأنه استوعب ذلك لكنه واصل التلميح إلى الضغط البريطاني لإعلان الحرب كسلاح في حملته التي أثارها على السياسة البريطانية بعد التبليغ البريطاني ليكس شعبية وتأييدا.

وحقيقة الأمر حتى كلا من لامبسون وهاليفاكس كان يريد حتى تدخل مصر الحرب وأنه طلب إلى علي ماهر بالعمل حتى يعلن الحرب وهنا اختلف موقف الرجلين:

هاليفاكس يرى حتى تهجر مصر لتقرر بنفسها دخول الحرب دون ضغط أما لامبسون فيرى الضغط لحمل علي ماهر على إعلان الحرب لكنه اضطر إلى الكف عن ذلك بعد حتى وصلته توجيهات هاليفاكس.

أما عن مسببات طلب الجانب البريطاني التخلص من علي ماهر فينبغي حتى نلاحظ حتى الطب كما تقدم به لامبسون إلى هاليفاكس في يوم 15 يونيولم يكن مجرد إخراج علي ماهر من رئاسة الوزارة بل تضمن أيضا عدم عودته إلى السراي في منصب رئيس الديوان الملكي الذي كان لا يزال شاغرا لأنه كان يرى حتى علي ماهر في ذلك المنصبقد يكون أشد خطرا منه في منصب رئيس الوزراء لأنه سيجعل قيام أي رئيس وزراء بعمل محالا أي حتى المطلوب إبعاد علي ماهر تماما عن السلطة وليس عن رئاسة الوزارة فقط.

قيلت عدة آراء في مسببات ذلك الطلب أوالتبليغ البريطاني وقد تعرضنا فيما تجاوز لما رآه الدكتور عبد العظيم رمضان وهوحتى الأسباب المباشرة هي مسببات ثانوية وتتعلق بالإجراءات الخاصة بالرعاية الطليان في مصر وأسباب رئيسية وتتعلق بمسألة اشتراك مصر في الحرب وربط ربطا قويا بين سقوط فرنسا وسياسة علي ماهر بعد دخول الحرب وبين التبليغ البريطاني وقد تعرضنا لهذا النظرية وأوضحنا أنها بنيت على أسس لا تتفق مع الحقيقة فيما يختص بتلك الأسباب الرئيسية وإن كان هذا لا يمنع حتى تكون سليمة فيما يختص بغيرها من أسباب.

أما الجانب البريطاني، فإن تصريحاته المعلنة تنفي أنه ضغط على مصر لإعلان الحرب ويفهم منها حتى سبب التبليغ البريطاني هوحتى علي ماهر لم يعمل على تطبيق المعاهدة مع بريطانيا نصا وروحا وشجع ما يعرقل العمليات الحربية البريطانية هذا التصريح سليم فيما يختص بموضوع عدم الضغط لإعلان الحرب لكنه يتنافى مع إشادة لابمسون كثيرا في تقاريره باستجابة علي ماهر للمطالب البريطانية المقصود المطالب البريطانية الخاصة بالإيطاليين في مصر بعد دخول إيطاليا الحرب أما التقارير غير المعلنة التي أوفدها لامبسون إلى الخارجية البريطانية فبالإضافة إلى ما سبقت الإشارة إليه تشير إلى أنه باقتراب دخول إيطاليا الحرب أخذ موقف علي ماهر يبح مريبأن وأدت لقاءاته الكثيرة لوزير إيطاليا المفوض في القاهرة إلى الاعتقاد بأنه قد دارت مفاوضات أدت إلى قيام تفاهم ضمني بين مصر وإيطاليا للحد من تعاون مصر في بريطانيا العظمى في لقاء تأكيدات من جانب إيطاليا بشأن تأمين مصر خلال الحرب ووضعها النهائي في حالة فوز إيطاليا ويفهم من تصريحات علي ماهر حتى التبليغ كان بسبب عدم دخول مصر الحرب وبسبب عدم استجابته لبعض المطالب البريطانية الخاصة بمعاملة الإيطاليين كانت تؤدي إلى حالة الحرب المقرر تفاديها ولا شك حتى تلك هي الأسباب المباشرة للتبليغ البريطاني وإن كان ضغط علي موضوع عدم دخول الحرب يخالف الحقيقة كما أشرنا.

أما محمد التابعي والدكتور محمد حسين هيكل فقد أشارا إلى مسببات سليمة وهي تغير موقف المصريين وموقف علي ماهر من بريطانيا نتيجة فوزات الألمان، وبخاصة بعد انهيار فرنسا نخلص من جميع ذلك، ومما سبقت الإشارة إليه في هذا النص إلى حتى العامل المشهجر في مسببات التبليغ البريطاني سواء منها الأسباب البعيدة أوالقريبة المباشرة هوتعارض سياسة علي ماهر مع السياسة البريطانية أوسياسة لامبسون وعدم الثقة في علي ماهر والارتياب في ميوله نحوالمحور تعارضت سياسة لامبسون وعدم الثقة في علي ماهر والارتياب في ميوله نحوالمحور تعارضت سياسة لامبسون مع سياسة لامبسون من ذلك بأن علي ماهر مراوغ متآمر لا يتعامل باستقامة ولا يوثق به وأنه ميال إلى دول المحور.

وحين تولى الوزارة تعارضت السياستان مرة ثانية: سياسة علي ماهر في تقوية مركزه والحصول على شعبية وسياسة الاستجابة لمطالب بريطانيا وأدى ذلك إلى الصدام بين الجانبين في مسائل فصل أمين عثمان وبعض الموظفين المواليين لبريطانيا ومسألة عزيز على المصري وزيارة علي ماهر للسودان وأدى ذلك إلى زيادة الارتياب في علي ماهر وعدم الثقة فيه.

أما الأسباب المباشرة فتدخل في هذا الإطار أيضا سياسة عدم دخول الحرب كان لها بلا جدال أثرها فرغم حتى الجانب البريطاني عدل عن الضغط لدخول الحرب إلا أنها أدت إلى تزايد الارتياب في علي ماهر وقد زاد من هذا الارتياب أيضا لقاءات علي ماهر الكثيرة للوزير الإيطالي ونشاط مراد سيد أحمد في روما مما دفع الجانب البريطاني إلى الاعتقاد بوجود تفاهم أواتفاق سري بينهما وجعل لامبسون يلجأ إلى طلبات متشددة فيما يختص بمعاملة الإيطاليين ترقى إلى ما يقرب من حالة الحرب وكانت مماطلة علي ماهر في تطبيق تلك المطالب ورفض بعضها من الأسباب المباشرة للتبليغ البريطاني والحق أننا يمكن حتى نقول حتى مصير وزارة علي ماهر كان مقررا منذ أكتوبر 1939

ومن الأمور الجديرة بالملاحظة فيما تجاوز أنه بمجرد حتى اتضح الخطر الإيطالي وقيام الخلاف بين علي ماهر والجانب البريطاني اتجهت جميع أطراف التيار الليبرالي في مصر إلى التعاطفي من الجانب البريطاني والاتصال به والعمل على التخلص من علي ماهر الذي وضح تردده في اتخاذ إجراءات شديدة ضد إيطاليا مما يوضح حتى المعركة السياسية الداخلة كانت تسير على نفس الأسس التي تسير عليها المعركة على النطاق الدولي أي الديمقراطي ضد الفاشية كما نلاحظ تحرك الانتهازيين الذين يحاولون الوصول إلى شيء خلال الأزمات ويتمثل هذا في اتصال حسين سري بلامبسون وحسين سري من الذين رشحهم لامبسون ليخلفوا علي ماهر.

ويلاحظ أيضا حتى الجانب البريطاني أشرك الجانب العسكري معه في الرأي مما يؤدي خطورة النظر إلى الموقف القائم وأن استخدام الضغط العسكري أمر وارد لدى السلطات البريطانية في مصر يضاف إلى ذلك حتى تفضيل عدم تشكيل وزارة وفدية خالصة بل وحتى عدم تولي النحاس نفسه رياسة الوزارة حتى لوكانت معضلة من عناصر مختلفة يشير على إلى جانب الاعتبارات التي ذكرها جميع من لامبسون وهاليفاكس على تخوف الجانب البريطاني من الوفد كحزب يقود الحركة الوطنية، وبخاصة بعد بيان الوفد في أول أبريل سنة 1940.

المعركة الأخيرة:

بوصول تعليمات هاليفاكس تحرك لامبسون في اتجاهين: بدأ يوم 16 يونيواتصالاته بالنحاس ومحمد محمود عن طريق وسيط يعتمد عليه وكانت نتيجة الاتصالات حتى النحاس يفضل وزارة وفدية خالصة وإن كان يوافق على قيام مجلس حرب يتكون من رؤساء الأحزاب الأخرى البديل الآخر الذي يقبله ويؤيده النحاس هووزارة غير حزبية برئاسة عبد الفتاح يحي أوسيف الله يسري ولم يوافق جميع من النحاس ومحمد محمود على إسناد الوزارة إلى حافظ عفيفي أوحسن صبري، كما رفض محمد محمود إسنادها إلى عبد الفتاح يحيي.

وقد أشار لامبسون في تقريره عن تلك الاتصالات إلى ما يرى من مضار في قيام وزارة وفدية خالصة وهي لا تخرج عما قيل من قبل أما البديل الآخر فيعيبه في رأيه ضعف الشخصين المرشحين للرئاسة فخبرة سيف الله يسر السياسية لا تعدوتمثل بلاده دبلوماسيا في الخارج أما ميزته فهي موافقة محمد محمود علي سيف الله يسري وبذلك تتمتع الوزارة التيقد يكونها بتأييد الوفد والأحرار، وهناك احتمال لحصولها على تأييد السعديين ونطق لامبسون حتى رأيه استقر على حتى ينصح الملك بأن يستشير محمد محمود باعتباره زعيم المعارضة في البرلمان والنحاس باعتباره زعيم أكبر حزب شعبي وأن يتبع ما ينصحان به إذا سار جميع شيء على ما يرام فإن هذا سيأتي بوزارة محايدة غير حزبية برئاسة يسري الذي سيأتي بوزارة محايدة غير حزبية برئاسة يسري الذي سيتعاون معنا قلبيا بالتأكيد وبعد حتى مهد الطريق مع الوفد والأحرار قابل لامبسون الملك في اليوم التالي 17 يونيو، وقدم إليه ما عهد بالتبليغ البريطاني، أي طلب وزير خارجية بريطانيا تشكيل وزارة أخرى وأضاف لامبسون إلى ذلك حتى علي ماهر يجب حتى يمضى وأن يمضى بسرعة أنهم لا يوافقون على عودته إلى السراي لأن التجارب قد أثبتت بما فيها لكفاية حتى وجوده في السراي يجعل مهمة أية وزارة تتولى السلطة محالة وحين سأله فاروق عن الوزارة التي يوصي بتشكيلها نطق لامبسون أنها يجب حتى تكون برئاسة إنسان ينفذ بولاء المعاهدة نصا وروحا ومن الأمور الأساسية حتى يتمتع بتأييد الشعب فمن المؤكد أننا لا نعلق قبول المنصب على حتى تعلن مصر الحرب ثم اقترح على الملك حتى يستشير محمد محمود والنحاس بشأن من يلي الوزارة وقد قبل الملك فكرة استشارة محمد محمود لكنه اعترض بشدة على فكرة استشارة النحاس فنطق لامبسون أنه لا يطلب إليه حتى يسند إلى النحاس تشكيل الوزارة وأن ما يقترحه هوأقل ما يمكن حتى يعمله جلالته لمصلحة بلاده، بل وحتى لمصلحة عرشه بدون شك.

وقد أكد لامبسون حتى الجانب البريطاني جاد جميع الجد وأنهم سيعملون على حتى تلي الحكم وزارة ورئيس وزراء صديق يقف إلى جانبهم بكل ولاء ويتعاون معهم في جميع ما يطلبون وإن كان هذا لا يعني بالضرورة حتى يعلن الحرب ثم لجأ إلى التهديد فأشار إلي حتى الجنرال ويفك ينتظر بقلق عودته ليعهد إلى أي مدى سينفذ الملك ما يطلبون ورجا الملك ألا يعلب بالنار وأن يتبع نصيحته ولا يجعل علي ماهر يقوده في الطريق الخطأ بنصائحه الخطرة.

وقد أشار الملك فاروق إلى حتى واجبه باعتباره ملك مصر يقتضيه ألا يدخل الحرب مع الجانب الخاسر فنطق لامبسون حتى مصر إما حتى تعوم مع بريطانيا أوحتى تغرق لذلك فخير لها حتى تعوم وخير للملك حتى يتبع النصيحة البريطانية وبذلك زاول لامبسون جميع أنواع الضغط على الملك بما في ذلك التلميح إلى العمل العسكري ولم يعد باقيا سوى تقديم إنذار إلا حتى فاروق لم يلتزم بشيء وأشار إلى حاجته إلى وقت للتفكير.

بتلك الاتصالات مع السراي ومع المعارضة بدأ لامبسون معركة طرد علي ماهر، إلا إنه قابل تحالفا قويا مع الملك وعلي ماهر باشر ذلك التحالف المعركة في المجال الداخلي ونقلها إلى لندن وأصبح هم ذلك التحالف منصرفا إلى كسب الوقت حتى تؤتي جهوده نتيجتها.

في لندن بدأ علي ماهر الحملة مبكرا حين أحس بالخطر وتوالت برقياته على السفير المصري أيام 16، 17 يونيويذكر فيها حتى الحكومة المصرية تجيب مطالب السلطات البريطانية قلبيا وبإخلاص ونظرا لأن الجيش المصري ليس مجهزا للهجوم فإن الفائدة التي تجنيها بريطانيا من دخول مصر الحرب أقل بكثير من الخطر الذي تقابله لودخلت مصر الحرب وأشار إلى حتى مصر بقيام الحرب قد بترت علاقاتها الدبلوماسية مع إيطاليا وقدمت جميع المساعدات المطلوبة ونطق علي ماهر حتى الجانب البريطاني مع ذلك يتقدم بمطالب غير معقولة مثل اعتنطق أطباء المستشفى الإيطالي وهجر المستشفى بدون أطباء وطلب اعتنطق 12 ألف إيطالي معظمهم من العمال ولا شأن لهم بالسياسة كما أنهم مستقرون بمصر منذ أجيال وطلب اعتنطق أربعة من هيئة القنصلية الإيطالية وطلب الإذن باقتحام مقر البعثة الإيطالية وتفتيشه وتفتيش جيوب وحقائب وزير إيطاليا المفوض وأعضاء بعثته عند سفرهم وأشار علي ماهر إلى تلك الإجراءات ونطق إذا تلك الإجراءات تقابل الحكومة المصرية بمشكلة بالنسبة لبعثتها في روما تماثل تلك التي قابلتها بالنسبة لأعضاء بعثتها في برلين.

وقد ذكر علي ماهر حتى الجانب البريطاني يشكومن حتى الحكومة المصرية لا تولي الإجراءات التي تتخذها تجاه الإيطاليين نفس الأهمية التي أولتها لإجراءاتها ضد الألمان، ورد على ذلك حتى الفاروق بسبب تغير الظروف فالبرلمان قائم يراقب تصرفات الحكومة وليس في أجازة كما كان الحال عند إعلان ألمانيا الحرب كما حتى هناك فاروق كبير بين حجم ك من الحالتين الإيطالية والألمانية ونشاطهما الاقتصادي يضاف إلى ذلك حتى كثير من الإيطاليين يقيم في مصر من أجيال ولا علاقة له بإيطاليا ورجا علي ماهر السفير حتى ينقل ذلك إلى لورد هاليفاكس مع التوصية بتجنب العقبات والاعتدال والصبر.

أما الملك فقد بعث في 18 يونيوبرسالة إلى ملك بريطانيا عن طريق السفير المصري أشار فيه إلى التسهيلات التي تقدمها مصر لبريطانيا وولائها وإخلاصها لقضية الديمقراطية ثم شكى من تدخل السفير البريطاني في شئون مصر الداخلية بطلب تغيير الوزارة فورأن كما أنه صحب بعبارات تهديدية خارجة عن حد اللياقة عن نوايا بريطانيا الأخذ ببعض تدابير تؤدي إلى خلق تعقيدات يؤسف لها

إلى غير ذلك كان على السفير المصري في لندن حتى يقوم بنصيبه من هذه الحملة لدى جميع من ملك بريطانيا ووزير خارجيتها يوم 19 يونيو.

أما في القاهرة حيث المطلوب تهدئة السفير وكسب الوقت والمساومة فإن الملك قد وجه أحمد حسانين الأمين الأول للقاءة لامبسون لكي يخبره بأن الملك قد أوفد يعرض الأمر على ملك بريطانيا وأنه لنقد يكون هناك تغيير وزاري حتى يصل رد الملك وقد رجا أحمد حسانين السفير حتى يوافق على عودة علي ماهر إلى الرأي لكن لامبسون أصر على عدم عودته وأكد ضرورة حتى يستشير الملك النحاس باعتباره زعيم حزب الأغلبية وأن أي وزارة تشكل يجب حتى تكون حائزة على تأييد الوفد

إلى غير ذلك تجمد الوضع بالنسبة للتغير الوزاري حتى وصل رد ملك بريطانيا في 21يونيووفي هذه الفترة واصل عل ماهر حملته لدعم مركزه في مصر، وواصل حسن نشأت جهوده في لندن كما واصل لامبسون جهوده مع هاليفاكس بشأن ما يتخذ ضد علي ماهر.

في مصر عمل ماهر على نشر فكرة ضغط بريطانيا لإرغام مصر على دخول الحرب إلى جانبها وأن الجانب البريطاني لا يعامله بعدالة ويضغط لإخراجه من الوزارة وأنه لا يعتزم هجر منصبه، وفي 19 يونيوصرح في مجلس النواب حتى الحكومة مصممة على الاستهانة بكل الصعاب في سبيل تجنيب مصر ويلات الحرب وأنها ستنفذ المعاهدة بإخلاص وهوالتصريح الذي ذكر فيه القوات المصرية تلقت الأوامر بعدم الهجوم وبالتقهقر قليلا لوهوجمت هذه الحملة هي التي دعت إلى صدور التصريح البريطاني في 20 يونيو، الذي كذب حتى بريطانيا تعمل لإرغام مصر على دخول الحرب.. وأن جميع ما تطلبه هوتطبيق المعاهدة بولاء نصا وروحا وقد كان لتلك الحملة أهيمتها لأن الرأي العام كان ضد دخول الحرب وبخاصة بعد بيان الوفد في أبريل، وفوزات ألمانيا وبيان موسوليني بعد رغبته في جر الدول المجاورة إلى الحرب وبيان علي ماهر في مجلس النواب يوم 12 يونيو.

أما في لندن فقد تحدث حسن نشأت مع مدير الإدارة المصرية بوزارة الخارجية يوم 19 في الضرر الذي يترتب على إرغام مصر على دخول الحرب وفي نفس اليوم تحدث إلى لورد بيفربروك وزير الدولة وصديق رئيس الوزراء عن الموقف في مصر في ضوء برقيات علي ماهر

أما لامبسون فقد تحدث حسن نشأت مع مدير الإدارة المصرية بوزارة الخارجية يوم 19 في الضرر الذي يترتب على إرغام مصر على دخول الحرب، وفي نفس اليوم تحدث إلى لورد بيفربروك وزير الدولة وصديق رئيس الوزراء عن الموقف في مصر في ضوء برقيات علي ماهر

أما لامبسون فقد استوعب خطة الملك وعلي ماهر وبخاصة لما بدأت بوادر حملة علي ماهر يوم 19 حين أخذت تنتشر إشاعات الضغط على علي ماهر لإعلان الحرب وإيشاك طرده من الوزارة لذلك انصرف هم لامبسون في يومي 18، 19 إلى التنبيه إلى حملة علي ماهر والهدف منها وإلى خطورة التأخير في حل الأزمة وضرورة وصول رد ملك بريطانيا على رسالة الملك فاروق بسرعة تجنبها للتأخير وأخيرا فإن رد الملك والتعليمات التي ترسل إليه يجب حتى تقر المطالب التي تقدم بها لامبسون إلى الملك فاروق يوم 17 يونيو، وهي ضرورة خروج علي ماهر من الوزارة وعدم عودته إلى السراي.

وقد نبه لامبسون إلى أنه لم يؤد ذلك إلى نتيجة فإن الوسيلة الأخيرة لتحقيق ما يريدون هوالتهديد بفرض الأحكام العهدية البريطانية ونطق حتى القائد العام للشرق الأوسط وافق على ذلك وأن الاستعدادات قد اتخذت لكنه أشار إلى حتى بذلك قد يعني حتى جانبا من القوات البريطانية الموجودة قد يخصص للمحافظة على الأمن في الداخل وقد تقوم متاعب إدارية

ويبدوحتى هاليفاكس قد خشي نتائج حملة علي ماهر واستغلال أي إجراء متطرف يتخذ في هذا الوقت خاصة وأن مطالب الجانب البريطاني التي أبلغه السفير المصري شكوى علي ماهر منها كان معظمها أمورا تفصيلية بسيطة لكنها تثير الاستياء لذلك فقد كانت استجابة هاليفاكس للامبسون تتسم بالتحفظ فقد أكد له تأييده ووعد بتأييد أي عمل يتفق هووالسلطات العسكرية البريطانية في مصر على ضرورته، بما في ذلك تفاصيل تطبيق السياسة التي يتم الاتفاق عليها أي أنها لفت نظره إلى ضرورة حصوله على موافقة السلطات العسكرية التي ستتحمل في النهاية مسئولية تأييد ضغطه عسكريا ونصحه بتجنب الإثارة فيما يختص بالمسائل الصغيرة نسبيا التي تعطي الفرصة لحملات الإثارة ضد السياسة البريطانية في مصر وقد طمأنه بأنه أبلغ السفير المصري حتى يؤيد لامبسون في جميع ما قام به، وأنه يجب حتى يتم بسرعة تشكيل وزارة قوية وأكثر تمثيلا للعناصر السياسية وطمأنه أيضا بأن رد ملك بريطانيا على الملك فاروق سيتضمن تأييد المطالب التي تقدم بها إليه لامبسون والتي كانت بناء على تعليمات من الحكومة البريطانية لكن الرد لم يكن يتضمن النص على عدم عودة علي ماهر إلى السراي.

وأشار هاليفاكس إلى حتى فاروق لوجعل عودة علي ماهر شرطا لموافقته على تشكيل وزارة جديدة على الأسس المطلوبة فلا يجب حتىقد يكون الأمر عقبة في سبيل الحل، فالمهم هوالحصول على وزارة جديدة ويمكن بعد ذلك الاتفاق معها للتخلص من علي ماهر، وعودة علي ماهر إلى السراي على أية حال أخف ضررا من أزمة تطول أووجود وزارة عداؤها صريح ومكشوف مما يؤدي إلى إعلان الأحكام العهدية البريطانية.

وأشار هاليفاكس إلى أنه حينئذ لا يحبذ التهديد بإعلان الأحكام العهدية وطلب إلى لامبسون ألا يلجأ إليه دون تصريح منه، لأنه يريد حتى يتجنب موقفا يتخذ فيه الملك فاروق وعلي ماهر وضع المدافعين عن استقلال مصر ضد بريطانيا ونطق إذا السفير المصري وعد بالمساعدة في الوصول إلى الحل المطلوب وهوسرعة تشكيل وزارة قوية وأكثر تمثيلا للعناصر السياسية في مصر وأضاف أنه على ثقة بأن لامبسون سيمكنه بالحزم واللباقة حتى يحصل على ذلك الهدف الأساسي دون حدوث انفجار ولوأدى ذلك إلى بعض التأخير

إلى غير ذلك كانت نتيجة مساعي الفريقين في لندن حتى أشير على لامبسون بالاهتمام بتحقيق الهدف الأساسي وتأجيل المسائل الأقل أهمية لفرصة أخرى وبعدم التسبب في مضايقات بإثارة المسائل الصغيرة وبعدم التهديد بالأحكام العهدية البريطانية أي بالاعتدال مع الوعد بالتأييد الكامل أما الجنب المصري فقد فهم من جميع من الملك والحكومة حتى لامبسون قد تصرف بتأييد تام من الحكومة البريطانية وبناء على تعليماتها وأن المطلوب هوقيام وزارة أخرى بسرعة تكون أكثر تمثيلا وتتخذ موقف التصميم والحزم في لقاءة الخطر الإيطالي.

وقد أختلف رد عمل جميع من الطرفين: فلامبسون رأى الخطر في نجاح وشيك لسياسة علي ماهر وعودته إلى السراي حيث يكرر دورة مناوراته للوصول إلى السلطة كما عمل في أواخر 1937 لكن في ظروف خطيرة لا تحتمل ذلك خاصة والوزير الإيطالي وهيئة المفوضية والقنصلية كانا لا يزالان في مصر لهذا كان رد عمله حادا فخط إلى هاليفاكس يبدي تشككه في استجابة الملك وعلي ماهر للمطالب البريطانية حتى بعد وصول رد ملك بريطانيا فقد مضى الوقت الذي كان فيه مجرد الكلام الحازم كفيل بإجابة المطالب البريطانية ونطق حتى مصر كلها تعهد حتى بريطانيا طلبت طرد علي ماهر من الوزارة لذلك فلا يمكن التعامل معه سواء كرئيس للوزراء أوفي السراي وكل ساعة تمر دون تشكيل وزارة أخرى تضعف موقف بريطانيا في مصر وتعرض سلامة القوات البريطانية فيها للخطر كما أنها تقلل من عدد هؤلاء الذين لا يزالون يثقون في بريطانيا.

لذلك وضع لامبسون برنامجا للعمل وافق عليه مستشاروه، كما وافق عليه من الجانب العسكري الجنرال ويفل القائد العام للقوات البريطانية في الشرق الأوسط وقائد سلاح الطيران واعتبروا أنه الطريقة الوحيدة التي يعالج بها الموقف وقد طلب لامبسون سرعة الموافقة على تطبيقه وإلا فإن الحالة تستدعي إعلان الأحكام العهدية البريطانية وتولي إدارة البلاد.

أما البرنامج فيتكون من ثلاثة مراحل متتابعة في المرحة الأولى التي بدأ لامبسون تطبيقها عملا يتأكد لامبسون من موقف الملك فاروق بعد حتى يتلقى رسالة ملك بريطانيا فإذا استجاب للمطالب البريطانية وشكل الوزارة المطلوبة تعتبر الأزمة منتهية إذا لم يتم ذلك وأصر الملك على بقاء علي ماهر تبدأ الفترة الثانية وفيها يرسل لامبسون إلى النحاس إذا كان مستعدا لتشكيل حكومة وفدية خالصة أوحكومة يشهجر فيها آخرون فإذا وافق فيجب حتى يصرح لي حتى أعده بتأييدنا الكامل بما في ذلك تهديد الملك بإعلان الأحكام العهدية من جانب بريطانيا واستخدام القوى العسكرية لولزم الأمر.

أما الفترة الثالثة فتتضمن حتى يتولى الجانب البريطاني إدارة البلاد في ظل الأحكام العهدية بمساعدة أي عناصر صديقة تكون راغبة في التعاون معنا بعد حتى نكن قد تولينا إدارة البلاد ويلجأ الجانب البريطاني إلى ذلك إذا رفض النحاس حتى يشكل وزارة أولم يؤلف وزارة بعد فشل التهديد بإعلان الأحكام العهدية، والاضطرار إلى إعلانها بالعمل.

وطلب لامبسون حتى يصرح له بالتهديد بإعلان الأحكام العهدية وبإعلانها لواستدعى الأمر وذلك قبل حتى يتصل بالنحاس بشأن الفترة الثانية هذا الضغط والإشارة إلى اتفاق الجانبيين الدبلوماسي والعسكري على الخطة المقترحة جعل هاليفاكس يوافع على تلك الخطة وعلى التصريح للامبسون بالتهديد بإعلان الأحكام العهدية وإعلانها بالعمل لواستدعى الأمر ذلك وأضاف هاليفاكس:

1- يهمنا حتى يفهم الملك وغيره أننا نعتبر استمرار قيام صلات بين علي ماهر والإيطاليين بالإضافة إلى استمرار وجود البعثة الإيطالية في القاهرة نقضا للمادة الخامسة من معاهدة التحالف وفي الوقت الذي نعتزم فيه حتى نتمسك بأسس المعاهدة فإن نقض المعاهدة من جانب الحكومة المصرية يعتبر مبررا كافيا لما نقوم به من عمل من الممكنقد يكون من المفيد حتى نقول ذلك للملك قبل حتى نتصل بالنحاس.

2- لوتحدث الملك عن التخلي عن العرش فلك حتى تقبل تخليه وسيكون من الضروري حينئذ ألا يبقى طليقا في مصر وألا يخرج من نطاق السيرة البريطانية حتى لا يصبح مطالبا بالعرش في أيدي إيطاليا.

3- يهجر لك حتى تحدد الوقت الذي يطرد فيه الوزير والبعثة الإيطالية لكن ينبغي حتىقد يكون ذلك أول ما يعمله النحاس إذا قام بتشكيل الوزارة.

4- إذا استدعى الأمر إعلان الأحكام العهدية ففي أي إعلان يصدر بذلك ينبغي الإشارة إلى حتى الحكومة المصرية نقضت المادة الخامسة من معاهدة التحالف وأننا لم نطلب إلى مصر حتى تحارب معركتنا ولكن كحلفاء مخلصين طلبنا إليها حتى تكون مستعدة لواستدعى الأمر للدفاع عن استقلالها الذي تهدده إيطاليا ولا يقابل تهديدا من جانبنا نحن ينبغي أيضا الإشارة إلى حتى إعلان الأحكام العهدية إجراء وقتي استنادىء هجوم قام به الإيطاليون بالعمل والحرص على سلامة مصر وأنه لن يؤدي إلى تدخل في مجرى الحياة العادية إلا بأقل قدر ممكن

إلى غير ذلك حصل لامبسون على ما أراد وأصبح التعامل مع الجانب المصري في يده وأيدي العسكريين.

أما على الجانب المصري فإن وصول الرد البريطاني قد حسم الموقف وغير طبيعة المعركة الدائرة والأطراف المشهجرة فيها حسم الموقف تقريبا بالنسبة للنزاع الأصلي وهوخروج علي ماهر من الوزارة وتشكيل وزارة جديدة وتحولت المعركة في هذا المجال إلى ما يسمى معركة مؤخرة لكن في نفس الوقت فتح للمعركة ميدان حديث هوالنزاع المعتاد بين أطراف الجانب المصري على من يلي السلطة.

بوصول رد ملك بريطانيا قدم علي ماهر استنطقته إلى الملك الذي نادى إلى اجتماع لبحث الموقف يعقد في قصر عابدين بعد ظهر 22 يونيووقد ضمت الدعوة علي ماهر ورؤساء الوزارات السابقين ورؤساء مجالس الشيوخ والنواب الحاليين والسابقين ورؤساء الأحزاب السياسية بالإضافة إلى صالح حرب باشا وزير الدفاع حيث سيتعرض المجتمعون لبحث أمور حربية تتصل بالخلاف القائم.

أشار الملك في بداية الاجتماع إلى حتى الغرض منه الوقوف على آرائهم فيما طلبته الحكومة البريطانية من تغيير حكومة علي ماهر ثم قرئ على الحاضرين التبليغ البريطاني ورسالة الملك فاروق إلى ملك بريطانيا ورده عليها وبدأت المناقشة بعد حتى غادر الملك القاعة.

وضحت خلال المناقشة عدة اتجاهات: اتجاه بأن التدخل اعتداء على الاستقلال ينبغي عدم التسليم به نطق بذلك علي ماهر وصالح حرب وعبد الوهاب طلعت وكيل الديوان الملكي ومحمد محمود خليل أي أطراف النظام القائم اتجاه إلى تشكيل وزارة قومية ونطق به عبد الفتاح يحي وإسماعيل صدقي ووافق عليه علي ماهر أما النحاس فقد طالب بوزارة محايدة ترضى عنها وتؤديها الأحزاب على حتى تحل البرلمان القائم وتجري انتخابات جديدة حين تسمح الظروف بذلك وقد أجمع الكل على اتجاه ثالث هوالموافقة على سياسة وزارة علي ماهر فيما يختص بتطبيق المعاهدة وتجنيب البلاد ويلات الحرب وأن تغيير الوزارة لا يجب حتى يؤدي إلى تغيير السياسة إلى غير ذلك اتفق المجتمعون على استنكار التدخل البريطاني وتأييد سياسة علي ماهر لكنهم اختلفوا في شأن الوزارة التي تخلفه وهجروا أمر ذلك للملك نتيجة لذلك خرج المجتمعون بالقرار التالي:

عرض أمر التبليغ البريطاني على الهيئة فأبدى حملة النحاس باشا رأيه فيه بأنه:

لا شك أنه ليس لدولة خارجية أي حق في التدخل في تعيين وزارة في بلد مستقل كمصر إذا المعاهدة بين مصر وبريطانيا العظمى تقضي من الطرفين حتى ينفذاها بالروح التي وضعت با وفيها يختص بالوزارة المصرية فأني أفهم حتى رغبة الشعب المصري متجهة إلى تعيين وزارة جديدة محايدة ترضى عنها الأحزاب ويؤيدونها وتجري انتخابات جديدة حرة في الوقت الذي تسمح به الظروف وهذا هوالحل الذي يكفل في رأي ورأي إخواني أعضاء الوفد المصري تضافر الأمة المصرية لمصلحة البلاد في الظروف الخطيرة التي تجتازها.

ورأى بقية الأعضاء حتى الخطة التي انتهجتها الوزارة في تطبيق المعاهدة تتفق مع روحها الذي أشار إليه حملة النحاس باشا ولقد لقيت فوق ذلك تأييد جميع هيئات الأمة وطبقاتها.

كما يرون أنه تلقاء تصميم حملة علي ماهر باشا على الاستنطقة حتى يهجر الأمر إلى حكمة حضرة صاحب الجلالة الملك واثقين بأن جلالته سيوجه مصائر هذه البلاد إلى خيرها وسعادتها

لذلك فحين تقابل لامبسون للقاءة الملك في اليوم التالي وذلك لتطبيق خطة العمل التي وضعها وأقرها هاليفاكس أي للتأكد من استجابة فاروق للمطالب البريطانية كان مصير وزارة علي ماهر قد تقرر وقد أبلغه الملك بذلك وأن تشكيل الوزارة الجديدة يعتمد على ما تعتمده بريطانيا في صالح البلدين لكن لامبسون لمح في ذلك محاولة فاروق التملص مما كان قد طالب به وهوحتى تكون الوزارة الجديد وزارة يوافق عليها النحاس ويؤديها لذلك أصر على حتى يستدعي فاروق النحاس ويتبع نصيحته في شأن تشكيل الوزارة الجديدة على حتى تكون وزارة قوية تتخذ التدابير اللازمة لقيام القوات البريطانية بأعمالها الحربية بنجاح بما في ذلك القضاء على النادىية المعادية لبريطانيا واعتنطق من تدعوالحاجة إلى اعتنطقهم من رعايا الأعداء وعندما اعترض فاروق على استنادىء النحاس أصر لامبسون على الحصول على إجابة على ذلك بنعم أوبلا في نفس اليوم وأشار إلى أهمية حتىقد يكون ذلك بنعم

إلى غير ذلك تراجعت المعركة بين لامبسون وفاروق، لتدور حول شخصية رئيس الوزراء القادم ولم يكن الموضوع هينا على أية حال ففاروق كان يريد رئيس وزراء من اختياره ليكون خاضعا لتوجيهه وبذلك تستبقى السراي نفوذها وسيطرتها على شئون الحكم وهذا يتعارض مع طلب لامبسون حتىقد يكون رئي الوزراء من اختيار النحاس وأن يعتمد على تأييد الوفد.

وقد لجأ فاروق ويغلب حتى ذلك كان يتدبر علي ماهر إلى مناورة بارعة لتحقيق أغراضه دون حتى يهجر للامبسون فرصة للاعتراض فقد عمل على استرضائه بالموافقة على حتى يخرج علي ماهر من الوزارة ولا يعود إلى السراي لكنه في نفس الوقت أشار على لسان رسوله أحمد حسانين إلى حتى النحاس في اجتماع يوم 22 يونيوبعابدين كان قد طالب بوزارة محايدة تؤيدها الأحزاب المتنوعة يضاف إلى ذلك حتى لورد هاليفاكس في لقاءة له مع السفير المصري في لندن أشار إلى رغبته في إجراء التغير الوزاري دون الحاجة إلى حل البرلمان وأن تتمتع الوزارة الجديدة بتأييد الأحزاب لذلك فقد استقر رأي الملك على دعوة النحاس ورؤساء الأحزاب الأخرى للاتفاق على رئيس الوزارة الجديدة وبذلك تحصل الوزارة على تأييد البرلمان القائم.

وقد خشي لامبسون حتى يثير موضوع عدم حل البرلمان واتفاق الأحزاب بشأن الوزارة الجديدة مشاكل تتخذ ذريعة لتعطيل حل الأزمة لذلك فقد نطق لحسانين حتى المهم هوتأييد النحاس لكن يغلب حتى فاروق لم يكن يرمي بالدعوة إلى اجتماع رؤساء الأحزاب تعطيل حل الأزمة بل كان يريد من جهة أخرى الحصول على حرية العمل نتيجة الخلاف المتسقط بين رؤساء الأحزاب المجتمعين.

وهذا هوما وقع بالعمل فقد اجتمع رؤساء الأحزاب ومعهم عبد الفتاح يحي كممثل للمستقلين ومحمد محمود خليل رئيس مجلس الشيوخ في قصر عابدين صباح يوم 24 يونيووقد أبلغهم فاروق حتى عل ماهر حمل إليه استنطقته وأنه قبلها وقد استنادىهم ليعهد رأيهم فيمن يرشح لتأليف وزارة ممثلة لجميع الأحزاب بقدر الإمكان وتحوز تأييد البرلمان ولم تسفر المناقشات التي تلت ذلك على أي اتفاق قد تمسك زعماء أحزاب الأقلية بقيام وزارة قومية تستند إلى تأييد البرلمان القائم مع الاستعداد للتخلي للوفد عن بعض المقاعد في مجلس النواب أما النحاس فقد رفض الموافقة على فكرة وزارة قومية وتمسك بقيام وزارة محايدة تؤديها جميع الأحزاب وتحل مجلس النواب القائم وتجري الانتخابات الجديدة حين تسمح الظروف بذلك وشرح وجهة نطره قائلا حتى الوزارة القومية دلت التجارب الماضية على أنها وزارة ضارة غير نافعة ولا منتجه ولما كانت البلاد في ظروف خطيرة فلا يصح حتى عيد التجربة بعد حتى جريت من قبل وأضاف قوله لا أستطيع أنا ولا إخواني الوفديين الاشتراك في وزارة ما مع بقاء حالة أدوات الحكم الحاضر على ما هي عليه لأنها إنما جمعت بقصد محاربة الوفديين فلا يستقيم الحكم بفهم الوفديين أواشتراك الوفديين مع هذه الأدوات وبالنسبة للظروف التي عثر فيها مجلس النواب لا يمكن الموافقة على بقاء سندا لأي وزارة يتضافر معها الوفديين إلى غير ذلك لم يتفق الزعماء على رأي وعاد موضوع الوزارة الجديدة إلى الملك ليفصل هوفيه وكان ها ما يرده فاروق.

كان لابد حتى تصور السراي النحاس بنه مسئول عن عدم اتفاق الزعماء لذلك فحين قابل أحمد حسانين السفير البريطاني في المساء لم يكن دقيقا في تصوير النحاس بمظهر المتعنت بحيث لا حظ لامبسون الاختلاف بين ما نقله إليه عن الاجتماع وما سمعه من أمين عثمان ومع حتى لامبسون عبر لحسانين عن حتى طلبه لا يزال كما هووهووزارة يؤديها الوفد وتعمل بولاء مع الجانب البريطاني على تطبيق المعاهدة نصا وروحا إلا أنه قرر حتى يتصل بالنحاس باشا ليتبين مطالبه ويحثه على الاعتدال

بدأ لامبسون اتصالاته بالوفد ويبدوأنها امتدت لتضم الأحرار الدستوريين أيضا محمد محمود لذلك يغلب حتى الوسيط في هذه الاتصالات كان أمين عثمان لصلاته الوثيقة بالرجال الثلاثة وقد أخذت تلك الاتصالات تتبلور إلى اتفاق بين النحاس ومحمد محمود على حتى تشكل وزارة محايدة برئاسة سيف الله يسري وسيكون على رئيس الوزراء الجديد حتى يتعهد للنحاس بحل مجلس النواب بعد عطلته الصيفية وبأن يبدأ العطلة البرلمانية بعد تشكيل الوزارة مباشرة ولم يمانع محمد محمود في فكرة حل المجلس بشرط حتىقد يكون معروفا أنه لم يكن يعر شيئا عن ذلك وقد وعد النحاس بالتشاور مع لامبسون بشأن أعضاء الوزارة الجديدة.

كان لامبسون يحبذ هذه الخطة رغم حتى سيف الله يسري كما نطق لم يكن من الوزن الثقيل كرئيس وزراء لكنه كان شديد الميل لبريطانيا وصديقا لمحمد محمود، ومتمتعا بتأييد الوفد، بالإضافة إلى أنه متزوج بأميرة من الأسرة الملكة.

حين وصلت الاتصالات إلى هذا المدى الذي رضي عنه لامبسون قرر حتى يطلب إلى الملك في أقرب فرصة حتى يرسل إلى النحاس ويعمل بما يشير به عليه، وأنه قد فهم حتى رأي النحاس في اجتماع عابدين كان تشكيل حكومة محايدة، فإذا ثبت حتى الحكومة المحايدة أمر غير عمل فيري لامبسون حتى البديل هوحكومة وفدية خالصة وفي كلتا الحالتين ستتمتع الحكومة بتأييد رئيس الهيئة التي قامت بالمفاوضات وعقدت المعاهدة وإذا قاوم الملك طلبه فإن لامبسون يلجأ إلى القوة وفرض الأحكام العهدية بصفة مؤقتة.

وقد زاره أحمد حسانين يوم 26 فأبلغه بتلك المطالب وحذر من مغبة التأخير وأبلغه أنه يتسقط حتى يصله في مساء اليوم التالي ما يفيد حتى الملك فاروق قد تصرف على الوجه المطلوب

إلى غير ذلك أصبح فاروق في يوم 26مهددا بما يقرب من الإنذار من لامبسون وبقيام تحالف في لقاءته من الوفد والأحرار تسانده السفارة البريطانية وقد كان قيام تحالف بين الوفد والأحرار أيام الملك فؤاد مصدر خطر على نفوذ السراي وسلطانها.

هنا يأتي دور لقاءة عبد الوهاب طلعت وكيل الديوان الملكي للناس في كفر عشما يوم 26 يونيوتلك اللقاءة التي أحاطها أحمد حسانين في رواية للتابعي بهالة من المناورات المختلطة بالتصوف السياسي وناقشها الدكتور عبد العظيم رمضان في رسالته

وقد جلا عبد الوهاب طلعت حقيقة تلك اللقاءة فأشار إلى أنها كانت ضمن سلسلة من الاتصالات بزعماء الأحزاب في عابدين واستمرت حتى يوم 26 الذي كان محددا للقاءة النحاس في كفر عشما وكان المقصود من تلك الاتصالات محاولة الوصول إلى حل لأزمة تشكيل الوزارة الجديدة التي أتى به عبد الوهاب طلعت من هذه اللقاءة خلاف المعلومات المعادة التي تؤكد ما أثبتناه عن آراء النحاس فيما تجاوز هوحتى عبد الوهاب طلعت طلب رأي النحاس فيها إذا عرض عليه تأليف الوزارة وأن النحاس نطق أنه في هذه الحالة يعتذر لأنه لا يمكن حتى يعمل في تلك الظروف مع أدوات الحكم القائمة ولا يريد في نفس الوقت حتى يحدث انقلابا في أدوات الحكم يسيء إلى الأحزاب الأخرى ويتنافى مع ظروف الحرب لذلك فهويحبذ قيام وزارة محايدة وحين سأله عبد الوهاب طلعت عن رأيه فيما إذا رأى الملك أنه لا مندوحة من تكليفه بالوزارة نطق إنه في هذه الحالة سيستسمحه في عمل جميع التغييرات بعد حتى عرض عبد الوهاب طلعت على الملك نتيجة اتصالاته المتعددة، استشار الملك رئيس مجلس الشيوخ والنواب واستقبل حسن صبري يوم 27 يونيو، وصدر المرسوم الملكي بتشكيل الوزارة برئاسة حسن صبري في نفس اليوم

يتضح من ذلك أم لقاءة كفر عشما كانت ضمن سلسلة من الاتصالات وأن لامبسون كان قد طلب إلى الملك عملا مشاورة النحاس والأخذ بنصيحته كما أنه أشار إلى أنه لواتضح عدم جدوى قيام وزارة محايدة فلا مفر من قيام وزارة وفدية وقد عرض عبد الوهاب طلعت بالعمل على النحاس احتمال تكليفه بتشكيل الوزارة بل واحتمال إصرار الملك على ذلك.

إلى غير ذلك كانت اللقاءة إجراء طبيعيا ليس فيه ما نسب إليه من صفة المناورات والشطارة السياسية من حيث شكله وترتيبه.

لكن لقاءة كفر عشما كانت من حيث نتيجتها خاتمة سلسلة ذكية من التكتيك السياسي نظمتها السراي تبدأ تلك السلسلة باجتماع عابدين الأول يوم 22 يونيو، وقد عقد في ظل مطلب بريطاني هوتشكيل وزارة قوية أكثر تمثيلا للعناصر السياسية في البلاد وأكثر ولاء لبريطانيا ولنص وروح المعاهدة ومحصلة الاجتماع هي الموافقة على خروج علي ماهر من الوزارة وطلب النحاس وزراة قومية واستبقاء مجلس النواب تلي ذلك اجتماع عابدين الثاني يوم 24 يونيو، ومحصلته إصرار النحاس على قيام وزارة محايدة وحل البرلمان ورفض الوزارة القومية رغم أنه عرض عليه تخصيص بعض مقاعد مجلس النواب للوفد، بينما تمسك زعماء الأحزاب الآخرون بفكرة الوزارة القومية واستبقاء مجلس النواب خلاصة الاجتماعين حتى قيام وزارة محايدة لا يلقى تأييدا من الأحزاب الأخرى وبذلك لا تتوفر فيها الشروط التي وضعها الجانب البريطاني.

نتيجة ذلك اتجه لامبسون إلى حتى البديل هوقيام وزارة وفدية واتىت لقاءة كفر عشما بالرد على هذا الاتجاه فقد رفض النحاس قبول تشكيل الوزارة ونطق أنه لوأصر الملك على إسناد الوزارة إليه فإنه يقوم بانقلاب في أدوات الحكم لا يتناسب مع ظروف الحرب ويسيء إلى الأحزاب الأخرى ويثير عدائها ومقاومتها بما يتنافى أيضا مع أهداف بريطانيا من التغيير الوزاري إلى غير ذلك جردت السراي لامبسون من أي منطق معقول يقابلها به حين شكلت من عدائها وزارة لا تتفق مع ما وضعه من مواصفات وكان عنصر الكمال في هذه الضربة السياسية الذكية هونوعية الرجال الذين اختيروا للوزارة فقد كانوا جميعا بما فيهم رئيس الوزراء من المعروفين بصداقتهم للجانب البريطاني بل إذا لامبسون كان قد يردد ذكر اسم حسن صبري ضمن من يراهم صالحين لتولي المنصب.

هذا بالإضافة إلى تراجع الجانب العسكري عن تأييد لامبسون في سياسة التشدد التي ينتهجها نتيجة عدم كفاية القوات البريطانية في مصر وجعل لامبسون يقبل الأمر الواقع الذي قابلته به السراي ويكتفي بتأكيدات الملك حتى الوزارة الجديدة ستتخذ جميع التدابير العسكرية التي يطلبها الجانب البريطاني وتلتزم بنص روح المعاهدة وبخاصة المادة الخامسة منها وأن تعمل على الحصول على تأييد شعبي يساند سياستها وأن تؤيد السراي تلك الوزارة بإخلاص.

لكن هذا لا يعني حتى الجانب البريطاني كان سعيدا لقد اعتبر لامبسون ما وقع هزيمة جزئية للسياسة البريطانية وقد وقع ذلك نتيجة مناورات قام بها علي ماهر من وراء الستار أدت إلى عدم تحقيق ما طلبته بريطانيا ذلك حتى التغير الوزاري لم يأت بوزارة قومية ممثلة لأكبر عدد من العناصر السياسية ويوافق عليها ويؤيده النحاس، وتعمل بولاء على تطبيق المعاهدة نصا وروحا جميع ما توفر في الوزارة الجديدة هوأنها صديقة لبريطانيا لكن الوفد لم يوافق عليها ولا تتمتع بتأييده كما أنها وزارة ضعيفة شأنها شأن جميع وزارات السراي التي تتكون من المستقلين وأحزاب الأقلية الخلاصة حتى التغيير الوزاري يعني استمرار نفوذ السراي وسيطرتها على شئون الحكم واستمرار تأثير ماهر على سياسة السراي وهذا ومخالف لما كان يريده لامبسون.

ذلك حتى لامبسون كما تجاوز كان يرى حتى الملك هوفي الحقيقة معضلة مصر وأن تلك المشكلة لن تحل إلا بحدوث تغيير أساس من مسلك الملك أوبفرض رئيس وزراء مناسب قوى على الملك وفرض رئيس ديوان مناسب أيضا عليه هذا يقومان بإلزام الملك حدود الصواب لذلك كان طلبه حتى يستبدل بوزارة علي ماهر وزارة قوية بشخصية رئيسها ولا شك حتى هذا ما دفعه إلى التفكير في حافظ عفيفي كمرشح للمنصب وبتأييد الأحزاب لها أوعلى الأقل الوفد وبعد عودة علي ماهر إلى مكانة في الديوان الملكي.

كان لهذا العمل أثره السيئ لدى لامبسونس خاصة وقد تزايدت خلال الأزمة شكوكه ومخاوفه من ميول الملك وميول علي ماهر نحوالمحور وكان انطباعه قرب نهاية الأزمة هوأنه من المحتمل حتى يجتازوها دون حاجة إلى تغيير الملك لكنى أشك في حتى ذلك سيستمر طويلا سيكون علينا حتى نراقبه طيلة الوقت وكان ذلك من العوامل التي مهدت لحادث 4فبراير 1943.

الفصل الثامن: الموقف السياسي حتى نهاية الحرب

بتشكيل الوزارة الجديدة تدخل قضية إعلان مصر لحالة الحرب على المحور في فترة جديدة أبرز سماتها انفراط وحدة السلطة المصرية نتيجة لتناقض موقف جميع من القصر والوزارة في سياستهما نحوهذه القضية.

إلا حتى هذا التناقض لم يعن حتى تتبنى الوزارة الجديدة سياسة مضادة على طول الخط لسياسة الوزارة الماهرية ففي 3يوليه يلقى حسن صبري خطبة في مجلس النواب يشرح فيها سياسة حكومته اتى فيها حتى مصر الحريصة على استقلالها وسلامتها تحرص كذلك على وفائها بتعهداتها لحليفتها بريطانيا العظمى وتقوم بتطبيق معاهدة التحالف والصداقة بروحها ونصها وفق ما أقره مجلسكم الموقر بجلسة 12 يونيه 1940

وكان معنى ذلك ببساطة استمرار التزام الوزارة الجديدة بنفس الخط السياسي للوزارة السابقة ولكن يذكر الدكتور هيكل وزير المعارف في وزارة حسن صبري في مذكراته شيئا آخر إذ يقول أنه قد تم الاتفاق في مجلس الوزراء حتى تعلن مصر الحرب إذا ما تقدم الطليان إلى مرسى مطروح أول ميناء مصري محصن على البحر المتوسط على أساس أنه لم يكن لمصر حتى تعلن حربا لمجرد اجتياز الطليان الحدود عند السلوم لأن القوات المصرية لم تكن ترابط هناك

ومثل هذا الموقف الوسط الذي اتخذته حكومة حسن صبري قد صدر عن عدة مسببات أهمها أنها وهي وزارة مفروضة على القصر فقد كان من الطبيعي حتى تكون مرفوضة منه، كما حتى الوفد القوة الشعبية الرئيسية ومع مشاركته في المفاوضات التي جرت وقت إسقاط وزارة علي ماهر، قد رفض قبول رئاسة حسن صبري للوزارة الجديدة

ومن ثم فقد كان اتخاذ القرار بإعلان الحرب يمكن حتى يؤدي إلى ضغوط على الحكومة من القصر ومن الرأي العام كما ظهر خلال جلسة مجلس النواب التي ألقى فيها رئيس الوزراء بيانه عن سياسة الحكومة الخارجية بالمطالبة بإلحاح حتى تتجنب الحكومة إعلان الحرب أوما يؤدي إليها

وبالرغم من بدء الغزوالإيطالي للأراضي المصرية في سبتمبر 1940 وتعرض المدن المصرية للقصف الجوي إلا حتى وزارة حسن صبري ظلت على سياستها بعدم إعلان الحرب طالما حتى القوات الإيطالية لم تصل إلى مرسى مطروح.

حقيقة انسحب العسدوين من الوزارة احتجاجا على موقف رئيسها وإيمانا منهم حتى فشل مصر الدفاع عن نفسها إنما يعني الاعتراف بالحماية البريطانية عليها إلا حتى كافة الأطراف لم ترغب ف توريط الرجل باتخاذ القرار بإعلان حالة الحرب خاصة وأن ما أخذ الراديوالإيطالي يبثه من إذاعة من أنه لن تقصف المراكز المصرية طالما لم تشهجر مصر في الحرب قد لقي استجابة واسعة بين جماهير الشعب

وقد سجل السفير البريطاني في القاهرة في أواخر أكتوبر هذا الواقع في تقرير رمسي أوفده إلى لندن ونطق فيه أنه من المحال إجبار مصر على اتخاذ القرار بإعلان الحرب على ضوء اتجاهات الرأي العام المصري في الوقت الحالي

في 14 نوفمبر لفظ حسن صبري رئيس الوزراء أنفاسه الأخيرة في وفاة درامية أثناء القائمة خطبة العرش في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة ليخلفه حسين باشا سري وزير الأشغال العمومية في وزارته.

ويمكن اعتبار الوزارة الجديدة امتداد للوزارة السابقة من حيث التشكيل ومن حيث السياسة نحوالحرب.

فالوزارة الجدية هي تشكلت إلى حد كبير من أعضاء الوزارة السابقة ثم حتى رئيسها كان أحد ثلاث رشحتهم السفارة البريطانية للرئاسة أثناء الأزمة مع القصر حول التخلص من علي ماهر كما سبقت الإشارة.

أما من حيث السياسة نحوالحرب فقد انتهز رئيس الوزراء الجديد أول فرصة لإبلاغ البرلمان حتى السياسة الخارجية لحكومته ستكون هي سياسة سلفه وأن موقف مصر تجاه الحرب سيبقى بدون تغيير

على طول الشهور بين تغير وزارة علي ماهر في يونيه عام 1930 وحتى ديسمبر من نفس السنة ظل البريطانيون قانعين بالمعونة الجادة التي تقدمها الوزارة المصرية سواء برئاسة حسن صبري أوبرئاسة حسين سري.

وقد زاد من تلك القناعة الفوزات الأولية التي أحرزها الإيطاليون في هجماتهم الأولى على مصر التي بدأت في سبتمبر ووصلت بهم إلى سيدي براني مما نادى لامبسون إلى وضع مسألة إعلان مصر للحرب على الرف وأن كان قد خط في أواخر أكتوبر أنه فيما يتصل بالمستقبل فإن ذلك يعتمد إلى حد كبير على طبيعة سير القتال وأن أي نجاح عسكري كبير قد يؤدي إلى تغيير جذري في الموقف

في أوائل ديسمبر كان قد تأكد لدى البريطانيين أنه قد تم إحراز هذا النجاح العسكري الكبير بعد طرد الإيطاليين خارج الأراضي المصرية مما أعاد طرح مسألة إعلان مصر لحالة الحرب.

ففيعشرة ديسمبر عام 1940 أوفدت الخارجية البريطانية إلى لامبسون تبلغه أنه نظرا لما أصاب الأوضاع العسكرية من تحسن فإن الوقت قد أصبح مناسبا لحث الحكومة المصرية على إعلان الحرب مما سيكون له رد عمل طيب في جميع مكان

ثم في برقية أخرى بعد ذلك بيومين أوضحت الخارجية مسببات رغبتها في إشراك مصر في الحرب بأنه في ظل الأوضاع القائمة تستطيع مصر حتى تتولى جانبا أكبر من مسئولية الدفاع عن نفسها مما يفرغ قواتنا لعمليات عسكرية في مناطق أخرى

يدهش الباحث حتى تنتاب الردود إلى وزارة الخارجية البريطانية وقد أجمع كافة المختصين البريطانيين في المنطقة بأن لا قيمة للضغط على مصر لتتحول إلى دولة محاربة وقد صدر هذا الرأي سواء على المستوى السياسي من جانب السفير البريطاني في القاهر أوعلى المستوى العسكري من جانب القائد البريطاني العام للشرق الأوسط أومن جانب القائد العام للأسطول البريطاني في البحر المتوسط.

وللأهمية القصوى لهذه الآراء التي أصبحت سياسة ثابتة للحكومة البريطانية في مصر على امتداد السنوات الأربع التالية حتى أعرب أحمد ماهر رئيس الوزراء المصري، الحرب على المحور في فبراير 1945 للأهمية القصوى لهذه الآراء نثبت نص البرقيات الثلاث التي تضمنتها.

صدرت أولى هذه البرقيات عن دار السفارة البريطانية بتاريخ 13 ديسمبر 1940 وهذا هونصها..

بعد التشاور مع القائد العام للشرق الأوسط فيما يلي آراؤنا المشهجرة:

(يبدولنا حتى الوقت الحالي ليس أنسب الأوقات من وجهة نظر محلية، للضغط على الحكومة المصرية لإعلان الحرب ومن الواضح حتى رئي الوزراء الحالي وحكومته علي استعداد للقيام بأي شيء ممكن للمعاونة في الأعمال العسكرية فهم مستعدون مثلا لإرسال قوة مصرية متحركة كذا سفن مصرية لنقل الأسرى الإيطاليين.

ولا يرى كلانا أنه بالإمكان كسب أي ميزة من إعلان مصر للحرب، إذ حتى مثل هذا الإعلان في وقت أمكن فيه الغزاة من الأراضي المصرية لنقد يكون له تأثير طيب كبير في أي مكان بل أنها يمكن حتى تثير الملاحظات والتي ستكون جرحا للكرامة المصرية كما أنها يمكن حتى تؤدي إلى الهجوم الجوي على البلاد.

(ومن ثم فنحن نوصي بعد الضغط على الحكومة المصرية في الوقت الحاضر لإعلان الحرب اللهم إلا إذا رغبت هي من جانبها وبإرادتها الحرة في ذلك فلنقد يكون من الحكمة السياسية منعها.

ومن الزاوية السياسية أستطيع حتى أضيف أنه إذا ما أعربت مصر الحرب يفترض أن تشعر حتى من حقها الحصول على عضوية مؤتمر الصلح وطرح إنادىءاتها على حد نص البرقية أمامه ويمكن حتى تكون مربكة لنا ذلك حتى هناك اعتقادا عاما حتى مصر يفترض أن تطلب في نهاية الحرب تغييرات جذرية للمعاهدة وأن المشاركة المصرية في الحرب يفترض أن تدعم مثل هذه المطالبة وهناك أيضا ذلك الاحتمال المربك بانادىءات مصرية إقليمية في ليبيا.

وإذا ما رأت حكومة جلالته حتى دخول مصر الحرب وما سيترتب عليه من أثر طيب يمكن حتى يتجاوز جميع هذه النتائج السيئة فمن المطلوب حتى تستجيب الحكومة المصرية لطلب إعلان الحرب على إيطاليا دون معارضة شعبية ولكن مثل هذه المعارضة مؤكدة في ظل الظروف الحالية فقد أبلغني رئيس الوزراء أمس فقط حتى أحمد ماهر يضغط عليه من أجل إعلان الحرب وأنه قد أوضح له حتى الوقت غير مناسب ذلك حتى مثل هذا التصرف يفترض أن يذكر العالم بعملة إيطاليا التي انتظرت حتى هزمت فرنسا لتستغل هذه الهزيمة.

واستطرد رئيس الوزراء بأن إيطاليا قد طردت في الوقت الحاضر من مصر وأنه يفترض أنقد يكون أول من يطالب البرلمان بالدخول في الحرب إذا ما حاول الإيطاليون غزومصر مرة أخرى ويظهر ذلك لفخامتكم أنه من الصعب في اللحظة الراهنة إغراء رئيس الوزراء على الدخول في الحرب

ثم لم يكتف السفير البريطاني بكل تلك الآراء التي أبداها في برقيته السابقة ذلك أنه بعد يوم تام من التشاور مع العسكريين اتبع حججه السابقة بمزيج من الحجج اتى فيها:

بعد مزيد من التشاور مع القائد العام وقيادة القوات الجوية لمنطقة الشرق الأوسط فقد اجمع كلاهما على حتى كلا من الجيش المصري والقوات الجوية المصرية لن تستطيع حتى تشارك بدور كبير في الدفاع عن البلاد إذا ما أعربت مصر الحرب وأرى أنهما على حق.

أضاف القائد العام للقوات الجوية أنه ليس من سبب يدعوه إلى الاعتقاد بضعف القدرة الهجومية للطيران الإيطالي فالإيطاليون لا زالوا يملكون مائتي قاذفة في ليبيا قادرة على حتى تصل إلى القاهرة إذا رغبوا في ذلك كما حتى مقاتلاتهم في الصحراء الغربية تتفوق على مقاتلاتنا بنسبة 1-4.

وهناك طبعا العامل النفسي الخارجي والذي يصعب الحكم عليه ولكن من وجهة النظر المحلية لا يعدل الاعتبارات التي أشرت إليها في برقيتي السابقة

ثم في نفس الوقت تمت استشارة القيادة البحرية البريطانية للبحر المتوسط وكان ردها كما ذكرنا مطابقا لرد القاهرة ونصه:

بالإشارة إلى برقية الخارجية رقم 1492 بشأن إعلان مصر الحرب على إيطاليا فمن رأي ومن وجهه النظر البحرية حتى من الأفضل حتى تظل مصر بعيدا عن الحرب.

فهناك عدد من المسائل الحرجة والتي لم تثير حتى الآن بسبب حالة الحياد التي انتهجتها مصر خاصة فيما يتصل بعدم قصف قواعدنا البحرية كذا قناة السويس والمواني التي يتجمع فيها رجالنا وتتكدس فيها مخازننا.

وإن أخطر عيب في الحياد المصري ما يوفره من غطاء لأعدائنا لممارسة أعمال التجسس بغير هوادة ولكن إذا ما تأكدنا حتى الحكومة المصرية يفترض أن تتخذ المراحل الفعالة للقاءة هذا الأمر فلا أرى سببا للضغط على مصر في الوقت الحاضر

لم يكن أمام الخارجية البريطانية وكل هذه الحجج والآراء تحت ناظرها سوى حتى توافق على آراء ممثليها في المنطقة ويتضح من نص هذه الموافقة حتى بقاء مصر دولة غير محاربة أصبحت السياسة المقررة للحكومة البريطانية وكما نطق وزير الخارجية البريطاني في رسالته بالنص..

أوافق على أنه في جميع الأحوال فليس من سبب للضغط على الحكومة المصرية للدخول في الحرب في الوقت الحاضر

وقد واكب هذا القرار البريطاني خلال أواخر ديسمبر 1940 تأكيد الموقف المصري بعدم إعلان الحرب ذلك حتى الفوزات البريطانية في ليبيا، كما دفعت وزارة الخارجية في لندن إلى التفكير في تغيير موقف مصر في الحرب دفعت بعض العناصر المتحمسة في القاهرة إلى نفس التفكير.

فقد تشجع أحمد ماهر والسعديون يعاونهم بعض الأحرار الدستوريين على مطالبة الحكومة بإعلان تصريح دقيق فيما يتعلق بظروف اشتراك مصر في الحرب.

وتم خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر انعقاد ثلاث جلسات سرية لمجلس النواب لمناقشة المطلب السعدي وانتهت المناقشة بفوز واضح لسياسة الحكومة بعدم إعلان الحرب إذ كانت نتيجة التصويت 122 صوتا ضد 68.

ومع ما عناه ذلك من حتى المجلس لم يمنح ثقة لسياسة أحمد ماهر والسعديين فإنه قد عكس أيضا الشعور العام في البلاد ضد اشتراك أكثر نشاطا في الحرب كما سجل السير لامبسون في تقريره السري عن تلك الفترة

وقد نتج عن هزيمة السعديين تلك وما شعروا به معها من عزلتهم في موقفهم بالدعوة إلى إعلان مصر للحرب حتى أخذوا بدورهم يتحولون عن هذا الموقف مما تأكد في أبريل عام 1941.

ففي مارس من تلك السنة وصلت القوات الألمانية إلى ليبيا لدعم قوات الإيطاليين وبدأت الإشاعات تتناثر بعمل النادىية الألمانية بأنه إذا كان الإنجليز قادريه على هزيمة الإيطاليين فإنهم يفترض أن يعجزون عن ذلك بالنسبة للألمان كما أثبتت الحوادث من قبل.

تبع ذلك حتى شهد الشهر التالي أبريل تقدما بالعمل على الجبهة الغربية من القوات الألمانية الإيطالية مما دفع رئيس الوزراء المصري إلى الدعوة لمؤتمر اشهجرت يه جميع الأحزاب عدا الوفد ووافقت على بيان ألقاه حسن سري في جلسة سرية أخرى لمجلس النواب في 14 أبريل 1941 خاصا بالسياسة المصرية نحوالحرب، وتضمن هذا البيان نفس الخطوط الرئيسية القديمة للسياسة المصرية بالتعاون مع الحليفة بمختلف الوسائل دون إعلان حالة الحرب وكانت موافقة السعديين على هذا البيان بمثابة تأكيد للتحول الذي وقع في موقفهم والذي برره أحمد ماهر بأن الوحدة الوطنية في هذه اللحظات الحاسمة قد استدعت تأييد سياسة الحكومة.

لم تعد القضية بعد ذلك خاصة بإعلان مصر لحالة الحرب بعد حتى رأى الطرفان المصري والبريطاني حتى صالحهما لا يقتضي هذا الإعلان وترتب على ذلك حتى اكتسب موقف مصر من الحرب صورة جديدة..

1- بالنسبة للجانب المصري فقد رأى أنه عليه السعي ما أمكن إلى تنمية إيجابيات السياسة التي التزم بها من تجنيب مصر ويلات الحرب.

2- بالنسبة للجانب البريطاني فقد اهتم قبل أي شيء بتأمين ظهر القوات البريطانية في صراعها المصيري مع قوات المحور المتقدمة بثبات نحوالدلتا وتتمثل أبرز مظاهر هذا التأمين في السعي لوجود أجهزة حكم موالية ومتعاونة ومؤمنة بقضية الديمقراطيات.

3- وفي إطار هذه الصورة الجديدة يمكن وضع أبرز حدثين سياسيين شهدتهما مصر بين عامي 1941، 1945وإن كانا قد سقطا خلال الفترة بين النصف الثاني من عام 1941 وحتى أواخر عام 1942 وهي الفترة التي زادت فيها الهجمات المحورية على مصر كثافة لتصل وقوات روميل إلى الفهمين على بعد ضع عشرات من الكيلومترات غرب الإسكندرية ف نفس الوقت شهدت المدن المصرية عددا وفيرا من الغارات الجوية.

يتصل الحدث السياسي الأول برغبة الجانب المصري في تأكيد تجنيب مصر ويلات الحرب وذلك بإعلان القاهرة مدينة مفتوحة.

وكانت هذه المسألة موضع مناقضة علنية منذ بداية الحرب إلا أنها اتخذت صبغة الإلحاح منتصف عام 1941 حين أبلغ النواب سري باشا أنه من جدية وعنف الهجوم الجوي على البلاد فقد أصبح الأمر يقتضي حتما بتعيين بعض بلاد مصر مفتوحة والإعلان عنها خاصة البلاد التاريخية العامرة بالمعالم الأثرية والدينية مثل القاهرة وطنطا وبعض عواصم المديريات

ودفع ذلك حكومة حسين سري إلى التقدم بذلك المطلب رسميا إلى الحكومة الإنجليزية في سبتمبر 1941.

وفي رد رسمي من المستر إيدن على السفير المصري في لندن تم إبلاغ الجانب المصري حتى مثل هذا الطلب عديم الجدوى.

وقد بررت الحكومة البريطانية عدم جدوى الطلب المذكور بالمبررات الآتية:

1- أن الألمان لا يحترمون تعهداتهم وأنهم يفترض أن يقصفون القاهرة إذا ما ناسبهم ذلك أما إذا لم يناسبهم فسوف يهجرونها لحالها وإن البيانات بالتالي لن تؤثر على سياستهم في هذه الحالة أوفي تلك.

2- إن الملك فاروق نفسه قد طالب بتدعيم القوات البريطانية في مصر عام 1939 وكان يفهم ما يمكن حتى يترتب على ذلك من تعرض مراكز هذه القوات للقصف.

3- يضاف إلى ذلك حتى القاهرة هي المركز الرئيسي للجيش المصري فلا ينطبق عليها والحال هذا شروط المدن المفتوحة

أما جميع هذه الحجج وافق سري باشا على سحب الطلب المصري ووعد بعرض الرد البريطاني كاملا في جلسة سرية لمجلس النواب وبأن المسألة لن تثار مرة أخرى

وفي الوقت رفض الجانب البريطاني مطلبا مصريا بقصف روما ردا على قصف القاهرة ذلك حتى الحكومة المصرية قد ذكرت البريطانيين بوعد كانوا قد بتروه على أنفسهم مع بداية الحرب بأنه إذا ما قصفت القاهرة من الجوبعنف فسوف يردون على ذلك بقصف العاصمة الإيطالية وكان رد الخارجية البريطانية على ذلك بأنها مستعدة للوفاء بوعدها بشرط حتى يتم ذلك بناء على طلب الحكومة المصرية التي عليها حتى تتحمل جميع ما قد ينتج عن ذلك من مزيد من قصف القاهرة ولم تتقدم الحكومة المصرية بهذا الطلب بالطبع.

يبق الحدث السياسي الثاني الخاص بسعي بريطانيا إلى تأمين ظهر قواتها في صراعها مع القوات الألمانية الإيطالية المتقدمة من الغرب.

فقد ترتب على الانتكاسات العسكرية البريطانية التي تتالت أواخر 1941 وأوائل العام التالي حتى وصل الموقف الداخلي إلى درجة امتلأ معها بكل نذر التهديد.

فاتصالات الملك فاروق قد ازدادت في تلك الشهور بدول المحور ومن خلال قنوات عديدة هذا بالإضافة إلى اقتناعه باتهامات علي ماهر لوزارة حسين سري بأنها توجه إخلاصها للبريطانيين فقط مما ترتب عليه ازدياد أعطى الهجوم الملكي على الوزارة في مظاهرات دبرت ليقوم بها الطلاب والمنظمات الدينية والأزهر وصنائع علي ماهر في الإدارة كما خط السير لامبسون وقتذاك.

تبع الإحساس العام بتدهور العلاقة بين القصر وسرى باشا حتى بدأ البرلمان المشكل أساسا من السعديين والأحرار يوجهون انتقاداتهم لرئيس الحكومة وكل جانب من يطمع في حتى يخلفه في الحكم.

ومن خارج البرلمان شن الوفد هجماته على رئيس الوزارة الذي وقف وحيدا محروما من أي معونة سواء من جانب القصر أومن أي سلطة فعالة على برلمان ليس له فيه من يسانده.

يضاف إلى جميع ذلك تعرض سري باشا للانتقادات المستمرة من كافة الأطراف بسبب فشله في علاج المشاكل الاقتصادية الناتجة عن ظروف الحرب

وقد انتهز الملك الفرصة ليستغل ضعف الوزارة السرية المتزايد بدفع الموقف إلى حافة الأزمة عندما بترت هذه الوزارة علاقات مصر بحكومة فيشي دون موافقة صريحة من القصر مما نادى حسين سري إلى تقديم استنطقة وزارته في أول فبراير 1942.

يقول السفير البريطاني في القاهرة في تقريره السري السنوي عن عام 1942 عن سقوط سري باشا كان الدرس المستفاد من سقوطه واضحا وهوحتى حكومة لا تملك المساندة البرلمانية لن تستطيع حتى تحكم بروح المعاهدة الإنجليزية وذلك بالنظر :إلى الحقيقية بأن أي جهد يبذل في ها الطريق لابد وأن يصطدم بمعارضة القصر، ولن تستطيع أي حكومة بدون المساندة الشعبية حتى تحارب القصر

ومن هذا (الدرس المستفاد) وصلت العلاقة بين القصر والوجود البريطاني إلى حد استخدام القوى المسلحة فيما سقط في الحادثة التي اشتهرت بحادثة (4فبراير) والتي تمخض عنها تأليف النحاس باشا لوزارته وقد توخى الإنجليز من وراء ذلك حصر جهود القصر في بث المتاعب أمام وجودهم العسكري في البلاد بالإضافة إلى قدرة الوفد بحكم شعبيته على قيادة الجماهير في الاتجاه السليم والذي رآه الإنجليز في تأييد قضية الديمقراطية وقد حدث.

فمن ناحية حدد الوفد موقفه من الحرب في خطبه العرش التي ألقاها النحاس باشا بعد توليه الوزارة بأن حكومته تعرب عن شديد تمسكها بسياسة تجنيب البلاد ويلات الحرب

والوفد في اتخاذه لمثل هذا الخط قد اتفق مع السياسة التي قررها الجانب البريطاني بعدم إعلان مصر لحالة الحرب كما أنه من جانب آخر قد نأى بنفسه عن تهمة التواطؤ الكامل مع البريطانيين وكان معلوما أنه قد اتى إلى الوزارة على حرابهم مما لا يفقده شعبيته التي كان يحتاج إليها في عمله لتأمين ظهور القوات البريطانية المحاربة.

اتى في نفس الخطبة أيضا نية حكومة الوفد الجديدة على تطبيق معاهدة الصداقة بينها وبين بريطانيا العظمى نصا وروحا في جومن الثقة والمساواة والكرامة

وكان هذا الالتزام بيت القصيد في موقف مصر من الحرب بعد ذلك وبالذات خلال ما تظل من عام 1942حين اشتد أوار القتال على أراضيها والذي بدا في مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الوزارة النحاسية خلال هذا العام وأثلجت صدور البريطانيين كما سيجلها سفيرهم في القاهرة بأن تم حل البوليس الخاص الذي أنشأه محمد طاهر باشا وكان ذا طبيعة عسكرية فاشية، وتم إغلاق نادي السيارات الملكي الذي كان مركزا للإشاعات الموالية للمحور، كما تم اعتنطق جميع من علي ماهر والنبيل عباس حليم والأمير عمر الفاروق ومحمد طاهر باشا وبعض الشخصيات الأخرى وقد أدت جميع هذه الأعمال بالإضافة إلى تصريحات النحاس باشا الموالية للمعسكر الديمقراطي إلى المعاونة بصورة واضحة في حفظ هدوء البلاد وراء خطوطنا الخلفية

ولا شك حتى الجانب البريطاني قد عمل بدوره على تدعيم موقف الوزارة الوفدية بتقديم بعض التنازلات خلال تلك السنة كان أهمها التأكيدات التي قدمتها الحكومة البريطانية للنحاس باشا بإشراك مصر في مفاوضات السلام التي ستجرى بعد انتهاء الحرب بالرغم من عدم اشتراك مصر فيها وقد سارع رئيس الوزراء المصري إلى إعلان هذه التأكيدات في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة في 19 نوفمبر 1942

فقد اتى في خطاب العرش يسرني حتى أعرب حتى رئيس حكومتي قد تلقى من سعادة السفير البريطاني في 16 نوفمبر الحاضر كتابا هذا تعريبه.

لي الشرف حتى أخطر مقامكم الرفيع إنني أبلغت حكومتي المطالب التي وجهتها إلى شفويا يوم 11 يونيه سنة 1942 بشأن تمثيل مصر في مفاوضات الصلح التي تجرى عقب انتهاء الحرب الحاضرة.

وقد خولت الآن حتى أبلغ مقامكم الرفيع حتى حكومة جلالة الملك ستبذل خير معاونتها لتحقق لمصر حتى تمثل على قدم المساواة في جميع مفاوضات الصلح التي تمش مصالحها مباشرة وزيادة على ذلك فإن حكومة جلالة الملك لن تدخل أثناء هذه المفاوضات في مناقشة أي شيء يمس مصالح مصر المباشرة دون تبادل الرأي مع الحكومة المصرية ويمر بعد ذلك العامان التاليان 1943، 1944 والأخطار تبتعد عن مصر بل عن معسكر الديموقراطيات جلها وتدور الدائرة حول دول المحور ويتغير الموقف في مصر وفي العالم.

في مصر تزداد سمعة الحكومة الوفدية سوءا خاصة بعد أزمة الكتاب الأسود أوائل 1943 ويزداد الصراع بين القصر وبين الوزارة ليصل في بعض الأوقات إلى إجراء فعال من جانب الملك لإنطقة النحاس باشا لولا التدخل البريطاني الذي منعه من ذلك بالإضافة إلى استخدام الحكومة الوفدية للأوضاع الاستثنائية التي ترتبت على ظروف الحرب ليس لخدمة الأمن العام بقدر ما كانت لترسيخ وجودها في الحكم مما عبر عنه اللورد كيلرن في تقريره السياسي السنوي الصادر في عام 1944 حين لاحظ تشجيع الحكومة للتنظيمات الرجعية أوذات الطبيعة التعصبية مثل حزب مصر الفتاة أوجماعة الإخوان المسلمين ولقد كان إطلاق سراح أحمد حسين زعيم مصر الفتاة وأتباعه نتيجة طبيعة لاستخدام هذه السياسة والتي يضحي الوفد من جرائها بصالح الأمن العام لحاجته إلى تقوية مكانة حكومته وعند هذا الحد كان من الطبيعي حتى يتخلى الجانب البريطاني عن الوزارة الوفدية ليسارع الملك بإنطقتها فيثمانية أكتوبر 1944 وتخلفها حكومة ائتلافية يقودها السعديون كانت هي التي دخلت بمصر حالة الحرب.

إعلان الحرب فبراير 1945:

في 11فبراير 1945 سقط جميع من تشرشل وروزفلت وستالين قرارات مؤتمر القوم الذي عهد بمؤتمر يالتا وقد تضمنت الدعوة لمؤتمر في سان فرنسيكسوفي 25 أبريل.

أما الأمم وجهت إليها الدعوة فقد اشترط أما حتى تكون من تلك التي انضمت للأمم المتحدة فيثمانية فبراير 1945 وإما حتى تكون من الأمم المتضامنة التي تعلن الحرب على العدوقبل أول مارس

وقد رأى الفقهاء القانونيون المصريون وقتذاك أنه قد قصد بالنوع الثاني من الدول جميع من مصر وهجريا واللتان وإن كانتا قد انضمتا إلى مبادئ ميثاق الأطلنطي إلا أنهما لم ينضما إلى الميثاق ذاته الذي يشترط إعلان الحرب بالعمل

ولما كان البريطانيون خلال أزمة 1924 قد بتروا للحكومة المصرية وعودا بإشراكها في مؤتمر السلام بعد الحرب فقد أشاروا على حكومة أحمد ماهر بإعلان مصر دولة محاربة حتى تستمتع بعضوية مؤتمر سان فرنسيسكو

وقد بدا لأول وهلة أنه لن تكون ثمة عقبات نحوتطبيق الاقتراح البريطاني ولأسباب عديدة:

1- فمن ناحية سقط النظام الفاشي في إيطاليا وبدا سقوط الهتلرية وشيكا في ألمانيا وتحركت الأمم المتحدة للإجهاز على مقاومة اليابان ومن ثم لم يعد هناك مبرر لأي مخاوف مصرية.

2- ومن ناحية أخرى فقد كان الدكتور أحمد ماهر رئيسا للوزارة بكل ما عهد عن حماسة باشتراك مصر في الحرب وعن إيمانه بأن هذا الاشتراك هوالوسيلة الفعالة لمنح الاستقلال المصري مضمونا بالإدارة الحرة ولم يكن الرجل والأمر على هذه الصورة ملتزما بالسياسة التي التزمت بها سائر الحكومات السابقة بتجنيب مصر ويلات الحرب.

إلا حتى الأمر لم يكن بهذه السهولة فمع تزايد الأخبار باعتزام الحكومة إعلان حالة الحرب حتى تفجرت ألوان من المعارضة وعلى مستويات عديدة.

علي المستوى الشعبي فإن هذه الأخبار عادة لتضغط بعنف على الحساسيات التي ورثها الوجدان المصري من تجربة الحرب الأولى بل أحاط بهذه التجربة من آلام شخصية ووطنية.

يصف أحد تقارير استطلاع الرأي وضعته السفارة البريطانية في ذلك الوقت بأن أكثر من 50٪ من أبناء المدن الكبيرة كانوا ضد دخول مصر الحرب.

ثم يحاول بعد ذلك تبين الأسباب التي أدت إلى هذا الاتجاه ويلخصها في أربعة أسباب:

1- الاعتقاد السائد بين هؤلاء بأن دخول مصر في الحرب مجرد حيلة لاستنزاف مزيد من الرجال والأموال من مصر.

2- وأنه حيلة أيضا لإلغاء أرصدة مصر الاسترلينية.

3- بالإضافة إلى أنه يفترض أن يؤدي إلى قصف مصر.

4- كما أنه يثبت حتى مصر تتمتع بأي نوع من الاستقلال لأن الأبناء المتعلقة بدخولها الحرب قد أذيعت في هيئة الإذاعة البريطانية في لندن قبل حتى تذاع من القاهرة

وعلى الصعيد السياسي تزعم الوفد من خارج السلطة حركة معارضة للخطوة المنتظرة.

وبدأت هذه المعارضة منذ منتصف فبراير مع تواتر الأنباء بالنصيحة الإنجليزية لمصر بدخول الحرب.

ويلاحظ أنه حدثا مرت الأيام فإن المعارضة الوفدية كانت تزداد حدة ففي البداية رأي الزعماء الوفديون أنه لا معنى للربط بين إعلان مصر للحرب وبين تمثيلها في مؤتمر السلام على أساس حتى النحاس باشا وهوفي الحكم قد حصل من الجانب البريطاني على تأكيدا بهذا التمثيل

ومع تعدد العلامات بقرب قرار الحكومة بإعلان حالة الحرب أصدر الوفد بيانا يعدد فيه اعتراضاته على هذا القرار.

وقد تضمنت أول ما تضمنته القول بأن مثل هذه المستوى يفترض أن تؤدي إلى تضحيات جسيمة من جانب مصر في المال والرجال، ورأت أنها تتناقض مع سياسة جميع الحكومات السابقة والتي لقيت التأييد من الأمة والبرلمان بتجنيب مصر ويلات الحرب كما ذكرت حتى الحرب الدفاعية لا معنى لها في الوقت الحاضر وأنه لا مصلحة لمصر في إعلان الحرب آنذاك.

اتى في هذه الاعتراضات أيضا حتى الوفد قد حصل من بريطانيا على تأكيدات مناسبة باشتراك مصر في مؤتمر السلام وذكرت بالإضافة إلى ذلك حتى إشراك مصر مؤتمر السلام ليس الضمان بتحقيق آمال مصر الوطنية بإلغاء قيود المعاهدة واستكمال الاستقلال لأن هذه الأمور خاصة بالعلاقات بين مصر وبريطانيا وإنه يجب إقرار هذه العلاقات قبل إعلان الحرب وذلك لتجنيب الخلافات التي يمكن حتى تنشب مع البريطانيين في مؤتمر السلام

ومع ذلك البيان شنت الصحف الوفدية حملة على الحكومة وقد رأت أنه بينما لن تستفيد مصر من إعلان الحرب فإن بريطانيا يفترض أن تكسب من جراء ذلك صوتا آخر إلى جانبها في مؤتمر السلام بالإضافة إلى احتمالات اشتراك مصر في قوة دولية مما يكلفها دون حتى لقاء

وقد أقلق هذا الموقف الوفدي بريطانيا كما أقلق الحكومة الائتلافية ففي تقرير بريطاني يصف اللورد كيلرن البيان الوفدية بأنه قد صيغ على نحواستهدف منه إلقاء الروع في نفوس المصريين بأنهم يفترض أن يتعرضون لويلات الحرب

نادى ذلك السفير الإنجليزي في القاهرة إلى إرسال المستشار الشرقي للسفارة إلى بعض زعماء الوفد يبلغهم حتى جهود الحكومة البريطانية لوقف أي عمل من أعمال القمع من جانب الوزارة ضد الوفد يفترض أن تتوقف إذا لم يتم توقف مثل هذه الإثارة

أكثر من ذلك حتى السفارة البريطانية قد سارعت من جانبها بإصدار بيان رسمي للصحافة يوضح حتى إعلان مصر للحرب لن يغير بأي حال من مواضع القائم بشأن المعونة التي تقدمها مصر بمقتضى معاهدة التحالف كما أشار البيان إلى عدم وجود أي نية لاستخدام فيالق عمال مصرية في الشرق الأقصى أي مكان آخر.

أما الحكومة فقد تمكنت من استصدار قرار من مجلس النواب يدين فيه البيان الوفدي وينص على إذا مثل هذا البيان يستهدف إزعاج الرأي العام وذلك قبل سماع رأي الحكومة في هذا الموضوع وهي المصدر الرسمي الوحيد في هذا الشأن.

وقد انضمت مصر الفتاة إلى الوفد في معارضته فقد طالب أحمد حسين بالاعتراف بالسيادة المصرية الكاملة على السودان وبجلاء القوات البريطانية وسائر القوات الأجنبية عن البلاد، وإلا لنقد يكون لحضور مصر لمؤتمر السلام أي جدوى

وحدثا انبعثت المعارضة من الجماعات السياسية خارج الحكومة انبعثت أيضا من بعض جماعات الائتلاف الوزاري داخلها وبالذات الحزب الوطني الذي كان يمثله حافظ باشا رمضان وزيرا للعدل.

ففي يوم الجمعة 23 فبراير وقبل إعلان أحمد ماهر لقرار إعلان الحرب في البرلمان بيوم واحد تقدم حافظ رمضان باستنطقته من منصبه وقد تضمن خطاب الاستنطقة بأنه من المحال الثقة في هؤلاء الذين أجبروا مصر على تقديم خطاب الاستنطقة بأنه من أجل الجهد الحربي للحلفاء وختمه بقوله أنه يرغب في الاستنطقة حتى لا يشارك في مثل هذه المستوى والتي يعتقد أنها لن تقدم أي خدمة لمصر

وفي لقاءة جميع هذه الاعتراضات تحركت حكومة أحمد ماره فمن ناحية قام رئيس الوزراء بعديد من المشاورات مع أبرز الشخصيات المصرية ساعيا إلى إقناعها مما يمنح قراره تأييد نخبة المفكرين السياسيين.

ومن ناحية أخرى قامت الصحف المؤيدة للحكومة بحملة تستهدف إقناع الرأي العام بخطورة الحكومة ..

أخبار اليوم تخط يوم إعلان الحرب حتى ما يحد منذ أول سبتمبر 1939 إنما هوحالة حرب عمليه ضد أعداء الحلفاء فكل ما يعمله المحاربون عملناه بل حتى جزءا منا وهوالسودان اشهجر في الحرب عملا وأوفد قوات اشتبكت مع العدوفي معارك حاسمة فكل ما يحدث اليوم هوأنا نسمي الموقف باسمه

ونخط في يوم آخر حتى مصر تستعيد مكانتها الأهلية بإعلان الحرب على أساس حتى جميع حركة مصر السياسية قبل ذلك إنما تمت من خلال علاقتها مع بريطانيا مثل دخول عصبة الأمم أوإقامة العلاقات مع الاتحاد السوفيتي أوالوعد البريطاني لحكومة الوفد بتمثيل مصر في مفاوضات السلام.

أما إعلان الحرب من جانب مصر فيؤدي إلى استعادتها لأهليتها لأول مرة في تاريخها

الكتلة الوفدية جريدة مكرم باشا خطت تقول أيضا إذا إعلان مصر الحرب لن يقدم شيئا سوى تأكيد الوضع القائم وفندت الإشاعات المنتشرة بأن مصر ستقد المال والرجال بسبب ذلك ورأت حتى مصر قد خرجت بثلاث فوائد من وراء دخولها الحرب، فهي من ناحية دعمت مركزها الدولي، كما أنها من ناحية أخرى لم تعد مقيدة بالميدان السياسي للعلاقات مع بريطانيا ثم من ناحية ثالثة تمثيل مصر في مؤتمر السلام الذي أصبح حقيقة لا مجرد وعد

وشاركت السياسة جريدة الأحرار الدستوريين في الحملة المؤيدة للحكومة بأقوال مماثلة

أكثر من ذلك فإن صحف دار الهلال أعطت صورة وردية لإعلان مصر لحالة الحرب.

فالمصور تسقط زيادة الواردات المصرية نتيجة لهذه المستوى ذلك حتى سفن الحلفاء يفترض أن تكون في خدمة مصر أكثر باعتبارها أحدى وحدات الكتلة المحاربة كما عبرت المجلة عن أملها حتى تستفيد مصر من قانون الإعارة والتأجير على نطاق واسع

والاثنين أنكرت وقوع أي ضغط على مصر لاتخاذ ما قررته الحكومة في هذا الصدد وفي هذا الجووبين المعارضة والتأييد ألقى رئيس الوزراء المصري مساء يوم السبت 24 فبراير 1945 وفي جلسة سرية لمجلس النواب بإعلان حالة الحرب ضد اليابان وألمانيا.

وقد أشار أحمد ماهر في خطبته إلى مشاوراته مع سائر قادة الرأي العام المصري ومع زعماء المعارضة في مجلس البرلمان وذكر إذا رسالة الحكومة البريطانية للنحاس باشا عام 1942 بشأن تمثيل مصر في مؤتمر السلام على أسس محدودة لا يمكن إعادة تأكيدها من الجانب العملي.

وأعرب أحمد ماهر في خطابه حتى مصر يفترض أن تبلغ بإعلان الحرب هدفها في حتى تجعل صوتها مسموعا دفاعا عن حقوقها ومصالحها الوطنية، وأشار إلى حتى دولا أخرى معينة مثل العراق وفارس قد أعربت الحرب دون حتى تقدم أي معونة مادية وأن السفير البريطاني قد أبلغه حتى حكومته راضية تماما عن الدور الذي لعبته مصر في الحرب وأنها حرة في إعلان الحرب حتى تتمكن من الاشتراك في مؤتمر السلام على أسس القرارات التي تم وضعها في مؤتمر يالتا.

واستطرد رئيس الوزراء بأن بلاده يفترض أن تعلن الحرب على اليابان وألمانيا لتكسب عطف الولايات المتحدة الأمريكية وإنه بعد إعلان الحرب فإن اللجنة الاستشارية التي تم تكوينها يفترض أن تبحث ما إذا كان مناسبا حتى تصفي الخلافات بين مصر وبريطانيا قبل سان فرنسيسكووإن الوقت كاف لهذا البحث قبل انعقاد المؤتمر المقرر له يوم 25 أبريل

وبعد إلقاء البيان بوقت قصير ومن مبنى البرلمان اغتيل أحمد ماهر تعبيرا عن رفض المعارضة لقرار مصر بإعلان الحرب.

ألا أنه وفي اليوم التالي 25 فبراير تمكن خلفه محمود فهمي النقراشي من الحصول على تأييد الغالبية العظمى لمجلس النواب للقرار 214 ضد صوتين والذي صوت بالثقة التامة بالحكومة وشكرها على يقظتها الدائمة ولانتهازها الفرصة لتدعيم الديموقراطية.

كما وافق مجلس الشيوخ بإعلان حالة الحرب الدفاعية بين مصر ودولتي المحور ألمانيا واليابان في نفس اليوم بأغلبية 66 صوتا لقاء 44

وتبع ذلك صدور المرسوم الملكي بإعلان حالة الحرب في 26 فبراير 1945 مما أنهى أخيرا سيرة موقف مصر من الحرب العالمية الثانية.

المصادر

أولا: وثائق غير منشورة.

وثائق وزارة الخارجية البريطانية... foreign

مصورة من دار الوثائق بلندن buplic record office

وقد تم الاستعانة من هذه الوثائق بالمطبوعات السرية confidential prints التي تضمها مجلدات تحت عنوان: further correspondence respecting The affairs of egypet and the sudan

وفيها يلى أرقام وتواريخ هذه المجلدات التي تم استخدام وثائقها:

No dat f. o. 407- 217

March, may nov. 1936 f.o. 407- 219

Fep. Dec. 1937 f. o. 407- 219

Jan. dec. 1938 f. o. 407- 221

Jan. nov. 1939 f.o. 407- 222

Jan. dec 1940 f. o. 407- 224

Jan april, june, sep. 1941 f. o. 407- 225

Feb- 1941 f. o. 407- 226

وتمت الاستعانة أيضا من وثائق وزارة الخارجية البريطانية f.o بالتقارير السرية الأسبوعية للسفير البريطاني في مصر weekly political and economic reports

وقد استخدمت التقارير رقم 116، 117، 118.

وكذلك تمت الاستعانة بتقارير الأمن العام وزارة الداخلية، أرقام: no 55- 181- 41 conf

April 2, 1941- may 11, marchعشرة may 26 1941

ثانيا: وثائق منشورة

1- أرشيف قصر القبة، محضر قصر عابدين 22 يونيو1940 محضر اجتماع رؤساء الأحزاب24 يونيو1940 تلغرافات حسن نشأت إلى علي ماهر.

2- تقارير الأمن الموجود ضمن وثائق مخطة عابدين وهي الآن في مركز دراسات ووثائق تاريخ مصر المعاصر. 3- مجموعة مضابط دور الانعقاد العادي والغير عادي من فهم 1939 لمجلس الشيوخ، تقرير لجنة الأحكام العهدية.

4- مجموعة مضابط جلسات النواب 1939، 1940.

5- هيئة الاستعلامات ملف وثائق القضية الفلسطينية

6- وزارة الثقافة مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر.

7- The Teheran, yalta Potsdam conferences- documents

ثانيا- مذكرات شخصية.

1- محمد حسين هيكل مذكرات في السياسة المصرية، جزءان الأول 1951، الثاني 1953.

2- ونستون تشرشل مذكرات تشرشل تعريب خيري حماد 1961

3- giano, count galleazzo, the gino diaries 1939- 1945 ed. Hugh gibbon, new york 1946

4- the killear diaries 1934 – 1946 evans t. e. editor 1972

5- kik, g. the middle middle east in the war new york

رابعا: دوريات

1- الاثنين – 1945

2- أخبار اليوم – 1945

3- الأهرام = 1938، 1939، 1940، 1942، 1967، 1973

4- البلاغ- 1938، 1939، 1940

5- الدستور- 1938، 1939، 1940

6- السياسة- 1945

7- الكتلة الوفدية- 1945

8- المصري- 1938، 1939، 1940

9- المصور 1945

10- المقطم- 1938- 1939

11- الوفد المصري- 1939، 1940، 1945.

خامسا: مصادر متنوعة أجنبية.

1- lugol, y, epypt and world war 11, cairo, 1945

2- Mahmud zayid, egypts struggle for independence

3- r.i.i. a, great Britain end Egypt 1941- 19151

4- Wilson, h. m. eight years overseas

5- political review of the years 1940- 1942- 1944

مصادر متنوعة عربية.

1- سيتون وليامز بريطانيا والدول العربية 1920- 1948 ترجمة د. أحمد عبد الرحيم مصطفى.

2- د.صلاح العقاد، الحرب العالمية الثانية، القاهرة، 1963.

3- عبد الرحمن الرافعي، في أعقاب الثورة المصرية القاهرة 1951

4- لطفي عثمان، المحاكمة الكبرى في قضية الاغتيالات السياسية القاهرة 1948.

5- مارسيل كولومب، تطور مصر 1924، 1950 ترجمة زهر الشايب، القاهرة 1972؟

6- محمد التابعي، من أسرار الساسة والسياسة، مصر ما قبل الثورة كتاب الهلال 1970

7- محمد شفيق غربال تاريخ المفاوضات المصرية البريطانية الجزء الأول، القاهرة 1952.

8- محمد صبيح، صفحات مطوية من الحرب العالمية الثانية، الكتاب الثاني: طريق الحرية كتاب أشهر سلسلة التاريخ الحديث.

بيان بالوثائق البريطانية التي اعتمد عليها البحث

1- برقية رقم 108 بتاريخستة نوفمبر 1936 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن ما يراه ممثل إنجلترا من حتى معاهدة 1936 لم تؤثر على نفوذه وإن غيرت صفته من مندوب سام إلى سفير.

2- برقية رقم 560 بتاريخ 30 نوفمبر 1937 من وزير الخارجية في لندن إلى السفير البريطاني في القاهرة بإسداء النصح للنحاس باشا لكي يدعم وزارته، وإلى الملك لكي يتعاون مع رئيس حكومته.

3- رسالة رقم 1060 بتاريخ 24 أغسطس 1939 من القائم بأعمال السفارة البريطانية في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن إخطار رئيس الحكومة المصرية بقيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها.

4- برقية رقم 114 بتاريختسعة نوفمبر سنة 1936 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن جماعة القمصان الزرقاء.

5- برقية رقم 570 بتاريختسعة سبتمبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزير الخارجية في لندن بشأن موقف مصر من إعلان الحرب على ألمانيا ورأي بدوي باشا.

6- برقية رقم 575 بتاريخعشرة سبتمبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزير الخارجية في لندن بشأن موقف مصر من إعلان الحرب على ألمانيا.

7- برقية رقم 527 بتاريخ 4سبتمبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزير الخارجية في لندن بشأن انقسام مجلس الوزراء حول إعلان مصر الحرب على ألمانيا.

8- برقية رقم 557 أ بتاريخثمانية سبتمبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزير الخارجية في لندن بموافقة مجلس الوزراء بالإجماع على إعلان الحرب بعد تلقي خطاب الخارجية في لندن بموافقة مجلس الوزراء بالإجماع على إعلان الحرب بعد تلقي خطاب السفير البريطاني في هذا الشأن.

9- برقية رقم 562 بتاريخثمانية سبتمبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزير الخارجية في لندن بعدول مجلس الوزراء عن قراره بعد وصول برقية من نشأت باشا وخطاب من الملك فاروق. 10- برقية رقم 1038 من وزير الخارجية في لندن إلى السفير البريطاني في الإسكندرية بتاريخ 12 سبتمبر 1939 عن لقاءة نشأت باشا للورد هالفاكس.

11- رسالة رقم 298 بتاريخ 2 أكتوبر 1939 من السفير البريطاني في الإسكندرية إلى وزيرا الخارجية في لندن بشأن التفكير في تغيير وزارة علي ماهر مع الاعتراف بجهودها في التعاون مع الحليفة.

12- برقية رقم 382 بتاريخ 25 مايو1949 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن استطلاع رأي علي ماهر باشا في موقف مصر إذا دخلت إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا.

13- برقية رقم 447 بتاريخخمسة يونيو1940 من السفير البريطاني إلى وزير الخارجية بشأن الاتجاه إلى الحياد الذي تنادى به جريدة البلاغ الموالية للقصر، بينما صحف الوفد تشير بغير ذلك وموضوع القاهرة مدينة مفتوحة.

14- برقية رقم 435 بتاريخعشرة يونيو1940 من وزير الخارجية في لندن إلى السفر البريطاني في القاهرة تأكيدا لموقف السفير وبأن انجلترا تتخذ من مصر قاعدة لعملياتها العسكرية.

15- برقية رقم 488 بتاريخ 11 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن تتضمن حتى السفير حث علي ماهر باشا ليعلن قيام حالة الحرب مع إيطاليا ووعد علي باشا بمشاورة زملائه في الأمر.

16- برقية رقم 491 بتاريخ 11يونيو1940 من السفير البريطاني إلى وزير الخارجية باقتراح تغيير وزارة علي ماهر وترشيح من يخلفه.

17- برقية رقم 502 بتاريخ 12 يونيو1940 من السفر البريطاني في القاهرة إلى وزيرا لخارجية في لندن عن بيان رئيس الحكومة المصرية في البرلمان بشن الأحوال التي تبرر دخول مصر الحرب.

18- برقية رقم 525 بتاريخ 15 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن اتصال السفير بالنحاس باشا ومحمد محمود باشا.

19- برقية رقم 530 بتاريخ 15 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بالاتجاه إلى الوفد وإبلاغه إذا إعلان حالة الحرب ليس شرطا لتولي النحاس باشا الحكم.

20- برقية رقم 468 بتاريخ 16 يونيو1940 من وزير الخارجية البريطاني إلى سفيره في القاهرة بالموافقة على تنحية علي ماهر باشا وإسناد الحكم إلى وزارة تتمتع بثقة الوفد وبولاء الجيش المصري.

21- برقية رقم 536 بتاريخ 17 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن تقديم النصح إلى الملك فاروق بضرورة استشارة النحاس باشا لصالح مصر ولصالح العرش مع التلويح بأن القائد العام للقوات البريطانية في مصر، ينتظر نتيجة تلك اللقاءة.

22- برقية رقم 493 بتاريخ 22 يونيو1940 من وزير الخارجية البريطانية إلى سفيره في القاهرة بالموافقة على إنذار الملك بإخراج علي ماهر والتهديد بوضع مصر تحت الأحكام العهدية الإنجليزية وتخويل السفير قبول تنازل الملك فاروق عن العرش إذا لم يستجيب لمطالب انجلترا.

23- برقية رقم 590 بتاريخ 23 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن تقديم الإنذار إلى الملك فاروق.

24- برقية رقم 592 بتاريخ 23 يونيو1940 من السفير البريطاني في القاهرة إلى وزير الخارجية في لندن بشأن موافقة الملك فاروق على إخراج علي ماهر باشا من الوزارة وعدم عودته إلى منصب رئيس الديوان.

تاريخ النشر: 2020-06-04 10:53:33
التصنيفات: تاريخ مصر الحديث, الحرب العالمية الثانية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

كارلو أنشيلوتي: "مبابي؟ لقد مللت الإجابة على هذا السؤال"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:19
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

حافلات النقل الحضري بفاس..دخول جامعي على وقع الاهتراء

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:15:42
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 38%

إسرائيل تستعيد عملة مسروقة بقيمة مليون دولار بعد سنوات من البحث

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:29
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 96%

آلاف السودانيين في الشارع احتجاجا على السلطات العسكرية

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:39
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 91%

دوري أبطال أوروبا: بديلا سبورتينغ يسقطان توتنهام في الوقت القاتل

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:36
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 92%

دوري أبطال أوروبا: إنتر يعود من تشيكيا بفوزٍ غالٍ بطله دجيكو

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:37
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

تشكيلة بايرن ميونيخ.. نصير مزراوي احتياطي ضد برشلونة

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:16
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

الملكة إليزابيث الثانية: رمزية وداع ملكة بريطانيا في إسكتلندا

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-13 21:16:29
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 95%

تحميل تطبيق المنصة العربية