زيد بن علي
 |
 |
|
هذه الموضوعة جزء من سلسلة: |
شخصيات محورية
|
أعياد ومُناسبات
|
هوالإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب.
«۩۞۩-حياتة-۩۞۩»
نشأ الإمام زيد بن علي في أحضان والد زين العابدين وأخيه الأكبر محمد الباقير ودرس على يديهما العقيدة المحمدية ، فكانَ الإمام زيد مضرب المثل في الفهم بشهادة أخيه الأكبر محمد الباقر فقد ذكر الرواة أنه طلب من أخيه محمد الباقر كتاباً كان لجده علي ، فنسي أبوجعفر مدة من الزمن، ثم تذكر فأخرجه إليه، فنطق له زيد: قد وجدت ما أردت منه في القرآن !! فأراد أبوجعفر حتى يختبره ونطق له: فأسألك،يا ترى؟ نطق زيد: نعم، سلني عما أحببت. ففتح أبوجعفر الكتاب وجعل يسأل، وزيد يجيب كما في الكتاب. فنطق أبوجعفر: « بأبي أنت وأمي يا أخي أنت والله نَسِيْج وحدك، بركةُ اللّه على أم ولدتك، لقد أنجبت حين أتت بك شبيه آبائك » .
- نطق الإمام زيد: « واللـه لاتأتونني بحديث تصدقون فيه إلا أتيتكم به من كتاب اللّه » .
- نطق الإمام زيد : « من اتىك عني بأمر أنكره قَلَبُك، وكان مبايناً لما عهدته مِنِّي، ولم تفقهه عَنِّي، ولم تره في كتاب اللّه عز وجل جائزاً، فأنا منه برئ، وإن رأيت ذلك في كتاب اللّه عز وجل جائزاً، وللحق مُمَاثِلاً، وعهدت مثله ونظيره مني، ورأيته أشبه بما عهدته عني، وكان أولى بي في التحقيق، فأقبله فإن الحق من أهله ابتدأ وإلى أهله يرجع » .
- شهادة أخيه الأكبر ومفهمه الفَذِّ الإمام محمد الباقر ، الذي نطق في حقه: « لقد أوتي زيدٌ فهما لَدُنِيّاً فاسألوه فإنه يفهم مالانفهم » .
- ونطق الإمام الباقر لمن سأله عنه: « سألتني عن رجل مُلىء إيماناً وفهماً من أطراف شعره إلى قدميه، وهوسيد أهل بيته » .
- وشهـادة ابن أخيه ورفيق نشـأته ودراسته الإمام جعفر الصادق وذلك حيث يقول: « كان واللـه أقرأنا لكتاب اللّه وأفقهنا لدين اللّه » .
- وشهادة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت كبير أئمة المذاهب السُّنِّـيَّة، حيث يقول: « ما رأيت في زمنه أفقه منه ولاأفهم ولا أسرع جواباً ولا أبين قولاً، لقدكان منبتر القرين » .
- وشهادة المحدث الكبير سليمان بن مهران الأعمش حيث يقول: « مارأيت فيهم ـ يعني أهل البيت ـ أفضل منه ولا أفصح ولا أفهم » ..
عبادة الإمام زيد بن علي
- ونطق أبوالجارود: دخلت المدينة وحدثا سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذلك حليف القرآن .
- نطق الإمام يحيى بن زيد واصفاً عبادة والده : « رحم اللّه أبي كان أحد المتعبدين، قائم ليله صائم نهاره، كان يصلي في نهاره ما شاء اللّه فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة، ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء اللّه، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعوالله ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة، ثم يصلي الفجر، ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار، ثم يمضى لتمضية حوائجه، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتحميد للرب المجيد، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس، ثم يصلي العصر، ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة، فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء » .
زهد وورع الإمام زيد بن علي
- نطق الإمام زيد : « اللَهُـمَّ إني أسألك سُلُوّاً عن الدنيا، وبغضاً لها ولأهلها، فإنَّ خَـيْـرَها زَهِيْدٌ، وشرَّها عتيدٌ، وجَمْعَها يَنْفَدُ، وصَفْوَها يَرْنَقُ ، وجديدَها يَخْلَقُ، وخيرَها يَنْكَدُ، ومافات منها حَسْرَةٌ، وما أُصِيْبَ منها فِتْنَةٌ، إلا من نالته منك عِصْمَةٌ، أسألك اللَهُـمَّ العِصْمَةَ منها، ولاتجعلنا ممن رضي بها، واطمأن إليها، فإِنها مَنْ أمنها خانَتْهُ، ومن اطمأن إليها فَجَعَتْهُ، فلم يُقِمْ في الذي كان فيه منها، ولم يَظْعَنْ به عنها » .
- نطق الإمام زيد : « واللـه ماكذبت كذبة منذ عهدت يميني من شمالي، ولا انتهكت لله مَحْرَماً منذ عهدت حتى اللّه يعاقب عليه »
- نطق الإمام زيد بن علي : « أوصيكم حتى تتخذوا كتاب اللّه قائداً وإماماً، وأن تكونوا له تبعاً فيما أحببتم وكرهتم، وأن تتهموا أنفسكم ورأيكم في مالايوافق القرآن، فإن القرآن شفاء لمن استشفى به، ونور لمن اهتدى به، ونجاة لمن تبعه، من عمل به رَشَد، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فَلَج، ومن خالفه كفر، فيه نبأ من قبلكم، وخبر معادكم، وإليه منتهى أمركم » .
- نطق الإمام زيد لأصحابه : « أيها الناس، أفضل العبادة الورع، وأكرم الزاد التقوى، فتورعوا في دنياكم، وتزودوا لآخرتكم » .
دعوة الإمام زيد بن علي الناس لإمامته والخروج معه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- نطق الإمام زيد في رسالته التي وجهها إلى فهماء الأمة : « فوالذي بإذنه دَعَوْتُكم، وبأمره نصحتُ لكم، ما ألتمس أَثَرَةً على مؤمن، ولا ظلماً لِمُعَاهِد، ولوددت أني قد حميتكم مَرَاتع الهَلَكَة، وهديتكم من الضلالة، ولوكنت أوْقِدُ ناراً فأقذفُ بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط اللّه، زهداً في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم، وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والمَوْفُوْرين حظاً ونصيباً » .
- ومن أقواله المشهورة: « واللـه لوفهمت حتى رضاء اللّه عز وجل في حتى أقدح ناراً بيدي حتى إذا اضطرمت رميت بنفسي فيها لعملت؟ » .
- نطق الإمام زيد في رسالته إلى فهماء الأمة :« أنما تصلح الأمور على أيدي الفهماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر الله تعالى ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين » .
- وأيضاً مما نطقه الإمام زيد بن علي مُخاطباً فهماء الأمة : « أمكنتم الظلمة من الظلم، وزينتم لهم الجور، وشددتم لهم ملكهم بالمعاونة والمقاربة، فهذا حالكم. فيا فهماء السوء، محوتم كتاب اللّه محواً، وضربتم وجه الدين ضرباً، فَنَدَّ واللـه نَدِيْدَ البعير الشَّارِد، هربا منكم، فبسوء صنيعكم سُفِكت دماء القائمين بدعوة الحق من ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ورُفِعَت رؤوسهم فوق الأسِنَّة، وصُفِّدوا في الحديد، وخَلص إليهم الذل، واستشعروا الكرب، وتسربلوا الأحزان، يتنفسون الصعداء ويتشاكون الجهد » .
وأيضاً مما نطقه الإمام زيد بن علي مُخاطباً فهماء الأمة يحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : « قد ميزكم اللّه تعالى حق تمييز، ووسمكم سِمَة لاتخفى على ذي لب، وذلك حين نطق لكم: ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ باِلمعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَيُطِيْعُوْنَ اللَّهَ وَرَسُوْلَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ﴾، فبدأ بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده ... وافهموا حتى فريضة اللّه تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشديدها » .
- ومما رواه الإمام زيد عن آبائه عن رسول الاسلام محمد أنه نطق :« إن أفضل الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره بتقوى اللّه ونهاه عن معصية اللّه، وجاهده مقبلا غير مدبر، فقتل وهوكذلك » .
تجاوب كبراء الأمة مع دعوة الإمام زيد بن علي
- بعث الإمام زيد الفضلَ بن الزبير وأبا الجارود إلى أبي حنيفة النعمان، فوصلا إليه وهومريض، فدعياه إلى نصرته، فنطق: « هوواللـه صاحب حق، وهوأفهم مَنْ نعهد في هذا الزمان، فاقرئاه مني السلام وأبلغاه حتى سقماً يمنعني من الخروج معه » . ثم أوفد معهما بثلاثين ألف درهم للإمام زيد يستعين بها على جهاده، ونطق: « لئن شفيت لأخرجن معه » . ونطق أيضا: « إن خروجه ضاها خروج رسول اللّه يوم بدر » .
- وبعثَ الإمام زيد الحافظ الكبير والمحدث الشهير منصور بن المعتمر السلمي إلى الفهماء، فكان يدخل عليهم وهويعصر عينيه ويبكي ويقول: « أجيبوا ابن رسول اللّه » .
- وبعثَ الإمام زيد إلى الأعمش ومن يتردد عليه من الفهماء عثمانَ بن عمير الفقيه، فلما وصل إليه وعرض عليه رسالة الإمام زيد نطق: « ما أعهدني بفضله أقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك الأعمش: لست أثق لك ـ جعلت فداك ـ بالناس، ولوأنا وجدنا لك ثلاثمائة رجل نثق بهم لعَفَّرْنا لك حواجبنا » . ونطق شعبة: سمعت الأعمش يقول: « واللـه لولا ضُرة بي لخرجت معه، واللـه ليُسْلِمُنَّه كما عملوا بجده وعمه » .
- وكذلكَ خرجَ الإمام محمد النفس الزكية بن عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن مع عمه زيد بن علي .
- وأما ابن أخيه الإمام جعفر الصادق، فقد أراد الخروج معه لَمَّا خرج المرة الأخيرة من المدينة إلى الكوفة، ونطق له: « أنا معك يا عم » . فنطق له الإمام زيد: « أما فهمت يا ابن أخي حتى قائمنا لقاعدنا، وأن قاعدنا لقائمنا، فإذا خرجتُ أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا؟ ». فتخلف جعفر بأمر عمه زيد، ودفع بولديه عبد اللّه ومحمد معه . ونطق: « من قُتِل مع عمي زيد كمَنْ اغتال مع الحسين، ومن اغتال مع الحسين كمن اغتال مع علي بن أبي طالب، ومن اغتال مع علي كمن اغتال مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم » .
عدّة المُبايعين للإمام زيد ، ومروق الرافضة من بيعته
- نطق سليمان الرازي: « لم أرَ يوما كان أبهى ولا أكثر جموعاً ولا أوفر سلاحاً ولا أشد رجالاً ولا أكثر قرآناً وفقهاً من أصحاب زيد بن علي » .
- قيلَ أنّه اجتمع عنده في ديوان المُبايعين خمسة عشر ألفاً من المقاتلين .
- (الذي عند الزيدية)خرج نفرٌ من الشيعة ممن كان قد بايعَ الإمام زيد ، بعد حتى سمعوا بطلب الخليفة الأموي هشام للمُبايعين للإمام زيد ، فخافوى لظى القنا وحرَّ السيوف ، فأرادوا التخلّص من البيعة والخروج منها ، فالتمسوا المخارج والأعذار فنطقوا بالوصية فيما بين الأئمة ، فنطقوا له:يا زيد لست الإمام، نطق ويلكم فمن الإمام،يا ترى؟ نطقوا: ابن أخيك جعفر بن محمد، نطق : إذا نطق هوالإمام فهوصادقٌ. نطقوا: الطريق خائف ولا نتوصل إليه إلاَّ بأربعين ديناراً. نطق: هذه أربعون ديناراً. نطقوا: إنه لا يظهر ذلك تقية منك وخوفاً. نطق: ويلكم إمامٌ تأخذه في الله لومة لائم إمضىوا فأنتم الرافضة . وحمل يديه فنطق: اللهم اجعل لعنتك، ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي، على هؤلاء الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب حتى حاربوه.
تعقيب:- يود لي ان اعلق فقط على حادثة رفض الامام زيد من قبل اتباع الطوائف الشيعية الأخرى (الأثنى عشرية والأمامية) الذين رفضوه اماما لهم فالسيرة تقول(ما يقوله أهل السنة والجماعة، ويروونه كما في تاريخ اليافعي:) (((أن زيد بن علي لمانادىهم إلى اتباع سيرة الامام علي نطقو: قد سمعنا منطقتك ولكن فما تقول في أبوبكر وعمر،يا ترى؟ فنطق: وما عسيت ان اقول فيهما صحبا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم – بأحسن الصحبة وهاجرا معه وجاهدا في الله حق جهاده وما سمعت احدا من اهل بيتي تبرأ منهما اونطق فيهما الا خيرا. فنطقوا له: ان برأت منهما والا رفضناك فنطق الامام زيد: الله أكبر، حدثني ابي ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نطق لعلي: (انه سيكون قوم يدعون حبنا ، لهم نبز يعهدون به، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فانهم مشركون) ، امضىوا فأنتم الرافضة ففارقوه وتبرأومنه))).(ومثل هذا ذكره ابن الأثير، وابن عساكر، والمضىي) ومن هنا اتت تسمية الشيعة الأمامية والأثنى عشرية وغيرها من طوائف الشيعة بـ الرافضة ، وردا على ذلك لم يذكر الامام زيد ضمن ائمتهم الأثنا عشر المعصومون وهناك محاولات شرسة هذه الأيام لتشويه صوره الزيدية والحاقها بمذاهب الشيعة الاخرى، والملاحظ لفرق الروايتين يتأكد حتى هذه الصفحة في مسوعة اليكبيديا بحاجة لبعض التسليم .
تجيش الجيوش وتكتيب الكتائب وتجهيز العدة لللقاءة
- وحين خفقت رايات الجهاد على رأس الإمام زيد نطق: « الحمدلله الذي أكمل لي ديني، فواللّه مايسرني أني لقيت محمداً صلى اللّه عليه وآله وسلم ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنههم عن منكر » .
- ثم نطق الإمام زيد لن علي لأصحابه : « واللـه ما أبالي إذا أقمت كتاب اللّه وسنة نبيه حتى تأجج لي نار ثم قُذفت فيها ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة اللّه، واللـه لاينصرني أحد إلا كان في الرفيق الأعلى مع محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.. يا معاشر الفقهاء ويا أهل الحجا أنا حجة اللّه عليكم هذه يدي مع أيديكم على حتى نقيم حدود اللّه ونعمل بكتاب اللّه، ونقسم بينكم فيئكم بالسوية، فاسألوني عن معالم دينكم، فإن لم أنبئكم عن جميع ما سألتم عنه فولوا من شئتم ممن فهمتم أنه أفهم مني، واللـه ما كذبت كذبة منذ عهدت يميني من شمالي ولا انتهكت محرماً منذ حتى عهدت حتى اللّه يؤاخذني به » . ثم نطق: « اللـهم لك خرجت، وإياك أردت، ورضوانك طلبت، ولعدوك نصبت، فانتصر لنفسك ولدينك ولكتابك ولنبيك ولأهل بيتك ولأوليائك من المؤمنين، اللـهم هذا الجهد مني وأنت المستعان » .
اللقاءة الكُبرى ونكث أهل الكوفة لبيعة الإمام زيد
- بعث يوسف بن عمر القائد الأموي بعض رجاله إلى شوارع الكوفة لإثارة الرعب في قلوب الأهالي، ودعوة الناس إلى الاجتماع في المسجد الأعظم، وحظر التجول وحمل السلاح، وبث الإشاعات عن الجيش القادم من الشام.
ولكن الإمام زيد توجه مع أنصاره لحمل الحصار عن أهل المسجد وطمأنة أهل الكوفة، وفي طريقه إلى المسجد سقطت بينه وبين جند الأمويين لقاءة عنيفة كان النصر فيها حليفه، ولما وصل إلى جوار المسجد نادى أصحابه بشعاره ( يا منصور أمت ) وأدخلوا الرايات من نوافذ المسجد، وكان نصر بن خزيمة رحمه اللّه ينادي: « يا أهل الكوفة اخرجوا من الذل إلى العز ومن الضلال إلى الهدى اخرجوا إلى خير الدنيا والآخرة فإنكم لستم على واحد منها » ، ولكنهم حنوا إلى طبعهم القديم (الغدر والخيانة)، واعتذروا بالحصار الموهوم.
وانتشر أصحاب الإمام زيد في الكوفة وأمرهم الإمام زيد حتى ينادوا: من ألقى سلاحه فهوآمن. وأخذ يطارد بقايا جند الأمويين في محاولة لتطهير الكوفة منهم، وفجأة ظهر جنود الأمويين القادمون من الحِيْرة؛ فاشتبك أصحاب الإمام معهم واستبسلوا وقاتلوا قتالا شديداً حتى ردوهم على أعقابهم ، ثم جمع الإمام زيد أصحابه ونادى فيهم: « انصروني على أهل الشام فواللـه لاينصرني رجل عليهم إلا أخذت بيده حتى ادخله الجنة، ثم نطق: واللـه لوفهمت عملا هوأرضى لله من قتال أهل الشام لعملته، وقد كنت نهيتكم حتى لاتتبعوا مدبراً ولاتجهزوا على جريح ولاتفتحوا باباً مغلقاً، وإني سمعتهم يسبون علي بن أبي طالب فاقتلوهم من جميع وجه » .
واستمرت اللقاءة بين المعسكرين، وكان جنود الأمويين يتزايدون بينما كان جند الإمام زيد ينقصون، والتفت الإمام زيد إلى نصر بن خزيمة ونطق له: يا نصر أخاف أهل الكوفة حتىقد يكونوا قد عملوها حسينية! فنطق نصر: جعلني اللّه فداك أما أنا فواللـه لأضربن بسيفي بين يديك حتى أموت!!
استبسل الإمام زيد وأصحابه وقاتلوا قتال المستميت فلم يجرؤ أحد على لقاءتهم أومبارزتهم، وحين شعر الأمويون أنه لاقدرة لهم على اللقاءة تحصنوا خلف الكثب والجدران، وأخذوا يمطرون الإمام زيد وأصحابه بوابل من السهام.
وأخذت الشمس في الأفق تميل نحوالغروب، وأخذت تميل معها شمس التضحية والفداء، وألقى الليل بظلامه على التلال، ونشر أجنحته على السهول والجبال، وخرست الألسن ونطقت الأسنة وحمحم الموت، وباتت الكوفة كئيبة حزينة حين لطخها أهلها من حديث بعار الخيانة والغدر.
وأثناء ذلك الصمت الرهيب سُمِع ـ في مقدمة الجيش ـ صوت الإمام زيد يرتفع قائلا: الشهادة.. الشهادة.. الحمدلله الذي رزقنيها! فهرعوا إلى مكان الصوت، فإذا بالإمام العظيم مُضَرَّجاً بدمه، قد أصيب بسهم في جبهته، ولما أحس بلذع السهم القاسي ارتفع صوته بتلك الحدثات الخالدة التي ترسم لنا بوضوح أهداف وآمال ذلك الرجل العظيم.
وصية الإمام زيد بن علي والسهم في جبينه إلى ابنه الإمام يحيى بن زيد
اتى يحيى بن زيد إلى أبيه وهويبكي وأكب عليه والدماء تنزل منه، والسهم نابت في جبينه، فجمع يحيى قميصه في يده ومسح به الدم من وجه أبيه، ثم نطق له: ابشر يا ابن رسول اللّه، ترد على رسول اللّه وعلي وفاطمة وخديجة والحسن والحسين وهم عنك راضون. نطق الإمام: صدقت يابني، فأي شيء ترغب حتى تصنع؟ نطق يحيى: أجاهدهم إلا حتى لا أجد الناصر. نطق: نعم يابني، جاهدهم، فواللـه إنك لعلى الحق، وإنهم لعلى الباطل، وإن قتلاك في الجنة، وقتلاهم في النار .
تلك هي وصية الإمام، وذلك هوميراثه إحياء شرع اللّه .. التصدي للظالمين .. حب الخير للناس.. التضحية في سبيل ذلك.
ثم فاضت الروح المقدسة وودعت إلى بارئها لتتقاضى الثمن الموعود به ﴿ إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللّه فَيَقْتُلُوْنَ وَيُقْتَلُوْنَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّه فَاسْتَبْشِرُوْا بِبَيْعِكُمُ الَّذِيْ بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيْمُ ﴾
الإخبار بمقتله وصلبه قبل مولده :
[ على لسان جده رسول الاسلام محمد ]
وفي ذلك حتى النبي محمد نظر يوماً إلى زيد بن حارثة فبكى ونطق: « المقتول في اللّه المصلوب من أمتي المظلوم من أهل بيتي سمي هذا » وأشار إلى زيد بن حارثة، ثم نطق: « أدن مني يا زيد زادك اسمك عندي حباً فإنك سمي الحبيب من ولدي (زيد) » .
ورُوي عن أبي جعفر محمد بن علي، عن النبي محمد، أنه نطق للحسين: « يخرج من صلبك رجل ينطق له: زيد، يتخطى هووأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غراً محجلين، يدخلون الجنة أجمعين بغير حساب » .
[ على لسان أبيه زين العابدين بن الحسين السبط عليهما السلام ]
دَخَلَ أبوحمزة الثمالي ذات يوم على زين العابدين فنطق له زين العابدين: يا أبا حمزة ألا أقول لك عن رؤيا رأيتها،يا ترى؟ نطق: بلى يا ابن رسول اللّه. نطق: رأيت كَأَنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أدخلني جنةً وزوجني بحورية لم أر أحسن منها، ثم نطق لي: « يا علي بن الحسين، سَمّ المولود زيداً، فيهنيك زيدٌ » .
عندما بُشّرَ بولادة ابنٍ له من الجارية السندية ( جيدا ) :
وحين قرعت البشرى سمع زين العابدين بولادة ابنٍ له من الجارية السندية قام فصلى ركعتين شكراً لله، ثم أخذ المصحف مستفتحاً لاختيار اسم مولوده، فخرج في أول السطر قول القرآن: ﴿ وَفَضَّلَ اللّه المُجَاهِدِيْنَ عَلَى القَاعِدِيْنَ أَجْراً عَظِيْماً ﴾[النساء:95]، فأطبق المصحف، ثم قام وصلى ركعات، ثم فتح المصحف، فخرج في أول السطر: ﴿ وَلاَتَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللّه أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُوْنَ ﴾ [آل عمران: 169]، ثم قام وركع، ثم أخذ المصحف وفتحه فخرج في أول سطر: ﴿ إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللّه فَيَقْتُلُوْنَ وَيُقْتَلُوْنَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّه فَاسْتَبْشِرُوْا بِبَيْعِكُمُ الَّذِيْ بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيْمُ ﴾ [التوبة:111].
وبعد ذلك أطبق زين العابدين المصحف وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ونطق: « إنا لله وإنا إليه راجعون، عُزِّيت في هذا المولود، إنه (زيد) ..أما واللـه ما أجد من ولد الحسين في يوم القيامة أعظم منه وسيلة، ولا أصحاباً آثر عند اللّه من أصحابه » .
وقامَ بالتأذين في أذنه اليمنى والإقامة في الأذن اليسرى ، وعوَّذه بالله من الشيطان الرجيم .
نطق أبوحمزة: فحججت عاماً آخر فأتيت عليَّ بن الحسين فلما دخلت عليه وجدته حاملا لطفل صغير وهويقول: يا أبا حمزة ، هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا!! .
الجسد الشريف بعد القتل
- أراد أتباع الإمام زيد حتى يُخفوا جسده الشريف حتى لا يصل إليه الأمويون فعملوا تحت جنح الظلام وحجزوا الماء في الساقية في بستان وحفروا القبر ثم واروا الجثمان العظيم وأجروا عليه الماء، وتفرقوا قبل طلوع الفجر.
- وفي اليوم التالي أُعلِنَ في الشوارع والأسواق عن جائزة مغرية لمن يشير على المكان الذي دفن فيه، فدلهم بعض ضعفاء النفوس على موضع قبره، فنبشوه واستخرجوا منه الجثمان العظيم. فَحُمل الجثمان على جمل وألقي به أمام قصر الإمارة، وهنالك فُصِل الرأس الشريف عن الجسد.
- فأما الرأس فبعث به يوسف بن عمر الثقفي إلى الشام، وبعد حتى وضع بين يدي هشام أمر حتى يطاف به في البلدان، لنشر الرعب والذعر في نفوس الجماهير وقتل الحماس في النفوس الأبية، ومر الرأس ببلدان كثيرة حتى وصل إلى المدينة المنورة، وأمام قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وفي تحدٍّ سافر ونكران لفضل الإسلام نُصب الرأس الشريف، وطُلب أهل المدينة للحضور إلى المسجد وإعلان البراءة من علي بن أبي طالب وزيد بن علي ، ثم أخذ إلى مصر ونصب في الجامع الأعظم أياماً ومنه أخذ سراً ودفن هنالك.
- وأما الجسد فصلب في كُنَاسة الكوفة عارياً، فاتىت العنكبوت تنسج الخيوط على عورته لتسترها، وكانوا حدثا أزاحوا تلك الخيوط اتىت لتنسج غيرها.
- فكانَ منظر الجسد الشريف أمام الناس ، يزوّد الإيمان وحب أهل البيت في قلوبهم ، على عكس ما كان بنوأمية يبتغون ، فعملوا على التخلص من الجسد الشريف فعملوا على إنزاله وإحراقه ، وذرّ رماده في الفرات ، وقد نطق يوسف بن عمر الثقفي مقولته المشهورة : " والله يا أهل الكوفة لأدعنكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم " !!
لم يكفهم قتله حتى تعاقبه ****** نبش وصلب وإحراق وتغريق
الإمام زيد ثورة لاتنتهي
- كانت حركة الإمام زيد أول شرارة لانفجار شعبي أطاح بالحكم الأموي الجائر، وقضى على معالم زهوه واستبداده، وهتك أقنعة الزيف التي كان يستتر وراءها، ورغم استشهاد الإمام زيد فإن حركته لم تنته باستشهاده، ولم تمت بموته، بل تحولت جميع قطرة دم إلى شعلة نار تحرق أعداء اللّه وتضئ على درب الرسالي، وما زالت أصداء حدثاته ترن في أذن التاريخ.
- كما أنّ الثورات العلوية الفاطمية تتابعت إثر خروج زيد بن علي على ولاة الجور والظلم ، وأولّها ثورة ابنه يحيى بن زيد .
تراثه الإمام زيد بن علي الفكري المجيد
1 ـ مجموع الإمام زيد ويشتمل على المجموع الفقهي والحديثي ( مسند الإمام زيد ) . 2 ـ تفسير غريب القرآن. 3 ـ مناسك الحج والعمرة، طبع في بغداد. 4 ـ رسائل وخط الإمام زيد. ويحتوي على: (1) رسالة الإيمان، وتشتمل على شرح لمعنى الإيمان والكلام على عصاة أهل القبلة. (2) رسالة الصفوة، وتشتمل على تعريف صفوة اللّه من خلقه والكلام عن أهل البيت وأن اللّه اصطفاهم لهداية الناس. (3) رسالة مدح القلة وذم الكثرة، وتشتمل على مناظرة جرت بينه وبين أهل الشام في القلة والكثرة، وجمع فيها كثيراً من آيات القرآن الدالة على مدح القلة وذم الكثرة. (4) رسالة تثبيت الوصية، وتتضمن استدلالات على حتى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أوصى لعلي بالخلافة من بعده. (5) رسالة تثبيت الإمامة، وتتضمن استدلالات على حتى علياً كان أولى الناس بالخلافة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم. (6) رسالة إلى فهماء الأمة، وهي الرسالة التي وجهها إلى الفهماء يدعوهم فيها إلى القيام بمسئولياتهم وتأييده في ثورته. (7) رسالة الرد على المجبرة، وهي تعبير عن بضع صفحات أوضح فيها موقفه من القدر، وضمنها رداً على غلاة المجبرة. (8) رسالة الحقوق، وهي تعبير عن نصائح وتعاليم خُلُقِيَّة وجهها إلى أصحابه ومن بلغته من المسلمين. (9) مناظرة لأهل الشام في مقتل عثمان والقلة والكثرة. (10) الرسالة المدنية، وهي تعبير عن جوابات أسئلة وردت إليه من المدينة. (11) مُجَمَّع يشتمل على بعض مناظراته وأجوبته وخطبه وأشعاره ورسائله وحدثاته القصيرة. (12) الرسالة الشامية، وتتضمن إجابات على استفسارات لأحد أصحاب الإمام زيد بعث بها من الشام. (13) جواب على واصل بن عطاء في الإمامة. (14) مجموعة من الأشعار المنسوبة إليه. (15) مجموعة من الأدعية المروية عنه. (16) تفسير سورة الفاتحة. (17) تأويل بعض مأزق القرآن. (18) كتاب مناسك الحج والعمرة.
سنة استشهاده
استشهد الإمام زيد بن علي عام 122 هـ ، فسلامٌ عليه يوم وُلد ويوم يموتُ ويومَ يُبعثُ حياً
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضوانه على الصحابة المنتجبين والتابعين لهم بخير وإحسان إلى يوم الدين .
المصادر :
-كتاب / الإمام زيد بن علي شعلة في ليل الإستبداد ، للأستاذ محمد يحيى عزان . http://www.imamzaid.com/modules.php?...cat=16&book=74 - مقدمة مجموع رسائل الإمام زيد ، للمحقق السيد إبراهيم الدرسي الحمزي . http://www.imamzaid.com/modules.php?...cat=21&book=96
وصلات خارجية
- خط علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
- الزيدية ومرجعها الإمام الحجة المجدد للدين مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي رضوان الله تعالى وسلامه عليهم
- مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
- مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
