العهد والعادة

عدّ القانون المدني السوري العهد مصدراً ثالثاً من مصادر القانون، يأتي في المرتبة بعد التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية على العكس من القانون المدني المصري الذي قدم العهد على الشريعة الإسلامية معتبراً إياه المصدر الثاني، وكذلك عمل القانون الكويتي.

العهد

لفظ العهد la coustume كلفظ التشريع له معنيان؛ فقد يشير أولاً على القاعدة القانونية ذاتها غير المكتوبة والتي تنشأ عن اطراد الناس على سلوك معين في مسألة معينة على وجه محدد، وقد يشير ثانياً على مصدر هذه القاعدة القانونية غير المكتوبة. والمعنى الثاني هوالمقصود عند الحديث عن العهد دون تخصيص.

وبذلك يمكن القول: إذا العهد، بصفته مصدراً للقواعد القانونية، هواعتياد الناس واطرادهم على اتباع سلوك معين لدرجة الاعتقاد بأن هذا السلوك واجب الاتباع.

ومن هذا التعريف يتضح حتى للعهد ركنين: الأول، مادي وهواطراد الناس واعتيادهم على سلوك معين، أوهوعادة درج عليها الناس مدة طويلة في تنظيم أمر معين بطريقة خاصة. ويشترط في العادة التي تُكِّون الركن المادي، حتى تكون عامة général وقديمة ancien وثابتة constant أومستمرة، وغير مخالفة للمعقول أوللآداب العامة أوللمبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون في بلد معين. والثاني، معنوي وهواعتقاد الناس بأن هذا السلوك واجب الاتباع ويلتزمون به كالتزامهم بالقاعدة القانونية. وهذا الاعتقاد لا ينشأ طفرة واحدة، وإنما ينموتدريجياً بطريقة غير محسوسة إلى حتى يكتمل ويستقر في النفوس فيصبح الاعتياد عهداً.

العادة

العادة l’usage؛ بالإنگليزية: Habit هي عهد لم يكتمل، أوعهد في فترة التكوين، لعدم شعور الأفراد بأنها ملزمة لهم، ويشهجر العهد والعادة في الركن المادي، لكن العادة تتوقف عند هذا الحد، أما العهد فيتميز عنها بوجود الركن المعنوي. إذن؛ فالعادة إذن مجرد اعتياد الناس واتباعهم سلوك معين دون الاعتقاد بإلزاميته.

ويمكن القول بوجود نوعين من العادات: عادات خاصة بالمجاملات، أوما نطلق عليه العادات الاجتماعية، كتقديم التهنئة في المناسبات السارة، والتعزية في المناسبات غير السارة مثلاً، وكذلك تبادل الهدايا في الأعياد والمواسم المتنوعة. ويتميز هذا النوع من العادات بأنه ليس له قوة ملزمة من الناحية القانونية. وهناك عادات خاصة بالمعاملات، وهي التي تنشأ من اطراد سلوك الأفراد على نحومعين في مسألة تتعلق بمعاملاتهم وليس بعلاقاتهم الاجتماعية، مثل العادة الجارية في بعض أسواق الخضر والفاكهة التي تباع بالعدد، بأن تعد المئة مئة وعشرين أومئة وثلاثين حبة مثلاً.

والأصل في عادات المعاملات أنها غير ملزمة، إلا إذا اتفقت الأطراف عليها صراحة أوضمناً، أوأحال إليها المشرع صراحة.

نتائج التفرقة بين العهد والعادة

1- للمحكمة حتى تطبق العهد من تلقاء نفسها ولولم يتمسك به أحد الخصوم، أما العادة فلا تطبقها المحكمة إلا إذا تمسك بها ذوالشأن.

2- إثبات وجود العهد يوكل القاضي ولا يقع على عاتق الخصوم، كما هي الحال بالنسبة للعادة. وجرى التعامل على إثبات العادات، وخاصة التجارية منها، بشهادات مكتوبة صادرة عن منظمات مهيمنة كغرف التجارة أومن قنصليات الدول في الخارج.

3- يطبق العهد إذا ما توافرت شروطه، على الناس كافة فهموا به أم لم يفهموا، تطبيقاً لقاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون، أما العادة فيلزم لتطبيقها ليس فقط فهم الأفراد بها، وإنما انصراف إرادتهم إلى الأخذ بها.

ونظراً ما للعهد من مثالب عديدة، بالرغم من بعض مزاياه، فقد تراجع العهد، وضعفت قيمته، وتقدم التشريع عليه، لكن ذلك لا يعني إمكانية الاستغناء عنه، بل ما زال للعهد أهمية كبرى بين مصادر القانون، فالتشريع لا يستطيع حتى يحوي جميع القواعد القانونية اللازمة، كما حتى المصلحة قد تقضي، أحياناً، هجر بعض الأمور للأعراف لتنظيمها.