أبوالعباس أحمد
أبوالعباس أحمد هوالابن الأكبر لمولاي الحسن الحفصي، وقد افتك الحكم من والده عام 1543 وكانت تونس آنذاك تحت الحماية الإسبانية، واستمر على العرش الحفصي إلى عام 1573.
ترجمته
عند عزل والده أبي عبد الله الحسن، خيّره أبوالعباس أحمد بين الموت أوسمل عينيه. فخير الوالد أنت يعيش أعمى. وهجره ابنه حرا، اعتقادا منه أنه لم يعد مخيفا. أما الحاكم الإسباني لحلق الوادي فقد كان يخير على السلطان أبي العباس أحمد أخاه عبد الملك الذي استغل غياب مولاي أحمد، ليدخل مدينة تونس خلسة ويسيطر على قصبتها وأعرب نفسه سلطانا. وقد طلب منه الإسبان الذين ساندوه حتى يدفع لهم ما تأخر دفعه من الضريبة السنوية وغيرها من التعويضات. وقد لبى لهم مطلبهم، غير أنه توفي بعد 36 يوما بسبب دس السم له. وعندئذ أوفد سكان مدينة تونس وفدا عنهم إلى النائب الإسباني من أجل إطلاق سراح أحد أبناء أبي عبد الله محمد الحسن والذي كان رهينة لدى الإسبان، مطالبين بتنصيبه على العرش. غير حتى الحاكم الإسباني توفار (Tovar) قدّر حتى هذا الأمير لن يخدم مصالح إسبانيا، وفرض تسمية أحد أبناء عبد الملك لم يكن له من العمر إلا 12 عاما. ورغم حماية الإسبان له، فإن هذا الأمير بدا عاجزا على مجابهة الأوضاع الصعبة. أما أبوالعباس أحمد الذي لجأ إلى داخل البلاد، فقد استطاع حتى يجلب إلى صفه قبائل البدوالتي جندت لفائدته مجموعات مسلحة تمكن بفضلها من السيطرة على قصبة تونس، ولم يبق للأمير الصغير إلا اللجوء إلى الإسبان بحلق الوادي. عندئذ ولج هؤلاء في محادثات مع أبي العباس أحمد ليتحالف معهم، وهوما أفضى إلى عقد اتفاقيات سلام وصداقة بتاريخ 24 جانفي 1547، و5 جانفي 1548 و28 ديسمبر 1550. وكانت مدة المعاهدة الأخيرة ست سنوات ووافق كارلوس الخامس على تمديدها فيستة جوان 1555. في الأثناء ورغم فقدان بصره، فإن مولاي الحسن لم ييأس من استعادة عرشه. إذ اصطحب معه عام 1548 اثنين من المخلصين له واتجه نحوإيطاليا، ومنها إلى آوغسبورغ حيث التقى كارلوس الخامس. ولا شك أنه تلقى وعودا من الإمبراطور، إذ اصطحب الإسبان عام 1550 عند حصارهم للمهدية لطرد الرايس العثماني درغوث بعد حتى جعل من تلك المدينة نقطة ارتكاز. وعلى أية حال فقد توفي مولاي الحسن خلال حصار المهدية، وربماقد يكون قد تم تسميمه من قبل مبعوثين أوفدهم ابنه مولاي أبوالعباس أحمد.
وعند استيلاء الإسبان على مدينة المهدية نصّبوا فيها ابن مولاي أحمد. غير حتى القبائل التونسية لم تهدأ ولم تعد المدن الساحلية في مأمن. وأمام انعدام الأمن في البلاد، دعّم الإسبان تحصيناتهم بحلق الوادي. غير حتى مولاي أحمد لم يحترم بنود الاتفاقيات التي سقطها مع الإسبان، حيث لم يدفع الضريبة لصيانة الحامية الإسبانية. أما العثمانيون فرغم عدم نجاح هجومهم على مالطا، فإنهم أصبحوا يهددون المواقع الإسبانية. وهوما حدا بفيليب الثاني الذي خلف كارلوس الخامس على عرش إسبانيا، حتى يأمر بتدعيم التحصينات الإسبانية. وفي عام 1569 قرر علج علي الذي كان واليا على الجزائر ويعمل باتفاق مع السلطان العثماني، الاستيلاء على مدينة تونس التي كانت بأيدي الإسبان منذ عام 1535. وأمام هذا التهديد، اقترب مولاي أحمد من الحاكم الإسباني طالبا منه مساعدة عسكرية. غير حتى هذا الأخير بالكاد تتوفر لديه القوات الكافية لحماية حلق الوادي، فلم يقدم أية مساعدة إلى السلطان الحفصي الذي قرر حتى يقابل علج علي بمفرده. وبمجرد حتى سقطت الاشتباكات الأولى انهزم مولاي أحمد في باجة ثم في سيدي علي الحطاب، وفر جنوده، أما هوفقد لجأ إلى الحصن الإسباني بحلق الوادي. فدخل علج علي مدينة تونس في نهاية شهر ديسمبر 1569 وحاول حتى يستولي على حلق الوادي غير حتى محاولته لم تكلل بالنجاح. أما مولاي أحمد، فقد طلب من الإسبان مساعدته غير أنهم اشترطوا عليه مقاسمة الحكم فرفض، فعزلوه وولوا أخاه أبي عبد الله محمد، فعاش بعد ذلك في صقلية على مرتب خصص له، ثم أعيد إلى تونس ميتا .
الهامش
- ^ محمد الحبيب الهيلة،المفتي أبوالقاسم عظوم في عصره، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون، تونس، 2010، ص 25
سبقه أبوعبد الله الحسن |
سلطان حفصي (تونس) 949هـ-976هـ/1543م- 1569م |
تبعه أبوعبد الله محمد بن الحسن |