الفرزدق

عودة للموسوعة

الفرزدق

ديوان الفرزق. لقراءة الديوان، اضغط على الصورة.

الفرزدق، شاعر من شعراء العصر الأموي ومسماه همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي وكنيته أبوفراس وسمي الفرزدق لضخامة وتجهم وجهه ومعناها الرغيف، ولد الفرزدق في كاظمة لبني تميم، اشتهر بشعر المدح والفخر وشعر الهاتى.

حياته

ولد الفرزدق عام 38 للهجرة في كاظمة (الكويت حالياً)، وهوحفيد صعصعة بن ناجية التميمي الذي اشتهر بافتداء الموءودات من قومه في الجاهليّة، وأدرك الإسلام وكان كريماً جواداً، أمّا أبوه غالب فقد وفد على عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، فسأله: «ما عملت إبلك الكثيرة،يا ترى؟ فأجاب: ذعذعتها الحقوق وأمضىتها الحمالات والنوائب يا أمير المؤمنين. نطق: ذاك أحمد سبيلها». وكان لذلك أثر عميق في نفسيّة الفرزدق؛ فاعتدّ بآبائه وبعشيرته وقبيلته، وظلّ متمسّكاً بمآثرهم وكرمهم المسرف، فحين باع إبلاً له في المربد نثر أموالها على الناس، وأجار على قبر أبيه كشأن أجداده الجاهليين، كما نحر ناقته على قبر صديقه بشر بن مروان، ونشأ الفرزدق ذرب اللسان لا يوفّر في الهاتى قريباً أوغريباً، وأسرف في هاتى بني فُقيم لأنّهم قبلوا الدية، فنطق:

لقد آبت وفود بني فقيم بآلمِ ما تؤوب به الوفودُ

فاشتكوا منه إلى زياد بن أبيه، فطلبه، وخافه الفرزدق، فهرب من العراق قاطعاً البادية، واستجار بسعيد ابن العاص والي المدينة، فأجاره وأمّنه، ومدحه بقصائد بديعة منها:

ترى الغرّ الجحاجح من قريش إذا ما الأمر في الحدثان غالا
قياماً ينظرون إلى سعيدٍ كأنّهمُ يرون به هلالا

وسمعه الحطيئة وهوينشد هذه القصيدة فنطق: «هذا والله الشعر لا ما نُعلَّل به منذ اليوم!» وهان عليه تعرّضه لليث ضارٍ مقارنة بخوفه من زياد حيث يقول:

فلأنتَ أهون من زيادٍ جانباً امضىْ إليك مُخرِّم الأسفارِ

ولمّا بلغ زياداً قوله هذا رقّ له ونطق: لوأتاني لآمنته وأعطيته. فنطق الفرزدق:

نادىني زيادٌ للعطاء ولم أكن لآتِيَهُ ما ساق ذوحَسَبٍ وَفْرا

وانغمس في اللهووالاختلاف إلى دور القيان، وحينما ولي مروان بن الحكم المدينة، وكانت فيه شدّة على أصحاب اللهوهجر الفرزدق المدينة إلى مكّة، وبلغه نعي زياد فمضى إلى البصرة، ومدح عبيد الله بن زياد فأوسع له في مجالسه، ثمّ أتت فترة عبد الله ابن الزبير.

وكانت النوّار بنت أعين بن صعصعة عمّ الفرزدق قد ولّته أمرها كي يزوّجها من رجل، فلمّا توثّق من توليتها وأشهد عليها الشهود تزوّجها خدعة، فرحلت إلى الحجاز، واستجارت بخولة بنت منظور الفزاريّة زوج عبد الله بن الزبير، فنزل الفرزدق على بني عبد الله بن الزبير، فاستنشدوه واستحدثوه، ثمّ شفعوا له عند أبيهم، فجعل يشفعهم في الظاهر حتّى إذا صار إلى خولة قلبته عن رأيه، فمال إلى نوار، فنطق الفرزدق:

أمّا بنـوه فلم تُقبلْ شـفاعتُـهم وشُفّعتْ بنتُ منظورِ بنِ زبّانا
ليس الشفيعُ الذي يأتيكَ مؤتزراً مثلَ الشفيعِ الذي يأتيكَ عُريانا

وقد طلّق الفرزدق نوار بعد مشاحنات بينهما، وكان مزواجاً، ولكنّه ندم على تطليقه لها ندماً شديداً فنطق:

ندمتُ ندامـةَ الكُسعيِّ لمّا غدتْ منّي مطلّقةً نوارُ
ولوأنّي ملكتُ يدي وقلبي لكانَ عليّ للقدرِ الخيارُ
وكانت جنّتي وخرجت منها كآدم حينَ أخرجه الضرارُ
وكنتُ كفاقئٍ عينيهِ عمداً فأصبحَ ما يضيءُ له النهارُ

وحينما ولي الحجّاج العراق وكانت فيه قسوة خافه الفرزدق ومدحه بمدائح رائعة مثل:

إنَ ابن يوسف محمودُ خلائقه سيّان معروفُه في الناس والمطرُ
هوالشهاب الذي يُرمى العدوّ به والمشرفيُّ الذي تَعْصى به مُضرٌ

ونوّه كثيراً بسيرته وقضائه على الرشوة والمتمرّدين، وإقامته لموازين العدل، حتّى إذا توفّي رثاه رثاء حارّاً، فنطق:

ومات الذي يرعى على الناس دينهم ويضربُ بالهنديّ رأسَ المخالفِ

وبعد موت الحجّاج وتوليّ سليمان ابن عبد الملك الخلافة، أخذ يتعقّب ولاة الحجّاج وعمّاله؛ فانقلب الفرزدق فأقذع في هاتى الحجّاج، وانحاز إلى قبيلته تميم، ثمّ تولّى يزيد بن المهلّب جرجان، وحاول استقدام الفرزدق، ولكنّه أبى قائلاً:

نادىني إلى جرجان والريّ دونه لآتيه إنّي إذن لزؤور
سآبى وتأبى لي تميمٌ وربّما أبيتُ فلم يقدر عليّ أميرُ

حتّى إذا ولي يزيد العراق في عهد سليمان بن عبد الملك مضى يمدحه كقوله:

إنّي رأيتُ يزيد عند شبابه لبس التُّقى ومهابةَ الجبّار
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم خُضُعَ الرقابِ نواكسَ الأبصار

ووفد الفرزدق على سليمان بن عبد الملك، وكان أول من وفد عليه من خلفاء بني أميّة؛ فأصبح من شعراء بني أميّة، يمدح سليمان ويزيد بن عبد الملك، أمّا ولاة العراق فكان إذا خاف بطشهم مدحهم، أمّا إذا أّمِن شرّهم هجاهم.

ويعدّ الفرزدق من طبقة الشعراء الإسلاميين الأولى، وأَكْثَر الفخر والمدح والهاتى، وله مناقضات شهيرة مع جرير، واختلف الناس في أيّهما أشعر، ونطق بعض النقّاد الفرزدق ينحت من صخر وجرير يغرف من بحر، ورجّح الراعي كفّة الفرزدق فنطق:

يا صاحبيّ دنا الرواحُ فسيرا غلبَ الفرزدقُ في الهاتىِ جريرا

ونطق اللغويّون: لوضاع شعر الفرزدق لضاع ثلث اللّغة. وكانت للفرزدق مساجلات مع اللّغويين والنحاة، فحينما سمع عبد الله بن إسحاق النحويُّ قول الفرزدق:

مستقبلين شمال الشّام تضربنا بحاصبٍ كنديفِ القطنِ منثورِ
على عمائمنا يُلـقى وأرحلنا على زواحفَ تُزجى مخُّها ريرِ

نطق: موضع «رير» الحمل وإن حملتَ أقويتَ! فهجاه الفرزدق ببيت غدا شاهداً للنحاة:

فلوكان عبد الله مولى هجوتُه ولكنّ عبدَ اللهِ مولى مواليا

فهويعهد أنّه ينبغي حتى يقول آخر البيت مولى موالٍ، ولكنّه أرادها شاهداً على إمكانيّة حتى تأتي مولى مواليا، تبرّماً من قيود النحاة.

وقد أكثر الفرزدق من شعر الفخر كقوله:

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا

ومن أجود شعره في الوصف والفخر:

وركبٍ كأنّ الريحَ تطلبُ عندهم لها تِـرَةً من جذبها بالعصائبِ
يعضّون أطرافَ العِصيِّ كأنّها تُخَزِّمُ بالأطرافِ شوكَ العقاربِ
سروا يخبطونَ اللّيلَ وهي تلفّهم على شُعبِ الأكوارِ من كلّ جانبِ
إذا ما رأوا ناراً يقولون: لـيتها وقد خَصِرَت أيديـهم، نارُ غالبِ

ويروى أنّ الفرزدق في آخر أيّامه تعلّق بأستار الكعبة وعاهد الله على هجر الهاتى والقذف، وقيّد نفسه بقيد وآلى ألاّ يفكّه حتّى يحفظ القرآن، فما فكّه حتّى حفظه.

وتوفي الفرزدق عن عمر ناهز التسعين عاماً، وعلى الرغم مما كان بينه وبين جرير من مهاترات وهاتى مقذع إلاّ أنّ جريراً حزن حزناً شديداً لموت الفرزدق وأبّنه قائلاً:

فلا حملتْ بعـد الفرزدق حرّةٌ ولا ذاتُ حملٍ من نفاسٍ تعلّتِ
هوالوافدُ الميمونُ والراتقُ الثّأى إذا النعلُ يوماً بالعشيرةِ زلّتِ

ونطق: «أما واللهِ إنّي لأفهمُ أنّي قليل البقاءِ بعده، ولقد كان نجمنا واحداً، وكلّ واحدٍ منّا مشغول بصاحبه»، وبقي حزيناً ونطق: «أطفأ موتُ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيّتي». فعاش بعده أربعين يوماً.


من شعره

اقرأ نصاً ذا علاقة في

الفرزدق


  • قصيدته في علي بن الحسين
  • تَضاحَكَت أَن رَأَت شَيباً
  • سَما لَكَ شَوقٌ
  • أَبيتُ أُمَنّي النَفسَ
  • بِشرِ بنِ مَروانَ
  • أَوفى وَزادَ وَفاؤُهُ
  • بَنومَروانَ
  • عِرسي سُوَيدَةُ
  • مدح الركب
  • هاتى الباهلي
  • غِيّاً لِباهِلَةَ
  • دَعاني جَريرُ
  • أَنا اِبنُ ضَبَّةَ
  • البَيتُ الَّذي أَنتَ هايِبُه
  • الشيب والشباب
  • أَبوكَ وَعَمّي
  • أَبا حاتِمٍ
  • أَبانَ بنَ الوَليدِ
  • ملك بَني مَروانَ
  • أَلَم يَكُ جَهلاً
  • رَأَيتُ نَوارَ
  • بَني تَميمٍ
  • يا هِندُ
  • في العقل

رثاء جرير للفرزدق

لعمري لقد أشجى تميماً وهدها على نكبات الدهر موت الفرزدق
عشية راحوا للفراق بنعشه إلى جدثٍ في هوة الأرض معمقِ
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي إلى جميع نجم في السماء محلقِ
ثوى حامل الأثنطق عن جميع مُغرمٍ ودامغ شيطان الغشوم السملقِ
عماد تميم كلها ولسانها وناطقها البذاخ في جميع منطقِ
فمن لذوي الأرحام بعد ابن غالبٍ لجارٍ وعانٍ في السلاسل موثقِ
ومن ليتيم بعد موت ابن غالب وأم عيال ساغبين ودردقِ
ومن يطلق الأسرى ومن يحقن الدما يداه ويشفي صدر حران مُحنَقِ
وكم من دمٍ غالٍ تحمل ثقله وكان حمولاً في وفاءٍ ومصدقِ
وكم حصن جبار هُمامٍ وسوقةٍ إذا ما أتى أبوابه لم تغلق
تفتح أبواب الملوك لوجهه بغير حجاب دونه أوتملُقِ
لتبكِ عليه الأنس والجن إذ ثوى فتى مُضرٍ في جميع غربٍ ومشرقِ
فتىً عاش يبني المجد تسعين حجةً وكان إلى الخيرات والمجد يرتقي
فما توفي حتى لم يُخلف وراءه بحية وادٍ صولةً غير مصعقِ

الفرزدق وجرير وآل البيت

نظم في معظم فنون الشعر المعروفة في عصره وكان يكثر الفخر يليه في ذلك الهاتى ثم المديح، مدح الخلفاء الأمويين بالشام، ولكنه لم يدم عندهم لمناصرته لآل البيت. كان معاصرا لأخطل لجرير الشاعر أيضا، وكانت بينهما صداقة حميمة، إلا حتى النقائض بينهما أوهمت البعض حتى بينهم تحاسدا وكرها، وانشعب الناس في أمرهما شعبتين لكل شاعر منهما فريق، لجرير في الفرزدق رثاء جميل.

كانت للفرزدق مواقف محمودة في الذود عن آل البيت. وكان ينشد بين أيدي الخلفاء قاعدا. واتى في كتاب الموجز في الشعر العربي للشاعرالعراقي فالح الحجية الكيلاني انه لقب بالفرزدق لجهامة ووجوم في وجهه يكاد لايفارقه مدح قومه وفخر بهم ومدح العلويين وتعصب لهم الاانه مدح الامويين تقيا وتخوفا ويتميز شعره بقوة الأسلوب والجودة الشعرية وقد ادخل في الشعرالعربي الكثير من الالفاظ الغريبة وبرع في المدح والفخر والهاتى والوصف) يقول أهل اللغة:

لولا شعر الفرزدق لمضى ثلث العربية

كان مقدما في الشعراء، وصريحا جريئًا، يتجلى ذلك عندما يعود له الفضل في أحياء الكثير من الحدثات العربية التي اندثرت. من قوله:

إذا مت فابكيني بما أنا أهله فكل جميل قلته فيّ يصدق
وكم قائل توفي الفرزدق والندى وقائلة توفي الندى والفرزدق

قدم هشام بن عبد الملك للحج برفقة حاشيته وقد كان معهم الشاعر العربي الفرزدق وكان البيت الحرام مكتظاً بالحجيج في تلك السنه ولم يفسح له المجال للطواف فجلب له متكأ ينتظر دوره وعندما قدم الامام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب انشقت له صفوف الناس حتى ادرك الحجر الاسود فثارت حفيظة هشام واغاضه ما عملته الحجيج لعلي بن الحسين فسئل هشام بن عبد الملك من هَذا؟

فأجابه الشاعر العربي الفرزدق هذه القصيدة وهي من اروع مانطقه الفرزدق:

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ هذاالتّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا،يا ترى؟ بضَائرِه العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثنطقِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُوعندَهُ نَعَمُ
ما نطق: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ
إذا رَأتْهُ قُرَيْشٌ نطق قائِلُها إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فضْلُ الآنْبِياءِ لَهُ وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ أوْ قيل: من خيرُ أهل الأرْض،يا ترى؟ قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ سِيّانِ ذلك: إذا أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ

وأيضا له قصائد في الحذر ومنها:

وأطلس عسال وما كان صاحبا دعوت بناري موهنا فأتناي
فلما دنا قلت ادن دونك إني وإياك في زادي لمشهجران

كان جد الفرزدق يشتري المؤودات في الجاهلية ثم أسلم أبوه بعد ظهور الإسلام. تربى الفرزدق في البادية فاستمد منها فصاحته وطلاقة لسانه. وكان من فخر الفرزدق وهجاؤه لجرير ما يلي من الأبيات :

إنّ الذي سَمَكَ السّماءَ بَنى لَنَا بَيْتاً، دَعَائِمُهُ أعَزُّ وَأطْوَلُ
بَيْتاً بَنَاهُ لَنَا المَلِيكُ ومَا بَنى حَكَمُ السّمَاءِ، فإنّهُ لا يُنْقَلُ
بَيْتاً زُرَارَةُ مُحْتَبٍ بِفِنَائِهِ وَمُجاشِعٌ وَأبُوالفَوَارِسِ نَهْشَلُ
يَلِجُونَ بَيتَ مُجاشعٍ وَإذا احتبوْا بزُوا كَأنّهُمُ الجِبَالُ المُثّلُ
لا يَحْتَبي بِفِنَاءِ بَيْتِكَ مثْلُهُمْ أبداً إذا عُدّ الفَعَالُ الأفْضَلُ
مِنْ عِزِّهمْ جَحَرَتْ كُلَيبٌ بَيتَها زَرْباً كَأنّهُمُ لَدَيْهِ القُمّلُ
ضَرَبتْ عَليكَ العنكَبوتُ بنَسْجِها وَقَضَى عَلَيكَ بهِ الكِتابُ المُنْزلُ
أينَ الّذِينَ بِهمْ تُسَامي دارماً أمْ مَنّ إلى سَلَفَيْ طُهَيّةَ تَجعَلُ
يَمْشُونَ في حَلَقِ الحَديدِ كما مَشتْ جُرْبُ الجِمالِ بها الكُحَيلُ المُشعَلُ
وَالمانِعُونَ، إذا النّساءُ تَرَادَفَتْ، حَذَرَ السِّبَاءِ جِمَالُهَا لا تُرْحَلُ
يَحمي، إذا اختُرِطَ السّيوفُ، نِساءنا ضَرْبٌ تَخِرّ لَهُ السّوَاعِدُ أرْعَلُ
وَمُعَصَّبٍ بِالتّاجِ يَخْفِقُ فَوْقَهُ خِرَقُ المُلُوكِ لَهُ خَميسٌ جَحفلُ
مَلِكٌ تَسُوقُ لَهُ الرّمَاحَ أكُفُّنَا، مِنْهُ نَعُلّ صُدُورَهُنّ وَنُنْهِلُ
قَدْ مَاتَ في أسَلاتِنَا أوْ عَضَّهُ عَضْبٌ بِرَوْنَقِهِ المُلُوكُ تُقَتَّلُ
وَلَنا قُرَاسِيَةٌ تَظَلّ خَوَاضِعاً مِنْهُ مَخافَتَهُ، القُرُومُ البُزّلُ
مُتَخَمِّطٌ قَطِمٌ لَهُ عَادِيّةٌ فيها الفَرَاقِدُ وَالسِّماكُ الأعْزَلُ
ضَخمُ المَناكِبِ تحتَ شَجْرِ شؤونِهِ نابٌ إذا ضَغَمَ الفُحْولَةَ مِقْصَلُ
وَإذا دَعَوْتُ بَني فُقَيْمٍ جَاءَني مَجْرٌ لَهُ العدَدُ الذي لا يُعدَلُ
وَإذا الرّبائِعُ جَاءَني دُفّاعُهَا مَوْجاً كَأنّهُمُ الجَرَادُ المُرْسَلُ
هذا وفي عَدَوِيّتي جُرْثُومَةٌ صَعْبٌ مَناكِبُها، نِيافٌ، عَيطَلُ
وإذا البَرَاجِمُ بالقُرُومِ تخاطَرُوا حَوْلي بأغْلَبَ عِزُّهُ لا يُنْزَلُ
وإذا بَذَخْتُ وَرَايَتي يَمْشِي بهَا سُفيانُ أوعُدُسُ الفَعالِ وَجَندَلُ
الأكْثَروُنَ إذا يُعَدّ حَصَاهُمُ والأكْرَمُونَ إذا يُعَدّ الأوّلُ
وَزَحَلْتَ عَن عَتَبِ الطّرِيقِ وَلم تجدْ قَدَماكَ حَيثُ تَقُومُ، سُدَّ المَنقَلُ
إنّ الزّحَامَ لغَيرِكُمْ، فَتَحَيّنُوا وِرْدَ العَشِيّ، إلَيْهِ يَخْلُوالمَنهَلُ
حُلَلُ المُلُوكِ لِبَاسُنَا في أهْلِنَا وَالسّابِغَاتِ إلى الوَغَى نَتَسَرْبَلُ
أحْلامُنَا تَزِنُ الجِبَالَ رَزَانَةً وَتَخَالُنَا جِنّاً، إذا مَا نَجْهَلُ
فادْفَعْ بكَفّكَ، إنْ أرَدْتَ بِنَاءنا ثَهْلانَ ذا الهَضَباتِ هل يَتَحَلحلُ
وأنَا ابنُ حَنظَلَةَ الأغَرُّ وَإنّني في آلِ ضَبّةَ، لَلْمُعَمُّ المُخْوَلُ
فَرْعانِ قَدْ بَلَغَ السّماءَ ذُراهُمار وَإلَيهِما مِنْ كلّ خَوْفٍ يُعْقَلُ
فَلَئِنْ فَخَرْتُ بِهمْ لِمثْلِ قَديِمِهِم أعْلُوا الحُزُونَ بِهِ وَلا أتَسَهّلُ
زَيْدُ الفَوارِسِ وَابنُ زَيْدٍ منهُمُ وأبُوقَبِيصَةَ وَالرّئيسُ الأوّلُ
أوْصَى عَشِيّةَ حِينَ فَارَقَ رَهْطَه عندَ الشّهادَةِ وَالصّحيفَةِ، دَغفَلُ
إنّ ابنَ ضَبّةَ كانَ خَيراً وَالِداً وَأتَمُّ في حَسَبِ الكهرَامِ وأفضَلُ
مِمّنْ يَكُونُ بَنُوكُلَيْبٍ رَهْطَهُ أوْ مَنْ يَكُونُ إلَيْهِمُ يَتَخَوّلُ
وَهُمُ على ابنِ مُزَيْقِيَاءَ تَنَازَلُوا والخَيلُ بَينَ عَجاجَتَيها القَسطَلُ
وَهُمُ الذينَ على الأمِيلِ تَدارَكُوا نَعَماً يُشَلُّ إلى الرّئيسِ وَيُعكَلُ
وَمُحْرِّقاً صَفَدُوا إلَيْهِ يَمِينَهُ بِصِفادَ مُقْتَسَرٍ، أخُوهُ مُكَبَّلُ
مَلِكَانِ يَوْمَ بزَاخَةٍ قَتَلُوهُمَا وَكِلاهُمَا تَاجٌ عَلَيْهِ مُكَلَّلُ
وَهُمُ الذِينَ عَلَوْا عَمَارَةَ ضَرْبَةً فَوْهَاءَ، فَوْقَ شُؤونِهِ لا تُوصَلُ
وَهُمُ، إذا اقتَسَمَ الأكابِرُ رَدَّهُمْ وَافٍ لضَبّةَ، وَالرّكَابُ تُشَلَّلُ
جَارٌ، إذا غَدَرَ اللّئَامُ وَفَى بِهِ حَسَبٌ، وَدَعْوَةُ مَاجِدٍ لا يُخذَلُ
وَعَشِيّةَ الجَمَلِ المُجَلَّلِ ضَارَبُوا ضَرْباً شُؤونُ فَرَاشِهِ تَتَزَيّلُ
يا ابن المَرَاغَةِ! أيْنَ خَالُكَ؟ إنّني خالي حُبيشٌ ذوالفَعالِ الأفضَلُ
خالي الذي غَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهمْ وإلَيْهِ كَانَ حِبَاءُ جَفْنَةَ يُنْقَلُ
إنّا لَنَضرِبُ رَأسَ كُلّ قَبِيلَةٍ وأَبُوكَ خَلْفَ أتَانِهِ يَتَقَمّلُ
وَشُغِلتَ عن حَسبِ الكِرَامِ وَما بَنَوا إنّ اللّئيمِ عَنِ المَكَارِمِ يُشْغَلُ
إنّ الّتي فُقِئَتْ بِهَا أبْصَارُكُمْ وَهي التي دَمَغَتْ أباكَ، الفَيصَلُ
وَهَبَ القَصَائدَ لي النّوابغُ إذْ مَضَوْا، وَأبُويَزِيدَ وَذوالقُرُوحِ وَجَرْوَلُ
وَالفَحْلُ عَلقَمَةُ الذي كانَتْ لَهُ حُلَلُ المُلُوكِ كَلامُهُ لا يُنحَلُ
وَأخوبَني قَيْسٍ، وَهُنّ قَتَلْنَهُ وَمُهَلْهِلُ الشّعَرَاءِ ذاكَ الأوّلُ
وَالأعْشَيانِ، كِلاهُمَا، وَمُرَقِّشٌ وَأخُوقُضَاعَةَ قَوْلُهُ يُتَمَثّلُ
وَأخُوبَني أسَدٍ عَبِيدٌ، إذْ مَضَى وَأبُودُؤادٍ قَوْلُهُ يُتَنَحّلُ
وَابْنَا أبي سُلْمَى زُهَيْرٌ وَابْنُهُ وَابنُ الفُرَيعَةِ حِينَ جَدّ المِقْوَلُ
وَالجَعْفَرِيُّ، وَكَانَ بِشْرٌ قَبْلَهُ لي من قَصائِدِهِ الكِتابُ المُجمَلُ
وَلَقَدْ وَرِثْتُ لآلِ أوْسٍ مَنْطِقاً كَالسّمّ خالَطَ جانِبَيْهِ الحَنْظَلُ
وَالحارِثيُّ، أخُوالحِمَاسِ، وَرِثْتُهُ صَدْعاً كما صَدَعَ الصَّفاةَ المِعْوَلُ
يَصْدَعنَ ضَاحيَةَ الصَّفا عن مَتنِها وَلَهُنّ مِنْ جَبَلَيْ عَمايَةَ أثْقَلُ
دَفَعُوا إليّ كِتابَهُنّ وَصِيّةً فَوَرِثْتُهُنّ كَأنّهُنّ الجَنْدَلُ
فِيهِنَّ شَارَكَني المُسَأوِرُ بَعْدَهُمْ وأخُوهَوَازِنَ وَالشّآمي الأخطَلُ
وَبَنُوغُدانَةَ يُحْلِبُونَ وَلَمْ يكُنْ خَيْلي يَقُومُ لها اللّئِيمُ الأعْزَلُ
فَلَيَبْرُكَنْ، يا حِقَّ، إنْ لمْ تَنتهوا مِنْ مَالِكيَّ على غُدانَةَ كَلكَلُ
إنّ استرَاقَكَ يا جَرِيرُ قَصَائِدِي مِثْلُ ادِّعَاءِ سِوَى أبِيكَ تَنَقَّلُ
وابنُ المَرَاغَةِ يَدَّعي مِنْ دارِمٍ وَالعَبْدُ غَيرَ أبِيه قَدْ يَتَنَحّلُ
لَيْسَ الكِرامُ بناحِليكَ أبَاهُمُ حتى تُرَدّ إلى عَطيّةَ تُعْتَلُ
وَزَعَمْتَ أنّكَ قَدْ رَضِيتَ بما بَنى فَاصْبِرْ فما لكَ، عَن أبيكَ، مُحَوَّلُ
وَلَئِنْ رَغِبتَ سوى أبيكَ لتَرْجِعَنْ عَبْداً إلَيْهِ، كَأنّ أنْفَكَ دُمَّلُ
أزْرَى بجَرْيِكَ أنّ أُمّكَ لمْ تَكُنْ إلاّ اللّئِيمَ مِنَ الفُحْولَةِ تُفحَلُ
قَبَحَ الإلَهُ مَقَرّةً في بَطْنِهَا مِنْهَا خَرَجْتَ وَكُنتَ فيها تُحمَلُ
وإذا بَكَيْتَ على أُمَامَةَ فاستَمعْ قَوْلاً يَعُمّ، وَتَارَةً يُتَنَخّلُ
أسألْتَني عنْ حُبْوَتي ما بَالُها فياسألْ إلى خَبَرِي وَعَمّا تَسْألُ
فاللّؤمُ يَمْنَعُ مِنْكُمُ أنْ تَحْتَبُوا والعِزُّ يَمْنَعُ حُبْوَتي لا تُحْلَلُ
والله أثْبَتَهَا، وَعِزٌّ لَمْ يَزَلْ مُقْعَنْسِساً، وَأبِيك، ما يَتَحوّلُ
جَبَلي أعَزُّ، إذا الحْرُوبُ تكَشّفَتْ مِمّا بَنى لَكَ وَالِداكَ وَأفْضَلُ
إني ارْتَفَعْتُ عَلَيْكَ كُلَّ ثَنِيّةٍ وَعَلَوْتُ فَوْقَ بَني كُلَيبٍ من عَلُ
هَلاّ سَألْتَ بَني غُدانَةَ ما رَأوْا حَيْثُ الأتَانُ إلى عُمُودِكَ تُرْحَلُ
كَسَرَتْ ثَنِيّتَكَ الأتَانُ، فَشاهِدٌ مِنْها بِفِيكَ مُبَيَّنٌ مُستَقْبَل


المصادر

  1. ^ عبد الكريم عيد الحشاش. "الفرزدق". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-04-16.

المراجع

  • الأصفهاني، الأغاني (دار الخط الفهمية، بيروت 1992).
  • عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب، تحقيق عبد السلام هارون (الهيئة المصريّة، 1971).
  • أبوعبيد الله المرزبانيّ، معجم الشعراء، تحقيق د. ف. كرنكو(دار الخط الفهميّة، بيروت 1982).
  • الطبري، تاريخ الطبري (دار المعارف، مصر 1970).
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:49:51
التصنيفات: تابعون, شعراء العصر الأموي, شعراء القرن السابع, شعراء نجديون, شيعة عراقيون, مواليد 658, وفيات 728

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اتفاقية لتنفيذ مشروع الشهادات الدولية المهنية في التدريس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:02
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

"هيئة الولاية" تدرس أوضاع القاصرين السعوديين في مصر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:50
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

هيئة الأدب والنشر والترجمة تُدشن غداً معرض جدة للكتاب 2022

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:59
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

اجتماع الحكومة: دراسة ملفلات تتصل بعدة قطاعات

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

ياسين بونو.. أسد المغرب الذي أقبر آمال "لاروخا" بأدائه "البطولي"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:25:43
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

تحذير تونسي من مخطط إخواني لتشويه الانتخابات التشريعية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:57
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

الجيش الوطني الشعبي يوقف 5 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:24
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

الخليفي يوضح موقف سان جيرمان من ضم رونالدو

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:25:03
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 62%

ياسين بونو.. أسد المغرب الذي أقبر آمال "لاروخا" بأدائه "البطولي"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:25:48
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

شابة ضمن عصابة إجراميّة لسرقة المركبات في عنابة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 56%

ضبط 11 مخالفا لنظام البيئة بحوزتهم حطب محلي معروض للبيع

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

سكان عمارة يحبطون عملية سرقة شقة بذراع الريش 

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-07 18:24:07
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية