عبد الباري عطوان

عودة للموسوعة

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان

عبدالباري عطوان (و.19 فبراير 1950) هوصحافي فلسطيني عروبي مقيم بلندن، رئيس تحرير جريدة القدس العربي، حتى 11 يوليو2013.

ولد عبد الباري عطوان سنة 1950 في مخيم للاجئين بمدينة دير البلح في قطاع غزة ويعتبر واحدٌ من أحد عشر طفلاً لعائلة من تنحدر من المجدل. بعد الإنتهاء من الدراسة الإبندائية في مخيم رفح للاجئين في غزة. أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في الأردن، عام 1967، ثم في القاهرة بمصر. وفي عام 1970 التحق بجامعة القاهرة. تخرج بتفوق من كلية الاعلام. ثم حاز دبلوم الترجمة من الجامعة الامريكية بالقاهرة. بعد التخرج عمل لجريدة البلاغ في ليبيا، ثم جريدة المدينة في السعودية. وفي عام 1978 انتقل إلى لندن، حيث استقر، ليعمل في جريدة الشرق الأوسط و"مجلة المجلة" السعوديتان الصادرتان في لندن. في عام 1980 أنشأ مخط لندن لجريدة المدينة، وفي عام 1984 عاد إلى جريدة الشرق الأوسط.

وفي عام 1989 تم تأسيس جريدة القدس العربي في لندن وعـُرض على عبد الباري عطوان رئاسة تحريرها. ومنذ ذلك الحين يقوم برئاسة تحريرها. أثناء حرب الخليج 1990/1991، نال القدس العربي شهرة واسعة بمعارضته للهجوم الأمريكي. وبالرغم من حتى الجريدة لم تؤيد ضم العراق للكويت، إلا حتى الجريدة رأت التدخل الدولي تدخلاً في الشئون العربية. وفي 1996 أجرى عبد الباري عطوان لقاءة صخفية مع أسامة بن لادن. ولإجراء اللقاءة فقد سافر عبر الجبال متخفياً في زي أفغاني. فيما بعد، وصف عطوان رحلته بأنها "الأكثر إخافة"، وانطباعه عن الشيخ بن لادن بأنه ظاهرة، ومتطرف.

حياته

عبدالباري عطوان من مواليد 1950 هوصحافي فلسطيني مقيم في لندن، رئيس تحرير جريدة "القدس العربي" اللندنية. ولد عطوان في مخيم للاجئين بمدينة دير البلح في قطاع غزة ويعتبر واحدٌ من أحد عشر طفلاً لعائلة تنحدر من أسدود، بعد الانتهاء من الدراسة الابتدائية في مخيم رفح للاجئين في غزة. أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في الأردن، عام 1967، ثم في القاهرة بمصر.

وفي عام 1970 التحق بجامعة القاهرة. تخرج بتفوق من كلية الاعلام. ثم حاز دبلوم الترجمة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. بعد التخرج عمل لجريدة البلاغ في ليبيا، ثم جريدة المدينة في السعودية. وفي عام 1978 انتقل إلى لندن، حيث استقر، ليعمل في جريدة الشرق الأوسط و"مجلة المجلة" السعوديتان الصادرتان في لندن. في عام 1980 أنشأ مخط لندن لجريدة المدينة، وفي عام 1984 عاد إلى جريدة الشرق الأوسط.


تأسيس القدس العربي=

في عام 1989 تم تأسيس جريدة القدس العربي في لندن وعـُرض على عبد الباري عطوان رئاسة تحريرها. ومنذ ذلك الحين يقوم برئاسة تحريرها حتى استنطقته في 11 يوليو2013.

أطلق عطوان الصحيفة عام 1989 بدعم من منظمة التحرير الفلسطينية. وخلال الغزوات الأمريكية للمنطقة، اتُّهم بأنّه حصل على دعم مباشر من الرئيس العراقي صدام حسين، ثم كانت علاقته مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، عنواناً جديداً في حياته المهنية وفي مسقط صحيفته التي ظلت دوماً من المنابر الأكثر انتشاراً على الشبكة العنكبوتية.

في بداية الألفية الجديدة، قابل عطوان مشكلات على صعيد تمويل الجريدة. من خلال أصدقاء له في قناة الجزيرة التي وسّعت شهرته العربية والدولية، بنى علاقة جيدة مع أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة. ومن يومها، صارت القدس العربي تحظى بدعم مالي من الامارة الصاعدة. ولم يتوقف الأمر حتى اللحظة. في تلك الفترة، لم تكن قطر تمارس أي ضغط حقيقي على عطوان. ولعلّ خطّه الداعم للمقاومة ضد اسرائيل، والمنتقد بقسوة للأنظمة الاستبدادية، والمختلف مع السعودية، ساعد في بناء تفاهمات مع قطر ما قبل الربيع العربي. لكنّ الأمر لم يظلّ على هذا النحوفي العامين الأخيرين.

والجديد أنّ أمير قطر الجديد تميم بن حمد، لديه طريقته المتنوعة في إدارة الأمور. يحيطه فريق من المستشارين، يتقدمهم الباحث الليبرالي عزمي بشارة الذي يملك نفوذاً واضحاً على الأمير الجديد، ولديه رأي خاص في الاعلام العربي. وكان هووآخرون يدعون الى تنظيم العلاقة مع وسائل الاعلام المستفيدة من قطر على قاعدة أنّ الامارة ليست جمعية خيرية.

هذه السياسة تجلّت بشكل واضح حين أبلغت قطر عطوان بأنّ استمرار دعمها المالي للصحيفة، صار رهن تغييرات جدية، فكان عطوان أمام خيارين: الانسحاب الشخصي مع تعويض مالي لا يبت نهائياً وضعه كمالك في الجريدة، أوالتوقف عن تلقّي الدعم القطري، وبالتالي لقاءة خطر وشيك بإقفال الجريدة.

قرر عطوان الاستنطقة، وأبلغ العاملين معه أنّ الطرف المموّل «لم يعد موافقاً على حضوري، وأنا وافقت على الانسحاب لحماية المؤسسة ومنع اقفالها». إلى غير ذلك كان. وكانت المستوى التالية في تكليف الفلسطينية سناء العالول، المتزوجة من الصحافي عبد الوهاب بدرخان منصب رئاسة التحرير بالوكالة، فهماً أنّ العالول كانت تشرف على إنتاج الجريدة في ظل غياب فريق عمل متكامل. الأنباء الاضافية عن الحدث ارتبطت بالمعلومات عن عودة اللقاءة القطرية – السعودية، خصوصاً بعد انتهاء الجولة الاولى من الصراع على إدارة الملف السوري، ومن ثم الحدث المصري. ويتضح أنّ استعجال القطريين خطوة إبعاد عطوان يندرج في هذا السياق. يدور الحديث عن جهد آخر يبذل لتحقيق تواصل بين قطر وبين معارضين يمنيين من الجنوب، بهدف إنشاء مشروع إعلامي آخر يلعب دوراً اضافياً في لقاءة السعودية. ويجري ترشيح الصحافي السوري المعارض بشير البكر لتولي إدارة تحرير هذه الوسيلة.

الأنظار تهجرز الآن على طبيعة التغييرات في مواقف القدس العربي السياسية وسط تسقط بأن تبتعد تدريجاً عن موقفها الداعم لقوى المقاومة والممانعة، وتنشغل أكثر في لقاءة سوريا وايران بالاضافة الى السعودية. فهماً أنّ بشارة الذي يتولى اليوم دور «المستشار الاعلامي والسياسي» لامير قطر الجديد، باشر قبل سنة العمل على مشاريع إعلامية عربية، فهوالذي موّل مسقط «المدن» الالكتروني في لبنان الذي يديره الصحافي ساطع نور الدين. وتقود الإشارات إلى أنّ بشارة يعدّ مقترحاً باسم صحافي فلسطيني مقرّب منه، لتولي مهمة ادارة «القدس العربي». وفي حال تعذّر ذلك، قد تتم الاستعانة ببشير البكر. ومن المقرر صرف موازنة إضافية لتطوير الصحيفة وتوسيع قدرتها على جذب صحافيين.

خطه

القاعدة التنظيم السري

عبد الباري عطوان هوالصحافي العربي الوحيد المقيم في الغرب، الذي حظي، إضافة إلى المحرر البريطاني روبرت فيسلك، بفرصة لقاء أسامة بن لادن ومحاورته، بناء على طلب الأخير، في مخبئه في تورا بورا. وهوفي هذا الكتاب يروي بعضاً من يوميات زعيم تنظيم "القاعدة" وطريقة عيشه، فضلاً عن تطلعاته المستقبلية وخلفيات نقده عدداً من الأنظمة العربية. ويتطرق إلى علاقة بن لادن بكل من أيمن الظواهري وأبي مصعب الزرقاوي وسواهما. يسلط هذا الكتاب الضوء على دور "القاعدة" في العراق منذ ما قبل الغزوالأميركي إلى اليوم، ويغوص عميقاً في تحليل الاستراتيجية العسكرية والسياسية والاقتصادية التي يرتكز عليها التنظيم، وأول أهدافها القضاء على المشروع الأميركي للمحافظين الجدد. كذلك يظهر الدور الذي يضطلع به "القاعدة" في أوروبا طريقة عمل شبكة خلاياها واتصال بعضها ببعض. ويبين مسببات عجز الاستخبارات الغربية عن كشف الهجمات قبل حدوثها. ويمضى المؤلف أبعد من ذلك، فيعدد الأخطاء التي اقترفتها "القاعدة"، وأبرزها فتوى تجيز اغتال الصليبيين واليهود. كتاب أحدث رجة مدوية لدى صدوره، فنقل إلى بضع لغات، ولا تزال قراءته مفيدة وممتعة.

وطن من حدثات

صدرت عن دار الساقي للنشر في لندن الطبعة الأولى من مذكرات عبد الباري عطوان "وطن من حدثات". كما وضع عطوان عنوانا آخر يوجز مضمونه وهو: "رحلة فلسطينية من مخيم اللاجئين إلى الصفحة الأولى". ويهدي عبد الباري رحلته التي بدأت مصاعبها القاسية بقسوة صقيع الشتاء في مخيم دير البلح، في قطاع غزة إلى "الأطفال اللاجئين في العالم كله، خصوصا أطفال المخيمات في فلسطين والمنافي". كما يخص بإهدائه في الوقت نفسه المحررة الراحلة مي غصوب، إذ "لولا إلحاح مي غصوب واقناعها لما كان لهذا الكتاب حتى يصدر". ويقع الكتاب في 271 صفحة يسجل فيه عطوان محطات بارزة في رحلته الصعبة من مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة، إلى المشاركة في خلق الصفحة الأولى لصحف عربية عدة، من "البلاغ" الليبية، إلى "المدينة" السعودية، ثم "الشرق الأوسط" اللندنية، حتى "القدس العربي"، اللندنية أيضًا التي أمضى فيها تسعة عشر عاما في تجربة مهنية وإعلامية متميزة. "وطن من حدثات" موجه إلى جمهور يقرأ بالانجليزية، لذا يقول عطوان إذا تفاصيل مهمة من مذكراته يفترض أن تتضمنها النسخة العربية التي لا يعهد متى سترى النور. أما بالنسبة للنسخة الإنجليزية فهناك ثلاث دور نشر عالمية، كندية وفرنسية، وإسبانية، أبدت اهتماما بشراء حقوق النشر. الغلاف الأخير للكتاب شهادة من المحررة بولي توينبي تتفق فيها مع تصور المحرر لما قدمه في كتابه، تقول: "إن هذا التصوير للحياة والأوقات التي عاشها صحفي مميز، يوفر رؤية داخلية للعالم كما يراها إنسان ولِد وتربى في معسكر لاجئين فلسطينيين في غزة. إذا الصوت الموثوق لعبد الباري عطوان، وكتابته التصويرية الحادة، يعيدان إلى الحياة طفولة مليئة بالأحداث وسط صعاب وأحداث مأساة منطقة الشرق الأوسط".


أسلوبه

منطقات عبد الباري عطوان ولقاءته التلفزيونية تتميز بالصراحة التي تثير الكثير من المسائل الخلافية، فترضي الكثير وتثير أعجابهم وتغضب الكثير. ولئن يعتبره البعض قاسياً، يعتبره البعض الآخر بطلاً وصوتاً معبرا عن مشاعر الجماهير العربية المسحوقة والصامتة. وكثيرا ما يظهر الأستاذ عطوان على شاشات الفضائيات العربية والاجنبية، ولاسيما على شاشة الجزيرة. وكان عبد الباري عطوان آخر من قابل أسامة بن لادن وظل ينعته بالشيخ بن لادن حتى في اللقاءات مع الاعلام الغربي.

أنشطته المهنية

إدارته للقدس العربي

استمرار جريدة القدس العربي منذ عام 1989 هوانجاز معتبر لأي صحيفة تصدر في المهجر. وبالرغم من منع توزيعها في بعض الدول لفترات مختلفة إلا حتى الجريدة نجحت في تنمية عدد قرائها، وقد ساعد في ذلك استعمالها المبكر للنشر المجاني على الإنترنت وكذلك طاقم التحرير الضئيل.

جوائز وأنشطة مهنية

  • جائزة التواصل الثقافي شمال- جنوب لسنة 2003 مناصفة مع إيگناسيوراموني, من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية (شعبة السياسة) بجامعة لندن.
  • ساهم في تأطير الكثير من الورشات حول الشرق الأوسط بالجامعات البريطانية كما بالجامعات العربية.
  • ساهم في الكثير من الدورات السياسية حول قضايا الشرق الأوسط بالعالم العربي كما بالغرب.
  • متحدث ممتاز وبدون كلل لفائدة القضايا العربية ب "CNN" كما ب "سكاي" و"ITN" وال "PBS" الإذاعية والتلفزية

مؤلفاته

  • "تاريخ القاعدة السري" بالإنجليزية في عام 2006.


يتمني الا تقرأ زوجته هذا الحوار

يتمني الا تقرأ زوجته هذا الحوار عبد الباري عطوان:ولدت في جمهورية الفقر والجوع والانيميا ذاكرة مليئة بالحكايا والقصص، لطفل اسمه عبد الباري عطوان، ولد بخيمة في شهر شباط (فبراير) عام 1950 في دير البلح الصغيرة والجميلة القابعة علي البحر المتوسط، بين نخيل شامخ وباسق، نخيل فهمه الشموخ وحمل رأسه عاليا، عاش طفولة بائسة وفقيرة لكنها في رأيه متميزة وعادلة، حيث الجميع متساوون في الجوع والمعاناة والانيميا، ملابسه وملابس سواه في المخيم مما كانت توزعه وكالة الغوث، والمدرسة التي التحق بها وأقرانه هي ذاتها، ولأنه ـ كما يقول ـ ابن مخيم كان لزاما عليه ان يقاتل جميع شيء، حتي الوطاويط علي حبة البلح، كان يجري ورفاق الطفولة وراء عصفور محاولين امساكه، ويركضون وراء الصيادين لاختطاف سمكة منهم. ضمن ثقافة تدعي ثقافة المخيم عاش الناس ذات المحن وذات الظروف، وكأن جمهورية المخيم كانت مثل جمهورية أفلاطون لكن في الفقر وفي الجوع والسقم وأكل السردين باعتبار انه الارخص، والتمر الذي توزعه وكالة الغوث، وبقدر ما هجرت أثرها فيه، فقد فهمته المثابرة والكفاح من أجل لقمة العيش، لكنها خلفت في اعماقه عقدة الخوف من المستقبل والجوع، في ظل غياب خيارات العمل. من بلدة علي البحر المتوسط تدعي سدود أوأشدود والتي ينطق عنها انها كانت أقدم ميناء في التاريخ، نزح اهله كما بقية الفلسطينيين بعد حرب 1948 باتجاه دير البلح، تحت تهديد سلاح الجنود الإسرائيليين، حاملين معهم القليل القليل علي امل العودة التي لم تتحقق، فكبر سؤال داخله: كيف من الممكن أن لاناس آمنين وبسطاء الي حد السذاجة ان يعاملوا بتلك الطريقة الوحشية والبشعة. أب وأم وسبعة ذكور وثلاث اناث كلهم عاشوا في خيمة، ولوان والده لم يمت وعمره 42 عاما لكان عددهم 20 الي 25 ولدا، حيث الطموح آنذاك كان الانجاب. كانت عيون أبي زايغة، ويبدوانه كان حاطط عينوعلي أرملة، وعندومشروع زواج منها، كنت أشوفودائما يصيبه الحبور والانبساط عندما تمر، وقد تعطرت أكثر من اللازم، سليم كان عمري 14 عاما لكني فهمت ان والدي عاشق، إلا حتى القدر لم يمهله، كان ابي يحبني كثيرا لانني كنت متفوقا في الدراسة، لكنه في الوقت نفسه كان يضربني كثيرا لانني كنت متمردا وعنيدا وارفض بعض قراراته وأجادله فيها، وعلي ذمة والدتي انه كان يقول لها إذا بينفع في أولادك واحد فهوعبد الباري، ولأنني الأوسط كنت احظي بالضرب بينما الكبير والصغير يحظيان الدلال، لكن يظهر ان الضرب أثمر بدليل انني وصلت الي ما انا عليه اليوم، ثم غرق محدثي في ضحكة عميقة وكأنه استعاد جميع المواقف، فنهضت ذاكرته حية من جديد، واسترسل في الكلام المباح.


في دير البلح

للحديث عن الام شجون خاصة، فهي شمعة العائلة وزينة الدار، جهة القلب وتاج الرأس، تتعب.. تسهر.. تعد ايام عمرها من خلال عمر أولادها: كان علي امي تربية عشرة أولاد في ظل غياب أبي الذي هجرها في عز صباها، في ثلاثينيات عمرها، عانت كثيراً من أجلنا، كانت امي خفيفة الظل ولانها تتقبل المزاح كنت أناديها باسمها وتحببا يا ظريفة أمي امرأة عظيمة ككل النساء العظيمات، وإنسانة ذات قدر كبير، تحملت التعب وشظف العيش، عاشت في المعسكر وماتت فيه، لم تكن تجربتها سهلة لهذا لم تستمتع بحياتها، ورغم أننا حاولنا توفير اجواء الراحة لها إلا حتى هذا اتى متأخرا، كان علي امي ان توزع الحب والحنان علي عشرة أولاد، جميع واحد ينتظر دوره ليحظي ببعض من هذا الحب وذاك الحنان، امي مثل اي ام فلسطينية رائعة تغسل وتطبخ وترعي عشرة أولاد، والمعيل الوحيد بعد وفاة ابي هوأخي الذي كان قد تعاقد للعمل بالتدريس في السعودية، أذكر ان امي ربت الحمام والدجاج وجلبت الماعز لتوفر لنا الجبن واللبن، كنا نتقاسم زغلول الحمام وورك الدجاجة، حقا لعبت دورا كبيرا في حياتنا وكانت تعمل من لا شيء شيئا وتحاول تغذيتنا بشتي الطرق والوسائل، حيث لم يكن بمقدورها شراء اللحم من السوق. كانت الاحذية بالنسبة لنا كأطفال مجرد قيد، ليس لاننا نملكها ولا نريد انتعالها، بل لان اقدامنا لم تعتد عليها، ولم نكن نملك نقودا لشرائها، انا مثلا لم البس حذاء الا عندما أصبح عمري ست سنوات، ليس لانني كبرت، بل لان قانون المدرسة فرض علي الطلبة عدم الذهاب إليها حفاة، كنت قد ورثت حذاء عن أخي الأكبر الذي اخذه من الاونروا التي كانت تعطي أحيانا مع الملابس احذية، بقي هذا الحذاء مدة طويلة من الممكن لجودته، أولان مهمته كانت محصورة بانتعاله أثناء الاصطفاف في الطابور فقط، بعدها اخلعه واضعه في الحقيبة، حدثا صغر الحذاء علي قدمي أحدنا ينتقل بشكل اتوماتيكي الي الاخر، لكن بشكل عام تسطحت اقدامنا بسبب السير حفاة، وبسبب الحذاء الضيق.

بداية الوعي

اعطيات الاونروا كانت مثل هدية ثمينة، فيها يجد أبناء المخيمات فرصة لستر اجسادهم النحيلة، كانت هذه الاعطيات رغم عيوبها تفرح اي طفل أواي شاب أورجل، لانها غالبا غير مناسبة ومضحكة، ومن الممكن ان يرتدي رجل سترة نسائية أوقيمصا نسائيا دون حتى يعهد ذلك، المهم عنده ان يحمي جسده من البرد. وبين كوميدية المواقف وتراجيديتها كان ينتقل بسرعة من خلال حركات وجهه ويديه أوبقهقهة وربما بابتسامة ساخرة: كنا مساكين فقراء، نرضي بان تتحول اكياس الطحين التي خط عليها هدية من الشعب الأمريكي ليس من أجل البيع أوالمبادلة الي شراويل لتأتي الكتابة والحبور بهدايا لم يكن هناك بديل عنها، آنذاك لم تكن عند اي واحد منا نزعة عداء تجاه الامريكان فالموقف الأمريكي عام 1956 من أزمة السويس كان جيدا، ذا اجبر الإسرائيليين علي الانسحاب من قطاع غزة الذي انتمي اليه، بل كان العداء لبريطانا وفرنسا، اي للدول التي استعمرتنا وساعدت في تشريدنا، كما حتى للانروا فضلا علينا لانها كانت تقدم لنا شهريا الزيت والسكر والتمور والاجبان، وتعمل لنا تغذية اضافية، فنختار ضعاف البني من الاطفال والذين يعانون من الانيميا ونوفر لهم وجبة يومية أثناء الدراسة، ولانني كنت ضعيف البنية كنت ضيفا مزمنا علي هذه التغذية البيتية، وفقر أب يعاني من قرحة معدة توفي بسببها. سن الثانية عشرة كانت جيدة لبدء تلمس الوعي السياسي، فشقيقه الأكبر كان مدمن قراءة الجرائد والمجلات القديمة التي يشتريها ويأتي بها الي البيت، لتتوافر لعبد الباري فرصة القراءة، بدءا من موضوعات الفن والفنانين مثل جميع الناس، مرورا بقراءة التحقيقات السياسية، وانتهاء بعيون الادب العالمي المترجمة مثل البؤساء لفيكتور هيغووالعجوز والبحر لهمينغواي والجريمة والعقاب لدوستويفسكي التي كانت معقدة بالنسبة له وهوفي سن الخامسة عشرة، فقد عاني من اجل فهمها واكمالها، ومن ثم التفاخر امام اصحابه بأنه اكملها.

الطريق الي عمان

عام 1967 عندما اندلعت الحرب فضلت له عائلته مغادرة فلسطين متوجها نحوالأردن لمتابعة دراسته واعالتها بعد حصوله علي وظيفة، فعائلته لا ترغب ان تخسره، ولا ترغب انقد يكون ابنها جزءا من تاريخ من الممكن يعاد ثانية، أي حينما احتلت إسرائيل قطاع غزة وقامت بعملية تصفية الذكور من سن السابعة عشرة الي سن الخمسين كي لا يصبحوا فدائيين، إلى غير ذلك هجر أهله ووطنه، وصورة كانت عالقة في ذاكرته عن ابنة الجيران التي أحبها بداية مراهقته اي عندما كان عمره حوالي 14 عاما، صبية في عمره ليست جميلة وقصيرة القامة، فالحب اعمي كما يقول، الا انه فشل في لفت نظرها، رغم أنه حاول مغازلتها ومحادثتها وكتابة الشعر لها. مضى اهلي الي الاسكافي وطلبوا منه وضع 30 جنيها في نعل حذائي، ثم رافقني عمي الي موقف الباص لامضى الي عالم مجهول مخيف ليس لي فيه اصحاب واقرباء، المهم وصلت الي عمان ونزلت في الفندق العربي الذي يمتلكه سوري قومي، تعاطف معي واعطاني سريرا علي السطح بثمن زهيد، عندما نمت ربطت قدمي بالسرير لان امي اوصتني الا اسكن في ابنية عالية كي لا امشي أثناء النوم وأقع، لاني كنت اعاني من هذه المشكلة، ورغم أنني جئت من اجل اكمال دراستي الا انني لم التحق بالجامعة لان التعليم فيها مكلف، فاضطررت للعمل بعد ثلاثة ايام من وصولي في الشركة العربية للمعلبات، وتقاضيت من أول مهنة في حياتي 30 فلسا في اليوم، كما كنت اكسب عشرة فلوس اخري إذا عملت ساعات اضافية، لاعيش واشتري بعض المجلات والخط مثل الاسبوع العربي والحوادث والطليعة والمحرر من سوق السيل الشعبي، وارسل لاهلي مصروفا، في حين كنت احرص يوم الجمعة علي دخول السينما، والاستمتاع بوجبة في مطعم شعبي اسمه الهنيني، بوجبة الكفتة بالطحينة الدسمة جدا، والرخيصة أيضا من الممكن لانها مصنوعة من الكرشة والامعاء. في عمان رأي ان أبناء المخيم فيها أكثر رقيا من أبناء مخيمات فلسطين، حيث بإمكانهم الحصول علي فرص عمل في عاصمة مزدهرة، في حين ان امثاله القادمين من مخيمات فلسطين يعيشون الظروف الاسوأ، كان يري كمراهق ان بنات مخيم عمان أنظف، واكثر اشراقا، خدودهن متوردة، يلبسن البنطال ونصف الكم، وبلوزات ضيقة ويبرزن مفاتنهن، وهذا ما لم يعتد عليه بين بنات مخيم دير البلح المسكينات اللاتي يعانين من الانيميا، فالفوارق الطبقية كانت موجودة وفاضحة بين الفلسطينيين، لهذا لم يفكر حتي بالنظر الي فتاة من طبقة تختلف عنه، ورغم أنه اليوم رئيس تحرير صحيفة إلا حتى أبناء الطبقة الغنية من الفلسطينيين لا تعترف به كما يشير، سليم انهم يجاملونه، لكنهم وكما يشعر يصفونه بالفلاح واللاجئ، وهوفي اللقاء يتساءل من هؤلاء الاغنياء حتيقد يكونوا أفضل منه. وفي السنة الثانية من وجوده في عمان عمل سائقاً في أمانة العاصمة، حيث لم يتخيل يوماً حتى يبقي مجرد عامل، كان مستمتعاً كمراهق في عمله الذي أشعره أنه أصبح محط اهتمام بنات الجيران، لدرجة حتى واحدة منهن حاكت له بلوفر صوف مكتشفاً فيما بعد أنها حاكت خصلة من شعرها مع الخيوط، ورغم أنه أصبح بالنسبة للفتيات مشروع عريس إلا أنه قاوم المغريات وما أكثرها.

الرحلة في اتجاه مصر

وصل شقيقه الأكبر خريج جامعة المنوفية قسم الهندسة الزراعية إلي عمان قبل حتى يسافر إلي السعودية التي تعاقد فيها للعمل في نجران التي كانت بدائية جداً، محتملاً الحياة الصعبة والظروف القاسية من أجل أهله، مضحياً بجماله ووسامته، فهماً أنه كان محباً للحياة والرقص والدبكة والتدخين، فحبه للحياة جعله يرفض الزواج إلي حتى توفي.. ولأنه مؤمن بي بشكل غير عادي، فقط طلب مني إكمال تعليمه وتحقيق طموحه في مصر، فسافرت إليها عام 1969. عملت لجوءاً إنسانياً عند ابن خالتي في الإسكندرية، حاملاً معي كمية من الارز والسكر، وحصلت علي البكالوريا من مدرسة العروة الوثقي التي أسسها جمال الدين الأفغاني، فيها عشت أجمل أيامي الدراسية، حيث أعفيت من طابور الصباح لأنني فلسطيني، كما كلفت في جميع مناسبة وطنية بحدثة فلسطين علي أساس أنني المناضل الكبير عبد الباري عطوان، وانا متأكد انها لم تكن كتابتي عظيمة، لكن المقاومة كانت في اوجها، جميع ما اذكره انهم كانوا يصفقون لي كثيرا، ويجلسونني في الصف الأول، ثم التحقت بكلية الاداب في القاهرة قسم الصحافة متحديا رغبة اهلي ومحيطي، الذين رؤوا انه لا جدوي من دراستي في ظل غياب الدولة الفلسطينية والصحافة الفلسطينية والعربية، لم استسلم لانني شعرت ان الصحافة هي الوحيدة التي تكسر الفوارق الطبقية، وان هذه المهنة هي نافذتي، والصحافي هوالوحيد الذي باستطاعته لقاءة الشخصيات الكبيرة مثل الوزراء والرؤساء والملوك، معتبرا ان في داخلي امورا كثيرة يجب الا تموت، بل لا بد ان اعبر عنها. الناس ايامها كانوا يخافون من حدثة صحافة لانها برأيهم مرتبطة بالسياسة والأنظمة والقمع والاعتنطق والموت، كان اهله خائفين الا يجد ابنهم عملا، وكي يبدد هذا الخوف ويضمن مستقبله انتسب الي جانب قسم الصحافة للجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة الترجمة، كماحصل علي رخصة قيادة، لم يكن يريد يوما ان يظهر امام من تحداهم فاشلا طالما لم يجد فرصة في الصحافة، كما أنه حرص منذ البدايات انقد يكون صحافيا مستقلا، فرفض عرض مسؤول اتحاد الطلبة العمل في الاذاعة الفلسطينية، حين كانت فتح اقوي التنظيمات وتمتلك إمكانيات كبيرة ومالا كثيرا، ورفض لانهم كانوا يريدون تجنيده وتنظيمه وهولا يريد، رغم حاجته الماسة للمال. كنت أفضل البقاء إنسانا حرا، لست منتميا الي اي تنظيم أوفصيل، وهذا ما انا عليه الآن، سليم انني عضومجلس وطني فلسطيني مستقل، لكني والله لم اترشح ولم اختر ذلك بل قرأت اسمي في الصحافة ككل الناس بعد حتى اخبرني مراسلنا في عمان عام 1989. وبشكل عام كنت اقرب للجبهة الشعبية فكرياً ببعدها الأممي، من فتح المعتدلة ذات البعد الإقليمي، بل اقرب للتطرف، فأينقد يكون تطرف انا معه، والي الآن ما زلت كذلك لهذا انخرب بيتي. الرحلة الي مصر ام الدنيا بالنسبة له نهاية الستينات وبداية السبعينات كانت بمثابة انعتاق، وعودة للسياق الطبيعي اي للمهمة التي خرج من اجلها من فلسطين، اما القاهرة فهي الوعد الجديد بالثقافة والحلم بالفهم وحمل شهادة جامعية للارتقاء بنفسه وبعائلته، وهذا ما حدث. خرج من مصر بشهادتين، واحدة في الترجمة والاخري في الصحافة، كما اكتسب مخزونا كبيرا من الثقافة، فقرأ واطلع وتابع المسرح الخاص والعام، وتعهد الي اصدارات الاهرام والأخبار ودار المعارف الشهرية من الخط. اذكر انني في اخر سنة صحافة، كان عندي تدريب في دار الهلال في مجلة المصور، فسألني المشرف عن الأماكن التي احب التدرب فيها فأجبته انني اريد القسم الفني، نطق لي يا راجل انت فلسطيني وعيب تكون محررا فنيا بل سياسيا، اجبته: لاني سأكون مستقبلا في القسم السياسي، لهذا اجد ان هذه فرصتي الوحيدة للتعهد علي هذا العالم، وهذا ما كان، ايامها كانت ليلي حمادة وصفية العمري وهاني شاكر ونيللي، وعملت عنهم مواد صحافية فأخذها مشرف اسمه ممدوح أبوزيد ونشرها باسمه بعد اجراء بعض التعديلات، لانه يوجد في مصر ديكتاتورية الأسماء، وبيروقراطية غير عادية، فاسم رئيس التحرير ينزل ببونط 16 مثلا، واسم نائبه ببونط 14، والصحافي الجديد بونط 9.

المحرر الكبير

اكمل دراسته، وانتهت اقامته، كما أنتهي ايجار الشقة، وكان لزاما عليه ان يغادر القاهرة، فقد طلب منه الرحيل لانه كان مشاغبا ويخط ضد النظام وضد السادات ايام المد الثوري في الجامعة وبالتدقيق سنة الضباب، ومن رموز الحركة الطلابية آنذاك، محي الدين الصباحي. لم تكن امامه خيارات كثيرة، الي ان اتىته فرصة ايصال سيارة الي ليبيا وبالتدقيق الي طرابلس شرط ان يقودها بما انه سائق محترف، حين وصل مع صاحب السيارة الذي اعطاهعشرة دنانير شفقة، توجه الي اوتيل يعمل بنظام الدور، بحيث ينام سبع ساعات فقط، ليأتي غيره وينام علي الفراش نفسه سبع ساعات إلى غير ذلك. تقدم للعمل في الصحافة الليبية فلم يقبل لان جميع السياسيين العرب هناك صاروا صحافيين، لدرجة تحولت معها الصحافة هناك الي صحافة منطقات. مرة اخري عمل لجوءا إنسانيا عند ابن عمه في غريان التي تبعد 90 كم عن طرابلس، فعهده علي صديق يعمل في جريدة البلاغ التابلويد، طالبا منه كتابة منطقات لقاء مبلغ معين، حينها عثر عبد الباري في جريدة التايمز التي اشتراها من طرابلس معلومات عن تسليح أمريكا لايران، فخط منطقة هاجم فيها الشاه بعنوان ماذا تهدف أمريكا من وراء تسليح شاه إيران، ومضى ليسلمها الي الجريدة، لكن قيل له ان التعليمات تقضي بمنع الهجوم علي الزعامات الإسلامية، هجر الصحافي المبتديء انذاك الموضوع الذي كان فاتحة خير عليه وخرج غاضبا. بعد يومين كانت الدنيا مقلوبة، بعد نشر الموضوع في صفحة كاملة من جريدة البلاغ والعنوان ببونط احمر كبير، وبعد حتى نقل جميع من التلفزيون والاذاعة ما اتى في منطقي، قائلين انه بقلم المحرر الكبير عبد الباري عطوان، راجعت الجريدة لأفهم ان رئيس التحرير يبحث عني. حين قابلته طلب ان اختار بين العمل معه أومع صديقي عبد الرحمن شلقم وكان ايامها رئيس تحرير مجلة الوحدة العربية، أومع جريدة الفجر الجديد وبرواتب عالية، وانا كعادتي اخترت الجريدة المغضوب عليها، اي البلاغ علي أساس انها التي اهتمت بمنطقتي. بعد سنة كنت في زيارة أخي في جدة، وهناك حصلت علي فرصة عمل في جريدة المدينة، لكن عندما تقدمت إليها قيل لي انهم لا يعترفون بالشهادات، بل يريدون محررا مترجما، واذكر ان سباعي عثمان هومن اختبرني. بعد اربعة ايام من الاختبار اوصي بتعييني علي أساس ان لغتي العربية والانكليزية جيدة، وما ان أصبحت وسباعي صديقين حتي اكتشفت انه لا يعهد الإنكليزية، فسألته علي اي أساس قيّم عملي، اجابني: لغتك العربية ممتازة. بدا ضيف الحوار وكأنه استعاد الموقف بكامل تفاصيله وضحك متمتما. عندما تغير رئيس تحرير المدينة حاول الحرس القديم التآمر علي الرئيس الجديد فتعاطف معه عبد الباري واظهر تعاونه، لانه عثر فيه الرجل الفهمي والعملي والمهني. بعد شهرين اخبره انه يريد الذهاب الي الإمارات التي كان يجدها أفضل من السعودية فهي أكثر انفتاحا وراحة، لكن رئيس التحرير أبدي رغبته في بقائه معهم. سألني حينها عن راتبي، لاخبره انني لم اتقاض اي مبلغ منذ ان عملت في الجريدة، فطلب مني تحديد المبلغ الذي اريده، ورغبت في مهلة لاسأل أخي الذي يتقاضي 700 ريال، فنطق لي اطلب 1500 ريال وبدل سكن شهرين، وفي اسوأ الأحوال يعطوك الفا، عدت لرئيس التحرير وقلت له والله انا اقل من 1500 ما باخذ وكمان بدي شهرين بدل السكن، فأبلغني ان بإمكاني مراجعة الشؤون الإدارية في اليوم التالي لتوقيع العقد، وكاد يغمي علي حين وجدت الراتب 3000 ريال، وبدل سكن اربعة أشهر و500 ريال بدل مواصلات، مع احتساب المدة التي عملتها، عدت الي أخي ومعي حوالي 25000 ريال، فاشتريت له مكيفا وثلاجة وجهاز تلفزيون، صرت فيما بعد اعطيه راتبي بعد اقتطاع جزء منه، مصروف سيارتي المازدا الكحيانة.

الشرق الأوسط والقدس

القدس العربي

مع الايام تحسن وضع الجريدة وزاد توزيعها ودخلها الاعلاني عشرة اضعاف، لكنه شعر انه زهقان لهذا صار يخط بجرأة ليطاردوه ويتغير ايقاع حياته الرتيبة، من خلال عمود يومي سياسي استلمه بدلا عن زميل تعرض للسقم، اعجب القراء بكتابته إلى غير ذلك بقي صاحب العمود الجريء الذي عمل ضجة ايام كانت أحداث لبنان مشتعلة والمقاومة في عزها. لم يخفف عطوان من جرأته وحدته حتي عندما وصل رئيس البرلمان اللبناني حسين الحسيني الي السعودية في زيارة رسمية، وقام الأخير بشتم المقاومة، حينها هاجمه في منطق افترض الناس من خلاله انه مدعوم ومحمي، وعلي هذا الأساس بإمكانه الكتابة عما يريد، فهما انه حينها لم يكن مقيما شرعيا في البلد. مضىت الي لندن بعد تعاقدي مع الشرق الأوسط وحين وصل وزير الاعلام آنذاك محمد عبده يماني إليها طلب لقاءتي، فمضىت للقائه فنطق لي احسن قرار سمعته في حياتي هوانك جئت الي لندن لانني كنت خائفا ان يطلب مني ترحيلك، ونحن نحب كتاباتك، نعم اعترف اليوم انني كنت مجنونا آنذاك اخط بشكل غير مألوف في بلد محافظ. وأخيرا وصل عبد الباري في الثمانينات الي لندن، ذاك الصحافي الفلسطيني الذي اسس لنفسه حضورا في مصر وليبيا والسعودية، حاملا خوفه معه، من الاعتنطق والبوليس، وخنق الحريات، ولم ينسحب هذا الخوف منه الا بعد حصوله علي الجنسية البريطانية، ليدرك حينها ان احدا لن يهدده بسحب جنسيته، ويطارده، أويعتقله دون سبب، وليتأكد انه أصبح مواطنا حرا. بقيت في الشرق الأوسط الي ان ظهرت فكرة القدس العربي المشروع الفلسطيني، ايام كانت منظمة التحرير والانتفاضة في عزهما، وفترة اعلان الدولة الفلسطينية عام 1988، حيث قرر اصحاب جريدة القدس المحلي اصدار طبعة دولية واختياري لاكون رئيس تحرير لها، من هنا رأيت انه علي هذه الجريدة ان تكون قفزة اعلامية حقيقية، كما قررت من اليوم الأول ان تكون مختلفة، ليست جريدة نظام، بل جريدة العرب، بعد سنة ولج صدام حسين الي الكويت فأخذت موقفا معاكسا للغالبية الساحقة اي ضد أمريكا والمشروع الأمريكي الذي كنت اعهد انه سيدمر المنطقة العربية، في البداية امسكت العصا من منتصفها، وطالبت بوجود حل بين العراق والكويت، لكن عندما صدر قرار الجامعة العربية، ووصلت القوات الأمريكية خطت افتتاحية قلت فيها نحن نحب الكويت لكننا نحب العراق أيضا. وان القوات الأمريكية اتىت لتحتل العراق وتهين الشعب العربي. ونحن في هذه الحالة ضد الخندق الأمريكي.

خارج السرب

بدأت معركة رئيس تحرير القدس العربي مع الأنظمة لأنه غرد خارج السرب، ولأنه كان دائماً مع المعسكر الخاسر، ففي قناعته حتى 80% من الشارع العربي مع هذا المعسكر، ضد المعسكر الثاني الأثقل لأنه ضم دول الخليج حيث الثقل المادي، ومصر الثقل البشري الضخم والتاريخي وسورية الثقل الثوري، هذا المعسكر الذي أشعل الحرب ضده، وحطموه كما يقول، فكان أكثر من هوجم في الصحافة العربية الكويتية والمصرية، وهوعلي قناعة أنه اتخذ الموقف السليم أي موقف الشارع العربي وأنه ظلم كثيراً، وإلي الآن ما زال متمسكاً بموقف الشارع، وما زال مظلوماً.

بن لادن

في نوفمبر عام 1996 التقيت أسامة بن لادن في جبال تورا بورا، كان بسيطاً جداً ومتواضعاً جداً، يأسر القلب بأدبه وتواضعه وبلطفه الجم، كان خفيض الصوت لا يكذب أبداً، وكان طويلاً، تم اللقاء بعد حتى أوفد لي من خلال ممثله الرسمي في لندن خالد الفواز، والذي أبلغني حتى أسامة يرغب بلقائي، فهويجب كتاباتي، ترددت في البداية، وتساءلت لما أمضى إلي أفغانستان حيث الحرب الأهلية والفوضي، كنت خائفاً من غياب الأمن والأمان، ومن الموت، ثم ما السبق الصحافي الذي سأحققه، حقيقة لم يكن عندي فضول أورغبة بأن ينطق عني بطل، فأنا أولاً وأخيراً رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة، جميع ما كنت أعهد عنه أنه ضد الأمريكان ويريد إخراجهم من الجزيرة العربية، وأنه مع الإصلاح في السعودية، ورغم جميع المخاوف التي سيطرت علي قررت الذهاب كي لا أصف نفسي أويصفني الآخرون بالجبن، ولا أخفيك بأنني لم أبلغ زوجتي، كما لم أتسقط العودة حياً، كانت المسألة مرعبة والطريق خطرة والرحلة شاقة بكل المقاييس، فبعد وصولي إلي بيشاور تم تهريبي عبر الحدود وحقول الألغام، إلي حتى وصلت إلي جلال آباد فأقمت مع ثلاثة سواي في فندق مهجور بلا ماء أوكهرباء أوأكل، بعد ثماني ساعات من السير في جبال تورا بورا وصلت وبقيت معه يومين في كهف مدفأ بأنابيب يمر فيها البخار، علي ازدياد 3000م، وفي درجة حرارة 25 تحت الصفر، فطورنا خبز مع شاي حلوجداً وخمس بيضات لعشرين شخصاً، الغداء بطاطا مع صلصة طماطم مع الدهن وقليل من الأرز والخبز، والعشاء جبنة معفنة، عندما صحوت في الليلة الأولي لصلاة الصبح سألتهم عن الحمام فنطقولي هل تعتقد أنك في الشيراتون، فمضىت خلف شجرة وتوضأت بماء بارد فكدت أتجمد من البرد، يومان وأنا مع الرجل الذي تمني الموت فمرارته غير عادية من الأمريكان لأنهم استخدموه مع المجاهدين العرب، ثم هجروهم وخدعوهم، واليوم أحمد الله أنني مضىت للقائه لأنها نقطة تحول تاريخية في حياتي المهنية والإنسانية، لهذا أتمني لقاءه ثانية لكنني اليوم أخاف، خاصة أنه نادىني بعد شهر من أحداث نيويورك، وهذا الكلام أقوله للمرة الأولي، لكني فضلت عدم الذهاب فلربما تبعني الأمريكان وقتلونا كلنا، ولواغتال وحده لقيل إنني خدعته، ودللت الأمريكان علي مكانه، وفي الحالتين خراب بيت، بعدها اختفي أسامة، وأعتقد أنه في مكان آمن خارج أفغانستان، لأنه ذكي ويعهد المنطقة جيداً، بدليل الأشرطة التي يصورها.

ناجي العلي

ناجي العلي كان صديق عبدالباري أيضاً فكلاهما اتى من المخيم مع اختلاف الأمكنة، كان ناجي يطمئن إليه، فيلتقيان دائماً، ويتحدثان رغم حدة آرائه ومواقفه، وعندما استشهد، عمل عطوان بياناً مسقطا من الصحافيين ادانوا فيه الجهة التي قتلته مع التلميح لمنظمة التحرير، فهما ان روايات اخري تقول ان إسرائيل استغلت غضب المنظمة عليه التي كانت متضايقة جدا منه، وبالتدقيق الرئيس عهدات، ويستحضر من ذاكرته حدثا عندما اتصل أحمد عبد الرحمن به ورجاه ان يحذر ناجي ويطلب اليه ان يتوقف ويكف، لهذا لا يستبعد عبد الباري ان تكون المنظمة هي التي قامت بتصفيته، وذلك حسب التهديدات التي كانت ترد، لكنه لا يستبعد شخصيا ان تكون إسرائيل قد دخلت علي الخط أومن الممكن العميل الذي صفاه كان مزدوجا، ثم ان صحيفة الديلي ميل المحت فيما بعد الي تورط إسرائيل، وبعدها قامت بريطانيا بابعاد 12 موظفا إسرائيليا من السفارة الإسرائيلية في لندن، والي الآن لا ادلة تدين احدا.

عطوان في القفص

تغيرت حياة عبد الباري عطوان، ورغم أنه قرر عدم الزواج متأثرا بمسيرة شقيقه، الا انه سقط في المصيدة ودخل القفص المضىي بعد فشل علاقة حبه التي كان يعيشها. لم يكن الزواج اصلا في اجندة حياتي، كان قراري ان اعيش عازبا، فأنا عاشق للحرية، خاصة ان الصحافة اعطتني مجالا كبيرا للسفر والتنقل في معظم الدول الأوروبية، كنت في شبابي مهموما بالتجوال، مسخرا جميع طاقاتي كي اعيش الحياة كما هي، لكن فيما بعد وصلت الي فترة تعبت فيها من الحرية، خاصة ان حريتي كانت جدا متطرفة، إلى غير ذلك تزوجت من احدي قريباتي ومضىت من النقيض الي النقيض، لكني ندمت واكتشفت الفارق بين تعب الحرية وتعب الزواج، فيه شعرت انني فقدت عنصر المغامرة، وانا اليوم مش فاضي، ورغم حتى المرأة جميلة لكنها متعبة وضرة للصحافة، وكأنها وظيفة بدوام كامل، وهذا لا يمنعني من القول ان الرجل اناني يريد جميع شيء علي هواه، كما يريد من المرأة ان تكون زوجة من زمن الثلاثينيات، تجلس في البيت ولا تسأله عن اي امر يتعلق بحياته واصدقائه ومعارفه، الرجل يريد امرأة بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل، وهذا ظلم كبير لها. انجب عطوان ثلاثة أولاد، خالد عمره عشرون عاما وندي 17 عاما وكريم اربع سنوات، وهونادم وشعر بتأنيب ضميره لانه لم يعش كثيرا مع خالد وندي كثيرا، ولم يستمتع بطفولتهما، ولم يرهما يكبران، حيث كانت جريدة القدس العربي في بداياتها، اما علاقته بابنته فهي حميمية جدا يعاملها وكأنها ابنة السنوات الثلاث، متأسفا ومتعاطفا معها لانها اخذت شكله ولون عينيه، بعكس شقيقيها الذين ورثا شكل امهما. لوعادت بي السنوات الي الوراء لاخترت ذات الطريق، لكن لا اتزوج، وان شاء الله زوجتي ما تقرأ الموضوع، اختار ما اخترته، وأقع في ذات الاخطاء خاصة انني درست كثيرا من اخطائي، فالصحافة انصفتني رغم الهجوم الذي اتعرض له فهوامر طبيعي وهونابع من مغرضين أومن موجهين، ولوكنت إنسانا نكرة وغير فاعل لما هاجمني أحد، فبقدر حجم الهجومقد يكون حجم التأثير، لكن ارفض الدفاع عن الذات، ودائما اسير حسب الآية القرآنية واذا خاطبهم الجاهلون نطقوا سلاما فليقل اي كان ما يشاء، انا اعهد نفسي، ومحبة الناس لي، ويكفيني حين امضى الي مدينة مثل طنجة يحضر من الاشخاص ما يقارب اربعة آلاف شخص، وعندما امضى الي تونس يغلق شارع الحبيب بورقيبة بسبب الناس الأمر الذي ابكاني ونزلت دمعتي امام الملأ فخطت جريدة الشروق التونسية وبكي عبد الباري عطوان كما يسعدني ان اكون في مخيم الوحدات امام حوالي عشرة آلاف إنسان فأغلق المخيم، اليس في هذا معني، جميع ذلك يمنحني الثقة ويمنعني من الرد.

تهديدات

قبل الحرب علي العراق وصلته رسالة لم يخف منها، وما زال محتفظا بها، معتقدا ان مصدرها أمريكي اتى فيها: انت تحرض الناس ضدنا كأمريكان، وانت ناجح وتأثيرك قوي، وتستغل الفضائيات في التحريض، ونحن نحذرك، ان استمررت سنمنعك من الظهور عبر الفضائيات واذا تمادت جريدتك، سنغلق القدس العربي وانت تتحدث عن عيوب الناس، لكنك نسيت عيوبك، وحتي ان لم يكن عندك عيوب سنخلقها لك، وامامك ارواح، وعليك ان تتحدث عن القضية الفلسطينية بما يؤدي الي دعم عملية السلام، وارجوان تفهم هذه الرسالة جيدا، واليوم اجد تطبيقا للرسالة فكل الفضائيات العربية الآن قاطعتني عدا الجزيرة التي تستضيفني بين حين وآخر لحمل العتب وقناة الحوار الفضائية، ثم انني تلقيت الكثير من التهديدات من دول عربية، ومنظمات عنصرية أوروبية متطرفة، مثل كلوكلوكس كلان التي قتلت مايكل اكس ومارتن لوثر كينغ، كما اوصلوا لي رسالة الي البيت وخطوا فيها نعهد كيف من الممكن أن نصل اليك، لكنها لم تؤثر في، وحين يقول لي البعض انهم خائفون علي اجيبهم بأنني لست بأحسن من الذين استشهدوا علي الاقل انا عشت عمري، في حين ان هناك من اغتال واستشهد في اعمار مبكرة، ولانني ما زلت قادرا علي العطاء فقد بدأت بتأليف كتاب عن القاعدة واسامة بن لادن لصالح شركة نشر بريطانية كبري، من الممكن افكر لاحقا بترجمته الي العربية. انتهي اللقاء مع عبد الباري عطوان وقد فاتته الطائرة المتجهة الي لندن، لكنه في حديثه حكي عن قصص لم يقلها لاحد لانه اراد كتابتها، وحسب قوله فقد استدرجته، متمنيا الا تقرأ زوجته اللقاء في المجلة كي لا يقع في مشاكل، هذا هوعطوان الذي يعترف ان ما حققه لم يحلم بأكثر من 10% منه، لكن نجاحه هذا هوبذرة مخيم دير البلح.

عبدالباري عطوان يروي قصته مع أسامة بن لادن

جريدة القدس العربي مدينة في استمرارها لـ بن لادن وصدام حسين الأفغان العرب يعيشون في كهوف على ازدياد ثلاثة آلاف متر كهف بن لادن طولهستة أمتار وعرضه أربعة أمتار ويضمخمسة أسرَّة خشبية عشاء بن لادن تعبير عن «بطاطس» مقلية وجبن مالح مبارك عمر سعيد : محادثة المثقفين والإعلاميين الذين يضمهم أسبوعياً مجلس الإعلامي المعروف الأستاذ سعد محمد الرميحي كان في الأسبوع الماضي متميزاً وامتد لحوالي ثلاث ساعات متصلة حيث استضاف الصالون شخصية إعلامية مثيرة للجدل، مشهورة بكتابتها ولقاءاتها التليفزيونية والإذاعية وتتميز دائماً بإثارة مسائل خلافية، فيتعاطف مع آرائه الصريحة كثيرون، ويعارضها كثيرون وقد وصفه الإعلامي القطري الكبير سعد الرميحي بأنه نجم الفضائيات، وأنه صوت لمواقف الجماهير العربية الوطنية حيث سخر جريدة القدس العربي الصادرة في لندن لتكون المعبر عن تلك المواقف، وجعل منطقته معبرة عن مشاعر الأغلبية الصامتة وقد استطاع حتى يجعل جريدته تصمد أمام تحديات كثيرة وتستمر في الصدور منذ العام 1989م وهوانجاز يحسب لإدارته الصحفية بالرغم من منع توزيعها في بعض الدول العربية، ووصفه بأنه أحد أكبر المثقفين الإعلاميين والسياسيين المعاصرين إنه عبدالباري عطوان الصحفي العروبي المولود في مخيم اللاجئين بمدينة دير البلح بقطاع غزة في فلسطين في العام 1950م وبدأ عبدالباري عطوان حديثه مجيبا عن سؤال حول سيرة تأسيس جريدة القدس العربي وواقعها الحالي ومسيرتها المستقبلية. فنطق: بعد تجربة صحفية طويلة تواصلت لأكثر من ثلاثين عاماً تنقلت خلالها في دول عربية عديدة منها مصر والأردن والسعودية وبعد حتى استقر بي المقام في لندن حيث عملت في جريدة الشرق الأوسط وجدت نفسي في العام 1988م وفي يوم ربيعي من سبتمبر قدمت استنطقتي من تلك الجريدة فقد كنت أنا الذي يقدم على مثل هذه المستوى إذ لم أقل من أي صحيفة عملت فيها، في ذلك اليوم توجهت لشراء سيارة لعب صغيرة لابني الصغير خالد الذي كان يحب اللعب بالسيارات وبعدها خطت خطاباً إلى رئيس التحرير أعرب فيه الاستنطقة ورغم أنني كنت أعول أسرة مكونة من زوجتي وبنتي وولدي وأدفع لبيت اشتريته بالتقسيط فإن هناك من اعتبر إقدامي على الاستنطقة ضرباً من الجنون لكن حقيقة شعرت بأن ذلك اليوم أسعد يوم في حياتي، وبدأت التفكير في تطبيق مشروع إصدار مجلة أسبوعية حيث رأيت أنه من الصعوبة بمكان إصدار جريدة يومية في ظل وجود إمبراطوريتين صحفيتين هما جريدتا الشرق الأوسط والحياة، وتساءلت أين أمضى وسط ناطحات السحاب؟! وكيف لي حتى أغرد خارج السرب،يا ترى؟ وآن لقطاري حتى يسير خارج القضبان العربية فكرت بداية في إصدار صحيفة تعنى بالثقافة العربية وتهتم بالإبداع وخاصة في مجال الشعر معلنا منع الشعر العمودي، معتقداً حتى شعراءه محافظون وتقليديون وغير ثوريين كغيرهم من شعراء الشعر الحر، وصدرت القدس العربي لتقابل صعوبات مالية في الطباعة والتوزيع رغم حرصنا على الاقتصاد والتقتير على المصاريف حيث اضطرتنا الظروف إلى تأجير شركة صغيرة في حي شعبي ووصل الحد أننا لم نعد نستطيع دفع فواتير الطباعة وكدنا نغلق الجريدة لولا حتى رجلين غيرا مسيرة التاريخ وتدين لهما جريدة القدس العربي بالفضل في استمرارها وهما الرئيس العراقي السابق صدام حسين والشيخ أسامة بن لادن فالأول أمر قواته بدخول الكويت في 2/8/1990م والحقيقة حتى الأمر فاجأ العالم ولم أكن أبدا مع ما وقع بل كانت تربطني بدولة الكويت علاقات وصلات وثيقة يكفي حتى زوجتي «أم خالد» كانت تعيش في الكويت وتسارعت الأحداث وحشدت الولايات المتحدة الأمريكية 500.000 جندي ضد العراق، حينها كان علينا حتى نختار فإذا كنا نحب الكويت فإننا نحب العراق أيضاً ونحن ضد التدخل فأعربا موقفنا صراحة وكتابة وانعكس ذلك على أرقام توزيع الجريدة وأذكر أنني كنت أتفقد الأماكن والمخطات التي تتولى توزيع القدس العربي والشرق الأوسط والحياة حيث كانت النسخ المباعة لجريدتنا قبل أحداث الكويت لا تقارن بتلك المتعلقة بالجريدتين الأخرىين ولكن بعد ذلك التاريخ قفزت قفرة كبيرة لم نكن نتسقطها رغم حتى القدس العربي لم تكن تدخل العراق. أما فضل الشيخ أسامة بن لادن فقد وضح حين نشرت لقائي الصحفي معه الذي استمر ثلاثة أيام في كهف من جبال تورابورا في العام 1997م حيث ارتفعت أرقام التوزيع إلى درجة نفاد جميع مطبوع بعد خمس دقائق من عرض الجريدة للبيع. ويضيف عبدالباري: لقد تميزت القدس العربي بأنها كانت أسبق من قناة الجزيرة الفضائية في حمل وممارسة شعار «الرأي والرأي الآخر» ومع ذلك تمت محاصرتنا فلم تسمح لنا بعض الدول بالتوزيع داخلها ولم تشجع دول وشركات على الإعلان في الجريدة بل وصل الأمر إلى المطالبة بعدم نشر إعلانات تم الاتفاق عليها وعدم الاشتراك المباشر الذي يوفر 50% من القيمة التي كانت تدفع للموزع. مبادئ وهنا طرح الدكتور ربيعة صباح الكواري أستاذ الإعلام في دولة قطر سؤاله عن كمية المطبوع فأجاب رئيس تحرير القدس العربي بأنه يتراوح ما بين 85 ألفا و100 ألف ويعترف بأن أكثر من يهاجمون جريدته هم إخواننا الكويتيون، وقد مورس ضغط في مجال الإعلام بأن ينشر إعلان يخالف مواقف الجريدة المبدئية مثل إعلان ينص على حتى «أسامة بن لادن إرهابي مطلوب» (Wanted) وعرض مبالغ باهظة لمن يدلي بمعلومات عنه وكذلك رفضت الإعلانات بهذا المعنى عن الرئيس العراقي صدام حسين، وهذا يؤكد حتى القدس العربي جريدة وطنية لا ترتهن للفلوس ولا تبيع ولا تغير مبادئها فالكل يعهد حتى أسامة بن لادن شيخ دين ملتزم بينما صدام حسين رئيس دولة فهماني وعندما يتساوى رجلان يتصفان بصفتين متناقضتين ومتضادتين في المعاملة في جريدة وعند إدارتها فمعنى هذا حتى الجريدة تقف في الوسط وفي الحياد وصراحة فإن القدس العربي منذ صدورها وحتى اليوم لم تتبن موقف المعارضة للنظم العربية بل لم ولن أسعى إلى بتر شعرة معاوية مع الدول إذ لم يكن الشأن الداخلي لها هوأول ما يشغلني. ويستطرد عبد الباري عطوان قائلاً إنه لم يكن حريصاً على تلبية الدعوة له للقاءة الشيخ أسامة بن لادن في أفغانستان التي تعددت عبر أكثر من وسيط ومنهم خالد الفوال سفير بن لادن المعروف لدى الدوائر الرسمية في أوروبا فقد شعرت أحياناً بأنها لن تضيف إلى مسماي المهني «رئيس تحرير» أي رصيد حديث وترددت بل إني في المرة الأولى وبعد استخارة الله تعالى لم أمضى لكن في المرة الثانية مضىت وإليكم سيرة لقائي مع الشيخ أسامة كما خطتها. في شهر نوفمبر عام 1997، اتيحت لي الفرصة لاجراء لقاء مع الشيخ أسامة بن لادن في أفغانستان. ترددت في البداية في قبول العرض لأن أفغانستان في ذلك الوقت كانت تشهد حرباً اهلية طاحنة. ولكني عدت وقبلت وجرى ابلاغي بان الرحلة ستكون عن طريق نيودلهي، ومنها إلى جلال اباد. وبعد حتى اجريت الترتيبات اللازمة اتى من يبلغني بأن الموقف خطير، وطالبان تزحف نحوجلال اباد وأحوال الاخوان في أفغانستان ليست على ما يرام ولابد من التأجيل. لم اغضب كثيراً أواحزن، فالشيخ أسامة بن لادن لم يكن على شهرته الحالية، رغم أنه كان متهما بترتيب هجوم على قاعدة أمريكية في الخبر بالمملكة العربية السعودية عن طريق شاحنة ملغومة، اسفر عن مقتل 19 جنديا أمريكيا. بعد اسبوعين اتى إنسان من طرف بن لادن ليبلغني ان خط الرحلة سيكون عبر بيشاور هذه المرة. ما شجعني على قبول العرض ان الصحفي البريطاني الجريء روبرت فيسك سبقني إلى لقاء الشيخ أسامة بن لادن، الأمر الذي اصابني بالارتياح والطمأنينة، وشكل لي حصانة امام بعض الجهات العربية وغير العربية. كانت البداية في لندن، إنسان ملتح يهمس في اذني بأن الظرف بات مهيأً للسفر إلى أفغانستان ولقاء الشيخ أسامة بن لادن زعيم العرب الأفغان، وأكثر إنسان يخشاه الأمريكيون. الأمر يحتاج إلى تفكير عميق، فأفغانستان ليست آمنة، وحركة الطالبان نشطة، والبلاد في حالة من الفوضى المطلقة، ثم انني لست في بداية حياتي الصحفية، ابحث عن مجد مهني، أوترقية من رئيس التحرير، وزيادة في المرتب بالتالي. ولانني اري الحياة، وليست الصحافة فقط، مغامرة كبيرة، ولايماني بان الصحفي العربي ليس اقل من نظيره الأجنبي في الذهاب إلى خطوط القتال الأولى، وتغطية الأحداث من مواقع الخطر، وفوق هذا وذاك لانني لا اؤمن بنظرية مليون جبان ولا الله يرحمه التي يؤمن بها الكثيرون في هذه المهنة، كان قراري بالموافقة دون تردد. خطة الرحلة كانت في الذهاب إلى بيشاور، وهناك سيأتي من يأخذني إلى أفغانستان للقاء الرجل وانصاره، وصلت بيشاور عن طريق دبي وكراتشي في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء 19 نوفمبر الحالي، واتخذت جميع اجراءات السرية المطلقة، وكانت مفاجأتي عظيمة عندما انقض على احدهم محتضنا مقبلا امام مخط الاستقبال في الفندق الذي قصدت الاقامة فيه. لقد كان صديقا قديما، اتى في إطار وفد سعودي لتقصي الحقائق في أفغانستان، وعاد لتوه إلى بيشاور في طريقه إلى المملكة. وعندما سألني عن سبب وجودي في هذا المكان الغريب، قلت انه السبب نفسه الذي أتى من اجله والوفد، اي تقصي الحقائق، ولكنه تمنى على لوارسلت زميلا آخر فالبلاد خطرة والامن فالت. بعد ساعتين من الاقامة في غرفتي في الفندق، اتصل بي إنسان نطق ان اسمه فيصل وهوالذي سيرتب لي الرحلة إلى أفغانستان، وعلى ان اكون جاهزا في الخامسة فجرا، وسيشرح لي جميع شيء وجها لوجه، فالهاتف غير آمن. عبور الحدود حتى جلال اباد في العاشرة صباحا، كان فيصل يطرق باب غرفتي في الفندق، شاب متوسط القامة، يرتدي ملابس باكستانية، اسمر البشرة، متحفظ في الحديث، غير حليق الذقن، وفهمت من خلال الحدثات القليلة التي نطق بها انه من جدة، أولعله من مكة المكرمة، وربما اكون مخطئا. فيصل احضر لي زيا افغانيا، تعبير عن بنطال فضفاض «سروال» وقميص طويل «ثلاثة ارباع جلباب»، وعمامة، وطلب مني ان ارتديها جميعا، واهجر جميع شيء في الفندق، ونطق ان اثنين من الطالبان سيرافقانني لتهريبي عبر الحدود حتى جلال اباد، وهناك تنتهي مهمتهما، وتبدأ مهمة آخرين، وطمأنني بعد حتى لاحظ مظهري الجديد، ان قوات الأمن الباكستانية التي تمنع العرب من الذهاب إلى أفغانستان وتعتقلهم، لن تتعهد على، فشكلي يوحي كما لوكنت أحد زعماء قبائل البشتون. انطلقت من الفندق بالزي الجديد، وفي صحبة الطالبانيين إلى محطة الحافلات في بيشاور، وهناك هجرنا فيصل، بعد حتى اطمأن إلى دقة الترتيبات، انحشرنا في حافلة تويوتا صغيرة (بيك آب) مع 15 مسافراً آخرين، وكان منظري غريبا بالنسبة إلى على الاقل، وان كان متجانسا مع الآخرين، والاستثناء الوحيد ان ملابسي كانت جديدة، وعمتي كذلك، واذا كنت قد لفت نظر جميع ركاب الحافلة، ومعاون سائقها الذي نظر إلى بتشكك، فلذلك السبب وحده. السائق كان شابا، ويسابق الريح بسيارته القديمة المتهالكة، ويتلوى بين المطبات بطريقة بهلوانية في طريق جبلي مرعب، باكستان في حالة طوارئ، والاجراءات الأمنية في ذروتها، ولكن رغم الحواجز الكثيرة التي اوقفتنا الا اننا مررنا بسلام حتى نقطة الحدود. مرافقاي من حركة الطالبان «أي طلبة الفهم» شابان في العشرين من عمرهما أواقل قليلا، متواضعان، لا يعهدان العربية، ولا أي لغة أخرى، وأنا من طبيعة الحال لا اعهد الأفغانية، وكانت اللغة المشهجرة بيننا هي الصمت، مع ابتسامات الارتياح في جميع مرة نجتاز فيها حاجزا للجيش الباكستاني. وقد لاحظت انهما لم يكتما ضحكتهما حدثا نظراً إلى هيئتي الجديدة، وعمتي، وربما اعتقدا انني أحد مهربي الهيروين، أوتاجر سلاح، أوإنسان على باب الله يريد الجهاد في بلد يظهر ان الجهاد فيه لن يتوقف ابدا. نقطة الحدود كانت تعبير عن ممر وسط جبلين بعرض عشرة امتار على الأكثر، يقف عليها جنود ورجال مباحث من باكستان، يتأملون المارين بتفحص، ولكنهم لا يوقفون إلا من معه كيس أوأشياء لافتة للنظر. ولانني لا احمل الا مخلاة من القماش الرديء، لا تضم الا كاميرا وجهاز تسجيل صغيرا، وبضع أوراق، وبطاريات صغيرة، فقد مررنا بهدوء دون حتى يوقفنا أحد، أولعل الطالبيين، الذين يرتبطان بعلاقة جيدة مع باكستان، وجيشها على وجه التحديد قد كانا أقوى من جواز سفر دبلوماسي بالنسبة اليّ. بعد نقطة الحدود الباكستانية مشينا سيرا على الاقدام لحوالي نصف كيلومتر، بعدها لاحت نقطة الحدود الأفغانية، تعبير عن فهم أبيض متسخ، أولعله بترة من ثوب بال، علق على عصا عادية بالكاد تُرى، يجلس إلى جانبها شبح رجل ملتح معمم، لم يسأل احدا وكأن الأمر لا يعنيه. وصلنا إلى سوق صغيرة، أشار مرافقاي إلى فميهما بإشارة عهدت منها انهما يريدان تناول الغداء، فالساعة الثانية والنصف ظهرا، فأومأت بالموافقة، اتجهنا إلى مطعم، على قارعة الطريق، المقاعد خشبية اتت من الجبال مباشرة دون تهذيب، الطاولات من الزنك أوالحديد الصدئ. الطعام كان تعبير عن مرق فيه بترة من لحم يفهم الله هويته، ونصف حبة بطاطس، في صحن معدني، وبضعة ارغفة من الخبز، واناء فيه ماء وثلاثة اكواب معدنية. كانت وجبة شهية بكل المقاييس، حيث أنساني الجوع جميع توصيات الطبيب حول تجنب الكوليسترول، فالدهون كانت عائمة بطريقة لافتة للنظر، وعلى أي حال فنحن لسنا في مطعم خمسة نجوم مثل تلك التي تعودنا عليها، نحن معشر الصحفيين، في العواصم الغربية المترفة. تجشأ صاحباي، وحمدا الله كثيراً على هذه النعمة، ومضىنا بعد ذلك إلى مسجد مجاور، للصلاة، وكان من الصعب على فهم اللغة التي يتحدث بها الإمام، وان كنت تعهدت على بعض الآيات القرآنية التي تلاها. توجهنا إلى محطة الحافلات الأفغانية، ونجح مرافقاي، باعتبارهما في بلدهما، وينتميان إلى الحزب الحاكم، في اجلاسي في المقعد الامامي إلى جانب السائق وراكب آخر، أي في الدرجة الأولى، بينما جلسا في الدرجة السياحية تأدبا وتواضعا أوهكذا اعتقدت. الرحلة من الحدود الباكستانية إلى جلال اباد تستغرق اربع ساعات أوأكثر أوأقل، الأمر يعتمد على همة السائق، ونوع سيارته وتعاون الركاب، سيارتنا كانت من النوع القديم الذي عاصر الجهاد الأفغاني الأول، وربما شارك فيه بطريقة أوبأخرى. ولذلك نزلنا منها ثلاث مرات، في الأولى والثانية لانفجار عجلات، والثالثة لإخراجها من وحل غرقت فيه، واستعصى على محركها الخروج منه بقوته الذاتية، ولذلك كان لا بد من اللجوء إلى مناكب الركاب وعضلاتهم ـ لاعطائه قوة اضافية. وصلنا إلى جلال اباد بآلام شديدة في الرقبة والظهر وبسلامة الله فوق ذلك، مرافقاي اخذاني إلى الجهة المحددة، وهي منزل أحد قادة المجاهدين الأفغان في منطقة جلال اباد، حيث سلما الامانة، وانصرفا ولم ارهما بعد ذلك، بينما جرى توجيهي إلى أحد فنادق المدينة، ويحمل اسم الجبل الأبيض دائما، يذكر بحياء بماض مستقر لافغانستان. الليلة الأولى في الفندق كانت نوعاً من العذاب، فقد استعصى علىّ النوم، والسبب كثرة الحشرات التي تشاطرني الفراش، وبعضها من النوع الفتاك، المزود بأجهزة دمار تام بيولوجية، مثل البق، اما عن البراغيث فلا تسأل. والحسنة الوحيدة من تجربة النوم في هذا الفندق انني تعهدت مجددا، وبعد طول انقطاع، على هذا النوع من الحشرات والقوارض، فاتىت عملية التعارف هذه مؤلمة جداً، وظهرت آثارها واضحة على ساقي وبعض اجزاء جسمي الأخرى. سفير بن لادن صباح الجمعة اتى سفير بن لادن في جلال اباد إلى الفندق صباحا واعتذر لي بأن الشيخ لن يتمكن من لقاءتي هذا اليوم، وعليّ الانتظار، فابلغته انني على عجلة من امري، ولدي ارتباطات مسبقة في لندن تحتم وجودي الاثنين، فتفهم الأمر، ووعد خيراً. كان هذا السفير هوأبوحفص أوأحد العقول العسكرية الجبارة المحيطة بالشيخ أسامة بن لادن، نحيل الجسم، اسمر البشرة، طويل القامة، معمم، ويمتلئ حيوية وشبابا، وللحق كان في قمة التهذيب. ولم يحدثني ابدا عن نفسه أودوره، ولم أكتشف مكانته الا بعد مغادرتي أفغانستان. واعترف بأنني احترمت فيه صدقه وتواضعه وايمانه العميق بالقضايا التي يؤمن بها. ولابد انه احس بهذا الاحترام من جانبه. وآخر مرة تحدثت معه، بعد ذلك، كانت بعد القصف الأمريكي لافغانستان، حيث هاتفني ليبلغني بيانا، انفردنا به في حينه، يؤكد لي نجاة الشيخ أسامة بن لادن، واستشهاد خمسة من المجاهدين العرب، ويتوعد على لسان الشيخ بن لادن بالانتقام من الرئيس كلينتون وتلقينه درساً لن ينساه. في الساعة الثالثة بعد الظهر، اتىت سيارة حمراء إلى الفندق، وبها إنسان جديد، وسائق ومسلحان، قائلا لي اننا سننطلق إلى الشيخ، وحذراني من حتى الطريق شاقة ومتعبة، علاوة على كونها خطرة، فحمدت الله على هذا الامتحان، وتعوذت من الشيطان الرجيم، وسلمت امري إلى الخالق. الطريق إلى امارة بن لادن كانت شاقة عملا، غير معبدة، نصفها يمر وسط قرى جبلية ووديان، ونصفها الثاني حلزوني صخري مرعب بكل ما تعنيه هذه الحدثة، ومن سوء حظي اننا سرنا اليه بعد حلول الظلام، فكنا نسير إلى المجهول، مع سائق يستعجل الموت، ويقود السيارة كما لوانه على إحدى طرقات ألمانيا السريعة الفسيحة، ولا يفوته، من حين إلى آخر، استعراض مهاراته بطريقة بهلوانية، اتت على ما تظل من سواد في شعر رأسي. وحمدت الله انني وفقت في انجاب ما اتفقنا على انجابه بقدرة الخالق من الأطفال والا لانبتر نسلي إلى الابد. في منتصف الطريق، توقفنا امام صخرة حالت دون استمرارنا، ونطق السائق بثقة مطلقة، انها سقطت لتوها من قمة الجبل، وهنا سقط قلبي، وسألت عما إذا كان هذا مألوفا، اجاب السائق بثقة أكبر بالايجاب، واكد ان علينا ان نتسقط صخوراً أخرى متساقطة، فنحن في موسم الشتاء، والتربة رخوة. وروى لنا كيف من الممكن أن ان صديقه أبوعبيدة انتقل إلى خالقه قبل بضعة أشهر على الطريق نفسها، وبسبب سقوط صخرة على سيارته. بلعت ريقي وقرأت الفاتحة. بعد حوالي سبع ساعات من المعاناة، ومصارعة الصخور، والمنحنيات الجبلية الخطرة، بدأت أجهزة الاتصال تخرج عن صمتها، فقد اعطى مرافقي إشارة عن قرب وصولنا، وهنا استقبلتنا سيارة مدججة بالمسلحين، وراجمات ار بي جي ومدفعية تزين ظهرها، ولم اشعر بالاطمئنان، رغم حتى الهدف كان طمأنتنا، والله افهم. عش النسور وصلنا إلى عش النسور أوقاعدة الأفغان العرب على ازدياد ثلاثة آلاف متر تقريباً، كهوف محفورة في سفوح الجبل وسط الثلوج، مجموعات حراسة مسلحة تتحرك هنا وهناك دون حتى اعهد ملامحها، رياح باردة جداً لفحت وجهي بمجرد النزول من السيارة، وكادت تقذف بعمامتي إلى سفح الجبل، فهرعت إلى المدخل حيث ينبعث نور خافت، وهناك كان احدهم في استقبالي وقادني مباشرة إلى كهف آخر يتصدره الشيخ بن لادن الذي عهدته من صوره التي نشرت مؤخراً. الكهف تعبير عن حجرة طولها حوالي ستة امتار وعرضها أربعة، تتصدره مخطة مليئة بخط التراث والتفسير، مثل تفسير الجلالين، وفتاوى ابن تيمية، والسيرة النبوية لابن هشام، وغيرها. وبعد ذلك خمسة اسرة من الخشب الصلب هي اقرب إلى منصات بيع الخضار في الاسواق الشعبية الفقيرة. اما جدرانها فقد زينتها بنادق كلاشنكوف المعلقة هنا وهناك. الشيخ بن لادن استقبلني باسما، وتحولت ابتسامته إلى ضحكة مكتومة وهويري هيئتي، أنا القادم من لندن، بسروالي وعمامتي، وقميصي الفضفاض، كان إلى جانبه صحفي عربي متقدم في السن، اتى إلى أفغانستان مبعوثاً من صحيفة خليجية لتغطية انباء المجاهدين الأفغان، وهومن اسرة مصرية معروفة بتراثها ومكانتها في المجتمع، اعتزل الصحافة وانضم إلى المجاهدين، ويقيم في جبال أفغانستان منذ عشرين عاما على الاقل، ولا يريد غيرها بديلاً، وفي ركن آخر من الغرفة إنسان ثالث مثقف يشارك في الحديث من حين إلى آخر، ورابع كان يقرأ في أحد الخط، لعله تفسير ابن كثير. الرجل طويل القامة، أي الشيخ أسامة بن لادن، نحيل البنية دون ضعف، اطلق العنان للحيته، يرتدي الملابس الأفغانية، ويضع شماخا احمر على رأسه، ويتقي البرد بجاكيت مرقط من ذلك النوع الذي ترتديه الفرق الخاصة «كوماندو» متواضع إلى ابعد الحدود، لطيف المعشر، صوته خافت، ولكنه مسموع، باسم طوال الوقت، ابتسامته توحي بالطمأنينة، وتختصر المسافات بينه وبين ضيفه. خاصة إذا كان يقابله للمرة الأولى، كما هوالحال معي. تجاذبنا اطراف الحديث، واشتكيت له ما عانيته في الطريق، وما حل بي من آلام ظهر ورقبة ومغص في المعدة، فضحك، ونطق لي انه هون علىّ الامر بان قرر لقاءتي في منتصف الطريق، فقد كان في قاعدة أخرى ابعد وأعلى، فشكرت له هذه المبادرة مضطرا. في منتصف الحديث، سمعت صراخا وجلبة وإطلاق نار وقصفاً مدفعياً وصاروخياً. وشاهدت مضيفي يهرع بسرعة خارج الغرفة، ويهجرني وحدي، فقلت في نفسي انها النهاية، وقرأت آية الكرسي، فقد اعتقدت ان هجوما سقط، فالرجل مطلوب رأسه من أكثر من دولة عظمى، أمريكا وروسيا من بينها، وعدة قوى غير عظمى، ولن تكون، معظمها عربية.. بعد برهة عاد الرجل، واعتذر لي بأنه ليس هناك ما يزعج، مجرد استنفار يحدث من حين لآخر، تحسبا للطوارئ، وابقاء حالة الاستعداد في أقصى درجاتها، ارتحت قليلا، ولكنني لم اطمئن، ولعنت حظي، وما جلبته إلى نفسي. عشاء متواضع بعد اكتمال الحديث، نطقوا ان العشاء جاهز، تسقطت انقد يكون غزالا بريا مشويا، أوجديا من ذلك النوع الجبلي خالي الدهن، وتواضعت في احلامي إلى درجة مجموعة من الطيور، وحتى الدجاج البلدي، وكانت مفاجأتي عظيمة، عندما كان العشاء تعبير عن بطاطس مقلية على الطريقة العربية وعائمة في زيت بذرة القطن، وصحن من البيض بالكاد يكفي شخصا منهم، وجبن مالح افترض ان تناوله انقرض حتى في قرى صعيد مصر، ومجموعة من الارغفة افترض انها عجنت بالرمل، لان مضغها كان يحدث صريرا بين الاضراس لا يشجع على تكرار التجربة. تناولت بضع لقيمات، وادعيت انني لا اتعشي عادة لأسباب صحية، قبلوا عذري، وواصلوا الاكل، بينما سرحت في تفكيري، وتساءلت، عما دفع هذا الرجل، ابن الاكرمين، الذي ينتمي إلى اسرة ثرية معروفة تملك المليارات، لكي يعيش هذه الحياة الخشنة، وسط هذه الجبال الخطرة المقفرة، يقابل جميع هذه المخاطر، ينتظره الموت في جميع منعطف، وتتصيده جهات عديدة. بعد انتصاف الليل، وبعد حديث شيق غير مسجل عن اشياء كثيرة ليست للنشر، عن مصر والسودان واليمن وافغانستان والجزائر وغيرها، نطقوا حان موعد النوم، واشاروا إلى أحد الاسرة، ونطقوا انه لك، وتدبر امرك، اما الشيخ فينام على سرير آخر مشابه. سريري كان جافا غليظا بكل المقاييس، ولا أعتقد ان حاله تغير منذ عشرين عاماً. فالبطانيات على حالها، والمرتبة «الفرشة» باتت عديمة الملامح والألوان من كثرة الاستعمال، وقلة التنظيف، والشيء نفسه ينطق عن الوسادة. التدفئة بدائية، تعبير عن خزان مياه تحته كانون للحطب، وماسورة ترتفع إلى السقف، ويبدوان هذه الطريقة البدائية في التدفئة، المطبقة في معظم أفغانستان، كما سمعت، هي أكثر فعالية من جميع أجهزة التدفئة الحديثة في أوروبا. اعترف انني لم استطع النوم تلك الليلة، فتحت السرير صناديق قنابل، وعلى الجدران، والأرض بنادق، وصرير الرياح في الخارج مثل صفارات الإنذار، وديك احول بدأ صياحه في الواحدة صباحا وبصوت جهوري لم اسمع مثله، ومازاد الطين بلة ان سيارات القاعدة تطلق العنان لمحركاتها بالتناوب، وعندما سألت عن السبب في الصباح نطقوا انها مسألة ضرورية حتى لا يتجمد الديزل في المحركات وتتبخر الكهرباء. سحر الطبيعة في الساعة الرابعة صباحا دبت الحركة في القاعدة، وانطلق صوت الاذان لصلاة الفجر، يا الله ما اجمله وصداه يتردد في الجبال الشاهقة في أرض أفغانستان، تصورت انني في معسكر لجنود أبومسلم الخراساني يستعد مجاهدوه للتصدي للكفار في معركة فاصلة. جميع الأسماء حولي توحي بذلك هذا هوأبوعبيدة، وذاك أبومعاذ، وثالث أبوصهيب، ورابع أبوذر، وخامس أبوالوليد، لم انم، كما قلت، حتى اصحو، ولكن المشكلة في الوضوء، والجماعة مطاوعة، وصلاة الصبح يجب حتى تكون حاضرا لا قضاء فيها، والوضوء بعد النوم واجب.. قمنا بتثاقل، زودنا الاخوان ببعض الماء الفاتر من أجل الوضوء سألت اين التواليت.. نطقوا ضاحكين.. تواليت، اين تفكر نفسك في شيراتون، واشاروا إلى منطقة خلاء. ونطقوا هناك يمكن قضاء الحاجة والوضوء.. درجة الحرارة كانت في حدود عشرين درجة مئوية تحت الصفر على الأكثر، ولكن للضرورة احكاما. وكل ما اذكره ان اطرافي السفلى من الوسط حتى القدم تجمدت تماما، ولا اعهد ما إذا كان وضوئي شرعيا ام لا، وكل ما اعهده انني اجتهدت والله افهم. المدافع والدبابات والطبيعة مع تسلل الضوء رويدا رويدا بدأت تتضح ملامح الإمارة القاعدة، وبدأ منظر الجبال يطل على إنسان مثلي قاطع الطبيعة البكر منذ ثلاثين عاما على الاقل. انه جمال من شكل خاص، اشجار الصنوبر تعانق بطن الجبل، والثلوج تغطيه من جميع جانب، وهواء نقي يملأ الرئتين، وشمس تبزغ على مهل واستحياء في الافق البعيد، يسبقها شفقها بألوانه القرمزية والحمراء، كأنه هودج عرس لاجمل فتيات القبيلة. القاعدة تتمتع بحراسة جيدة، هكذا اعتقد، فهناك مدفعية مضادة للطائرات، ودبابات ومجنزرات تتحكم بالطريق، ومكامن للمجاهدين في جميع منحنى، وراجمات صواريخ، وقيل ان هناك صواريخ من نوع ستينغر للقاءة أي غارات جوية، ولكنني شخصيا لم أرها ولم اسأل عنها ايثارا للسلامة ودرءا للشبهات. افطار الصباح لم يكن مختلفا كثيرا عن العشاء اياه، الجبن نفسه، أوما تبقي منه مع بعض عسل القصب الاسود، وشاي بالحليب، وقد رافقته تلاوة آيات من القرآن الكريم. ولاحظت ان الشيخ بن لادن قليل الأكل، ولا يحتسي أي مشروب غير الماء، بما في ذلك الشاي والقهوة، والله افهم. قاعدة عصرية نسيت ان اقول ان القاعدة مزودة بمولد كهرباء صغير، وأجهزة كمبيوتر، وأجهزة استقبال حديثة، وارشيف ضخم من المعلومات محفوظة على اقراص كمبيوترية، وأخرى مؤرشفة على الطريقة القديمة، وهناك قصاصات من جميع الصحف العربية والأجنبية، وتصل إلى الشيخ خدمة أخبارية صحفية يوميا من لندن والخليج. المجاهدون المحيطون بالرجل هم خليط من معظم الجنسيات العربية، ومن مختلف الاعمار، لكن اغلبيتهم من الشباب، ويحملون درجات فهمية عالية، بعضهم أطباء ومهندسون ومدرسون، هجروا اهلهم ووظائفهم، وانخرطوا في الجهاد الأفغاني وغير الأفغاني. ودائما هناك جبهة مفتوحة، ودائماً هناك متطوعون يبحثون عن الشهادة، ويستعجلون الآخرة، وآخر هذه الجبهات جبهة الشمال، حيث قوات دوستم آخر وزراء دفاع نجيب الله، الذي يعتبره الأفغان العرب شيوعيا ملحدا جاز قتاله ومن معه، وهناك أكثر من فتوى شرعية بذلك. المجاهدون العرب يحترمون قائدهم، ويكنون له جميع الحب والتقدير، رغم أنه لا يظهر اي حزم أوبوادر قيادية، جميعهم نطقوا لي انهم على استعداد للموت دفاعا عنه، وسيثأرون من أي إنسان أوجهة تتعرض له. فيصل الذي حدثتكم عنه في البداية، السفير غير المعلن في بيشاور، نطق لي انه مستعد ان يتلقى الرصاص بصدره، وفي أي وقت دفاعا عن الرجل وحماية له. الشباب هم خليط من معظم الجنسيات العربية، لكن غالبيتهم من الجزيرة العربية ومصر، ونسبة أبناء القصيم ومكة والمدينة وباقي إمارات الخليج عالية. وجميعهم يعهدون انفسهم بأسماء إسلامية، خاصة الصحابة والمبشرين بالجنة، وقادة الفتوحات الإسلامية الأولى. شباب مؤمن بربه ودينه، ادار ظهره للدنيا منذ زمن بعيد، ويتطلع إلى الدار الباقية، ويستعجل ذلك. تجولت مع الشيخ أسامة أوأبوعبد الله كما يناديه اتباعه ومريدوه في الجبال المجاورة للقاعدة، وكان يمتشق بندقيته من طراز كلاشينكوف، وهي بندقية يعتز بها، ونطق لي انها كانت تمت لأحد الجنرالات السوفييت الذين قتلوا في إحدى معارك الجهاد الأفغاني. الحديث دار حول الماضي والحاضر والمستقبل، وعن الأنظمة العربية الفاسدة، والظلم الأمريكي الواقع على المسلمين. حدثني عن ايامه في السودان والصومال، عن المحاولات التي استهدفت قتله واغتياله، عن الاغراءات المالية الضخمة التي عرضـت عليه للتراجع عن دعوته وجهاده، عن الوفود والوسطاء الذين تدفقوا عليه، وربما يأتي يوم ننشر فيه بعض ما يمـكن نشره في هذا الاطار. أيامي في امارة الأفغان العرب لم تطل، كانت قصيرة للأسف، فالتجربة تستحق دراسة اعمق، لفهم جميع ابعادها النفسية والسياسية والاجتماعية، ولكن هناك التزامات كثيرة تحول دون ذلك. ودعت الشيخ بن لادن، وودعت زملاءه ومريديه، وعدت ادراجي بالسيارة نفسها، والطريق نفسها، وآلام الظهر والرقبة نفسها، الشيء الوحيد الذي تغير هورفقاء الرحلة في نصفها الثاني، فقد اصطحبني إلى الحدود شابان جديدان من الطالبان، ولم يكن فيصل في استقبالي، عملى ان اتدبر امري إلى غير ذلك عملت. بقي ان اقول انني كتمت سر هذه الرحلة عن أهلي وزوجتي، وخطت وصيتي عملاً، وكنت افترض انني لن اعود. فالمخاطرة كبيرة، واحتمالات الموت كانت أكبر بكثير من احتمالات الحياة، فالبلاد طالما فوضى، ومن لا يموت بالرصاص أوعلى ايدي قطاع الطرق، فان احتمالات الموت في حوادث السير تظل واردة. هل ندمت على هذه الرحلة.. لا وألف لا. فقد كانت أبرز وقع في حياتي المهنية والشخصية، واغنى تجربة إنسانية عشتها، ولواتيح لي تكرارها مرة أخرى فلن اتردد لحظة، وان كنت افترض ان الأيام المقبلة خطرة بكل المقاييس وحافلة بالمفاجآت. أسئلة متنوعة: لما لم يسمح لك بتسجيل الحوار في شريط،يا ترى؟ نطق عطوان: لأن من حول الشيخ أسامة يرون حتى المحتمل حتى يخطئ في قراءة أية آية قرآنية أوفي تفسيرها وبالتالي تحسب حجه ضده وكذلك قد ينعمل ضد دولة عربية ما وتقتضي الظروف التكتيكية أوالاستراتيجية بعدم التصريح باسمها وهذا ما وقع عندما سألته حول الدولة البديلة لأفغانستان! وسأله سعد الرميحي ما الانطباع الذي كونته عن بن لادن بعد اللقاء أجاب: أنه شخصية آسرة وودود جداً خفيض الصوت وينصت ويعلق بحدثات محدودة، متواضع دون تكلف مستمع عميق، قارئ جيد ومتابع حصيف للصحافة والثقافة وإنسان على درجة من الفهم فيما يتعلق بالشريعة والفقه والتفسير، صادق وصافي النية ينظر إليه من حوله من الأفغان والأنصار نظرة أقرب إلى القداسة. وحول كيف من الممكن أن يعيشون نطق عطوان: يعيشون عيشة زهد وكفاف، تصوروا غذاء هذا الرجل ابن العائلة الثرية وأنصاره من أرخص المواد الغذائية، خذوا مثلا وجبة العشاء تتكون من الجبنة المالحة المنزوعة الدسم «القريش» وبطاطا مقلية وست بيضات فقط وخبز به بعض الرمل!! ويفترش الأرض حول هذه الوجبة رجال كثيرون وتصوروا أنني القادم من لندن أشاركهم الأكل فقلت أبدأ بخبز وجبنه ثم أتذوق إحدى البيضات وحين بحثت عن واحدة لم أجد فقد التهمتها الأفواه الجائعة أما الفطور الذي يبدأ بعد الانتهاء من أداء صلاة الفجر جماعة فيتكون من نفس الجبنة ونفس الخبز وشاي حلوبعمل كميات السكر الكثيرة للقاءة طقس الشتاء القارس الذي تصل درجاته إلى ما تحت الصفر. ونطق عطوان: كان الشيخ أسامة يؤم المصلين في الصلاة وحول لما يقرن اسم أسامة في حديثه وكتاباته دائماً بصفة ولقب الشيخ رد بأنه ــ في نظري ــ يستحق ذلك فهومن الناحية المالية والاجتماعية ابن أسرة ثرية لها مكانتها الاقتصادية والاجتماعية ومن الناحية الدينية كما قلت سابقاً مجتهد ومحب للفهم والفهماء. وسأله العزب الطيب: بعد عودتك من أفغانستان ونشر اللقاءة ألم تُجر سلطات لندن أي تحقيق معك،يا ترى؟ أجاب عبد الباري: لحسن الحظ حتى القانون المعمول به حالياً حول الإرهاب لم يكن صدر بعد وإلا كان ممكناً حتى يتم، ولكن ذات يوم أبلغت حتى شعبة المخابرات البريطانية ترغب حتى تحقق معي إذا قبلت!! إذ إذا القانون ينص على حتى من حقك كبريطاني حتى ترفض إذا لم تكن هناك ضدك تهمة محددة بقرائن وأدلة مسبقة وطبعاً رفضت. وحول ان هناك من يرى حتى محتوى ومضمون لقاءاته التليفزيونية يختلف في القنوات العربية عن تلك التي في القنوات الأجنبية أجاب عطوان: نعم بكل تأكيد ذلك لأن الوسيلتين مختلفتان من حيث جمهور المتلقين وطبيعة ونوعية الأسئلة المطروحة في الإعلام الغربي من خلال برامجه الحوارية السياسية يخاطب نخبة والأسئلة التي يطرحها مقدموالبرامج هناك على قدر كبير من المهنية الاحترافية حيث يشارك في إعدادها وصياغتها عدد من المختصين ومحترفي الإعلام والسياسة قد يبلغ عددهم في البرنامج الواحد 25 مختصاً بينما في برنامج الاتجاه المعاكس الذي يقدمه الدكتور فيصل القاسم بقناة الجزيرة لا يشارك في الإعداد سوى رجل آخر بالإضافة إلى المقدم كما حتى مدة استضافة البرنامج في القناة الإنجليزية بي بي سي للضيفين قد لا تزيد على سبع دقائق مقسمة بالتساوي على ضيفين بحيثقد يكون نصيبي منها حوالي ثلاث دقائق ونصف وبالتالي تقع عليه شخصياً مهمة إقناع المشاهدين وليس تحريضهم كما يحدث في البرامج العربية التي تتيح وقتاً أكثر. ولوأردنا تفصيلاً فان استضافتي في برنامج أجنبي لا تتطلب انتقاد سياسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بل أر أنه يجب عليه توجيه أنظار العالم والنخب السياسية التي تتابع البرنامج إلى معاناة أهلنا في غزة خاصة وفلسطين عامة، باختصار إذا برنامج أجنبيا في البي بي سي مثل Hardtalk لا يوفر وقتاً كالذي يوفره الاتجاه المعاكس في الجزيرة فالأول يحتاج موقفاً لا تحليلاً ولكل مقام منطق. وتدخل هنا الدكتور ربيعة الكواري قائلاً: ولكن طبيعة التليفزيون كوسيلة إعلامية في الحالتين تتطلب حتى يعمل الضيف على اقناع جماهير المتلقين، فرد الأستاذ عبدالباري قائلاً: نعم اتفق معك مع التأكيد على حتى التليفزيون هوأبرز أداة للاتصال الجماهيري لكن طبيعة هذه الوسيلة تختلف بين العالمين العربي والأجنبي وتتأثر بعوامل الثقافة والخبرات... إلخ. وسئل رئيس تحرير القدس العربي: هل ثمة أمل في صدور صحافة مستقلة في وطننا العربي؟! فأبدى شكه وأعرب عن خيبة أمله مشيراً إلى تردي الأوضاع العربية عامة. وحول استمرار القدس العربي في الصدور رغم قلة الإعلانات ومنعها من التوزيع في بعض الدول وغلاء الطباعة والشحن نطق إذا القدس العربي تصدر من شقة متواضعة وبأقل عدد من الفنيين والمدققين والمصححين ولا تدفع رواتب ولا مكافآت لكتابها ولا تصل إلى مستوى الشرق الأوسط والحياة بل ولا حتى جريدة الشرق القطرية التي يصل عدد المحررين والكتاب والفنيين فيها إلى 450 كما أنها تستخدم أحدث آلات الطباعة والاتصال..

وصلات خارجية

  • القدس العربي
  • عبدالباري عطوان
  • عبد الباري عطوان للجزيرة:قرار إسرائيل بالسماح لبعض القيادات الفلسطينية بالعودة إلى اراضي السلطة لتعزيز سلطة محمود عباس
  • عبد الباري عطوان للجزيرة:مؤتمر باريس لدعم الفلسطينيين
  • عبد الباري عطوان للجزيرة: إنطقة حكومة حماس
  • عبدالباري عطوان يرد على أبوالغيط بشأن قمة الدوحة
  • عبدالباري عطوان يتحدث بعد اعلان وقف اطلاق النار
  • عبدالباري عطوان في ما وراء الخبر جزء 1
  • عبدالباري عطوان في ما وراء الخبر جزء 2
  • عبدالباري عطوان في ما وراء الخبر جزء 3
  • رأي عبدالباري عطوان في السلام بعد محرقة غزة

مراجع

  1. ^ "عزمي بشارة يطيح عبد الباري عطوان!". جريدة الأخبار اللبنانية. 2013-07-11. Retrieved 2013-07-11.
  2. ^ عطوان يروي قصته مع أسامة بن لادن في صالون سعد الرميحي الثقافي
تاريخ النشر: 2020-06-04 12:25:31
التصنيفات: بذور أعلام, فلسطينيون, صحفيون فلسطينيون, صحفيون عرب, صحفيو المهجر, مواليد 1950, صحيفة القدس العربي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مشروع قانون في الكونغرس الأميركي يحظر تمويل وكالة الأونروا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:24
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 100%

أدميرال أمريكي: النصر الروسي في أوكرانيا سيكون استراتيجيا للصين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:48
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 87%

الجزائر تعلن تنظيم انتخابات رئاسية "مسبقة" في 7 أيلول/سبتمبر 2024

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:21
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 92%

الجزائر: تبون يحدد 7 سبتمبر 2024 كتاريخ لإجراء انتخابات رئاسية مسبقة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:09
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 88%

وزيرة خارجية ألمانيا تعود الأحد الى الشرق الأوسط

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:23
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 97%

مبادرة "حماية الحياد السويسري" تكتسب المزيد من الشعبية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:38
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 100%

شكري: الشعب الفلسطيني يظهر صمودا غير مسبوق

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-21 21:07:40
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية