مارش رادتسكي (رواية)
هذا الموضوع مبني على منطقة لابراهيم العريس بعنوان . |
Radetzky March | |
---|---|
المؤلف | يوسف روت |
العنوان الأصلي | Radetzkymarsch |
البلد | النمسا |
اللغة | الألمانية |
النوع | رواية |
تاريخ النشر | 1932 |
نمط الطباعة | مطبوع (غلاف مقوى وغلاف ورقي) |
ISBN | 978-1585673261 (الترجمة الإنگليزية يواخيم نويگروشل) |
OCLC Number | 124041549 |
قبر الامبراطور |
مارش رادتسكي (بالألمانية: Radetzkymarsch، بالإنگليزية: Radetzky March، 1932) بقلم يوسف روت تؤرخ لاضمحلال وسقوط الامبراطورية النمساوية-المجرية من خلال سيرة ترقي أسرة تروتـّا إلى النبالة. مارش رادتسكي هومثال روائي مبكر لسيرة تعرض المشاركة السردية الخيالية المتكررة لشخصية تاريخية، الامبراطور فرانز يوسف الأول من النمسا (1830–1916)؛ وتتواصل سيرة أسرة تروتا في قبر الامبراطور (سجل الكبوشيين Kapuzinergruft، 1938).
في العام 1939 توفي في باريس رجل بالكاد تعرّف اليه في أيامه الأخيرة أحد. كان مدمناً على الكحول، شريداً، فقيراً وبائساً، تماماً مثلما كان قد صار حال الامبراطورية التي أمضى آخر سنوات حياته يحنّ اليها، الامبراطورية النمسوية-المجرية. ولئن لم يقيّض لذلك الرجل من يؤبّنه، فور موته على الأقل، كما كان يجدر به حتى يؤبن، فإنه هوكان، في رواية واحدة له على الأقل، قد أبّن تلك الامبراطورية، وخط عن نهاياتها بعض أروع الصفحات الأدبية/التاريخية خلال النصف الأول من القرن العشرين. اسم الرجل جوزف روث. أما الرواية التي ستخلد اسمه، بعد سنوات من موته فحملت عنواناً لم يكن من عنده بل من عند الموسيقي النمسوي الشهير يوهان شتراوس الأب: «مارش راديتسكي». وهنا يمكننا ان نقول ان اختيار العنوان في حد ذاته كان بؤساً آخر يضاف الى ضروب بؤس جوزف روث، إذ مهما عمل كان من الواضح ان اسم مقطوعة شتراوس سيظل طاغياً على اسم روايته.
ومع هذا يمكننا حتى نقرّ مع معظم مؤرخي الأدب في القرن العشرين بأن «مارش راديتسكي» - الرواية - أتت واحدة من أبرز الأعمال الأدبية في زمنها، ونصاً تقفز الحدثات والعبارات فيه قفزاً لتعبر عن عالم وفترة ومناخ، وعن موت محتم.
الموت هنا هو، بالطبع، موت تلك الامبراطورية التي كانت من أكبر وأخطر ما في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين على الأقل، والامبراطورية التي تقول خرافات التاريخ، حتى بضع رصاصات أطلقت في سراييڤوذات يوم صيفي من العام 1914، من قبل طالب صربي، لتقتل «أرشيدوق النمسا»، كانت كافية لإزالتها من الوجود. والحقيقة ان رواية جوزف روث تأتي لتفسر لنا كيف من الممكن أن حتى هذا القول كان تخريفاً في تخريف، إذ ان تلك الرصاصات لم تكن في حقيقتها سوى «رصاصة الرحمة» التي أتت لتقضي على جسد كان السقم ينخره. ونعهد ان هذا الأمر كانت تؤكده جميع الفنون التي عهدت ازدهاراً في فيينا السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر. إذ منذ وقت مبكر، استوعب أدباء النمسا وفنانوها، ان الامبراطورية تحتضر وفيينا تموت، في ظل ما نادىه واحد من كتاب تلك الفترة «الكابوس السعيد». وحسبنا حتى نقرأ روايات تلك الحقبة، ونشاهد لوحات شليگل وكليمت وكوكوشكا، ونسمع موسيقى مالر وآلبن برگ، ونتفحص خط الفلسفة وفهم النفس التي ازدهرت، لندرك هذا الواقع. ومن هنا يمكن الانتنطق للقول ان «مارش راديتسكي» كرواية، هي الأثر الأدبي الذي سجل ذلك كله. ولئن كان جوزف روث أفرد لرصاصات سراجيفومكاناً أساسياً، فإنه برهن في الوقت نفسه على حتى الرصاصات كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير» لا أكثر.
ولكن ما دور بترة شتراوس الموسيقية في ذلك كله،يا ترى؟ ببساطة، يقول مؤرخوالثقافة في فيينا في ذلك الحين، حتى «مارش رادتسكي» - البترة الموسيقية - كان من آخر تجليات العظمة الامبراطورية. وفي الرواية نفسها وفيما يخصّ واحداً من «أبطالها» الثلاثة، أي المدعوشارل - جوزف... نجد انه منذ طفولته المبكرة ترعرع على الاستماع الى ذلك المارش وعلى رصد عظمة بلاده من خلاله... لكن شارل - جوزف نفسه سيكون هو، وبالتدريج، عبر حياته ومساره، الشاهد على الانهيار الكبير... ولكن بعد حتى يقدم إلينا، خلال سلوكه درب الشباب، ودائماً من خلال إيمانه بـ «مارش راديتسكي» كنموذج على جيل العاملين في الدولة المؤمنين بها وبالامبراطور... لقد كانوا عشرات الألوف من عسكريين ومدنيين ومسؤولين وموظفين صغار، يتفهمون منذ صغرهم طاعة الدولة وتبجيل الامبراطور... هذه الطاعة والتبجيل كانا - بحسب مؤرخي الفترة - خط الحدود الواضح لعالمهم، لا يتجاوزونه وإلا فسيضيعون.
وإذا كان جوزف روث يقول لنا في روايته ان جميع شيء هنا يبدأ مع شارل - جوزف، فإنه في الوقت نفسه يحدد لنا بداية شارل - جوزف، قبل ولادته بكثير: ان البداية تكون مع حمل الامبراطور لمقام جد بطلنا، (وكان واحداً من القادة المجيدين في معركة سولفرينو)، الى مرتبة النبلاء. ومنذ تلك اللحظة عثر الجد ان من حقه حتى يقرر هومسار ابنه (والد شارل - جوزف) المهني... فاختار له حتىقد يكون موظفاً مدنياً في الدولة ليصبح محافظاً لاحقاً... وهذا بدوره قرر مصير ابنه العسكري. إلى غير ذلك راح جميع واحد يتبع الخط الذي رسم له. ولكن ليس من دون احتجاجات عملية وخروقات بعضها واع وبعضها غير واعي. فالجد مثلاً، على رغم مآثره في سولفرينو، كان يرفض هالات البطولة الكاذبة التي احيطت بها تلك المآثر. أما الابن - المحافظ - فكان قد صار في مسقط يمكنه من حتى يلاحظ حتى الامبراطورية قد شارفت على نهايتها... هذه النهاية صارت، بالنسبة اليه، حتمية لا مهرب منها. جميع ما في الأمر ان في إمكانه حتى يتساءل متى وكيف ستكون تلك النهاية. وهذه النهاية سيكون الحفيد (شارل - جوزف) كما أسلفنا، الشاهد عليها. وستكون علامته في ذلك اقدامه من دون سابق انذار على الاستنطقة من مهنته العسكرية والتحوّل الى المجتمع المدني ليعمل مفتشاً في التدريس. ونحن من خلال تغيّرات شارل - جوزف سنرصد القدوم، البطيء أول الأمر إنما المؤكد، لنهاية الامبراطورية، ولا سيما في تصرفات جميع أولئك الموظفين النموذجيين، الذين سنلاحظ بالتدريج فقدانهم الثقة بأنفسهم وبالدولة، وارتباكهم في تصرفاتهم، وكذلك في العبارات التي راح يطلقها أكثر وأكثر، جميع أولئك المحيطين بالموظفين، معلّقين على أمور كانت العين تخطئها قبل ذلك. اما فرص الرصد الأكبر والأهم لذلك كله، فلاحت في آخر ثكنة خدم فيها شارل - جوزف حين كان، بعد، عسكرياً. فهي تقع في بلدة «ضائعة عند حدود الأنطقيم الشرقية للامبراطورية». هناك، وسط السأم العام والخوف المتزايد، ها هم الضباط يدمّرون أنفسهم في لعب القمار... وها هم الجنود يهربون من الخدمة العسكرية واحداً بعد الآخر ليعودوا الى قراهم وضياعهم. أما العمال الذين بدأت أفكار الاشتراكية - الديموقراطية تصل اليهم، فها هم يعهدون أول ضروب تمردهم والاضرابات. وفي وسط ذلك المناخ كله، يأتي الإعلان عن مقتل الأرشيدوق في سراييڤو. سليم انهقد يكون له عمل الصاعقة، غير انه ضمن منطق الرواية يظهر وكأنه من تحصيل الحاصل... وكأنه النهاية المنطقية لكل ما وصفه لنا جوزف روث من أحداث. خصوصاً انه يأتي وسط احتفالات صاخبة لا يفوت المراقب المحايد حتى يلمح من خلال وجوه ونظرات المشاركين فيها، موتاً ونهاية ورعباً. ولاحقاً إذ يخوض الضباط والجنود الحرب، يظهر واضحاً لنا انهم انما يخوضونها من دون أدنى حماسة.
هكذا، إذاً، على هذا النحو، صور جوزف روث موت عالم، من دون حتى يصور ولادة عالم جديد. والحال ان الرجل الذي خط هذه الرواية في العام 1932، أي قبل موته بسبع سنوات، كان من شأنه ان يصوّر تلك الولادة لوأنه خطها عشرة أعوام قبل ذلك. فجوزف روث (1894 - 1939) كان سابقاً ذا أفكار متحمسة للنزعة الاشتراكية، بل حتى لنوع أممي من الاشتراكية. لكنه حين خط «مارش رادتسكي» كان قد صار من انصار عودة آل هابسبورگ الى الحكم، وهوعبّر صراحة عن تلك النزعة من خلال رواية تالية خطها كتتمة لـ «مارش رادتسكي» لكنها لم تلق رواجاً كبيراً عنوانها «سجل الكبوشيين». وروث الذي بدأ حياته صحافياً متحمساً للأفكار التقدمية، خط روايات عدة أخرى من بينها «فندق ساڤوا» و«هروب بلا نهاية».
المصادر
- دار الحياة
انظر أيضاً
- أفضل روايات ألمانية في القرن العشرين