الفتح الإسلامي للأندلس

عودة للموسوعة

الفتح الإسلامي للأندلس

تاريخ الأندلس
711 - 1492

الفتوحات 711 - 732

  • الفتح الأموي
  • المعارك: معركة سهل البرباط
    معركة تولوز | معركة بلاط الشهداء

756 - 1039 أمويوقرطبة

  • خلافة قرطبة
  • المنصور بن أبي عامر

1039 - 1085 ملوك الطوائف


1085-1145 المرابطون

  • الفتح المرابطي
  • معركة الزلاقة

1147 - 1238 الموحدون

  • معركة العقاب

1238 - 1492 مملكة غرناطة

  • بنوالأحمر
  • سقوط غرناطة

منطقات ذات صلة
  • خريطة الأندلس
  • سقوط الأندلس
Al-Andalus under the Ummayads

الفتح الإسلامي للأندلس هوالفتح الذي قام به الأمويون لشبه جزيرة إيبيريا في الفترة ما بين عامي 711م و714م بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير وسقوط دولة القوط الغربية, وبذلك يبدأ العصر الإسلامي في الاندلس الذي مدته 800 عام تقريبا حتى سقوط مملكة غرناطة سنة 1492م.

بدأ الفتح بالغزوالذى تم من قبل الجيش الذي (وفقا لحسابات التقليدية) يتألف في معظمه من الأفارقة شمال غرب البربر، وكان بقيادة طارق بن زياد. انهم نزلوا في عام 711 في وقت مبكر في جبل طارق ، وإتخذت الحملة طريقها شمالا. بعد معركة حاسمة في وادى لكة Guadalete رودريك الغاصب , حيث وقع إنشقاق وفتحها المسلمون حيث هزموا الورثة الشرعيين للعرش ، انقسمت مملكة القوط الغربيين إلى ممالك دانت بالولاء للأمويون وعلى مدى العقد التالي احتلت كذلك معظم شبه الجزيرة الايبيرية وأضحت تحت السادة الإسلامية، باستثناء المناطق الجبلية في الشمال الغربي (غاليسيا واستورياس) والمناطق الجبلية الشمالية ودافعت بنجاح عن طريق الباسك بمساعدة الفرنجة. أصبحت الأراضي المتبقية تتبع الخلافة في قرطبة ، وهوجزء من التوسع للإمبراطورية الأموية.

الحالة في إسبانيا قبل الفتح العربي

كانت إسبانيا في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, تعاني ضعفا سياسيا واجتماعيا يجعلها فريسة سهلة لأي غاز يغزوها من الجنوب أومن الشمال, كان المجتمع الإسباني في ذلك الوقت ينقسم إلى طبقات يسيطر بعضها على بعض, الطبقات كانت:

1. الطبقة العليا المكونة من الملك والنبلاء: لم يكن الملك يعين بالوراثة بل كان يعين بالانتخاب, فالنظام كان ملكيا انتخابيا, لكنه أدى في النهاية إلى تنافس بين النبلاء للوصول إلى الحكم, مما أدى لكثرة المؤامرات بينهم الأمر الذي أدى لإضعاف قوة الدولة, وكان أفراد هذه الطبقة يملكون نفوذا غير محدود ولهم ممتلكات عقارية كثيرة وكانت هذه الممتلكات معفاة عن الضرائب.

Issue of the Caliphate of Cordoba, 807


2. طبقة رجال الدين: كان الدين في العصور الوسطى في إسبانيا له نفوذ واسع, وكان رجال الدين يتمتعون بنفوذ غير محدود سياسيا وروحيا, إذ كانوا يشاركون النبلاء في انتخاب الملك, وأيضا كانت لهم ممتلكات عقارية معفاة من الضرائب.

3. الطبقة الوسطى: وهي الطبقة الحرة التي تمثل الشعب, كثرتها تدل على رخاء المجتمع وقلتها تدل على إختلاله, وفي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان عدد أفراد هذه الطبقة قليل, كما كانوا مثقلين بالضرائب.

4. الطبقة الدنيا أوطبقة العبيد: وهم الأكثر عددا في المجتمع القوطي في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان معظمهم يعمل في مزارع النبلاء, وكانوا ملكا لصاحب الأرض وكانوا ينقلون مع الأرض إذا بيعت لشخص آخر.

5. طبقة اليهود: كان اليهود يقومون بالأعمال المالية والحسابية في دواوين الحكومة, وكانوا مكروهين لإختلاف عقيدتهم الدينية, ولذلك تعرضوا لكثير من الإضطهادات, فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات, وأحيانا عن طريق المؤامرات.

كانت الحالة الاجتماعية في إسبانيا قبل الفتح الإسلامي تعاني الفساد والتفكك وعدم التماسك, في وقت أصبحت فيه اللأراضي المغربية اللقاءة لإسبانيا قوة متماسكة يتيح لها الفرصة للتدخل بها.


السبب المباشر لفتح إسبانيا

تختلف الرواية العربية عن الرواية الإسبانية حول السبب المباشر لتدخل المسلمين في إسبانيا, الرواية العربية ترجع بذلك إلى سيرة إنتقام شخصي, السيرة تقول حتى الكونت يوليان حاكم سبتة كانت له ابنة جميلة إسمها فلورندا وأن الكونت أوفدها إلى القصر الملكي القوطي في طليطلة لتتأدب وتتفهم كغيرها من فتيات الطبقة الراقية, فرآها الملك القوطي لذريق Rodrigo وأحبها فاعتدى عليها, فخطت رسالة إلى ابيها تخبره وتشكوله ما حصل, فمضى يوليان إلى القصر وأخذ ابنته من هناك, وأصبح يوليان يريد الانتقام فاتصل بموسى بن نصير وأقنعه بغزواسبانيا مبينا له سوء الاحوال فيها فاستجاب موسى لطلبه وأقدم على الغزوبعد حتى استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

أما الرواية الإسبانية فتقول حتى الملك القوطي وقلة Akhila, عندما عزل من ملكه مضى انصاره إلى حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة طالبين منه المساعدة, فقادهم يوليان إلى موسى بن نصير بالقيروان حيث تم الاتفاق على حتى يمدهم موسى بجيش من عنده ليرد إلى ملكهم المعزول عرشه بشرط دفعهم جزية سنوية للعرب.

  • أولا إذا أبرز مقاصد الجهاد التي شرع من أجلها تبليغ رسالة التوحيد ، بكسر جميع الطواغيت التي تحول بينها وبين الناس ، ودعوة الناس إلى الإسلام من غير إكراه ولا إجبار ، بل عن طواعية واختيار .

يقول الله تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ) البقرة/193 نطق قتادة رحمه الله : " حتى لاقد يكون شركٌ ، "ويكون الدين لله" : حتى ينطق : لا إله إلا الله ، عليها قاتل نبيُّ الله ، وإليها نادى . " تفسير الطبري (3/567) .


  • ثانيا كانت " الأندلس " واسمها القديم " أيبيرية " خاضعةً للإمبراطورية الرومانية ، وفي مطلع القرن الخامس الميلادي – أي حوالي عام 410 م اجتاحتها قبائل " القُوط " الأريوسية الممضى ، وأسسوا فيها دولةً قُوطِيَّة عاصمتها " طليطلة " .

ومن هنا نفهم حتى شعوب " الأندلس " الأصلية من الكنعانيين الكاثوليك كانت - قبل الفتح الإسلامي - خاضعة للنفوذ القوطي ، وتكوَّنَ سكانها من طبقات أربعة متناقضة متصارعة : طبقة القوط الحكام المستعمرين ، وطبقة الأعيان الرومانيين ومعهم الإقطاعيون ورجال الدين ، وطبقة اليهود ، وطبقة الشعب العامل من سكان البلاد الأصليين . فهي بلاد محتلة مضطهدة أصلا ، ولم تكن تحت حكم سكانها الأصليين ، ولم يكن المسلمون هم المبتدئين للاحتلال ، إنما خلصوا البلاد من احتلال ظالم إلى بلد مسلم يختار أهله عقيدة المسلمين ، وينتسبون إلى دولتهم .


  • ثالثا زيادة على الاحتلال الذي فرضته القبائل القوطية الغربية على بلاد الأندلس ، كان التسلط والظلم والاضطراب سمةً بارزة في فترة حكمهم التي امتدت نحوثلاثة قرون .

يقول حسين مؤنس في كتابه "فجر الأندلس" (ص/8،18-19) : " لكن سلطانهم لم يستقر في البلاد أول الأمر بسبب ما ثار بينهم وبين أهل البلاد من منازعات دينية ، وبسبب ما شجر بين أمرائهم من خلافات ، ولهذا ظلت البلاد طوال القرن السادس نهبا للحروب الأهلية ، وما ينجم عنها من الفوضى وسوء الحال...- حتى كان آخر حكام القوط – واحد اسمه " رودريكو" ( لذريق )...والظاهر الذي لا تستطيع المناقشة إخفاءه حتى الرجل كان يشعر باضطراب الأمر عليه ، وأنه ظل حياته متخوفا من وثبة تكون من أحد أعدائه الكثيرين ؛ لأن هؤلاء الأعداء لمقد يكونوا أولاد " غيطشة " وحدهم – الذين استولى " لذريق " على ملكهم – بل كانوا في واقع الأمر جلة الشعب الإيبيري الروماني واليهود ، أي معظم أهل البلاد التي اقتحمها القوط عليهم " انتهى باختصار . وقد حاول كثير من المؤرخين الأسبان حتى يدافعوا عن دولة القوط - تعصبا منهم في رفض الوجود الإسلامي في تلك البلاد - إلا حتى خط التاريخ مليئةٌ بالأدلة على ما ذكره الأستاذ حسين مؤنس في شأن رفض أهل البلاد حكم القوطيين ، حتى نقل في (ص/10) عن " رفائيل بالستيروس " المؤرخ الإسباني قوله : إذا العرب لولم يتدخلوا في سنة 711هـ في شؤون الجزيرة ، ويضعوا نهاية لهذا العصر المضطرب ، لَبَلَغَ القوطُ بإسبانيا مبلغا من السوء لا يسهل تصوره .

  • رابعا لما اشتد ظلم حكام القوط في تلك البلاد ، وضاق الشعب بهم ، أوفدوا إلى المسلمين يطلبون منهم تخليصهم والنجاة بهم ، فقد أجمعت المصادر العربية على ذكر إرسال حاكم " سبتة " ومسماه " يوليان " أوجوليان " إلى موسى بن نصير يطلب منه دخول البلاد وتخليصهم من شر " لذريق " ، كما تذكر كثير من المصادر إرسال أبناء " غيطشة " إلى موسى بن نصير يستنجدون به على مَن غصبهم ملك أبيهم ، بل إذا المصادر التاريخية الغربية تنسب إلى اليهود المضطهدين في " الأندلس " من قبل القوط استنجادَهم بِمَن وراء البحر من " الأفارقة " أو" المسلمين " ليخلصوهم من ظلم " لذريق " وأعوانه ، وهوأمر وإن أنكره بعض المؤرخين ، غير حتى المتفق عليه بينهم حتى اليهود تعرضوا في تلك الفترة إلى اضطهاد كاد يفنيهم ولا يبقي لهم أثرا . انظر "فجر الأندلس" لحسين مؤنس (ص/14)

وفي النصوص الباقية الموروثة كثير من الأدلة على حتى الأندلسيين استقبلوا المسلمين استقبال الفاتحين ، ومن ذلك : يقول صاحب كتاب "أخبار مجموعة في فتح الأندلس" (ص/24) متحدثاً عن الخدمات التي قدمها بعض الإسبان لموسى بن نصير : " فلما هبط الجزيرة ، قيل له : اسلك طريقه ، نطق : ما كنت لأسلك طريقه . نطق له العلوج الأدلاء : نحن ندلك على طريق هوأشرف من طريقه ، ومدائن هي أعظم خطباً من مدائنه ، لم تُفتح بعد ، يفتحها الله عليك إذا شاء الله " انتهى . ويقول أيضاً : " ثم سار إلى مدينة قرمونة ، فقدَّم إليها العلوج الذين معه ، وهي مدينة ليس بالأندلس أحصن منها ، ولا أبعد من حتى ترجى بقتال أوحصار ، وقد قيل له حين دنا منها : ليست تُؤخذ إلا باللطف ، فقدَّم إليها علوجاً ممن قد أمنه واستأمن إليه ، مثل " يليان " ، ولعلهم أصحاب " يليان " ، فأتوهم على حال الأفلال ، معهم السلاح ، فأدخلوهم مدينتهم ، فلما دخلوها بعث إليهم الخيل ليلاً ، وفتحوا لهم الباب ، فوثبوا على حراسه ، ودخل المسلمون قرمونة " انتهى.


  • خامسا بل إذا بعض أساقفة النصارى شاركوا في مساعدة المسلمين على الفتح ، منهم " أوباس " أسقف " إشبيلية " كما في كتاب "العرب لم يغزوا الأندلس" (ص/187)

وينقل صاحب كتاب "تاريخ النصارى في الأندلس" (ص/45) عن ما اتى في سيرة القديس " سانت ثيودارد" رئيس أساقفة " أربونة " الذي عاش حوالي سنة (266هـ) أنه لما ولج المسلمون لأول مرة إلى " لانجدوك " ، انحاز اليهود إليهم ، وفتحوا لهم أبواب مدينة " طولوشة " . والمسلمون يؤمنون بأن نصرة المظلوم وإحقاق العدل والسلم من أعظم مقاصد الجهاد في الشريعة الإسلامية. يقول الشيخ محمد أبوزهرة في كتابه "العلاقات الدولية في الإسلام" (83) : " الإسلام ينظر إلى الرعايا الذين يُحكَمون بالظلم ويُقيدون في حرياتهم نظرة رحيمة عاطفة ، ينصرهم إذا استنصروه ، ويحمل عنهم نير الطغيان إذا هم استعانوا به " انتهى . وذلك ما شهد به بعض اليهود حين أدركوا عظيم الفضل الذي أسداه المسلمون لهم في توفير حياة كريمة ، وحرية لم يشهدوا لها مثيلا عبر تاريخ وجودهم في أوروبا كلها . يقول حاييم الزعفراني اليهودي في كتابه "ألف سنة من حياة اليهود في المغرب" (ص/13) : " لقد عهدت اليهودية الأندلسية في مجموعها حياة أكثر رخاء ، وأكثر اطمئناناً ، كما لم تعهدها في مكان آخر " انتهى . ويقول نسيم رجوان - رئيس تحرير جريدة اليوم الإسرائيلية - : " كان اليهود قد عانوا خلال قرون الكثير من الشقاء والبؤس ، حيث كان الملوك الإسبان القساة الغلاظ بعيدين جميع البعد عن الشفقة والرحمة . وعندما ولج المسلمون إسبانيا لم يكتفوا بتحرير اليهود من الاضطهاد ، ولكنهم شجَّعوا بينهم نشر حضارة كانت توازي بخصبها وعمقها أشهر الحضارات في مختلف العصور " انتهى نقلا عن كتاب "أهل الكتاب في المجتمع الإسلامي" (ص/49)


  • سادسا ويُتَوَّجُ ما تجاوز بالبتر واليقين ، حين نستحضر حتى فتح تلك البلاد لم يستغرق إلا نحوثلاثة سنين (92هـ - 95هـ) وصل فيها المسلمون إلى فرنسا ، ولم يشارك فيه إلا بضعة آلاف من الجنود ، مما يبتر لك بأن الأمر لم يكن فتحا عسكريا بالقدر الذي كان فتحا فكريا وعقائديا ، آمن فيه سكان " الأندلس " بعقيدة المسلمين ، واختاروا – عن حب وطواعية – التسليم لهذا الدين الجديد ، والتخلص من طغيان الكنيسة والإقطاع الذي كان سائدا قبل المسلمين ، وقد خط في ذلك واحد من أشهر المؤرخين الإسبان ، ومسماه " اغناسيوأولاغي " كتابا اشتهر في السبعينيات اسمه " الثورة الإسلامية في الغرب " ، ترجمه واختصره الأستاذ المؤرخ المحقق " إسماعيل الأمين " تحت عنوان " العرب لم يغزوا الأندلس " ، طباعة " رياض الريس للخط والنشر " ، أراد فيه المؤلف بيان حتى التحول إلى الإسلام في الأندلس لم يتم إلا عبر حركة الأفكار وتصارعها ، ثم هيمنة ما يسميه المؤلف بالفكرة/القوة ، التي شكلت عصب الحضارة العربية الإسلامية في ثلاثة أرباع العالم يومها ، ورغم ما في الكتاب من مغالاة في نقد جميع ما اشتهر في تاريخ الأندلس ، إلا حتى الذي يهمنا فيه بعض النصوص التي توحي بأن دخول الإسلام الأندلس لم يكن اعتراضا وقهرا ، بل كان فتحا للقلوب وتنويرا للعقول ، وليتحمل القارئ الكريم طول النص المنقول ، فإنه من أبدع النصوص التي خطها أعداء الإسلام في أمر يثيره كثير من الحاقدين :

اتى في (ص/55- 66) : " هكذا يتضاءل الغزوالأجنبي إلى حادث عرضي في حرب أهلية ، فهل يبقى من صلة بين هذا الحدث العسكري من جهة ، وبين اعتناق الأيبيريين الإسلام ، ثم نشوء حضارة إسلامية في أيبيريا من جهة ثانية ؟

في الأبحاث المتعلقة بخرافة الغزواتىت الأرقام دقيقة ، وصل طارق بسبعة آلاف رجل لهزيمة رودريك ، واتى موسى بن نصير على رأس ثمانية عشر ألف رجل ليخضع الأيبيريين لسلطانه ، أحدث خمسةٌ وعشرون ألف رجل هذا التحول الضخم في اللاتينية والمسيحية والزواج الأحادي ، في ضربة واحدة بدَّل الأيبيريون أعرافهم وتنطقيدهم وديانتهم ، بعد هذا الإنجاز العظيم يبادر العرب دون أي تعزيز لقواتهم ومواقعهم إلى غزوفرنسا !

مع ذلك يبقى من المطلوب تفسير كيف من الممكن أن يمكن حتى تتم عملية تحويل شعوب أيبيريا المحصَّنة جغرافيا وطبيعيا بهذه السرعة ، ومن قبل حفنة ممن نسبت إليهم المعجزات ، خصوصا حتى الأيبيريين والغزاة لمقد يكونا من أصل مشهجر .

من البديهي حتى جيشا من هذا النوع كان سيذوب بين الجموع إذا ما خاطر بنفسه وتوغل في عمق البلاد ، هذا فضلا عن حتى الأيبيريين خلال تاريخهم الطويل لمقد يكونوا شعبا مسالما في لقاءة مثل هذا النوع من الأحداث ، ألم يكن من الممكن حتى ينظموا حرب "العصابات" التي كانوا قد قدموا وصفتها إلى العالم بأكمله ؟!

ماذا عمل الأيبيريون في هذه الأثناء ،يا ترى؟ بعد سنة 711م لم يحدثنا التاريخ عنهم ، مع هذا فإن عشرة ملايين نسمة – على أقل تقدير – لم يختفوا هكذا بضربة سحرية في تلك الحقبة السعيدة ، لم يكن هناك وسائل إبادة جماعية ، وكان يلزم الفاتحون الكثير من الوقت والعمل لجزر هذا العدد بالسيف ، لا يمكن لأودية "أشتورش" الصغيرة استقبال هذا العدد من اللاجئين ، يكفي هذه الأودية أنها شكلت حصنا للمتمردين القلائل الذي سيشكلون فيما بعد نواة المملكة المسيحية ، هكذا تم إخفاء عشرة ملايين من الأيبيريين من صفحات التاريخ ، فإذا كان اجتياح أرض مسيحية من قبل " الكفار " قد بدا بهذه الضخامة ، بماذا يمكننا إذن حتى نصف اعتناق شعبها الإسلام ، وتمثله الحضارة العربية الإسلامية ،يا ترى؟ إما حتىقد يكونوا جميعهم قد قتلوا ، وإما تم استرقاقهم عبيدا ، أولجؤوا إلى الجبال ، أوببساطة قد تم تجاهل وجودهم من قبل المؤرخين. لماذا وكيف اعتنقت الجماعات الإنسانية التي كانت متمركزة في المقاطعات البيزنطية في آسيا ومصر وأفريقيا الشمالية وشبه جزيرة أيبيريا إيمانا جديدا ومفهوما جديدا للوجود ،يا ترى؟ قد يسهل تحويل خرافة الغزوات العربية المحالة جغرافيا وتاريخيا إلى حقيقة ، ولكننا لا يمكننا حتى ننكر حتى حضارةً عربية إسلامية قد امتدت في جميع هذه الأصقاع . يصاب الباحثون بالدهشة حين يعهدون من خلال الروايات عدد الغزاة : خمسة وعشرون ألف رجل أهلكوا عشرة ملايين !!

في الواقع استمرت عملية اعتناق الدين الإسلامي واكتملت خلال قرنين أوثلاثة قرون ، فكان اعتناقا كاملا أونهائيا ، لم يهجر سوى بعض الجزر التي بدا وجودها مشكوكا فيه . كيف إذًا يمكن تفسير هذه العودة عن المسيحية واعتناق الإسلام بقوة السلاح ،يا ترى؟ وماذا كانت نتيجتها ؟

بعض المؤرخين قَبِلَ الإجابة التقليدية الجاهزة عن هذه الأسئلة ، وبعضهم الآخر أصيب بتشوش فكري . لم يتمكن هؤلاء من فهم كيفية خضوع شعوب مصر والمقاطعات البيزنطية لما يسمونه بـ "قوانين البدو" ، لقد أثبت " كزافيي بلان هول " في كتابه " العالم الإسلامي " حتى الإسلام كان دائما دين المدن ، مع هذا فرضا أنهم أُخضعوا بالقوة من قبل جماعات البدو، فلماذا تنازلوا لهؤلاء البدوعن تام حضارتهم ؟

كانت المقاطعات البيزنطية تتمتع بحياة مدنية متقدمة ، وكانت المدن المزدهرة كبيرة ، كان عدد سكان أنطاكيا حوالي 300 ألف نسمة ، وكان من بين الأربع مائة أسقفية بيزنطية ثلاث مائة وواحد وسبعون أسقفية موجودة في آسيا ، من هنا تظهر أهمية النصر الإسلامي على المستوى الفكري . هل يتعين علينا حتى نتصور حتى أبناء المدن قد فُتنوا بمدنية أولئك المتدفقين من تلك الوحشة الواسعة ،يا ترى؟ يظهر الأمر محالا إذا لم يكن لدى هؤلاء البدوغير السيف . التعصب الديني وسوء الفهم الناتجان أحيانا عن انعدام الوعي وأحيانا عن الإرادة الواعية والمتعاظمان مع الزمن أخفيا - تحت جملة من الأكاذيب والخرافات - قسما هاما من تاريخ انتشار الإسلام على طول السواحل الشرقية والجنوبية للبحر المتوسط ، وانسجاما مع مفهوم بدائي للتاريخ فسرت التحولات الروحية والاجتماعية والثقافية العملاقة في القرنين السابع والثامن - في عالمي الشرق والبحر المتوسط - كنتيجة لغزوات عسكرية فرضت اللغة والحضارة والدين بالسيف المعقوف !! الإكراه لا يفسر جميع شيء


في الواقع : إذا المؤرخين قد خلطوا بين انتشار الأفكار العبقرية التي تحملها حضارة ما ، وبين القدرات العسكرية التي لا تسمح إلا بنشوء إمبراطوريات وقتية تزول مع الزمن . لقد خلطوا بين القوة العقلية والقوة المادية . نستنتج من دراسة الحركات المشابهة حتى انتشار الإسلام كان نتيجة الفكرة/القوة ، وليس نتيجة للقدرة على الهجوم العسكري المسلح ، فمثلما سيطرت " الهيلينية " فيما مضى ، ويسيطر الغرب اليوم ، فإن سيطرة الإسلام لا يمكن حتى تكون إلا ثمرة لحركات أفكار/قوة. أما الاستمرار في الاعتقاد بأن شعوبا تزدهم ( أي تغزوهم ) في بلادها حضارة هادمة ، قد هجرت معتقداتها وغيرت عاداتها لأن حفنة من الفرسان الميامين قهرتها عسكريا ، فلا يوحي إلا بمفهوم صبياني سخيف للحياة الاجتماعية . يجب حتى يتقلص الجانب العسكري من الأحداث إلى دور ثانوي يتعلق بتفاصيل طرائف الحياة الشخصية . يجب فهم المشكلة في المجال الفكري والثقافي . لم يكن هناك عدوان عسكري ، بل أزمة ثورية ، ودعوة حملها الفقهاء وليس الجنرالات . إن الفهماء وحدهم يدركون حركة الشعوب ويقدرون على قيادتها ، أما السيادة العسكرية فلا يمكن حتى تستمر ثمانية قرون في الأندلس ، وإلى الأبد في مساحات شاسعة من العالم " انتهى باختصار . ( من المراجع التاريخية المستفاد منها : "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب" لابن عذاري المراكشي (2-9) ، "نفح الطيب" للمقري 1/229-263 وغيرها ) .


التخطيط لفتح إسبانيا

كان فتح المسلمين لإسبانيا نتيجة لخطة موضوعة, أقرها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بدمشق, باتفاق مع قائده على المغرب موسى بن نصير. قام موسى بن نصير بعدة حملات استكشافية على جنوب اسبانيا , فقام باستنادىء حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة, قام يوليان بحشد جيوشه وجاز في مركبين إلى الأندلس وشن الغارة على الساحل الجنوبي, فسبا واغتال وغنم وعاد وامتلأت يديه خيرا وشاع الخبر في جميع قطر فتحمس الناس للغزو. لم يكتفي موسى بهذه الغارة الاستطلاعية التي قام بها يوليان بل استدعى أحد ضباطه وهوطريف بن مالك, فأمره بشن غارة على ساحل الأندلس الجنوبي فعبر طريق المضيق ب100 فارس و400 راجل وذلك في يونيوسنة 710م 91 هـ في رمضان في طريفه, هبط طريف وجنده وأغاروا على المناطق التي تتبعها إلى جهة الخضراء فغنم منها الكثير وعاد سالما. فتبين لموسى بن نصير حتى ما نطقه يوليان كان سليما عن ضعف المقاومة في إسبانيا, فأعد موسى جيشا من سبعة آلاف محارب لغزوالاندلس بقيادة طارق بن زياد.

إن فتح المسلمين للأندلس لم يكن منذ البداية مغامرة حربية ارتجالية, بل كان فتحا منظما حسب خطة أعدت من قبل.

عبور المسلمين إلى إسبانيا

اعتمد موسى بن نصير على الأساطيل الإسلامية التي كانت تحت قيادته على طول الساحل المغربي, وجه موسى طارق بن زياد إلى طنجة ومن هناك انطلقت السفن العربية الإسلامية إلى الجبل المعروف حتى اليوم بجبل طارق.

معركة جبل طارق

عند نزول طارق بن زياد وجيشه إلى سفح الجبل لقوا مقاومة عنيفة من القوط الذين كانوا على فهم بأن المسلمين قادمون لغزوهم نتيجة الغارات الاستطلاعية التي شنت من قبل, فاضطر المسلمون لتغيير خططهم العسكرية وقرروا النزول ليلا في مكان صخري وعر, فاستخدموا براذع الدواب ومجاذف السفن لكي تعينهم على خوض المياه وارتقاء الصخور فالتفوا بذلك حول جموع القوط وانقضوا عليهم قبل حتى يشعر القوط بهم. وكان هذا النصر الأول الذي أحرزه طارق عند نزوله أرض الأندلس وتمكن من احتلال الجبل المسمى باسمه حتى اليوم.

حرق المراكب وخطبة طارق

سيرة حرق المراكب هي سيرة شائعة في تاريخ فتح الأندلس تفيد السيرة بأن طارق قد أحرق سفنه بعد نزوله الشاطئ الإسباني لكي يبتر على جنوده أي تفكير في التراجع والإرتداد. ثم خطب فيهم خطبته المشهورة التي نطق فيها:

"أيها الناس. أين المفر،يا ترى؟ البحر من ورائكم. والعدوأمامكم. ولا يناسبكم والله إلا الصدق والصبر. وافهموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم. ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم. ولم تنجزوا لكم أمرًا مضىت ريحكم. وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إذا سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة. ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. وافهموا أنكم إذا صبرتم على الأشقِّ قليلاً. استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي".

ثم نطق:

"وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا. وأختانًا. ثقة منه بارتياحكم للطعان. واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان. ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء حدثته وإظهار دينه بهذه الجزيرة. وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه. ومن دون المؤمنين سواكم. والله – الله – ولَّى أنجادكم على ماقد يكون لكم ذِكرًا في الدارين. وافهموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه. وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق. فقاتله -إن شاء الله- فاحملوا معي. فإن هلكت بعده. فقد كفيتكم أمره. ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه. فاخلفوني في عزيمتي هذه. واحملوا بأنفسكم عليه. واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون".

والرواية الإسلامية تشير إلى حادثة حرق السفن في ثلاثة مراجع هي كتاب الإكتفاء لابن الكردبوس, وكتاب نزهة المشتاق ل الشريف الإدريسي وكتاب الروض المعطار ل الحميري.

في كتاب ابن الكردبوس. يشار إلى حتى طارق أراد حرق سفنه كي يحشد همم المقاتلة. أما في خط الإدريسي والحميري, فيشار إلى حتى طارقا أحس بأن العرب لا يثقون به وتسقط أنهم لن ينزلوا معه إلى الجبل فعمد إلى إحراق سفنه كي يحول دون إنسحابهم بها إلى المغرب.


معركة كورة شذونة

أقام طارق بن زياد في جبل طارق عدة أيام, بنى خلالها سورا أحاط بجيوشه سماه سور العرب, كما أعد قاعدة عسكرية بجوار الجبل على الساحل لحماية ظهره في حالة الانسحاب أوالهزيمة وهي مدينة الجزيرة الخضراء, والتي سميت أيضا بجزيرة أم حكيم, إذا مسقط هذا الميناء قريب وسهل الإتصال بمدينة سبتة على الساحل المغربي اللقاء, بينما يصعب الإتصال بإسبانيا نفسها بسبب وجود مرتفعات بينهما, كذلك أقام قاعدة أمامية أخرى في مدينة طريفة بقيادة طريف بن مالك. وفهم الملك القوطي لذريق خبر نزول المسلمين في بلاده, كان الملك لذريق مشغولا ذلك الوقت بإخماد ثورة قام بها البشكنس سكان نافارا في أقصى شمال إسبانيا. فأسرع الملك لذريق بالعودة إلى جنوب إسبانيا بجميع قواته لملاقاة المسلمين. في ذلك الوقت كان طارق بن زياد قد اتجه نحوالغرب متخذا قاعدة طريفة قاعدة يحمي بها مؤخرة جيشه ثم أكمل سيره حتى وصل بحيرة تعهد باسم بحيرة لاخندا في كورة شذونة. بعث طارق جواسيس له إلى الشمال ليروا حجم الجيش الذي سيقابله المسلمون, وعندما عادوا إليه أبلغوه عن ضخامة الجيش الذي جهزه له الملك لذريق, فانزعج طارق لهذا النبأ وخط إلى موسى بن نصير يطلب منه حتى يمده بالمزيد من الجند, فاستجاب له موسى فوجه له خمسة آلاف جندي فأصبح عدد جيش المسلمين في الأندلس إثنا عشر ألفا.

يتفق أغلب المؤرخين على حتى المعركة الفاصلة التي دارت بين المسلمين والقوط والتي حددت مصير الأندلس حدثت في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا, استمرت المعركة مدة ثمانية أيام من الأحد في 28 من رمضان إلى الأحدخمسة شوال عام 92هـ ومن 19 - 26 يونيوعام 711م, ووصفوها بأنها كانت معركة شديدة ضارية، اقتتل فيها الطرفان قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء, ولم تكن بالمغرب مقتلة أعظم منها, وحتى عظامهم بقيت في أرض المعركة دهرا طويلا لم تمضى, وانتهت المعركة بفوز المسلمين وهزيمة الجيش القوطي. وقد سميت هذه المعركة في عدة مصادر عربية وإسبانية باسم معركة البحيرة, ووادي لكة, ووادي البرباط, وشريش, والسواقي, وتنسب هذه التسميات إلى تلك الأماكن التي دارت وتشعبت عندها تلك المعركة الواسعة النطاق في أراضي كورة شذونة. بعد المعركة الفاصلة وفوز طارق بن زياد أصبحت جميع المعارك التي قامت في أنحاء الأندلس ما هي إلا مناوشات بسيطة بالنسبة لهذه المعركة الكبيرة, فقد استولى المسلمون على الأندلس خلال ثلاثة أعوام مما يشير على انتهاء المقاومة تقريبا.

إتمام فتح الأندلس

بعد هذا النصر الكبير الذي حققه طارق في معركة شذونة فتحت أبواب الأندلس للمسلمين واتجه طارق بالجيش شمالا نحوالعاصمة طليطلة, وفي أثناء سيره قابلته قلعة اسمها إسيجه Ecijah , فحاصرها ثم استولى عليها, في ذلك الوقت أوفد طارق أقساما من جيشه إلى المناطق الجانبية في الأندلس, اتجه قسم إلى قرطبة بقيادة مغيث الرومي مولى عبد الملك بن مروان, فاستولى عليها بعد حصار دام ثلاثة أشهر, واتجه قسم آخر إلى البيرة وما يحيطها وفتحوها. ومن الجدير بالذكر حتى طارق عثر وقادته عونا من اليهود المقيمين في إسبانيا بسبب اضطهاد القوط لهم ولذلك اعتمد طارق عليهم في حفظ المناطق المفتوحة في أنحاء البلاد. استمر طارق بزحفه نحوالشمال حتى وصل العاصمة طليطلة, فدخلها دون مقاومة تذكر, إذ كان حكامها وأهلها قد هربوا منها, فكانت المدينة شبه خالية تقريبا, فغنم المسلمون من كنائس المدينة وقصورها ذخائر وكنوزا كما تشير المصادر العربية.

ثم خشي طارق بن زياد من حتى يبتر عليه القوط الطريق في تلك المناطق الجبلية الوعرة, لأن فصل الشتاء قد اقترب وتعب الجيش الإسلامي من الجهود التي بذلها, والغنائم التي ثقل بها, فخط إلى موسى بن نصير يطلب منه العون, وفي شهر رمضان عام93هـ يونيو712م, عبر موسى مضيق جبل طارق بجيش كبير من 18 ألف محارب, معظمهم من العرب بعصبياتهم القيسية واليمنية, ومن بينهم عدد من التابعين وقد عهد هذا الجيش العربي الأول بطالعة موسى.وسار موسى من طريق غربي غير الطريق الذي سار به طارق, واستولى على مدن أخرى غير التي استولى عليها طارق فاستولى على إشبيلية وماردة وقرمونة, ثم وصل إلى نهر التاجوبالقرب من طليطلة فالتقى بطارق بن زياد هناك. ثم تابع القائدان سيرهما نحوالشمال باتجاه جبال البرتات (البرانس) وأخذت المدن تتساقط بين أيديهم مثل وشقة ولاردة وسرقسطة, حتى وصلا إلى شاطئ البحر الشمالي عند الحدود الإسبانية الفرنسية.

وهكذا أنهى جميع من طارق وموسى من فتوحاتهما, وأمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك برجوع القائدين إلى دمشق, فعاد موسى وطارق وخلف على الأندلس عبد العزيز بن موسى بن نصير واليا عليها عام 95هـ 714 م.

لم يتبقى من الأندلس سوى بعض المناطق الشرقية والشمالية الغربية, أما شرق الأندلس فقد فتحها الأمير عبد العزيز بن موسى بن نصير الذي أصبح واليا على الأندلس, هجرزت المقاومة في كورة تدمير (مرسية حاليا) وكانت لها قاعدة حصينة وهي أريولة, سميت هذه الولاية بهذا الاسم نسبة إلى اسم حاكمها الأمير القوطي تيودمير الذي منحه عبد العزيز شروطا ضمنت له حتى يحكم ولايته لقاء جزية سنوية.

أما الجزء الشمالي الغربي من الأندلس, وهي المنطقة المعروفة بأستورياس Asturias في جليقية أوغاليسيا Galicia, فإن الأمويين لم يفرضوا عليها سيطرتهم بالكامل, بسبب برودة مناخها ووعورة طرقها, فأهملوا هذا الجانب استهانة بشأنه, نتيجة لذلك تمكن بعض من تظل من الجيش القوطي المنهزم بزعامة القائد المعروف باسم بلاي أوبيلايوPelayo, لجأ هؤلاء القوط إلى الجبال الشمالية في تلك المنطقة, وهي ثلاثة جبال عالية, تسمى القمة الغربية منها باسم أونغا onga فيها كهف يعهد باسم كوفادونغا Covadonga, أما العرب فيسمونها باسم صخرة بلاي لأن بيلايواختبأ فيها عندما حاصرهم المسلمون وعاشوا على عسل النحل الذي وجدوه في خروق الصخور, عندما عهد المسلمون أمرهم, هجروهم استهانة بأمرهم ووانسحبوا ونطقوا: " ثلاثون علجا ما عسى حتى يجيئ منهم،يا ترى؟ ".

المصادر الإسبانية تعتبر إنسحاب المسلمين من كوفادونغا نصرا عسكريا وأيضا نصرا قوميا للإسبان, وتقول حتى العون الالهي كان قد وقف إلى جانبهم, أما المصادر العربية فهي تعترف بانسحاب المسلمين عن هذه المنطقة الباردة والقاحلة لكنها لا تذكر شيئا عن قيام معركة ولا عن القائد علقمة اللخمي الذي قاد الجيش هناك ذلك الوقت. وعلى إثر انسحاب المسلمين قامت في تلك المنطقة (شمال غرب إسبانيا) مملكة أستورياس.

مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس

اتفق الؤرخون على تقسيم مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس إلى خمسة عصور وهي:

1. عصر الولاة: وهوالعصر الذي يمتد من الفتح العربي حتى قيام الدولة الأموية في الأندلس منذ عام 711م حتى عام 756 م 91هـ - 138هـ هذا العصر كانت الأندلس ولاية تابعة للخلافة الأموية في دمشق.

2. عصر الدولة الأموية في الأندلس: يقسم هذا العصر إلى قسمين, القسم الأول كانت الأندلس إمارة أموية مستقلة عن دولة الخلافة العباسية في المشرق. منذ عام 756 م حتى عام 929 م 138هـ - 316هـ. أما القسم الثاني وقد أصبحت الأندلس خلافة مستقلة روحيا عن الخلافة العباسية عندما أعرب عبد الرحمن الثالث نفسه خليفة ولقب بالناصر لدين الله.

3. عصر ملوك الطوائف : 1031 م - 1086 م ويبدأ هذا العصر بانتهاء الدولة الأموية في الأندلس وانقسامها إلى دويلات متنازعة إلى حتى دخلها المرابطون من المغرب وأعادوا توحيدها بعد فوزهم على الإسبان في معركة الزلاقة عام 1086م بقيادة القائد البربري يوسف بن تاشفين.

4. عصر السيطرة المغربية أوالحكم المغربي: من سنة 1086م حتى سنة 1214 م, وفيه أصبحت الأندلس ولاية تابعة للمغرب أثناء حكم المرابطين ومن ثم الموحدين كانت العاصمة لكلتا الدولتين المتتاليتين مدينة مراكش المغربية, انتهى هذا العصر بهزيمة الموحدين أمام الجيوش الأوروبية المتحالفة في مسقطة العقاب عام 609 هـ 1212 م أعقب ذلك فترة ملوك طوائف ثانية, أنهى وجودها الإسبان ولم يبقى منها غير مملكة واحدة وهي مملكة غرناطة.

5. عصر مملكة غرناطة: أوالدولة الناصرية أودولة بني الأحمر, وهوآخر عصر إسلامي في الأندلس من عام 1231م حتى عام 1492 م, وهي السنة التي سقطت فيها المملكة في أيدي الملك فرناندوالثاني والملكة إيزابيلا, وهي نفس السنة التي اكتشف فيها كريستوف كولومبس قارة أمريكا.

المصادر

  1. ^ ابن الكردبوس: في مجلة معهد مدريد 1965
  2. ^ كتاب في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص265
  3. ^ المقري: نفح الطيب ج1 ص241, 237
  4. ^ راجع (ابن قتيبة: الامامة والسياحة ج2ص115, ابن القوطية: تاريخ افتتاح الأندلس ص120).
  5. ^ راجع (ابن الكردبوس: كتاب الاكتفاء في أخبار الخلفاء ص12 نشر أحمد مختار العبادي, صحيفة معهد مدريد 1965, أحمد مختار العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص267, 268).
  6. ^ أحمد مختار العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص275, وراجع(رحلة ابن بطوطة ج4 ص356 الطبعة الأوروبية)
  7. ^ أحمد مختار العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص275
  8. ^ ابن عبد الحكم: كتاب فتوح أفريقية والأندلس ص96 (نشر وترجمة جاتو, الجزائر, 1948)
  9. ^ راجع (ابن عذارى: البيان المغرب ج2 ص10(طبعة بيروت)
  10. ^ راجع (أحمد مختار العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص280)
  11. ^ ابن عذارى: البيان المغرب ج2 ص17 (طبعة بيروت)
  12. ^ أحمد مختار العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص280.
  13. ^ راجع روايات الرازي والمسعودي وابن حيان وابن سعيد في (المقري: نفح الطيب ج6 ص82وما بعدها)

انظر أيضاً

  • تاريخ الأندلس
  • الأندلس في القرن الخامس الهجري
  • ملوك الطوائف
  • الأندلس

وصلات خارجية

  • Gibbon, Edward. "51". .
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:48:17
التصنيفات: نزاعات القرن الثامن, الأندلس, أوائل العصور الوسطى, التاريخ العسكري للأمويين, غزوات, الإسلام في الپرتغال, الإسلام في إسپانيا, الپرتغال العصور الوسطى, إسپانيا العصور الوسطى, Visigothic Hispania, حروب الشعوب الجرمانية, القرن الثامن في إسپانيا, القرن الثامن في الپرتغال, تاريخ الأندلس, فتوحات إسلامية, تاريخ إسلامي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

باريس: توريد السلاح إلى أوكرانيا لا يضعف الجيش الفرنسي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:02
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 94%

موسكو: الانتخابات النصفية لن تحسن العلاقات المتدهورة مع واشنطن

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:28
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 88%

الكرملين يعلق على الانتخابات الأمريكية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:05
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 87%

لبنان: تفكيك 8 خلايا إرهابية لتنظيم "داعش" خلال 4 أشهر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:08
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 94%

صدمة.. غياب ماني عن كأس العالم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:13
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 91%

مصر.. أسرة علاء عبد الفتاح توجه طلبا عاجلا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:03
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 90%

الكشف عن هوية الجندي الروسي "قاهر القنابل اليدوية"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:11
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 93%

إسرائيل: إحباط عملية تهريب ضخمة عبر سيناء

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:12
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 89%

قرار من الحكومة المصرية مفاجئ لموقع "هيوومن رايتس ووتش"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:01
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 98%

فرنسا: رفض إيطاليا رسو سفينة مهاجرين "غير مقبول"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:29
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 93%

حظر 6 آلاف مشجع أرجنتيني من دخول ملاعب مونديال قطر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:14
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 99%

عالم نفس عسكري يوضح خطورة المرتزقات البولنديات في أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:15
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 92%

الجيش الإسرائيلي يكشف طريقة تأمين حدوده مع مصر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:06
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 97%

اتصال هاتفي بين بوتين ولوكاشينكو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:05
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 90%

بيسكوف يعلق على التقارير بشأن "المفاوضات مع الولايات المتحدة"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:17:00
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 97%

الكرملين يرد على مزاعم عن فناء البشرية بسبب المناخ

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-09 12:16:59
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 98%

تحميل تطبيق المنصة العربية