ابن الخياط الدمشقي
أحمد بن محمد بن الخياط (450-517هـ/1058-1123م) هوأبوعبد الله أحمد بن محمد بن علي بن يحيى المعروف بابن الخياط الدمشقي. وهوشاعر من الكتاب يتصل نسبه بتغلب.
ولد في دمشق وكان أبوه خياطاً، فاشتهر بالنسبة إليه. نشأ بجوار الأمير أبي الفتيان ابن حيوس شاعر الشام عهدئذ، وود لوقد يكون مثله في الشاعرية ورغد العيش. كان كثير الترحل والسفر في بلاد العرب والعجم وعاد في نهاية المطاف إلى بلده دمشق حيث توفي.
قصد إلى حماة أول الأمر وهويافع، وتولى الكتابة لدى أميرها، ومدحه فعهد بابن الخياط المحرر. وانعطف إلى شيزر المشرفة على العاصي، ومدح صاحبها الأمير علي بن مقلد بن منقذ. ثم انطلق إلى حلب وكان يحكمها بنومرداس، آملا صحبة جاره القديم ابن حيوس وكان قد أسن، فعرض عليه شعره وحظي بمباركته وعطائه. ثم رحل إلى طرابلس ليعيش في كنف أمراء بني عمار الذين كانوا من خير الحكام صلاحاً وحباً للفهم والأدب، وفي طليعتهم صاحب طرابلس القاضي جلال الملك وأخوه فخر الملك. وقد قربوه وآثروه بالفضل، فأكثر من مديحهم، ونال جزيل عطاياهم. وما نطقه فيهم يعد من أحسن شعره كما حتى عيشه في رحابهم زهاء عشر سنوات 476-486هـ كان أزهى مراحل عمره ثراء وشهرة. ثم قصد صور ومدح واليها، ولم يطل مقامه فيها. وعاد إلى دمشق ليستأنف رحلة أبعد إلى بلاد العجم. فزار الري وخراسان. وغلبه الحنين إلى بلده، فعاد إلى مدينته وحط عصا الترحال فيها، وراح يمدح مقدمي أمرائها. وقد نعم بعطف أمير جيوشها مجد الدين عضب الدولة (أبق).
كان طلي الحديث، حلوالمجالسة، حسن المعشر، دمث الخلق. ولهذا قل هجاؤه وقل فخره.
لم يكن زاد ابن الخياط من علوم العربية، نحوها وصرفها وعروضها كبيراً، بسبب اضطراب الأحوال في بلده. غير أنه حرص على تأديب نفسه بعد ذلك، فحفظ الكثير من شعر السالفين.
وكان يعتمد على طبعه وذوقه أكثر مما يعتمد على فهمه وثقافته. وقد يترخص في شعره، ويتوسع في القياس ويتساهل في اللغة. وهوحريص على المنحى السلفي في صياغة قصائده. ويقل لديه الابتكار في الصور والمعاني كما تقل في شعره الصنعة والمعاودة والتنقيح، وآية ذلك جنوحه للارتجال في مثل الإخوانيات والمناسبات الاجتماعية والوصف. ومع ذلك أسقط من ديوانه بواكير أشعاره إذ عهد عنه بأنه مكثر، فكان ديوانه متوسط الحجم، وهوما ارتضاه وأقر تلميذه الشاعر القيسراني عليه، وهوراويته وجامع شعره وصانع ديوانه. أكثر شعره في المديح، وبعضه في الرثاء والوصف والإخوانيات والخمريات، وأقله في الغزل والهاتى.
وثمة قصيدة وحيدة في موضوعها قد تكون الأولى بصدد الحروب الصليبية. وهي داليّة مطولة نظمها في ليلة واحدة، وفيها يمدح أمير جيوشها عضب الدولة ويحضه على الجهاد:
فدتك الصواهلُ قُبّا وجُـرْدا
وشُمَّ القبائلِ شِيباً ومُرْدا
زعيم الجيوشِ لقد أعْجَزتَ
أياديك واصِفَها حتى تُحدّا
نطق له ابن حيوس يوماً: «كرمت عندي، ونعيت إليّ نفسي، فإن الشام لا تخلومن شاعر مجيد، فأنت وارثي». فكان من بعده حقاً أشعر شعراء الشام.
حقق ديوانه وقدم له خليل مردم بك في طبعة جديدة متقنة تلت طبعة النجف، وصدرت ضمن منشورات المجمع الفهمي العربي بدمشق سنة 1958.
المصادر
- عمر الدقاق. "ابن الخياط (أحمد بن محمد -)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- خليل مردم بك، مقدمة ديوان ابن الخياط ( نشر المجمع الفهمي العربي، دمشق 1958م).
- ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق محيي الدين عبد الحميد (القاهرة 1948).
- العماد الأصفهاني، خريدة القصر، الجزء الأول، قسم شعراء الشام، تحقيق شكري فيصل (المجمع الفهمي العربي، دمشق 1955).
