أبان بن سعيد بن العاص
" أنا أنصحكم ثم أبان بعدي "
حديث شريف
أبان بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ، أبوالوليد الأموي. توفي سنة 13 هـ، الموافق 634م، تأخر إسلامه وكان تاجراً موسوراً ، وهوالذي أجار عثمان بن عفان يوم الحديبية حين بعثه الرسـول 
رسولاً إلى مكة ، ثم أسلم قبل الفتـح بقليل. وهاجر إلى المدينة ، وقد استخدمه الرسول الكريم سنة ( 9هـ ) على البحرين. وهوابن سعيد بن العاص وهومن أكابر قريش، ابن عمّة أبي جهل.
أبان له سبع أخوة اثنان أسلما قبله وهما خالد بن سعيد وعمروبن سعيد واثنان ماتا علي دين الجاهلية وهما العاص بن سعيد وعبيدة بن سعيد وقد قتلا في غزوة بدر ولا يعهد الباقين. اسم زوجته فاطمة بنت صفوان الكنانية نطق ذلك بن إسحاق. هاجر إلى المدينة، وقد استخدمه الرسول الكريم سنةتسعة هـ علي البحرين ومات النبي وهووال عليها.
إسلامه
وقد كان سبب إسلام أبان بن سعيـد أنه اجتمع براهب وهوفي تجارة بالشام ، يقول أبان بعد عودته من الشام :( تفهمون أني بقرية يُنطق لها ( بامَرْدى ) وكان بها راهب لم يُرَ له وجه مذ أربعين سنة ، فبينا أنا ذات ليلة هنالك إذ النصارى يطيبون المصانع والكنائس ويصنعون الأطعمة ، ويلبسون الثياب ، فأنكرت ذلك منهم فقلت :( ما شأنكم ؟) ، نطقوا :( هذا راهب يُنطق له ( بُكا ) لم ينزل إلى الأرض ، ولم يُرَ فيها منذ أربعين سنة ، وهونازل اليوم ، فيمكث أربعين ليلة ، يأتي المصانع والكنائس وينزل على الناس ).
فلمّا كان من الغد هبط فخرجوا واجتمعوا ، وخرجت فنظرت إليه فإذا شيخ كبير ، فخرجوا وخرج معهم يطوف فيهم ، فمكث أياماً ، وإنّي قلت لصاحبِ منزلي :( امضى معي إلى هذا الراهب ، فإني أريد حتى أسأله عن شيء ).
فخرج معي حتى دخلنا عليه فقلت :( لي إليك حاجة ) ، فاخلني فقام مَنْ عنده ، فقلت :( إنّي رجل من قريش ، وإن رجُلاً منّا خرج فينا يزعم حتى الله عز وجلّ أوفده ، مثلما أوفد موسى وعيسى )، فنطق :( ممن هو؟) ، قلت :( من قريش ) ، نطق :( وأين بلدكم ؟) ، قلت :( تهامة ثم مكة ) ، نطق :( لعلّكم تجار العرب أهل بيتهم ؟) ، قلت :( نعم ) ، نطق :( ما اسم صاحبك ؟) ، قلت :( محمد ) ، نطق :( ألا أصِفُهُ لك ثم أقول لك عنه ؟) ، قلت :( بلى ).
نطق :( مُذْ كم خرج فيكم ؟) ، قلت :( منذ عشرين سنة أودون ذلك بقليل ) ، نطق :( فهويومئذ ابن أربعين سنة ) ، قلت :( أجل ) ، نطق :( هورجل سبطُ الرأس ، حسن الوجه ، قَصْدُ الطول ، شنّنُ اليدين ، في عينيه حُمْرة ، لا يقاتل ببلده ما كان فيه ، فإذا خرج منه نطق فظفر ، وظهر عليه ، يكثر أصحابه ويقلُّ عدوه ).
قلت :( ما أخطـأت من صفته ولا أمره واحـدةً ، فأبلغني عنه ) ، نطق :( ما اسمـك ؟) ، قلت :( أبان ) ، نطق :( كيـف أنت أصدقتَه أم كذّبتَه ؟) ، قلت :( بل كذّبتُهُ ) ، فحمل فضرب ظهري بكفٍ ليلة واحدة ، ثم نطق :( أيخط بيده ؟) ، قلت :( لا ) ، نطق :( هووالله نبي هذه الأمة ، والله ليظهرنَّ عليكم ، ثم ليظهرنَّ على العرب ، ثم ليظهرنَّ على الأرض ، لوقد خرج ).
فخرج مكانه ، فدخل صومعته ، وتشبّت الناس به ، وما أدخله صومعته غير حديثي ، فنطق :( اقرأ على الرجل الصالح السلام ).
فأسلم أبان -رضي الله عنه - بعد مرجعه من الشام ، كما حتى أخويه خالداً وعمراً لمّا قدما من هجرة الحبشة إلى المدينة بَعَثا إليه يدعُوَانه إلى الله ، فبادر وقَدِم المدينة مسلماً.
فضله
لمّا قدِمَ أبان بن سعيد بن العاص على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنطق :( يا أبان ! كيف من الممكن أن هجرت أهل مكة ؟). نطق :( هجرتهم وقد جهدوا -يعني المطر- وهجرت الإذْخِر -وهوشجر ذوثمر- وقد أعذق ، وهجرتُ الثمار وقد حاص )000فاغْرَوْرَقَتْ عَينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونطق :( أنا أنصحكم ثم أبان بعدي ).
البحرين
لمّا صدر الناس من الحجّ سنة تسعٍ بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبان بن سعيد إلى البحرين عاملاً عليها ، فسأله أبان حتى يحالف عبد القيس فأذِنَ له في ذلك ، ونطق :( يا رسول الله ! اعهد إلي عهداً في صدقاتهم وجزيتهم ، وما تجِرُوا به ). فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يأخذ من المسلمين ربع العشر ممّا تجِروا به ، ومن كلِّ حالم من يهودي أونصراني أومجوسي ديناراً ، الذكر والأنثى ، وخط الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى مجوس هَجَر يعرض عليهم الإسلام ، فإن أبَوْا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ، وخط لهم صدقات الإبل والبقر والغنم ، على فرضها وسنّتها كتاباً منشُوراً مختوماً في أسفله. وتوفي الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبان بن سعيد عامل على البحرين.
بعد وفاة الرسول
لمّا توفي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- وارتدّت العرب ، وارتدّ أهل هجـر عن الإسلام ، فنطق أبان بن سعيد لعبد القيس :( أبلغوني مأمني ). نطقوا :( بل أقمْ فلنجاهد معك في سبيل الله ، فإن الله معزّ دينه ، ومظهره على ما سواه ، وعبد القيس لم ترجع عن الإسلام ). نطق :( أبلغوني مأمني فأشهد أمر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه سلم- ، فليس مثلي يغيب عنهم ، فأحيا بحياتهم وأموت بموتهم ). فنطقوا :( لا تعمل ، أنت أعز الناس ، وهذا عليك وعلينا فيه منطقة ، يقول قائل : فرّ من القتال ).
ونطق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبان بعد عودته إلى المدينة :( ما كان حقك حتى تقدم ، وتهجر عملك بغير إذن إمامك ، ثم على هذه الحال ، ولكنك أمنته ). فنطق أبان :( إني والله ما كنت لأعمل لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولوكنت عاملاً لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنت عاملاً لأبي بكر في فضله وسابقته وقديم إسلامه ، ولكن لا أعمل بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000
وشاور أبوبكر أصحابه فيمن يبعث إلى البحرين ، فنطق له عثمان بن عفان :( ابعث رجلاً قد بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم ، فقدم عليهم بإسلامهم وطاعتهم ، وقد عهدوه وعهدهم ، وعهد بلادهم ). يعني العلاء بن الحضرمي ، فأبى عمر عليه ، ونطق :( أكْرِهْ أبان بن سعيد فإنه رجل قد حالفهم ). فأبى أبوبكر حتى يكرهه ونطق :( لا أعمل ، لا أكره رجلاً يقول : لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ). وأجمع أبوبكر بعثة العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
إستشهاده
الرويات في وفاته كثيرة:
- نطق الواقدي عن عمر بن عبد العزيز نطق " توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأبان بن سعيد على البحرين " ثم قدم أبان على أبي بكر الصديق وسار إلى الشام فقتل يوم أجنادين سنة 13 هـ وافق الواقدي في ذلك أكثر فهماء النسب.
- نطق بن إسحاق " اغتال يوم اليرموك".
- وقيل " اغتال يوم مرج الصفر".
- وقيل توفي سنة (27هـ) في خلافة عثمان بن عفان.
- وهناك روايات أخرى ذكرها ابن حجر العسقلاني، في كتاب الإصابة، لكن الراجحة هي الرواية الأولي.
المصادر
- كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني.
- الأعلام لخير الدين الزركلي، الجزء الأول ,ص 27، ط15، دار الفهم للملايين، بيروت / لبنان.
- تاريخ الإسلام 1: 378، للمضىي.
- حسن الصحابة 220.
- تهذيب ابن عساكر 2: 124.
- أعيان الشيعة. محسن الأمين، طبع بيروت - لبنان، تاريخ الطبع مفقود، منشورات دار التعارف.
