مصر تلغي إتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل
مقدمة
في أول خطوة تظهر حجم التغيير السياسي في أعقاب «ثورة 25 يناير»، ألغت الحكومة المصرية من طرف واحد إتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل. واتى هذا الإلغاء رسميا ببلاغ أوفدته شركة الغاز المصرية المعروفة باسم «EGAS» لمورد الغاز الإسرائيلي «EMG» عن إلغاء اتفاقية تزويد الغاز الطبيعي لإسرائيل.
ردود العمل
وأثار القرار على الفور ردود عمل إسرائيلية غاضبة ليس فقط لأسباب اقتصادية، وإنما أيضا لأسباب سياسية. ويحقق القرار نوعا من تجسيد نبوءة أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلية أڤيگدور ليبرمان ونشرتها «معاريف» يوم أمس بأن الوضع في مصر أشد إقلاقا لإسرائيل من المسألة الإيرانية.
وبالرغم من حتى هذا القرار كان متسقطا إثر الثورة المصرية وبعد تفجير أنبوب الغاز إلى إسرائيل حوالي 15 مرة في سيناء، إلا حتى اتخاذه بهذا الشكل كان مفاجئا. فالقرار في طبيعته ليس مجرد قرار اقتصادي وهويتسم بصبغة سياسية بالغة الأهمية. ومن الجائز حتى تستغل إسرائيل هذا القرار لتوضح حتى المستهدف ليس الجانب
الاقتصادي وإنما معاهدة كامب ديفيد للسلام التي يعتبر التعاون الاقتصادي أحد بنودها. وبالعمل أعربت الخارجية الإسرائيلية حتى القرار كان مفاجئا لها وأنها لم تتبلغ به بعد بالطرق الرسمية.
نصوص اتفاقية السلام
تجدر الإشارة إلى حتى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل كانت تنص في أحد بنودها على تزويد إسرائيل بالنفط لمدة عشرين عاما وقد استبدل هذا البند لاحقا بتزويد إسرائيل بالغاز. وتم التوقيع على اتفاقية الغاز في العام 2005 «لأسباب استراتيجية» تتعلق بالعلاقة بين الدولتين، إذ رفضت الحكومة الإسرائيلية شراء الغاز من حقل الغاز الفلسطيني في البحر قبالة قطاع غزة، والذي تديره شركة «بريتش غاز». وكان المبرر الإسرائيلي لهذا الرفض هوأنها لا ترغب حتى تضخ المليارات في خزينة حكم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عهدات والذي اعتبرته مؤيداً للإرهاب. كما حتى مصر رأت في اعتماد إسرائيل على الغاز المصري وسيلة لممارسة الضغط من ناحية ولإثبات حسن نواياها لدى الأميركيين من ناحية أخرى.
التاريخ
وقد بدأ ضخ الغاز المصري إلى إسرائيل عبر أنبوب في البحر من العريش إلى عسقلان في العام 2008. ومن المهم الإشارة إلى حتى اتفاقية الغاز تلزم مصر بتزويد إسرائيل بـ7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا. وكان الغاز يمضى لعدد من الشركات أهمها شركة الكهرباء القُطرية وشركات كهرباء خاصة.
وحتى العام 2011 غطى الغاز المصري حوالي 40 في المئة من احتياجات محطات انتاج الكهرباء في إسرائيل، الأمر الذي قلّص تكلفة الانتاج بأكثر من مليار دولار سنويا. ولكن بعد اندلاع الثورة المصرية تعرض الخط لتفجيرات متعددة الأمر الذي قلّص وصول الغاز وزاد من تكلفة انتاج الكهرباء الإسرائيلية بحوالي 25 في المئة. وبالرغم من حتى معلقين إسرائيليين بادروا إلى تقليص التسقطات، وأعربوا حتى إلغاء الاتفاق لا يؤثر اقتصاديا على إسرائيل وأن ضرره سياسي وحسب، إلا حتى آخرين شددوا على خسائر ليس شركة الكهرباء وحسب وإنما الكثير من الشركات الإسرائيلية الأخرى.
شركة «EMG» الإسرائيلية ماذا تقول ؟
وردّت شركة «EMG» الإسرائيلية على البلاغ المصري بإلغاء الاتفاق بأن «مصر لا تفهم ما الذي تعمله. فهذه المستوى ستعيد مصر 30 عاما إلى الوراء سياسيا واقتصاديا. والأمر يتعلق بانتهاك اتفاق السلام مع إسرائيل». وأعربت الشركة حتى « EMG ترى في إلغاء الاتفاق خطوة غير قانونية تمت بغير حسن نية». وطالبت الشركة مصر بالتراجع عن قرارها. وكانت الشركة الإسرائيلية قد تقدمت بنادىوى تعويض ضد مصر بسبب انقطاع الغاز وتنظر شركات تحكيم في الأمر. وتطالب الشركات الإسرائيلية بتعويض يصل لأكثر من 8مليار دولار.
ولأسباب تتعلق بالبورصة وقيم أسهم الشركات أذيع لاحقا أنه ليس جليا بما فيه الكفاية إذا كان القرار المصري إلغاء للاتفاق من جانب واحد أم مجرد تجميد له. وتم الإيحاء بأن المستوى المصرية قد تكون مجرد خطوة تكتيكية في إطار المداولات الجارية للتحكيم في قضية التعويض التي حملتها الشركات الإسرائيلية ضد الشركة المصرية. ويرى بعض الخبراء في إسرائيل حتى البلاغ المصري قد يحدث مجرد إشارة إلى تجميد وليس إلغاء. ويبررون تقديرهم بأن أهمية الاتفاق من الناحية السياسية يحول دون إلغائه بهذا الشكل. ومعروف حتى اتفاقية الغاز أديرت على أعلى المستويات واعتبرت ملحقا باتفاقية السلام. وإلغاء الاتفاق من طرف واحد يشير إلى التغيير في الأجواء السياسية بين القاهرة وتل أبيب. ويرى هؤلاء حتى عدم ضخ الغاز يعتبر أمرا هامشيا مقارنة بانتهاك بنود معاهدة السلام.
ويثير إلغاء الاتفاق ردود عمل تبينت في إشارة مصادر اقتصادية إسرائيلية إلى أنه «من غير المنطقي حتى تلغي الحكومة المصرية اتفاقا اقتصاديا واحدا فيما هي تتمتع باتفاق اقتصادي ثانٍ وهوالمنطقة التجارية الحرة مع إسرائيل والولايات المتحدة وهوما يدر على خزينتها سنويا حوالي مليار ونصف مليار دولار ويوفر لها مئات فرص العمل».
وبادر وزير المالية الإسرائيلي يوڤال شتاينتس للإعلان عن أنه «يرى بقلق كبير البلاغ المصري أحادي الجانب عن إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل، سواء من الأبعاد السياسية أوالأبعاد الاقتصادية. فالأمر يتعلق بسابقة تضر باتفاقيات السلام وبأجواء السلام بين مصر وإسرائيل». وبحسب شتاينتس فإن على إسرائيل الآن بذل جهد مضاعف مرارا لتسريع ضخ الغاز الإسرائيلي من نيسان 2013 إلى هذا العام 2012 وحل جميع العوائق البيروقراطية من أجل تحصين استقلالنا في مجال الطاقة وتخفيض ثمن الكهرباء للاقتصاد والمواطنين على حد سواء».
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية، رئيس حزب كديما شاؤول موفاز فاعتبر حتى «هذا درك لم يسبق له مثيل في العلاقات بين الدولتين. والأمر يتعلق بانتهاك فظ لمعاهدة السلام. وهذه المستوى أحادية الجانب تستلزم ردا أميركيا فوريا بوصفهم الضامن لوجود اتفاق كامب ديفيد».
الحفاظ على ماء الوجه
كما حتى وزير الطاقة الإسرائيلي عوزي لانداوأعرب حتى «وزارة الطاقة والمياه استعدت منذ حوالي عامين لاحتمال عدم تــزويد الغاز المصري. وبناء عليه، جرى توجيه ميدان الطاقة في إسرائيل للاستعداد. وتجدر الإشارة إلى ان الغاز المصري لا يصل بشكل منتظم إلى إسرائيل منذ أكثر من عام، وفي جميع الأحوال تعمل إسرائيل لتـــكريس استقلالها في مجــال الطــاقة والتطوير السريع لمصادر الطاقة الإسرائيلية».
المصدر
- جريدة السفير
