الفلسفة الهندوسية

عودة للموسوعة

الفلسفة الهندوسية

جزء من سلسلة عن
الفلسفة الهندوسية

المدارس

سامخيا • يوگا • نيايا
ڤايششيكا • پورڤا ميمامسا
ڤيدانتا (Advaita • ڤيشي شتاد ڤايتا •
Dvaita)

الأشخاص

القدامى
كاپيلا • Patañjali • گوتاما
كنادا • جايميني • Vyasa
Markandeya
العصور الوسطى
Vallabha • أدي شانكارا • Ramanuja
Madhva • Madhusudana • طكرام
Namadeva • تولسيداس • كبير
المعاصرين
راما كريشنا • رامانا مهارشي
سوامي ڤيڤك أناندا
Yogananda • نرايانا گورو
Nataraja Guru · N.C. Yati
Aurobindo • Sivananda
Nisargadatta Maharaj • Anandamurti
Satyananda • Chinmayananda
Ayya Vaikundar • Coomaraswamy
Pandurang Shastri Athavale


     

الفلسفة الهندوسية Hindu philosophy، تنقسم تقليدياً إلىستة مدارس (بالسنسكريتية: आस्तिक"تقليدية") للفكر، أوdarśanam (दर्शनम्, "للرأي")، والتي تقبل الڤـِدا كنصوص عليا مُوحى بها. الثلاث مدارس البدعية الأخرى ناستيكا (नास्तिक "بدعية") لا تؤمن بالڤـِدا كنص أساسي موثوق موحد، لكنها تشدد على التنطقيد الفكرية الأخرى.

خلفية

إن تفوق الهند أوضح في الفلسفة منه في الطب؛ ولوحتى أصول الأمور هاهنا أيضا، ينسدل عليها ستار يخفيها وكل نتيجة نصل إليها إذا هي إلا ضرب من الفروض؛ فبعض خط الاوپانيشاد أقدم من جميع ما بقي لنا من الفلسفة اليونانية، ويظهر حتى فيثاغورس وبارمنيدس وأفلاطون قد تأثروا بالميتافيزيقا الهندية؛ أما آراء طاليس وأنكسمندر وأنكسمينس، وهرقليطس، وأناكسجوراس وأمباذقليس، فهي لا تسبق فلسفة الهنود الدنيوية فحسب، بل يطبعها طابع من الشك ومن البحث في الطبيعة المادية، يميل بنا إلى ردها إلى ما شئت من أصول ما عدا الهنود؛ ويعتقد " فكتور كوزان "أننا" مضطرون اضطراراً حتى نلتمس في هذا الميدان الذي درجت فيه الإنسانية، منشأ الفلسفة العليا" والأرجح عندنا أنه ليس بين المدنيات المعروفة لنا جميعاً، مدنية واحدة كانت أصلاً لكل عناصر المدنية.

لكنك لن تجد بين بلاد العالمين بلداً اشتدت فيه الرغبة في الفلسفة شدتها في الهند؛ فهي عند الهنود لا تقتصر على كونها حلية للإنسان أوتفكهة يسرّي بها عن نفسه، بل هي جانب هام لا غني لنا عنه في تعليقنا بالحياة نفسها وفي معيشتنا لتلك الحياة؛ وإنك لتجد حكماء الهند يتلقون من إمارات التكريم ما يتلقاه في الغرب رجال المال والأعمال؛ فأي أمة سوى الأمة الهندية قد فكرت في الاحتفال بأعيادها بمناظرات ينازل فيها زعماء المدارس الفلسفية المتنافسة بعضهم بعضاً،يا ترى؟ فتقرأ في اليوبانشاد كيف من الممكن أن خصص ملك الفيديهيين يوماً لمناقشة فلسفية باعتبارها جزءاً من الاحتفال الديني، بين "ياجنافالكيا" و"أسفالا" و"أرتابهاجا" و"جارجي" ؛ ووعد الملك حتى يثيب الظافر منهم- وكان عند وعده- بمكافأة قدرها ألف بقرة ومائة بترة من المضى، وكان المألوف للمفهم الفيلسوف في الهند حتى يتحدث أكثر مما يخط؛ فبدل حتى يهاجم معارضيه عن طريق المطبعة المأمون الجانب، كانوا يطالبونه بملاقاتهم في مناظرة حية، وبالذهاب إلى مقارّ المدارس الأخرى ليضع نفسه هناك تحت تصرف أتباعها في جداله وسؤاله؛ ولقد أنفق أعلام الفلاسفة، مثل "شانكارا" شطراً عظيماً من أعوامهم في أمثال تلك الرحلات الفكرية؛ وكان الملوك أحياناً يسهمون في هذه المجادلات، في تواضع يليق بالملك وهوفي حضرة الفيلسوف- ذلك إذا أخذنا بما يرويه لنا الفلاسفة أنفسهم عن ذلك؛ وينزل الظافر في مناظرة هامة من تلك المناظرات، منزلة عالية من البطولة في أعين الناس، كهذه المنزلة التي يحتلها قائد عسكري عاد من فوزاته الدامية في ميادين الحروب.

وترى في صورة راجبوتية من القرن الثامن عشر نموذجاًً "لمدرسة فلسفية" هندية- فالمفهم جالس على حصير تحت شجرة، وتلاميذه جالسون القرفصاء أمامه على نجيل الأرض؛ وكنت تستطيع حتى ترى مثل هذا المنظر أينما سرت في الهند، لأن مفهمي الفلسفة هناك كانوا في كثرة التجار في بابل، ولن تجد في بلد أخر غير الهند عدداً من المدارس الفكرية بمقدار ما تجده منها هناك؛ ففي إحدى محاورات بوذا ما يدلنا على أنه قد كان في الهند في عصره اثنان وستون رأياً في النفس يأخذ بها الفلاسفة المختلفون؛ يقــول "الكونت كسرلنج" : "إن هذه الأمة الفلسفية قبل جميع شيء، لديها من الألفاظ السنسكريتية التي تعبر بها عن الفكر الفلسفي والديني أكثر مما في اليونانية واللاتينية والجرمانية مجتمعة".

لما كان الفكر الهندي قد انتقل بالحديث الشفوي أكثر منه بالكتابة، فأقدم صورة هبطت إلينا عن مذاهب المدارس المتنوعة، هي الحِكَم ويسمونها "سُترات"- ومعناها "خيوط" - يخطها المفهم أوالطالب، لا لتكون وسيلة لشرح رأيه لغيره بل لتعينه على وعيها في ذاكرته؛ وهذه السُترات ترجع إلى عصور مختلفة فبعضها قديم يرجع تاريخه إلى سنة 200 م، وبعضها حديث يرجع إلى سنة 1400؛ وهي جميعاً على جميع حال أحدث جداً من التراث الفكري الذي تلخصه، والذي تناقلته العصور بالشفاه، ذلك لأن نشأة هذه المدارس الفلسفية قديمة قدم بوذا، بل لعل بعضها- مثل السانخْيا- كان قد ثبت أساسه عندما ولد بوذا. يبوِّب الهنود مذاهبهم الفلسفية كلها في صنفين: المذاهب الأستيكية التي تُثبت، والمذاهب الناستيكية التي تنفي.

وقد فرغنا فيما مضى من دراسة المذاهب الناستيكية التي أخذ بها على وجه التخصيص أتباع (شارفاكا) وأنصار بوذا والجانتيون؛ والعجيب حتى هذه المذاهب إنما سميت (ناستيكا) أي الكافرة الهدامة، لا لأنها شكت أوأنكرت وجود الله (ولوأنهم عملوا ذلك) بل لأنها شكت وأنكرت أوتجاهلت أحكام الفيدات؛ وكثير من مذاهب (آستيكا) شكت في وجود الله كذلك أوأنكرت وجوده، لكنها مع ذلك سميت بالمذاهب المؤمنة بأصول الدين، لأنها سلمت بصواب الخط المقدسة صواباً لا يأتيه الباطل، كما قبلت نظام الطبقات؛ ولم يفكر أحد في تقييد الحرية الفكرية، مهما بلغت من الإلحاد، عند تلك المذاهب التي اعترفت بهذه الأسس الجوهرية التي تقوم عليها الجماعة الهندية الأصلية؛ ولما كان تفسير الخط المقدسة يفتح مجالاً واسعاً لاختلاف الرأي، بحيث استطاع مهرة المفسرين حتى يجدوا في الفيدات أي ممضى شاءوا، فقد أصبح الشرط الوحيد في واقع الأمر، الذي لا بد من تحققه إذا ما أراد الإنسان حتىقد يكون ذا مكانة عقلية في نفوس الناس، هي حتى يعترف بالطبقات؛ حتى لقد أصبح هذا النظام هومصدر السلطان الحقيقي في البلاد؛ معارضته تعدّ خيانة كبرى، وقبوله يغفر عن كثير من السيئات؛ وإذن فالواقع هوحتى فلاسفة الهند تمتعوا بحرية أكبر جداً مما أتيح لزملائهم في أوربا الوسيطة حين سادت الفلسفة الاسكولائية (أي المدرسية)، لكن من الممكن كان هؤلاء الهنود الفلاسفة أقل حرية من مفكري الدولة المسيحية في ظل البابوات المتنورين الذين سادوا أيام النهضة الأوربية.

وآلت السيادة لستة من المذاهب "الأصيلة"- المؤمنة بأصول الفيدات- أو"الدارشانات" (ومعناها البراهين)، حتى لقد أصبح لزاماً على جميع مفكر هندي ممن يعترفون بسلطان البراهمة، حتى يعتنق هذا الممضى أوذاك من تلك المذاهب الستة؛ وهي كلها مجمعة على طائفة معينة من الآراء تعتبر ركائز التفكير الهندي: وهي حتى الفيدات قد هبط بها الوحي، وأن التدليل العقلي أقل جدارة بالركون إليه في هدايتنا إلى الحقيقة والصواب، من إدراك الفرد وشعوره المباشرين إذا ما أعد الفرد إعداداً سليماً لاستقبال العوامل الروحية وأرهفت نفسه إرهافاً باصطناع الزهد والتزام الطاعة مدى أعوام لمن يقومون على تهذيب نفسه؛ وأن الغاية من الفهم ومن الفلسفة ليست هي السيطرة على العالم بقدر ما هي الخلاص منه؛ وأن هدف الفكر هوالتماس الحرية من الألم المصاحب لخيبة الشهوات في حتى تجد إشباعها، وذلك بالتحرر من الشهوات نفسها؛ تلك هي الفلسفات التي ينتهي إليها الناس إذا ما أتعب نفوسهم الطموح والكفاح والثراء و"التقدم" و"النجاح".


استعراض عام

المدرسة سامخيا يوگا نيايا ڤايششيكا ميمامسا پانيني دارشانا أدڤيتا ڤيشي شتاد ڤايتا Dvaita پاشوپاتا شايڤا سيدانتا شايڤية كشمير راسـِسڤارا
تاريخ جميع الأصول (جميع التواريخ بحاجة للتوثيق. أشير لساكيا ويوگا في بگڤادگيتا ومن هنا فتاريخ 200 ق.م غير سليم.) 200 ق.م القرن 2 ق.م القرن 2 ق.م القرن 2 ق.م القرن ثلاثة ق.م القرنستة ق.م القرنسبعة ق.م القرنعشرة ق.م القرن 13 ق.م القرن 2 ق.م القرنسبعة ق.م القرنثمانية ق.م القرن 1 ق.م
التصنيف الثنوية، الإلحاد ممارسة روحية منطقية، فلسفة تحليلية ذرية exegesis، فهم فقه اللغة لسانيات، فلسفة اللغة monism، لا ثنوية qualified monism, panentheism dualism، فهم اللاهوت theism, ممارسة روحية theistic dualism theistic monism, idealism alchemy
فلاسفة Kapila, Iśvarakṛṣṇa, Vachaspati Misra, Guṇaratna more.. Patañjali, Yajnavalkya, Vyasa Aksapada Gautama, Vātsyāyana, Udayana, Jayanta Bhatta more.. Kanada, Praśastapāda, Śridhara's Nyāyakandalī more.. Jaimini, Kumārila Bhaṭṭa, Prabhākara more.. Pāṇini, Bhartṛhari, Kātyāyana Gaudapada, Adi Shankara, Madhusudana Saraswati, Vidyaranya more.. Yamunacharya, Ramanuja more.. Madhvacharya, Jayatirtha, Vyasatirtha, Raghavendra Swami Haradattacharya, Lakulish Sadyojyoti, Meykandar, Aghorasiva Vasugupta, Abhinavagupta, Jayaratha Govinda Bhagavat, Sarvajña Rāmeśvara
نصوص Samkhya Sutra, Samkhya Karika, Sāṁkhya tattvakaumudī more.. Yoga Sutras, Yoga Yajnavalkya, Samkhya pravacana bhasya Nyāya Sūtras, Nyāya Bhāṣya, Nyāya Vārttika more.. Vaiseshika Sutra, Padārtha dharma saṁgraha, Daśapadārtha śāstra more.. Purva Mimamsa Sutras, Mimamsasutra bhāshyam more.. Vākyapadīya, Mahabhashya, Vārttikakāra Prasthanatrayi, Avadhuta Gita, Ashtavakra Gita, Pañcadaśī more.. Siddhitrayam, Sri Bhasya, Vedartha Sangraha Sarva Shāstrārtha Sangraha, Tattva prakashika Gaṇakārikā, Pañchārtha bhāshyadipikā, Rāśikara bhāshya Shaiva Āgama, Śrimat Kiraņ, Rauravatantra, Mrigendra Shiva Sutras of Vasugupta, Tantraloka Rasārṇava, Rasahṛidaya, Raseśvara siddhānta
Concepts Originated Purusha, Prakriti, Guṇa, Satkāryavāda Yama, Niyama, Asana, Pranayama, Pratyahara, Dharana, Dhyana, Samadhi Pratyakṣa, Anumāna, Upamāna, Anyathakyati vada, Niḥśreyasa more.. Padārtha, Dravya, Sāmānya, Viśeṣa, Samavāya, Paramāṇu Apaurusheyatva, Arthāpatti, Anuapalabdhi, Satahprāmāṇya vāda Sphoṭa, Ashtadhyayi Mahavakya, Sādhana Chatuṣṭaya, three orders of reality Hita, Antarvyāpi, Bahuvyāpi more.. Prapacha, Mukti-yogyas, Nitya-samsarins, Tamo-yogyas Pashupati, eight pentads Charya, Mantramārga, Rodha Śakti Citi, Mala, Upaya, Anuttara, Aham, Svatantrya Pārada, three modes of mercury
تطورات absorbed into Yoga Bhakti Yoga, Hatha yoga Navya-Nyāya merged with Nyaya eclipsed by Vedanta Classical Sanskrit Shuddhadvaita Swaminarayan Hinduism Vaishnavism Shaiva Bhakti Rasayana
  1. ^ Advaita, Vishishtadvaita and Dvaita have evolved from an older Vedanta school and all of them accept Upanishads and Brahma Sutras as standard texts.
  2. ^ This is the century in which Patañjali flourished. However, Yoga existed before Patañjali's lifetime.
  3. ^ Dated by the century in which Gaudapada flourished.
  4. ^ Vyasa wrote a commentary on Yoga Sutras called Samkhyapravacanabhasya.(Radhankrishnan, Indian Philosophy, London, George Allen & Unwin Ltd., 1971 edition, Volume II, p. 344.)

مدارس الفلسفة الهندوسية

الفكر الشرقي القديم (الهند والصين). انقر على الصورة لمطالعة الكتاب.

المدارس āstika هي:


ممضى نيايا

أول المذاهب البرهمية بالترتيب المنطقي للتفكير الهندي (لأننا لا ندري في يقين ترتيبه الزمني، وكل المذاهب في أجزائها الجوهرية متعاصرة) مجموعة من النظريات المنطقية تمتد إلى ألفي عام؛ فحدثة (نيايا) معناها تدليل، أوطريقة لهداية العقل حتى ينتهي إلى نتيجة، وأهم نصوصه هوالنص المسمى (سوترا نيايا) الذي يعزى في غير تأكيد الواثق إلى رجل يسمى (جوتاما) عاش في زمن يختلف فيه المؤرخون، وتتراوح تقديراتهم بين القرن الثالث قبل المسيح والقرن الأول بعده، ويفصح جوتاما عن الغاية من مؤلفه فيقول - كما يقول جميع مفكري الهنود - إنها تحقيق النرفانا، أوالخلاص من طغيان الشهوات، وإنما تتحقق هذه الغاية في مجال المنطق بالتفكير الواضح المتسق؛ لكنا نشك في حتى غايته المباشرة كانت هداية الحائرين في الصراع الذي كان يقوم به المتناظرين من فلاسفة الهنود؛ فهويصوغ لهم مبادئ الحِجَاج، ويعرض عليهم أحابيل النقاش، ويحصر المغالطات الشائعة في التفكير؛ وتراه - كأنما هوأرسطوآخر - يلتمس بناء التدليل العقلي في طريقة القياس، ويجد عقدة جميع تدليل في الحد الأوسط من حدود القياس وكذلك تراه - كأنما هوجيمس آخر أوديوى آخر، يعتبر الفهم والفكر أداتين عمليتين ووسيلتين فعالتين يستخدمها الإنسان في إشباع حاجاته وقضاء إرادته، ومقياس صحتهما هوقدرتهما على الوصول إلى عمل ناجح فهوواقعي، ولا شأن له قط بالفكرة السامية التي تزعم حتى العالم ينعدم وجوده إذا لم يعد هناك من يدركه، والظاهر حتى أسلاف جوتاما في ممضى نيايا كانوا ملاحدة، وأما أتباعه فقد شغلوا أنفسهم بنظرية الفهم وكانت مهمته حتى يقدم للهند دستوراً جديداً للبحث والتفكير، وقاموساً غنياً بالألفاظ الفلسفية.

ممضى ڤايششيكا

وكما حتى جوتاما هوفي الهند بمثابة أرسطو، فكذلك "كانادا" هناك بمثابة ديمقريطس؛ وأن اسمه الذي معناه "آكل الذرات" ليدل بعض الدلالة على احتمال حتىقد يكون شخصاً أسطورياً خلقه خيال المؤرخين؛ ولم يتحدد بالدقة تاريخ صياغة هذا الممضى الفايشيشيكي، فينطق أنه لم تتم صياغته قبل سنة 300 ق.م ولا بعد سنة 800 م ، ومسماه مشتق من حدثة "فيشيشا" ومعناها "الجزئية": فالعالم في ممضى "كانادا" مليء بطائفة من الأمور، لكنها جميعاً لا تزيد على كونها هجريبات مختلفة من الذرات، صيغت في هذا النطقب أوذاك، وتتغير القوالب، لكن الذرات يستحيل عليها الفناء؛ ويمضى "كانادا"- على أتم شبه بديمقريطس فيما يمضى إليه- يمضى إلى أنه ليس في العالم إلا "ذرات وفراغ" وأن الذرات لا تتحرك وفق إرادة إلهية عاقلة، بل بدافع من قوة غير مشخصة، هي القانون- أو"أدرشتا" ومعناها "الخفي" ولما كان الثائر في تفكيره لا ينسل إلا خَلفَاً جامداً، فكذلك كان الأنصار المتأخرون لممضى فايشيشيكا يعجبون كيف من الممكن أن يمكن لقوة عمياء حتى تخلع على الكون نظاماً ووحدة، فوضعوا عالماً من أنفس دقيقة جنباً إلى جنب مع عالم الذرات، ثم جعلوا فوق العالمين إله عاقل إلى غير ذلك ترى نظرية ليبنتز في "التناسق الأزلي" موغلة في القدم.

ممضى سامخيا

يقول مؤرخ هندي عن هذا الممضى "إنه أبعد المذاهب الفلسفية التي أنتجتها الهند دلالة" ولقد عثر الأستاذ "جارْب" الذي كرّس شطراً كبيراً من حياته لدراسة سانخيا، عزاء لنفسه إذ عثر حتى "ممضى كابيلا قد اشتمل لأول مرة في تاريخ العالم استقلال العقل الإنساني وحريته الكاملتين، وثقته التامة بقدراته" وهوأقدم المذاهب الستة ولعله أقدم ممضى فلسفي ولسنا ندري شيئاً عن "كابيلا" نفسه، سوى حتى الرواية الهندية تزعم - في استهتار بدقة التواريخ كالذي تراه عند التلميذ الناشئ - تمجيداً له، أنه مؤسس فلسفة سانخيا في القرن السادس قبل الميلاد.

يجمع "كابيلا" في شخصه الواقعية والاسكلائية، وهويبدأ كلامه بما يكاد يشبه أقوال الأطباء، إذ يضع قاعدة في أول حكمه يسوقها، وهي "أن انعدام الألم انعداماً تاماً ... هوأكمل غاية ينشدها الإنسان" ، وهويرفض الاكتفاء بمحاولة الإنسان اجتناب الألم بوسائل جسمانية، ويدحض بشعوذة منطقية آراء الباحثين في الموضوع واحداً واحداً؛ ثم يأخذ بعد ذلك في تكوين ممضىه الميتافيزيقي الخاص به، في سلسلة من "السوترات" المقتضبة الغامضة؛ وهويسرد في سانخيا أنواع الحقائق وهي خمس وعشرون، ومن هذا السرد للأنواع اتىت حدثة سانخيا (لأن معناها السرد) وهويسمي هذه الحقائق "تاتوات" (أي الذلكات جمع ذلك) ومنها يتألف العالم في رأي "كابيلا" ؛ وهويرتب هذه الحقائق في علاقة مركبة تربط بعضها ببعض، ويمكن توضيحها بالقائمة التالية:

  1. أ - العنصر (برا كريتي، أي المنتج) وهومبدأ فيزيقي عام ينتج بما له من قُوىً تطورية (واسمها جونات).
  2. أ- الذكاء (بوذي) وهوقوة الإدراك الحسي، وهذا بدوره ينتج بما له من قُوىً تطورية.
  3. أ- العناصر الخمسة الدقاق، أوالقوى الحاسة للعالم الداخلي، وهي:
  4. 1- البصر
  5. 2- السمع
  6. 3- الشم
  7. 4- الذوق
  8. 5- اللمس

والحقائق المرقومة من (1) إلى (8) تتعاون على إنتاج الحقائق المرقومة (10) إلى (24)

  1. ب - العقل (واسمه ماناس) وهوالإدراك الفكري.

جـ - أعضاء الحس الخمسة، وهي التي تقابل الحقائق المرقومة (4) إلى (8)

  1. 1- العين
  2. 2- الأذن
  3. 3- الأنف
  4. 4- اللسان
  5. 5- الجلد

د- أعضاء العمل الخمسة

  1. 1- الحنجرة
  2. 2- اليدان
  3. 3- القدمان
  4. 4- أعضاء الإفراز
  5. 5- أعضاء النسل

هـ- عناصر العالم الخارجي الخمسة الغلاظ.

  1. 1- الأثير
  2. 2- الهواء
  3. 3- النار والضوء
  4. 4- الماء
  5. 5- التراب
  6. ب - الروح (بوروشا أي "الشخص") وهومبدأ نفسي عام وهوالذي يحرك ويحيي "براكريتي" على الرغم من أنه عاجز عن عمل شئ بذاته، وهويستثير جميع ما في "براكريتي" من قوى تطورية لتباشر أوجه نشاطها . وإن هذا ليبدوفي أوله ممضىاً مادياً خالصاً، فعالم العقل والنفس، مثل عالم الجسم والمادة، تعبير - فيما يظهر - عن حركة تطورية تتأثر بالعوامل الطبيعية، ومعنى ذلك أنه يسير في حركة مستمرة التكوين والفساد، بادئاً من أدنى الدرجات ومنتهياً إلى أعلاها، ثم يعود إلى أدناها من جديد، جميع ذلك والعالم هوهومن حيث عناصره في وحدتها واستمرارها؛ فكأنما كان "كابيلا" يشق الطريق أمام "لامارك" حين يقول إذا حاجة الكائن العضوي (النفس) تولد الوظيفة (البصر والسمع والشم والذوق واللمس) ثم تنتج الوظيفة عضوها (العين والأذن والأنف واللسان والجلد)؛ وليس في هذا الممضى فجوة، بل ليس في أية فلسفة هندية تمييز بين اللاعضوي والعضوي من الكائنات، أوبين عالم النبات وعالم الحيوان، أوبين الحيوان وبين الإنسان؛ فهذه كلها حلقات من سلسلة الحياة الواحدة، أوقل إنها قضبان عجلة التطور والانحلال، أي عجلة الولادة والموت ثم الولادة من جديد؛ وإنما يتحدد مجرى التطور اعتباطاً بتأثير الخصائص أوالقوى (الجونات) الثلاث الفاعلة في "العنصر": ألا وهي الطهر والفاعلية والجهل الأعمى، وليست هذه القوى بذات هوى نحوالتقدم مناهضة للانحلال، بل إنها تنتج الواحد في إثر الآخر على دورات لا تنتهي، مثلها مثل ساحر عابث يظل يخرج أشياء لا تنتهي صنوفها من قبعة، ثم يعيد وضعها في القبعة، ماضياً في هذه العملية إلى الأبد؛ كما يقول هربرت سبنسر في عصر متأخر هوحتى جميع فترة من مراحل التطور تحتوي في ذاته ميلاً إلى الانحلال باعتباره مكملاً لها ونهاية لا محيص عنها.

وكان "كابيلا" شبيها بلابلاس حين لم يجد ضرورة لفرض قوة إلهية يقسر بها الخلق أوالتطور؛ وليس من الغرابة في شئ حتى تجد ديانات أوفلسفات بغير إله في هذه الأمة التي هي أكثر الأمم إمعاناً في الدين والفلسفة؛ وإنك لتجد في كثير من نصوص "سانخيا" إنكاراً صريحاً لوجود خالق مشخص، والخلق عندهم شئ لا يمكن للعقل حتى يتصوره لأن "الشيء لا يخرج من لا شئ" والخالق والمخلوق جانبان لشيء واحد، وترى "كابيلا" يكفيه اطمئنانا حتى يخط (كأنه "ma:عمانوئيل كانت" على وجه الدقة) بأن الخالق المشخص يستحيل حتى يقيم عليه الدليل عقل بشري، لأن جميع ما موجود - في رأي هذا الشكاك الدقيق - لا يخرج على أحد فرضيتين، فإما حتىقد يكون مقيداً أوحراً، ولا يمكن لله حتىقد يكون هذا أوذاك ولوكان الله كاملاً لما مست به الحاجة إلى خلق العالم، ثم لوكان ناقصاً لما كان إلهاً؛ ولوكان الله خيراً وله قدرات إلهية، لما أمكن قط حتى يخلق عالماً على هذا النقص الذي نراه في العالم القائم، الذي يغص بكثرة ما فيه من آلام، ولا يأخذه التردد في الموت؛ وإنه لمما يفيدنا حتى نرى كيف من الممكن أن يناقش مفكروالهنود هذه المسائل في هدوء، وقل حتى يلجئوا فيها إلى اضطهاد أوإهانة، فقد كانوا يرتفعون بالنقاش إلى مستوى لا يسموإليه في عصرنا الحاضر إلا ما يدور بين أنضج الفهماء من جدل؛ وإنما ضمن "كابيلا" الوقاية لنفسه من الأذى باعترافه بصحة الفيدات، وهويقول "إن الفيدات مرجع سليم ما دام مؤلفها كان يعهد الحقيقة الثابتة" وبعد حتى أوفد هذا القول إرسالاً راح يفكر كما يشاء دون حتى يأبه بالفيدات في شيء.

لكنه ليس بالفيلسوف المادي، بل عكس ذلك هوالسليم، لأنه مثالي وروحي على طريقته الخاصة به، فهويجعل إدراكنا الحسي مصدراً للعالم الواقع كله، فما لدينا من أعضاء الحس ومن تفكير يخلع على العالم حقيقته وصورته ومغزاه، ويستحيل عليه حتى تكون له حقيقة أوصورة أومغزى بالنسبة لنا إلا هذه؛ أما ماذا يمكن للعالم حتىقد يكون في حقيقته بغض النظر عن حواسنا وأفكارنا فسؤال أخرق ليس له معنى ولا يمكن حتىقد يكون له جواب؛ ثم هوبعد حتى يسرد قائمة بأربعة وعشرين عنصراً (تاتوات) تنطوي - في ممضىه الفلسفي - تحت حركة التطور الفيزيقي، قَلَبَ ماديته هذه التي بدأ بها، وأضاف جانباً جديداً على أنه الحقيقة النهائية، وهوأغرب العناصر كلها، بل لعله أهمها، وأعني به "بوروشا" (أي الشخص) أوالنفس؛ وليست النفس على غرار ثلاثة وعشرين من العناصر الأخرى، تأتي نتيجة للمادة (براكريتي) أونتيجة للقوة الفيزيقية، بل هي مبدأ نفسي قائم بذاته، موجود في جميع الوجود، أزلي أبدي، عاجز عن العمل بذاته لكنه رغم ذلك لا يُستغنى عنه في أي عمل؛ لأن "براكريتي" (المادة) يستحيل حتى تتغير في سيرها نحوالترقي، والقوى (وتسمى الجونات) يستحيل حتى تعمل عملها، إلا عن طريق الوحي يأتيها من "بوروشا" ؛ إلى غير ذلك ترى ما فيزيقي تدب فيه الحركة والحياة والفاعلية بحيث يتطور، بدافع من المبدأ النفسي أينما وجهت للنظر في جنبات الوجود وهاهنا يتحدث "كابيلا" على غرار أرسطوفيقول : " هنالك في الروح تأثير فعال (على براكريتي أي العالم المتطور) سببه ما بينهما من تجاور، على نحوما يعمل الحجر الممغنط (يجذب الحديد إليه) أعني حتى تجاور "بوروشا" و"براكريتي" يجبر هذه الأخيرة على السير في خطوات معلومة للإنتاج؛ وهذا اللون من التجاذب بين الجانبين يؤدي إلى الخلق؛ وبغير هذا المعنى لا تكون الروح عاملاً فعالاً ولاقد يكون لها شأن بالخلق إطلاقاً" .

والروح متعددة بمعنى أنها موجودة في جميع كائن عضوي، لكنها متشابهة في هذه الكائنات جميعاً، ولذا فهي لا تكون عنصراً في تكوين الشخصية الفردية، فالفردية فيزيقية، ونحن ما نحن لا بسبب ما فينا من روح، بل بسبب الأصل الذي عنه نشأنا، أعني التطور والخبرة التي تطرأ على أجسامنا وعقولنا، وفي "سانخيا" يعتبر العقل جزءاً من الجسم كأي عضوآخر؛ فلئن كانت هذه الروح المعتزلة بنفسها البعيدة عن التأثر بغيرها، والتي تكمن فينا، لئن كانت هذه الروح حرة، فإن العقل والجسم مقيدان بقوانين و"جونات" (أي خصائص) العالم الفيزيقي(81) وإذن فليست الروح هي الفاعلة وهي المجبرة، بل الفاعل المجبر هواتحاد الجسم والعقل؛ كلا ولا هي تتعرض للانحلال والتحول اللذين يصيبان الجسد والشخصية، بل هي محصنة عن تيار الولادة والموت؛ يقول "كابيلا": "العقل يجوز عليه الفساد، أما الروح فلا" والنفس الجزئية التي ترتبط بالمادة وبالجسم هي وحدها التي تولد وتموت وتعود إلى الولادة من جديد، في هذه الذبذبات التي لا تنتهي ولا تنفك تتناول بالتغيير صور المادة التي منها يتألف تاريخ العالم الخارجي؛ وإذا استطاع "كابيلا" حتى يشك في جميع شئ، فإنه لم يشك قط في انتنطق الروح من جسد إلى جسد.

وهوكسائر المفكرين الهنود ينظر إلى الحياة على أنها خير مشكوك فيه إلى حد كبير، إذا كانت خيراً على الإطلاق؛ فقليلة هي أيام المرح، وقليلة هي أيام الأسى؛ والثروة شبيهة بنهر طافح بالماء، والشباب شبيه بجسر متهدم لذلك النهر الطافح بمائه، والحياة شبيهة بشجرة على ذلك الجسر المتهدم"؛ والألم نتيجة لكون النفس والعقل الفرديين مقيدين بالمادة، وفريستين لقوى التطور العمياء، فأين المفر من هذا الألم،يا ترى؟ يجيب فيلسوفنا ألا فرار إلا بالفلسفة؛ لا فرار إلا بإدراكنا حتى جميع هذه الآلام والأحزان، وكل هذا الانقسام وهذا الفوران بين الأنفس المكافحة، إذا هوإلا "مايا" أي وهمُ، هوزينة خادعة تصفُّها أمام عيوننا الحياة والزمن؛ "والعبودية تنشأ من غلطة عدم التمييز" - بين النفس التي تعاني الآلام وبين الروح المحصنة، بين السطح المضطرب وبين الأعماق التي تظل ممتنعة على جميع اضطراب وتغير؛ فلكي تسموعلى هذه الآلام، لا يقتضيك إلا حتى تتبين حتى جوهر الإنسان، وهوروحه، يجاوز حدود الخير والشر والسرور والألم والولادة والموت؛ هذه الضروب من النشاط والكفاح، وهذه الألوان من النجاح والهزيمة، لا تغمنا إلا بمقدار ما يفوتنا حتى ندرك أنها لا تؤثر في الروح ولا تصدر عنها؛ والإنسان المستنير إنما ينظر إليها كأنما يبصرها من خارج حدودها فكأنه متفرج على الحياد ينظر إلى مسرحية ُتمَثل؛ فلتتبين الروح استقلالها عن الأمور، وستظفر بالحرية من فورها؛ فعملية إدراكها لهذه الحقيقة كافية في حد ذاتها حتى تهيئ لها الفرار من سجن المكان والزمان والألم والعودة إلى التجسد من جديد؛ يقول كابيلا: "إن التحرر الذي يظفر به الإنسان من إلمامه بالحقائق الخمسة والعشرين، يفهمه الفهم الذي لا فهم سواه - وهووأنني لست موجوداً، ولا شئ يتعلق بي" ومعنى ذلك حتى انفصال الأفراد وهمٌ، وكل الموجود هوهذا الزبَّد المتطور المتحلل من مادة وعقل، وأجسام ونفوس، هذا من جهة ومن جهة أخرى هنالك الروح التي لا تتغير ولا تضطرب في خلودها الساكن.

مثل هذه الفلسفة لا يجدي في إراحة الإنسان إذا ما عثر عسراً في فصل نفسه عن بدنه المتألم وذكرياته المعذبة، لكنها فلسفة - فيما يظهر - قد عبرت تعبيراً صادقاً عن الحالة النفسية التي سادت الهند في تأملها الفلسفي؛ وليس هناك من المذاهب الفلسفية الأخرى - إذا استثنينا فيدانتا - ما أثر في العقل الهندي بمثل الأثر العميق الذي كان لهذه الفلسفة فيه؛ وإنا لنلمس أثر "كابيلا" في مثالية بوذا المصطبغة بالإلحاد وبالبحث عن كيفية وصول الإنسان إلى معهدته بالعالم، كما نلمس أثره في فكرة بوذا عن النرفانا، وكذلك نلمس أثر "كابيلا" الماهابهاراتا وفي تشريع مانو، وفي أشعار "البوراتا" وفي "التانترات" - وهي التي تُحَوّر "بوروشا" و"براكريتي" فتجعلهما مبدأي الذكورة والأنوثة اللذين اتىا بالخلق، ثم نلمس فوق هذا كله في ممضى "اليوجا" الذي لا يزيد على كونه تفريغاً لسانخيا من الناحية العملية، فهويقوم على ما في سانخيا من آراء، ويستخدم ما فيها من عبارات؛ ولا يناسبكابيلا أتباع مباشرون اليوم لأن العقل الهندي قد أسره "شانكارا" و"الفيدانتا" ؛ لكن حكمة قديمة ما تزال تحمل صوتها في الهند حيناً بعد حين، ألا وهي : "ليس في ضروب الفهم ما يوازي سانخيا من آراء، وليس في صنوف القوة ما يساوي اليوجا".


ممضى اليوگا

القديسون - قدم عهد "اليوجا" - معناها - مراحل الرياضة الروحية الثماني - غاية "اليوجا" - معجزات الآخذين "باليوجا" - إخلاص "اليوجا"


في مكان ساكن جميل

ألقى عصاه ليستقر، ولم يكن المكان موغلاً في الارتفاع

ولا مكان موغلاً في الانخفاض؛ وهناك فليسكن؛ متاعه

قماشةٌ وجلد غزال وحشيشة "الكوشا" ؛

هناك ركّز فكره هجريزاً في "الواحد"

ممسكاً بزمام قلبه وحواسه، صامتاً، هادئاً،

هناك فليمارس "اليوجا" ليخلص إلى طهارة الروح،

ويضبط جسمه فلا يتحرك

منه عنق ولا رأس؛ ونظرته مستغرقة كلها

في طرف أنفه، محجوباً عن جميع ما حوله،

هادئاً في روحه، خالياً من الخوف،

مفكراً في نذر (البراهما كاريا) الذي نذره على نفسه،

مخلصاً، مفكراً "فيّ" تائهاً في تفكيره "عني" .


على سُلَّم المستحمين، ترى "القديسين" جالسين هنا وهناك، يحيط بهم هنود ينظرون إليهم نظرة الإجلال، ومسلمون ينظرون في عدم اكتراث، وسائحون يحدقون بالأبصار؛ ويسمى هؤلاء القديسون باليوجيين؛ وهم بمثابة المعبّر عن الديانة الهندية والفلسفة الهندية تعبيراً ليس بعد وضوحه وغرابته وضوح أوغرابة؛ ثم تراهم كذلك في عدد أقل، في الغابات وعلى جنبات الطرق، لا يتحركون ويستغرقون في تفكيرهم؛ منهم الكهول ومنهم الشباب، منهم من يلبس خرقة بالية على كتفيه ومنهم من يضع قماشاً على ردفيه، ومنهم من لا يستره إلا تراب الرماد ينثره على جسده وخلال شعره المزركش؛ تراهم جالسين القرفصاء وقد لفوا ساقاً على ساق، لا يتحركون، ويركزون أبصارهم في أنوفهم أوسُرَرِهم، بعضهم يحدقون في الشمس ساعات متواليات بل أياماً متعاقبة، فيفقدوا إبصارهم شيئاً فشيئاً، وبعضهم يحيطون أنفسهم بألسنة حامية من اللهب في قيظ النهار، وبعضهم يمشون حفاة على جمرات النار، أويصبون الجمرات على رؤوسهم؛ وبعضهم يرقدون عرايا الأجساد مدى خمسة وثلاثين عاماً على أسرّة من حراب الحديد وبعضهم يدحرجون أجسامهم على الأرض آلاف الأميال حتى يصلون مكاناً يحجون إليه وبعضهم يصفدون أنفسهم بالأغلال في جذوع الشجر، أويزجون بأنفسهم في أقفاص مغلقة حتى يأتيهم الموت، وبعضهم يدفنون أنفسهم في الأرض حتى الأعناق ويظلون على هذا النحوأعواماً طوالاً، أوطول الحياة، وبعضهم يُنْفِذون سلكاً خلال الأصداغ، حتى يمر من الصدغين؛ فيستحيل عليهم فتح الفكين، وبهذا يحكمون على أنفسهم بالعيش على السوائل وحدها، وبعضهم يحتفظون بأيديهم مقبوضة حتى تنفذ أظفارهم من ظهور أكفهم وبعضهم يحملون ذراعاً أوساقاً حتى تذبل وتموت؛ وكثير منهم يجلسون صامتين في وضع واحد، وربما ظلوا في وضعهم أعواماً، يأكلون أوراق الشجر وأنواع البندق التي يأتيهم بها الناس؛ وهم في ذلك كله يتعمدون اغتال إحساسهم ويركزون جميع تفكيرهم بغية حتى يزدادوا فهماً؛ وأغلبهم يجتنبون هذه الطرائق التي تستوقف الأنظار، ويبحثون عن الحقيقة في سكينة ديارهم .

لقد كان لنا رجال كهؤلاء في عصورنا الوسطى، أما اليوم فإذا أردت حتى تصادف أشباههم في أوربا وأمريكا عمليك حتى تبحث في زوايا البلاد وأركانها؛ لكن الهند عهدت هؤلاء الناس مدى ألفين وخمسمائة عام - ويجوز حتى يرجع عهدهم إلى ما قبل التاريخ حين كانوا للقبائل الهمجية - فيما نظن - بمثابة الأولياء وهذه الطريقة في التأمل الزاهد التي تعهد باسم "يوجا" كانت موجودة أيام "الفيدات"؛ و"يوبانشاد" و"الماهابهاراتا" كلاهما اعترفتا بهذه الكيفية التي ازدهرت في عصر بوذا؛ حتى الإسكندر قد استوقف انتباهه قدرة هؤلاء الناس على رياضة أنفسهم في تحمل الألم صامتين، فوقف يفكر في أمرهم، ثم نادى أحدهم حتى يصحبه ليعيش معه، لكن (اليوجي) رفض في عزم وثبات - كما رفض "ديوجنيس" - قائلاً إنه لا يريد شيئاً من الإسكندر، مقتنعاً بخلاء وفاضه؛ وكذلك ضحكت جماعة الزاهدين بأسرها سخرية من الرغبة الصبيانية التي جاشت في صدر ذلك المقدوني حتى يفتح العالم، على حين حتى مساحة لا تتجاوز أقدام قليلة من الأرض - كما نطقوا له - تكفي الإنسان كائناً من كان، حياً أوميتاً؛ وحكيم آخر صحب الإسكندر إلى فارس، وهو(كالاَنسْ) (سنة 326 ق . م) فسقم هناك، واستأذن الإسكندر في حتى يموت، قائلاً إنه يؤثر الموت على السقم؛ وصعد على كومة من حطب مشتعل، هادئاً، واحترق لم يبعث صوتاً، فأدهش اليونان الذين لمقد يكونوا قد رأوا قط هذا الضرب من الشجاعة التي تقذف بالنفس في الموت دون حتىقد يكون في الأمر عنصر الاغتيال الإجرامي؛ ومضى بعد ذلك قرنان (حوالي 150 ق.م) وعندئذ جمع "باتانجالي" أجزاء الممضى من أقوال وأفعال في كتابه المشهور "قواعد اليوجا" الذي لا يزال يتخذ مرجعاً في جماعات اليوجيين من بنارس إلى لوس أنجلس؛ وقد ذكر يوان شوانج الذي زار البلاد في القرن السابع الميلادي، حتى هذا الممضى كان عندئذ كثير الأتباع ووصفه (ماركوبولو) حوالي سنة 1296م وصفاً حياً، وبعد جميع هذه القرون، لا نزال اليوم نرى المتطرفين من أتباعه وعددهم يتراوح من مليون إلى ثلاثة ملايين في الهند يعذبون أنفسهم بغية حتى يظفروا بسكينة الفهم؛ إذا (اليوجا) لتعد من أقوى الظواهر تأثيراً وأسقطها في النفس في تاريخ الإنسان بشتى ظواهره.

وبعد، فما هي "يوجا" ،يا ترى؟ معنى الحدثة الحرفي هوالنير، وليس المقصود حتى يخضع الإنسان نفسه؛ أي يدمجها في الكائن الأسمى، بمقدار ما يقصدون بالحدثة إخضاع الإنسان لنير النظام التقشفي المتزهد الذي يلتزمه الطالب ليبلغ ما يريده لنفسه من طهارة الروح من جميع أدران المادة وقيودها، ويحقق ما يسموعلى الطبيعة من ذكاء وقوة؛ إذا المادة هي أس الآلام والجهل؛ ومن ثم كانت غاية اليوجا حتى تتحرر النفس من جميع ظواهر الحس وكل ارتباطات الجسد بشهواته؛ فهي محاولة حتى يبلغ الإنسان التنوير الأعلى والخلاص الأسمى في حياة واحدة، بأن يكفر في وجود واحد عن جميع الخطايا التي اقترفها في تجسدات روحه الماضية كلها.

ومثل هذا التنوير لا يأتي بضربة واحدة، بل يجب على المريد حتى يخطوإلى غايته خطوة خطوة؛ وليس في الطريق فترة واحدة يمكن فهمها لأي إنسان إذا لم يكن قد مر على المراحل السابقة كلها، فلا سبيل إلى بلوغ اليوجا إلا بعد تفهم ورياضة للنفس طويلين صابرين، ومراحل اليوجا ثمان:

  1. - "ياما" أوموت الشهوة، وهاهنا ترضى النفس بقيود "أشما" و"براهما كاريا" وتمتنع عن جميع سعي وراء مصالحها وتحرر نفسها من جميع رغباتها وجهادها الماديين، وتتمنى الخير للكائنات جميعاً.
  2. - "نياما" وهي اتبّاع أمين لبعض القواعد المبدئية للوصول إلى اليوجا، كالنظافة والقناعة والتطهر والدراسة والتقوى .
  3. - "أسانا" ومعناها وضع معين للجسد، والغرض منه إيقاف جميع إحساس؛ وأفضل "أسانا" لهذه الغاية هي حتى تضع القدم اليمنى على الفخذ اليسرى، والقدم اليسرى على الفخذ اليمنى، وأن يتصالب الذراعان وأن تمسك بالإصبعين الكبريين في القدمين، وأن تحني الذقن على الصدر وتوجه النظر إلى طرف الأنف.
  4. - "براناياما" ومعناها تنظيم التنفس، فهذه الرياضة قد تعين صاحبها على نسيان جميع شئ ما عدا حركة التنفس، وبهذا يفرغ عقله من شواغله استعداداً للخلاء القابل الذي يجب حتى يسبق استغراق تفكيره في تأملاته؛ وفي الوقت نفسه قد يتفهم الإنسان بهذه الرياضة طريقة الحياة على الحد الأدنى من الهواء فيستطيع حتى يدفن نفسه في التراب أيام كثيرة دون حتى يختنق.
  5. - "براتياكارا" ومعناها التجريد، وهاهنا يسيطر العقل على جميع الحواس ويباعد بين نفسه وبين جميع المُحَسَّات .
  6. - "ذارانا" أوالهجريز، وهوحتى يملأ العقل والحواس بفكرة واحدة أوموضوع واحد بحيث يصرف النظر عن جميع ما عداه فهجريز الانتباه في موضوع واحد كائناً ما كان مدة كافية من شأنه حتى يحرر النفس من جميع إحساس، وكل تفكير في موضوع معين وكل شهوة أنانية، ما دام العقل قد تجرد عن الأمور فقد يصبح حراً بحيث يحس الجوهر الروحي للوجود على حقيقته .
  7. - "ذيانا" أوالتأمل، وهي حالة تكاد تكون تنويماً مغناطيسياً تنتج عن "ذارانا" ، ويقول "باتانجالي" إنها يمكن استحداثها من الدأب على تكرار المبتر المقدس "أوم" ؛ وأخيراً يصل الزاهد إلى الفترة التالية التي تعد خاتمة المطاف في سبيل اليوجا.
  8. - "ساماذي" أوتأمل الغيبوبة؛ فهاهنا يمحى من الذهن جميع تفكير، فإذا ما فرغ العقل من مكنونه، فقد الشعور بنفسه على أنه كائن مستقل بذاته وينغمس في مجموعة الوجود، ويجمع جميع الأمور في كائن واحد، وهوتصوّرٌ إلهيّ مبارك؛ ويستحيل وصف هذه الحالة بحدثات لمن لم يمارسها، وليس في وسع الذكاء الإنساني أوالتدليل المنطقي حتى يجد لها صيغة تعبر عنها " فلا سبيل إلى فهم اليوجا إلا عن طريق اليوجا"(104).

ومع ذلك فليس ما ينشده "اليوجيُّ" هوالله أوالاتحاد بالله؛ ففي فلسفة اليوجا ليس الله "واسمه إشفارا" هوخالق الكون أوحافظه، وليس هومن يثيب الناس أويعاقبهم؛ بل هولا يزيد على كونه فكرة من فكرات كثيرة مما يجوز لنفس حتى هجرز فيها تأملها وتتخذها وسيلة لفهم الحقيقة؛ الغاية المنشودة في صراحة هي فصل العقل عن الجسد، هي إزاحة جميع العوائق المادية عن الروح، حتى يتسنى لها - في ممضى اليوجا - حتى تكسب إدراكاً وقدرة خارقتين للطبيعة لأنه إذا نفضت عن الروح جميع أثار خضوعه للجسد واشتباكها فيه، فإنها لا تتحد مع براهما وكفى، بل تصبح براهما نفسه؛ إذ حتى براهما ليس إلا ذلك الأساس الروحي الخبئ، ذلك الروح اللامادي الذي لا يتفرد بنفس، والذي يبقى بعد حتى تطرد بالرياضة جميع أعلاق الحواس؛ فإذا الحد الذي تستطيع عنده الروح حتى تحرر نفسها من بيئتها وسجنها الماديين، إلى هذا الحد تستطيع حتى تكون براهما بحيث تمارس ذكاء برهمياً وقوة برهمية؛ وهنا يظهر الأساس السحري للدين من جديد، حتى ليكاد يتهدد الدين نفسه بالخطر - هوعبادة القوى التي هي أسمى من الإنسان.

كانت "اليوجا" في أيام "اليوبانشاد" صوفية خالصة - أعني محاولة تحقيق اتحاد الروح بالله؛ وتروي الأساطير الهندية أنه في سالف الأيام قد أتيح "لحكماء" سبعة (واسمهم أرشاء) حتى يظفروا بالتوبة والتأمل بفهم تامة بكافة الأمور؛ ثم اختلطت "اليوجا" بالسحر حتى أفسدها في العهود المتأخرة من تاريخ الهند؛ وأخذت تشغل نفسها بالتفكير بالمعجزات أكثر مما تفكر في سكينة الفهم؛ ويعتقد "اليوجي" أنه بوساطة "اليوجا" يستطيع حتى يخدر أي جزء من أجزاء جسده بهجريز فكري فيه وبذلك يجعله تحت سلطانه فيمكنه إذا أراد حتى يخفى عن الأبصار، أوحتى يحول بين جسده وبين الحركة مهما كان الدافع إليها أوحتى يمر في أية لحظة شاء أومن أي جزء شاء من أجزاء الأرض جميعاً، أوحتى يحيى من العمر ما شاء حتى يحيا، أوحتى يعهد الماضي أوالمستقبل كما يعهد أبعد النجوم.

ولزاماً على المتشكك حتى يعترف بأنه ليس في هذه الأمور كلها ما محال؛ ففي وسع الجانبين حتى يبتكروا من الفروض ما يستحيل على الفلاسفة حتى يدحضوه؛ وكثيراً ما يشهجر الفلاسفة وإياهم في مثل هذا الابتكار للفروض الغريبة؛ فشدة النشوة والتخليط الذهني يمكن إحداثهما بالصوم وتعذيب النفس؛ والهجريز يمكن حتى يميت شعور الإنسان بالألم في موضع معين، أوبصفة عامة، وليس في وسعنا حتى نجزم بألوان الطاقة الكامنة والقدرات المدخرة في العقل المجهول؛ ومع ذلك فكثير من "اليوجيين" لا يزيدون على كونهم سائلين الناس مالاً، يتحملون هاتيك الكفارات الأليمة طمعاً في المضى، الذي ُيتهَّم الغربيون وحدهم بالطمع فيه، أوهم يتحملونها سعياً وراء ما يسعى إليه الإنسان مدفوعاً بطريقته الفطرية، من لفت الأنظار واستثارة الإعجاب ؛ إذا الزهد هوما يقابل الانغماس في شهوات الحس، أوهوعلى أحسن تقدير محاولة التحكم في زمام تلك الشهوات؛ ولكن هذه المحاولة نفسها تدنومن شهوة أخرى هي رغبة إيقاع الأذى، مما يجعل الزاهد يكاد ينتشي من الغبطة حدثا أنزل بنفسه الألم؛ ولقد كان البراهمة من الحكمة بحيث حرموا على أنفسهم مثل هذه الرياضات، ووعظوا أتباعهم بأن ينشدوا القداسة في أداء الواجبات المألوفة في شؤون الحياة، أداءً يرضي ضمائرهم.


پورڤا ميمامسا

انتنطقنا من "اليوگا" إلى "بيرڤا- ميمانسا" هوانتنطق من أشهر المذاهب الستة للفلسفة البرهمية إلى أقلها شهرة وأهمية؛ وكما حتى "اليوجا" أدخلت في السحر والتصوف منها في الفلسفة، فكذلك هذا الممضى أقرب إلى الدين منه إلى الفلسفة، بل هوبمثابة رد العمل من جانب المتمسكين بأصل الدين لينهضوا به مذاهب الزندقة التي نطق بها الفلاسفة؛ فصاحب هذا الممضى، وهو"جيميني" يحتج على "كابيلا" و"كانادا" في إنكارهما لحجة الفيدات، مع اعترافهما بهذه الخط المقدسة، ويقول "جيميني" إذا العقل الإنساني أضعف من حتى يحل مشكلات الميتافيزيقا واللاهوت فالعقل مستهتر يقدم نفسه لخدمة الأهواء كائنة ما كانت فهولا يعطينا "فهماً" و"حقيقة" بل يكتفي بصبغ ميولنا الحسية وزهونا بصبغة المنطق؛ إذا الطريق إلى الحكمة والسلام لا يمتد في المنطق والتواءاته الفارغة، بل تراه في التسليم المتواضع بما اتى عن طريق الوحي ونقله الخلف عن السلف، وفي الأداء المتواضع للشعائر كما فصّلتها الخط المقدسة، وهذه وجهة من النظر لا تعدم وجهاً للدفاع.

ممضى الأڤيدانتا

حدثة ڤيدانتا معناها في الأصل ختام الفيدات- أعني اليوبانشاد؛ أما اليوم فيطلقها الهنود على الممضى الفلسفي الذي حاول حتى يدعم بالمنطق بناء الفكرة الأساسية التي وردت في خط اليوبانشاد- تلك الفكرة التي تسود نغمتها جوانب الفكر الهندي بأسره- وهي حتى الله (براهما) والروح (أتمان) شيء واحد؛ وأقدم صورة وصلتنا لهذه الفلسفة التي هي أوسع الفلسفات الهندية شيوعاً، هي كتاب "براهما- سوترا" لصاحبه "بدارايانا" (حوالي 200 ق.م) وقوام الكتاب خمسمائة وخمسة وخمسون حكمة، تعلن أولاها الغاية من الكتاب كله، وهي: "لنفرغ الآن إلى الرغبة في فهم براهما" ؛ وكادت تمضي بعد ذلك ألف عام، حين خط "جودايادا" تعليقا على هذه "السوترات" (أي الحكم) ثم فهم "جوفندا" أسرار الممضى، وهذا بدوره لقَّنها لشانكارا، الذي ألف أشهر ما خط عن الفيدانتا من شروح، وكان بما ألف أعظم الفلاسفة الهنود جميعاً .

استطاع "شانكارا" في حياته القصيرة البالغة اثنين وثلاثين عاماً، حتى يحقق الاتحاد بين شخصيتي الحكيم والقديس، بين صفتي الحكمة والرحمة، وهواتحاد يتصف به أسمى ما أنجبته الهند من صنوف الإنسان؛ ولد بين جماعة نشيطة في البحث العقلي من براهمة ملبار، وهم المعروفون باسم البراهمة النمبرديين، وزهد في ترف الدنيا، وانخرط في سلك "الساميناسيين" وهولم يزل يافعاً، يعبد الآلهة الهندية على اختلافها دون حتى يزعم لنفسه القدرة على فهمها على الرغم من أنه كان مغموراً في موجة من التصوف تكشف له عن فكرة "براهما" الواحد الذي يضم الآلهة جميعاً؛ وخُيّل إليه أنه ما ورد في خط اليوبانشاد، هوأعمق الدين واعمق الفلسفة في آن معاً؛ فهويستطيع حتى يعفوا عن عامة الناس في عبادتهم لآلهة متعددة، لكنه لا يجد ما يغفر به عن الإلحاد في "سانخيا" أوعن لا أدرية "بوذا" ؛ سافر إلى الشمال ليمثل الجنوب فيه فاكتسب هناك شهرة في جامعة بنارس، حدت بالجامعة حتى تخلع عليه أسمى ما عندها من مسببات التكريم، وبعثت به مصحوباً بطائفة كبيرة من الأتباع، ليذود عن البرهمية في جميع ساحات المناظرة في الهند؛ ولعله خط وهوفي بنارس شرحه المشهور لليوبانشاد، وألف "بهاجافاد- جيتا" الذي هاجم فيه بحماسة دينية ودقة اسكولائية طوائف الزنادقة في الهند، وأعاد للبرهمية زعامتها الفكرية التي سلبها إياها "بوذا" و"كابيلا".

يشيع في هذه الأبحاث الجدلية كثير من الميتافيزيقا، وفيها أقفار يباب من نصوص معروضة، لكننا نغفر ذلك كله لرجل استطاع وهوفي سن الثلاثين حتىقد يكون في الهند "أكويناس" و"كانت" معاً؛ فهومثل "أكويناس" يسلم بكل ما في الخط المقدسة في بلده من حجة على أنها وحي سماوي ثم يطوف باحثاً عن أدلة من خبرته ومن منطق العقل، يؤيد بها جميع تعاليم تلك الخط المنزلة؛ لكنه مع ذلك يختلف عن "أكويناس" في أنه ينكر على العقل وحده قدرته على القيام بهذه المهمة؛ بل هوعلى عكس ذلك، يتساءل قائلاً ألم نبالغ في قوة العقل وما يقوم به، وفي وضوحه وجدارته بالركون إليه،يا ترى؟ فقد أصاب "جيميني" حين نطق إذا العقل محام مستعد للبرهنة على جميع ما نريد البرهنة عليه؛ لأن العقل يستطيع حتى يجد لكل حجة حجة تدحضها وتكون مساوية لها؛ والنتيجة التي ينتهي إليها هي شك يزعزع جميع ما في أخلاقنا من قوة، ويزلزل جميع ما في حياتنا من قيم؛ ويقول "شانكارا": ليس المنطق هوالذي يعوزنا إنما تعوزنا البصيرة النافذة؛ وهي ملكة (شبيهة بملكة الفنون) ندرك بها دفعة واحدة ما حيوي في الأمر الذي نحن بصدده، فنميزه مما ليس بذي خطر، ونفرق بها بين ما أبدي وما هوزمني عابر، ونخرج بها الكل من الجزء؛ تلك هي أول ما يلزم للفلسفة من شروط؛ والشرط الثاني هوحتى نقبل إقبالاً عن طواعية على الملاحظة والبحث والتفكير، لا نبتغي من ذلك كله غاية وراء الفهم لذاتها، لا نريد من ورائه اختراعاً أوثراء أوقوة؛ إنه بمثابة انسحاب الروح حتى لا تتعرض لكل ما يصاحب العمل من استثارة وميل مع الهوى واستمتاع بالثمرة؛ وثالث الشروط هوحتى يكتسب الفيلسوف ضبطاً لنفسه وصبراً وهدوءاً، ولابد له حتى يروض نفسه على الحياة المتحملة عن الإغراء الجسدي والمشاغل المادية وأخيراً يجب حتى تشتعل في أعماق نفسه رغبة في "الموكشا" ومعناها التحرر من الجهل، والقضاء على جميع الشعور بنفسه الفردية المنفصلة عن سواها، والاندماج السعيد في براهما الذي هوالفهم الكاملة والاتحاد اللانهائي واختصاراً، ليس الطالب بحاجة إلى منطق العقل بقدر ما بحاجة إلى تطهير الروح ورياضتها رياضة تزيد أغوارها عمقاً؛ ولعل في ذلك سر التربية الحقيقية في شتى صورها.

أقام "شانكارا" أساس فلسفته عند نقطة عميقة دقيقة، لم يستطع أحد بعده حتى يدركها إدراكاً واضحاً، حتى قيض الله لها بعد ألف عام (عمانوئيل كانت) فخط كتابه (نقد العقل الخالص)؛ ذلك أنه ألقى على نفسه سؤالاً هو: كيف من الممكن أن تمكن الفهم،يا ترى؟ إذا جميع فهمنا فيما يظهر آت من الحواس، فهولا يكشف عن الواقع الخارجي كما هوفي ذاته، بل يكشف عن كيفية تشكيلنا لذلك الواقع بحواسنا- وربما بلغ التشكيل حد التغيير من الصورة الأصلية تغييراً أساسياً- وإذن فبالحس وحده يستحيل حتى نعهد "الحقيقي" فهم تامة؛ وكل ما قد نعهده عنه هوالفهم به وهوفي ثوب المكان والزمان والسببية، وقد يحدث ذلك الثوب نسيجاً خلقته حواسنا وعقولنا، فصَوَّرته أوطوَّرته على نحويتيح له حتى يتصيد ثباتاً من هذا الواقع السيال المفلات، وأن يمسك بهذه الصور الثابتة عنه، مع أننا إذا استطعنا حتى نحدس بوجود ذلك الواقع الخارجي، فيستحيل علينا أبداً حتى نصف خصائصه الموضوعية كما تقع في ذاتها؛ ذلك لأن أسلوبنا في الإدراك سيظل إلى الأبد ممتزجاً بالشيء المدرك امتزاجاً لا سبيل إلى عزل الواحد عن الآخر.

وليس هذا بالذاتية الجوفاء، التي يقول بها من يريد حتى يغلق على طويته دون حتى يجد سبيلاً لاتصاله بالعالم الخارجي، والذي يظن أنه مستطيع حتى يحطم العالم تحطيماً إذا هجره واسترسل في النعاس؛ إذا العالم موجود، لكنه "مايا" وليس معنى الحدثة أنه وهم بل هوظواهر، هومظهر اشهجر عقل الإنسان في تكوينه؛ وعجزنا عن إدراك الأمور إلا في صورها التي تعرض علينا وهي في الزمان والمكان، ثم عجزنا عن التفكير فيها إلا على أساس السببية والتغير، إذا هوإلا قصور فطري في طبائعنا، هو"أفيديا" أوجهل مرتبط ارتباطاً شديداً بطريقة إدراكنا نفسها، وعلى ذلك فهوجهل خط على الجسد حتى يصاب به؛ إذا "مايا" و"أفيديا" هما الجانبان الذاتي والموضوعي للوهم الأعظم الذي يحمل العقل على الظن بأنه يعهد حقيقة العالم؛ إننا نرى كثرة في الأمور وتياراً من التغير، بسبب "مايا وأفيديا" أعني بسبب ما ورثناه منذ الولادة من جهل محتوم؛ وحقيقة الأمر هي حتى ثمة كائناً واحداً، وما التغيير إلا "مجرد اسم" نطلقه على تغير صور الأمور في سطوحها الظاهرة؛ ووراء "المايا" أي النقاب الذي يحجب عنا الحقيقة، والذي قوامه تغير الأمور، تستطيع حتى تنفذ إلى الحقيقة الكلية الواحدة، براهما، لا بطريق الحواس ولا بقوة العقل، بل بالبصيرة النافذة والإدراك الفطري المباشر من روح مرنت على ذلك الضرب من الإدراك.

هذا القصور الطبيعي للحس والعقل، الذي تسببه لهما أعضاء الحس وصور التفكير العقلي، يحول كذلك بيننا وبين إدراك الروح الواحد الصمد الذي يكمن وراء الأرواح والعقول الجزئية الفردية، فنفوسنا المنعزل بعضها عن بعض، والتي نراها بالإدراك الحسي والتفكير العقلي، لا تقل بطلاناً عن خيالات الزمان والمكان؛ إذا الفروق بين الأفراد، والتمييز بين الشخصيات مرتبطان بالجسم والمادة، وهما من خصائص عالم التغير الذي يشبه في تغيره تصاوير الكاليدوسكوب وهذه النفوس التي لا تزيد على مجرد ظواهر زائلة، ستمضي بانقضاء الظروف المادية التي هي جزء منها، أما الحياة الكامنة وراءها والتي نحسها في دخائلنا حين ننسى المكان والزمان والسببية والتغير، هي جوهرنا الصميم وحقيقتنا الأصيلة؛ تلك هي "أتمان" التي نشهجر فيها مع سائر النفوس والأمور، والتي لا تتجزأ ولا يخلومنها مكان، وهي وبراهما، أي الله، شيء واحد بعينه.

ولكن ما الله ،يا ترى؟ إنه كما في النفس نفسان: الذات و"أتمان"، والعالم عالمان: عالم الظواهر وعالم الحقائق فكذلك الرب ربان : إشفارا، أي الخالق، وهوالذي تعبده عامة الناس لما يتبدى لهم من مكان وزمان وسببية وتغير، وبراهما أي الكائن الخالص، وهوالذي يعبده المتدينون المتفلسفون الذين يبحثون- ويجدون- حقيقة واحدة عامة وراء الأمور والنفوس المستقل بعضها عن بعض؛ وتلك الحقيقة الواحدة لا تتغير وسط هذه التغيرات كلها، ولا تتجزأ رغم هذه الانقسامات كلها. أبدية رغم تغير الأمور في صورها ورغم جميع ما نشاهده من ولادة وموت؛ فتعدد الآلهة- بل العقيدة في وجود الله نفسها- نتيجة تتفرع عن عالم "المايا" و"الأفيديا" ؛ وهي صور تعبدية تقابل صور الإدراك الحسي والتفكير؛ وهي ضرورية لحياتنا الخلقية على نحوماقد يكون المكان والزمان والسببية عناصر ضرورية لحياتنا الفكرية، لكن حقيقتها ليست مطلقة، وليس لها صدق موضوعي في واقع الوجود.

وليس وجود الله معضلة في رأي شانكارا، لأنه يعرّف الله بالوجود، ويجعل الكون الحقيقي كله والله شيئاً واحداً بعينه؛ أما عن وجود إله مشخص،قد يكون خالقاً ومُخَلّصاً، فقد يحدث هناك- في رأيه- موضع للشك؛ مثل هذا الإله في ممضى هذا المفكر الذي تجاوز "كانت" في تفكيره، لا تمكن البرهنة عليه بالعقل، وكل ما نستطيعه إزاءه هوحتى نفرض وجوده فرضاً باعتباره ضرورة عملية يهب الطمأنينة لعقولنا القاصرة والتشجيع لأخلاقنا المتهافتة؛ قد يجوز للفيلسوف حتى يعبد الله في أي معبد شاء، ويركع أمام أي إله بغير تفريق، لكنه سيجاوز هذه الصور العامية في العقيدة الدينية، التي ُتغْتفَر للعوام، وسيشعر بما في هذا التعدد من وهم خادع، مدركاً ما بين الأمور كلها من وحدة لا تعهد التعدد ، إنه سيقدس الكون نفسه على أنه الكائن الأعلى- هذا الكائن الذي يعز على الوصف، لا تحده الحدود، ولا يحصره المكان ولا الزمان ولا يخضع للسببية، ولا يطرأ عليه التغير؛ إنه مصدر الحقيقة كلها ومادتها ، ويجوز لنا حتى نصف براهما بأنه "شاعر بذاته" و"عاقل" بل و"سعيد" ما دام براهما يشتمل على النفوس كلها، ويمكن حتى تتصف النفوس بأمثال هذه الصفات لكن إلى جانب ذلك أيضاً يمكن حتى نصف براهما بسائر الصفات جميعاً، مادام مشتملاً على خصائص الأمور كلها؛ وبراهما في جوهره محايد يرتفع عن كونه مشخصاً أومذكراً أومؤنثاً، وهويسموعلى الخير والشر، وهوفوق جميع الفوارق الخلقية، وكل أوجه الاختلاف بين الأمور وكل الخصائص والصفات وكل الشهوات والغايات؛ إذا براهما هوالسبب والمسبب معاً وهوجوهر العالم الخفي الذي لا تحدده قيود الزمان.

وهدف الفلسفة هوحتى تجد ذلك السر بحيث يذوب الواجد فيما عثر من سرّ ؛ ففي رأي شانكارا حتى اندماج الإنسان بالله معناه حتى يسموعلى- أويغوص إلى ما دون- انفصال النفس عن سائر النفوس، وقِصَر أمدها في الحياة، وكل ما لها من مصالح وأغراض توافه؛ وأن يصبح على غير شعور بالأجزاء والأقسام والأمور جميعاً، وأنقد يكون مندمجاً في سكينة، وفي اتحاد نرفاني خال من جميع شهوة، بذلك المحيط الكوني العظيم الذي لا تصطرع فيه الغايات ولا تتنافس النفوس، وليس فيه أجزاء ولا تغير ولا مكان ولا زمان ؛ ولكي يظفر الإنسان بهذه السكينة السعيدة (التي تسمى أناندا) فلا يكفي الإنسان حتى ينكر العالم، بل يجب إلى جانب ذلك حتى ينكر ذاته؛ لا ينبغي حتى يأبه لأملاك أوأدوات للمتاع، بل لا ينبغي حتى يأبه حتى بخير أوشر؛ يجب حتى ينظر إلى الألم والموت نظرته إلى "مايا" ، أي حوادث تقع على سطح الجسم والمادة والزمان والتغير؛ ولا يجوز له حتى يفكر فيما يصيب إنسان من قضاء أوحتى يفكر فيما له من خصائص؛ فلحظة واحدة يعني فيها بمصلحة ذاته أويزهى فيها بنفسه كافية لهدم طريق الخلاص الذي يرجوه؛ إذا أعمال الخير لا تهيئ للإنسان خلاصاً، لأن أعمال الخير إنما تكون ذات قيمة أومعنى في عالم " المايا " وحده، أي عالم المكان والزمان؛ ولا يأتي بإخلاص إلى فهم القديس، وما الخلاص إلا في إدراك الاتحاد بين النفس والكون، "أتمان" و"براهما"، أي الروح والله، وامتصاص الجزء في الكل؛ ويستحيل حتى تقف دورة حلول الروح في أجساد جديدة إلا إذا تم هذا الامتصاص عندئذ سيتبين حتى الروح الجزئية والشخصية المفردة، التي تصيبها عودة التجسد، وَهْمٌ ليس له وجود وأن الذي يعيد الولادة للنفس على صعيد العقاب أوالثواب هو"إشفارا" أي إله "مايا" ؛ ويقول شانكارا "إنه إذا ما عهدت وحدة أتمان وبراهما، اختفت على الفور الروح الجزئية واختفى براهما باعتباره خالقاً (أي باعتباره إشفارا" وتنتمي "إشفارا" و"كارما"- كما تنتمي الأمور والأنفس- إلى ممضى فيدانتا المعروف، في صورته المحورة تحويراً يناسب حاجات الرجل من عامة الناس؛ أما الجانب الخفي السري من الممضى، فيعتبر الروح وبراهما شيئاً واحداً، لا يتجزأ ولا يموت ولا يتغير. وإنها لحكمة من شانكارا حتى يحصر الجانب الخفي من ممضىه في الفلاسفة وحدهم؛ لأنه- كما رأى فولتير- كما أنه لا يمكن لمجتمع حتى يعيش بغير قانون إلا مجتمع من فلاسفة، فكذلك لا يستطيع حتى يعيش فوق الخير والشر إلا مجتمع من الإنسان الأعلى؛ ولقد توجه الناقدون بنقد، هوأنه إذا كان الخير والشر جانبين من "مايا" أي من العالم الزائف إذن فلا يعود للفوارق الخلقية وجود، وتصبح الشياطين والقديسون في منزلة واحدة؛ وهاهنا يجيب شانكارا في ذكاء، بأن هذه الفوارق الخلقية حقيقية داخل عالم الزمان والمكان، وهي ملزمة لهؤلاء الذين يعيشون في هذه الدنيا، وليس فيها إلزام على الروح التي دمجت نفسها في براهما؛ فمثل هذه الروح لا تقترف الإثم، لأن الإثم يتضمن الشهوة وتحقيقها بالعمل، والروح التي تحررت- بحكم تعريفها- لا تتحرك في دنيا الشهوات والعمل (الذي يحقق لها شهواتها)، إذا ما يُنْزل الأذى بغيره عامداً، يعيش في مستوى "مايا" ، ويخضع لما فيها من فوارق ومن أخلاق وقوانين، فلا حرّ إلا الفيلسوف، ولا حرية إلا الحكمة .

لقد كانت هذه الفلسفة أدق وأعمق مما ينتظر من صبي في العقد الثالث من عمره؛ ولم يكْف شانكارا حتى يفصل أجزاءها فيما خط، وأن يوفق في الدفاع عنها في نقاشه مع الناس، لكنه كذلك عبّر عن أجزاء منها في شعر هومن أرهف الشعر الهندي الديني إحساساً؛ ولما حتى فرغ شانكارا من رد جميع اعتراض وُجّه إليه، انتبذ صومعة في الهمالايا، وتقول الرواية الهندية إنه توفي في سن الثانية والثلاثين، ونشأت عشر جماعات دينية تحمل اسمه، واعتنق فلسفته كثير من الأتباع، ثم ارتقوا بها؛ وقد خط أحد هؤلاء الأتباع- وبعضهم يقول : إذا شانكارا نفسه هوالذي خط- عرضاً شعبياً للفيدانتا، واسماه "موهامودجارا" ومعناها "مطرقة الحماقة"- عرض أسس الممضى عرضاً موجزاً في وضوح وقوة:

"أيها الأحمق! امح من نفسك هذا الظمأ للمال، واقتلع من قلبك جميع الشهوات، واقنع نفساً بما تكسبه لك من "كارما" ...لا يأخذنك زهوبمال أوأصدقاء أوشباب؛ إذا الزمن يقضي عليها جميعاً في لحظة واحدة؛ فإذا ما أسرعت وهجرت جميع هذا- وإنه لملئ بالأوهام- فادخل حيث براهما ... إذا الحياة رجراجة مثل قطرة الماء على ورقة اللوتس ... إذا الزمن لاه والحياة زائلة- ومع ذلك فأنفاس الأمل لا تنبتر؛ إذا الجسد قد أصابه التجعيد والشعر قد شاب، والفم قد خلا من أسنانه، والعصا ترتعش في قبضة اليد، ومع ذلك فالإنسان لا يني متشبثاً بمواضع الراتى ...احتفظ باتزانك دائماً ...إن فشنووحده يسكن فيك وفيّ الآخرين؛ ومن العبث حتى تغضب أوتثور؛ انظر إلى نفس جزئية في النفس الكلية الكاملة، ولا تعد تفكر فيما بيننا من فوارق.

انظر أيضاً

  • أستيكا وناستيكا
  • البوذية والهندوسية
  • الفلسفة البوذية
  • المثالية الهندوسية
  • الفلسفة الهندية
  • Kashmir Shaivism
  • فلسفة الفلسفة

الهوامش

  1. ^ For an overview of the six orthodox schools, with detail on the grouping of schools, see: Radhakrishnan and Moore, "Contents", and pp. 453–487.
  2. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  3. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

المصادر

  • Chatterjee, Satischandra (1984). An Introduction to Indian Philosophy (Eighth Reprint Edition ed.). Calcutta: University of Calcutta. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)CS1 maint: extra text (link)
  • Cowell, E. B.; Gough, A. E. (2001). . Taylor & Francis. ISBN .
  • Dyczkowski, Mark S. G. (1987). The Doctrine of Vibration: An Analysis of the Doctrines and Practices of Kashmir Shaivism. Albany, New York: State University of New York Press. ISBN .
  • Flood, Gavin (1996). An Introduction to Hinduism. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN .
  • Flood, Gavin (Editor) (2003). The Blackwell Companion to Hinduism. Malden, MA: Blackwell Publishing Ltd. ISBN .CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Flood, Gavin (2005). The Tantric Body: The Secret Tradition of Hindu Religion. I. B. Tauris. ISBN .
  • Müeller, Max (1899). Six Systems of Indian Philosophy; Samkhya and Yoga, Naya and Vaiseshika. Calcutta: Susil Gupta (India) Ltd. ISBN . Reprint edition; Originally published under the title of The Six Systems of Indian Philosophy.
  • Radhakrishnan, S. (1967). A Sourcebook in Indian Philosophy. Princeton. ISBN . Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Zimmer, Heinrich (1951). Philosophies of India. New York City: Princeton University Press. ISBN . Bollingen Series XXVI; Edited by Joseph Campbell.

قراءات إضافية

  • Radhakrishnan, Sarvepalli; and Moore, Charles A. A Source Book in Indian Philosophy. Princeton University Press; 1957. Princeton paperback 12th edition, 1989. ISBN 0-691-01958-4.
  • Rambachan, Anantanand. "The Advaita Worldview: God, World and Humanity." 2006.
  • Zilberman, David B., The Birth of Meaning in Hindu Thought. D. Reidel Publishing Company, Dordrecht, Holland, 1988. ISBN 90-277-2497-0. Chapter 1. "Hindu Systems of Thought as Epistemic Disciplines".
  • "Hindu Philosophy," Internet Encyclopedia of Philosophy, by Shyam Ranganathan
  • A History of Indian Philosophy by Surendranath Dasgupta (5 Volumes) at archive.org
  • Indian Idealism by Surendranath Dasgupta at archive.org
  • Outlines of Indian Philosophy by Prof. Mysore Hiriyanna at archive.org
  • Indian Philosophy by Dr. Sarvepalli Radhakrishnan (2 Volumes) at archive.org

وصلات خارجية

تاريخ النشر: 2020-06-04 13:11:55
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, Articles containing non-English-language text, Portal templates with redlinked portals, CS1 maint: extra text, CS1 maint: extra text: authors list, فلسفة هندية, مفاهيم فلسفية هندوسية, فلسفة الفلسفة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أوكرانيا: طلبنا من مجموعة السبع 50 مليار دولار لتغطية عجز الميزانية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:47
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 90%

الدفاع الروسية تعلن تصفية أكثر من ألف مرتزق أجنبي في أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:34
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 91%

سعر نفط الأورال الروسي أقل بنحو 29 دولاراً من خام برنت 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:17:40
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 94%

عسكريون يتبعون حكومة أفغانستان السابقة يحاربون ضد الروس بأوكرانيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:48
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 97%

لاعب أرجنتيني: رونالدو الأعظم.. وأغويرو يرد: لأنك لم تلعب مع ميسي!

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:37
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 92%

تركيا.. وقفات احتجاجية تضامنا مع فلسطين وتنديدا باقتحام الأقصى

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:33
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 88%

اعتقال نائبة رئيس الاتحاد الإيراني لكرة القدم بتهمة "الاحتيال"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:36
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 99%

176 مليون مرة بـ2022.. "تيك توك" التطبيق الأكثر تنزيلاً حول العالم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:17:33
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 93%

حماس تتوعد إسرائيل بإفشال مخططاتها الخبيثة مهما كلفها الثمن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:31
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 87%

رئيس بيلاروس يهنئ الأسد بعيد الجلاء

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:16:31
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

تونس تسابق الزمن لمنع تسرب نفطي من سفينة غارقة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:17:23
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 100%

إيران تنقل منشأة لأجهزة الطرد المركزي إلى موقع تحت الأرض

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-17 12:17:16
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 95%

تحميل تطبيق المنصة العربية