تاريخ التعليم في المملكة المتحدة

عودة للموسوعة

تاريخ التعليم في المملكة المتحدة

تاريخ التعليم في إنگلترة يمكن إرجاعه إلى الإستيطان الأنگلوسكسوني لإنگلترة، أوحتى إلى عهد الاحتلال الروماني. أثناء مدارس العصور الوسطى والتي تأسست لتدريس قواعد اللغة اللاتنية، وكانت فترة التدريب هي الطريقة الأساسية للدخول في ممارسة المهنة. تأسست جامعة أوكسفورد، في أعقاب تأسيس جامعة كمبريدج. تأسس نظام الإصلاحي "لمدارس قواعد اللغة المجانية" في عهد الملك إدوارد السادس.

جامعات إنجلترا - القرنان 12-13

نشأت أكسفورد، كما نشأت بسبورس المماثلة لها في إسمها، لتكوين معبراً للماشية؛ ذلك بأن نهر التايمز يضيق عند هذه النقطة ويقل غوره. وبنى حصن عندها في 912، ونشأت سوق، وعقد الملكان كنوت Cnut وهرلد Harold جمعيات هناك قبل حتى تنشأ الجامعة بزمن طويل. ويبدوإذا مدارس نشأت في أكسفورد في أيام كنوت، ولكننا لا نسمع بوجود مدرسة كتدرائية بها. ونسمع حوالي عام 117 عن وجود (أستاذ في أكسن‌فورد)، Oxenford. وفي عام 1133 اتى من باريس ربرت بلن Robert Pullen، وهورجل من رجال الدين، وأخذ يحاضر في اللاهوت في أكسفورد(52). وخطت المدرسة خطوات لا يعهد التاريخ عنها شيئاً الآن، أضحت بعدها مدرسة أكسفورد في القرن الثاني عشر مدرسة عامة أي جامعة -(ولا يعهد أحد متى تم ذلك) (53). وفي عام 1209، كما يقدر ذلك أحد كتاب ذلك العصر، كان في أكسفورد ثلاث آلاف طال ومدرس(54). وكان فيها كما كان في جامعة باريس أربع كليات: كلية الفنون، وكلية اللاهوت، وكلية الطب، وكلية قانون الكنيسة. أما تدريس القانون المدني فقد أغلقته الجماعات في إنجلترا واستقر في دور المحاكم في لندن -وكانت دار لنكولن، وجراى، والمعبد الداخلي Inner Temple، والمعبد الأوسط Middle Temple في القرن الرابع عشر وليدة البيوت أوالحجرات التي كان القضاة وأساتذة القانون في القرن الثاني عشر يستقبلون فيها الطلاب ليدربوهم.

وبدأت الكليات في أكسفورد كما بدأت في باريس وكمبردج أروقة محبوسة عليها الأموال لفقراء الطلاب، وأصبحت في زمن مبكر، بالإضافة إلى غرضها الأول قاعات للمحاضرات؛ فكان المدرسون يسكنون فيها مع الطلاب، ولم ينقص القرن الثالث عشر حتى كانت القاعات هي الأقسام المادية والتعليمية التي تكونت منها الجامعة. وحوالي عام 1260 أنشأ السير جون ده باليول Sir John de Balliol الاسكتلندي (والد الملك الذي حكم اسكتلندة في عام 1292) (بيت باليون) في أكسفورد، ليكفر به عن جرم غير معروف، ليأوى بعض الطلاب الفقراء الذين سموا Socii أي الزملاء، وخص كلا منهم بثمانية بنسات (أي ما يعادلثمانية دولارات أمريكية) في الأسبوع. وبعد ثلاث سنين من ذلك الوقت أنشأ والتر ده مرتون Walter de Merton (بيت طلاب مرتون) في مولدن Malden أولاً ثم في أكسفورد بعد قليل، وحبس عليه بعض المال، ليعنى بطلاب بقدر ما تمكنه من ذلك موارده. وتضاعفت هذه الإيرادات أكثر من مرة على أثر ازدياد قيمة الأرض، وبلغ هذا الارتفاع حداً شكاً معه كبير الأساقفة پكم Peckham في عام 1284 من إذا (الطلبة الفقراء) يتلقون منحاً إضافية (للمعيشة المترفة) (55). ويمكن القول بوجه عام إذا الكليات الإنجليزية لم تغتن بفضل المنح الدراسية وغيرها من الهبات فحسب، بل اغتنت فوق ذلك بفضل ازدياد قيمة الضباع التي حبست عليها. وفي عام 1280 أنشأت قاعة الجامعة- وهي الآن كلية الجامعة University College بهبة من وليم الدرهامي كبير أساقفة روان Rouen. ويتبين الإنسان كيف من الممكن أن بدأت هذه الكليات الشهيرة بداية متواضعة إذا اطلع على شروط تأسيسها، فقد كانت تنص على وجود أربعة أساتذة وعدد من الطلاب الذين يهمهم حتى يسكنوا معهم. وكان الأستاذة يختارون واحداً من بينهم ليكون "الزميل الأكبر" أو"الرئيس principal" وهوالاسم الذي يعهد به عمداء الكليات الإنجليزية في هذه الأيام. وكانت جامعة أكسفورد في القرن الثالث عشر هي هذه الكليات مجتمعة في نقابة الاساتذة University ؛ وكان هؤلاء يحكمهم وكلاء عنهم ثم مدير يختارونه ويخضع إلى أسقف لنكولن وإلى الملك.

ولم يحل عام 1300 حتى كانت أكسفورد مركزاً للنشاط الذهني والنفوذ العام لا تفوقها في ذلك إلا باريس. وكان اشهر خريجيها كلهم هوروجر بيكن. والتف حوله عدد اخر من الرهبان الفرنسيس من بينهم آدم مارش Adam Marsh ، وتوماس من يورك Thomas of York، وجون پكم John Peckham، فتألفت منه ومنهم جماعة ممتازة من رجال الفهم. وكان زعيمهم وملهمهم روبرت گروس‌تسته Robert Grosseteste (1175؟- 1253) أظرف شخصية في حياة أكسفورد في القرن الثالث عشر. فقد تفهم فيها القانون والطب، والعلوم الطبيعية، وتخرج في عام 1179، ونال درجته في علوم الدين في 1189، وسرعان ما اختير بعدئذ (أستاذ مدارس أكسفورد)- وتلك اقدم صورة من لقب مدير الجامعة.

وأصبح في عام 1235، وهولا يزال مديراً لجامعة أكسفورد، أسقف لنكولن، وأشرف في منصبه هذا على إتمام الكاتدرائية العظيمة. وأبدى نشاطاً عظيماً في تشجيع دراسة اللغة اليونانية وأرسطو، واسهم في الجهود العقلية الجبارة التي بذلت في القرن الثالث عشر للتوفيق بين فلسفة أرسطووالدين المسيحي، وخط شروحاً لكتاب الطبيعة لأرسطو، والتحليلات، ولخص علوم زمانه في موسوعة فهمية، وعلى على إصلاح التقويم. وكان يفهم المبادئ التي يقوم عليها المجهر والمرقب، وفتح أبواباً كثيرة لروجر بيكن في الرياضيات والعلوم الطبيعية؛ واكبر الظن انه هوالذي عهد بيكن بالخصائص المكبرة للعدسات. ويبدوحتى كثير من الآراء التي نعززها إلى بيكن - في فن المنظور، وقوس قزح، والمد والجزر، والتقويم، والاعتماد على التجارب الفهمية- قد أشار بها عليه جروستستي، ونخص منها بالذكر الفكرة القائلة حتى العلوم كلها يجب حتى تعتمد على الرياضيات، لان القوى كلها أثناء انتنطقها في الفضاء تتبع أشكالاً وقواعد هندسية(57). وخط شعراً فرنسياً ورسالة في الزراعة، وكان رجل قانون وطبيباً، كما كان عالماً في الدين وفي العلوم الطبيعية، وقد شجع دراسة اللغة العبرية، وكان يهدف بذلك إلى هداية اليهود إلى الدين االمسيحي، وكان في هذه الأثناء يعاملهم معاملة المسيحي الكثير التسامح، ويحميهم قدر ما يستطيع من حقد الجماهير واعتدائهم. وكان فوق هذا كله مصلحاً اجتماعياً نشيطاً، يدين على الدوام بالولاء للكنيسة، ولكنه جرؤ على ان يعرض على البابا إنوسنت الرابع في (1250) مذكرة مكتوبة يعزوفيها عيوب الكنيسة إلى محكمة الكرسي البابوي(58). وانشأ في أكسفورد أول (صندوق) يقرض الطلاب المال بغير فائدة(59). وقصارى القول انه هوأول واحد من ألف من ذوي العقول النابهة الذين أوجدوا بأعمالهم الجليلة هيبة أكسفورد العالية ومكانتها العظيمة في عالم الفهم والعقل.

وأكسفورد الآن جامعة ومركز صناعي معاً تصنع السيارات كما تصنع العظماء، أما كمبردج فلا تزال مدينة كليات جامعية، وجوهرة من جواهر العصور الوسطى تزينها الثروة الحديثة وحسن الذوق الإنجليزي، جميع ما فيها ينتمي إلى كلياتها، ولا يزال الهدوء العقلي الذي هومن خصائص العصور الوسطى باقياً في هذه البلدة، اجمل البلدان الجامعية على الإطلاق. ويبدوحتى عظمتها الذهنية يجب حتى ترجع إلى حادث اغتيال سقط في أكسفورد. فقد اغتال أحد الطلاب في عام 1209 امرأة في تلك البلدة الأخيرة، فاعتدى أهلها على مسكن الطلاب وشنقوا طالبين أوثلاثة منهم. وأضربت نقابة المدرسين عن العمل احتجاجاً على ما اقترفه أهل المدينة، وغادر أكسفورد 3000 طالب ومعهم، بطبيعة الحال، كثيرون من المدرسين - إذا صدقنا مافيوباريس وهورجل لا يوثق بأقواله عادة. وينطق حتى عدداً كبيراً منهم مضىوا إلى كمبردج وأقاموا فيها قاعات وكليات. ذلك أول ما ذكر عن وجود شيء أعلى درجة من مدرسة أولية. وحدثت هجرة ثانية- من الطلاب الباريسيين في 1228- زاد بها عدد الطلاب زيادة كبيرة. وفي عام 1281 نظم أسقف إلي Ely أولى الكليات غير الدينية في كمبردج - وهي كلية القديس بطرس التي تسمى الآن ببترهوس (بيت بطرس). وشهدت القرون الثلاثة الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر إنشاء كليات أخرى وازدهارها، منها ما آية من آيات العمارة في العصور الوسطى ويحتضنها كلها نهر كام Cam الهادئ المسار، وتكون هي وملحقاتها طائفة من أروع ما قام به الإنسان من الأعمال.


عهد الإصلاح

بدت إنگلترة وكأنها اعتزمت حتى تعرض قضية عدم إرسال أطفالها إلى المدارس، فكيف تستمر الحكومة دون الالتزام بهذا الواجب،يا ترى؟ ولم يكن الأرستقراطيون مهتمين بالتعليم إلاّ بالنسبة إلى أبنائهم. لقد بدا من الأفضل بالنسبة إلى الوقت الراهن (في ذلك الوقت) ألا يستطيع الفلاحون والبروليتاريا - بل وربما البورجوازيون - حتى يقرأوا خاصة وأن جُودون، وأوين Dwen Owen وكوبت Cobbett وبين Paine وكولردج وشيلي كانوا يطبعون في هذا الوقت هذا الهراء عن الأرستقراطية الاستكشافية (التمهيدية) والكميونات الزراعية ورِقّ المصانع وضرورة الإلحاد. لقد خط جودون نحوسنة 1793: المصممون على الدفاع عن النظام القديم ليس لديهم بصيرة نافذة. إنهم يعارضون بخسّة توصيل الفهم للناس باعتباره بدعة تدعوإلى الحذر. ففي ملاحظتهم المشهورة إذا الخادم الذي يعهد القراءة والكتابة لا يصبح بعد تعلّمهما هوالأداة التي يطلبونها نجد الجنين أوالبذرة التي يسهل علينا من خلالها شرح جميع فلسفة المجتمع الأوروبي(22). بالإضافة إلى حتى الطبقات الدنيا فيما ترى الطبقات الأعلى غير قادرة على الحكم بحذر وحكمة على الأفكار التي تُطرح عليهم في المحاضرات أوالصحف أوالخط، وقد تكون أفكاراً مثيرة تخرّج من المدارس على مستوى الأمة أفواجاً من غير الأسوياء السذّج الحالمين الذين قد يحاولون تحطيم السلطات (القوى) والامتيازات الطبقية هي الوحيدة التي يمكنها حفظ النظام الاجتماعي والحضارة. وكان أصحاب الصناعات قد اعتراهم الفزع من منافسيهم فكانوا يتطلعون إلى العمالة الرخيصة ولم يروا جدوى من تعليم الأطفال العاملين حقوق الإنسان وفخامة اليوطوبيا وبهائها (اليوطوبيا هي المدينة المثالية). لقد نطق واحد من المحافظين غير المعروفين، اقتبس منه جودون قوله: إذا هذه المبادئ يفترض أن تثور بلا شك في عقول السّوقة محدثة هياجاً.. أومحاولة وضعها موضع التطبيق (أي هذه المبادئ) مما سيؤدي إلى جميع أنواع الكوارث... فالفهم والذوق وتطوير الفكر واكتشافات الحكماء وجمال الشعر والفن جميع ذلك سيتم سحقه تحت أقدام البرابرة(32).

وفي سنة 1906 قدَّر پاتريك كولكهون القاضي البوليسي في لندن - حتى عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي قدر من التعليم في إنجلترا وويلز بلغ مليونين، وفي سنة 0181 ذكر ألكسندر مري Murray عالم فقه اللغة حتى ثلاثة أرباع العمال الزراعين أميون، وفي سنة 9181 ذكرت الإحصاءات الرسمية حتى 388،476 طفلاً ملحقون بالمدارس في إنجلترا وويلز - 51% من السكان(42). وعندما اقترح بِت Pitt في سنة 6971 على الحكومة إنشاء مدارس للتعليم الصناعي، لم يُقدَّم مشروعه للتصويت، وعندما قدَّم صمويل (صموئيل) هويتبريد whitbread في سنة 1906 مشروع قانون بإقامة مدرسة ابتدائية في جميع دائرة (كما كان موجوداً بالعمل في إسكتلندا) أقرّه مجلس العموم، لكن مجلس اللوردات رفضه على أساس حتى هذا المشروع لا يجعل التعليم قائماً على أُسس دينية.

وكانت الجماعات الدينية تفرض رسوما على نفسها لإتاحة بعض التعليم لأطفالها، وواظــب المجتمـع علـى إقامــة مدارس خيريـة لتقـديم المعـارف المتعلقة بالدين المسيحي، لكـن عـدد التلاميـذ فـي هـذه المدارس لم يكن يتجاوز 150.000(52). وكانت مدارس حنا مور تكاد تكون مقتصرة على التعليم الديني. وبناء على قانون الفقراء تم إنشاء المدارس الصناعية لتستوعب 12،600 طفل لتأهيلهم للعمل، وكانت هناك إدارة منوط بها تطبيق هذا القانون يتبعها 419،491 طفلاً. وفي المدارس الدينية لم يكن الأطفال يتفهمون إلاّ شيئاً واحداً بإتقان ألا وهوالكتاب المسيحي المقدس. لقد أصبح عقيدتهم وأدبهم وحكومتهم ومُعيناً له وزنه وقيمته يُعينهم في حياة لا تخلومن سوء حظ وظلم وارتباك.

وفي سنة 1797 أسس الدكتور أندروبل Beel نظام العرِّيفين أوالمعيدين للقاءة نقص المدرسين، وذلك بالاستعانة بالطلاب الأكابر سناً كمدرسين مساعدين في المدارس الابتدائية المرتبطة بنظم العبادة الإنجليكانية. وبعد ذلك بعام قدَّم جوزيف لانكاستر Lancaster مشروعاً شبيهاً على أسس قبلها جميع المسيحيين ورفض رجال الكنيسة العمل من خلال هذه الخطة غير الطائفية (المفهوم غير الملتزم بعقائد فرقة مسيحية بعينها) فقد كان لانكاستر متهما بأنه ربوي Deist (مؤمن بالله مع عدم اعترافه بأديان منزّلة) مُرتد (عن دينة) وأداة للشيطان(62) وفي سنة 1810 أسس جيمس ملو، ولورد بروهام Brougham وفرانسيس پليس Place، وصمويل (صموئيل) روجرز المؤسسة الملكية اللانكسترية لنشر المدارس غير الطائفية. وأسس الأساقفة الإنجليكان جمعية تعليم الفقراء على أسس المبادئ الدينية للكنيسة الرسمية وذلك خوفاً من انتشار التعليم غير الطائفي المشار إليه آنفاً. ولم يُؤسس في إنجلترا نظام وطني للمدارس الابتدائية على أسس غير طائفية إلاّ في سنة 1870.

وكان التعليم العالي متاحاً أيضاً لمن يقدر على تكاليفه، وذلك من خلال الأساتذة الذين يعلّمون في المنازل، ومن خلال المدارس العامة والمحاضرين وجامعتين. فالمدارس العامة - في إتون وهاروورجبي ووينشستر ووستمنستر، وشارترهوس، كانت مفتوحة لقاء مصروفات لأولاد النبلاء والطبقات العليا وكان يُسمح بها في بعض المناسبات للبورجوازية الثرية. وكانت برامج الدراسة في هذه المدارس كلاسية في الأساس - لغة وأدب الإغريق القدماء والرومان، وفي بعض الأحيان كان يتم إضافة بعض العلوم لكن أهالي الطلبة كانوا يريدون تدريب أولادهم على فن الحكم والصُّحبة الرفيعة، وكانوا مقتنعين حتى الشاب إذا تعلّم أدب الإغريق والرومان وتاريخهما وفن الخطابة كان ذلك أجدى لتحقيق الغرض من تفهم الفيزياء والكيمياء والشعر الإنجليزي. وعلى أية حال فإن هذه المدارس كانت تقدم ملتون الذي كان يخط اللاتينية بكفاءة تقارب كفاءته في كتابة الإنجليزية - كمؤلف لا يقل كفاءة عن الرومان.

وكان النظام في المدارس الثانوية (الداخلية) الأهلية قائماً على الجلد والانتقاد القاسي. والتكدير أوإلزام التلاميذ الصغار على خدمة الطلاب الآخرين ممّن هم أكبر سناً. وكان نظّار المدارس يجلدون الذين يرتكبون مخالفات كبيرة، أما إجبار التلاميذ الصغار على خدمة من هم أكبر فتعني حتى يقوم التلاميذ في الصفوف الدنيا بأداء خدمات صغيرة لطلاب الصفوف الأعلى: ينقلون رسائلهم، وينظفون أحذيتهم ويعدّون لهم الشاي، ويحملون كُراتهم ومضارب الكريكت الخاصة بهم، ويتحمّلون تنمّرهم صابرين، وكانت النظرية الكامنة وراء هذا الأسلوب هي حتى على المرء حتى يتعلّم كيف من الممكن أن يُطيع حتىقد يكون صالحاً لإصدار الأوامر.

وكانت النظرية السائدة في الجيش والبحرية أيضاً قائمة على الجَلْد والانتقاد الشديد وقيام من هم أدنى رُتبة بخدمة من هُم أعلى رتبة وتطبيق الأوامر دون اعتراض الطاعة الصامتة (وعلى هذا فإن الفوز الذي تحقَّق في الطرف الأغر وفي واترلولم يكن نتيجة الجهود في ميدان القتال فحسب وإنما أيضاً نتيجة ما كان يجري في قاعات وفصول المدارس الثانوية الأهلية)، وإذا ما وصل طالب الصفوف الدنيا الذي كان يخدم طالب الصفوف العليا أصبح مستعداً للدفاع عن هذا النظام. وكان هناك بعض الديموقراطية في حضّانات الأرستقراطية هذه (أوبتعبير آخر في معامل تفريخ متعلّمي الطبقة الأرستقراطية: لقد كان جميع الخَدَم fags (الطلاب الذين يخدمون من هم في الصفوف الأعلى) متساوين بصرف النظر عن الثروة والنّسب، وكان جميع المتخرّجين (إذا تحاشوا التجارة) يعتبرون أنفسهم سواء، ويعتبرون غيرهم أدنى منهم درجة مهما كانت مواهبهم.

ومن مثل هذه المدارس التي يتخرّج فيها الطالب وهوعادة في الثامنة عشرة من عمره، يلتحق بأكسفورد أوكمبردج. وكانت هاتان الجامعتان قد انحدرتا عن وضعهما الممتاز في أواخر العصور الوسطى وعصر النهضة، ولم يكن جبون هووحده الذي تأسف على الأيام التي قضاها في أكسفورد باعتبارها أياماً ضاعت في دراسات غير مجدية (رغم أنه استفاد كثيراً من من دراسته للغتين؛ اللاتينية واليونانية) وتنافس بين الطلاب في المقامرة وشرب الخمر ومعاشرة البغايا. وكانت موافقة الكنيسة الرسمية شرطا للتقدم لإحدى هاتين الجامعتين. وكان المفهمون أوالعمداء يقومون بالتدريس، وكان جميع واحد يأخذ على عاتقه طالباً أوأكثر وينقل إليهم معارفه وخبراته الفهمية بأسلوب المحاضرة أوالتوجيه والإرشاد، وهنا أيضا كانت الدراسات الكلاسية تسود المنهج الدراسي، لكن كان هناك أيضاً مكان للرياضيات والقانون والفلسفة والتاريخ الحديث، وكانت هناك أيضاً محاضرات في الفلك والفيزياء والنبات والكيمياء لكنها كانت قليلة.

وكانت جامعة أكسفورد من التوري (الاتجاه السائد فيها محافظ) أما كامبردج فكانت هويج (الأفكار السائدة فيها كأفكار حزب الأحرار أوالهويج). وفي كامبردج لم يكن يحصل على الدرجة الفهمية إلا التابعون لكنيسة إنجلترا، رغم حتى القيود المفروضة كشرط للالتحاق بهذه الجامعة وعددها تسعة وثلاثون قد أُزيلت. وكانت كامبردج هي التي سنّت الحرب على الرق منذ سنة 1785. ووجد الفهم في كامبردج معلّمين أكثر وطلبة أكثر مما عثر في أكسفورد، وكانت كلتا الجامعتين متخلِّفة عن جامعات ألمانيا وفرنسا. وكانت أكسفورد تدرِّس لطلبتها الفلسفة من خط أرسطو، وأضافت كامبردج كتابات لوك وهارتلي وهيوم، وكانت كامبردج تخرِّج باحثين ذوي شهرة عالمية، أما أكسفورد فكانت أكثر اهتماماً بتخريج أفراد على قدر من الفصاحة، وملمّين بالاستراتيجية في البرلمان كي يصبحوا - بعد تجارب وخبرات، ومن خلال ارتباطات سليمة - أصحاب أدوار في حكومة بريطانيا.


انظر أيضاً

  • جدول حول أقدم ثلاث جامعات في إنگلترة
  • جامعات جي أي الأمريكية

المصادر

  1. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

هوامش

<^ School leaving age set to be eighteen BBC News, retrieved 12 January 2007>

المراجع

  • Curtis, S.J. (1965). . University Tutorial Press.
  • Gillard, D (2011). "Education in England: a brief history". Gillard. Retrieved 9 December 2011.
  • Halevy, Elie (1951). . pp. 139–210.
  • Halevy, Elie (1952). . pp. 64–93.
  • Kelly, Thomas. History of Adult Education in Great Britain from the Middle Ages to the Twentieth Century (1962)
  • John Lawson; Harold Silver (1973). . Methuen.
  • O'Day, Rosemary. Education and Society, 1500-1800: The Social Foundations of Education in Early Modern Britain (Themes in British Social History) (1982)
  • Richmond, W.K.R. History of Education: Education in Britain Since 1944 (2007)
  • Sanderson, Michael. Education and Economic Decline in Britain, 1870 to the 1990s (New Studies in Economic and Social History) (1999)
  • Stephens, W. B. Education in Britain 1750-1914 (Social History in Perspective) (1999)
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:47:23
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, تاريخ التعليم في إنگلترة, تمويل التعليم في المملكة المتحدة, التعليم في المملكة المتحدة, تاريخ المملكة المتحدة, أنواع المدارس

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

صلاح يقود ليفربول إلى تحقيق فوزه الأول في 2023

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:19:17
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 95%

وزيرة البيئة: تسريع جهود التخلص من طاقة الفحم والوقود الأحفوري

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:20:18
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

صلاح يقود ليفربول للفوز في "ديربي الميرسيسايد"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:17:48
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 92%

«حتشبسوت» تستضيف حفلاً غنائياً كبيراً بالأقصر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:20:20
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

إيران تعكف على تصميم قمر اصطناعي للتنبؤ بالزلازل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:17:42
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 90%

رسالة ووعد من أحمد عبد القادر لجمهور النادي الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:20:03
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 36%

انطلاق أعمال القمة العالمية للحكومة بدبي بمشاركة المغرب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:19:57
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

«الأرصاد»: الآن أجواء شتوية باردة وأمطار على المحافظات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:20:22
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

"أبي.. هل سنموت؟".. أطفال الزلزال برعب لا يوصف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:18:09
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 93%

ترحيب الشعب الإماراتي بالرئيس السيسي.. «نورت الإمارات»| فيديو

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:20:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

وليا عهد الكويت والسعودية يبحثان تعزيز التعاون بين البلدين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:17:44
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

إنتر ميلان يقع في كمين سامبدوريا "الجريح"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:17:50
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 93%

بوريل: الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتدهور باستمرار

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:17:41
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 86%

الأمم المتحدة: فتح معبرين إضافيين شمال سوريا لإدخال مساعدات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-14 00:18:40
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 93%

تحميل تطبيق المنصة العربية