سالم مولى أبي حذيفة

سالم مولى أبي حذيفة كان رقيقـا من أهل فارس من إصطخر ثم أعتـق، آمن بالله وبرسوله إيمانا مبكرا، وأخذ مكانه بين السابقين الأولين، هذا هوالصحابي سالم بن معقل أوسالم مولى أبى حذيفة، لأنه كان رقيقا ثم ابنا ثم أخاً ورفيقاً للذي تبناه وهوالصحابي الجليل أبوحذيفة بن عتبة، وتزوج سالم ابنة أخ أبوحذيفة بن عتبه, فاطمة بنت الوليد بن عتبة، ولذلك عُدّ من المهاجرين.

فضله

كان سالم إماماً للمهاجرين من مكة إلى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء وكان فيهم عمر بن الخطاب وذلك لأنه أقرأهم، وأوصى الرسول أصحابه قائلا :(خذواالقرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبى حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل).

وعن عائشة أنّها نطقت: (احتبستُ على رسول الله فنطق: (ما حَبَسَكِ ؟) نطقت: (سمعت قارئاً يقرأ) فذكرتُ من حُسْنِ قراءته، فأخذ رسول الله رِداءَه وخرج، فإذا هوسالم مولى أبي حذيفة فنطق: (الحمدُ لله الذي جعل في أمتي مثلك) وقد نطق رسول الإسلام:(إن سالماً شديد الحبِّ لله، لوكان ما يخاف الله عزَّ وجلّ، ما عصاه).

وقد كان عمر يجلّه، ونطق وهوعلى فراش الموت :(لوأدركني أحدُ رجلين، ثم جعلت إليه الأمرَ لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبوعبيدة بن الجراح).

كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمروبن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهومُحْتَبٍ بحمائل سيفِه، فأخذ عمروسيفه فاحتبى بحمائله، فنطق رسول الإسلام:(يا أيها الناس! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله) ثم نطق: (ألا عملتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان) لقد آمن سالم إيمان الصادقين وسلك طريقه إلى الله سلوك الابرار المتقين فلم يعد لحسبه ولا لموضعه في المجتمع اي اعتبار لقد ارتفع بتقواه وبإخلاصه إلى أعلى مراتب المجتمع الجديد الذي اتى الإسلام يقيمه وينهضه على أساس حديث عادل وعظيم .أساس تلخصه الآية الكريمة ( إنّ أكرمكم عند اللّه اتقاكم ) والحديث الشريف : (ليس لعربي على عجميّ فضلٌ إلّا بالتقوى )

كان سالم ملتقى لكل فضائل الإسلام الرشيد . كانت الفضائل تزدحم فيه وحوله وكان إيمانه العميق الصادق ينسّقها أجمل تنسيق . وكان من أبرز مزاياه الجهر بما يراه حقاً .

الجهر بالحق

كانت الفضائل تزدحم حول سالم ولكن كان من أبرز مزاياه الجهر بما يراه حقا فلا يعهد الصمت، وتجلى ذلك بعد فتح مكة، حين أوفد الرسول بعض السرايا إلى ما حول مكة من قرى وقبائل، وأبلغهم أنهم نادىة لا مقاتلون، فكان سالم في سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من قبيلة كنانة فأسلموا ثم أسرهم خالد وقتلهم، فلم يكد يرى سالم ذلك حتى قابله بشدة، وعدد له الأخطاء التي ارتكبت، وعندما سمع الرسول النبأ، اعتذر إلى ربه قائلا: (اللهم إني أبرأ مما خلق خالد) كما سأل: (هل أنكر عليه أحد؟) فنطقوا له: (أجل، راجعه سالم وعارضه) فسكن غضب الرسول.

الرضاع

وسيرة سالم والرضاع مشهورة، فقد أتت سهلة بنت سهيل بن عمرورسول الله فنطقت :(إنّ سالماً بلغ ما يبلغ الرجال، وإنه يدخل عليّ، وأظنّ في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً) فنطق لها الرسول :(أرضِعيه تَحْرُمي عليه) وقد رجعت إليه ونطقت :(إني قد أرضعته فمضى الذي في نفس أبي حذيفة) وقد نطق أزواج الرسول: (إنّما هذه رخصة من رسول الله لسالم خاصة)كانت هذه قبل تحريم التبني ورضاع البالغ في الجاهليه

يوم اليمامة

في معركة اليمامة تعانق الأخوان سالم وأبوحذيفة، وتعاهدا على الشهادة وقذفا نفسيهما في الخضم الرهيب، كان أبوحذيفة يصيح: (يا أهل القرآن، زينوا القرآن بأعمالكم) وسالم يصيح: (بئس حامل القرآن أنا لوهوجم المسلمون من قِبَلِي) وسيفهما كانا يضربان كالعاصفة، وحمل سالم الراية بعد حتى سقط زيد بن الخطاب قتيلا، فهوى سيف من سيوف الردة على يمناه فبترها، فحمل الراية بيسراه وهويصيح تاليا الآية: (وكأيّ من نبي قاتل معه ربيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين).

استشهاده

وأحاطت به غاشية من المرتدين فسقط البطل، ولكن روحه ظلت في جسده حتى نهاية المعركة، ووجده المسلمون في النزع الأخير، فسألهم: (ما عمل أبوحذيفة؟) نطقوا: (استشهد) نطق: (فأضجعوني إلى جواره) نطقوا: (إنه إلى جوارك يا سالم، لقد استشهد في نفس المكان!) وابتسم ابتسامته الأخيرة وسكت، فقد استوعب هووصاحبه ما كانا يرجوان، معا أسلما، ومعا عاشا، ومعا استشهدا، وذلك في عام 12 هـ.ومضى إلى الله ذلك المؤمن الذي نطق عنه عمر بن الخطاب , وهويموت : لوكان سالم حيّاً لوليته الأمر من بعدي .