مذكرة الوفد البريطاني

عودة للموسوعة

مذكرة الوفد البريطاني

مذكرة الوفد البريطاني، في 29 أبريل 1946، هو"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 498 - 502".

المنشور

لمناسبة الإعلان عن تأليف الوفد البريطاني، رأت الحكومة البريطانية أنه من الأوفق حتى توضح لحضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، بواسطة سفيرها في القاهرة النظريات الأساسية في موضوع المفاوضات المستقبلة والهدف المقصود منها، وزادت على ذلك بأن طلبت فهم مدى تأثير ذلك في نفس دولته بصفته الشخصية.

وقد رأى صدقي باشا أنه مرتاح إلى حتى الفكرتين الأساسيتين اللتين أوضحتهما الحكومة البريطانية في بيانها. هما قبل جميع شيء الرغبة في احترام السيادة والكرامة المصرية والاعتراف بأمانيها الوطنية، ثم إلغاء معاهدة سنة 1936 واستبدالها بمعاهدة جديدة تماما تبرم في نطاق هيئة الأمم المتحدة.

إلا أنه لم يسعه إلا إبداء دهشته من حتى الحكومة البريطانية بعد حتى أكدت هذين المبدأين، تتقدم باقتراحات من شأنها بقاء قوات عسكرية خارجية في الأراضي المصرية.

ومهما كان الوصف القانوني الذي يمكن حتى يسبغ على هذه الحالة فإن وجود قوات خارجية في أوقات السلم في أراضى دولة ما، إنما هورمز لسيطرة مباشرة أوغير مباشرة. على حتى تلك النظريات القديمة التي كان التسليم بها في الماضي أمرا عسيرا. قد أصبحت اليوم مما لا يمكن التسامح فيه بعد حرب كان من أغراضها الرئيسية ضمان حرية الشعوب، وفضلا عن ذلك فإن مبدأ الحرية هذا، هـوالمبدأ الذي تعضده بريطانيا العظمى، وخاصة في مجلس الأمن، لصالح شعوب لا تتمتع في الواقع بكامل حريتها.

وإن في طبيعة البشر الرغبة العميقة في حتىقد يكونوا سادة في بلادهم الأصلية، وإذن فمن المنطق حتى تكون أول أمنية للشعب المصري هي سحب القوات البريطانية من مصر.

ولا يمكن حتى يتصور المرء وجود اتفاق يحقق رغبات الشعب المصري، وهى رغبات وصفها السفير نفسه في بيانه بأنها ملحة. ولا تحمل تأخيرا، ثم يسجل هذا الاتفاق في صورة ما بقاء قوات خارجية في الأراضي المصرية.

وإن تنازل مصر لبريطانيا العظمى بطريق الإجازة عن جزء من أراضيها. أومنحها قواعد في داخل حدودها أمر لا يتفق مع سيادة الدولة ولا مع شعور الرأي العام المصري العميق - نعم إنه مما لا ريب فيه حتى الحكومة البريطانية قد منحت الولايات المتحدة الأمريكية قواعد

حربية في جزر نائية بعيدة عن أرض الوطن الأصلي (الجزر البريطانية)، ولكن لوحتى اتفاقا من هذا القبيل المبرم بين هاتين الدولتين العظيمتين، عقد بين مصر وبريطانيا وضم جزءا من أرض الوطن لكان له مدى ومعنى مختلفان جميع الاختلاف.

وإن صدقي باشا يرى، مثل الحكومة البريطانية، حتى المعاهدة الجديدة لا يمكن حتى تبرم إلا في حدود ميثاق هيئة الأمم المتحدة، وأن أول مبدأ من مبادئ هـذا الميثاق هوحتى هذه الهيئة قد أنشئت على أساس المساواة المطلقة، بين أعضائها، وأن في وجود قوات عسكرية خارجية في مصر هدما لهذه المساواة بين دولة الاحتلال والدولة المحتلة، كما وأنه يهدم هذه المساواة أيضا بين هاتين الدولتين وباقي أعضاء هيئة الأمم المتحدة ما دام حتى ذلك قد يخول لبريطانيا العظمى مركزا ممتازا في مصر، من جهة، ومن جهة أخرى قد يحدث من نتائجه حتى لا يسمح لمصر بأن تفي بتعهداتها الدولية المتفرعة من هذا الميثاق بمطلق حريتها. ووضع كهذا لا يمكن تصوره بعد الآن إلا بالنسبة للدول المشمولة بالوصاية.

هذا ومن ناحية أخرى فإن وجود قوات خارجية قد يمكن حتى يوجد وسيلة للضغط والتدخل في شئون الدولة السياسية الداخلية مهما كانت النوايا الحسنة التي تضمرها دولة الاحتلال - وفضلا مما تقدم فإن ميثاق الأمم المتحدة لا يسمح بمثل هذا التدخل.

وأخيرا فإن مبدأ الأمن المشهجر الذي قررته هيئة الأمم المتحدة لا يضم تدابير عسكرية وقائية كأن ترابط قوة عسكرية خارجية في أرض دولة أخرى في وقت السلم. فإن على جميع دولة حتى تحقق الأمن في أرضها بواسطة قواتها الوطنية المسلحة، وفى بعض الحالات طبقا لما ينصح به مجلس الأمن وهيئة أركان الحرب العسكرية.

ثم عرض صدقي باشا بعدئذ لفحص الاقتراحات البريطانية التي هي في نفس الوقت ذات ناحية سياسية وأخرى عسكرية.

ففيما يختص بالاقتراحات ذات الناحية السياسية، التي تتضمن أحد أمرين: إما عقد معاهدة يمكن حتى تشهجر فيها بعض بلاد الشرق الأوسط التي يهمها أمر الدفاع عن هذه المنطقة، أومنح بريطانيا العظمى من الدول المذكورة نوعا من التفويض يسمح لها بالاحتفاظ بقاعدة عسكرية في مصر. فقد لاحظ صدقي باشا حتى رأى الجانب المصري كان منصبا دائما على عقد اتفاق ثنائي بين بريطانيا العظمى ومصر. وأنه من ناحيته يفضل هذه الطريقة على الطريقة المعروضة الآن التي تتضمن اشتراك بعض دول الشرق الأوسط في المحالفة البريطانية المصرية، وهوشخصيا لا يعضد فكرة إنشاء اتفاقات تضم تعهدات سياسية وعسكرية بين مصر وبلاد جامعة الدول العربية، فإن هذه الجامعة إنما أنشئت في الواقع على أساس رابطة الأخوة بين أعضائها الناتجة عن التشابه في الجنس

واللغة والتاريخ المشهجر ومسقط البلاد الجغرافى - وهذه الأخوة - تعفى الدول المذكورة من الالتزام بأن تبرم فيما بينها معاهدات سياسية معينة - وصدقى باشا يرى أنه ولوحتى مصر تتمتع في هذه الجامعة بسلطان خاص ومركز أدبى ممتاز إلا أنه يتعين عليها حتى تعمل مستقلة عن غيرها من هذه الدول الصديقة لتسوية علاقاتها مع بريطانيا العظمى، وذلك لأسباب عديدة يرى صدقى باشا حتى الوقت الحالى غير مناسب لإيضاحها.

وعلى عكس ذلك فإن العلاقات بين بريطانيا العظمى ومصر إذا استقرت على قواعد سليمة وسقمية للطرفين فإن نفوذ مصر في الشرق الأوسط سيعمل في هذه الحالة بكيفية من شأنها حتى تجلب لبريطانيا العظمى كثيرا من المنافع.

أما فيما يتعلق بالمسائل الخاصة بالناحية العسكرية فقد لاحظ صدقى باشا حتى ما تطلبه منه بريطانيا العظمى (خاصا بتعهد وجهة نظره فيها) إنما هوتعبير عن أرائه الشخصية، إذ طالما لا خبرة له بهذه الشئون فهولا يتحدث فيها من الوجهة الفنية. ولكنه يعرض نظرياته في هذا الشأن التى تستند إلى المعقول وإلى نظرته إلى الأمور نظرة عابرة.

وبادئ ذى بدء يتساءل صدقى باشا عما يراه الجانب البريطانى في نوع الاعتداء الذى قد تستهدف مصر لخطره، ولا يمكن حتىقد يكون ذلك هوالذى أبرمت من أجله معاهدة سنة 1936 ووضعت له خطة بالدفاع عن منطقة القنال تضم وجود قواعد عسكرية بريطانية في هذه المنطقة وقد ترتب على هذه الحرب حتى هذا الخطر قد استبعد نهائيا، أوعلى الأقل لمدة طويلة جدا. ومن الجهة الأخرى فأنه يمكن لبريطانيا العظمى حتى تنشئ في المستعمرات الإيطالية الواقعة غرب مصر قواعد استراتيجية. ووسائل للدفاع تتوسع فيها حدثا دعت الحاجة.

أما اذا كان يخشى حتى يجىء خطر الاعتداء من جهة الشمال الشرقى فأنه لن يؤثر على مصر إلا بعد حتىقد يكون قد استوعب دولا، أخرى أقرب إلى الشرق، لبريطانيا العظمى من العلاقات معها ما يسمح لها باتخاذ ماتراه ضروريا من التدابير، وإن مصر في هذا الشأن ليست في مركز الدولة التى تجد نفسها في الصف الأمامى وتعانى صدمة الاعتداء الأولى.

وأما من جهة النظرية الخاصة بالعمليات العسكرية البرية فإنه لايمكن الآن حتى يخشى على مصر من الأخطار التى كانت تهددها فيما مضى، ولذلك فلا محل لاتخاذ احتياطات دفاعية استثنائية كبقاء قوة عسكرية خارجية في وقت السلم في منطقة قنال السويس. وكذلك فان وجود هذه القوة لاضرورة له لرد اعتداء يأتى من البحر أوالجو، فضلا عن حتى القوات البريطانية البحرية والجوية منضمة إلى قوات الأمم المتحدة كفيلة في هذه الحالة بإبعاد جميع خطر يأتى من هذه الناحية.

على حتى الاقتراحات البريطانية المتعلقة بالدفاع عن قنال السويس لا تكترث به وضربت صفحا على كون القنال طريقا للمواصلات الدولية قبل جميع شيء. وأن دستوره ( ) يجب حتى يستند إلى سيادة الدولة الإقليمية وعلى المساواة في الحقوق بين جميع الدول سواء منها التي سقطت على اتفاقية سنة 1888 أولم تسقط، وفى هذا الخصوص يلاحظ حتى مبادئ هذه الاتفاقية تنسجم تمام الانسجام مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فيجب احترامها وتطبيقها من حديث ضمن حدود هذا الميثاق تحت إشراف مجلس الأمن.

وبهذه المناسبة لفت صدقي باشا النظر إلى حتى مصر لن تقصر في حتى تتخذ بنفسها، كافة وسائل الدفاع الضرورية، على حتى أمنية مصر بأكملها متى استردت حريتها التامة. هي حتى تؤمن بنفسها الدفاع عن أراضيها ومن ضمنها قنال السويس. وذلك بأن تهيئ لقواتها العسكرية النموالذي يدعوإليه مركزها.

ثم انتقل صدقي باشا إلى موضوع رغبة الحكومة البريطانية في تعرّف اقتراحاته.

فأشار فورا إلى حتى موضوع العلاقات المستقبلة مع بريطانيا العظمى قد تجاوز حتى درسه الجانب المصري بإسهاب، وإن وفد المفاوضة المصري لعلى استعداد بأن يقدم لوفد المفاوضة البريطاني اقتراحات عملية في هذا الشأن.

وذكر أنه من الآن، وبصفة شخصية محضة، يرى حتى يخطر السفير بأن الجانب المصري يرى حتى تكون العلاقات بين مصر وبريطانيا العظمى في حالة تسمح بتحقيق تحالف بين البلدينقد يكون مشبعا بروح الصداقة المتبادلة، هذه الصداقة التي يحتاج إليها الطرفين.

وأن صدقي باشا يرى أنه لا يمكن تحقيق هذا التحالف إلا بعقد معاهدة جديدة على نمط المعاهدات التي أبرمت منذ سنة 1941 بين دول مختلفة، وأن تضم هذه المعاهدة التزاما من الطرفين بأن يقدم جميع منهما للآخر في حالة نشوب حرب لم يثرها أحدهما جميع تعضيد حربي. أوغيره، ويبذل جميع مساعدة في مقدوره، وذلك إلى حتى تدخل الوسائل التي يقررها مجلس الأمن من أجل المحافظة على السلام أولإعادته، في دور التطبيق (مادة 51 من الميثاق).

ويرى صدقي باشا حتى تتفق السلطات العسكرية في البلدين على كيفية تبادل هذا التعضيد وتلك المساعدة، وعلى ذلك يجب حتى تهيأ في أوقات السلم وسيلة لتحقيق التعاون بين هيئتي أركان حرب الدولتين، وإن مصر لم تغفل عن تقدير ما لبريطانيا من خبرة في هذا الشأن وما لها من وسائل كبرى لتطبيق ذلك.

ولكن يجب حتىقد يكون مفهوما حتى هذا الاستعداد لن يؤدي بأية حال إلى مرابطة قوات خارجية في الأراضي المصرية في أوقات السلم، بل بالعكس يجب حتى يضم الاتفاق الجديد نصا يتضمن انتهاء الموقف الحالي. وذلك بجلاء القوات البريطانية جلاء تاما عن مصر.

وقد أخطر صدقى باشا السفير بأن الجانب المصرى يعد بالعمل مشروعا للمعاهدة سيقدمه للوفد البريطانى متى بدأ في عمله، مرفقا به مذكرة تفسيرية مسهبة.

وفى النهاية يهم صدقى باشا حتى يؤكد حتى جميع ما ذكره آنفا إنما صدر منه بصفته الشخصية وبدون أى ارتباط.


المصادر

  • موسوعة مقاتل من الصحراء


تاريخ النشر: 2020-06-04 16:19:09
التصنيفات: القضية المصرية, 1946 في مصر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

نشاط “فرناتشي” يؤرق ساكنة حي بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:30
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 41%

مراكش تشارك في أشغال اللجنة الدائمة للمدن والتنمية المستدامة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:28
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 43%

افتتاح الدورة الـ 39 لمجلس وزراء الداخلية العرب بمشاركة المغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:40
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 37%

رياضي تايلاندي يسجل رقما قياسيا في العدو 100 متر وهو في عمر 102 عاما

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-02 15:25:21
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

بينهم سيدتان.. 63 مرشحاً يتنافسون في انتخابات مجلس «غرفة مكة»

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-03-02 15:25:16
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 39%

المغرب يسجل 159 إصابة جديدة بكورونا و 8 حالات وفاة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:39
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 36%

فاتورة الطاقة والغذاء توسع عجز الميزان التجاري

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:41
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 43%

تحويلات مغاربة العالم تتجاوز 6 مليار درهم خلال يناير 2022

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:31
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 40%

الرئيس التونسي قيس سعيد يستقبل وزير الداخلية المغربي لفتيت

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:34
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 41%

وزارة الصحة.. نهاية موجة أوميكرون لا تعني نهاية الجائحة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:33
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 44%

بريطاني متابع بتهديد زعماء نقابيين وسياسيين مختفي في المغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-02 18:15:32
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 36%

تحميل تطبيق المنصة العربية