سفر التكوين

عودة للموسوعة

سفر التكوين


سفر التكوين هوأول أسفار التوراة (أسفار موسى الخمسة) وأول أسفار التناخ، وهوجزء من التوراة العبرية، كما أنه أول أسفار العهد القديم لدى المسيحيين.

مكتوب فيه أحداث تبدأ مع بدء الخليقة وسيرة حياة بعض الأنبياء، ومذكور فيه كيف من الممكن أن خلق الله الكون والإنسان وكيف اختار الله النبي نوح لكي ينذر البشرية من الطوفان الذي كان قادما إليها، ثم دعوة الله لإبراهيم وإسحاق ويعقوب أبي الأسباط ثم كيف من الممكن أن بيع يوسف من قبل إخوته إلى تجار العبيد ووصوله إلى مصر وتملكه على جميع أرض مصر، فسفر التكوين يسرد الأحداث منذ بدء الخليقة إلى فترة نهاية حياة يوسف.

التسمية

يسمى بيراشيت בְּרֵאשִׁית في النص العبري، وترجع التسمية إلى أول حدثتين وردتا بالسفر وتعنيان "في البدء"، هذا الأمر متبع في جميع أسفار التوراة، أما حدثة "التكوين" فاتىت من الترجمة السبعينية للتناخ اليهودي التي استخدمت حدثة "جنسز Γύνεσις" كتسمية للسفر، ويقصد بها النشوء أوالأصل أوبداية الأمور، وذلك حتى السفر يتناول بدايات الأمور كخلق العالم والإنسان كما يذكر بدايات المعتبرين أنهم أسلاف الشعب العبري، ليس هذا فحسب بل يذكر لنا أيضاً بداية الأنساب والحرف واللغات من وجهة نظر المؤلف أوالمؤلفين.


المؤلف وتاريخ التأليف

أولاً: رأي المحافظين

Mosaik föreställande Mose i Cathedral Basilica of St. Louis i Saint Louis, Missouri.

ينسب السفر عادة إلى النبي موسى، فإنه يمكن القول بإجماع اليهود والمسيحيين بصفة عامة، والمحافظين من فهماء الفريقين بصفة خاصة، على حتى موسى هومحرر السفر، ويستندون إلى الأدلة الداخلية لإثبات رأيهم ومنها ما يسمونه بشهادة العهد القديم وشهادة العهد الجديد، فإنه في الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم كثيراً ما يُذْكَر "نطق الرب لموسى" أنظر (خروج 25: 1) و(العدد 1: 48) و(العدد 13: 1)، وفيه أيضاً – في العهد القديم – يرد عبارات تدل حتى موسى هومحرر الشريعة أوالتوراة مثل " كما هومكتوب في شريعة موسى رجل الله" (عزرا 3: 2)، قس على ذلك ما اتى في (يشوع 1: 7-9) و(الملوك الأول 2: 3، 8: 53 و56) و(عزرا 7:6) وغيرهم، وأما شهادة العهد الجديد فيستدلون بأن المسيح وتلامذته (خطة الأناجيل والرسائل) قد نسبوا الشريعة والناموس لموسي، تقول دائرة المعارف الكتابية تحت مادة "تكوين – سفر التكوين، تاريخ الكتابة والمحرر":

ونقرأ في العهد الجديد حتى المسيح "ابتدأ من موسى وجميع الأنبياء، يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الخط" (لو24: 27). فمن الواضح حتى الرب يسوع أقر بأن موسى هومحرر أول أسفار الكتاب المقدس، بل إنه أطلق على العهد القديم اسم "موسى والأنبياء" (لو16: 19 و31، ارجع أيضاً إلى يو5: 46 و47، مت 5: 17، لو24: 44). كما حتى الرسول بولس استخدم نفس هذه العبارة (أع 26: 22، 28: 23) وفي نفس الوقت أشار الرب يسوع المسيح إلى الكثير من فصول سفر التكوين باعتبارها جزءاً من الأسفار الموحى بها (مت 19: 4-6، 24: 38، لو17: 32، يو7: 22).

— دائرة المعارف الكتابية

وطبقاً لهذا الرأيقد يكون السفر قد خط في حياة النبي موسى، ولما كان السفر قد خط بعد خروج بني إسرائيل من مصر، وهوبحسب فهماء اليهودية والمسيحية قد سقط بين سنتي (1440 -1400 ق.م)، تكون الفترة بين هاتين السنتين هي نفس الفترة التي خط بها هذا السفر.

ثانياً: آراء المتحررين

إن المتحررين من فهماء العقيدتين: اليهودية والمسيحية، يرون حتى محرر السفر هوإنسان مجهول، وأنه لا يمكن معهدته على وجه التحديد، وهم يجزمون بتراً حتى موسى لم يخط السفر. إذا القول بأن موسى لم يخط التوراة ليس بأمر حديث عهد، وإنما يعود لعصر المفسر اليهودي إبراهيم بن عزرا (1089-1164م)، وكان اليهودي باروخ سبينوزا (1632-1677م) مؤيداً لرأي بن عزرا أشد ماقد يكون التأييد، وابن عزرا في رأيه أول من ارتاب في نسبة التوراة لموسى، إلا أنه لم يجرؤ على المجاهرة بآرائه فكان يعمد إلى استخدام تلميحات غامضة. من هذه التلميحات ما أورده ابن عزرا في تصدير تفسيره لسفر التثنية والتي اقتبسها سبينوزا وعلق عليها كالتالي:

سليمٌ أننا لا نتصوره مؤلف
الأسفار بالمفهوم الحديث،
لكن ليس ثمة دافع لنرتاب
في حتى له دوراً فريداً مهماً في
الأحداث التي تصفها تلك التنطقيد
ولا سيما دوره كمشرع.

—النسخة الأمريكية الجديدة للكتاب المقدس.
"...عبر الأردن1... لوأنك تدرك لغز الاثني عشر2... وخط موسى التوراة3... وكان الكنعانيون حينها في الأرض4... في جبل الرب يرى5... هوذا سريره السرير الحديدي6... حينئذ ستفهمون اليقين7 ".

في هذه الحدثات القليلات يلمح [بن عزرا] ويبين أيضاً أنه لم يكن موسى الذي خط الأسفار الخمسة (التوارة)، وإنما إنسان آخر عاش بعده بأمد طويل، بل وأبعد من هذا حتى ما خطه موسى لم يكن سوى شيء مختلف عما هوموجود الآن.

—سپينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة

ويستطرد سبينوزا بعدها في التعليق على تلميحات ابن عزرا في إسهاب وتفصيل، ولم يكتف بالتعليق على تلميحاته فحسب، بل عزز آراءه بأن أضاف الكثير من العبارات التي يصعب حتىقد يكون موسى قد خطها، وحسبنا حتى نذكر منها ما يتعلق بسفر التكوين مثل: التكوين 14: 14، والتكوين 36: 31-39، ويستنتج في الفصل الثامن من كتابه حتى الاعتقاد بأن موسى ألف التوراة ليس له أساس بل وغير معقول.

لكن لم يتطرق أحد لكيفية تأليف التوراة كما نعهدها اليوم حتى ظهر اللاهوتي ريتشارد سيمون (1638-1712م) الذي اقترح حتى التوراة ما هي إلا جمع من عدة وثائق مختلفة، وقد استند في رأيه هذا إلى حتى التوراة تتضمن روايات مكررة لنفس الحدث، واستنتج من ذلك حتى أصل تلك الوثائق يرجع لموسى وأن عزرا المحرر – بعد عودته من السبي – قام بنسج الوثائق معاً في وثيقة واحدة هي التوراة بصورتها التي بين يدينا اليوم. وفي سنة 1753م انبرى جان أستروك لتفنيد آراء سيمون فألف كتاباً طبق فيه أدوات التحليل الأدبي على سفر التكوين، ذلك الأسلوب الذي كان مستخدماً في تمحيص التنطقيد المتنوعة للنصوص القديمة كالإلياذة من أجل الوصول لأفضل نص سليم، انتهى أستروك إلى حتى السفر يتألف من مصدرين أووثيقتين اثنتين: أما الأولى فتستخدم لفظة "إلوهيم" عند الإشارة إلى الله وأما الثانية فتشير إليه بلفظة "يهوه"، وفي رأيه حتى موسى هومن قام بالدمج بين هاتين الوثيقتين.

أحدث درس أستروك ثورةً بين الباحثين الألمان الذين عمدوا إلى تطبيق طريقته على سائر أسفار التوراة، وكان من بين هؤلاء الباحثين يوهان جوتفريد والذي اهتدى في نهاية بحثه إلى حتى موسى ليس له أدنى دور في تأليف أي من الأسفار الخمسة المنسوبة إليه. وبلغت نظرية تعدد الوثائق أوجها عندما نادى الألماني يوليوس فلهاوزن بأن الأسفار الأربعة الأولى تتألف من ثلاثة مصادر مختلفة، أما سفر التثنية فيرتكز على مصدر رابع خاص به، ولذا تسمى نظريته أحياناً بفرضية المصادر الأربعة أوالفرضية الوثائقية، وتعد هذه النظرية أحد أبرز أعمدة النقد الأعلى.


مضمون السفر وتلخيصه

محتويات سفر التكوين
القسم الأول: التاريخ العام للبدايات
1. الخلق من آدم إلى نوح 1: 1 – 6: 4
سيرة الخلق 1: 1- 2: 4
آدم وحواء بجنة عدن 2: أربعة – 3: 24
قايين وهابيل 4: 1-16
نسب قايين 4: 17-26
من آدم إلى نوح 5: 1-32
أبناء الله وبنات الناس 6: 1-4
2. من نوح إلى إبراهيم 6: 5- 11: 32
الطوفان 6: 5- 8: 32
عهد الله ومباركته للإنسان 9: 1-17
نوح يسكر ويتعرى
سلالات نوح 10: 1-9
برج بابل 11: 1-9
من سام إلى إبراهيم 11: 10-32
القسم الثاني: تاريخ الآباء 12: 1- 50: 26
3. إبراهيم 12: 1- 25: 18
دعوة إبراهيم وهجرته إلى كنعان 12: 1-9
إبراهيم وسارة في مصر 12: 10-20
إبراهيم ولوط 13: 1-18
محاربة إبراهيم للملوك ومباركة ملكي صادق له 14: 1-24
عهد الله مع إبراهيم 15: 1-21
إبراهيم وسارة وهاجر وعهد الله بخصوص إسماعيل 15: 1-16
عهد الختان 17: 1-27
ضيف إبراهيم وتشفعه من أجل لوط 18: 1-33
تدمير القولوطيين 19: 1-29
لوط يزني بابنتيه 19: 30-38
إبراهيم وسارة في جَرار 20: 1-18
مولد إسحاق 21: 1-8
طرد هاجر وإسماعيل 21: 9-21
إبراهيم وأبيمالك وميثاق بئر سبع 21: 22-34
ابتلاء إبراهيم في ابنه 22: 1-19
أبناء ناحور 22: 20-24
موت سارة ودفنها 23: 1-20
إسحاق يتزوج رفقة 24: 1-67
زواج إبراهيم من قطورة 25: 1-6
موت إبراهيم ودفنه 25: 7-18
4. إسحاق ويعقوب 25: 19- 36: 43
مولد يعقوب وعيسووبيع البكورية 25: 19-34
إسحاق ورفقة وأبيمالك في جَرار 26: 1-33
عيسووزوجاته الحثيات 26: 34-35
خداع يعقوب لأبيه إسحاق 27: 1- 28: 5
عيسويتخذ زوجة من بنات إسماعيل بن إبراهيم 28: 6-9
يعقوب في بيت إيل 28: 10-22
يعقوب وخاله لابان 29: 1 -30: 43
يعقوب يهرب من لابان 31: 1-54
يعقوب يستعد لملاقاة عيسو32: 1-21
يعقوب يصارع الله 32: 22-32
لقاء يعقوب وعيسو33: 1-20
اغتصاب دينة ابنة يعقوب 34: 1-31
عودة يعقوب إلى بيت إيل 35: 1-15
موت راحيل وإسحاق 35: 16-29
ذرية عيسووسعير الحوري 36: 1-43
5. يوسف 37: 1 - 50: 26
يوسف وإخوته 37: 1-36
يهوذا يزني بكُنَّته ثامار 38: 1-30
يوسف في بيت فوطيفار 39 :1-23
يوسف في السجن 40: 1-44
رؤية فرعون 41: 1-57
إخوة يوسف يرحلون إلى مصر 42: 1 – 44: 34
يوسف يفصح عن نفسه لإخوته 45: 1-28
يعقوب يرحل إلى مصر 46: 34
يوسف والمجاعة 47: 1-31
يعقوب يبارك ابني يوسف 48: 1-21
يعقوب يبارك بنيه 49: 1-28
موت يعقوب 49: 29- 50: 21
موت يوسف 50: 22-26

ينقسم السفر من حيث المحتوى إلى قسمين رئيسيين، يتعامل القسم الأول (1-11) مع ما يعهد بتاريخ البدايات، ويشتمل على ثلاثة أنواع من الروايات وهي: روايتا الخلق، وروايات الخطيئة، وروايات الإنجاز. تقع روايتا الخلق في صدر الكتاب، أما روايات الخطيئة والعقاب فهن أربع روايات: سقوط الإنسان الأول وطرده من الفردوس، وقتل قايين لهابيل، وحكاية برج بابل، وروايتا الطوفان، ومن الأمثلة التي تتناول الإنجازات: خلق الكون والإنسان، وغرس جنة عدن، وهي من الإنجازات الإلهية، واشتغال الإنسان بالزراعة والرعي وسائر الحرف والأنشطة البشرية وهي من إنجازات الإنسان. القسم الثاني (12-50) يتناول تاريخ الآباء، يعد هذا القسم الأخير بمثابة مقدمة لسيرة إسرائيل ابتداءً من إبراهيم، أما القسم الأول فهوبمثابة مدخل أوتمهيد للتوراة ككل.

طبقا لنظرية "الفرضية الوثائقية" فإن القسم الأول المسمى بتاريخ البدايات هومزيج من تقليدين مختلفين، وهما – بحسب فهماء النقد الأعلى – التقليد اليهوي (J) والتقليد الكهنوتي (P)، أما القسم الثاني والمسمى بتاريخ الآباء فهومزيج من نفس التقليدين السابقين مع ظهور تقليد ثالث مختلف يسمى التقليد الإيلوهي (E)، هذه التنطقيد الثلاثة تختلف في إنشائها، فإن الروايات تتأرجح بين الواقعية والتجريد، فتارة تصف الله بمقاتل يحارب بنفسه في ميادين الحروب، وأحيانا تصوره بأنه إذا شاء أمراً يكفيه حتى يقول: ليكن كذا. (انظر الفرضية الوثائقية).

تاريخ البدايات

يبتدئ السفر بسيرة الخلق، وهي في أغلبها مقتبسة من الأساطير البابلية مع بعض التغيير، تهدف التغييرات إلى طرح وجهة نظر مختلفة عن الله والإنسان، وخاصة أنه لا يوجد تعدد آلهة كما في السيرة البابلية (انظر سيرة الخلق البابلية)، وكما حتى وجهة النظر الكتابية - على النقيض من الأساطير الميثولوجيا الوثنية – تضفي على الأعمال الإنسانية صفة الإبداع، فلا هي تقدس أعمال الإنسان ولا تؤلهها، وهي بذلك تنظر للأعمال البشرية على انها مكملة للخليقة.

لا يقتصر الأمر على اقتباس سيرة الخلق فحسب وإنما يمتد ليضم سيرة قايين وهابيل، وسيرة الطوفان، وسيرة برج بابل؛ فجميع هذه القصص لها ما يناظرها في الميثولوجيا الوثنية لشعوب الشرق الأدنى القديم، ولذا يرجح حتى المحرر قد استعان ببعض التنطقيد الوثنية من الشعوب المجاورة ن وأعاد صياغتها في نطقب حديث يتناسب وطبيعة اللاهوت الذي شرع في تقديمه.

فالاكتشافات الأثرية منذ نحوقرن تدل على وجود كثير من الأمور المشهجرة بين الصفحات الأولى من سفر التكوين وبين بعض النصوص الغنائية والحكمة والليترجية الخاصة بسومر وبابل وطيبة وأوغاريت.

— النسخة اليسوعية للكتاب المقدس

سيرة الخلق

Gud skaber manden

بدأ المحرر أولاً يرسم بحدثاته حالة الفوضى والخراب والظلمات التي عمت الكون في اللحظات الأولى التالية لخلق السماوات والأرض، وكيف خلق الله النور وفصل بينه وبين الظلمة، وكان إذا أراد أمراً يقول ليكن كذا فيكون، فخلق بمشيئته وحدثته ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وأتم خلق الكون وما فيه في ستة أيام.

في الحقيقة هنالك روايتان تتناولان سيرة الخلق، الرواية الأولى تنسب للمصدر الكهنوتي P وتعطي سرداً موجزاً لأحداث الخلق يوماً بيوم ويرد فيها حتى الله خلق الإنسان على صورته ذكراً وأنثى وأنه استراح بعد ذلك في اليوم السابع (1:1-2:4)، أما الرواية الثانية فتنسب للمصدر اليهوي J وتبدأ بوصف حالة القحط والجفاف التي كانت عليهما الأرض في بداية الأمر، ثم ينتقل المحرر اليهوي ليروي لنا كيف من الممكن أن حتى الله خلق آدم من ترابٍ فنفخ فيه نسمة الحياة، وأعد له جنة عدن في وسط الأرض، وأخرج منها أثمارها، وأعطاها لآدم؛ كي يحرثها ويتخذ منها مأوله، وأباح له حتى يأكل من جميع ثمارها، غير أنه نهاه عن الأكل من شجرة فهم الخير والشر، وحذره حتى الموت مصيره إذا ما أكل منها، ولا يتضح السبب من هذا النهي غير حتى الله يريد تخيير الإنسان بين الاستسلام لمشيئته ومخالفتها. لم يلبث آدم كثيرا في الجنة إلى حتى قضى الله حتى يجعل له نظيراً من نفس نوعه فألقى عليه سباتاً وأخذ من ضلوعه ضلعاً فخلق منها حواء، ويتضح من هاتين الروايتين حتى المصدر الكهنوتي لا يكترث لخلق الإنسان بقدر اهتمامه بخلق الكون، بعكس المحرر اليهوي الذي يظهر اهتماماً كثيراً لخلق الإنسان.

بعد ذلك ينتقل السفر إلى قضية سقوط الإنسان ووقوعه في المعصية، فإن "الحية" زينت للمرأة حتى تأكل من الشجرة المنهي عنها، فأكلت وأعطت آدم فأكل، فلما أكلا انفتحت أعينهما – كما أبلغتهما الحية – وبدت لهما سوآتهما واكتشفا أنهما عاريان، فبدآ يصنعان لأنفسهما ثوباً من ورق التين؛ ليسترا عوراتهما، وكانت عاقبة تعديهما حتى أخرجهما الله من الجنة إلى عالم الألم والشقاء والموت.

Adam svarede: »Kvinden, du satte hos mig, gav mig af træet, og så spiste jeg.« (1 Mos 3:12)

قد سارع الرب إلى طرد آدم وزوجه من الجنة؛ خشية حتى يأكلا من شجرة الحياة التي في وسط الجنة قائلا: "والآن لعل الإنسان يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ويأكل منها فيحيى إلى الأبد"، وهنا يتضح التأثر الكبير بالأساطير الوثنية الشركية حيث وجود قوى السحر وغيرة الآلهة من الجنس البشري ووجود شجرة الحياة الأبدية (الموسوعة البريطانية)، ينبغي القول ههنا حتى "شجرة فهم الخير والشر" هي من الإبداع الشخصي للمحرر اليهوي، فليس ثمة ذكر لمثل هذه الشجرة في الأساطير، ولكنه لم يستطع التخلص من تأثره بالأساطير بشكل نهائي، فاضطر إلى إقحام شجرة الحياة؛ موحياً حتى ثمة حظر عليها، مما يشير على أنه قد تأثر كثيراً بهذه الأساطير الوثنية واتخذ منها مصدراً للصور والرموز التي استخدمها لتصف معاناة الإنسان وجزعه وقصوره، ويتجلى أيضاً بوضوح حتى المغزى الدائم من قصص السفر يدور حول محورين رئيسيين وهما كمال الله ومحدودية الإنسان وعدم مثاليته.

قابيل وهابيل

أما تاريخ البشر وثقافات الشعوب فتبدأ عملياً بخروج الإنسان الأول من الجنة، ففي سيرة ولدي آدم قايين وهابيل ابتدأ الإنسانقد يكون راعياً ومزارعاً بل وقاتلاً أيضاً، أمسى الإنسان قاتلاً، في الوقت الذي لم تكن الأرض تحمل على ظهرها سوى ستة أفراد، وذلك حينما اغتال قايين أخاه هابيل مرتكباً أول جريمة اغتال في تاريخ الإنسانية، تبدوهذه السيرة انعكاساً آخر من انعكاسات الأساطير القديمة، وبجلاء يتضح فيها الهجريز على خطية الإنسان وانفصاله عن الله.

سيرة الطوفان

يلي ذلك سيرة الطوفان والتي تشتمل على اقتباسات أكيدة من قصص بلاد الرافدين الأسطورية، حيث يرد بها رواية عن طوفان عظيم أوفدته الآلهة لإبادة البشر، غير أننا لا نعهد من هذه الروايات ما السبب الذي دفع بالآلهة إلى هذه الرغبة، والغالب أنه ليس من مغزى أوسبب أخلاقي لهذا الطوفان، كما حتى نجاة بطل الطوفان وعشيرته لا ترجع أيضاً إلى سبب أخلاقي واضح، بل لأن أحد الآلهة أحبه فاحتال على كبير الآلهة وأنجاه سراً، أما الكتاب فيؤكد حتى الشر والجور كانا العاملين الذين قرر الله من أجلهما حتى يمحوالحياة من وجه الأرض، لكنه اصطفى نوحاً وآله؛ لتقواه وبره فأنجاهم جميعاً، ولما انتهى الطوفان باركه الله، ومنحه الأرض وما عليها، وعاهده الله عهداً بألا يدمر الحياة بطوفان عظيم مرة أخرى، وهذه هي المرة الأولى في السفر والكتاب عامة التي تظهر فيها مباركة الله ومعاهدته للإنسان، ولذا يسمى بالعهد الأول.

برج بابل

Babelstårnet af Pieter Brueghel den Ældre (1563)

أما الحدث الأخير في تاريخ البدايات فهوسيرة برج بابل، وهي ذروة البراهين على الطبيعة الشريرة لدى الإنسان وتعد مثلاً على غطرسته وغروره، فقد كان الناس أمة واحدة حين قرروا بناء برج شاهق يصل إلى السماء، وكانت لغتهم لغة واحدة لا يتحدثون سواها، ويبدوأنهم قصدوا ببنائهم هذا حتى يرتقوا إلى مكان عال يتطلعون فيه إلى الآلهة، أما يهوه حين رأى ذلك نطق (للمجمع السماوي): "هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض"، هنا أيضاً يظهر حتى المحرر اليهوي قد استخدم أفكاراً رئيسية من الأساطير الخرافية القديمة، وقد أبقى المحرر على الرموز الشركية دون تعديل يلائم سمة التوحيد بالسفر، يلاحظ أيضاً حتى المحرر يحاول إيجاد سبب لاختلاف اللغات وتعدد البشر إلى شعوب وقبائل، وعدم وجود انسجام أوتوافق بينهم، ويعزي ذلك إلى الغرور والغطرسة الدائمين لديهم، كما يستنتج من هذه السيرة إمكانية وقوع الصدام بين الخالق والمخلوق.


تاريخ الآباء

ينتقل السفر بعد ذلك إلى تناول تاريخ آباء فئة معينة، وهم الآباء الأول للشعب العبري، ويظهر حتى أحداث هذا القسم تستند إلى تنطقيد عشائر أوقبائل معينة، ومن المحتمل أنها نقلت نقلاً شفهيا قبل حتى تتخذ شكلها المكتوب، وعلى الرغم من حتى هذه الروايات ليست تاريخية بالمعنى المعروف، إلا أنه لا خلاف على وجود مرجعية تاريخية لها، إذ أنها تتفق مع الكثير من التفاصيل التي نعهدها عن ذلك الوقت وتلك المنطقة التي سكنوها. من وجهة نظر أدبية يمكن حتى ينقسم هذا الجزء إلى مجموعة من القصص البطولية لإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف، أما من وجهة النظر اللاهوتية يعد هذا الجزء رواية تتناول وعداً إلهيا وميثاقاً أبرمه الله مع إبراهيم ونسله من بعده، كما تتناول إيمان الإنسان وعدم الإيمان في اللقاء، وفيها يعتبر إبراهيم الشخصية النموذجية للرجل المؤمن.

تأثير المصدر الإيلوهي يظهر للمرة الأولى من الإصحاح الخامس عشر، أي حتى المصدر الإيلوهي ليس له أدنى مشاركة في القسم الأول المعروف بتاريخ البدايات، ولكنه يساهم في تاريخ الآباء جنباً إلى جنب مع المصدرين اليهوي والكهنوتي. وباستثناء المساهمات المحدودة المفتقرة إلى البلاغة للمحرر الكهنوتي، فإن أغلب أحداث هذا القسم تتسم بالروعة والتشويق، وخاصة الأجزاء المنسوبة للمصدر الإيلوهي، والتي يظهر أنها كانت أطول مما هي عليه قبل مزجها بالمساهمات اليهوية. أبرز حدثين يتناولهما هذا الجزء: سيرة الذبيح وسيرة يوسف بن يعقوب،

إبراهيم وإسحق ويعقوب

Gud sætter Abraham på prøve, af Laurent de LaHire, 1650.

إن المصادر الثلاثة تتفق على حتى الله نادى إبراهيم؛ ليهاجر من بلاد الرافدين إلى أرض كنعان، وواعده بأنه سيجعله أباً لأمم عظيمة، وأن نسله سيرث الأرض التي يسكنها الكنعانيون، واصطفى الله إسحاق، ابن إبراهيم من زوجته سارة؛ ليتحقق العهد في نسله، واصطفى من نسل إسحاق، يعقوب أصغر ابنيه، الذي دعي فيما بعد بإسرائيل، وقد تجدد العهد مع يعقوب كما تجدد العهد مع إسحاق من قبله.

ولقد تزايد أبناء يعقوب وأبناء أبنائه حتى أصبحوا سبعين نفساً، هؤلاء السبعون هم البذرة لما سيعهد بإسرائيل لاحقاً، وبالتالي فإن الوعد الذي بتره الله مع إبراهيم وإسحاق سيتحقق فيهم، فيرثون أرض كنعان من الفرات إلى النيل، لكنهم قبل حتى يرثوا تلك الأرض الموعودة كان لابد حتى يرتحلوا إلى أرض مصر ويُستعبَدوا أربعمائة سنة بحسب ما أبلغ الله إبراهيم.

في السيرة الأولى يأمر اللهُ إبراهيم حتى يذبح ابنه وحيده "إسحاق"؛ ممتحناً بذلك إيمان إبراهيم، فلما أسلم لأمر الله وأجابه في غير تردد أوفد إليه كبشاً يذبحه فداءً عن إسحاق، أما سيرة يوسف فهي التمهيد لارتحال بني إسرائيل إلى مصر وإقامتهم بها، وهي سيرة تدور أحداثها حول أخ حسدته إخوته فألقوه في أحد الآبار، واتىت إحدى القبائل التجارية فأخرجوه من البئر وباعوه في مصر، واشتراه أحد وزراء مصر، ويدعى فوطيفار؛ ليتخذه خادماً، وهناك في بيت سيده راودته سيدة البيت عن نفسها، فلما أبى وامتنع عنها، وشت به عند زوجها فادعت أنه تحرش بها وراودها عن نفسه، فزج به في السجن.

يوسف

يوسف يفسر حلم عزيز مصر.

ينجح يوسف في تفسير حلمين لسجينين رافقاه في سجنه، فتنبأ للأول بالخروج من السجن والعودة لسقاية الملك كما كان من قبل، وتنبأ للثاني بأن يصلب وتأكل الطير من لحمه. وطلب من الأول الذي افترض أنه ناج بأن يذكره عند "فرعون" فنسي، مرت سنتين بعدها ويوسف لايزال في سجنه، وحدث بعد ذلك حتى "فرعون" رأى حلمين، ويبدوأنه انزعج منهما كثيراً، الأمر الذي جعله يجمع الحكماء والسحرة؛ لتأويل هذين الحلمين، ولم يستطع تفسيرهما جميع الحكماء ولا السحرة، حينئذ تذكر رئيس السقاة يوسف وقص على فرعون ما كان من أمره، فأمر فرعون بإطلاق سراحه وإحضاره، ومثل يوسف في حضرة فرعون، وفسر الحلمين بمجاعة تأتي على مصر في سبع سنوات من بعد سبع سنوات من الرخاء والشبع، ونصح فرعونَ بأن يوكل زمام الأمور إلى رجل رشيد يقود الأمة بتدبير وتخطيط؛ ليخرجها من تلك الفترة العصيبة القادمة، فلم يجد فرعونُ خيراً منه يفوض إليه الأمر.

وبالعمل تحقق الحلمان كما فسرهما يوسف، وأتت المجاعة وامتدت إلى البلدان المجاورة، حينها بعث يعقوب بنيه لشراء غلال القمح من مصر، ولما اتى إخوة يوسف ودخلوا عليه عهدهم ولكنه تنكر لهم، وبعد حتى تبين له يقيناً في هذه الزيارة وفي زيارة ثانية أنهم إخوته، أفصح لهم عن هويته، وغفر لهم ما اقترفوه في حقه وما أضمروه له من الضغينة والعداء، وطلب منهم حتى يحضروا أباهم وآل بيته فيقيمون في مصر.

مضى يعقوب وآل بيته، وعددهم ستة وستون فردا، إلى مصر، وقد جاز لهم فرعون بأن يقيموا بأرض "جاسان" (تكوين 47: 4)، إذا أضفنا إلى هؤلاء الستة وستين يوسف وبنيه إلى جانب يعقوبقد يكون مجموع الإسرائيلين الذين أقاموا بمصر سبعين نفساً. ولما جاء يعقوب الموت نادى أولاده وأنبأهم بمستقبل جميع منهم (49: 1)، وأوصاهم حتى يدفنوه في مقبرة آبائه التي في "مغارة حقل المكفيلة" (تكوين 49: 30)، فعملوا ما أوصاهم (50: 12). بلغ يوسف مائة وعشرين سنة حتى أنه استوعب أبناء أحفاده (50: 23)، ولما دنى أجله استحلف إخوته حتى يحملوا رفاته معهم عند خروجهم من مصر، ويتنهي السفر بموته تاركاً إخوته وبنيه ليذوقوا مرارة العبودية في أرض مصر. وسيكون تحريرهم موضوع السفر التالي؛ سفر الخروج.

تحليل السفر في ضوء الفرضية الوثائقية

  • الأرقام التي خطت بخط عريض هي رقم الإصحاح.
  • الأرقام التي خطت بخط صغير وفصل بينها بشرطة أحيانا تشير إلى أرقام الأعداد (التقسيمات الداخلية للإصحاح).
  • حرفا a، وb اللذان يلازمان الأعداد أحيانا يعنيان، على الترتيب، النصف الأول والنصف الثاني من العدد.
  • الحروف J، وE، وP يعنون التقليد اليهوي، والتقليد الإيلوهي، والتقليد الكهنوتي.
  • علامة الاستفهام (?) تعني أنه من المرجح حتى هذه الأعداد تنسب للتقليد اللقاء لها ولكن لا يمكن الجزم بذلك.

مثال: إذا أردت حتى تعهد تقسيم الإصحاح (33) "طبقا للفرضية الوثائقية" فانظر إلى الخانة التي خط بها "33" بالخط العريض، ستلاحظ حتى الأعداد (1 - 17) تنتمي للتقليد اليهوي، والنصف الأول من العدد (18) يتنمي للتقليد الكهنوتي، ومن النصف الثاني للعدد (18) وحتى العدد (20) تنتمي للتقليد "الإيلوهي"

مشكلات السفر

توجه الكثير من الانتقادات إلى السفر حيث يرى النقاد أنه يحتوي على الكثير من المفارقات التاريخية والتناقضات والنبوءات التي لم تتحق وأضحى تحققها من غير الممكن، كما ويراه البعض يجانبه الصواب في المسائل الفهمية وفيما يلي تحليل لتلك المشكلات.

أولا التناقضات

تنقسم تناقضات هذا السفر إلى نوعين، فالنوع الأول هوتناقضات ناشئة عن اختلاف في مصدر الرواية وغالباً ما تكون خلافات بين الرواية اليهوية والكهنوتية لنفس الحدث كالتناقضات التي تقع بين روايتي الخلق وأيضا روايتي الطوفان وبعض التناقضات الأخرى، وأحياناً تكون التناقضات بين الرواية الإيلوهية والرواية اليهوية، أما النوع الثاني فقد يقع بين الرواية وذاتها، ويعزى سبب النوع الأخير أحياناً إلى أخطاء النساخ.

تناقضات روايتي الخلق

إن أكثر النقاد يلاحظون حتى الرواية الكهنوتية لسيرة الخلق (الإصحاح الأول) تتناقض مع الرواية اليهوية (الإصحاح الثاني) في مواضع عدة، ففي الرواية الكهنوتية يظهر حتى خلق الدواب متقدم على خلق الإنسان (تكوين 1: 25- 27) بينما الروابة اليهوية تضع خلق الإنسان قبل الدواب (تكوين 2: 7- 19)، وفي الرواية الأولى خلقت الطيور من الماء (تكوين 1: 20) بينما خلقت الطيور من التراب طبقا للرواية الثانية (تكوين 2: 19)، والرواية الكهنوتية تجعل خلق الطيور سابق لخلق الحيوانات حيث خلقت الطيور في اليوم الخامس والحيوانات في اليوم السادس (تكوين 1: 21- 25) بينما في الرواية اليهوية يظهر أنهما خلقوا معاً في نفس الوقت (تكوين 2: 19)، كذلك في الرواية الكهنوتية نجد حتى آدم وحواء خلقا معاً في نفس الوقت (تكوين 1: 27) بينما في الرواية اليهوية نقرأ حتى آدم خلق أولاً (تكوين 2: 20- 22)، أيضا في الرواية الكهنوتية يظهر حتى الأرض في بداية الخلق كانت مغطاة بالمياه (تكوين 1: 29- 30) ولكن الرواية اليهوية، على النقيض من ذلك، تشير إلى حتى الأرض كانت ميتة بسبب الجفاف (تكوين 2: 17).

تناقضات روايتي الطوفان

يتفق النقاد والمتحررون من فهماء المسيحية واليهودية في حتى السيرة الكتابية للطوفان تعتمد على روايتين اثنتين: إحداهما كهنوتية والأخرى يهوية وأنهما مختلفتان عن بعضهما البعض. تقول النسخة اليسوعية للكتاب المقدس بخصوص المبتر الذي يتناول سيرة الطوفان: "يضم هذا المبتر روايتين متوازيتين: الأولى يهوية مليئة بالألوان والحيوية (6/5-8 و7/1-5 و7/10 و12 و22-23 و8/2-3 و6-13 و20-22) والثانية كهنوتية أكثر دقة وتفكيراً. لكنها أكثر جفافاً (6/9-22 و7/6-11 و13-16 و18-21 و24 و8/1-5 و13-19 و9/1-17). وقد راعى المحرر الأخير هاتين الشهادتين اللتين أخذهما عن التقليد. ولم يحاول حتى يزيل ما بينهما من اختلاف في التفاصيل."

اختلافات روايتي الطوفان
الرواية الكهنوتية الرواية الكهنوتية
يأمر الله نوحاً حتى يأخذ زوجاً من جميع طير ومن الأنعام والحيوانات 8 يأمره الله بأن يأخذ سبعة أزواج9
يتوعد الله بإهلاك جميع ما فيه روح من تحت السماء غير نوح والذين معه 10 يتوعد الله بإهلاك ما يدب على اليابسة فقط ولا ذكر لكائنات البحار11
تستمر الأمطار والفيضانات مائة وخمسين يوماً12 بقيت الأمطار والفيضانات أربعين يوماً13
ظل نوح في السفينة نحوسنة كاملة14 بقي أربعة وخمسين يوماً15
الله قرر إهلاك الحياة لأن الإنسان شرير بفطرته16 الله قرر حتى لا يبيد الحياة ثانية لأن الإنسان شرير بقطرته17

تناقضات الرواية الواحدة

وأما عن التناقضات التي تقع في الرواية الواحدة وبعضها البعض فمنها: التناقض بين (تكوين 1: 4-5) و(تكوين 1: 14-19) وكلاهما من الرواية الكهنوتية (راجع الجدول أعلاه). ففي الأعداد الأولى يروى لنا حتى الله فصل بين النور والظلمة في اليوم الأول بينما في الأعداد الثانية تم ذلك في اليوم الرابع لما خلقت الشمس والقمر، ومنها أيضا التناقض بين (تكوين 36: 2) و(تكوين 36: 24) - مع الفهم حتى الإصحاح السادس والثلاثين ينتمي بأكمله إلى الرواية الكهنوتية (راجع الجدول أعلاه) - فتارة يشار إلى عنى على أنه ذكر وتارة أخرى يشار إليه باعتباره أنثى، وعلى الرغم من اختلاف العددين في جنس عنى إلا أنه لا خلاف بين العددين في حتى صبعون هوأبوعنى، الأمر الذي يخالف (تكوين 36: 20) حيث يظهر حتى عنى وصبعون أخوان.

ثانياً المفارقات التاريخية

إن المفارقات التاريخية التي تظهر من حين إلى آخر خلال السفر كثير ما تتخذ برهاناً على حتى المحرر قد عاش في فترة أقرب إلينا نسبياً من الفترة التي عاش بها النبي موسى، وخاصة عندما يذكر المحرر أسماءً أووقائع ثبت تاريخياً حتى النبي موسى لم بعاصرها، ولذا فإن مؤيدي الفرضية الوثائقية يتخذون من تلك الأخطاء التاريخية دليلاً يعززون به نظريتهم. لكن هناك رأي آخر يرى حتى المفارقات التاريخة من الممكن تكون نتاج إضافات قام بها محرر أوناسخ متأخر، بيد حتى هذا المحرر كان ملهماً من الله.

من المفارقات التاريخية الواردة بالسفر:

  • ذكر أورالكلدانيين على أنها اسم المدينة التي عاش بها النبي إبراهيم (تكوين 11: 28 و31 و15: 7) بالرغم حتى الكلدانيين لم يخترقوا منطقة ما بين النهرين قبل الألفية الثانية ق.م. ومن المؤكد أنهم سكنوا هذه المنطقة بعد زمن طويل من الفترة التي عاش بها إبراهيم إذ حتى أقدم ذكر للكلدانيين يرجع لسنة (825-860 ق.م).
  • عبارة "وكان الكنعانيون حينها في الأرض" (تكوين 12: 6) توحي حتى الكنعانببن لمقد يكونوا في الأرض وقت كتابة السفر كما يلاحظ ذلك إبراهيم ابن عزرا (1089-1164م) والذي علق قائلاً " يبدوحتى كنعان حفيد نوح قد استولى على الأرض التي تحمل اسمه من آخرين، وإذا لم يكن هذا المعنى هوالمقصود سيكمن لغز ما في هذه الجملة، وليلزم الصمت أولئك الذين يعون".
  • ذكر مدينة دان في زمن إبراهيم (تكوين 14: 14) بالرغم من حتى المدينة – وكانت تدعى حينها "لاشَم" - لم تتخذ هذا الاسم إلا في زمن يشوع بن نون (يشوع 19: 47) أومن الممكن بعد موت يشوع (القضاة 18: 29)
  • يصعب حتى تصدر عن موسى تعبير "لأنه خلق قباحة في إسرائيل" (تكوين 34: 7) حيث لا خلاف على موت موسى قبل تأسيس إسرائيل، ولكنها تبدومثلاً شائعا في فترات لاحقة حين غدت إسرائيل دولة (أنظر مثلا القضاة 20:ستة وعشرة وإرميا 29: 23).
  • لاحظ الحاخام إسحاق بن ياشوش (1056م) حتى قائمة أسماء الملوك الواردة في الإصحاح السادس والثلاثين (تكوين 36: 31-39) لابد أنها خطت بعد موسى لأنه ما كان من سبيل لموسى حتى يعهد أنه سيكون هناك ملك على إسرائيل18

أهمية السفر في المسيحية

لسفر التكوين أهمية كبيرة في الكنيسة المسيحية، وقد أولته الكنيسة الأولى عناية خاصة، واهتم الآباء الأوائل بتفسيره وشرحه، بل وصل الأمر إلى حد اعتبار بعض نصوصه "إنجيلاً سابقاً"، وكثير من شخصيات السفر - من وجهة النظر المسيحية – هي إما إشارات مباشرة للمسيح أونبوءات رمزية عن حياته وأفعاله، وأحياناً ينظر إلى بعض أحداثه باعتبارها تمثيل لطقوس المسيحية، فآدم هوالمسيح الأول، وملكي صادق يرمز للمسيح، والطوفان يرمز إلى طقس التعميد.

إن الكثير من العقائد التي أرسى بولس الطرسوسي مبادئها تعتمد أساساً على نصوص من السفر، فنجده، مثلاً، يرتكز على السفر في مسألة تبرر الإنسان بالإيمان، ويستغل سيرة السقوط، سقوط الإنسان الأول، في تدعيم عقيدة الخطيئة الأصلية وتوارثها، مع حتى هذه العقيدة لا وجود لها في نص التكوين، بل إذا فكرة الخطيئة الأصلية الموروثة لا ترد في العهد القديم برمته، والراجح حتى بولس قد استعان بأحد الأسفار المنحولة ويدعى "سفر عزرا الرابع"، والذي يرد به للمرة الأولى انتنطق الخطيئة من آدم إلى ذريته بناء على سيرة السقوط في تك 2-3، فاقتبس منه الفكرة وأعاد صياغتها رابطاً بين آدم والمسيح، بعد ذلك وجدت الفكرة طريقها إلى التراث الكنسي اللاهوتي على يدي إيريناوس، ووصلت لذروتها بلمحات أغسطينوس، والذي يعود إليه الفضل في تسميتها بالخطيئة الأصلية، وصياغة معناها الأخير.

انظر أيضاً

  • توراة
  • العهد القديم
  • موسى
  • سفر الخروج، سفر اللاويين، سفر العدد، سفر التثنية

الهوامش

  • 1 يقصد حتى موسى توفي قبل حتى يعبر الأردن وأن الذي خط هذا واحد من الذين عبروا وكان يدور بخلده موسى وهوبالجهة الأخرى من الأردن قبل العبور
  • 2 من الممكن يقصد الإثني عشرة عدد في خاتمة سفر التثنية التي خط فيها عن موت موسى ودفنه وأن أحداً لم يقم مثله من الأنبياء
  • 3 يرمي إلى حتى شخصاً آخر كان يؤرخ لموسى لابد وأنه خط هذا
  • 4 يلمح إلى حتى موسى توفي قبل طرد الكنعانيين من الأرض فكيف خط هذا؟
  • 5 لم يدع جبل المريا بهذا الاسم إلا بعد بناء الهيكل في عصر سليمان
  • 6 يقصد سرير عوج الملك (تثنية 3: 11)
  • 7 يقصد إذا تدبرتم هذه العبارات لتيقنتم حتى موسى لم يخط التوراة
  • 8 تكوين 6: 19 ومن جميع حي من جميع ذي جسد اثنين من جميع تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكراً وأنثى.
  • 9 تكوين 7: 2 من جميع البهائم الطاهرة تاخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى. ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين: ذكرا وانثى.
  • 10 تكوين 6: 17 فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لاهلك جميع جسد فيه روح حياة من تحت السماء. جميع ما في الأرض يموت.
  • 11 تكوين 7: 21-22 فمات جميع ذي جسد كان يدب على الأرض من الطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات التي كانت تزحف على الأرض وجميع الناس. جميع ما في انفه نسمة روح حياة من جميع ما في اليابسة مات.
  • 12 تكوين 7: 24 وتعاظمت المياه على الأرض مئة وخمسين يوما.
  • 13 تكوين 7: أربعة و12 و17 و8:ستة لاني بعد سبعة ايام أيضا امطر على الأرض اربعين يوما واربعين ليلة. وامحوعن وجه الأرض جميع قائم عملته».
  • 14 تكوين 7: 11 في سنة ست مئة من حياة نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر من الشهر انفجرت جميع ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء. وتكوين 8: 3-4 ورجعت المياه عن الأرض رجوعا متواليا. وبعد مئة وخمسين يوما نقصت المياه. واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط.
  • 15 تكوين 8: 6-12 وكانت المياه تنقص نقصا متواليا إلى الشهر العاشر. وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال. وحدث من بعد اربعين يوما ان نوحا فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها وارسل الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه عن الأرض. ثم ارسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها فرجعت اليه إلى الفلك لان مياها كانت على وجه جميع الأرض. فمد يده واخذها وادخلها عنده إلى الفلك. فلبث أيضا سبعة ايام اخر وعاد فارسل الحمامة من الفلك فاتت اليه الحمامة عند المساء واذا ورقة زيتون خضراء في فمها. عملم نوح ان المياه قد قلت عن الأرض. فلبث أيضا سبعة ايام اخر وارسل الحمامة فلم تعد ترجع اليه أيضا.
  • 16 تكوين 6: 5-7 ورأى الرب حتى شر الإنسان قد كثر في الأرض وان جميع تصور افكار قلبه انما هوشرير جميع يوم. فحزن الرب انه عمل الإنسان في الأرض وتاسف في قلبه. فنطق الرب: «امحوعن وجه الارض الانسان الذي خلقته: الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء. لاني حزنت اني عملتهم».
  • 17 تكوين 8: 21 فتنسم الرب رائحة الرضا. ونطق الرب في قلبه: «لا اعود العن الأرض أيضا من اجل الإنسان لان تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته. ولا اعود أيضا اميت جميع حي كما عملت.

المراجع

  • ويكيبيديا
  1. ^ جرجس، نجيب. تفسير الكتاب المقدس. ص 34
  2. ^ تفسير سفر التكوين، القس انطونيوس فكري
  3. ^ Sarna, Nahum M., S. David Sperling. Book of Genesis. Encyclopedia Judaica, Second Edition, Volume 7, p.440
  4. ^ المدخل إلى العهد القديم، د.ق صمويل موسى، ص 79
  5. ^ بندكتي، روبير.التراث الإنساني في التراث الكتابي. بيروت: دار المشرق، 1987، ص 28-29
  6. ^ التراث الإنساني في التراث الكتابي، مرجع سابق، ص 28-29
  7. ^ Catholic Encyclopedia, vol. 6, p 130
  8. ^ تكوين 1: 1-2
  9. ^ تكوين 1: 3-4
  10. ^ تكوين 1:ستة و1: 14
  11. ^ تكوين 1: 31
  12. ^ "biblical literature." Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica 2007 Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica, 2009.
  13. ^ تكوين 2: 5
  14. ^ تكوين 2: 7
  15. ^ تكوين 2: 8
  16. ^ تكوين 2: 9
  17. ^ تكوين 2:15
  18. ^ تكوين 2: 16
  19. ^ تكوين 2: 17
  20. ^ الفلكلور في العهد القديم، الفصل الأول
  21. ^ المدخل الى العهد القديم، د.ق. صمويل يوسف، ص 84
  22. ^ [1]

وصلات خارجية

اقرأ نصاً ذا علاقة في

سفر التكوين


  • النص الكامل لسفر التكوين eiwtoiytù8oqy`8qoy´o`yuqerioúqy8tuhr80hyu8`qui0uip5jhyiphj0ithj80iwhj+oihj+باللغة العربية (من St-Takla.org)
  • النص الكامل لسفر التكوين باللغة العربية بالتشكيل والترميز (من مسقط الكنيسة
  • التفسير الكامل لسفر التكوين
سفر التكوين
Pentateuch
سبقه
لا يوجد
{{{title تبعه
الخروج
{{{title


تاريخ النشر: 2020-06-04 16:49:20
التصنيفات: كتب الألفية 1 ق.م., أسفار العهد القديم, أسفار الكتاب المقدس, سفر التكوين, أساطير الخلق, العقد القديم

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

روسيا توقف عرض فيلم "عنكبوت مقدس" وطهران تحتج لاخيار عرضه في "كان"

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:21:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

خلال مباحثات بارزة لأمين عام اتحاد الغرف العربية في بلغاريا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:21:52
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

الخارجية السورية: بشار الأسد سيحضر القمة العربية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:33
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

إلهام شاهين لـ عادل إمام فى عيد ميلاده: بحبك قوي وبستمتع بأفلامك

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:32
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 35%

أبو الغيط يؤكد ضرورة التزام الأطراف السودانية بالهدنة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:21
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 49%

محاكمة 5 أشخاص بتهمة التخطيط لانقلاب في ألمانيا وخطف وزير

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:57
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

سعر الذهب اليوم الأربعاء ينخفض 30 جنيها وعيار 21 يسجل 2220 جنيها للجرام

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:20
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 47%

7 دقائق تصفيق لـ جونى ديب بعد العرض الأول لـ Jeanne du Barry بمهرجان كان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:17
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 41%

أبو الغيط: الأسد يستطيع المشاركة في قمة الجامعة العربية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:41
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

هيئتان أمميتان تطالبان بأكثر من 3 مليارات دولار في صورة مساع

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:46
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

اجتماع عربي يؤكد أهمية التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:50
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

الرئاسة الفلسطينية تحذر: مسيرة الأعلام الاستفزازية ستفجر الأ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:54
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

مساعدات طبية مصرية للشعب السودانى بتوجيهات من الرئيس السيسى.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:29
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 39%

الرئيس السيسى يثمن النجاحات المتميزة لـ"أباتشى" فى مصر.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:18
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 40%

أبو الغيط: البيئة العالمية حافلة بمخاطر لم تشهد الساحة الدول

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:37
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

الرئيس السيسى يبحث تعزيز التعاون العسكرى مع إيطاليا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-17 15:22:24
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 49%

تحميل تطبيق المنصة العربية