مالك بن دينار

مالك بن دينار هوالعارف بالله أبويحيى مالك بن دينار البصري. نطق المضىي: فهم الفهماء الأبرار، معدود في ثقات التابعين. ومن أعيان خطة المصاحف، كان من ذلك بلغته.

ولد في أيام عبد الله بن عباس وسمع من أنس بن مالك في بلاده، وحدث عنه سعيد بن جبير والحسن البصري وآخرين. وحدث عنه سعيد بن أبي عروبة وطائفة سواه. وثقه النسائي وغيره، واستشهد به البخاري. وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائة ونطق ابن المديني سنة ثلاثين ومائة (748م).

كان أبويحيى البصري من الذين اشتهروا بزهدهم، وكثرة ورعهم حتى بات –رحمه الله- مضرب المثل في ذلك، وقدوة السالكين في طريق بحاجة إلى الكثير من جهاد النفس والهوى. والقدرة على تخطي العبودية لشهوات الدنيا وملاذها.

كان على غاية القناعة والرضا بالقسمة بعداً عن الشبهات، وورعاً من حتى يناله رشاش الإثم عن طريق المال؛ لذا كان حريصاً على حتى يأكل من كسب يده، فيخط المصاحف بالأجر كما أشرنا، ويرضى بالقليل عملاً بسنة الأنبياء، وما رغب به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وروي عنه قوله: "قرأت في التوراة: إذا الذي يعمل بيده طوبى لمحياه ومماته".

ولقد رزق الدأب على السير في طاعة مولاه جل وعلا، يبتغي الوصول إلى الفهم الحقة وهوفهم الله. نطق رحمة الله عليه: "خرج أهل الدنيا من الدنيا، ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، نطقوا: وما هويا أبا يحيى،يا ترى؟ نطق: فهم الله تعالى".

أما عن صلته بالقرآن الكريم: فقد حملت إلينا خط التراجم الكثير الطيب من ذلك مصداقاً لقوله تعالى: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون". ومما نطقه في ذلك: "إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة" ثم نطق: "خذوا فيقرأ ويقول: اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه".

وكان من الطبيعي حتى يسائل نفسه ويسائل حملة القرآن ماذا غرس القرآن في قلوبهم، ماذا أثمر من الخير الذي ينعكس على جوارحهم وسلوكهم... إلى أي مدى كان قائدهم إلى الجنة، ومرابع القرب عند الله عز وجل. حدث جعفر بن سليمان نطق: سمعت مالك بن دينار يقول: "يا حملة القرآن ماذا غرس القرآن في قلوبكم،يا ترى؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما حتى الغيث ربيع الأرض. فإن الله ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحسَّ فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها من حتى تهتز وتخضر وتحسن، فيا حملة القرآن: ماذا غرس القرآن في قلوبكم،يا ترى؟ أين أصحاب سورة،يا ترى؟ أين أصحاب سورتين،يا ترى؟ ماذا عملتم فيهما؟"

وكان له قدرة عجيبة في التأثير وإيصال الموعظة إلى القلوب بحاله وبقلمه. قيل: ولج عليه لص فما عثر ما يأخذه، فناداه مالك: لم تجد شيئاً من الدنيا أفترغب في شيء من الآخرة،يا ترى؟ نطق: نعم. نطق: توضأ، وصل ركعتين، فعمل، ثم جلس وخرج إلى المسجد، فسئل مالك من ذا،يا ترى؟ فنطق: اتى ليسرق فسرقنا.

ومن نظراته رحمه الله: ما كان يرى من حتى الصدق يظهر في القلب ضعيفاً، فيتفقده صاحبه ويزيده الله تعالى. ويتفقده صاحبه ويزيده الله تعالى حتى يجعله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين، يذكر ذلك ثم يقول: أما رأيتموهم،يا ترى؟ ويرجع إلى نفسه فيقول: بلى! والله لقد رأيناهم: الحسن، وسعيد بن جبير وأشباههما. الرجل منهم، يحيي الله بكلامه الفئام من الناس.

ومن هذه النظرات ما نراه في قوله: "يا هؤلاء إذا الكلب إذا طرح إليه المضى والفضة لم يعهدهما، وإذا طرح إليه العظم أكب عليه، كذلك سفهاؤكم لا يعهدون الحق".

والمؤمن –على فرحه بفضل الله- حزين القلب على ماقد يكون من تقصيره، ومخافته من هول يوم القيامة، لذا فإن من خراب القلب –كما يرى ابن دينار- حتىقد يكون خالياً من هذا الحزن. انظر إليه يقول: "إذا لم يكن في القلب حزن خرب، كما إذا لم يكن في البيت ساكن يخرب".

وهذه الخشية من الله تعالى سمة من سمات الصديقين الذين يرون كأن جميع وعيد في القرآن، إنما ينصب على رؤوسهم هم وحدهم، وكأن جميع قارعة تتهدد العصاة إنما تتهددهم وحدهم، ومن هنا كان تأثرهم بقراءة القرآن خصوصاً آيات العذاب التي تحمل التهديد والتخويف تنفطر لها قلوبهم، وتهتز لها نفوسهم فيناجون الله، ويبكون، ويتخشعون، حتى ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقرأ بعض الآيات في صلاته فيظل فترة بعدها طريح الفراش.

وفي هذا الباب: وقع المغيرة بن حبيب ختن مالك بن دينار أنه نطق: يموت مالك بن دينار وأنا معه في الدار ولا أدري ما عمله. نطق: فصليت العشاء الآخرة ثم جئت فلبست قطيفة في أطول ماقد يكون الليل. نطق: واتى مالك فقرب رغيفه فأكل ثم قام إلى آخر الصلاة، فاستفتح ثم أخذ بلحيته فجعل يقول: "إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار" فوالله ما زال كذلك حتى غلبتني عيني، ثم انتبهت فإذا هوعلى تلك الحال يقدم رجلاً ويؤخر أخرى يقول: "يارب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرّم شيبة مالك بن دينار على النار" فما زال كذلك حتى طلع الفجر.

ومن وصاياه رحمه الله قوله: "إن من الناس ناساً إذا لقوا القراء ضربوا معهم بسهم، وإذا لقوا الجبابرة وأبناء الدنيا أخذوا معهم بسهم، فكونوا من قراء الرحمن بارك الله فيكم".

رحم الله العالم العامل العارف بالله تعالى "مالك بن دينار" ورزقنا حسن التأسي عسى حتى تبتل القلوب بندى الخشية من الله عز وجل، وتزكوالنفوس، حتى تفلح وتفوز بالطمأنينة والخير. واللهمَّ آت أنفسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها والحمد لله رب العالمين.

مالك بن دينار من التابعين الذين تابعوا الحسين بن علي وزين العابدين وهومن5الذين نطق عنهم الامام زين العابدين ارتد الناس بعد الحسين الا خمسة فذكر ان منالخمسة ابوحمزة وهو(مالك بن دينار ويقصد الامام ارتد وخرج الناس عن ولاية اهل البيت ولقد عاش ايام الباقر والصادق فدخل عليه احدهم بمسجد الكوفة بعد موت جعفر الصادق فنطق ماعمل جعفر نطق قد توفي فنطق انا لله وانا اليه راجعون فنطق ومن اوصى فنطق الى أربعة اوخمسة فنطق ومن نطق الى الخليفة والوالي وزوجته وعبدالله وابنه موسى فنطق بان عن الصغير وستر الامر العظيم يقصد ان الامام هوالكاظم وعاش الى ايام الكاظم ومات رحمه الله بالكوفة.

سيرة توبته

روى ابن الجوزي في كتاب التوابين سيرة توبته, فيقول مالك عن نفسه

	بدأت حياتي ضائعا سكيراً عاصيا .. أظلم الناس وآكل الحقوق آكل الربا أضرب الناس اعمل المظالم لا توجد معصيه إلا وارتكبتها شديد الفجور يتحاشاني الناس من معصيتي في يوم من الأيام اشتقت حتى أتزوج ويكون عندي طفله فتزوجت وأنجبت طفله سميتها فاطمة أحببتها حباً شديدا وحدثا كبرت فاطمه زاد الايمان في قلبي وقلت المعصيه في قلبي ولربما رأتني فاطمة أمسك كأسا من الخمر فاقتربت مني فازاحته وهي لم تكمل السنتين .. وكأن الله يجعلها تعمل ذلك وحدثا كبرت فاطمه حدثا زاد الايمان في قلبي .. وحدثا اقتربت من الله خطوه وحدثا ابتعدت شيئا فشيئاً عن المعاصي حتى اكتمل سن فاطمه ثلاثة سنوات فلما اكملت الــ ثلاثة سنوات ماتت فاطمة يقول: فانقلبت أسوأ مما كنت ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين ما يقويني على البلاء فعدت أسوا مما كنت وتلاعب بي الشيطان حتى اتى يوما فنطق لي شيطاني : لتسكرن اليوم سكرة ما سكرت مثلها من قبل!! فعزمت حتى أسكر وعزمت حتى أشرب الخمر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب فرأيتني تتقاذفني الأحلام .. حتى رأيت تلك الرؤيا رأيتني يوم القيامه وقد أظلمت الشمس .. وتحولت البحار إلى نار.. وزلزلت الأرض ... واجتمع الناس إلى يوم القيامه والناس أفواج وأفواج وأنا بين الناس وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان هلم للعرض على الجبار يقول: فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف حتى سمعت المنادي ينادي باسمي .. هلم للعرض على الجبار يقول: فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤيه) وكأن لا أحد في أرض المحشر ثم رأيت ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا فمه. فجريت أنا من شده الخوف فوجدت رجلاً عجوزاً ضعيفاًً فقلت : آه: أنقذني من هذا الثعبان فنطق لي: يابني أنا ضعيف لا أستطيع ولكن إجر في هذه الناحيه من الممكن أنك تنجو فجريت حيث أشار لي والثعبان خلفي ووجدت النار تلقاء وجهي فقلت: أاهرب من الثعبان لأسقط في النار فعدت مسرعا أجري والثعبان يقترب فعدت للرجل الضعيف وقلت له: بالله عليك أنجدني أنقذني .. فبكى رأفة بحالي ونطق: أنا ضعيف كما ترى لا أستطيع عمل شيء ولكن إجر تجاه ذلك الجبل من الممكن أنك تنجو فجريت للجبل والثعبان سيخطفني فرأيت على الجبل أطفالا صغاراً فسمعت الأطفال كلهم يصرخون: يافاطمه أدركي أباك أدركي أباك يقول: عملمت أنها ابنتي ويقول ففرحت حتى لي ابنة ماتت وعمرها ثلاثة سنوات تنجدني من ذلك الموقف فأخذتني بيدها اليمنى ودفعت الثعبان بيدها اليسرى وأنا كالميت من شده الخوف ثم جلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا ونطقت لي يا أبت ألم يأن للذين آمنوا حتى تخشع قلوبهم لذكر الله يقول: يابنيتي .. أبلغيني عن هذا الثعبان!! نطقت هذا عملك السئ أنت كبرته ونميته حتى كاد حتى يأكلك .. أما عهدت يا أبي أن الأعمال في الدنيا تعود مجسمة يوم القيامه..؟ يقول:وذلك الرجل الضعيف: نطقت ذلك العمل الصالح .. أنت أضعفته وأوهنته حتى بكى لحالك لا يستطيع حتى يعمل لحالك شيئاً ولولا انك أنجبتني ولولا أني مت صغيره ماكان هناك شئ ينفعك يقول: فاستيقظت من نومي وأنا أصرخ: قد آن يارب.. قد آن يارب, نعم ألم يان للذين آمنوا حتى تخشع قلوبهم لذكر الله يقول: واغتسلت وخرجت لصلاه الفجر أريد التوبه والعوده إلى الله يقول: دخلت المسجد فإذا بالامام يقرأ نفس الاية ألم يأن للذين آمنوا حتى تخشع قلوبهم لذكر الله
—كتاب التوابين لابن الجوزي