فلسطين في العصر الإسلامي

عودة للموسوعة

فلسطين في العصر الإسلامي

تنافس الفرس والبيزنطيون على حكم فلسطين قبل ظهور الإسلام، وجرت حروب كثيرة بينهما، انتصر فيها البيزنطيون أخيراً بقيادة هرقل على الفرس، وبقيت فلسطين تحت حكم البيزنطيين حتى وَجَّهَ الخليفة أبوبكر الصديق الجيوش لفتح الشام. وكانت قيادة الجيش المتوجه إلى فلسطين لعمروبن العاص، حيث جرى أول صدام بين المسلمين والبيزنطيين في داثن (قرية من قرى غزة) كان النصر فيه للمسلمين. ثم قام عمروبن العاص ببعض الغارات المحدودة ضد القبائل العربية النازلة في النقب، وحقق عليها فوزاً كبيراً في مسقط العربات، الذي أصبح معسكراً للقوات الإسلامـية، وبعد حتى فتـح المسلمون بصرى في ربيـع الأول 13هـ/634م، سار قادة فتوح الشام باتجاه فلسطين لمساعدة عمروبن العاص، وكان البيزنطيون قد عسكروا في أجنادين (جنوب غربي القدس)، فجرت بين الطرفين أول معركة كبيرة في فلسطين، انتصر فيها المسلمون، وقتلوا قائد البيزنطيين، واستشهد فيها عدد من الصحابة، سنة 13هـ/634م. وفَّر البيزنطيون إلىفِحْلَ (على الضفة الشرقية للأردن قرب بيسان) من دون نظام وتابعهم المسلمون إليها ففتحوها ومنحوا أهلها الأمان لقاء الجزية والخراج.

تمركز البيزنطيون في شمالي فلسطين، فأقام المسلمون معسكرهم في الجابية بالجولان على نهر الرقّاد، وتمركزت جيوشهم على طول وادي اليرموك، وجرت بين الطرفين معركة اليرموك في رجب سنة 15هـ/آب 636م، انتصر المسلمون فيها، ثم بدأ عمروبن العاص بفتح معظم مدن فلسطين، ففتح غزة وسبسطية ونابلس واللد ويُبنى وعمواس وبيت جبرين ويافا ورفح، وكان يُعطي السكان الأمان على أنفسهم وأموالهم ومنازلهم لقاء الجزية والخراج، وعقد معهم معاهدات نص بعضها على إخلاء بعض المواقع والمنازل ليقيم بها الفاتحون، أولإقامة أماكن عبادة، ثم حاصر عمرووأبوعبيدة بيت المقدس التي رفض أهلها الاستسلام إلا للخليفة، فتوجه عمر بن الخطاب إليها، وعقد صلحاً مع أهلها اشترطوا فيه على الخليفة ألاَّ يُسْكِن مدينتهم أحداً من اليهود. ثم عمل عمروبن العاص على فتح بقية مدن فلسطين، التي لم تكن قد فتحت بعد، ومن أهمها قيسارية التي حاصرها عمرومرات عدة، وكان ينسحب منها حين يجد حتى لا جدوى من ذلك، حتى تم فتحها على يد معاوية بن أبي سفيان الذي ظل مقيماً عليها حتى فتحها سنة 19هـ/640م، ثم فتح عسقلان صلحاً سنة 23هـ/644م، فتم بذلك فتح فلسطين بكاملها.

لقيت فلسطين رعاية جميع من الراشدين والأمويين لم يلقها سواها من البلاد المفتوحة، فكان ذلك خيراً وازدهاراً على أوضاعها الداخلية، ولم تعكرها إلا الصراعات الداخلية على السلطة. فحين قامت الفتنة الكبرى، وقُتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفَّان كان لها أصداؤها في فلسطين فقد أيَّدت بعض القبائل القاطنة في فلسطين معاوية بن أبي سفيان ضد علي بن أبي طالب وانتهى الأمر بين الطرفين بمعركة صفين، ثم تلاها مقتل علي بن أبي طالب، وتولي معاوية ابن أبي سفيان الخلافة فدخلت فلسطين عهداً جديداً.

أعرب معاوية خلافته في بيت المقدس، وأصبحت فلسطين في عهد الأمويين أحد أجناد بلاد الشام الخمسة، فكانت الرملة قصبة جند فلسطين، ومن كورة بيت المقدس وعُمواس ونابلس وسبسطية وبيت جبرين وقيسارية ويافا وعسقلان وغزة. وكان قسم من فلسطين يتبع لجند الأردن الذي كانت قصبته طبريا، ومن مدنه الفلسطينية قَدَس وبيسان وفِحْل.

لم تكن فلسطين بعيدة عن الصراع الذي جرى بعد وفاة يزيد بن معاوية، عملى الرغم من مبايعة الكثير من بلاد المسلمين لعبد الله بن الزبير، بقي جند فلسطين وعليه حسان بن مالك بن بحدل الكلبي على موالاته للأمويين، باستثناء ناتل بن قيس الجذامي الذي أعرب البيعة لابن الزبير. لكن بعد مؤتمر الجابية ومرج راهط ضعف ناتل وقُتِلَ، وولّى الأمويون روح بن زنباع على فلسطين.

استغل البيزنطيون انشغال عبد الملك بن مروان بقتال ابن الزبير، فهاجموا عسقلان وقيسارية وعكا، وعاثوا فساداً فيها، وأجلوا أهلها عنها، فأعاد عبد الملك بن مروان إعمارها، وأنزل المرابطة بها، وأبترهم القطائع.

كان لانقسام البيت الأموي بعد مقتل يزيد بن الوليد (الثالث) أثر بالغ في عدم الاستقرار في فلسطين وقيام الثورات فيها، مما اضطر الخليفة مروان بن محمد إلى إرسال أحد قادته لتهدئة الأمور، فدانت فلسطين له في الوقت الذي كانت فيه الثورة العباسية قد نضجت، وبدأت حروب الدعوة العباسية، واضطر مروان بن محمد تحت وطأتها إلى الفرار إلى فلسطين، فتبعه إليها عبد الله بن علي عمّ الخليفة أبي العباس السفاح، فهجرها فارّاً إلى مصر، وسقطت فلسطين في يد العباسيين، فظل عبد الله بن علي فيها، حيث عاقب الأمويين على موقفهم، فقتل عدداً من وجوههم، واستولى على ضياع بني أمية فيها، ثم قام بعض الخلفاء العباسيين بمحوبعض آثار الأمويين في فلسطين, مثل ما عملوه بالمسجد الأقصى حين أصابه الخراب في عهد الخليفة المأمون، فرمّمه وأزال اسم بانيه عبد الملك بن مروان، ونسبه إلى نفسه.

نشبت ثورات عدة في فلسطين في خلافة العباسيين، إحداها في خلافة المنصور، وأخرى في خلافة هارون الرشيد سنة 190هـ/805م، قادها أبوالنداء، بسبب تشدد صاحب الخراج في الجباية. ولعل أبرز الثورات في فلسطين ضد العباسيين ثورة المبرقع اليماني 227هـ/841م، الذي أخذ يدعوالناس إلى نفسه، فتبعه خلق كثير بلغ تعدادهم مئة ألف، كانت غالبيتهم من الفلاحين.

كان المبرقع يظهر من مخبئه في النهار فيحرِّض الناس على العباسيين, ولما كثر أتباعه نادى أهل البيوتات، فاستجاب له منهم جماعة من رؤساء اليمانية، من بينهم ابن بيهس، وكان مُطاعاً في أهل اليمن، فأوفد الخليفة المعتصم لقتاله راتى بن أيوب الحضاري، فقاتله وأسره, وحمله إلى سامراء. وكانت هذه الثورة بمنزلة تعبير عن النقمة على العباسيين لعدم اهتمامهم بأحوال أهالي فلسطين الاقتصادية والاجتماعية، وعملهم على إثارة العصبيات القبلية للسيطرة على الأوضاع فيها.

حين تولى عيسى بن الشيخ الشيباني الإمارة على فلسطين سنة 247هـ/861م، اضطربت الأمور وسقط صراع دموي فيها بين لخم وجذام أدى إلى سقوط ضحايا عديدة بين الطرفين، كما طمع ابن الشيخ في مدّ سلطانه على عموم الشام ومصر، وهاجم القوافل التجارية التي تمر في فلسطين، وتحمل أموال مصر إلى العراق، فاستولى على بعضها ووزعها بين أصحابه، ثم أعرب العصيان على الخلافة العباسية. فاتَّبَعَ الخليفة المعتمد على الله معه سياسة اللين في بداية الأمر، ثم حرَّض عليه أماجور الإفرنجي وأبتره الشام، فتخلص منه. ولما توفي أماجور خضعت فلسطين لأحمد بن طولون الذي ضمها إلى مصر. ولما تولّى ابنه خمارويه الحكم سنة 270هـ/884م، هوجِمَ من قبل الخلافة العباسية، وجرت بين الطرفين معارك عدة انتهت باعتراف الخلافة العباسية بولاية خمارويه وأبنائه من بعده على مصر والشام بما فيها فلسطين.

أُسندت أعمال فلسطين إلى الإخشيديين، الذين شهد عصرهم بعض الفتن في الرملة وقيسارية وعسقلان والقدس، تمثلت في اعتداءات سقطت على بعض أماكن العبادة، وقد أسهمت بعض العناصر اليهودية في إذكاء نار الفتنة، وأدت الامبراطورية البيزنطية في فلسطين دوراً مهماً في تلك الأحداث.

ولعل أبرز أحداث فلسطين في فترة حكم الإخشيديين الصِدَام الذي جرى بين محمد بن طغج الإخشيدي ومحمد بن رائق، فتمكن الأخير من الاستيلاء على فلسطين، فقاتله الإخشيد في العريش وانتصر عليه، ثم عُقِدَ بينهما صُلْح نص على اقتسام البلاد. ولما اغتال ابن رائق سنة 330هـ/942م، استعاد الإخشيد فلسطين، فبقيت تحت حكم سلالته إلى حتى خضعت للفاطميين.

ساءت أوضاع فلسطين في العهد الفاطمي، وتنوعت القوى التي كانت تتصارع على السلطة والنفوذ فيها، وزاد الأمر سوءاً سياسة الفاطميين في إثارة القبائل العربية بعضها ضد بعض، ودخلت القبائل مسرح الأحداث، لتصبح قوة أساسية من القوى الفاعلة، كما تعرضت فلسطين لهجمات القرامطة بقيادة الحسن الأعصم، وجرت بينهم وبين الفاطميين معارك متعددة انتهت بفوز الفاطميين، وارتد الحسن الأعصم إلى الإحساء. كما تعرضت فلسطين لهجمات أفتكين الهجري الذي تحالف مع الحسن الأعصم، فقاتلهما جوهر الصقلي قائد الفاطميين، فانهزم، واضطر إلى عقد اتفاق معهما، على حتىقد يكون من غزة إلى مصر للفاطميين، وأن تكون فلسطين وبقية الشام لأفتكين، ولكن الخليفة العزيز بالله الفاطمي رفض هذا الاتفاق، وقاتلهما بنفسه، وتغلب عليهما.

ومن الأحداث التي تعرضت لها فلسطين في العهد الفاطمي أيضاً قيام الخليفة الحاكم بأمر الله بهدم الكنائس والأديرة الملكانية التابعة «لممضى بيزنطة» لسوء العلاقات بين الطرفين. فهدم البيزنطيون جامع القسطنطينية رداً على تلك السياسة وبتروا التجارة مع الفاطميين. ولما انتهت الأزمة بينهما، أمر الحاكم بإعادة بناء الكنائس.

غير حتى بيزنطة استمرت في دعمها بعض القبائل العربية المقيمة في فلسطين وإثارتها على الفاطميين إلى حتى انتهى الأمر باستيلاء بني الجراح الطائيين على فلسطين، ولم يتمكن الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله من استعادتها إلا سنة 420هـ/1029م، بعد معركة الأقحوانة، فلحق ابن الجراح بالبيزنطيين. وفي عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، تحسنت العلاقات مع البيزنطيين، وعادت التجارة بين الطرفين، ونشطت موانئ صور وعكا، واستقرت أوضاع فلسطين نسبياً، وتقلد بعض أبنائها مناصب عالية، فقد تسلم الحسن بن عبد الرحمن اليازوري (يازور قرب يافا) الوزارة الفاطمية، وكان له دور فاعل ومؤثر في السياسة الداخلية والخارجية.

لكن فلسطين خرجت عن نطاق السيطرة الفاطمية، حينما تعرضت لهجمات الخوارزمية، ففي سنة 463هـ/1070م، هاجم اتسز بن أوق مدينة طبريا واستولى عليها، كما حاصر القدس سنة 465هـ/1072م، فاستسلمت له وشدد الحصار على عكا فسقطت بيده فترة، وخطب أتسز في فلسطين للخليفة العباسي، وبتر الخطبة للخليفة الفاطمي، إلا أنه لم يحسن معاملة سكان فلسطين مما أدى إلى انتفاضهم عليه، ثم ما لبث حتى قُتل على يد تتش بن ألب أوفدان السلجوقي الذي استولى على ما كان بيده، فمنح حكم بيت المقدس 475هـ/1082م، إلى أرتق بك بن أكسب الهجرماني.

عادت القدس إلى طاعة الفاطميين أثناء حصار صليبيي الحملة الأولى، لمدينة أنطاكية سنة 492هـ/1099م، ولكنهم لم يهنؤوا بحكمها، إذ تمكن الصليبيون من دخولها بعد حصار دام أربعين يوماً، وارتكبوا فيها مذبحة صارت حديث التاريخ، بلغ عدد ضحاياها سبعين ألفاً، أكثرهم من المدنيين والمجاورين، وسالت دماء المسلمين حتى الركب. وتابع الصليبيون احتلال مدن فلسطين الواحدة بعد الأخرى، حيث أسسوا فيها مملكة بيت المقدس الإقطاعية، التي أصبح لها اليد العليا على الإمارات الصليبية في الشام. وكان اعتماد الصليبيين فيها على مساندة ومساعدة الحجاج المسيحيين الوافدين إليها، وعلى أساطيل التجارة التابعة للمدن الإيطالية التجارية.

اضطلع الفاطميون والسكان المحليون في فلسطين بمقاومة الصليبيين منذ احتلالهم فلسطين، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحريرها، ثم انتقل أمر تحريرها إلى الدولة البورية والزنكية، فتراوح موقف البورية بين العداء والمهادنة لصليبيي بيت المقدس، ثم حمل لواء التحرير عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود ثم من بعدهما صلاح الدين الأيوبي، وأشهر ما جرى بين الأخير والصليبيين معركة حطين التي انهزم الصليبيون فيها، في ربيع الثاني 583هـ/ حزيران 1187م. وترتب على نصر حطين انهيار مملكة بيت المقدس، التي لم يبقَ منها إلا ظل باهت، إذ استسلمت مدن فلسطين الواحدة تلوالأخرى، بما فيها بيت المقدس وعكا، وسجل المؤرخون لصلاح الدين في هذا الفتح الرحمة والتسامح وروح الفروسية العالية.

سمح صلاح الدين للصليبيين الخارجين من بيت المقدس بالتجمع في صور، فازدادت قوتهم بها، وأوفدت أوربا حملة صليبية، عهدت بالحملة الثالثة، لإنقاذ من تظل من الصليبيين في مملكة بيت المقدس، فحاصرت عكا، ووقف صلاح الدين في وجهها، ولكن كثرة الإمدادات الصليبية البحرية أدت إلى طول الحصار، وجرت مفاوضات بين الطرفين تسلم الصليبيون نتيجتها عكا، فغدروا بسكانها وحاميتها، وانتهى أمر هذه الحملة بصلح الرملة.

ساد الهدوء في فلسطين بعد صلح الرملة؛ فأدى ذلك إلى نشاط التجارة والزراعة وإعمار فلسطين.

توفي صلاح الدين في 26 صفر 589هـ/3 آذار 1193م؛ فانقسمت الدولة الأيوبية على نفسها، وانقسمت فلسطين تبعاً لذلك إلى أربعة أنطقيم، إقليم ساحلي يحكمه الصليبيون ما بين صور ويافا، وثلاثة أيوبية مقسمة بين ممالكهم في جميع من مصر ودمشق والكرك، وأحياناً إلى قسمين إذا جُمع حكم دمشق ومصر لأحد الأيوبيين. وخفَّت وطأة الحملات الصليبية إلى فلسطين بعد حتى انصرف بعضها إلى مصر وشمالي أفريقيا، ولم يصل إليها إلا ما سمي بالحملة السادسة التي قادها فريدريك الثاني Frederic II امبراطور ألمانيا وصقلية في قلة من الرجال سنة 625هـ/1228م، فتمكن من عقد اتفاقية يافا مع السلطان الكامل الأيوبي من دون قتال في ربيع الثاني 627هـ/شباط فبراير 1229م، مدة عشر سنوات حصل بموجبها فردريك على القدس وبيت لحم والناصرة على حتى تكون سائر قرى القدس والحرم للمسلمين لا يدخلها صليبي.

امتعض المسلمون من هذه الاتفاقية، وبدؤوا العمل على استعادة القدس، التي أصبحت بين أخذ ورد بين المسلمين والصليبيين، إلى حتى تمكن الناصر داود الأيوبي سنة 636هـ/1239م من فتحها وطرد الصليبيين منها. ثم مالبث الصالح إسماعيل حتى سلّمها لهم ثانية، ثم استعادها الصالح أيوب بالاستعانة بالخوارزمية، الذين سُمِحَ لهم بالاستقرار في فلسطين، فقاموا بقتال الصليبيين واستولوا على الكثير من الضياع، وأصبحت مدن فلسطين تُحتل مرة وتستعاد مرة ثانية، حتى قدم المغول إليها وأخذوا بالانسياح فيها, فاحتلوا نابلس ووصلت طلائعهم إلى غزة فخربوا ونهبوا.

في هذه الأثناء توفي آخر سلاطين الدولة الأيوبية (الملك الصالح أيوب) وتولى المماليك منطقيد الحكم في مصر.

خرج المظفَّر قطز المملوكي منها ومعه الظاهر بيبرس لقتال المغول في رمضان 657هـ/آب/أغسطس 1259م، وساعده أهل القرى من فلاحي فلسطين، فطاردهم حتى عين جالوت، حيث سقطت المعركة المشهورة في رمضان سنة 658هـ/آب/أغسطس 1260م، انتصر المماليك فيها، وقُتل خطغانوين قائد المغول. كانت معركة عين جالوت من المعارك الحاسمة في التاريخ؛ لأنها أنقذت المشرق العربي الإسلامي كله من أخطر تهديد تعرض له، وكانت نهاية المد المغولي، وأدت إلى تبعية فلسطين للمماليك.

سقط على المماليك عبء إتمام تحرير فلسطين من الصليبيين بقيادة الظاهر بيبرس ومن أتى بعده من المماليك، فقاد بيبرس معارك عدة ضدهم في عكا وقيسارية وأرسوف وصفد ويافا، وانتصر على الصليبيين بأكثر من مسقطة، واستسلمت له الحاميات الصليبية جميعها عدا قاعدتهم الكبيرة في عكا. وخافه الصليبيون في مناطق متعددة فأعربوا خضوعهم له، وسقطت بيده قلاع عدة مثل هونين، وتبنين والشقيف.

أخذ الصليبيون بتحصين عكا وتموينها؛ لأن سقوطها يعني نهاية وجود الصليبيين، ووصلت إليها نجدات أوربية أشعرت الصليبيين في عكا بقوتهم، وعلى الرغم من ذلك فإنهم استعانوا بالمغول حين قدم بيبرس لحصارها؛ مما أدى إلى عدم تمكنه من فتحها، لكنه تمكن من فتح حصون عدة حولها، وطلب صليبيوعكا الصلح، فعقد بيبرس معهم صلحاً عشر سنوات بدءاً من 670هـ/1272م، وكانت موافقته على الصلح بسبب الظروف العامة التي قابلها المسلمون، وتوفي بيبرس سنة 676هـ/1277م، وانتقلت مهمة تحرير مدن فلسطين من الصليبيين إلى قـلاوون الألفي الذي عقد مع الداويـة والاسبتاريـة هـدنة مـدة عشر سنوات من 680هـ/1281م.

تمتعت عكا برخاء مادي كبير وأرباح تجارية خيالية، لكنها أصبحت بؤرة فساد وانحطاط وشرور، وانفجرت أعمال العنف فيها ضد المسلمين، فحشد قلاوون الجيوش وزحف للاستيلاء عليها، ولكنه توفي قبل تحقيق ذلك، فتابع ابنه الأشرف خليل عمله، وتحركت قواته نحوعكا سنة 690هـ/1291م، وأعد الصليبيون العدة للدفاع عنها وحاصرها المسلمون قرابة الشهر والنصف فتمكنوا من خرق الأسوار ودكّها، ودخلوا المدينة فخرج الصليبيون منها. وأدى سقوط عكا إلى سقوط جميع الحصون التي كانت قد بقيت في يد الصليبيين في فلسطين، وبذلك تحررت فلسطين من الصليبيين نهائياً على يد المماليك.

جعل المماليك فلسطين ثلاث نيابات، نيابة غزة، ونيابة صفد، ونيابة القدس. وكان يحكم جميع نيابة نائب عن السلطان المملوكي، يساعده عدد من الموظفين، وقد وزع المماليك الإقطاعات على الجنود والأمراء من العرب البدووالمماليك، واستمرت فلسطين تُحكم بهذه الطريقة حتى دخول العثمانيين إليها.

المصادر

  1. ^ "فلسطين". أمينة بيطار. 2013-02-5. Retrieved 2013-01-10. Check date values in: |date= (help)
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:38:46
التصنيفات: CS1 errors: dates, تاريخ فلسطين

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هذه توقعات أحوال الطقس اليوم السبت

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:25:09
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

برشلونة يضم الدولي الاسباني ماركوس ألونسو قادما من تشلسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:44
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

واشنطن تعلن عن مبيعات أسلحة جديدة الى تايوان وتثير غضب الصين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:54
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

هذه توقعات أحوال الطقس اليوم السبت

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:25:07
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

خلال أسبوع.. ضبط 14.7 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:32
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

‎الإمارات تدين استهداف مسجد في «هيرات» الأفغانية: «جريمة نكراء»

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:36
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

روسيا تودع جورباتشوف اليوم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:23:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

خلال 24 ساعة.. تسجيل 66 إصابة جديدة بكورونا في المملكة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:35
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

برشلونة يضم الدولي الاسباني ماركوس ألونسو قادما من تشلسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:47
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

السنغالي عبد الله باثيلي مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:25:35
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

أسعار الذهب اليوم في المملكة.. ارتفاع مفاجئ

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:33
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

كارثة بيئية .. ذوبان أنهار جليدية في سويسرا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:38
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

واشنطن تعلن عن مبيعات أسلحة جديدة الى تايوان وتثير غضب الصين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:57
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

دراسة : المشي 5 دقائق بعد تناول الطعام يحمي من مرض السكري

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:24:39
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

السنغالي عبد الله باثيلي مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:25:36
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

شقيق الزميل الدهاس في ذمة الله - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 12:23:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

تحميل تطبيق المنصة العربية