أبوالفرج الببغاء
أبوالفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي (313-398 هـ / 925-1008م)، شاعر ومحرر مترّسل وأديب من الظرفاء عهد بالببَّغاء. قيل: لُقب بالببّغاء للثغة في لسانه.
ذكر السمعاني والخطيب البغدادي أنه من أهل بغداد، ولكن أكثر من تحدثوا عنه نسبوه إلى بلدة نصيبين في الجزيرة الفراتية. اتصل بسيف الدولة الحمداني في شبابه وأقام في حمايته، فلما توفي تنقلت به الأحوال، ونادم في الموصل وبغداد الملوك والرؤساء وقضى حياته بين النجاح مرة والإخفاق أخرى.
مدح أبوالفرج عدداً كبيراً من مشاهير عصره كالسلامي الشاعر وأبي إسحاق الصابئ المحرر المترّسل، وخصّ سيف الدولة بأجود مدائحه وألطفها وأعذبها وبأجود رسائله النثرية. وقد أحب معاصروه ومن بعدهم بشعره وأدبه، فبالغ الثعالبي في «اليتيمة» في الثناء عليه، وذكر جملة من رسائله ونظمه وما دار بينه وبين أبي إسحاق الصابئ من ظرف الممحررات ومُلَح المجادلات كما أتى على ذكر غرر من رسائله الموصولة بمحاسن شعره.
واختار التنوخي في «نشوار المحاضرة» من شعره ما يصلح للممحررة في الحوادث والأمثال أومعنى لم يسبق إليه، وأثنى على حسن نظمه وبلاغته وعذوبة كلامه.
وأورد القلقشندي في «صبح الأعشى» عدداً من بدائع رسائله الإخوانية التي خصّها بالتهاني والتعازي أوالاستهداء والشكر وغير ذلك من الأغراض.
ومن طريف ما ذكره في هذا المجال رسالة في التهنئة بالسقم، ورسالة في التهنئة بالصرف عن الولاية، ورسالة في استهداء دواة ومداد، ورسالة تهنئة لمن تزوجت أمه. في هذه الرسائل أبرز الببغاء كثيراً من الجوانب في مجتمعه كما أبرز جوانب كثيرة من حياته وما فيها من موّدات ومجاملات.
أما أسلوب الببغاء فيمثل عصره من الوجهة الفنية كما يمثل ميول المحرر الذوقية والوجدانية. وتمتاز رسائله برصانة الأسلوب وجودة الصياغة والقدرة على انتقاء الألفاظ لما يناسبها من معنى، وقد يتفق للببغاء حتى يكرر العبارات والألفاظ حين يعاود الكتابة في موضوع واحد، وهويوشحها بالأشعار على عادة بعض كتاب عصره.
ويبدونثر الببغاء عامة أفضل من رسائله التي دبج بها قصصه الغرامية، إذ تبدولغته في قصصه سهلة، سلسة، لا يظهر فيها تصنعاً، ولا يستعمل السجع إلا حيث يقضي السياق بالتأنق والتنميق. والسجع عنده حلية فنية يلجأ إليها حين يريد تصوير سمة من سمات الجمال أونزعة من نزعات الوجدان.
يتسم شعره بالرقة والعذوبة، وجُلّه مقول في المديح والغزل ووصف الخمرة والطبيعة ومنه قوله:
-
-
يا مَن تشابه منه الخَلقُ والخُلُقُ فما تُسافر إلاّ نحــوه الحَـدَقُ توريدُ دمعي من خدّيك مختلس وسقم جسمي من جفنيك مستَرَقُ لم يبق لي رمق أشكوهواك به وإنما يتشــكّى من بـه رَمَـقُ
-
مات في بغداد بعد حتى تطاول به الأمد، وأخذت الأيام من جسمه وقوته ولم تأخذ من ظرفه وأدبه.
المصادر
- أحلام الزعيم. "الببّغاء (أبوالفرج ـ)". الموسوعة العربية.
انظر أيضاً
- سيف الدولة الحمداني
- أبواسحق الصابئ
للاستزادة
- الثعالبي، يتيمة الدهر، تحقيق مفيد محمد قميحة (دار الخط الفهمية، بيروت 1983).
- زكي مبارك، النثر الفني في القرن الرابع الهجري (القاهرة).