ماربرى ضد ماديسون

عودة للموسوعة

ماربرى ضد ماديسون

Marbury v. Madison
المحكمة العليا للولايات المتحدة
Argued 11 فبراير, 1803
حـُكِم فيها في 24 فبراير, 1803
الاسم الكامل للقضية وليام ماربري ضد جيمس ماديسون، وزير خارجية الولايات المتحدة
William Marbury v. James Madison, Secretary of State of the United States
استشهاد برأي 5 الولايات المتحدة 137 (للمزيد)
1 Cranch 137; 2 L. Ed. 60; 1803 U.S. LEXIS 352
التاريخ السابق Original action filed in U.S. Supreme Court; order to show cause why writ of mandamus should not issue, December 1801
التاريخ التالي None
Holding
Section 13 of the Judiciary Act of 1789 is unconstitutional to the extent it purports to enlarge the original jurisdiction of the Supreme Court beyond that permitted by the Constitution. Congress cannot pass laws that are contrary to the Constitution, and it is the role of the Judicial system to interpret what the Constitution permits.
Court membership
آراء القضية
الأغلبية Marshall, joined by Paterson, Chase, Washington
كوشنگ ومور took no part in the consideration or decision of the case.
القوانين المطبقة
الدستور الأمريكي، المواد 1، 3؛ القانون القضائي لعام 1789 § 13

قضية ماربرى ضد ماديسون Marbury v. Madison ، في 5 الولايات المتحدة (1 Cranch) 137 (1803) أصبحت المرجع لممارسة الرقابة القضائية في الولايات المتحدة تحت المادة الثالثة من الدستور الأمريكي.

هذه القضية تعد بداية فكرة الرقابة على دستورية القوانين وسقطت أحداثها في عام 1803 في الولايات المتحدة الأمريكية. بدأت أحداث هذه القضية عام 1800 بعد انتخابات الرئاسة التى هزم فيها الرئيس جون آدامز المعروف باتجاهه لتقوية السلطة المركزية الفدرالية أمام توماس جفرسون الذى كان يؤيد الاتجاه الآخر الداعى الى اللامركزية وتدعيم سلطات الولايات. ولضمان استمرار خطه السياسى حتى بعد رحيله عن المنصب سقط الرئيس آدامز قرارات تعيين بعض القضاة المناصرين لهذا الفكر في آخر ليلة له في المنصب وكان من بينهم القاضى ماربورى وثلاثة من رفاقه.

طالب القضاة في دعوى حملوها حتى تصدر المحكمة العليا برئاسة القاضى مارشال أمرا قضائيا الى الوزير ماديسون لتسليمهم قرارات التعيين. ووجد مارشال نفسه في مأزق قاسي حيث لم يكن يريد البدء بمعاداة خط الادارة الجديدة التى قد لا تنصاع لأمره وكذلك لم يكن يريد لهيبة المحكمة العليا حتى تخدش بأن يحكم بعدم الاختصاص.

وعليه أصدر حكما بارعا في بابه بالاعتراف بحق ماربورى وزملائه في التعيين ولكنه رفض طلبهم بأن تأمر المحكمة بتسليم قرارات التعيين واتى هذا الرفض مبنيا على اعتبار عدم دستورية القانون الذى يخول للمحكمة سلطة اصدار هذه الأوامر بصفة أصلية.

حدد الدستور الأمريكى اختصاصات المحكمة على سبيل الحصر ولم يكن من بينها اصدار هذه الأوامر بصفة أصلية فان اتى المشرع بعد ذلك وأسند للمحكمة هذا الاختصاص فلا بد من وقوع هذا الاسناد في دائرة عدم الدستورية بسبب الحصر الذى نص عليه الدستور لاختصاصاتها أى حتى القاضى استبعد النص التشريعى لصالح النص الدستورى عند حدوث التعارض.

وأسس هذا الحكم لفكرة سلطة القاضي في الرقابة على دستورية القوانين والتشريعات وانتقلت الفكرة بعد ذلك إلى الكثير من الدول وتطورت بعد ذلك الى انشاء الرقابة القضائية على دستورية القوانين والتي تقوم بها الآن في عديد من الدول المحاكم الدستورية.

خلفية القضية

وليام ماربري
أيمن زغلول
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا الموضوع

تعهد العقلية الإجتماعية الأمريكية المعاصرة مدرستين من الفكر السياسى، أحدهما يفضل إعلاء سلطة الدولة ويشجع بسط سيطرتها النسبية على الحياة بينما يرى الفكر الآخر حتى وظائف الدولة ينبغى لها حتى تنحصر في مرافق الدفاع والقضاء وحفظ الأمن والسياسة الخارجية فقط. وهذان النوعان ممثلان اليوم عن طريق الحزب الديموقراطى الذى يتبنى النظر الأول والحزب الجمهورى الذى يتبنى النظر الثاني.

ولكن في عام 1800 لم تكن الأمور على هذا الحال. فقد كان هناك حزب الإتحاديين وهم من يشجع على توسيع نطاق سيطرة الدولة على مرافق الحياة وإنشاء بنك مركزى وفتح باب التنظيم للدولة في كثير من نواحى الإقتصاد وحزب آخر هوالحزب الديموقراطى الجمهورى وهوالذى لا يرحب بهذا الفكر ولا يريد له حتى ينتشر حيث حتى المشروع الخاص والمبادرة الفردية هى أساس قيام الولايات المتحدة كما كان أعضاء ذلك الحزب يرون.

وفي سياق التطور الزمني إختفى الحزب الإتحادى من الوجود وانقسم الحزب الديموقراطى الجمهورى إلى حزبين هما الحزبان اللذين نعاصرهما اليوم، الحزب الجمهورى والحزب الديموقراطى.


وضع السلطة القضائية قبل ماربري

وزير الخارجية جيمس ماديسون أمره توماس جفرسون بالاحتفاظ بالمفوضيات.
السير إدوارد كوك

القانون المختص

 ” في جميع الحالات المتعلقة بالسفراء والوزراء العامين والقناصل والحالات التي تكون الدولة طرفاً فيها، سيكون للمحكمة العليا الاختصاص الأصلي. وفي جميع الحالات الأخرى غير المذكورة آنفاً [والتي هي ضمن السلطة القضائية للولايات المتحدة]، فإن المحكمة العليا سيكون لها اختصاص النقض، فيما يختص بالقانون والحقائق، مع الاستثناءات وتحت التنظيمات التي يستنها الكونگرس.
 
— الدستور الأمريكي، المادة الثالثة، القسم 2، الفقرة 2

الموضوع

Inscription on the wall of the Supreme Court Building from Marbury v. Madison, in which Chief Justice John Marshall outlined the concept of judicial review.

وفى عام 1800 كانت المنافسة الإنتخابية بين الرئيس جون آدامز من الحزب الإتحادي والمرشح توماس جفرسون من الحزب الديموقراطي الجمهوري. وقد فاز المرشح على الرئيس وأصبح لزاما على الرئيس آدامز حتى يخلى منصبه لجيفرسون. ولما كانت الخصومة السياسية بين فكر الرجلين لا تزال قائمة، فقد تعمد الرئيس المنتهية مدته بالتعاون مع الكونجرس الموالى له حتى يصدرا تعديلات على قانون السلطة القضائية ويصدرا قرارات بإنشاء محاكم جديدة وبتعيين عدد من القضاة لهذه المحاكم المتنوعة من الذين يعهد عنهم ميلهم لأفكار حزبه وكذلك تقليل عدد قضاة المحكمة العليا من ستة إلى خمسة قضاة فقط وذلك عند أول سانحة. وكان الهدف من تلك الإجراءات هوألا تضيع رسالة حزبه في ظل الحكم القادم من الحزب المنافس، حزب الديموقراطيين الجمهوريين لتوماس جيفرسون. وهوما يمكن حتى نطلق عليه في العصر الحديث "فدرلة الدولة" أى صبغها بصبغة الفيدرالية التى كان الحزب الذى يمثله الرئيس الخارج من المنصب آدامز يمثله. وقد قام هذا الرئيس آدامز بتوقيع هذه القرارات في آخر أمسية له في البيت الأبيض وكان موعد خروجه في صباح اليوم التالى مباشرة.

وكان التأخر في إصدار هذه القرارات هوالسبب في عدم إرسالها إلى أصحابها القضاة في موعدها حيث حتى الرئيس الجديد إعتبرها كأن لم تكن ولم يأمر بتصديرها بالبريد لمن صدرت لصالحه من القضاة. وبالطبع فالقاضى لا يستطيع حتى يمارس عمله إلا بخطاب تفويض أوتكليف يصدر عن السلطة المختصة يجعله بالعمل في مسقط هذه المسئولية الجسيمة. وكان من ضمن من عينوا في تلك الليلة الأخيرة القاضى وليام ماربورى الذى لم يكن رجل قانون ولكنه كان ثريا من رجال البنوك وكان المنصب الذى عينه فيه الرئيس المغادر هومنصب محكم لا يستلزم تعليما قانونيا.

وكان الرئيس قبل ذلك قد عين القاضى جون مارشال رئيسا للمحكمة العليا رغم أنه كان يشغل منصبا تطبيقيا هووزير الدولة أووزير الداخلية (على حسب الترجمة) أى الذراع الأيمن للرئيس. ومن الغرائب حتى الرئيس آدامز طلب من مارشال بصفة إستثنائية حتى يبقى في منصب الوزير رغم شغله لمنصب رئيس المحكمة، والأغرب حتى القاضى وافق!! وأظن حتى السبب هوحتى مبدأ الفصل بين السلطات لم يكن قد تبلور بعد في الذهن السياسى لكل العالم في ذلك الزمان. وكانت مهمة إرسال حجة التعيين تقع على عاتق وزير الدولة مارشال فهومن يتولى ذلك.

والواقع هوحتى الوزير مارشال لم يقسم اليمين الدستورية ويتحول إلى القاضى مارشال رئيس المحكمة العليا إلا بعد حتى ولج جيفرسون البيت الأبيض وأصبح هوالرئيس المسئول فأقسم الوزير السابق أمامه لكى يتحول إلى رئيس المحكمة العليا. وهذا الأمر بالذات جعل من القضية أمرا شائكا فيما بعد حيث حتى مارشال كان أحد الذين تباطأوا ولوبدون قصد عن إرسال أوراق التعيين لهؤلاء القضاة البالغ عددهم 25 قاضيا وبالتالى عمد الرئيس الجديد إلى إصدار أمر لوزير الداخلية الجديد ماديسون بعدم إرسال الأوراق لهؤلاء القضاة من منطلق نظرة رجل مرافعات حيث حتى الوثيقة التى لم تبلغ إلى الموجهة له ليس لها قوة لأنه لم يخطر بعد بمحتواها. وهذا الإجراء يعهده جميع من تفهم قوانين المرافعات حيث حتى المواعيد والآجال وبدء حساب المهل لا يبدأ إلا من لحظة إعلام صاحب الشأن بمحتوى الوثيقة. أى حتى جيفرسون أراد الرجوع عن قرارات آدامز رغم موافقة الكونجرس على هذه التعيينات قبل دخول جيفرسون البيت الأبيض بفترة كافية.

ولما أحس المرشح ماربرى وأربعة آخرون بأن الموضوع فيه بعض من قصد قام بحمل دعوى أمام المحكمة العليا الأمريكية يطالب فيها بتسليمه أوراق تعيينه وبالطبع فهوقد إختصم وزير الداخلية الجديد ماديسون بصفته وشخصه ولهذا سميت القضية ماربورى ضد ماديسون. وقد نظر رئيس المحكمة العليا القاضى مارشال هذه القضية التى يعهدها من طبيعة الحال كراحة يده لأنه كان طرفا فاعلا وأصيلا فيها.

فى العادة تبدأ خطوات نظر أى دعوى أمام أى محكمة بأن تفحص المحكمة إختصاصها بالدعوى قبل حتى خطوة أخرى. فإذا وجدت أنها بالعمل المحكمة المختصة تستمر في نظر الدعوى، أما إذا تأكد لها أنها غير مختصة وجب عليها عدم قبولها فورا. والدستور الأمريكى ينص على أنه في حالات تعيين السفراء والقناصل والوزراء المفوضين وفى الحالات التى تكون أحد الولايات طرفا فيها ينعقد الإختصاص القضائى للمحكمة العليا حيث تفصل في تلك القضايا كمحكمة أول وآخر درجة، أى حتى التقاضى في هذه الأحوال هوعلى درجة واحدة ولا يوجد طعون.

وقد كان في مقدور القاضى مارشال حتى يحكم بعدم قبول الدعوى لعدم الإختصاص حيث حتى القضاة ليسوا من السفراء أوالمفوضين أوالقناصل ولا توجد ولاية بعينها طرفا فيها وبالتالى لا تنطبق عليها أحكام الدستور. ولكن القاضى مارشال خرج عن المألوف وأصدر حكما تاريخيا في شقين منها ثم حكم بعدم إختصاصها في الشق الثالث الأصلى.

فالدستور الأمريكى بعد حتى حدد الأحوال التى تتصل فيها المحكمة العليا بالدعوى كمحكمة درجة وحيدة، قام بتحديد الحالات التى تتصل فيها المحكمة العليا بالدعوى كمحكمة إستئناف أودرجة ثانية. وهذه الأحوال هى إستئناف أحكام المحاكم الفيدرالية في الأحياء والمحاكم التابعة للولايات كما حتى لها حتى تصدر الأوامر القضائية التى تسرى على جميع المحاكم وموظفى الدولة الأمريكية وذلك باسم الولايات المتحدة الأمريكية. والحالة الثالثة هى من طبيعة الحال من أسفل السلم القضائى إلى أعلاه إذا كان القانون يسمح بالإستئناف صعودا في النهاية إلى المحكمة العليا. والآن فالأوراق الماثلة أمام المحكمة هى ليست في شأن من شئون الإختصاص كدرجة تقاضى وحيدة ولا هى معروضة على المحكمة محالة إليها من محكمة من درجة أقل. ولكن المحكمة رأت حتى ماربورى عندما حمل دعواه أمامها كان منطقه هوحتى الكونجرس اصدر تصديقا على تعيينه كمحكم بقرار من الرئيس السابق وبذلك إعتبر أنه يطلب تطبيق القرار المعتمد من الكونجرس وهوبذلك يقع في إختصاص المحكمة العليا. وبيان ذلك حتى القانون الصادر من الكونجرس كان قد وسع من إختصاص المحكمة العليا الذى حدده الدستور على سبيل الحصر ولم يكن من بينها إصدار أوامر بتعيين القضاة. فكان بذلك على المحكمة العليا حتى تفحص أولا إذا كانت القوانين الصادرة عن الكونجرس متفقة مع الدستور أم غير متفقة. وفى حالة أنها متعارضة مع الدستور فما هوالعمل مع هذه القوانين؟

إلى غير ذلك تحول أمر ليس أصلا من إختصاص المحكمة العليا إلى شأن دستورى بالغ الأهمية هوفحص دستورية القوانين التى تصدرها السلطة التشريعية وإصدار حكم دستورى منه للجدل بشأن تلك الدستورية. وهذا بالضبط ما إنتزعته المحكمة العليا لنفسها حيث أنها لم تكن في الأصل محكمة دستورية كالتى توجد في مصر أوألمانيا أوإيطاليا إلخ...


الحكم

صورة بالحفر للقاضي مارشال، قام بها شارل-بلتزار-جوليان فڤريه ده سان-ممان في 1808.

والآن ننتقل إلى دراسة الحكم الذى أصدره القاضى مارشال في هذه الدعوى. يميل معظم القانونيين أثناء دراستهم وأثناء عملهم – تسهيلا للأمور - إلى تقسيم المهمة الموكلة إليهم إلى أسئلة وإجاباتها. ومن خلال تلك الأسئلة والإجابات يصلون إلى حكم أوتكييف قانونى يساعد على صدور الحكم.

وقد كانت الأسئلة التى وجهها مارشال بشأن هذه الدعوى هى: هل من حق ماربورى حتى يتسلم أوراق إعتماده أم لا؟

هل هناك وسيلة قانونية لتوصيل حقه إليه لولم يصله،يا ترى؟ وأخيرا هل المحكمة العليا مختصة بالحكم بتسليم أوراق إعتماده إليه؟

والحقيقة حتى البحث في هذه الأسئلة الثلاثة قاد الفكر القانونى في جميع العالم إلى آفاق جديدة تقع كلها تحت عنوان الرقابة الدستورية.

نطقت المحكمة في حكمها حتى السؤال الأول إجابته بالإيجاب حيث حتى ماربرى له جميع الحق في الحصول على أوراق تعيينه. وأجابت المحكمة في حكمها على السؤال الثاني أيضا بالإيجاب ثم توسعت في شرحها بأن اضافت فقرات هامة جدا إلى جميع الفكر القانوني الإنساني (صدر هذا الحكم المبكر جدا في عام 1803).

إذ أنها ذكرت حتى الولايات المتحدة قد إختارت عند تأسيسها حتى تعلوفيها حدثة القانون لا حدثات الأشخاص وأنقد يكون التشريع على مقتضى نصوص الدستور ولا يتعارض معه. وعلى ذلك فإن جميع قانون لابد حتى تتوافر له إمكانية الفحص الدستورى حتى لا يصطدم بالقواعد الدستورية الراسخة. أى أنه لابد من تواجد وسيلة قانونية لحمل هذا التصادم في حالة وقوعه. ثم عرج الحكم على تعريف أنواع التصرفات القانونية التى تقوم بها الدولة فأسماها تصرفات سياسية تقبل فيها أحوال السرية وتصرفات إدارية لا سرية فيها ولابد من ضمانة لفحص دستوريتها. ثم خرج الحكم بنتيجة هامة هى حتى المحكمة العليا هى أعلى سلطة مختصة بهذا الفحص في الولايات المتحدة الأمريكية. ويبنى على هذا المنطق حتى التصرفات التى أسماها الحكم تصرفات سياسية تقوم بها الدولة لحماية نفسها وحماية المجتمع ككل (مفهوم قريب من مفهوم أعمال السيادة في مصر وفرنسا وألمانيا ومعظم الدول ذات النظام اللاتيني) فإن هذه التصرفات لا تخضع للرقابة القضائية. ويفهم أيضا من الحكم حتى المحكمة هى التى تقرر نوعية التصرف وتقول بخضوعه للفحص أم لا، وهونفس المفهوم الحديث في مصر وألمانيا.

وفى نهاية الحيثيات اتى الموضوع الأصلي للدعوى وهوطلب ماربورى من المحكمة بأن تصدر لصالحه أمرا قضائيا بتسليمه أوراق إعتماده. وهنا حكمت المحكمة بأن قانون السلطة القضائية الصادر عام 1789 والذى يخولها سلطة إصدار هذه الأوامر هومخالف لنص الدستور حيث حتى الدستور حدد إختصاص المحكمة العليا بطريقة حصرية ليس من بينها إصدار تلك الأوامر، رغم إعتراف المحكمة بأحقية ماربرى في الحصول على ذلك الأمر، وبذلك رفضت المحكمة طلبه ولم تصدر الأمر لعدم إختصاصها. وبالطبع لم يحدث حتى تولى ماربرى أى منصب قضائي.

وقد إنتقد الرئيس الجديد الحكم، باعتباره تأسيسا لمركز قانونى متميز للمحكمة لم يكن موجودا من قبل. ونطق حتى هذا الحكم يجعل من المحكمة سلطة عليا لها حق التقرير في أمور التشريع الذى يصدره الكونجرس ممثلا عن الشعب مصدر السلطات. ولكنه لم يستطع حتى يتخذ أى إجراء ضد المحكمة أوضد نفاذ حكمها حيث حتى أحكام المحكمة العليا لها حجية مطلقة قبل الكافة ولا طعن عليها.

واليوم بعد أكثر من قرنين من الزمان لم يتغير وضع المحكمة كثيرا عما وضعها عليه مارشال بذلك الحكم. فهى لا تزال مختصة بفحص دستورية القوانين في حالة التقدم لها بدعوى هذا موضوعها. والمحكمة العليا هى التى عطلت النيوديل في أوائل حكم الرئيس روزفلت ولم تسمح بنفاذه إلا بعد تغيير القضاة.

والواقع القانونى يقول بأن مارشال لم يكن هوالقاضى الأنسب لنظر تلك الدعوى بسبب إتصاله شخصيا بها عندما كان وزيرا للداخلية حيث أنه لم يرسل الأوراق المطلوبة للأشخاص المستحقين لها وبالتالى كان عليه ألا ينظر الدعوى. ولكن على الرغم من تلك المثالب إلا حتى الرقابة الدستورية هى من أبرز مكاسب حكم دولة القانون التى رسخ حكم مارشال لوجودها. والإستثناء عليها (أعمال السيادة) هوأيضا إستثناء يقول به القضاء ولا تتحكم فيه أهواء السياسيين.

وفى النهاية لابد للمرء حتى يبدى الإحترام الجم للمجهود الذى بذل من جانب ذلك الجيل الأول من القانونيين الأمريكيين في فترة تأسيس الدولة وكتابة الدستور الذى يعد أقدم دستور موجود اليوم بأحكامه ونصوص مواده وذلك في وقت كانت فرنسا مثلا تعيش في عصور ما بعد الثورة من قلاقل وإرهاب وكانت جميع أوروبا تعيش فترات الحكم الملكي شبه المطلق والتى لم يخط لها حتى تنتهى إلا بعد ذلك بنصف قرن من الزمان في ثورات 1848.

إذ حتى القاضى مارشال قبل الدعوى على أساس من القانون الذى أصدره الكونجرس عام 1789 بتوسيع إختصاص المحكمة ثم عاد فقام بنقد هذا القانون نفسه ودمغه بعدم الدستورية – دون حتى يتقدم أحد بهذا الطلب أويختصم أحد القانون- وبناءا على هذه الفكرة الجديدة في ذلك الحين رفض إصدار أمر التعيين. وبذلكقد يكون قد أسس لمبدأ الفحص الدستورى للقوانين. إلا حتى سؤالا يظل معلقا في تلك القضية وهوإذا كان القاضى مارشال قد رفض القانون الذى يوسع من إختصاص المحكمة العليا حيث حتى ذلك الإختصاص اتى محددا بطريقة حصرية في الدستور عملى أى أساس إستحدث القاضى للمحكمة إختصاص لم يجىء هوأيضا في الدستور وهوإختصاص الرقابة الدستورية ؟

والإجابة على هذا السؤال خلافية وينقسم حولها الفقهاء بين مؤيد لمنطق فتح باب الرقابة وعدم هجر التشريع مفتوحا لأهواء المجلس النيابى من جهة وبين معارض يرى حتى التمييز بين الإختصاصات المستحدثة خطأ حين يقبل أحدها ويرفض آخر وكلا القرارين لا يقف على أرضية دستورية صلبة.. ولكن هذا هوحال الأحكام القضائية فهى دائما ما تثير الخلافات وتزكى النقاشات وتوسع من مجال الفكر.

أما في النظم اللاتينية تطور الفكر القانونى إلى حتى إبتدع فكرة الرقابة المستقلة على دستورية القوانين والتى تمارسها المحاكم الدستورية في إستقلال قضائى عن باقى المحاكم وهوالنظام الذى تتبعه جميع من إيطاليا والنمسا وألمانيا ومصر.

يبقى أمر أخير في هذه القضية لابد من الإشارة إليه وهوحتى القاضى مارشال الذى حكم فيها، على الرغم من أنه كان منتميا لحزب الإتحاديين الذى خرج من الحكم بخروج إدارة الرئيس آدامز، وعلى الرغم من أنه هوالذى كان – بصفته وزير الداخلية - مكلفا بإرسال القرارات إلى هؤلاء القضاة، إلا أنه تصرف بطريقة محايدة في حكمه عندما إعتلى منصة القضاء ، فلم يتعنت لكى تصدر أوامر تعيين من يمثلون حزبه ولم يجبر الإدارة الجديدة على إرسال أوراق التعيين ولا هوأصر على إنفاذ إرادة ورؤية حزبه السياسية، بل تصرف بروح القاضى العادل وطبق سليم نصوص الدستور بأن رد على الكونجرس قانونه الغير متفق مع الدستور وامتنع عن إصدار أمر قضائى بتثبيت تعيين هؤلاء القضاة، وهوأمر يحمد له على جميع حال.


انظر أيضاً

  • List of United States Supreme Court cases, volume 5
  • Hylton v. United States
  • Calder v. Bull
  • أمر قضائي بالتعيين Writ of mandamus

الهامش


للاستزادة

  • Smith, Jean Edward (1996). John Marshall: Definer Of A Nation. Owl Books. ISBN .
  • Smith, Jean Edward (1989). The Constitution And American Foreign Policy. St. Paul, MN: West Publishing Company. ISBN .
  • Nelson, William E. (2000). Marbury v. Madison: The Origins and Legacy of Judicial Review. University Press of Kansas. ISBN . (One introduction to the case)
  • Clinton, Robert Lowry (1991). Marbury v. Madison and Judicial Review. University Press of Kansas. ISBN . (Claims that it is a mistake to read the case as claiming a judicial power to tell the President or Congress what they can or cannot do under the Constitution.)
  • Irons, Peter (1999). A People's History of the Supreme Court. Penguin Books. pp. 104–107. ISBN .
  • Newmyer, R. Kent (2001). John Marshall and the Heroic Age of the Supreme Court. Louisiana State University Press. ISBN .
  • Tushnet, Mark (2008). I dissent: Great Opposing Opinions in Landmark Supreme Court Cases. Boston: Beacon Press. pp. 1–16. ISBN .
  • Sloan, Cliff; McKean, David (2009). The Great Decision: Jefferson, Adams, Marshall and the Battle for the Supreme Court. New York, NY: PublicAffairs. ISBN .


وصلات خارجية

  • Text of Marbury v. Madison,خمسة U.S. 137 (1803) is available from:  LII 
  • : The Reasons We Should Still Care About the Decision, and The Lingering Questions It Left Behind
  • The Establishment of Judicial Review
  • : The Supreme Court's First Great Case
  • Case Brief for Marbury v. Madison at Lawnix.com
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:20:09
التصنيفات: 1803 في القانون, التاريخ القانوني للولايات المتحدة, قضايا في المحكمة العليا للولايات المتحدة, United States Supreme Court original jurisdiction cases, تاريخ الولايات المتحدة (1789–1849), 1803 في الولايات المتحدة, رئاسة توماس جفرسون, Article Three case law

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

انتهت القصة.. “أديداس” تحسم قصة هدف “رونالدو”

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:42
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

البابا تواضروس يلتقي العاملين في برامج أسقفية الخدمات

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:43
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

جلسة لاستعراض مراحل تطور الأقمار الصناعية ضمن فعاليات «Cairo ICT 2022»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

مناقشة «أدب النساء في الأرجنتين ومصر» بمعهد ثربانتس.. غدا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:32
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

“التكنولوجيا وآثارها” محاضرة ببيت ثقافة طوخ

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:41
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

الدفاع الأمريكية ترجح تزويد أوكرانيا بمنظومة «باتريوت»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:27
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

جماهير العنابي وهولندا تزين ملعب البيت

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:39
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

برلمانى: تعديلات قانون التصالح تهدف التوازن بين حق الدولة والمواطن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:21:28
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

الإكوادور تتعادل 1-1 ضد السنغال في الدقيقة 68 بكأس العالم 2022.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-11-29 18:22:03
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 48%

تحميل تطبيق المنصة العربية