تل السلطان، أريحا
يقع تل السطان في سهل وادي الأردن، على بعد عشرة كيلومترات شمال البحر الميت. على عمق 250 مترا تحت سطح البحر يعتبر أخفض بقعة على وجه الأرض. وبتاريخه الذي يعود إلى العصر الحجري الحديث يمثل تل السلطان أقدم مدينة مأهولة في العالم. يرتفع تل السلطان 21 متراً عن مستوى الارض المحيطة به، وتصل مساحته إلى حواليخمسة هكتارات. ويقع بالقرب من نبع عين السلطان، وهونبع ماء فوار على مدار العام، وفي وسط منطقة زراعية خصبة ذات تربة طمية ومناخ شبه استوائي حار صيفاً ومعتدل شتاءاً.
يعهد مسقط تل السلطان بأريحا القديمة. وذكر في المصادر التاريخية والدينية، وظهر اسم أريحا مؤخراً على ختم من أواسط الألف الثاني قبل الميلاد.
منذ نهاية القرن التاسع عشر شهد تل السلطان أربع حملات تنقيب فهمية على مدار القرنين الماضيين. أولها تنقيبات تشارلز وارن لحساب صندوق استكشاف فلسطين في سنة 1868 تلا ذلك تنقيبات البعثة الألمانية النمساوية تحت اشراف سيلين وواتزنگر في الفترة ما بين 1907-1909. ثم تنقيبات جون گارستانگ ما بين 1930-1936. أما التنقيبات الرئيسية في المسقط فقد جرت ما بين 1952-1958 تحت اشراف كاثلين كنيون والتي أمكن من خلالها ثبيت تاريخ المسقط باستخدام طريقة مبتكرة في التنقيب. وبعد نقل الصلاحيات للسلطة الوطنية الفلسطينية استأنفت دائرة الأثار الفلسطينية التنقيب في المسقط بالتعاون مع جامعة روما - لاسپيينزا في اطار مشروع إعادة تقييم المسقط وتأهيله سياحياً.
كشفت التنقيبات المتعاقبة التاريخ الحضاري للمسقط، والذي يمتد على مدى عشرة آلاف عام، وتعود أقدم البقايا الأثرية في المسقط إلى الفترة النطوفية المتأخرة. وتتألف المواد الأثرية المكتشفة من أدوات صوانية، والتي تدل على وجود مخيم صيد بالقرب من عين السلطان.
وفي العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري (الألفية الثامنة ق.م.) تأسست في المسقط أول مستوطنة بشرية مستقرة في التاريخ. وتتكون من بيوت مستديرة مبنية باللبن الطيني يحيط بها سور يدعمة برج دائري ضخم تم الكشف عنه في خندق رقم 1. وفي الفترة التالية من العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري فقد شيدت البيوت على مخطط مستطيل الشكل عثر تحت أرضيات هذه البيوت على مدافن للأطفال وجماجم بشرية مكسوة بطبقة من الجص، تشير في أغلب الظن إلى ممارسات طقوسية قد ترتبط بعبادة السلف.
استمر السكن في تل السلطان في العصر الحجري الحديث الفخاري بعد فترة من الهجر التام. وشهدت هذه الفترة صناعة الفخارالذي اتى استجابة لللاحتياجات التخزينية المتزايدة للمجتمع الزراعي الأول. ويبدوان المسقط هجر مرة أخرى في العصر الحجري النحاسي (الألفية الرابعة ق.م.)، وظهرت دلائل هذه الفترة في المقابر فقط.
العصر البرونزي
شهدت أريحا القديمة تطوراً حضرياً كبيراً في بداية العصر البرونزي (الألفية الثالثة ق.م.)، وأصبحت احدى دويلات المدن الكنعانية، وقد تم الكشف عن بقايا البيوت في المنطقة الغربية من التل، وأبرز معالم هذه الفترة يمثل بسور المدينة المزدوج الذي شيد من اللبن. وقد تم الكشف عن أجزاء من هذا السور في مناطق التنقيب المتنوعة. وقد توقفت الحياة الحضرية في المسقط في الفترة ما بين 2300-2000 ق.م. (العصر البرونزي المبكر الرابع) و2000-1550 ق.م. (العصر البرونزي الوسيط)، حيث سادت في هذه الفترة الانتنطقية نمط حياة رعوي، ظهرت دلائله في القبور فقط.
وفي العصر البرونزي الوسيط عادت الحياة الحضرية مجدداً في المسقط، وقد تميزت هذه الحضارة بتطور الصناعة والتجارة اضافة إلى الزراعة. وأصبحت أريحا مركزاً حضرياً رئيسياً في منطقة وادي الأردن. وتمثلت أوجه الحضارة المادية في هذه الفترة في توسعة حدود المدينة وإنشاء المباني العامة، خصوصاً أسوار المدينة الضخمة. كما بينت مظاهر الحياة المادية تطوراً ملحوظاً في صناعة الفخار بظهور دولاب الفخار السريع والتعدين بتصنيع معدن البرونز. وقدمت محتويات قبور هذه الفترة من متعلقات شخصية للموتى ومرفقات جنائزية شهادة حياة عن جوانب الحياة اليومية في العصر البرونزي الوسيط.
|
وعاء من النمط B.A. III من الفخار الأحمر المحروق.
|
وعاء من النمط B.A. III من الفخار، عُثر عليها في خربة كراك.
|
كشفت التنقيبات الفلسطينية-الإيطالية في الجهة الجنوبية للتل عن بناء طيني ضخم من العصر البرونزي الوسيط الثاني، بما يشير إلى امتداد السكن خارج أسوار المدينة.
هجرت المدينة في العصر البرونزي المتأخر (القرن الرابع عشر ق. م.)، حيث أظهرت التنقيبات وجود دلائل أثرية بسيطة من هذه الفترة، بما يؤكد التناقض ما بين الرواية التوارتية التي تتحدث عن سقوط أسوار المدينة على سقط الطبول ونفخ المزامير، وحقيقة حتى المدينة لم تكن مسكونة في هذه الفترة. كما ظهرت بقايا اثرية ضئيلة من العصر الحديدي الثاني والفترة الفارسية، حيث هجر المسقط نهائياً. وفي الفترة اليونانية والرومانية انتقل مركز أريحا إلى مسقط تلول أبوالعلايق على ضفاف وادي القلط.
المراجع
- ^ أريحا > مواقع التراث الثقافي > تل السلطان
