جان راسين

عودة للموسوعة

جان راسين

جان راسين
الأدب الفرنسي
بالتصنيف
تاريخ الأدب الفرنسي

العصور الوسطى
القرن السادس عشر - القرن السابع عشر
القرن الثامن عشر -القرن التاسع عشر
القرن العشرون - المعاصر

كتـّاب الفرنسية

قائمة زمنية
كتـّاب حسب تصنيفهم
روائيون - كتاب مسرحيات
شعراء - كتاب منطقات
كتاب السيرة القصيرة

بوابة فرنسا
بوابة الأدب
     

جان راسين Jean Racine (النطق الفرنسي: [ʒɑ̃ ʁaˈsin]) (و.22 ديسمبر 1639 - 21 أبريل 1699) كان محرر دراما فرنسي، وأحد "الثلاثة الكبار" في فرنسا القرن 17 (مع موليير وكورني)، وأحد أبرز الشخصيات الأدبية في التراث الغربي. كان راسين في الأساس تراجيدياً، بالرغم من أنه خط عملاً كوميدياً واحداً.

حياته

ولد مثل موليير في أسرة متوسطة. وكان أبوه مراقباً لاحتكار الدولة للملح في لافيرتي-ميلون، على نحوخمسين ميلاً شمال شرقي باريس، وكانت أمه ابنة محام في فيلييه-كوتريه. وقد ماتت عام 1641 وجان لم يبلغ الثانية بعد؛ وبعد سنة توفي أبوه، فكفل الصبي جده لأبيه. وكان في الأسرة نزوع قوي إلى الجانسنية، فقد التحقت جدة وعمة لراسين بأخوات البو-رويال، وأوفد جان نفسه حين ناهز السادسة عشرة إلى "المدرسة الصغيرة" التي يديرها "المتوحدون" وقد تلقى عنهم تعليماً مركزاً في الدين واليونانية-وهما مؤثران قدر لهما حتى يسيطرا الواحد بعد الآخر على حياته. واستهوته تمثيليات سوفوكليس ويوريبيديس فترجم بعضها بنفسه. ثم تفهم شيئاً من الفلسفة ومزيداً من الثقافة الكلاسيكية في كلية آركور بباريس، وأكتشف المفاتن الخفية للأنوثة الشابة، الجديد منها والمستعمل. وعاش عامين على شاطئ الجزانز أوجستان مع ابن عمه نيكولا فيتار، الذي كان يتردد بين البور-رويال والمسرح. واستمع راسين إلى عدة تمثيليات، وخط تمثيلية، وعرضها على موليير. ولم تكن من الجودة بحيث تستحق الإخراج، ولكن موليير نفحه بمائة جنيه مضىي، وشجعه على حتى يعيد الكرة. واستقر رأي راسين على اتخاذ الأدب حرفة له. وهال هذا الجنون أقرباءه، وراعهم ما نمى إليهم من أنباء غرامياته، فأوفدوه إلى أوزيس بجنوبي فرنسا (1659) مساعداً لعم له كان كاهنا لكاتدرائية، فوعده بوظيفة كنسية ذات وقف إذا هوتفهم اللاهوت ورسم قساً. أما الشاعر الشاب، الذي ما زال باطنه يضطرم بنار باريس، فقد طل عاماً يسدل على هذه النار عباءة سوداء، وقرأ القديس توما الأكويني-وقليلاً من أريوستوويوريبيديس بجانبه. وخط الآن إلى لفونتين يقول:

"كل النساء رائعات...لحم غض طري، ولكن بما حتى أول شيء قيل لي هوحتى آخذ حذري، فلست أريد حتى أقول المزيد عنهن. أضف إلى ذلك أنه سيكون امتهاناً لبيت كاهن ذي وقف أعيش فيه حتى أخوض في حديث طويل عن هذا الموضوع، "بيتي بيت الصلاة يدعى"...لقد قيل لي "كن أعمى" فإذا لم أستطع حتى أكون ذلك كلية، فإني أستطيع على الأقل حتى أكون أبكم...لأن على المرء حتىقد يكون راهباً مع الرهبان، كما كنت ذئباً معك من ذئاب قطيعك".

ولقي الكاهن شدائد وأصبحت الوظيفة الكهنوتية الموعودة أملاً بعيداً وتبين راسين أنه لا يملك موهبة القسوسة. فبدل ثوبه، وطوى كتاب "خلاصة اللاهوت" وعاد إلى باريس (1663). فلما أبلغها نشر نشيداً أتاه بمائة جنيه من جيب الملك. واقترح عليه موليير موضوعاً حوله راسين إلى تمثيليته الثانية "طيبة" (التيباييد). وأخرجها موليير في 20 يونيو1664، ولكنه اضطر لسحبها بعد أربعة عروض. على أنها أحدثت من الضجة ما يكفي لسماعها في البور-رويال-دوشان. وأوفدت إليه عمته من هناك رسالة تستحق حتى نوردها باعتبارها جزءاً من دراما تعدل في بلاغتها وتأثيرها في النفس أي شيء خطه راسين:

"حين نمى إلى أنك تنوي الحضور إلينا طلبت إلى أمنا الإذن لي برؤيتك...ولكنني سمعت مؤخراً خبراً أثار فيّ أشجاناً عميقة. وإني أخط إليك في مرارة قلبي، وأذرف الدمع الذي أرجوحتى أكسبه غزيراً أمام الله لأنال منه خلاصه الذي أتوق إليه أشد مما أتوق لأي شيء آخر في العالم. فقد فهمت بالأسف أنك تخالط أكثر من أي وقت مضى معشراً اسمهم بحق رجس عن جميع من له أي نصيب من تقوى، لأنهم محرومون من دخول الكنيسة، أوتناول الأسرار المقدسة...فانظر الآن يا ابن أخي إلى أي حال صرت، لأنك لابد عليم بما أشعر به نحوك من حنان، وبأنه لم يكن لي من سؤال إلا حتى تتبع الله في وظيفة شريفة. لذلك أتوسل إليك يا ابن أخي العزيز حتى ترحم نفسك، وتفحص قلبك، وتتأمل بجد أي هوة ترديت فيها. أنني لأرجوألاقد يكون سليماً ما أنبئت به، ولكن إذا كان سوء طالعك قد بلغ مبلغاً يحملك على مواصلة تجارة تشينك أما الله والناس، عمليك ألا تفكر في المجيء لرؤيتنا، لأنك تفهم جيداً أنني لن أستطيع في هذه الحالة حتى أحدثك لفهمي بأنك في حالة مؤسفة جداً، مناقضة جميع المناقضة للمسيحية. ولن أكف في الوقت نفسه عن التضرع لله ليرحمك، فيرحمني إياك، لأن خلاصك عزيز جداً".

فها هنا عالم شديد الاختلاف عن ذلك الذي تسجله صفحاتنا عادة-عالم من الإيمان العميق بالعقيدة المسيحية، والولاء المحب لدستورها الأخلاقي. ونحن لا نملك غير التعاطف مع امرأة استطاعت حتى تخط بمثل هذا الإخلاص في العاطفة، ولم تخل من العذر لرأيها في المسيحية الفرنسية كما كانت في شبابها. ولم تبلغ تعبير نيكول العلنية التالية هذا المبلغ من الرقة والحنو، وكان قد فهم راسين في البور-رويال:

"كل الناس يعهدون حتى هذا السيد قد خط..تمثيليات للمسرح...وهذه المهنة في نظر ذوي العقول الراجحة ليست في ذاتها مهنة شريفة جداً، ولكن إذا نظرنا إليها في ضوء الدين المسيحي وتعليم المسيح كانت في الحق مهنة رهيبة. فالروائيون تجار سموم يقتلون نفوس الناس لا أجسادهم".

وأجاب جميع من كورنيي وموليير وراسين على هذا الاتهام على حده، وكان في جواب راسين من العنف الغضب مل جعله يندم عليه أشد الندم في سنوات لاحقة.

جان راسين، في نقش من خلق پيير ساڤار.

وتلا خصامه مع البور-رويال خصام مع موليير بعد قليل. ففي ديسمبر 1665 قدمت فرقة موليير تمثيلية راسين الثالثة "الإسكندر"، وكان موليير كريماً كعادته، فهوعليم بأن راسين لم يعجب به ممثلاً تراجيدياً، وأن المؤلف الشاب يهيم بأجمل ممثلاته وإن لم تكن أكفأهن، لذلك أخرج نفسه والمرأتين بيجار من شخصيات المسرحية، ومنح الدور النسائي الأول لتريز دبارك، ولم يظن بمال على الإخراج. وقد لقيت استقبالاً حسناً، ولكن راسين لم يرض عن التمثيل. فرتب حفلة خاصة مثلت الفرقة الملكية فيها المسرحية، وحمله سروره بهذا التمثيل على سحبها من موليير وإعطائها لهذه الفرقة المنافسة. وأقنع الآنسة دبارك التي أصبحت عشيقته بأن تهجر فرقة موليير وتنضم إلى الفرقة الأقدم، وعرضت المسرحية في مكانها الجديد بالأوتيل دبورجون ثلاثين مرة في أكثر قليلاً من شهرين. ولم تكن من روائع راسين، ولكنها وطدت مكانته خلفاً لكورنيي، وأكسبته صداقة الناقد بوالوالمرشدة. فحين نطق له راسين مفاخراً "إنني أنظم شعري في يسر مدهش "أجابه بوالو" أريد حتى أفهمك كيف من الممكن أن تنظمه في عسر". ومنذ ذلك الحين فهم الناقد العظيم الشاعر قواعد الفن الكلاسيكي.

ولا فهم لنا بمدى العصر الذي نظم به راسين "أندروماك"؛ على أية حال بلغ فيها أوج قوته المسرحية وأسلوبه الشعري. وهويذكر في إهدائه المسرحية إلى مدام هنرييتا أنه قرأها عليها، وأنها بكت. ومع ذلك فهي مسرحية رعب لا مسرحية عاطفة، وفيها جميع الكارثة المحتومة التي نتسقطها في إسخيلوس أوسوفوكليس. والحبكة شبكة معقدة من العلاقات الغرامية. فأوريست يحب هرميون، التي تحب بيروس، الذي يحب أندروماك، التي تحب هكتور، الذي مات. وقد منح بيروس بن أخيل ثلاث جوائز لما أبلى في فوز اليونان على طروادة: منح أبيروس مملكة له، وأندروماك (أرملة هكتور) أسيرة له، وهرميون (ابنة منيلاوس وهيلانه) زوجة له. أما أندروماك فلا تزال شابة وجميلة، وإن لم تكف عن البكاء، وهي لا تحيا إلا لتذكر زوجها النبيل، وتخاف على طفلهما أستياناكس، الذي ينقذه راسين-بانحراف مسرحي عن القاعدة-م الموت الذي كان نصيبه في يوريبيديس ليستعمله هنا أداة في يد القدر. ويفد أوريست- بن كلينمنسترا وقاتلها- على إبيروس مبعوثاً من اليونان ليطلب إلى بيروس تسليم استياناكس وموته باعتباره المنتقم المحتمل لطروادة في المستقبل. ويرفض بيروس الاقتراح في فقرة تمتنع موسيقاها على الترجمة. يقول ما معناه:

"إنهم يخشون حتى تولد طروادة بهكتور من جديد، وأن ابنه قد ينتزع مني الحياة التي حفظتها عليه. سيدي، إذا الإفراط في التدبر يجر إفراطاً في الحذر. إنني لا أستطيع حتى أبصر المكاره من هذا البعد الكبير. وأنا أفكر فيما كانت عليه هذه المدينة (طروادة) فيما مضى، جبارة في حضوتها، شديدة الخصوبة في أبطالها، سيدة على آسيا. ثم أتأمل في النهاية ما صارت إليه وما انتهى إليه حظها-فلا أرى غير أبراج غطاها الرماد، ونهر صبغت مياهه الدماء. وحقول هجرت، وطفل مقيد بالأغلال، ولست أظن حتى طروادة تقوى على الثأر وهي على هذه الحال. آه، لوكان ابن هكتور قد قدر عليه الموت، فلم أبقينا عليه عاماً كاملاً،يا ترى؟ ألم نكن قادرين على تقديمه قرباناً على صدر يريام،يا ترى؟ كان يجب حتى يسحق تحت مئات القتلى في طروادة؛ يومها كان جميع شيء مباحاً، وعبثاً كانت تحتج الشيخوخة والطفولة بضعفهما في الدفاع عن نفسيهما، فالنصر والقدرة، وهما أشد منا قسوة، حرضانا على القتل وأفقدانا التمييز في ضرباتنا. إذا غضبي على المغلوبين جاوز حد الصرامة، ولكن أيجب حتى تظل قسوتي بعد غضبي،يا ترى؟ أينبغي حتى أغتسل متلبثاً في دم طفل برغم ما يتملكني من شفقة عليه،يا ترى؟ لا يا سيدي، فليبحث اليونان عن فريسة أخرى، وليلاحقوا ما بقي من طروادة في غير هذا المكان. لقد بلغت نهاية الشوط في عدائي. إذا أبيروس ستنقذ ما أبقت عليه طروادة"(10).

هنا مأخذ واحد، ذلك حتى بيروس، وربما راسين، لا يدركان مبلغ ما تدين به شفقة الفاتح لغرامه بأم الطفل-إلى حد عرضه الزواج منها (مع أنه كان يستطيع حتى يتخذها جارية له)، واتخاذه أستياناكس ولداً ووريثاً له. ولكنها ترفضه، فهي لا تستطيع حتى تنسى هكتور، الذي قتله أبوبيروس. وهويهدد بأن يسلم الطفل لليونان، فيروعها تهديده، وترضى بالزواج منه، ولكن هرميون-وهي في تصور راسين لها تضارع الليدي مكبث قوة-، تشتعل غضباً لأنها نبذت، فيه تعتزم اغتال بيروس رغم أنها لا تزال تحبه، وتقبل ما يعرضه أوريست من حب وولاء، شريطة حتى يقتل بيروس. فيوافق كارهاً. وفي جميع خطوة وكل إنسان من شخوص هذه المسرحية صراع في الدوافع يرقى إلى أدق العقد النفسية المعروفة في الأدب. ويقتحم الجند اليونان الهيكل ويقتلون بيروس عند المذبح الذي يتبادل فيه عهود الزواج مع أندروماك. وتحتقر هرمون أوريست، وتجري إلى المذبح، وتغمد مدية في جسد بيروس الميت، ثم تطعن نفسها وتموت. هذه أعظم مسرحيات راسين، وهي خليقة بأن تثبت للمقارنة مع شكسبير أويوريبيديس: حبكة متينة البناء، وشخوص كشف عنها في عمق، ومشاعر مدروسة في جميع تعقيدها وحدتها ، وشعر فيه من الروعة والتناغم ما لم تسمعه فرنسا منذ رونسار.

واعترف الناس بأندروماك للتورائعة من روائع الأدب، فوطدت مقام راسين خليفة لكورنيي وربما متفوقاً عليه. ودخل الآن أسعد عقد في عمره، متنقلاً من نصر إلى نصر، بل متحدياً موليير بملهاة من قلمه. والملهاة، واسمها "المتخاصمون"، وهي تقليد ساخر (برلسك) للمحامين الجشعين، وشهود الزور، والقضاة الفاسدين-هذه الملهاة كانت صدى لتجربة راسين مع القانون. ذلك أنه التمس رهنا على ولج دير وحصل عليه؛ ولكن راهباً نازعه دعواه، وتلا ذلك دعوى قضائية امتد بها الأجل حتى ضاق بها راسين ذرعاً فتخلى عنها وثأر لنفسه بكتابة المسرحية. ولم تسر النظارة في أول عرض لها، ولكن حين مثلت في البلاط ضحك لويس الرابع عشر من قلبه على نكتها ضحكاً جعل الجمهور يغر رأيه، وأدت هذه الملهاة المتوسطة الجودة في ملء جيب راسين.

على حتى نغمة صغيرة بترت هناءه. ذلك حتى خليلته دبارك ماتت في ظروف غامضة-سنفصلها في موضع لاحق-في 11 ديسمبر سنة 1668. وبعد حتى توقف فترة مناسبة اتخذ ممثلة أخرى تدعى ماري شانمسليه. وكان لها زوج يقظ وصوت ساحر، وتحاشى راسين الأول واستسلم للآخر. واتصل هذا الغرام من برينيس حتى فيدر، وبعد ذلك انتزعها الكونت دكليرمون-تونر من جذورها (D(racin(e أي من راسين) كما نطق أحد الظرفاء. ومسرحية راسين "بريتانيكوس" (1669) في رأيه أكثر أعماله اتقاناً، وكثيراً ما تفضل على أندروماك، شأنها شأن "فيدر" و"اتالي".

على حتى القارئ العصري لن يلتذها في أغلب الظن مهما كان غارقاً في تاكيتوس ففيها أجربين السليطة، وبريتانيكوس الشكاء وبوروس المتخبط، ونارسيس القذر، ونيرون الممتلئ شراً-فما من إنسان هنا يظهر لنا تعقيداً أوتطوراً، أويبدي لنا أثراً من نبل خليق بأن يخفف في موضع ما من أي مأساة جديرة بقلم شاعر.

وكما حتى بريتانيكوس فتشت عن قصتها في "قاعة الفظائع" التي ذكرها تاسيتوس، فكذلك أخذت برينيس (1670) سيرة غرام إمبراطور عن سطر موجز لسويتون يقول فيه "فأوفد لتوه كارهاً برينيس الكارهة من المدينة(12)" وتفصيل المسرحية حتى تيطس الذي كان يحاصر أورشليم (70م) كان قد أغرم بالأميرة اليهودية. ومع أنها تزوجت من قبل ثلاث مرات، إلا أنها تتبعه إلى روما خليلة له، ولكنه حين يرث العرش يدرك حتى الإمبراطورية لن تسمح بملكة أجنبية، فيصرفها بعبارات ملكية متدفقة تتميز بالإدراك السليم. وقد حفلت المسرحية بالعاطفة الحارة وحظيت برضاء الجمهور والملك، الذي لابد قد استشف بسرور بلاطه وفوزاته في وصف برينيس لعظمة الإمبراطور الشاب:

"أرأيت بهاء هذه الليلة،يا ترى؟ ألا تمتلئ عيناك بعظمتها وأبهتها،يا ترى؟ هذه المشاعل، وهذا الحطب، وهذا الليل ذواللهب المقدس، وهاتيك النسور، وتلك الشعارات، وهذا الجمع من الناس، وهذا الجيش، وذلك الحشد من الملوك، هؤلاء القناصل، وهذا السناتور-أولئك الذين قبسوا نورهم الساطع من حبيبي، وهذا الأرجوان والمضى الذي يزداد تألقاً بمجده، وهذا الغار الذي مازال شاهداً على فوزه، وهذه العيون التي نراها قادمة من جميع فج لتلتقي فيه وحدة نظراتها الملهوفة؛ هذه الطلعة الجليلة، وهذه الحضرة الحلوة. وحق السماء! بأي إجلال وبأي رضى تؤكد له جميع القلوب سراً ثقتها به! تحدث: أيستطيع إنسان حتى يراه دون حتى يخطر له كما يخطر لي، أنه لوكان القدر قضى بأن يولد مغموراً لتبين فيه العالم سيده بمجرد النظر إليه".

أمن العجب إذن حتى نرى رأسين، وهوعلى هذا الحذق في الزلفى، ينال الحظوة السريعة عند الملك،يا ترى؟ ونمر في احترام ببعض مسرحياته الأقل شأناً، وكلها ما يزال يحتل خشبة المسرح الفرنسي: بايريد (1672)، وتردات (1673) التي فضلها لويس على جميع مسرحياته، وإفجيني (1674)، التي وضعها فولتير في صف واحد مع أتالي باعتبارها من أروع ما خط من الشعر. وقد عرضت أجيني أول مرة في حدائق فرساي على ضوء الشمعدانات البلورية المعلقة في أشجار البرتنطق والرمان، وعزف العازفون على الكمان وانعطفت قلوب نصف النخبة المتفرجة، وتقدم راسين ليشكر النظارة على أغلى تصفيق لقيه في حياته. وحين أخرجت في باريس امتد عرضها أربعين مرة في شهور ثلاثة. وكان قد انتخب أثناء ذلك عضواً في الأكاديمية الفرنسية (1673). وبدا حتى سعادته قد اكتملت. على حتى السعادة لم تخط إلى الآن للشعراء، إلا حتىقد يكون الجمال فرحة لا تنتهي، والثناء لا يبتره صوت ناشز. نطق راسين لابنه "لقد طالما أبهجني جداً ذلك الاستحسان الذي قوبلت به، ولكن أقل لوم ناقد...كان يسبب لي دائماً من الضيق قدراً أكبر من جميع السرور الذي يدخله على المديح(15)". فهولم يكن شديد الحساسية فحسب، كما لم يكن بد من حتىقد يكون، بل ضيق الخلق، يرد على جميع حدثة نابية. وفي ذروة نجاحه عثر نصف باريس تنتقده، لا بل تعمل على إسقاطه. كان كورنبي قد عمر فوق ما ينبغي، ولكن مريديه تذكروا ما اتسمت به مآسيه الأولى من نبرة بطولية وموضوعات ملحمية، وما شاع في بلاغته من نبل، وذلك المستوى السامي الذي حمل إليه دواعي الشرف والدولة، فوق أهواء القلب. واتهموا راسين بتلويث المأساة بعواطف نصف مجنونة تنعمل بها مخلوقات خسيسة، وبإدخال مغازلات حب القصور إلى المسرح، وإغراقه بدموع بطلاته، فصمموا على إسقاطه.

فلما عهد أنه يخط "فيدر" أقنع فريقاً من خصومه نيكولا برادون بأن يخط مسرحية منافسة في الموضوع نفسه. وكان للمسرحيتين نفس العنوان في الأصل-فيدر وهيبوليت-وانبثقتا من أسطورة رواها يوربيديس من قبل بما عهد فيه من قصد كلاسيكي في العاطفة. ففيدر، زوجة تسيوس، وتولع ولعاً شديداً بهيبوليت بن ثيسيوس من زوجة سابقة، ولكنها تجده بارد العاطفة نحوالنساء فتشنق نفسها بعد حتى تهجر خطاباً اتهمته فيه بمحاولة الاعتداء على عفافها انتقاماً منه، ونفى ثيسيوس ابنه البريء، الذي لم يلبث حتى اغتال وهويسوق الخيل على شواطئ تروزين. ولكن راسين غير ترتيب الأحداث، فجعل فيدر تتجرع السم بعد سماعها بموت هبوليت. ومثلت مسرحية راسين في الأوتيل دبورجون في أول يناير سنة 1677، ومثلت مسرحية برادون بعد يومين على مسرح جينيجو. ولقيت التمثيليتان نجاحاً متكافئاً إلى حين، ولكن تمثيلية برادون طواها النسيان، في حين تمثيلية راسن عادة رائعته الكبرى؛ ودور فيدر تصبوا إلى تمثيله جميع الممثلات الفرنسيات، كما يستهوي دور هاملت المثلين التراجيديين في المسرح الإنجليزي) . ولقد بارى راسين الرومانسيين مع أنه المثل المحتذى في الأسلوب الكلاسيكي، في عاطفية غرام فيدر، وجعل هبوليت يتحرق شوقاً للأميرة أريسيا (وهذا مناقض الأسطورة). وتفهم فيدر بنبأ هذا الغرام، ويعطينا راسين في تفصيل منعمل دراسة للمرأة إذا ازدريت. وهويخفف من هذه التحليقات الرومانسية بوصف قوي لخيل هيوليت المذعورة وهي تجره حتى يلقى حتفه.

وفي المقدمة التي يصدر بها راسين تمثيليته فيدر (إذ بدأ يشتد فيه الحافز الديني حدثا ضعف الحافز الجنسي) يلوح بغصن الزيتون للبور-رويال فيقول:

"لست أجرؤ على حتى أؤكد لنفسي حتى هذه...خير مآسي...ولكني وأثق أنني لم أخط مأساة عرضت فيها الفضيلة في ضوء أفضل. فأتفه الذنوب تعاقب هنا عقاباً صارماً، ومجرد التفكير في الجريمة ينظر إليه هنا نظرة الاستهجان التي ينظر بها إلى الجريمة ذاتها، وعثرات الحب ينظر إليها هنا كأنها عثرات حقيقية، والعواطف المشبوبة لا تعرض على الأنظار إلا لترى الخلل التي هي السبب فيه، والرذيلة مصورة في المسرحية كلها بألوان تتيح لنا حتى نراها ونكره شكلها الشائه. وتلك هي الغاية السليمة التي ينبغي حتى يستهدفها جميع من يعمل لجمهور الشعب. ولعل هذه حتى تكون وسيلة المصلحة بين الدراما المأساوية، وكثيرين من الأشخاص المعروفين بتقواهم وتعاليمهم، والذين أدانوها مؤخراً، ولكنهم سيحكمون عليها حكماً أكثر عطفاً لوعني المؤلفون بتعليم جمهوره النظارة عنايتهم بالترفيه عنهم، ولوترسموا في هذا التعليم القصد السليم من المأساة". ورحب آرنو، المعروف بتقواه وتعاليمه، بهذه النغمة الجديدة، وأعرب رضاءه عن فيدر. ولعل راسين وهويخط المقدمة، وقد بلغ الثامنة والثلاثين، كان يتطلع إلى حياة من الاستقرار يسكن فيها إلى امرأة واحدة بدل النساء الكثيرات. ففي أول يونيوسنة 1677 تزوج زوجة أقنه بمهر كبير. وقد أكتشف ما في الحياة العائلية من مسببات الراحة، ووجد من البهجة في ابنه البكر أكثر مما عثر في أكثر مسرحياته توفيقاً. وكانت غيرة مزاحميه ودسائسهم قد نفرته من المسرح، فألقى جانباً الخطط والمذكرات التي كان قد أعدها لأربع مسرحيات، واقتصر طوال اثني عشر عاماً على كتابة الشعر والنثر بين الحين والحين؛ لا سيما تأليف تاريخ للبور-رويال طابعه التبجيل والولاء البنوي.

ونغص عليه هذا الهدوء المثالي حادث مؤسف أليم. ذلك حتى المحكمة الخاصة التي كانت تحقيق عام 1679 في تهم التسميم الموجهة ضد كاترين مونفوازان استلمت منها اتهاماً لراسين بأنه سمم خليلته تريز دبارك. وأدلت "لفوازان" بتفاصيل الاتهام ولكن لم يكن هناك ما يعززه. وإذ كانت واثقة من أنه سيحكم عليها بالإعدام، فأنها لن تكن تخسر شيئاً باتهام غيرها زوراً، وقد لوحظ حتى إحدى زبائنها وصديقاتها هي الكونتيسة سواسون، وكانت عضواً في العصبة التي قاومت راسين في "غرام فيدر(18)". ومع ذلك خط لوفوا في أول يناير سنة 1680 إلى المفوض بازان دبيزون يقول "إن الأمر الملكي بالقبض على السيد راسين سيرسل إليك حالما تطلبه" ولكن حين تقدم التحقيق وبدا أنه سيورط مدام دمونتسبان، أمر الملك بحضر نشر سجل المحاكمة، ولم يتخذ أي إجراء ضد راسين.

وأظهر لويس ثقته المستمرة في المحرر المسرحي. ففي سنة 1664 رتب له معاشاً؛ وفي سنة 1674 خلع عليه وظيفة شرفية تغل له 2.400 جنيه في العام في إدارة المالية؛ وفي سنة 1670 عين راسين وبوالومؤرخين رسميين للبلاط؛ وفي سنة 1690 أصبح الشاعر موظفاً دائماً في معية الملك، فأتته الوظيفة بمود إضافي قدره ألفان من الجنيهات. وفي سنة 1696 بلغ من الثراء مبلغاً أعطى له شراء وظيفة سكرتير الملك.

وقد أعان أداؤه النشيط لواجباته مؤرخاً ملكياً على سحبه من المسرح. وكان يرافق الملك في حملاته ليسجل الأحداث تسجيلاً أدق. وفيما عدا ذلك كان يلزم داره شاغلاً نفسه بتربية ولديه وبناته الخمس، وكان يود أحياناً، وسط صخبهم وضجيجهم، لوأنه كان راهباً. وما كان ليخط أي مسرحية أخرى لولا حتى مدام دمانتون لجأت إليه في حتى يخط مسرحية دينية بريئة من جميع ما يتصل بالغرام، تمثلها الفتيات اللائى جمعتهن في أكاديمية سان-سير. وكانت أندروماك قد مثلت هناك من قبل، ولكن دمانتون الفاضلة لاحظت حتى الفتيات استمتعن بالفقرات الغرامية الحارة. ورغبة في ردهن إلى التقوى خط راسين مسرحيته "إستير".

ولم يكن قد اقتبس موضوعاً من الكتاب المقدس من قبل، ولكنه تفهم الكتاب أربعين سنة، وأحاط بكل التاريخ المعقد المدون في العهد القديم. وقام هونفسه بتدريب الفتيات على أدوارهن، وتبرع الملك بمائة ألف فرنك لتوفير الملابس الفارسية المطلوبة. فلما أخرجت (25 يناير سنة 1689) كان لويس أحد الرجال القليلين الذين شهدوها بين النظارة. وأشتد الطلب على مشاهدتها، من الكهنة أولاً، ثم من الحاشية، وعرضتها أكاديمية سان-سير اثنتي عشرة مرة أخرى. ولم تصل إستير إلى جماهير المتفرجين إلا سنة 1721 بعد موت الملك بست سنين؛ وعندها (بعد حتى فقد الدين الرعاية الملكية) لم تلقَ إلا نجاحاً متوسطاً.

وفيخمسة يناير 1691 أخرجت سان-سير أحدث مسرحيات راسين وهي "أتالي". وأتاليا هي الملكة الشريرة التي ظلت سنوات تقود يهوداً كثيرين إلى عبادة البعل الوثنية، حتى عزلتها ثورة قام بها الكهان(20) وجعل راسين من السيرة مسرحية لا يشعر بقوتها غير أولئك الذين يشهدونها وهم على فهم بسيرة الكتاب المقدس، يدفئ صدورهم الإيمان اليهودي أوالمسيحي الأصيل، أما غيرهم فسيجدون أحاديثها الطويلة وروحها القاتمة مثبطة لهم. وقد بدا حتى التمثيلية صفقت لطرد الهيجونوت وفوز الكهنوت الكاثوليكي، ولكنها من جهة أخرى حوت-في إنذار رئيس الكهنة للملك الشاب جود-تنديداً قوياً بالحكم المطلق:

"وقد نشئت بعيداً عن العرش لم تشعر بفتنته السامة، إنك لا تعهد الانتشاء بالسلطان المطلق، وسحر المتملقين الجبناء. عما قليل سيقولون لك إذا أقدس القوانين...ينبغي حتى تطيع الملك، وأنه لا ضابط للملك غير مشيئته، وأنه يجب حتى يضحي بكل شيء في سبيل مجده الأعلى...وا أسفاه! لقد ظللوا أحكم الملوك(21)".

وقد ظفرت هذه الأبيات بالاستحسان الكثير إبان القرن الثامن عشر، ولعلها حدت بفولتير وغيره إلى اعتبار أتالي أعظم الدرامات الفرنسية. على حتى الأبيات التالية لهذه توحي بأن رئيس الكهنة إنما كان يحاج دفاعاً عن خضوع الملوك للكهنة. أما لويس، الذي بز الآن راسين في تقواه وورعه، فلم يرَ بالتمثيلية بأساً. وواصل استقبال راسين في القصر رغم ما عهد عن الشاعر من تعاطف مع البور-رويال. ولكن في سنة 1698 حجب الملك رضاءه. ذلك حتى راسين، بناء على طلب مدام دمانتون، وضع بياناً بألوان العذاب الذي ابتلى بها الشعب الفرنسي في أواخر الحكم. وفاجئها الملك وهي تقرأ الوثيقة، وأخذها منها، وانتزع منها اسم محررها، وأخذته سورة الغضب ونطق "ألكونه شاعراً فحلاً يحسب أنه يعهد جميع شيء! ألا أنه شاعر كبير يريد حتىقد يكون وزيراً لأيضاً!" أما مانتنون فقد أكدت لراسين وهي تفيض في الاعتذار له حتى الزوبعة ستمر سريعاً. ولقد مرت؛ وما لبث راسين حتى عاد إلى البلاط واستقبل استقبالاً كريماً، وإن بدا له أقل حرارة من ذي قبل.

أما الذي اغتال الشاعر فلم يكن نظرة فاترة من الملك بل خراجاً من الكبد. وقد أجريت له جراحة، وخف ألمه فترة، ولكنه لم يكن واهماً حين نطق: لقد أوفد الموت إلى كشف حسابه واتى بوالو، وهويشكوالسقم، ليلازم صديقه العليل. ونطق راسين "إني مغتبط لأنه جاز لي حتى أموت قبلك" وخط وصية بسيطة كان أبرز فقرة فيها هذا الراتى إلى البور-رويال: "أود حتى تحمل جثتي إلى البور-رويال-دي-شان، وأن تدفن في مقبرته..إنني بكل تواضع ألتمس من الأم الرئيسة والراهبات حتى يمنحنني هذا الشرف، وإن كنت عليماً بأنني لا أستحقه، سواء لما شاب حياتي الماضية من مخازٍ، أولتقصيري في الإفادة من ذلك التعليم من ذلك التعليم الممتاز الذي تلقيته من قبل في ذلك الدير، وما رأيت فيه من مثل رائعة في التقوى والتوبة ...ولكن حدثا ازدادت حاجتي لصلوات هذه الجماعة العظيمة الورع".

ومات في 21 إبريل سنة 1699 وقد بلغ التاسعة والخمسين. وأجرى الملك معاشاً على أرملته وأبناءه حتى توفي أخرهم. وتضع فرنسا راسين في صف أعظم شعرائها، لأنه هووكورنيي يمثلان أرقى ما وصلت إليه الدراما الكلاسيكية الحديثة من تطور. ولقد تقبل-بناء على حض والو-تفسيراً دقيقاً للوحدات الثلاث: فبلغ بذلك هجريزاً لا يبارى للوجدان والقوة من خلال عمل واحد يقع في مكان واحد ويكمل في يوم واحد. وقد تجنب تطفل الحبكات الثانوية-وكل مزج بين المأساة والملهاة، وأخرج العامة من مآسيه، ولم يتناول عادة غير الأمراء والأميرات والملوك والملكات. وقد نقى لغته من جميع الألفاظ التي قد تعد نابية في الصالونات أوالبلاط، أوتكون محل استنكار في الأكاديمية الفرنسية. وشكا من أنه لا يجرؤ على حتى يورد في تمثيلياته عملية مبتذلة كعملية تناول الطعام، وإن حفل بها شعر "هوميروس" وكان الهدف هوبلوغ أسلوب يعكس في الأدب حديث الأرستقراطية الفرنسية وعاداتها. وقد حدت هذه القيود من مجال راسين. وكانت جميع درامة من دراناته قبل إستير، على شاكلة سابقاتها-وفي جميع منها كانت العواطف واحدة.

على حتى راسن شارف الرومانسية في طابع للشاعر التي عبر عنها وفي حدتها، وذلك رغم الفكرة الكلاسيكية، فكرة العقل يطغى على الحياة ويضبط العاطفة والحديث. وبينما نجد العاطفة في كورنيي تؤكد على الشرف، والوطنية، والنبالة، نجدها في راسين تهجرز إلى حد كبير حول الحب أوالعاطفة المشبوبة؛ ونح نحس فيه تأثير رومانسيات دورفيه، ومدام دسكوديري، ومدام دلافاييت. وكان سوفوكليس أكثر من يعجب بهم من المسرحيين قاطبة، ولكنه يذكرنا أكثر بيوربيديس، الذي تحول فيه قصد سوفوكليس وجلال عبارته بين الحين والحين إلى إفراط في الحماسة والوجدان. وفي هاملت أومكبث إلى القصد في الحديث أكثر مما في أندروماك أوفيدر. وقد أعرب راسين صراحة عن رأيه في حتى "أول قاعدة" للدراما "هي حتى تسر وأن تمس القلب" وقد عمل هذا بتعامله مع القلب، وباختياره شخوصه الرئيسيين من بين أفراد-كانوا عادة من النساء-مرهفي العاطفة، وتحويله تمثيلياته إلى سيكلوجية العاطفة. وقد وافق على الحظر الكلاسيكسي للحركة العنيفة على المسرح، ومن ثم أخذ نفسه بالتعبير عن العاطفة بالكلام فقط. وألقى هذا عبئاً ثقيلاً على أسلوبه، فأصبحت المسرحية سلسلة من الخطب، وكان استرساله في الأبيات الإسكندرية المتتابعة-وهي ذات المقاطع الاثني عشر والقوافي المزدوجة-هذا الاسترسال أشرف بشعره على الرتابة المملة؛ فنحن نفتقد في راسين وكورنيي ما يطالعنا في الشعر الإليزابيثي المرسل من مرونة، وطبيعية، وتنوع لا آخر له. وياله من جهد عبقري ذلك الذي اقتضاه حمل هذا الشكل الضيق من تماثله الممل، بقوة الأسلوب وجماله! حتى راسين وكورنيي ينبغ ألا يقرأ، بل يجب حتى يسمعا، وحبذا حتىقد يكون ذلك ليلاً في فناء الأنفاليد أواللوفر.

والمفاضلة بين راسين وكورنيي هواية قديمة لدى الفرنسيين. أما مدام دسفينييه، فأنها بعد حتى شهدت "بايزيد" وقبل حتى تمثل-إفجيني أوفيدر-انحازت إلى كورنيي بحماستها المألوفة. وقد تنبأت في تهور، ولكن من الممكن بحق، بأن: "راسين لن يستطيع أبداً حتى يتجاوز..أندروماك... فتمثيلياته مكتوبة للآنسة شانمسلييه..وسوف يتضح حين يكبر، ويكف عن الحب، هل أخطأت الحكم أم أصبت. إذن فليعش صديقنا كورنبي طويلاً، ولنغتفر له الأبيات الرديئة التي نصادفها في شعره من أجل تلك الفقرات الإلهية التي كثيراً ما ننتشي بها"...

Jean Racine on the 1989 USSR commemorative stamp

وهذا على العموم رأي جميع ذي ذوق سليم. ولكن فولتير الذي اضطلع بنشر أعمال كورنيي والتعليق عليها، صدم الأكاديمية الفرنسية بنقده لأخطاء المسرحي الكبير وفجاجاته ولغته الطنانة. خط يقول "أعترف أنني بنشر كورنبي أصبحت من عباد راسين" وقد أقر الزمن بهذه الأخطاء، وأغتفرها لرجل لم يحظ بما حظى به راسين من ميزة المجيء بعد كورنبي. فالارتفاع بالدراما الفرنسية من مستةاها السابق إلى مكانة "السيد" "وبوليوكت" كان إنجازاً شق من بلوغ النشوات المشبوبة والجمال المنغوم الذي نجده في "أندروماك" "وفيدر". إذا كورنبي وراسين هما الموضوعان الذكر والأنثى في شعر القرن العظيم-التعبير القوي عن الشرف والحب..وعلينا حتى نأخذهما معاً إذا أردنا حتى نحس باتساع الدراما الكلاسيكية الفرنسية وقوتها، تماماً كما يجب حتى نأخذ ميكلانجلوورفائيل معاُ إذا أردنا حتى نحكم على النهضة الإيطالية؛ أوبتهوفن وموتسارت إذا أردنا حتى نفهم الموسيقى الألمانية في ختام القرن الثامن عشر.

نطق ديفد هيوم، وكان اسكتلندياً حكيماً، ضليعاً في لغة الفرنسيين وآدابهم، "في المسرح تفوق الفرنسيون حتى على اليونان، الذين تفوقوا كثيراً على الإنجليز" وذلك حكم كان خليقاً بأن يدهش راسين ذاته، الذي عبد سوفوكليس باعتباره الكمال مجسماً، وإن جرؤ على منافسة يوربديس. وفي هذا نجح، وهوما يستحق عليه الثناء حقاً. فلقد احتفظ بالدراما الحديثة على مستوى لم يبلغه سوى شكسبير وكورنبي، ولا يدنومنه إنسان بعد ذلك سوى جوته.


الأعمال الدرامية

Œuvres de Racine, édition bruxelloise de 1700.
Gravure de J. Harrewyn
قائمة الأعمال المسرحية لجان راسين
(حسب الترتيب الزمني)
العمل النوع التاريخ
La Thébaïde Tragédie en cinq actes et en vers 21 يونيو1664
الإسكندر الأكبر تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 4 ديسمبر 1665
أندروماك تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 17 نوفمبر 1667
Les Plaideurs تراجيديا من ثلاث فصول، منظمومة أبياتاً نوفمبر 1668
بريتانيكوس تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 13 ديسمبر 1669
Bérénice تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 21 novembre 1670
Bajazet تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 5 janvier 1672
مثريداته تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 13 يناير 1673
Iphigénie تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 18 أغسطس 1674
فيدر تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً نطقب:1 يناير 1677
إستر تراجيديا من ثلاث فصول، منظومة أبياتاً 26 يناير 1689
أتالي تراجيديا من خمس فصول، منظومة أبياتاً 5 janvier 1691

ترجمات:

- Le Banquet de Platon, (entre 1678 et 1686) - Vie de Diogène le Cynique, par Diogène Laërte (pas de date donnée) - Textes d'Eusèbe de Césarrée - Fragments de La Poétique, d'Aristote

Gabriel Fauré a mis en musique un de ses poèmes dans le fameux Cantique de Jean Racine

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بجان راسين، في فهم الاقتباس.
  • Biography, Bibliography, Analysis, Plot overview (in French)
  • أعمال من Jean Racine في مشروع گوتنبرگ
  • Racine's Works on Bartleby.com at http://www.bartleby.com/people/Racine-J.html
  • Many Full Versions of Racine's Plays on Google Books at http://books.google.com/books?as_auth=Jean+Racine&ots=Ck_Gtq5bNg&sa=X&oi=print&ct=title&cad=author-navigational
  • Complete Theater to download on line (Poesies.net in French)
  • Complete Tragedies and the Comedy to edit with statistics and research (theatre-clasique.fr in French)

المصادر

  1. ^ À partir de 1687. La pièce était initialement appelée Phédre et Hippolyte.


المراجع

  • Roland Barthes - Sur Racine
  • Georges Forestier - Jean Racine (Gallimard, 2006) (ISBN 2070755290)
  • Lewis, W.H. The Splendid Century: Life in the France of Louix XIV'.' William Sloane Associates, 1953.
  • Jean Rohou - Jean Racine : entre sa carrière, son oeuvre et son dieu (Fayard, 1992)
  • Butler, Philip. "Racine: A Study." London: Heinemann Educational Books Ltd, 1974.
  • "Racine, Jean." Encyclopædia Britannica. 2007. Encyclopædia Britannica Online. 30 Nov. 2007 <http://www.britannica.com/eb/article-9062376>.
  • Antonin Artaud - The Theater and Cruelty. In The Theater and Its Double. Trans. Mary Caroline Richards. Grove Press: New York. (1938/1958)
مناصب أكاديمية
سبقه
François de La Mothe Le Vayer
الأكاديمية الفرنسية
مقعد رقم 13

1672-1699
تبعه
Jean-Baptiste-Henri de Valincour
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:45:38
التصنيفات: صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Articles which use infobox templates with no data rows, مواليد 1639, وفيات 1699, People from Aisne, كتاب دراما ومسرحيات فرنسيون, شعراء فرنسيون, أعضاء الأكاديمية الفرنسية, Jansenists, كتاب كلاسيكيون جدد, كتاب فرنسيون من القرن 17, مدفونون في كنيسة سانت-إتين-دو-مونت، باريس

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بطولة فرنسا: تعادل مخيب لسان جرمان قبل رحلته الى انكلترا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:06:55
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

الجيش الأمريكي يعلن اعتقال "ممدوح شيخ" في سوريا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:07:13
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 93%

بايدن: محاولات إغلاق الحكومة الأمريكية غير مقبولة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:07:23
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 94%

حاكم مقاطعة خيرسون يعلق على زعم هجوم أوكراني جديد

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:07:09
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 100%

الولايات المتحدة وتايوان تعقدان مؤتمرا للأمن والدفاع

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:07:17
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 88%

شحّ الأمطار في غواتيمالا يعلم الناس أهمية استخدام كل قطرة مياه

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:06:57
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 91%

الجزائر تعلن إجلاء بحار تركي سقط من سفينة تجارية بمستغانم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-30 21:07:06
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية