دار البغي
دار البغي هي جزء من دار الإسلام، تفرد به جماعة من المسلمين، خرجوا على طاعة الإمام الشرعي، بحجة تأولوها مسوغة لخروجهم، ثم تحصنوا في تلك الدار وأقاموا عليهم حاكماً منهم، وصار لهم جيش وذمة. والبغي في اللغة: إما الطلب، كما في الآية الكريمة: (ذلكَ ما كُنَّا نَبْغِ) (الكهف 64)، أي ما كنا نطلب. وإما التعدي. وفي الفقه: البغي: الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته، في غير معصية، بمغالبة، ولوتأولاً لنص شرعي، كتأويل الخوارج (أوالمحكِّمة) آية: (إِنِ الحُكْمُ إلا لِلّهِ) (الأنعام 57) لتسويغ خروجهم على الإمام علي.
شروطهم
ذكر الفقهاء أربعة شروط أوأوصاف للبغاة وهي:
1- حتىقد يكونوا في كثرة ومَنَعة، أي بتنظيم متماسك وتجمع موحد، يحتاج إلى جيش لقمعه.
2- حتى يخرجوا عن قبضة الإمام، منفردين عنه في بلد أوبادية.
3- حتىقد يكونوا على المباينة والتمرد، والخروج على الإمام.
4- ألاّقد يكون خروجهم لأغراض مادّية ودنيوية، وأن يعتمدوا على شبهة تقتضي الخروج على الإمام.
وهذه الأوصاف تنطبق على جميع حركة مسلَّحة ضد الحكومة الإسلامية، المعتمدة على أساس شبهة أوتأويل أواجتهاد، بعد تمام البيعة، ولا طالما التورط غير المتعمد في فتنة.
أحكامهم
إذا لم يكن للبغاة مَنَعة فللإمام حتى يأخذهم ويحبسهم حتى يتوبوا. وإن تأهبوا للقتال، وكان لهم منعة (مكان محصَّن) وشوكة (سلاح) يدعوهم الإمام إلى التزام الطاعة، ودار العدل، والرجوع إلى رأي الجماعة أولاً، كما يعمل مع أهل الحرب، فإن أبوا ذلك قاتلهم أهل العدل حتى يهزموهم ويقتلوهم. ولا إثم على أهل العدل ولا كفارة على قتلهم. ولا يضمن البغاة ما أتلفوه من الأنفس والأموال. وأحكام قتالهم اثنا عشر:
1- وجوب قتالهم، منعاً للفرقة أوالانقسام، والفتنة والإفساد.
2- إذا ولّوا قاضياً، وأخذوا الزكاة أوأقاموا حداً نفذ ذلك كله للضرورة مع شبهة التأويل. وردَّ ابن القاسم المالكي ذلك لعدم صحة الولاية.
3- لا يضمنون ما أتلفوه في الفتنة من نفس أومال، إذا خرجوا بتأويل. أما أهل العصبية ومخالفة السلطان بغير تأويل، فيلزمهم ضمان النفس والمال.
4- لا تؤخذ أموالهم ولا حريمهم، ولا يقتل أسيرهم، ويؤدَّب ويسجن حتى يتوب.
5- إذا طلب أهل البغي من الإمام العدل التأخير أياماً أوشهراً حتى ينظروا في أمرهم، أويُدْلوا بحجة، لم يحل أخذ شيء منهم، وله تأخيرهم تلك المدة، ما لم يقاتلوا أويفسدوا، فلا يؤخرهم حينئذٍ.
6- إذا اغتال البغاة أوالكفار رهائننا، لم نقتل رهائنهم، ونردهم إليهم، كما عمل معاوية.
7- قتلانا في القتال كالشهداء، وقتلاهم يهجرون، إذا صلى عليهم منهم أحد، وإلا دُفنوا بغير صلاة.
8- لا يبعث بالرؤوس للآفاق، لأنه مُثْلة (تمثيل).
9- من اغتال أباه أوأخاه من البغاة، لم يحرم عليه ميراثه، لأنه لم يتعجل ما أجَّله الله.
10- إذا ألجؤونا إلى دار الحرب[ر]، لم يجز حتى يُغْزَوا (يقاتلوا) بمشركين عليهم.
11- إذا اقتتل منهم طائفتان لا نقدر على إحداهما، فلا ننصر فئة على أخرى.
12- إذا سبوا مشركين قد صالحناهم، حُرم علينا شراؤهم منهم، ونقاتلهم لخلاصهم.
وهبة الزحيلي
الموضوعات ذات الصلة
- دار الإسلام
للاستزادة
- شهاب الدين بن أحمد بن إدريس القرافي، الذخيرة (طبع دار الغرب الإسلامي، بيروت 1994م).
- الكمال بن الهمام، فتح القدير شرح الهداية للمرغيناني (مطبعة مصطفى محمد، القاهرة 1356هـ).