الإستقصاء والإبرام في علاجات الجراحات والأورام

عودة للموسوعة

الإستقصاء والإبرام في علاجات الجراحات والأورام

الإستقصاء والإبرام في علاجات الجراحات والأورام، من تأليف القربلياني الأندلسي. ويعتبر الإستقصاء والإبرام من أبرز الخط التي خطت في الأندلس في تلك الفترة والتي تبحث في مجال فهم الأورام. فقد درس القربلياني في الموضوعة الأولى من هذا الكتاب في الأورام وأسبابها وعلاماتها وعلاجها. وقد بين حتى الأسباب الفاعلة للورم هي سببان؛ الأول تفرق الاتصال، والآخر سوء المزاج. ثم بين حتى الأورام الناجمة عن تفرق الاتصال قد يحدث ذلك ناجما عن الفسخ أوالهتك. كما قسم الأورام إلى حارة وباردة، وإلى رخوة وصلبة. ثم تحدث عن ستة وثلاثين نوعا من الأورام؛ أولها الورم الفلغموني، وبين حتى سببه هوالالتهاب، وحدد أعراضه ثم معالجته. بعد ذلك تحدث عن النغلة، واعتبر حتى هذا الورم هوأحد أشكال الورم الفلغموني، إنما بدون عفن. ثم تحدث عن الحمرة، وذكر أنها ورم يتولد من المرة الصفراء، وبين حتى أنواعها كثيرة. وقد ذكر حتى في علاجها يفيد الصندل الأحمر والفلفل. كما تحدث عن الدماميل، ونطق إنها تتولد من دم غليظ فاسد، وذكر في ذلك أنه رأى امرأة من بني أبي العلاء قد خرجت لها أربعة من الدماميل من جانب الرأس الأيمن مع منبت الشعر، وقد عولجت من قبل حجّام مما أدى ذلك إلى وفاتها. من الأورام أيضا ذكر القربلياني الحمرة المنقطة والنار الفارسية، وبين أعراض جميع منها ومن ثم علاجها. كما تحدث في هذا الفصل عن النملة، ونطق بأنها نوع من الأورام الحارة، وبين بأنها على ثلاثة أنواع. ثم تحدث عن الأكلة، وبين أنها تحدث بسبب مادة حارة صفراوية. وقد خصص القربلياني في الموضوعة الأولى عدة فصول للحديث عن بعض أشكال الأورام؛ فقد تحدث عن الورم الناجم عن السقوط، مثل سقوط الإنسان على حجر أوحائط أوغيره، حيث أورد إصابة مختلف أعضاء الجسم بمثل هذا الورم والناجم عن السقوط. أما إذا كان الورم ناجما عن ضربة كتلك التي تكون بحديد أوحجر فتعالج كما يعالج أي جرح. في آخر هذا الفصل يتحدث القربلياني عن الورم السرطاني، ويقسمه إلى سرطان غير متقرح وسرطان متقرح.

الأفكار الرئيسية

يعتبر هذا الكتاب من أبرز الخط التي خطت في الأندلس في تلك الفترة والتي تبحث في مجال الجراحة الصغرى وجبر العظام بالإضافة إلى الأدوية المفردة. وبالمقارنة بين ما خطه القربلياني في مجال الجراحة العامة مع ما خطه الزهراوي يلاحظ حتى الأول اقتصر على الأورام وعلاج الجروح التي تصيب الجسد بالإضافة إلى علاج الكسور والخلوع والرضوض، في حين حتى الزهراوي تحدث في مجال الجراحة العامة بشكلها العام. وقد استفاد ابن فرج في وضع كتابه هذا من كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي، فقد ذكر ابن فرج كتاب التصريف في عدة مواضع، كما أنه ذكر أنه استفاد من مؤلفات جالينوس ذكر منها "رسالة إلى أغلوقن".

يذكر ابن فرج في مقدمة كتابه الإستقصاء والإبرام حتى الذي دفعه لتأليف هذا الكتاب هوقلة من مارس صناعة الجراحة، ثم يقول :"استخرت الله تعالى في تأليف كتاب يحصر علاجها ويضبط عمومها واندراجها ليكون لمن طالعه وتفقه فيه من أهل هذه الطريقة الطالبين عليها، قانونا يقتدى باحتذائه وسراجا يستضاء بضيائه".

قسم القربلياني كتابه هذا إلى ثلاث منطقات: الأولى تبحث في مجال الأورام، والثانية في مجال الجراحات وجبر العظام، والثالثة في الأدوية المفردة والمركبة التي تصلح للأورام والجروح والحروق والجبر.


محتوى الكتاب

الموضوعة الأولى

يتحدث القربلياني في البداية عن مسببات الأورام، فيشير إلى حتى الأسباب الفاعلة لحدوث الأورام هما سببان:

1- تفرق الاتصال: حيث يحدث انفتاقا في العروق فينصب الدم إلى المواضع الفارغة ويملأها دما فيتولد الورم. ويشير إلى حتى الرياضة القوية قد تسبب الورم قرب المفاصل حيث يحدث شبه الرض فيتفرق اتصال العروق عن امتلائها وتمددها فينصب الدم مسببا الورم.

من الملاحظ حتى هذا النوع من الورم هوما يطلق عليه حديثا بالورم الدموي Heamatoma، ويحدث كما أشار القربلياني نتيجة الإصابة برض.

2- سوء المزاج: الذيقد يكون عند ضعف القوة التي تؤدي إلى قبول الفضل المنصب إلى العضو[4].

من المعتقد الآن وعلى نطاق واسع حتى الحالة المزاحية للإنسان تلعب دورا هاما في حدوث بعض الأورام، وذلك عن طريق تأثر الجهاز المناعي في الجسم. كما حتى العلاجات بالطب البديل للأورام اليوم هجرز على تحسين الحالة المزاجية لجسم المصاب، وذلك من أجل تقوية الجهاز المناعي لديه، لغرض التغلب على بعض أنواع الأورام. حيث ثبت فهميا أنه يوجد ارتباط بين الحالة المزاجية للإنسان وجهازه المناعي. وعن هذا الطريق يتم علاج كثير من الأمراض من خلال ما يسمى بالعلاج الروحي لبعض الأمراض ومنها بعض الأورام.

ثم قسم القربلياني الأورام من حيث السبب إلى نوعين أيضا:

1- الأورام من سبب سابق: وهوالورم الذيقد يكون سببه من داخل جسم الإنسان.

2- الأورام من سبب باد: وهوالورم الذيقد يكون سببه من خارج جسم الإنسان.

من المعروف أيضا أنه يمكن الآن اعتبار كافة الأورام التي تصيب جسم الإنسان تقع ضمن هذين السببين، إضافة إلى أنه يمكن أيضا حتى تحدث بعض الأورام نتيجة تضافر عوامل داخلية وخارجية معا.

بعد ذلك يشير القربلياني إلى ستة وثلاثين نوعا مختلفا من الأورام، والتي قد يحدث سبب حدوثها إما من داخل الجسم أومن خارجه. وأهم هذه الأورام التي تحدث عنها القربلياني هي:

- الورم الفلغموني: وهويحدث نتيجة الالتهاب. ويشير إلى ما ذكره جالينوس[5] من حتى هذا الورم هواسم لكل ورم حار يعرض من الدم أومن الصفراء. ومن أنواع هذا الورم كما يذكر القربلياني: الدماميل وأنواع الغدد التي في الإبطين والإربيتين.

من الملاحظ حتى مثل هذا الورم قد يحدث تعبير عما يعهد اليوم بالتهاب العقد اللمفاوية lymph adenitis في منطقة الإبط أوالمغبن، وقد ينطبق أيضا مع ما يعهد اليوم بالسقم الخبيث وهوالورم اللمفاوي أواللمفوما .Limphoma

أما عن العلاج فهويشير إلى تقوية البدن بالأدوية الرادعة وباستفراغ البدن بالفصد وبالشرط حسب الحال، أوقد تستعمل جميعا.

- النُغْلة: وقد اعتبره القربلياني أحد أشكال الورم الفلغموني، والذي يتوضع خاصة في الظهر. ويعالج باستفراغ الدم بالفصد وإسهال المرة الصفراء.

- الحمرة: وذكر أنه ورم يتولد عن المرة الصفراء، وتعرض في جلد الجسم. ولعلاجها تستخدم أنواع عديدة من المراهم مثل جرادة القرع وماء الهندباء ولعاب بزرقطونا.

إن هذا الورم هوما يعهد حاليا باسم الحُمرة erysipelas، وهوتعبير عن سقم جلدي التهابي وليس ورمي، يتصف باحمرار منتشر في الجلد مع ألم موضعي وتحمل حروري. يعالج بالمضادات الحيوية.

- الدماميل: يشير القربلياني إلى حتى الدماميل هي شكل من أشكال الأورام التي تتولد عن دم غليظ فاسد، والتي إذا حدثت ينبغي عدم التهاون في علاجها؛ حيث قد تسبب ورما عظيما يعسر برؤه، وربما قتل. ولعلاجها ينقل القربلياني ما ذكره الزهراوي في هذا المجال، خصوصا فيما يتعلق بالأطعمة التي تقدم للمريض وكذلك المراهم التي تطبق فوق الدمامل كالخردل ودهن السوس والشيرج.

من المعروف حتى الدمامل هي سقم إنتاني أوخمجي تسببه بعض المكورات العنقودية المضىية، يعالج بإعطاء المضادات الحيوية إضافة إلى الشق الجراحي.

- الداحس: هوورم يعرض في أصل الظفر، له لهيب وحمرة وضربان شديد، ويبلغ وجعه إلى الإبط إذا كان في اليد، وإن كان في أصبع القدم يصل الوجع إلى الأربية، وتهيج معه الحمى. ولعلاجه ينصح بالخل والأفيون أوالمرهم النخلي عدة مرات في اليوم.

يعهد الداحس اليوم على أنه خمج يحدث في جذر الظفر، أوفي الجلد المحاذي لحواف الظفر، ويسبب ألما شديدا، ويعالج بقلع الظفر مع إعطاء المضادات الحيوية.

- الورم عن سقطة: ويحدث هذا الورم لدى السقوط على حجر أوحائط أوغيره. وعلاجه كما يشير القربلياني الفصد مكان الورم. وإذا جمع الورم مِدّة[7] فيعالج بما يفجّر المدة. أما إذا كان السقوط على الصدر، ولم يظهر ورم للخارج وحدث نفث دم وألم، فيعالج بفصد الباسليق[8]، وبحمل عليه المصطكي ودهن الورد.

بدون شك فإن الحالة الموصوفة هي ما يسمى اليوم بالورم الدموي الناجم عن رض، والذي قد يصاب بإنتان ثانوي فينقلب إلى خراج يعالج بالشق الجراحي مع المضادات الحيوية.

- الورم عن ضربة: هذا الورم لا يختلف كثيرا عن سابقه، إنما يحدث بسبب ضربة بحديد أوبحجر أوبغيرهما. ويعالج كالورم السابق.

- الورم عن ضغط الخف أوشد العضوبالرباط: يسبب ضغط الخف انتفاخات مملوءة بالماء أويعرض من ورم حار مؤلم ترم معه القدم حتى يؤول إلى التقيح. وإن كان الورم لربط عضومثل الرباط الذي يصنعه الجهال عند كسر قصبة الساق أوقصبة الذراع، لأن أكثر من يستعمل ذلك الجهال فيشدون العمائم والجبائر حتى تمنع نفوذ الحرارة الغريزية إلى ما تحت الشد من الأعضاء. وعلاج هذه الحالة المبادرة لحل الشد وإرخائه وتقويته، أما إذا وقع موت العضوفينشر العظم من حد الفساد وجرد ما اسود منه.

لعل ما أشار إليه القربلياني في وصفه لهذه الحالة هي ما ينطبق عليه الكثير من حالات الكسور المعالجة من قبل المجبرين غير المتفهمين، والذين لا زالوا يمارسون تجبير الكسور خصوصا في المناطق النائية. حيث نشاهد حدوث تورم شديد في الطرف المصاب بالكسر نتيجة الشد القوي فوق مكان الكسر، وفي بعض الحالات أدى ذلك إلى حدوث تموت تام للطرف مما استدعى الأمر إلى بتره.

- الدُّبَيْلات: وهوورم يتولد من بلغم غليظ عفن. وهويحوي مواد مختلفة تظهر حين الشق، فمنه ما يشبه المخاط ومنه ما يشبه بياض البيض ومنه ما يشبه الحسوومنه ما يشبه الحمأة. وبعض الدبيلات تحوي رطوبات جامدة كالعظام أوكالحجارة ونحوذلك. ويعالج في بداية ظهوره بتضميده بدقيق الشعير مع ماء قد طبخ فيه التين حيث قد يتحلل الورم، وإلا فيفتح بالشق[10].

تعهد الدبيلة اليوم empyema على أنها تجمع قيحي، تعالج بشقها جراحيا مع افراغ محتواها.

- الورم الرخو: وهويحدث من بلغم غير عفن. إذا كان الورم في الساقين سمي بداء الفيل، وإذا كان في سائر البدن فيسمى بالورم الرخو. وعلاجه بإسهال العليل، مع العلاجات الموضعية باستخدام النطرون وماء البحر وماء الرماد.

من الوصف السابق الذكر يمكن حتى نتوصل إلى حتى الورم المذكور هوما يعهد اليوم بداء الفيال elephantiasis، والذي ينجم عن حدوث اضطراب في الأوعية اللمفاوية في الطرف السفلي غالبا ماقد يكون سببه تشوه خلقي في تلك الأوعية.

- الخنازير: وتحدث من تولد بلغم غليظ خالطته سوداء. وتعالج بالشق عليها وإخراجها بكيسها. ويذكر القربلياني حتى جالينوس قد أشار إلى حتى الكزبرة الرطبة تحلل الخنازير بعد تضميدها بها.

من المعروف حاليا بأن هذا السقم يعهد حاليا بداء الخنزرة disease scrofulaus، وهوتعبير عن التهاب سلي للعقد اللمفاوية في الرقبة، وقد شرح الزهراوي هذا السقم في كتابه التصريف شرحا دقيقا، ونبه إلى خطورة التداخل الجراحي عليه إذ قد يؤدي ذلك لحدوث الوفاة بسبب النزف. يعالج داء الخنزرة حاليا بالأدوية المضادة للسل.

- الثآليل: وأنواعها كثيرة؛ فمنها الرطبة والناجمة عن فضول البلغم وهي ظاهرة للحس ولا تخفى، ومنها اليابسة التي تتولد عن المرة السوداء. لعلاجها يستعمل بزر الكتان حيث يدق ويخلط مع الرماد ويعجن بالماء ويضمد به المرة بعد المرة حتى تتورم وتسقط.

تعتبر الثآليل warts حاليا من الشكايات الشائعة، والتي تعالج حاليا باستئصالها عن طريق الكي الكهربائي.

- السلعة: تبتدئ على قدر الحمصة، وقد تعظم حتى تصير كالبطيخة، وهي على لون البدن، ويحيط بها كيس تحت الجلد يشبه الصفاق. وهي على ثلاثة أنواع: شحمية وعصيدية وعسلية. وعلامة السلعة أنها ملتزقة بالجلد وتتحرك إلى جميع الجهات من غير ألم يجده العليل. وعلاجها الكي حولها فيمنعها من حتى تكبر، وأما إذا عظمت فلابد من الشق عليها وإخراجها بكيسها[12].

يلاحظ من خلال الوصف السابق حتى السلعة هي ما يعبّر عنه حاليا بالورم الدهني lipoma، حيث حتى أبرز صفاته هوأنه ورم غير مؤلم، وقد يصل إلى حجم كبير. ويعالج حاليا بالاستئصال الجراحي.

- الورم الصلب: سمي كذلك لثباته ودوامه وبطء انحلاله. ويكون على أحد ثلاثة أسباب: إما من بلغم غليظ خالص، وإما مشهجرا وممتزجا ببلغم ومرة سوداء، وإما من خطأ الأطباء عند تبريدهم وتقبيضهم للأورام الحارة وتحليلهم إياها حتى يتحلل الرقيق ويبقى الغليظ فيتصلب. وهذا الورم يحدث قليلا قليلا ويتزيد حتى يستحكم. يعالج هذا الورم بما يلين مثل الشحوم ودهن السوسن ودهن الشيرج وبزر الكتان ولعاب الحلبة.

ينطبق وصف هذا الورم كثيرا مع الورم العظمي السليم والمسمى بالعرن العظمي exostosis والذي يعالج حاليا بالاستئصال الجراحي.

- السرطان غير المتقرح: هذا الورم إما حتىقد يكون تولده عن الأورام الحارة إذا تحجرت، وإما حتىقد يكون مبتدئا يحدث عن غلظ الدم. وهذا الورم سمي سرطانا لشبهه بالسرطان البحري. وعلامته أنه يبتدئ مثل الحمصة ثم يتزيد بطول الأيام حتى يصير له عظم وصلابة شديدة، ويصير له في الجسد أصل كبير مستدير، لونه كمد وعليه عروق خضر أوسود إلى جميع جهة منه. ويولد عند اللمس حرارة يسيرة. لعلاج هذا الورم يستخدم الطين الأرميني مع خل أومع عسل أومع لبن حليب أومع دهن ورد، حيث يلطخ به الورم. وإذا كان الورم في موضع كثير لحم ولم يكن في موضع فيه عصب أوعرق ضارب يخاف نزفه فيشق عليه لاستئصاله.

من المعروف حتى أكثر الأطباء العرب قد تحدثوا عن الورم السرطاني، وعلى رأسهم الزهراوي، الذي حذر كثيرا من التسرع في العلاج الجراحي لهذا الورم، حيث قد يؤدي ذلك لحدوث الوفاة بسبب النزف. ولعل الوصف السريري الذي ذكره القربلياني هنا ينطبق كثيرا مع الوصف الحديث للورم السرطاني خصوصا فيما يتعلق بظهور الغزارة في التروية الدموية للورم، والسخونة الموضعية القليلة.

السرطان المتقرح: هذا الورم إما حتى يتقرح من ذاته وإما حتى يتقرح بالعلاج، يعمل ذلك الطبيب الجاهل. وعلامة المتقرح أنه قرحة قبيحة المنظر غليظة الحواشي منقلبة إلى الخارج مائلة إلى السواد، تسيل منها رطوبة مائية وصديد منتن، وحدثا عولج منها زاد رداءة ولم يؤثر فيه دواء البتة. وينصح القربلياني –كما كان ينصح الزهراوي من قبله- عدم التعرض لهذا النوع من الورم خشية سوء العاقبة.

من الوصف السابق يلاحظ حتى الحالة هنا تعبير عن فترة متقدمة من الورم السرطاني، والذي كثيرا ما يصاب بالتقرح والإنتان الجرثومي الثانوي، حيث يعالج حاليا ببتر الطرف المصاب إذا كان الورم موضعا في أحد الأطراف، أما الأورام المتوضعة في غير الأطراف فتعالج بالاستئصال الواسع مرفقا بالعلاج الشعاعي والكيميائي.


الموضوعة الثانية=

تحدث فيها المؤلف عن الجراحات بكل أشكالها. ففي البداية يذكر القربلياني حتى مسببات هذه الجراح متعددة منها ضربة سيف أوسكين أوحجر أورمح أوسهم أوعود أوسقطة، وكذلك تختلف أنواع هذه الجراح حسب المكان الذي وقع فيه الجرح؛ كأن يحدث الجرح في الرأس أوالوجه أوالحلق أوالصدر أوالفقار أوالمعدة أوالكبد أوالطحال أوالأمعاء أوالمثانة أوالكلي أواليدين أوالساقين. بعد ذلك يقسم الجراح وحسب شدة الجرح إلى نوعين: سهل ومركب، فالجرح البسيط هوالذي يبتر اللحم وحده، أما المركب فهوما يبتر مع اللحم العظم أوالعصب أوغيره. ثم ينتقل القربلياني للحديث عن جميع نوع من الجرح وحسب مسقطه في الجسم. ففي جروح الرأس أوضح حتى أنواعها عشرة، وحدد نوع جميع منها. وقد استشهد أثناء حديثه عن جروح الرأس بما ذكره الزهراوي في هذا المجال وبالأخص حين حديثه عن طريقة ثقب الجمجمة وذلك لعلاج الجروح النافذة في الرأس. لعلاج جروح الوجه ينصح القربلياني بوضع الرفائد بدلا من الخياطة. أما فيما يتعلق بجروح الصدر فيذكر حادثة رجل أصابته ضربة في الصدر وأفسدت العظم، وبقي بها سبع سنين تمد بالقيح، حتى اتى القربلياني لعلاجه، فوضع مكان الجرح المرهم الحاد حتى تعفن اللحم، ولما وصل إلى العظم جرده وأخرج ما فيه من الفساد، ثم أملأ الجرح بفتيلة جعل يقصرها حدثا امتلأ الجرح باللحم حتى رمى الفتيلة وامتلأ الجرح باللحم وبرئ المريض. بعد ذلك تحدث القربلياني وبكلام مطول عن جروح البطن، مشروحا حتى هذه الجروح قد تكون كبيرة أوصغيرة أومتوسطة. فعندماقد يكون الجرح صغيرا ينصح القربلياني بتوسعته بواسطة المبضع المعوج وذلك من أجل تسهيل رجوع الأمعاء.

وإذا كان الجرح كبيرا يخاط الجلد والصفاق وما بينهما لكي لا يحدث انفتاق في الجرح. في حديثه عن جروح الذراعين، ينصح بعلاج الجرح بالخياطة إذا لم يبتر الجرح عرقا ولا عصبا ولا عظما. خصص القربلياني في الموضوعة الثانية من كتابه الاستقصاء والإبرام فصلا مطولا للحديث عن إخراج السهام. فذكر في بداية الفصل أنواع السهام، ثم علاج جميع حالة حسب مسقط السهم في الجسم. فإذا سقط السهم في الدماغ مثلا يقول القربلياني: " إذا سقط بالدماغ وأوغل فيه وانتهى إلى ثقب الصفاق ودخل المخ فإن كلام المصاب به ينبتر وتبطل حركته ويخور، فإن جذب السهم توفي على المكان. وإن ولج السهم بين الصفاق والعظم ولم يثقب الصفاق أصابه في الحين صداع شديد مع تمدد وحمرة في العينين وتشنج حينا بعد حين، وقد يخرج الدم من أذنيه ومنخريه، فإنْ جُذب السهم برفق ولم يؤثر في الصفاق زالت عنه هذه الأعراض، وإن أثر في الصفاق بعض أثر وكان في الجانب الأيمن من الرأس تعطل شقه الأيسر: اليد والجنب والساق، وإن كان في شق الرأس الأيسر تعطل الجانب الأيمن، وإن أثر الصفاق ونفذ فيه وجذب اختلط عقله ومات". بعد ذلك يتحدث القربلياني عن إصاية السهم للقلب والرئة والمعدة وغيرها من مختلف أعضاء الجسم.

وقد تحدث القربلياني في فصل خاص عن جبر العظام، ذكر في مقدمته حتى هذه الصناعة لا ينتحلها في زمانه إلا الجهال ممن لم يقرأها في كتاب ولا طالعها مع شيخ يريه كيف من الممكن أن يصنع في رد فك أوجبر عظم. ثم يشير إلى حتى هذه الصنعة كان قد تفهمها في سن الصبا واشتغل بها ثم منعه والده عن ذلك لقلة فائدتها ولكثرة ما يحدث فيها من الآفات كما ذكر. بعد ذلك يشير حتى أي حادث قد ينجم عنه حدوث وثء أوفك أوخلع أوكسر. فالوثء يعالج بالتدليك باليد برفق ثم يدهن الموضع بدهن الورد أوبأحد الأدهان المبردة القابضة مثل دهن الآس. بعد ذلك يشير إلى علاج جميع من الفك والخلع. فيما يتعلق بعلاج الكسر، فقد تحدث القربلياني بكلام طويل عن علاج كسر جميع عظم في الجسم، فيتحدث مثلا عن كسر عظم الساعد أوالساق فيقول: "فإن كان الكسر في عظم الساعد أوقصبة الساق وكان معه جرح فأنا قد عالجت من كان كذلك بأن سويت العظم ومددت الساق مدا مستويا وأدخلت تحت القصبة خرقة من الكتان على خمس طبقات...". ويقول بأنه عالج نفسه بهذه الطريقة لما انكسرت ساقه اليمنى، حيث كان الكسر بقرب مشروح العقب.

الموضوعة الثالثة

خصص القربلياني الموضوعة الثالثة والأخيرة من كتاب الاستقصاء والإبرام للحديث عن الأدوية المفردة والمركبة لعلاج الأورام والجراحات. فقد ابتدأ أولا بذكر الأدوية المفردة مرتبة حسب الأحرف الهجائية مبتدئا بنبات الإيرسا ثم الأبهل. أما فيما يتعلق بالأدوية المركبة، فقد ذكر الكثير من المراهم مبتدءا بذكر المرهم النخلي ثم مرهم الدياخيلون، ثم ذكر الكثير من الضمادات التي توضع لغايات مختلفة، وأنهى الموضوعة بالحديث عن ضماد للرازي.

انظر أيضاً

  • القربلياني الأندلسي
  • فهم الأورام
  • جراحة الأورام

المصادر

  1. ^ الدكتور عبد الناصر كعدان. "النظرية السببية للأورام عند القربلياني من منظور فهم الأورام الحديث". ISHIM.


المراجع

  • ابن حجر - الدرر الكامنة، 4/70.
  • أبوعبد الله محمد بن الخطيب السلماني-الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان، القاهرة، 1975. 3/179-180.
  • حميدان، زهير – أعلام الحضارة العربية والإسلامية، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1996. 5/465-467.
  • الخطابي، محمد العربي - الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1988. 2/27-150.
  • السامرائي - مختصر تاريخ الطب العربي، دار النضال، بيروت، 1990. 2 / 522.
  • الزركلي- الأعلام، بيروت، 1984. 6/285.
  • كحالة- معجم المؤلفين، بيروت، 1957. 11/33.
  • Brockelmann, s, II / 366.
  • Lucin Leclerc-Histoire de la Medecina Arabe, Paris, 1876. 2/250.
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:10:02
التصنيفات: كتب طبية, علم الأورام, جراحة الأورام

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الأوضاع في غزة: فلسطينيون ينتقدون حماس في حدث نادر على الإنترنت

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:18
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 92%

مدوّنون روس يسعون على غرار نافالني لكشف الفساد في بلدهم

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:22
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 90%

أسطورة كرة القدم الأميركية توم برايدي يعلن اعتزاله رسمياً

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:23
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 94%

ما هي أبرز المحطات في السباق الرئاسي الفرنسي؟

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:23
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 95%

منظمة "حظر الكيميائي": "دمشق استخدمت مادة الكلور خلال بهجوم 2016"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:25
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 86%

"فوربس": ست سفن إنزال روسية صغيرة أثارت هلع العسكريين الغربيين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:27
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 96%

التحرش الجنسي: 21 شكوى بشركة ريو تينتو العملاقة

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:19
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 85%

كيف أثارت كاتبة أيرلندية غضبا في إسرائيل؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:17
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 90%

غينيا بيساو.. إطلاق نار كثيف قرب القصر الحكومي (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:26
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 92%

سفيان رحيمي يعود للإمارات ويستأنف اليوم تداريبه رفقة العين

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:12
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

بريطانيا تشطب 4 إيرانيين بينهم 3 موتى من قائمة عقوباتها

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:26
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 95%

بوتين: واشنطن تجاهلت الهواجس الروسية الرئيسية للضمانات الأمنية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:26
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 93%

بلينكن يبلغ لافروف استعداد واشنطن لبحث القضايا الأمنية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-01 18:16:27
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 85%

تحميل تطبيق المنصة العربية