الانقلابات العسكرية التركية

عودة للموسوعة

الانقلابات العسكرية الهجرية

بعد إعلان الجمهورية الهجرية في الربع الأول من القرن العشرين على أنقاض الدولة العثمانية، قام النظام الحاكم على قيادة عسكرية شمولية تبنت المبادئ الفهمانية للدولة، وأرادت حتى تنشئ دولة حديثة على غرار الدول في أوروبا.

وبالتالى وجدت العقيدة التى يقوم عليها الحكم الجديد مقاومة كبرى، كان لا بد لأساطين النظام الجديد من وصفها بالرجعية ومعاداة الثورة، ومن ثم عمل بكل السبل على بتر ذلك النوع من المقاومة من جذوره والذى تطلب تغييراً تاماً لتلك الحروف التى خط بها ذلك الفكر، بل والدين أصلاً.

يمكن القول حتى هجريا وعلى مدى تاريخها الطويل الذى شهد أدواراً مختلفة للحياة السياسية، كان الجيش من المؤثرات الكبرى على الحياة السياسية، وعلى الرغم من وجود الدستور والقوانين التى تؤطر للتداول السلمى للسلطة السياسية إلا حتى التاريخ السياسى الهجرى قد شهد الكثير من الانقلابات العسكرية، ويمكن النظر إلى ذلك باعتبار حتى هجريا لم تستطع حتى ترسخ القيم الديمقراطية التى تجعل الاحتكام إلى صوت الأغلبية أمراً طبيعياً، كما يحدث في الدول الغربية، بل نجد حتى الغرب نفسه لم يكن يريد لهجريا الديمقراطية التى يمكن حتى تجلب الموروث الثقافى للأتراك إلى حياتهم العامة.

خلفية

بعد حتى تغير الهدف الاستعماري العالمي من احتلال مباشر إلى مناطق نفوذ واستقطاب ثقافى واقتصادى تشكل فيه الدول التابعة بما تريده الدول ذات السيادة والريادة بما ملكته من نواصى القوة المادية والتكنولوجية وتفوقها الواضح الذى جعل تعاملها مع حركات التحرر والانعتاق من ربقتها لا يحتاج إلى تدخلها المباشر، بل يقوم به العملاء ويمكن حتى نخفف الحدثة ونسميهم بالأصدقاء الذين يقومون بالقضاء على تلك الحركات في مهدها ليظل النظام العالمى يسير وفق ما يريده السادة، وبالتالى أصبحت القوى العسكرية في العالم الثالث هى المفصل الأساسى في ذلك.

غير حتى الغرب قد حسم ووطّد للديمقراطية عند شعوبه وأصبح التبادل السلمى للسلطة لشعوبه ورفاهيتها أمراً ليس عليه جدال، وأصبح الجزء الآخر من العالم تحت قطبية الاشتراكية التى تتبناها موسكو، وبين هذا وذاك أصبحت حكومات الدول ذات التبعية تتقلب بين الأنظمة العسكرية التى تصادق الغرب أوالعسكرية التى تدور في فلك منظومة حكومات شمولية تتبنى الفكر الاشتراكى إلى حتى وصل العالم بانهيار الشيوعية إلى وضعه الجديد الذى نعيشه الآن.

وهجريا الحديثة بفكر الثورة التى قادها مصطفى كمال أتاتورك لم تكن في معزل عن ذلك، ولكن كانت لها خصوصياتها والتى تجلت في إرثها التاريخى الكبير وأنها لم تقع تحت الاحتلال كبقية دول العالم بعيد الحرب العالمية الأولى.


الدولة العثمانية والجيش

من المعلوم حتى الأتراك عاشوا في بقاع مختلفة من العالم إلا حتى ثقلهم في منطقة آسيا الوسطى التى هاجروا منها إلى الأناضول التى تمثل القسم الأكبر من هجريا الحالية في الجزء الأوروبى والتى أصبحت في ما بعد موطناً عملياً للأتراك. وكان العامل العسكرى هوالأقوى عند الدولة الهجرية في توحيد المنطقة ومن ثم مواصلة الغزوغرباً ليجتاحوا أوروبا الشرقية وينهوا الدولة البيزنطية ويدخلوا الإسلام إلى ربوع أوروبا حتى أبواب فيينا. وأصبح الأمر أكثر عمقاً بقيام الجمهورية الهجرية في عام 1923.

وهذه الهجرات التى قام بها الأتراك ومع دخولهم في الإسلام فقد كانوا عنصراً أضاف إلى المدنية الإنسانية الكثير فقد أقاموا دولة السلاجقة الكبرى ودولة سلاجقة الأناضول والدولة العثمانية ثم جمهورية هجريا الحديثة. وفى إقامة جميع ذلك الإرث التاريخى كانت القوة العسكرية الضاربة عاملاً مؤثراً في قيام الدولة ووصيانة أراضيها.

فالعنصر الهجري الذى استعانت به الدولة الإسلامية كانت إسهاماته الأولى في الجانب العسكرى، وكانت نتيجة طبيعية حتى يلعب الجانب العسكرى دوراً فاعلاً عند السلاجقة أوالعثمانيين والذين كانوا أصلاً يسمون بسلاجقة الروم وكانت دولتهم في تخوم الدولة البيزنطية والذين أعجبهم لقب غازى الذى خلعه عليهم السلاجقة لمواصلتهم الجهاد تجاه الدولة البيزنطية.

وعندما قامت دولتهم على أنقاض دولة السلاجقة كان العامل العسكرى هوالأقوى في توحيد المنطقة ومن ثم مواصلة الغزوغرباً ليجتاحوا أوروبا الشرقية وينهوا الدولة البيزنطية ويدخلوا الإسلام إلى ربوع أوروبا حتى أبواب فيينا.

وقد أثر نظام الجيش حتى في النظام الإدارى المدنى في الأماكن المفتوحة فكانت الوحدة الإدارية الأساس تسمى (السنجق) والتى تعنى اللواء. هذا اللواء أوالسنجق هوالذى يقوم على السلطة السياسية والعسكرية. وإن استطاع قائد اللواء حتى يوسع أراضى الدولة بحيثقد يكون فيها عدد من السناجق تتوسع إدارياً لتصبح (أيالة) أوولاية. وكان في الأغلب الأعم حتى تكون الطبقة الإدارية من أصحاب السيف والقلم، أي؛ من ذوى الفهم والقيادة العسكرية. حتى حتى الصدر الأعظم الذى كان بمثابة رئيس الوزراءقد يكون من هذه الطبقة.

وبالنظر إلى التطورات التى شهدتها الدولة العثمانية حتى نهايتها نجد حتى الجيش كان عنصراً مهماً في التغيرات السياسية التى طرأت على الدولة العثمانية. فإن كان السلطان يأتى من آل عثمان دون منازع إلا حتى تغيير هؤلاء السلاطين وتغليب أحدهم على الآخر كان للجيش دور مهم فيه.

ولا يخفى دور العسكر الجدد (ينى شريه أوالانكشارية) في ذلك، حتى حتى أن ماي عهد بحركة الإصلاحات العثمانية أول ما استهدفته هوالمؤسسة العسكرية التى أرست نظاماً عسكرياً جديداً يعلي من العقيدة العسكرية الأوروبية والذى لعب دوراً مؤثراً في الإطاحة بنظام السلطان عبدالحميد الثانى العدواللدود للغرب وصاحب الإصلاحات الإسلامية.

هذا الإرث التاريخى للعسكرية العثمانية أهلها لأن تأخذ بزمام المبادرة في الحركة القومية ضد القوى الغازية بعد الحرب العالمية الأولى لتعلن وفاة الدولة العثمانية وقيام الجمهورية الحديثة على أسس جديدة، أهمها الدولة واللادينية السياسية والشعوبية والتطور والمعاصرة والتسامح.

هذا الإرث التاريخى ساعد قادة الجمهورية الحديثة على إرساء قواعدها طوعاً وكرهاً، ومن ثم ترجمة مبادئ الثورة في دستور البلاد ومؤسساتها السيادية، وأصبح الجيش هوالحامى لتلك المبادئ الجديدة وحارساً لها.

جمهورية هجريا والجيش

يعد الجيش الهجري عنصراً فاعلاً في بناء جمهورية هجريا الحديثة في شتى مناحيها. وعمل القائمون عليه على تطويره فأصبح من أقوى جيوش المشاة في العالم وله قوة بحرية وجوية لا يستهان بها أيضاً. فرجال الجيش الهجرى كانت لهم يد طولى في تولى الكثير من المناصب المهمة في الدولة وفى حزبها الأوحد في حياة مصطفى كمال أتاتورك. كذلك كان لرجال الجيش الهجرى يد طولى في تولى الكثير من المناصب المهمة في الدولة وفى حزبها الأوحد في حياة مصطفى كمال أتاتورك.

وقد عهدت الفترة الأولى لجمهورية هجريا بفترة الحزب الواحد لمن يؤرخون للديمقراطية في هجريا والذى ظل يحمل اسمه ذاك حتى اليوم حزب الشعب الجمهوري وهوالحزب الذى أسسه قائد الثورة، وقاد الحياة النيابية في هجريا منفرداً حتى قيام الحرب العالمية الثانية.

ولما كانت الفترة الأولى للجمهورية بحاجة إلى تثبيت أركان النظام نجد حتى الجيش الهجرى قد لعب دوراً بارزاً في القضاء على الثورات الدخلية والتحركات الانفصالية داخل الدولة.

حتى حتى إقامة النظام خارج المدن الكبيرة لم يهجر للشرطة وقامت به قوات الشركة العسكرية الجاندرمة والتى لها مراكز داخل وخارج المدن لاحتواء ما لا تستطيعه الشرطة العادية، ولها وحدات للنجدة والتى يمكن حتى تستدعى حتى بواسطة المواطن إذا رأى خطراً كبيراً.

وبالتالى يمكن القول حتى الجيش الهجرى امتدت سلطاته، بجانب الدفاع عن العدوالخارجى وتثبيت أركان الجمهورية، إلى حفظ الأمن وحراسة الجمهورية، بل وممارسة السياسة بتولي بعض قادته المناصب القيادية في الدولة والحزب، وأعانهم على ذلك الإرث التاريخى المقبول من المواطن الهجرى.

عند وفاة أتاتورك لم يكن الأمر يحتاج إلى كبير عناء، فقد تولى الأمر من بعده نائبه وزميله في العسكرية عصمت أننو، الذى لُقب بالقائد القومى. وتواصلت المسيرة على نفس وتيرة أتاتورك، بل وكان لعصمت دور بارز في تطبيق بعض السياسات اللادينية حرفياً والتى لم تطبق من قبل.

وقد ظلت الديمقراطية تمارس من خلال هذا الحزب الأوحد. وكانت هنالك محاولات لقيام أحزاب أخرى منذ عهد أتاتورك مثل حزب محبي الترقي الجمهوري (1924-1925م) والذى ضم كبار العسكريين الذين استنطقوا من حزب الشعب الجمهورى من أمثال كاظم كره بكر وعلي فؤاد وجعفر الطيار.

كذلك جاز أتاتورك لأحد معاونيه بإنشاء حزب آخر إلا أنه سرعان ما عدل عن رأيه وقام بإغلاقه. كان ذلك الحزب هوحزب الجمهورية الحرة (12 أغسطس - 17 نوفمبر 1930). كذلك شهد عهد أتاتورك أول حركة مسلحة ضد الجمهورية بقيادة الشيخ سعيد بالأناضول.

ويمكن القول حتى فترة أتاتورك (1923-1938م) شهدت إلغاء نظام الخلافة وتوطيداً للنظام الجمهورى. ولم تشهد تلك الفترة أى تدخلات انقلابية من الجيش لتغيير نظام الحكم في عهد أتاتورك، بل كان الجيش هوحامى ذلك النظام ووسيلته لبسط الاستقرار على مدى خمسة عشر عاماً.

وفى عهد عصمت إينووبعد نذر الحرب الباردة، بعيد الحرب العالمية الثانية، وتبنى الغرب لنشر الديمقراطية في العالم، عثر نظام الجمهورية تحت قيادة عصمت أننوأنه لا بد من السباحة مع ذلك التيار ففتح الباب في هجريا أمام التعددية الحزبية.

وقام على إثر ذلك الحزب الديمقراط فيسبعة يناير 1946 ولم يمض وقت طويل على ذلك حتى نافس الحزب الديمقراطى الوليد حزب الشعب الجمهورى، فمن الحزب المعارض الرئيس داخل البرلمان إلى قيادة الحكومة في الدورة الثانية للانتخابات ليحكم منفرداً (1950-1960م).

وكانت هذه هى المرة الأولى في تاريخ الجمهورية التي حكمت فيها الدولة بحزب غير حزب أتاتورك، ويتحول حزب الشعب الجمهورى إلى المعارضة.

وقد عمل الحزب الديمقراطى على إعطاء مزيد من الحريات، لا سيما في مجال المعتقدات الدينية، كما فتح الباب أمام نوع من التعليم الدينى في المدارس النظامية، الأمر الذى أثار حفيظة الحزب الجمهورى المعارض، الذى عمل على تهيئة المناخ أمام انقلاب عسكرى، بما قام به من مشاكل في المدن الكبرى، لا سيما بعد اللجنة التى كونها المجلس للتحقيق في المجموعات التى تشجع على الكراهية وإشاعة الفوضى والانقسامات في صفوف المواطنين والتى كانت أيدي حزب الشعب الجمهورى بينة فيها.


الانقلاب الأول على الديمقراطية 1960

لأسباب متعددة أدى الأمر لانفجار الخلاف بين المعارضة والحزب الحاكم، كانت نتائجه بعض المظاهرات المتنوعة في إسطنبول وأنقرة، مما أدى إلى تدخل الجيش الذى أعرب قائده آنذاك البارسلان هجرش في 27 مايو1960 حتى الجيش قد سيطر على منطقيد إدارة البلاد. نتيجة لذلك شكلت محاكمات قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس والحكم بالمؤبد على رئيس الجمهورية جلال بايار. تدخل الجيش بقيادة البارسلان هجرش وسيطر على منطقيد إدارة البلاد يوم 27 مايو1960، وشكلت محاكمات قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس. وبدأت الحكومة العسكرية بعض الإجراءات في تغيير الدستور ليتوافق مع عدم الانقلاب على أفكار أتاتورك، كما قامت بالتعديل في كثير من القوانين التى تقيد الانفتاح الاقتصادى.

وكان من أبرز أهداف حكومة الاتحاد القومى العمل على حل المشاكل بالمبادئ التى اتى بها أتاتورك وإبعاد وإقصاء ما خرج إلى الوجود من مظاهر الرجعية، ومن ثم عمد رئيس الجمهورية البارسلان إلى ضرورة تحويل الحكومة بعد هذه الإصلاحات إلى الحكم المدنى الديمقراطى.

أقام الانقلابيون بعد إعدام مندريس انتخابات شكلية في 15 أكتوبر 1961، فنال حزب الشعب بقيادة أنينو173 مقعداً (36.7%)، ونال حزب العدالة بقيادة سليمان ديميريل 158 مقعداً (34.7%)، ونال حزب هجريا الجديدة 65 مقعداً، ونال حزب الفلاحين الجمهوري 54 مقعداً.

وبانتخاب صُوري أصبح الجنرال جمال غورسيل رئيساً للجمهورية في 27 أكتوبر 1961، مثلما أصبح أنينورئيساً للوزارة الائتلافية بعد الاتفاق مع سليمان ديميريل؛ رئيس حزب العدالة، ففشلت الوزارة واستنطقت في 1962. وشكل أنينوحكومة ائتلافية مع حزب الفلاحين الجمهوري.

محاولة انقلابية فاشلة 1963

وساءت الأحوال فقام الكولونيل طلعت آيدمير بمحاولة انقلابية فاشلة سنة 1963 أدت إلى إعدامه سنة 1964، وساءت الأحوال مرة أخرى، وأجريت الانتخابات النيابية سنة 1965 ففاز حزب العدالة بقيادة ديميريل بغالبية 53% من مقاعد البرلمان، وشكل ديميريل الحكومة من حزبه وأصبح حزب الشعب في خانة المعارضة.


انقلاب عام 1971

مات الرئيس جمال غورسيل سنة 1966، فانتخب رئيس الأركان جودت صوناي رئيساً للجمهورية، وحصلت الانتخابات سنة 1969 ففاز حزب العدالة وفشل حزب الشعب فحرك أنصاره من العسكر فاستولوا على السلطة في 21 مارس 1971. وبعد حتى خلت الساحة لحزب الشعب أعرب عن إجراء الانتخابات في أكتوبر سنة 1973.

انتخابات عام 1973

نال حزب الشعب بزعامة بولنت أجاويد 158 مقعداً، وحزب العدالة بزعامة ديميريل 149 مقعداً، وحزب السلامة الوطني بزعامة نجم الدين أرباكان 48 مقعداً، والحزب الديموقراطي بزعامة بوظبيلي 45 مقعداً، وحزب الثقة بزعامة تورخان فيضي أوغلي 13 مقعداً، والمرشحون المستقلون ٦ مقاعد، وحزب العمل القومي بزعامة الطوراني ألب أوفدان توركش ٣ مقاعد، وحزب الوحدة العلوي مقعداً.

وشكل رئيس حزب الشعب أجاويد حكومة ائتلافية بالاشتراك مع حزب السلامة بقيادة نجم الدين أرباكان في يناير سنة 1974 واستمر ذلك الائتلاف حتى 18/9/1974 حين قدم أجاويد استنطقته التي قُبلت بعد ستة أشهر، وحلت محل حكومته حكومة ائتلافية برئاسة رئيس حزب العدالة؛ سليمان ديميريل، وضم الائتلاف حزبي السلامة والعمل القومي، فاستمرت حتى أجريت الانتخابات النيابية فيخمسة مايو1977.

فاز حزب الشعب الذي أيده الشيوعيون الفهمانيون بـ 213 مقعداً، وتلاه حزب العدالة بـ 189 مقعداً، وحزب السلامة بـ 24 مقعداً، وحزب العمل القومي بـ 16 مقعداً، وحزب الثقة بـ ٣ مقاعد، والحزب الديموقراطي بمقعد واحد، ونال المستقلون ٤ مقاعد.

وقام أجاويد بتشكيل وزارة من نواب حزب الشعب فقط فلم تنل وزارته ثقة المجلس الوطني (البرلمان) فقدم استنطقته جراء فشله. وشكل ديميريل حكومة من ائتلافه السابق استمرت حتى شهر ديسمبر 1977، ثم استنطقت.

وفي يناير 1978 شكل أجاويد وزارة ائتلافية مع الحزب الديموقراطي، وحزب الثقة، والنواب المستقلين، وأيده عشرة نواب من حزب العدالة ممن ينتسبون إلى التيار المؤيد للفهمانية من أبناء المناطق الشرقية.

إلى غير ذلك حصلت وزارة أجاويد على ثقة المجلس بأكثرية 231 صوتاً، وعارضه 129 نائباً، ومارست الوزارة أعمالها بطريقة متدنية للغاية، فاستنطق عشرة وزراء من الحكومة التي استمرت رغم الخلل وبقي أجاويد في الحكم.

ثم حصلت الانتخابات الفرعية في ديسمبر سنة 1979، وجرت تلك الانتخابات لملء ٥ مقاعد نيابية فاز بها حزب العدالة وحصل على ٣٣ مقعداً في مجلس الشيوخ أيضاً. وهُزِم حزب الشعب في الانتخابات، وتفوق عليه حزب العدالة، فشكل ديميريل حكومة من حزبه فقط ومنحه الثقة نواب (السلامة) و(العمل القومي).


انقلاب كنعان إفرين 1980

بعد الفشل الذي جناه حزب الشعب لم يبق أمامه سوى التآمر مع العسكر لقلب نظام الحكم، وقاموا بالانقلاب 12 سبتمبر بقيادة كنعان إفرين، الذي علق الدستور وأعرب الأحكام العهدية في هجريا بعدما انتهت فترة رئاسة رئيس الجمهورية؛ فخري كورتورك فيستة أبريل 1980.

أصدر العسكر دستور حديث في 2 سبتمبر 1982، تضمن نصاً صريحاً على حظر الأحزاب الدينية والفاشية والاشتراكية، وبذلك تم حظر الأحزاب المناوئة لحزب الشعب والفهمانية

وتولى الرئاسة بالوكالة رئيس مجلس الشيوخ؛ إحسان صبري جاغلايان، وعجز المجلس الوطني عن انتخاب رئيس جمهورية حديث بسبب ضغوط العسكر وفتن حزب الشعب وأنصاره.

وبعد الانقلاب حُكمت البلاد حكماً عسكرياً ثم أصبح قائد الانقلاب كنعان إفرين رئيساً للجمهورية.

أصبح إفلاس الفهمانيين، وعلى رأسهم حزب الشعب، أمراً ملموساً، وصار فشلهم الانتخابي من الأمور الحتمية، لهذا اتخذت المؤسسة العسكرية قراراً بتعليق نشاط الأحزاب ثم حلها، وأصدر العسكريون ما سمي "قانون الأحزاب السياسية" في 24 أبريل 1983، وبعده صدر قانون الانتخابات في 13 يوليو1983.

وكان العسكريون قد أصدروا دستوراً جديداً في 12 سبتمبر 1982، منح بموجبه رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، لم يتمتع بها أي رئيس جمهورية هجرية قبل ذلك، وتضمن دستور 1982 نصاً صريحاً في المادة 13 على حظر الأحزاب الدينية والفاشية والاشتراكية.

وبذلك تم حظر الأحزاب المناوئة لحزب الشعب والفهمانية، واتى في المادة 96 من قانون الأحزاب ما يحظر استخدام مصطلحات "الشيوعية والفوضوية والاشتراكية والفاشية والقومية، والدين والعرق، واللغة والطائفة والممضى" أوأي حدثات تعطي معاني مشابهة، إلى غير ذلك حلت أحزاب المعارضة.

هكذا تكونت الخريطة الهجرية جغرافياً وسكانياً ودينياً وممضىياً وحزبياً. ونجد حتى أوروبا قد دعمت الحكومة الهجرية أيضاً على هذا الأساس فقبلت هجريا في الاتحاد الجمركي الأوروبي، وهذا ما اعتبره أنصار التغريب نصراً.


فترة تورغت أوزال 1983

وهي فترة حكم حزب الوطن الأم بزعامة تورغوت أوزال الذى صبغ هذه الفترة بلون خاص، حيث حوّل هجريا إلى النهج الليبرالي في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسياسات التعليم والإعلام وغيرها.

وتورغوت أوزال يصنّف إسلامياً ليبرالياً، حيث نشأ في عائلة كردية ذات تربية صوفية نقشبندية، الأمر الذي ساعده في استقطاب الكثير من هذه الجماعات، حيث أسس حزب الوطن الأم في مايو1983 ليحصل على الأغلبية المطلقة في انتخابات نوفمبر من العام نفسه، ويتسلّم السلطة من الجنرالات الانقلابيين.

ونجح في تحقيق توازن بين حكومته ومراكز النفوذ في الدولة من القيادات العسكرية أوالمؤسسات الكمالية نتيجة خبرته الطويلة في وظائف الدولة والبنك الدولي.

وهذه الفترة عمقت الديمقراطية في هجريا وقللت من خطر المفاجآت الانقلابية، فنشط في عهده التعليم الديني وانتظمت معاهد الأئمة والخطباء والكليات الشرعية وسمح لطلاب المعاهد الدينية لأول مرة بالالتحاق بكليات الشرطة والأكاديميات العسكرية، وكذلك فتح عهد تورغوت أوزال الباب أمام المصارف الإسلامية وظهرت مجموعات اقتصادية تابعة لجماعات دينية مختلفة استثمرت في مجالات التجارة والصناعة والصحة والإعلام والتعليم.

وعلى أساس دستور 1982 اتىت الانتخابات في 24 ديسمبر 1995 وأتت بحزب الرفاه وحليفه الطريق القويم إلى السلطة ليصبح الزعيم الإسلامى نجم الدين أربكان رئيساً للوزراء، مما أغضب الفهمانيين ونادىهم إلى تحريك الإذرع العسكرية ضد الحكومة المنتخبة.

أحداث فبراير 1986 - الانقلاب على الإسلاميين

تم استخدام قانون 1982 بتفسير مواده على أساس حتى أربكان يسعى إلى تطبيق الشريعة وإعادة النظام الرجعى فحظر الحزب وأُدخل أربكان وكبار معاونيه السجن، وكذلك رئيس الوزراء الحالى رجب طيب أردوغان والذى منع حتى من ممارسة السياسة.

وبحظر حزب الرفاه وطرد بعض نوابه من البرلمان عُهد بأمر الحكم إلى الحزب الثالث (حزب اليسار الديمقراطى)، بزعامة أجاويد الذى شكل حكومة ائتلافية من عدد من الأحزاب وكانت ضعيفة إلا أنها تقوت بالعمل العدائى تجاه مؤسسات المسلمين والتضييق عليهم ودعمها العسكر في ذلك، بل وجدت الدعم العالمى نتيجة الأحداث في الشرق الأوسط، فقد أهدى لها تسليم قائد حزب العمل الكردستانى كسباً سياسياً لتدخل بذلك الرصيد إلى انتخابات 1999 ليفوز حزب اليسار الديمقراطى بأعلى الأصوات، يليه حزب الحركة القومية ثم حزب الوطن الأم ليشكلا حكومة ائتلافية بزعامة أجاويد.

ونتيجة للتردى الاقتصادى في ظل هذه الحكومة والكوارث التى تعرضت لها هجريا من الزلازل ومن ثم الكارثة الاقتصادية التى عصفت بالقطاع الصناعى وأثرت حتى على مستوى المعيشة، تطلع المواطن إلى حل يمكن حتىقد يكون قد ذاق طعم نظافة يده وجديته، فاتىت انتخابات 2003 بفوز حزب (العدالة والتنمية الوليد) والذى أسسه رجب طيب أردوغان وكان رئيساً لبلدية استانبول الكبرى في عهد حكومة الرفاه وعبد الله غول وعدد من الإسلاميين الذين انفصلوا عن حزب السعادة الذى هوامتداد لحزب الرفاه والفضيلة.

وفى هذه الفترة عمد رجب طيب إلى تدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان بالسعى في الإصلاحات التى يطلبها الاتحاد الأوروبى في القانون والدستور فكانت برداً على الديمقراطية في هجريا وإن كان العسكر قد لوح بالعصا، حينما أراد حزب العدالة حتى يختار رئيس الجمهورية من داخل البرلمان فتعالت أصوات الفهمانيين والعسكر فأجابهم حزب العدالة والتنمية بانتخابات برلمانية جديدة كان فوزه فيها ساحقاً، فاختير لأول مرة رئيس للجمهورية من الإسلاميين الذين كان لهم تاريخ مشهود.

لم يرض ذلك أساطين الفهمانية فعمدوا إلى أساليبهم القديمة وبدأوا بتحريك بعض الفتن التى تقود إلى انقلاب إلا حتى حزب العدالة، ومن يقف معه من الصف الوطنى، كشفوا تلك الألاعيب وقدموا جميع من يقوم بذلك بالقرائن إلى المحاكم. وربما أنه في تاريخ هجريا الحديث لأول مرة تحدث اعتنطقات في صفوف العسكر ودهاقن اللادينية السياسية، وبرز ذلك الغضب في خطاب زعيم حزب الشعب الجمهورى والصحف اللادينية وبعض قادة الجيش إلا حتى الأمر كان قد استند على جوانب قانونية محكمة فاضطرت الأصوات المناهضة للتقليل من حدتها، الأمر الذى دفع إلى القول أنه لأول مرة في تاريخ هجريا الحديث يستطيع حزب ديمقراطى الاستفادة من القوانين في تحجيم الجيش صاحب الذراع الأقوى في التغيير السياسى في هجريا.

المصادر

  1. ^ د. طارق محمد نور. "الانقلابات العسكرية في هجريا". مركز الشروق. Retrieved 2012-06-20.

المراجع

  • Durmuş Yalçın, Türkiye Cumhuriyetı tarihi I, Atatürk Araştırma merkezi, ikinci baskı,Ankara 2002, s. Xv.
  • Ergün Aybars, Türkiye Cumhuriyeti Tarihi I, Ercan kitabevi, İzmir 2000, s. 383
  • لمزيد من المعلومات عن الجيش العثمانى انظر: İsmail Hakkı Uzunçarşılı, Osmanlı Tarihi II, TTK, Ankara 1998, s. 553-578:
  • Mustafa Budak, İdealden Gerçeğe( Misak-i Milli'den Lozan'a Dış politika), Küre, İstanbul 2002, s. 23-27.
  • Salahi R. Sonyel, Türk kurtuluş savaşı ve dış Polıtıka II,TTK, 1991, s. 3-5.
  • عصمت بوز داغ، الأبعاد العالمية لأتاتورك، ترجمة: جنكيز كتانه، مطبعة كالكان، انقرة 1999، ص 38=40.
  • Şerafettin Turan, Türk devrim tarihi, bilgi yayın evi, İstanbul 1999, s. 16.
  • Cezmi Eraslan, Siyasi Alanda Yapılan İnkılaplar Yalçın, Ibd, s. 50.
  • Ibd, s. 64.
  • Ibd, s. 52.
  • Cezmi Eraslan, Atatürk'ten sonra Türkiye'nin İç Politikası,Yalçın, Ibd, s. 536.
  • Eraslan, Ibd, s. 548.
  • Aybars, Ibd, s. 383
  • Eraslan, Ibd, s. 577
  • مصطفى محمد، الحركة الإسلامية الحديثة في هجريا، الطبعة الأولى، بون 1984، ص 17.
  • طارق محمد نور، "التيار الإسلامى في هجريا" (ص 67-86)، مستقبل الحركات الإسلامية، سلسلة ندوات التنوير(6)، مركز التنوير المعهدى، تحرير: بهاء الدين مكاوى ومنتصر أحمد النور، الخرطوم 2009، ص 80.


تاريخ النشر: 2020-06-04 15:48:43
التصنيفات: انقلابات عسكرية في تركيا, تاريخ جمهورية تركيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

النجم يفقد خدمات الجمل في الكلاسيكو

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

توقعات متفائلة من صندوق النقد الدولى لمستقبل اقتصاد مصر.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:41
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 39%

هل تحرم الجماهير من متابعة الكلاسيكو

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:02
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

الأهلي يهزم الزمالك فى قمة المرحلة الثانية بدورى رجال الطائرة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:38
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 50%

الأهلي يعلن التعاقد مع مروان عطية لمدة 4 مواسم ونصف رسميا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:32
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 40%

وزير الرياضة يقبل استقالة مجلس الإسماعيلي رسميا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:40
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 48%

مدحت شلبى: كهربا لن يلعب مع الأهلى إلا بعد دفع الغرامة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:37
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 50%

النفط ينهي اليوم على تراجع

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:55
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

 نيوكاسل يونايتد يتعادل سلبيا مع ليستر سيتي بالشوط الاول 

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:12
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 61%

«صناعة النواب» توصى بدعم كيما أسوان لتحقيق طفرة إنتاجية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

61% نسبة تراجع إصدار السندات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:22:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

إقالة جديدة في الرابطة الثانية

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

صدور رواية «سلام على إبراهيم» لـ«محمد عفيفى» قريبًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:59
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

اقتصاديون: يجب السيطرة على حجم التجارة العشوائية وترشيد الاستهلاك

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-11 00:21:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

تحميل تطبيق المنصة العربية