فهم اللغة النفسي psycholinguistics (فهم نفس اللغة) هوالمدخل النفسي للغة، حيث يعدها رد عملٍ للعمليات العقلية، والتفكير، ومحاولة فهم الدوافع، والاحتياجات المتنوعة للإنسان في أثناء وجوده في المواقف الاجتماعية المتنوعة في ضوء ما يتعرض له من مثيرات وما يصدر عنه من استجابات تعكس قدرته على التكيف والتوافق النفسي مستنداً في ذلك إلى خبراته السابقة وخصائصه الشخصية.

يدرس فهم اللسانيات النفسي أوفهم اللغة النفسي العمليات العقلية للفهم والإدراك بأدوات مستقاة من اللسانيات، وأخرى من فهم النفس ، وكيف حتى استخدام اللغة يتأثر بعمليات عقلية غير مباشرة. وهناك ثلاثةُ أسئلةٍ رئيسة يحاول هذا فهم اللغة النفسي الإجابةَ عليها وهي: كيف من الممكن أن يكتسب الإنسان اللغة، وكيف يفهمها، وكيف ينتجها.

وتعتبر دراسات اكتساب الأطفال للغة، وتفهم الأفراد لغة ثانية دراسات لسانية نفسية في الأساس، ويسعى الباحثون في هذا المجال لتطوير نماذج models تبين كيف من الممكن أن تتأسس وتتطور اللغة وتستخدم، وكيف يتم فهمها باستخدام دلائل مما يحدث نتيجة استخدام اللغة بشكل غير معياري،

ويُبرِز فهم اللغة النفسي الروابط المتنوعة بين الظواهر اللغوية والدراسات النفسية للعمليات العقلية لكل من الذاكرة والحالات الوجدانية والنفسية، مما يُتيح الفرصة لفهم كثير من الظواهر اللغوية فهماً متعمقاً وتفسيرها.

ويعدّ اكتساب اللغة الأم من أساسيات فهم اللغة النفسي، فهي اللغة الأولى التي ينطق بها الطفل في المراحل المبكرة من العمر والتي تؤثر في عملية اكتسابها مؤثرات بيولوجية وفيزيولوجية واجتماعية. كما حتى تفهم اللغات الأجنبية بجانب اللغة الأصلية أواللغة الأم أمر جوهري في فهم اللغة النفسي، ويختص ذلك بالبحث في العوامل المتنوعة المؤثرة في تفهم اللغات، ومنها عوامل داخلية وخارجية، ومساعدة، ومُعوِّقة.

المجالات الدراسية

دراسات ثورندايك

أشار إدوارد لي ثورندايك Edward Lee Thorndike إلى حتى وظيفة اللغة تقوم على التعبير عن أفكار الإنسان المتحدث أوعواطفه ووجداناته، وقد تعرض هذا الرأي لمجموعة من الانتقادات، إذ إذا اللغة لا تستعمل للتعبير فقط، ولكنها تستعمل أيضاً لإثارة أفكار السامع ومشاعره، بل قد تدفعه إلى العمل والحركة…

دراسات واطسون

يُعدّ جون برودس واطسون John Broadus Watson من روّاد المدرسة السلوكية، وعدّ اللغة هي الكلام المنطوق عملاً، وعدّ التفكير نوعاً من الكلام الداخلي.

دراسات پاڤلوڤ

إن اللغة عند إيڤان پاڤلوڤ Ivan Petrovich Pavlov تتألف من ردود أفعال أواستجابات للمؤثرات الخارجية بحيث يؤدي الشكل المقبول اجتماعياً منها إلى تكوين عادة لدى الفرد، وهذه العادة يتم تكوينها وتثبيتها عن طريق الثواب الذي يقدمه المجتمع للفرد ابتداء من الوالدين وامتداداً إلى باقي أفراد المجتمع ومؤسساته، وبذلك يتفهم الطفل اللغة ويحفظ ويختزن عدداً محدوداً من نماذج الجمل، وعندما يتأثر الفرد بمؤثر خارجي يستجيب له بإحدى هذه النماذج المخزونة.

دراسات سكِنر

أشارت تجارب بورهوس فردريك سـْكـِنر B.F.Skinner إلى اللغة على أنها عادة مكتسبة، مثلها في ذلك مثل عادات الإنسان الأخرى التي يكتسبها عبر مراحل نموه، ووصف سكنر الطفل بأنه يولد وذهنه صفحة بيضاء خالية من اللغة تماماً، وعندما ينجح الطفل في اكتساب عادة اللغة معقدة التكوين ـ نتيجة التدريب المتواصل الذي يخضع لنظام وتَحَكُّمٍ ـ فإن ذلك يمكنه من تفهم عادات لغوية أخرى، إلى غير ذلك. وعدّ سكنر التفكير نوعاً من السلوك البشري مثل السلوك اللغوي، وأشار إلى عدم جواز التمييز بينهما على أساس أنهما شيئان مختلفان.

النظريات

اكتساب اللغة

يُعْنى فهم اللغة النفسي بدراسة اكتساب اللغة عند الأطفال خاصة، إضافة إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك بيولوجية كانت أونفسية أواجتماعية. كما يبحث في تفهم اللغات الأجنبية والعوامل المؤثرة في ذلك، ويعنى بدراسة عيوب النطق والكلام… إلخ. ويدخل ضمن اهتمام هذا الفهم الحالة التي عليها جميع من الشخص المرسل والمتلقي (المستقبل).

لقد اتسع فهم اللغة النفسي، فتحدد موضوعه بدراسة ظاهرة الكلام من حيث كيفية نشأتها لدى المرسل وكيفية تحققها لدى المستقبل. وإذا كان فهم اللغة يهتم بالتراكيب والبنى اللغوية فإن فهم اللغة النفسي يهتم بتتبع كيفية اكتساب اللغة وقيام الأنظمة اللغوية بوظيفتها بين المرسل والمستقبل إلى جانب اهتمام هذا الفهم بالأداء الكلامي وكيفية استعمال اللغة.

ولا يعدّ فهم اللغة النفسي فهماً قائماً بذاته، بل يقوم على العلاقات المتبادلة بين فهم النفس من جهة واللسانيات أوعلوم اللغة من جهة أخرى. ويدرس اللغة في استخداماتها اليومية، ويفيد من طرائق تدريسها وسيكولوجية تفهمها ومن مدارس فهم النفس المتنوعة؛ وذلك في علاج عيوب النطق وتعليم القراءة والكتابة سواء اللغة الأم أم اللغات الأجنبية.

استيعاب اللغة

وقد أفاد فهم اللغة النفسي في الآونة الأخيرة من نظريتي التفهم والاتصال ومن ثورة المعلومات، مما أدى إلى تحسين العلاقة بين أركان عملية الاتصال (المرسل والمستقبل والرسالة) وتطويرها. ويركز هذا المدخل على فهم المعنى النفسي (دلالة الألفاظ)، أوالمعنى الدلالي الذي يختلف من فرد إلى آخر وفقاً لما يسميه فهماء النفس بالتمايز الدلالي للألفاظ semantic differentiation.

نظرية شترن

تتسم نظرية شترن W.L.Stern بالعقلانية، وهويميز بين ثلاثة أصول للكلام، هي: الميل التعبيري والميل الاجتماعي والميل القصدي، أما الميلان الاجتماعي والتعبيري فهما وراء ما يلاحظ من مبادئ اللغة لدى الحيوانات، والميل القصدي يميز الإنسان على وجه الخصوص. ويحدد شترن القصدية على أنها توجيه نحومضمون أومعنى معيّن، ويرى حتى الطفل في عامه الثاني يصبح واعياً الرموز والحاجة إليها، ويعتقد شترن حتى اكتشاف الطفل للوظيفة الرمزية للكلام يمثل عملاً عملية تفكيرية بكل معنى هذه الحدثة؛ إذ إذا فهم العلاقة بين الرمز والمعنى تختلف من حيث المبدأ عن الاستخدام البسيط للصور الصوتية وصور الموضوعات وارتباطاتها الحسية.

نظرية پياجيه

يطلق على نظرية جان پياجيه Jean Piaget النظرية التكوينية؛ لأنها تتناول اللغة في إطار تكوينها عند الطفل ودورها في نموالإدراك والفكر، واللغة برأيه تنظيم قائم ضمن المجتمع، وقد أفرد بياجيه مساحة كبيرة لبحث العلاقة بين اللغة والفكر، ويرى حتى النموالفكري يتم بذاته، ويتبعه التطور اللغوي، فالنموالفكري سابق للنمواللغوي، والنموالعقلي وطرق تمثل الأمور تسير بفترة العمل action ثم الصورة image ثم اللغة langue.

نظرية ڤيگوتسكي

عرض ليڤ سيمينوڤتش ڤيگوتسكي Lev Semyonovich Vygotsky العلاقة بين الفكر واللغة، فمعنى الحدثة يمثل الارتباط الوثيق بين الفكر واللغة، فالحدثة الخالية من المعنى ليست إلا صوتاً أجوف، ولا تعدّ حدثة، ومعنى الحدثة ليس إلا تعميماً أومفهوماً، والتعميم والمفهوم هما أكثر وظائف الفكر خصوصية.

ويفرق ڤيگوتسكي بين مستويين مختلفين من الكلام، أولهما المظهر الداخلي الدلالي للكلام، وثانيهما المظهر الخارجي الصوتي الذي يبدأ عند الطفل من حدثة واحدة، ثم يربط الطفل بين حدثتين أوثلاث، ومن ثم يؤلّف جملاً قصيرة في البدء، وطويلة بعد ذلك؛ أي يمثل انتنطقاً من الجزء (الحدثة) إلى الكل (الجملة).

نظرية تشومسكي

اللغة في رأي نعوم تشومسكي Noam Chomsky عملية عقلية معقدة، والإنسان يولد ولديه قدرة لغوية محدودة تساعده على اكتساب أيّ لغة يعيش في مجتمعها. وأضاف تشومسكي صفة مهمّة للغة، وهي قدرة المتحدث بلغة معيّنة على تأليف جمل وتعابير جديدة لم يستخدمها أحد من قبله وابتكارها، أوعلى الأقل لم يسمعها هونفسه من قبل.

إن ما عرض سابقاً هوبعض النظريات اللغوية الأساسية، وتوجد دراسات نظرية أخرى غيرها، منها على سبيل المثال دراسات فرديناند دي سوسير Ferdinand de Saussure وفرانز بواز Franz Boas وإدوارد ساپير Edward Sapir وليونارد بلومفيلد Leonard Bloomfield وغيرهم.

المنهجيات

المهام السلوكية

ويهتم هذا المدخل أيضاً بصور التعبير المتنوعة للإنسان سواء منها اللفظية أم غير اللفظية التي تعتمد على الإشارات والحركات الجسمية، بوصفها جميعاً تعكس الدوافع الكامنة في أعماق النفس البشرية، إضافة إلى الاهتمام بالطبيعة الصوتية للغة ووظيفتها الاجتماعية والتنوع البنيوي اللغوي واستخدامه بين الأفراد من مجتمع إنساني إلى آخر.

حركات العين

أخطاء إنتاج اللغة

يهتم هذا الفرع أيضاً بدراسة مشاكل اللغة والتخاطب مثل صعوبات الكلام (الدسلكسيا Dyslexia) أواحتباس الكلام الأفازيا (الحبسة Aphasia) الخ.

يضاف إلى ذلك الاضطرابات اللغوية الخاصة بعيوب النطق والكلام نتيجة إصابة بعض أجهزة الإنسان ذات الصلة باللغة (اضطراب أوتلف في أجهزة النطق أوفي المراكز العصبية بالمخ…إلخ)، وتعد هذه الاضطرابات اللغوية جانباً مهماً من جوانب الدراسة في فهم اللغة النفسي، إذ إذا هذه الاضطرابات تؤثر من الناحية النفسية في شخصية الفرد.

التصوير العصبي

هجرز الدراسة في فهم اللغة النفسي على الأساس الفيزيائي والعضوي والعصبي للغة من جهة وعلى الأساس النفسي للغة من جهة ثانية. ويتناول الأساس الأول الجانب الصوتي والمرئي للغة، والحواس التي تنقل اللغة إلى الإنسان، وهي حواس السمع والبصر وكذلك اللمس للمكفوفين. كما يشتمل على النواحي البيولوجية والفيزيولوجية للغة، إضافة إلى الأساس العصبي لها عند المتحدث والمتلقي والقارئ. ويختص الأساس النفسي بالعمليات الذهنية المتنوعة التي يتم فيها اكتساب اللغة منذ الطفولة وفي مدارج العمر التالية، وكذلك بتفهم اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة القومية.

فهم اللغة التطبيقي

يهتم هذا المجال بتطبيقات اللغة فهماً في المجالات المتنوعة، مثل:

فهم اللغة النفسي الذي تم تعريفه بداية وفهم اللغة الاجتماعي الذي يُعْنَى بتأثير المجتمع في اللغة واللغة في المجتمع، ويدرس معضلة اللهجات الجغرافية والطبقية، والازدواج اللغوي وما شابه ذلك. وفهم اللغة الآلي الذي يفهم تطوير المادة اللغوية للحاسوب والاستفادة منه في الدراسات اللغوية.

ومن تطبيقات اللغة الأخرى صناعة المعاجم وإعداد المعاجم أحادية اللغة وثنائية اللغة أومتعددة اللغات، وتنسيق المواد اللغوية وجمعها وأساليب عرضها… وتعليم اللغات، وهوأبرز فروع فهم اللغة التطبيقي على الإطلاق، وهوالذي يعنى بكلّ ما له صلة بتعليم اللغات من أمور نفسية واجتماعية وتربوية بما في ذلك الاتجاهات والطرائق المتنوعة والتقنيات التربوية، إضافة إلى دراسة أوجه الشبه والاختلاف بين اللغات المتنوعة والصعوبات التي تقابل دارسي اللغات الأجنبية، وكذلك تصميم الاختبارات في اللغات المتنوعة وطرق تحسينها بمحتواها وجوانبها الفنية، وأخيراً طرائق محوالأمية وأساليب تعليم الكبار وطرق التعليم المستمر.

انظر أيضاً

• Feral child
• لغة الإشارة
• اكتساب اللغة
• المخ البشري
• لسانيات عصبية
• القراءة
• لغة الحيوان
• فهم النفس التربوي
• معالجة اللغة
• Speech perception
• TRACE model

المصادر

قراءات اضافية

A short list of books that deal with psycholinguistics, written in language accessible to the non-expert, includes:

• Belyanin V.P. Foundations of Psycholinguistic Diagnostics (Models of the World). Moscow, 2000 (in Russian) [1]
• Chomsky, Noam. (2000) New Horizons in the Study of Language and Mind. Cambridge: Cambridge University Press.
• Harley, Trevor (2008) The Psychology of Language: From data to theory (3rd. ed.) Hove: Psychology Press.
• Lakoff, George. (1987) Women, fire, and dangerous things: what categories reveal about the mind. Chicago: University of Chicago Press.
• Piattelli-Palmarini, Massimo. (ed.) (1980) Language and learning: the debate between Jean Piaget and Noam Chomsky. Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
• Pinker, Steven. (1994) The Language Instinct. New York: William Morrow.
• Rayner, K. and Pollatsek, A. (1989) The Psychology of Reading. New York:Prentice Hall.
• Steinberg, Danny D., Hiroshi Nagata, and David P. Aline, ed. (2001) Psycholinguistics: Language, Mind and World, 2nd ed. Longman [2]
• Steinberg, Danny D. & Sciarini, Natalia. (2006) Introduction to Psycholinguistics 2nd edition. London: Longman.
• Aitchison, Jean. (1998). The Articulate Mammal: An Introduction to Psycholinguistics. Routledge.
• Scovel, Thomas. (1998). Psycholinguistics. Oxford University Press.
• داود عبده، دراسات في فهم اللغة النفسي (جامعة الكويت، الكويت 1984).
• عبد المجيد أحمد منصور، فهم اللغة النفسي (جامعة الملك سعود، الرياض 1982).

وصلات خارجية

• Applied Linguistics Resources on Dmoz
• Center for Applied Linguistics homepage
• Max Planck Institute for Psycholinguistics homepage