تشارلز الثاني من إنگلترة

عودة للموسوعة

تشارلز الثاني من إنگلترة

{{{royal_title en-sco
Charles II in the robes of the Order of the Garter
تشارلز الثاني من إنكلترا

تشارلز الثاني (Charles II) عاش (لندن 1630-1685 م) هوملك إنجلترا، اسكتلندا وآيرلندا (1660-1685 م)، من أبناء الملك "تشارلز الاول" ووالدته هي "هِنْرِيِيت من فرنسا" بنت الملك الفرنسي هنري الرابع. ينحدر الملك من أسرة ستيوارت الاسكتلندية المنشأ، الكاثوليكية الممضى.

عاش "تشارلز الثاني" فترات حياته الأولى في المنفى، كان ذلك في أعقاب قيام الثورة، وفوز البرلمانيين بقيادة كروموَل، إلا حتى تولي "جورج مونك" (George Monk) قيادة قوات الكومنولث، وإعلان ولائه للملك، ساهم في عودته عام 1660 م.

سيرته

عودته لإنگلترة 1660

منذ غادر شارل الثاني إنجلترا في 1650 هاربا لاقى في هربه عنتا ومشقة، عاش متشردا قلقاً في القارة. واستقبلته أمه هنريتا ماريا في باريس، ولكن الفرنسيون كانوا قد أفقروها. وقضى شارل وحاشيته بعض الوقت في أشد العوز، عالة على الإعانات، حتى حتى مستشاره المخلص، فيما بعد، إدوراد هايد كان يعيش على وجبة واحدة في اليوم. أما شارل نفسه الذي لم يكن لديه ما يسد الرمق في البيت، فكان يتناول الطعام في الحانات معظم الأحوال نسيئة، على حساب تطلعاته. ولما عاد لويس الرابع عشر إلى أيام الوفرة والرخاء أجرى شارل معاشاً سنوياً قدره ستة آلاف فرنك، ومن ثم بدأ شارل يستمتع بحياة رغدة طليقة إلى أبعد حد، حتى يدخل السرور على قلب أمه.

وتفهم في أيام باريس هذه كيف من الممكن أن يحب أخته هنريتا آن أعمق حب وأخلصه وجهدت الأم والأخت كلتاهما في ضمه إلى الكاثوليكية، كما حتى الكاثوليك الإنجليز المهاجرين إلى فرنسا لم يألوا جهداً في تذكيره، حتى لا ينسى ما عملوه من قبل لنصرة أبيه. ووعده مبعوثوالمهاجرين المشيخين بالمساعدة على عودته إذا ارتضى حماية ممضىهم. واستمع لكلا الجانبين في لطف وكياسة، ولكنه عبر عن تصميمه على التزام ممضى الكنيسة الأنجليكانية الذي قاسى أبوه من أجله ما قاسى(79)، وربما نزع به الجدل الذي حاصروه به، إلى الشك في الدين كله. ولكن يظهر حتى العبادة الكاثوليكية التي رآها حوله في فرنسا، كان لها أثر قوى عليه، وبات سراً مكتوما في حاشيته الصغيرة أنه لوأطلقت يداه لانحاز إلى الكنيسة الكاثوليكية (80) وفي 1651 خط إلى البابا إنوسنت العاشر يعده بأنه لوعاد إلى عرش إنجلترا فلسوف يبطل جميع القوانين التي صدرت ضد الكاثوليك. ولم يجب البابا بشيء. ولكن جماعة الجزويت أبلغوا شارل حتى الفاتيكيان لا يمكن حتى يؤيد أميرا هرطيقاً(81).

وعندما شرع مازاران في التفاوض لعقد تحالف مع كرومول أقنع شارل مستشاروه بمغادرة فرنسا. ووافق الكاردينال مازاران على الاستمرار في صرف المعاش لشارل، فانتقل إلى كولون ومنها إلى بروكسل. وهناك في 26 مارس 1660 حمل إليه جرينفيل رسالة مونك: إذا وعد شارل بعفوعام، باستثناء مالا يزيد عن أربعة أشخاص، ومنح، حرية الفكر، وثبت الملاك الحاليين للممتلكات المصادرة، فإن مونك يلتزم بمساعدته. وفي نفس الوقت، حيث حتى إنجلترا مازالت في حرب مع أسبانيا، فيحسن بشارل حتى يهجر الأراضي الوطيئة الأسبانية. "فانتقل شارل إلى بريدا في إقليم برامانت الهولندي، وهناك في 14 أبريل سقط اتفاقا قبل فيه شروط مونك من حيث المبدأ، تاركا التفاصيل الدقيقة للبرلمان الجديد.

واتىت الانتخابات بمجلس عموم ذي أغلبية ساحقة من الملكيين، واتخذ اثنان وأربعون من صغار النبلاء مقاعدهم في مجلس اللوردات الجديد وفي أول مايوتليت في المجلسين كليهما الرسائل التي حملها جرينفيل من شارل وفي "إعلان بريدا" قدم الملك الشاب عفوا عاما فيما عدا الأفراد الذين يستثنيهم البرلمان فيما بعد"، وهجر للبرلمان تسوية موضوع الأملاك المصادرة ووعد "بألا يزعج شخصاً أويستدعيه لمساءلته لخلاف في الرأي في أمور العقيدة، وألا يعكر صفوالأمن في المملكة". ثم أضاف بياناً حكيما أعده له المستشار هايد:

أنــا نؤكد لكم، تحت حدثتنا الملكية حتى بعض أسلافنــا
كانوا يقدرون البرلمان أكثر مما نقـدره نحن. وإنا لنؤمن
بأن هذه كله جزء حيوي مـن دستور المملكة، ضروري
لحكومتها، إلى حد أننا ندرك تمـام الإدراك أنه ليس ثمة
شعب أوأمير يمكن حتى يحيا حياة سعيدة إلى درجة مقبولة
بدونه، ولسوف ننظر دوما إلى نصائحهم على أنها أفضل
تراث منهم، ولسوف نكون معتزين بمآثرهم مهتمين بالمحافظة
عليها وحمايتها، قدر اعتزازنا واهتمامنا بأقرب شيء إلى
أنفسهم، وألزم شيء لصيانتنا والحفاظ علينا.

وسر البرلمان لهذا، وفيثمانية مايونادى بشارل الثاني ملكا على إنجلترا، مؤرخا لقبه من يوم وفاة والده، غير مستند في ذلك إلى أي قرار برلماني، بل إلى حق المولد الوراثي. كما أقر إرسال مبلغ خمسين ألفا من الجنيهات إلى شارل مع دعوته إلى القدوم فوراً لاعتلاء عرشه.

وابتهجت إنجلترا كلها تقريبا بانتهاء عقدين من السنين سادهما العنف، بعودة النظام دون إراقة قطرة من الدماء. ودقت النواقيس في طول البلاد وعرضها. وفي لندن جثا الناس في الشوارع وشربوا نخب الملك(82). وهللت جميع الرؤوس المتوجة في أوربا لفوز الشرعية، حتى المقاطعات المتحدة، وهي جمهورية بشكل قوي، كرمت شارل طوال رحلته من بريدا إلى لاهاي، وقدمت له الجمعية التشريعية التي كانت قد تجاهلته حتى الآن، مبلغ ثلاثين ألف جنيه لنفقاته، عربونا للنيات الطيبة في المستقبل. واتى إلى لاهاي أسطول إنجليزي ترفرف عليه الأعلام مزدانة بالحروف الأولى من "الملك شارل" وحمله إلى إنجلترا في 23 مايو.

وفي 25 مايووصل الأسطول إلى دوفر، وإحتشد على الشاطئ عشرون ألفا لاستقبال الملك. ولما اقتربت السفينة من الشاطئ سجد الجميع، كما سجد الملك عندما وطئت قدماه الأرض، شكرا لله. وخط فولتير: "أنبأني العجائز الذين كانوا هناك حتى معظم العيون أغرورقت بالدموع". وربما لم يحدث من قبل مشهد مؤثر إلى هذا الحد(83). وعلى طول الطريق الذي احتشدت فيه الجموع السعيدة على مسافات قريبة، ركب شارل ومرافقوه، تتبعهم مئات الناس، إلى كنتربرى، ثم روشستر ومنها إلى لندن. وهناك خرج (120 ألفاً للترحيب به، حتى الجيش الذي حارب ضده، انضم الآن إلى قوات مونك، في هذا العرض. وانتظره أعضاء مجلسي البرلمان في قصر هويتهول. ونطق رئيس مجلس اللوردات: "أيها الملك المهيب، أنت مناط رغبة ثلاث ممالك، وقوة لمختلف طبقات الشعب وسند لها، في تخفيف الانفعالات والآلام، وتسوية الخلافات .... واستعادة شرف هذه الأمم المنهار(84)". وتقبل شارل جميع هذه التحية والإطراء في لطف وتملكه شعور خاص ، وعندما آوى إلى شيء من الراحة بعد حتى أرهقه الفوز، نطق لأحد أصدقائه: "لا بد أنه كان من الخطأ أني لم أحضر من قبل، فإني لم ألتق بفرد واحد لم يحتج بأنه كان دوما راغبا في عودتي(85)".

الملك السعيد

Charles in his Coronation robes.

دخل الملك شارل الثاني لندن في اليوم التاسع والعشرين من مايو1660، أي بعد ثلاثين سنة كاملة من مولده، وسط مظاهر فرح وابتهاج، تفوق جميع ما تعيه ذاكرة إنجلترا من مثلها، يواكبه عشرون ألفاً من حرس المدينة، ترفرف أعلامهم اعتزازاً وزهواً، ويلوحون بأسيافهم وسط شوارع انتشرت فيها الأزهار، تتدلى فيها البسط المزدانة بالرسوم والصور، تدوي فيها الطبول والنواقيس وهتافات الترحيب، وتكتظ بنصف سكان المدينة. وخط ايفلين: "وقفت على الشاطئ، ورأيت هذا المشهد وحمدت الله(1)". وهومشهد كشف عن مزاج إنجلترا، وخيبة البيوريتانيين وإخفاقهم، فقد اقتضى خلع شارل الأول ست سنوات من الحروب والاضطرابات، على حين لم ترق نقطة دم واحدة في سبيل عودة ابنه إلى العرش. وتقاطر الإنجليز على قصر هويتهول لتحية الملك، طوال هذا الصيف الذي غمرته البهجة. ونطق أحد شهود العيان: "كان تلهف الرجال والنساء والأطفال على رؤية جلالته وتقبيل يده، شديد إلى حد أنه لم يكد يجد فسحة من الوقت لتناول الطعام لعدة أيام ... ولما كان الملك راغباً جميع الرغبة في إرضاء نفوسهم، فإنه لم يرد عنه أحداً، ولم يغلق الأبواب من دون أي من الناس(2)" وصرح بأنه يريد حتىقد يكون جميع شعبه سعيداً مثله.

ولوحتى الملك أخذ أي معضلة مأخذ الجد في أيام الظفر هذه، لجللت الشدائد والمصاعب التي ورثها شهر العسل بالسواد والقتام. فقد بلغ رصيد الخزانة 11 جنيهاً و28 شلناً و10 بنسات، وكانت الحكومة مدينة بمليوني جنيه. ولم تسدد رواتب الجيش والبحرية لعدة سنوات، وكانت إنجلترا في حرب مع أسبانيا. وأخذت مينا دنكرك، بشكل غير مستقر، لقاء مائة ألف جنيه سنوياً، وطالب بالتعويض آلاف من الفرسان الذين حاربوا من قبل في صفوف شارل فسلبهم كرومول أموالهم. ثم حتى عشرات الآلاف من الرجال الوطنيين قدموا ظلامات يلتمسون فيها إلحاقهم بالوظائف ذوات الرواتب الكبيرة والعمل اليسير، وأجاب شارل على جميع هذا بالإيجاب، في غير اكتراث، تراوده الثقة في حتى يوفر البرلمان الاعتمادات.

وكان البرلمان، بدوره سعيداً، سيطرت عليه للوهلة الأولى، نزعة الامتثال الموسوم بالابتهاج للملك العائد: إننا وأبناءنا من بعدنا نضع أنفسنا تحت تصرف جلالتكم ونلتزم بطاعتكم إلى الأبد(3) "وقرر مجلس العموم "أن أعضاءه أنفسهم وشعب إنجلترا بأسره لن يبرءوا من الجريمة البشعة، جريمة الثورة الأخيرة غير الطبيعية، ولن ينجوا من العقوبات المترتبة على هذا الجريمة إلا إذا حظوا بصفح صاحب الجلالة وعفوه وبناءاً على ذلك قصد إليه البرلمان بكامل هيئته وجثوا أمام الملك الضاحك المبتهج، لينالوا غفرانه(4). وأحس مجلس العموم بمزيد من الإثم لأنه اجتمع دون دعوة من الملك، أودون موافقته، ولذلك أطلق المجلس على نفسه تواضعاً أسم "اجتماع أومؤتمر"، حتى تطيب نفس الملك، فيعلن أنه برلمان شرعي(5). وبعد انتهاء هذه المراسم، ألغي البرلمان جميع التشريعات التي أصدرها البرلمان ولم يكن قد وافق عليها شارل الأول، ولكنه أكد على الامتيازات التي كان ذلك المجلس قد منحها للبرلمان، بما في ذلك سيادة البرلمان في جميع ما يتعلق بالضرائب، وثبت شارل الثاني هذه الامتيازات. وشارك البرلمان الملك الفوز الحاسم الذي أحرزته السلطة المدنية على السلطة العسكرية، فدفعت الرواتب المتأخرة للجيش الذي حكم إنجلترا لمدة عقدين من السنين، وسرح الجنود البالغ عددهم أربعين ألفاً، وانصرفوا إلى بيوتهم.

وكان شارل قد وافق على الصفح عن جميع أعدائه، فيما عدا من يستثنيهم البرلمان من العفوالعام. وقضى البرلمان عدة أسابيع في جدل حول من يسلمهم إلى يد الجلاد، ومن يبقي على حياتهم. وفي 27 يوليو1660، إنسان الملك إلى مجلس اللوردات، مناشداً إياهم حتى يصدروا قراراً سريعاً حكيماً:

"أيها اللوردات، إنكم إذا لم تشاركوني في القضاء على الخوف الذي استولى على قلوب الناس وأرقهم، ... فإنكم بذلك تحولون بيني وبين الوفاء بالوعد الذي بترنه على نفسي، وأنا مقتنع بأنه لما كنا، لا أنا ولا أنتم هنا الآن ... ولقد أدركت جيداً حتى هناك أناساً لا يمكن حتى يغفروا لأنفسهم ما اقترفوه، ولا حتى نغفر لهم نحن ذلك .. وإني لأشكر لكم عدالتكم مع هؤلاء -القتلة المباشرون لوالدي-، ولكني- وسأكون صادقاً معكم- لم أفكر قط في استثناء أحد غيرهم في العفوالعام. حتى هذه الرحمة، وهذا التسامح هما خير وسيلة تجعل الناس يستشعرون خالص الندم. وتجهلهم رعايا صالحين مخلصين، كما تجعلهم أصدقاء وجيراناً صالحين لكم أنتم(6)".

ورغب البرلمان في التوسع في عملية الانتقام، ولكن شارل أصر على ألا يستثني من العفوإلا من سقطوا الحكم بإعدام والده(7). وكان ثلث هؤلاء قد فارقوا الحياة، كما لاذ الثلث الثاني بالهروب، وقبض على 28 وحوكموا، وحكم على 15 بالسجن مدى الحياة، وشنق 13 ثم مزقوا أرباً (13، 17 أكتوبر 1660). ويقول شاهد العيان بيبز: حتى توماس هاريسون، وهوأول من نفذ فيه الحكم، "كان يظهر مرحاً، كما يمكن حتى يعمل أي رجل في مثل هذا الموقف" وتحدث بشجاعة من فوق المشنقة قائلاً حتى دوره في الاقتراع على إعدام شارل الأول أملاه الله عليه(8). ويضيف بيبز: وفي الحال مزق أرباً، وعرض رأسه وقلبه على الجمهور، فتعالت صيحات الفرح(9) وفيثمانية ديسمبر أصدر البرلمان أمراً بإخراج جثث كرمول وأيرتون وجون برادشومن كنيسة وستمنستر، وتعليقها على أعواد المشانق. وتم ذلك بالعمل غي 30 يناير 1661، وكأنما كان هذا لوناً من الاحتفال بذكرى موت شارل الأول، وعرضت رؤوسهم طيلة يوم تام في أعلى قاعة وستمنستر (حيث اجتمع البرلمان). ودفنت الأشلاء في حفرة مشنقة تبيرن، جميع أولئك جعل جون ايفلين يبتهج ويهلل "لحكم الله، وهوحكم هائل تحار فيه الألباب(10)". وثمة ضحية أخرى، هاري فين، الذي كان يوماً محافظاً لمستعمرة خليج ماساشوست، فقد شنق في 1662، لأنه كان أداة فعالة في تدبير إعدام سترافورد. وفي هذه القضية أغمضت رحمة الله جفونها، فقد وعد من قبل بالإبقاء على "سير هاري" الرجل الشعبي المحبوب، ولكن جراءة السجين وشجاعته أثناء المحاكمة أوغرت صدر الملك فتحجر قلبه.

وفي 29 ديسمبر 1660 حل "المؤتمر" (البرلمان) نفسه، حتى يمهد الطريق لانتخاب أعضاء أكثر تمثيلاً للشعب، وفي غضون ذلك قابلت الحكومة أول مظاهرة عدائية تنازع في شعبيتها العاصمة. حتى هذه الحكومة لم تعمل شيئاً لإسكات الشيع الدينية التي ظلت تأمل في نظام جمهوري: فكان المشيخيون وأنصار تجديد العماد والمستقلون وأصحاب ممضى الملكية الخامسة يخطبون ضد الملكية، وتنبأوا بأن الانتقام الإلهي سيحل بها سريعاً، فيرسل الزلازل والذم والضفادع تنقض على بيوت موظفي الملك. وفيستة يناير 1661، وبينما كان الملك في تورتسموث يودع أخته الحبيبة هنريتا في طريقها إلى فرنسا، نادي بالتمرد والعصيان أحد المشتغلين بصناعة دنان النبيذ في مجمع "لقديسي الملكية الخامسة"، وعندئذ سلح سامعوه المهتاجون أنفسهم، وأسرعوا إلى الشوارع يرددون حتى المسيح وحده هوالذي ينبغي حتىقد يكون ملكاً، ويعملون القتل في جميع من أعترض سبيلهم، وعاشت المدينة في ظل الإرهاب طيلة نهارين وليلتين، وانتشر "القديسون" في جميع مكان يقتلون الناس في حماسة بالغة، حتى تمكنت آخر الأمر فرقة صغيرة من الحرس كانت الحكومة الواثقة من نفسها تعتمد عليها في حفظ الأمن، من تطويق المشاغبين واقتيادهم إلى حبل المشنقة. وعاد شارل مسرعاً إلى العاصمة، ونظم فرقاً جديدة من الشرطة للمحافظة على الأمن فيها.

وفي 23 أبريل، في يوم عيد سانت جورج راعي إنجلترا وحاميها، توج الملك السعيد في كنيسة وستمنستر، في جميع مظاهر العظمة والجلال، ذات القيمة الكبرى لدى الملوك والتي يعتز بها الشعب، وحرص رجال الكنيسة الأنجليكانية التي استعادت مكانتها، وهم يمسحون الملك الداعر بالزيت المقدس، على التوكيد على تعهد الملك والتزامه بالدفاع عن العقيدة وعن الكنيسة. وفي مايواجتمع "برلمان الفرسان" الذي سمي كذلك لأن غالبية أعضائه كانوا ملكيين أكثر من الملك، متلهفين على الانتقام من البيوريتانيين. ووجد شارل مشقة في حتى يثنيهم عن الاسترسال في إعدام أعداء والده، واسترد البرلمان، من الوجهة النظرية، كثيراً من الامتيازات التي كان قد فقدها شارل الأول: من ذلك أنه لا يصبح أي تشريع نافذ المفعول إلا بعد حتى يوافق عليه المجلسان كلاهما، والملك. وكانت للملك السلطة العليا على القوات الإنجليزية المسلحة في البر والبحر، وأعاد البرلمان تنظيم مجلس اللوردات، وأعاد إليه أساقفة الكنيسة الرسمية، ولكنه رفض تجديد قاعة النجم أومحكمة اللجنة العليا وأبقى على حق التحقق في قانونية القبض على المسجونين بغير محاكمة، وأعيدت إلى الفرسان أملاكهم التي صادروها كرومول من قبل، مع تعويض ضئيل لمن اشتروها، واسترجعت الأرستقراطية القديمة ثراءها ونفوذها. وانقلبت الأسرات التي جردت من أملاكها على ملوك آل ستيوارت، وانضمت فيما بعد إلى صغار النبلاء وأبناء الطبقات الوسطى ليشكلوا "الأحرار" ضد "المحافظين" .. إذا شارل في النصف الأول من حكمه بلغ من الضعف والوهن حداً لم يستطع معه حتى يفرض أي قدر من السلطة المطلقة، من ذلك أنه أجاز "لبرلمان الفرسان" حتى يستمر لمدة سبعة عشر عاماً، على الرغم من حقه الشرعي في حله. أنه كان من الناحية العملية ملكاً دستورياً. فإن النتيجة الجوهرية لثورة 1642-1649، وانتنطق السلطة العليا من يد الملك إلى البرلمان، ثم من مجلس اللوردات إلى مجلس العموم، جميع أولئك عاش بعد عودة الملكية، على الرغم من قيام الملكية المطلقة من الوجهة النظرية.

وكان من حسن حظ البرلمان حتى شارل كان عزوفاً عن الحكم، وكأنه بعد أربعة عشر عاماً من التشرد والشقاء، قد منحته العناية الإلهية الحق في السعادة والهناءة، وأدخل جنات عدن التي وعد بها المسلمون. وكان الملك أحياناً ينهمك بجد وكد في شؤون الدولة، وقد بولغ في إهماله لها(11). وقبيل نهاية حكمه دهشت الأمة إذ رأته يأخذ جميع شيء على عاتقه، وينصرف بكليته إلى إدارة شئون البلاد في كفاية وعزيمة صادقة. ولكنه في أعوام العسل كان قد فوض إلى إرل كلارندون في 1661، إدارة دفة الحكم، بل تقرير السياسة.

وتسربت شخصية الملك، بشكل مؤثر على عادات العصر وأخلاقه وسياسته وغلب الطابع الفرنسي على أصله وتعليمه. فأمه فرنسية، وأبوه ابن حفيدة ماري جيز أواللورين، أضف إلى هذا جداً اسكتلندياً ودنمركياً وإيطالياً، ومن ذلك نجد خليطاً ضافياً ولكنه غير راسخ. أنه عاش من سن السادسة إلى سن الثلاثين في القارة، حيث تفهم الأساليب الفرنسية ثم رآها في أبهى صورها في أخته هنريتا آن. وكان عره الأسود وجلده الأسمر يذكران بجدته الإيطالية ماري دي مديتشي، وكان مزاجه لاتينياً مثل والدة جدته لأمه ماري ملكة إسكتلندة، وربما ورث عن جده الغسقوني هنري نافار، شفتيه الشهوانيتين وعينيه البارقتين وأنفه المتطفل، بل وربما ميله إلى النساء كذلك.

أما فيما يتعلق بالناحية الجنسية، فقد كان شارل الثاني أخزى قادة زمانه، وأسوأهم، فإن تصرفاته كانت أسوأ مثال تحتذيه حاشيته والمجتمع الإنجليزي والمسرح بعد عودة الملكية، فانفلت الزمام للفجور والخلاعة في هذه كلها، وآن لنعهد أسماء ثلاث عشرة من خليلاته، أنه وهوفي الثامنة عشرة، حين اتى كمن هولندا إلى إنجلترا ليقاتل من أجل والده، عثر فسحة من الوقت لينجب من "السمراء الجميلة الجريئة" لوسي وولتر، واداً كبر وترعرع تحت أسم جيمس سكوت، أعترف شارل ببنوته فيما بعد، وعينه دوق موغوث. ولحقت لوسي بشارل في القارة، وخدمته بإخلاص، والواضح أنه كان معها مساعدون آخرون لا نعهد الآن أسماؤهم. وفور حتى أستقر به المقام في القصر الملكي، نادى بربارا بالمر لتسري عنه همومه وتخفف عنه متاعبه. وكانت بربارا هذه -مثل بربارا فلييرز- قد أقامت لندن وأقعدتها بجمالها. وفي سن الثامنة عشر (1659) تزوجت من روجر بالمر الذي أصبح إرل كاسلمين. وفي سن التاسعة عشر وجدت طريقها إلى مخدع الملك، ومن ثم سيطرت على روحه الوادعة، إلى حد أنه خصص لها جناحاً في قصر هويتهول، وأنفق عليها أموالاً طائلة وأجاز لها بيع المناصب السياسية، والتحكم في مصائر الوزراء. وولدت له ثلاث أبناء وابنتين أعترف ببنوتهم جميعاً، وساورته الشكوك على أية حال، لأنها وسط حبها الشديد للملك، لم تتورع عن الاتصال برجال آخرين(12)، وازدادت تفوهاً بازدياد علاقاتها غي المشروعة. وفي 1663 - أعربت تحولها إلى الكاثوليكية. وألتمس أقاربها من الملك حتى يثنيها عن عزمها، فأجابهم بأنه لم يتدخل قط في "نفوس" السيدات(13).

وفي 1661 فكر شارل في أنه قد حان الوقت للزواج، ومن بين المرشحات أختار كاترين براجنزا ابنة جون الرابع ملك البرتغال التي قدمت إليه مع صداق هيأته الإلهية ليفي بحاجات ملك مبذر ودولة تاجرة:

000ر500 جنيه نقدا"، وميناء طنجة، وجزيرة (والمدينة الصغيرة فيما بعد) بومباي، وحرية الاتجار مع جميع ممتلكات البرتغال في آسيا وأمريكا وتعهدت إنجلترا في لقاء ذلك، بمساعدة البرتغال في المحافظة على استقلالها ولما وصلت الأميرة العروس الغالية إلى بورتسموث كان شارل في استقبالها للترحيب بها، وتزوجا في 21 مايووفقاً للطقوس الكاثوليكية أولاً ثم الأنجليكانية، وخط شارل إلى والدتها يقول أنه "أسعد إنسان في العالم" وأحسن معاملة حاشيتها من السيدات ذوات "التنورات" الواسعة المطوقة، ومن الرهبان الوقورين، وسقطت الأميرة في غرامه لأول نظرة، وسارت الأمور سيراً حسناً لعدة أسابيع، ولكن في يوليووضعت كاسلمين ولداً شهد شارل تعميده على أنه "العراب" (أبوه في العماد) -وتلك مناسبة أخرى يستخدم فيها أسم الله عبثاً ولغواً. ومنذ هجرت باربارا زوجها، أصبحت الآن تعتمد جميع الاعتماد على الملك، وتوسلت إليه ألا يتخلى عنها، فاستسلم لرجائها، وسرعان ما استأنف علاقته بها، وفي إخلاص موصوم بأشد الخسة والعار. ونسي الملك قواعد السلوك القويمة المألوفة، فقدم باربارا علانية إلى زوجته. فنزفت أنف كاترين دماً وانتابها إغماءه، من فرط الشعور بالمهانة والإذلال، وحُملت إلى خارج القاعة وبناء على إلحاح من الملك، أوضح لها كلارندون حتى عملية الزنى امتياز ملكي معترف به للملوك في أعرق أسرات أوربا، وبمرور الوقت كيفت الملكة نفسها مع أساليب زجها الشرقية، ولمنها كانت تزوره ذات يوم، فسقطت عيناها على "شبشب" صغير بجوار سريره، فانسحبت في رفق وتلطف "حتى لا تصاب الحمقاء الجميلة الصغيرة المختفية وراء الستائر بالبرد(14)"، وكانت هذه المرة الممثلة -هول دافيز. هذا في الوقت الذي حاولت فيه كاترين كثيراً حتى تنجب لشارل طفلاً، ولكنها -مثل كاترين أراجون مع ملك سابق- أجهضت عدة مرات. وفي 1670 أقر البرلمان قانوناً بالتوسع في أحكام الطلاق. وأشار بعض رجال البلاط المتلهفين على وريث بروتستانتي، على شارل بأن يطلق كاترين، ولكنه أبى، حيث كان قد عهد آنذاك كيف من الممكن أن يحبها حباً عميقاً على طريقته الخاصة.

ويصف بيبز البلاط في 27 يوليو1667 فيقول:

"يقص على فن Fenn حتى الملك وسيدتي كاسلمين قد حدثت بينهما فجوة شديدة، وأنها ستفارقه، ولكن بين جنبيها جنين، إذا الملك لابد معترف ببنوته، وغلا فإنها ستحمل الوليد إلى قصر هويتهول، وتهشم رأسه أمام عيني الملك. ثم يضيف حتى الملك والحاشية لمقد يكونوا في أي زمان في العالم بأسره أسوأ منهم الآن، بسبب اللهووالنادىرة والفجور والسكر والعربدة، وغيرها من أحط الرذائل البغيضة، مما لم ير العالم مثيلها، وهذا أمر يجر الهلاك والدمار على الجميع، لا محالة(15)".

وضاق شارل ذرعاً بغضبات كاسلمين، وفي إحدى زياراته الأخيرة لها، فاجأ عندها جون تشرشل -دوق مالبروفيما بعد-، الذي قفز من النافذة حتى يتجنب لقاء الملك(16)، كما يروي الأسقف بيرت. على حتى شارل خلع على كاسلمين لقب دوقة كليلند، ورتب لها مخصصات من الأموال العامة مدى الحياة.

وقد يشوقنا حتى نقص كيف من الممكن أن حتى امرأة واحدة بعينها خيبت علانية أمل الملك المغرور المختال وصدته: تلك هي فرانسيس ستيوارت التي قيل إنها من الممكن كانت أجمل وجه سقطت عليه العين(17) ويقول أنطواني هاملتون "يندر حتى يتيسر العثور على امرأة أقل ذكاء أوأكثر جمالاً(18)". وظل الملك يلحف في الوصول إليها حتى بعد زقابلا من دوق وتشموند ويصف بيبز الملك وهويجدف وحده في الليل إلى قصر سومرست، "وهناك حيث عثر باب الحديقة موصداً تسلق الجدران ليزور هذه المرأة وتلك فضيحة مخزية فظيعة(19)".

وفي 1668 رأى شارل "نل جوين" وهي تمثل في "مسرح دروري لين"، وهي التي نشأت في فقر مدقع، وكانت تسلي رواد الحانة بأغنياتها، وتبيع البرتنطق في المسرح، وتقوم بالأدوار الصغرى أوالأدوار الرئيسية في الروايات الهزلية، واحتفظت طوال عملها، تلقائياً بروح طيبة وإرادة طبية، مما سحر لب الملك الذي لا يبالي بشيء، والذي سئم اللذات، ولم تقم الممثلة أية عقبات في سبيل حتى تكون عشيقة لجلالته. واستنزفت مبالغ طائلة من كيسه الذي يشكوخلوالوفاض، ولكنها أنفقت القدر الأكبر منها في أعمال البر والإحسان. ولكن سرعان ما كان عليها حتى تنافس امرأة مغوية خطر موفدة من فرنسا (1671) لتثبت شارل على العقيدة الكاثوليكية والتنطقيد الفرنسية، تلك هي لويز كيرووال التي قلدت نل مظاهرها الأرستقراطية تقليداً ساخراً شيطانياً. وكل العالم يعهد، كيف من الممكن أن أنه، حيث حسب سكان لندن خطأ حتى نل هي منافستها الكاثوليكية، فسخروا منها، أخرجت رأسها الصغير من نافذة العربة وصاحت بهم "صه أيها الشعب الطيب، أنا البغي البروتستانتية(20)" وظلت تحظى بعطف شارل إلى آخر حياته، ولم تبرح مخيلته حتى ساعة احتضاره. أما كيرووال التي عينت على الفور دوقة بورتسموث، فقد أثارت حفيظة لندن، حيث نظروا إليها هناك على أنها عميلة فرنسية باهظة التكاليف تبتز من الملك جميع عام 40 ألف جنيه، لتقتني المجوهرات وتعيش في ترف باذخ اهاج معدة جون ايفلين(21) وتقلص ظل سلطانها في 1676 حين اكتشف شارل هورتنس مانسيني ابنة شقيق الكاردينال مازاران المرحة المفعمة بالحيوية والنشاط.

وكان لشارل سقطات أخرى، أنه في أيام شبابه التعس فقد جميع الثقة في البشر، وحكم على الرجال والنساء جميعاً بأنهم كما وصفهم "لاروشفوكول" ومن ثم فإنه قلما استطاع حتىقد يكون مخلصاً لأحد -اللهم إلا أخته- وضيع نفسه في أهوائه وغرامياته، ولم تكن ثمة ود خالص مقيم يلقى ضياء حقيقياً على البريق الأجوف في حياته. وباع بلاده بنفس اليسر الذي اقتنى به النساء. وضرب لحاشيته أكبر المثل في المقامرة بمبالغ طائلة. وعلى الرغم من الجمال الطائش في سلوكه وعاداته، فانه أبدى في بعض الأحيان افتقاره إلى الرقة والكياسة اللتين كان من العسير التماسهما عند والده. من ذلك، على سبيل المثال، أنه لفت نظر جرامونت إلى خدمه يؤدون عملهم وهم راكعون(22). ولم يكن كثير الإدمان على الخمر في أغلب الأحيان، ولكنه أدمن بشكل مخيف لعدة أيام عقب صدور قانون ضد تعاطي المسكرات(23). وكان عادة يتقبل النقد بصدر رحب، ولكن حين جاوز سيرجون كوفنتري حده، وتساءل في البرلمان علانية "هل يجد الملك متعة بين الرجال أوبين النساء؟". أمر شارل رجال حرسه حتى "يجعلوا منه عبرة" فكمنوا له وهاجموه وهشموا أنفه(24). على حتى فئة قليلة من الناس كانوا لا يملكون إلا حتى يحيوه، ومنذ شباب هنري الثامن لم يوجد في إنجلترا ملك في مثل شعبية شارل بين حاشيته، وكانت حيويته الجسمية تبعث على الرضا والسرور، ولم يكن به شح أوبخل، بل كان يرعى الحقوق، عطوفاً كريماً. بعد حتى ينقد رجال حاشيته رواتبهم، كان يجد الوسيلة للبر والإحسان والصدقات. وجعل من المتنزه الخاص به مرتعاً لمختلف الحيوانات، ولم يلحقها أي أذى. وكانت كلبته المدللة تنام، ويفترسها رفيقها وتلد وترضع صغارها في حجرة نوم الملك(25). وكان شارل بعيداً عن التكلف، أنيساً، حلوالمعاشرة، يسهل الوصول إليه أوالتحدث معه، سرعان ما يهدى من روع محدثيه ويطمئن بالهم. وذكر جميع الذين تحدثوا عن شارل -فيما عدا كوفنتري، أنه "ملك ودود طلق المحيا(26)"، وعده جرامونت "من ألطف الرجال وأرقهم وأكثرهم وداعة(27)"، ونطق عنه أوبري "إنه نموذج فذ في المجاملة(28)" وكان شارل قد صقل عاداته وسلوكه في فرنسا، وكان، مثل لويس الرابع عشر يحمل قبعته لأية سيدة، حتى ولوكانت من أحط الطبقات وكان يفضل شعبه بكثير في التسامح مع أية آراء أومذاهب دينية معارضة إلى حد أنه استهلك نخب خصومة السياسيين، وسر كثيراً بالهاتى حتى ولوكان موجهاً إلى شخصه. وكان حُسن التقدير فيه، مبعث ابتهاج لدى حاشيته. ووصفه بيبز بأنه كان يقود الحلقة في رسيرة ريفية قديمة cuckold All Awry. وما كان يبتر عليه مرحه ولهوه الصاخب -لفترات قصار، إلا أنباء الطاعون أوالحريق أوالإفلاس أوالحرب.

ولم يكن الملك شارل الثاني عميق التفكير، ولكنه لم يتعلق بتوافه الأمور إلى حد كبير، وتخلص يوماً من رجل زعم أنه يتنبأ بالطالع، بأن أخذه إلى سباق الخيل، ولحظ أنه يخسر ثلاثة أشواط متتالية. وأولع ولعاً شديداً بالعلوم، وأجرى التجارب، وأصدر براءة تشكيل "الجمعية الملكية" وأغدق عليها الهبات والمنح، وشهد كثيراً من اجتماعاتها. ولم يهتم كثيراً بالأدب، ولكنه أولى الفنون عناية كبيرة، واعتز برافائيل وتيشيان وهولبين وجمع أعمالهم. وتجلى في حديثه كثير من الحيوية والتنوع اللذين تميزت بهما الجماعات المثقفة في فرنسا. فتحدث جيداً عن الشعر مع دريدن، وعن الموسيقى مع بورسل (الملحن)، وعن هندسة العمارة مع رن. وكان حامياً ونصيراً حسن التمييز في جميع هذه المجالات، ولابد أنه كان ثمة قدر كبير من مناقب ومآثر حميدة محببة تحلى بها رجل نطقت عنه أخته وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة "إني أحببته أكثر من حبي للحياة نفسها. وليس ثمة شيء آسف عليه في موتي، إلا إني أفارقه"(29).


الحروب الأنگلو-هولندية

تشارلز يقدمون له أول ثمرة أناناس تنموفي إنگلترة (1675 بريشة هندريك دانكرتس).
وسام سكه في 1667 جون روتيير لتخليد الحرب الإنگليزية الهولندية الثانية، تُظهر الألقاب الكاملة لتشارلز الثاني على الطرف.

بعد اندلاع الحرب بين فرنسا وهولندا، وحتى يكسَب ولاء الملك لويس الرابع عشر، أعرب "تشارلز الثاني" وقوفه إلى جانب مع فرنسا، كان موفقه هذا يمثل طعنة في ظهر الإنجليز، والمتعاطفين بسبب معتقداهم الدينية مع الهولنديين (الإنگليكان، والبروتستانت ضد الكاثوليك)، ثم زاد الأمر سوءا موقف الملك المتسامح جدا مع الكاثوليك الإنجليز (وكانوا يمثلون أقلية). كان عليه حتى يوجه جبهة الرفض التي تشكلت في البرلمان ضده وضد إنسان أخوه وولي العهد جيمس، حاول البرلمان حتى يستصدر قانونا لإقصائه من العرش (1681)، انتهت المجابة بحل البرلمان، وأصبح تشارلز الحاكم المطلق. توفي عام 1685 م ليتوج أخوه من بعده ملكا على إنجلترا باسم جيمس الثاني.

مرجل الدين

هل تمسك الملك بأية عقيدة دينية،يا ترى؟ حتى حياته من هذه الناحية توحي بنفس النزعة التي سادت كثيراً من الفرنسيين المعاصرين الذين عاشوا ملحدين وماتوا كاثوليكيين. ويبدوحتى هذا يسر الفوز بمتاع الدنيا والآخرة معاً، كما أنه كان أفضل كثيراً من "رهبان" بسكال. ويقول بيرنت "أن إحساسه الديني كان ضعيفاً، إلى درجة أنه لم يكثر من التظاهر ولكن بسلوكه الموصوم بالتهاون في الصلوات وفي الأسرار المقدسة، كان لأي إنسان يراه حتى يدرك كيف من الممكن أن وقر في ذهن الملك أنه لا علاقة له بهذه الأمور(30). ونطق أحد الوعاظ مرة لنبيل غلبه النعاس وهوجالس بين جماعة المصلين "سيدي: إنك تغط في نومك بصوت عال، وقد توقظ الملك(31)". ونطق عنه سانت إيفر موند الذي كان يعهده حق الفهم أنه كان "روبوياً(32)"-وهوالذي كان يؤمن بوجود كائن أسمي غير مجسم تقريباً، ويفسر بقية المذاهب الدينية بأنها شعر شعبي. واتفق أرل بكنجهام ومركيز هاليفا كسي مع سانت إيفر موند في هذا الرأي(33) ويروي بيرمنت "نطق لي الملك ذات مرة، أنه ليس ملحداً، ولكنه لا يظن حتى الله يعذب الإنسان لأخذه بشيء من مسببات المتعة واللذة عرضاً أوخطأ(34)". ورحب الملك بصداقة هوبز الذي يدين بالمادية، وتولى حمايته من رجال اللاهوت الذين طالبوا بتقديمه للقضاء بتهمة الهرطقة. ويرى فولتير حتى "لامبالاة الملك المطلقة" بكل الصراعات الدينية التي تفرق بين الناس عادةً، أسهمت بدرجة غير يسيرة، في حكمه السلمي(35).

ويحتمل حتى شارل كان متشككاً، مع شيء من الانعطاف نحوالكثلكة، بمعنى أنه كان يشك في اللاهوتيات، ويؤثر الكاثوليكية، لطقوسها النابضة بالحياة، وتعلقها بالفنون، وتساهلها مع الجسد، وتأييدها للملكية. وربما غاب عن ذاكرته حتى العصبة الكاثوليكية وبعض الآباء اليسوعيين قد أقروا من قبل اغتال الملك. ولكنه تذكر حتى الكاثوليك الإنجليز دافعوا عن أبيه، وأن ثلث النبلاء الذين ماتوا في سبيل النضال عن شارل الأول كانوا من الكاثوليك(36)، وأن الكاثوليك الأيرلنديين بقوا على ولائهم لأسرة ستيوارت، وأن حكومة كاثوليكية كانت تمد له يد العون في منقاة الطويل الأمد -إن روح التعاطف التي تملكته بصفة عامة، جنحة به إلى الرغبة في التخفيف بعض الشيء من القوانين التي صدرت في إنجلترا ضد الكاثوليك، وهي في تقدير "هللام" قوانين "صارمة غاية الصرامة، بل هي في بعض الأحيان، دموية أومتعطشة للدم(37). ولم يشارك الملك البروتستانت الإنجليز فيما علق بأذهانهم من ذكرى "مؤامرة البارود "160"، أوالخوف من محاكم التفتيش أوالبابا في رومه. ولم يغضب لالتزام أخيه العلني بالممضى الكاثوليكي -والمفروض أنه وريث العرش. وقد يجوز لنا حتى نحكم، من تحوله إلى الكثلكة وهوعلى فراش الموت، أنه كان من الجائز حتى يعترف هوأيضاً بها، لوحتى الاعتراف بها كان أمراً عملياً من الوجهة السياسية.

إلى غير ذلك فإن شارل، وهوالسياسي اللطيف الودود، قبل الكنيسة الأنجليكانية ودعمها إنها قد دانت بالولاء لوالده، وفنيت بالدفاع عنه، وعانت ما عانت في أيام كرومول، وكافحت كفاحاً شديداً في سبيل عودة الملكية. واعتبر شارل أنه من القضايا المسلم بها حتى تكون هناك عقيدة دينية تحظى بموافقة الدولة ومعونتها، على أنها وسيلة لنشر التعليم وإقرار النظام الاجتماعي. إنه، أساساً، كانت تزعجه البيوريتانية، فوق أنها أتيحت لها من قبل فرصة الحكم، فكانت صارمة بغيضة إلى حد بالغ. ولم ينسى قط حتى البرسبتيريانز سجنوا أباه وأن البيوريتانز أطاحوا برأسه، وأنه هونفسه أرغم على قبول ممضىهم والاعتذار عن أخطاء آبائه. وسقط القانون الذي أصدره "البرلمان المؤتمر"، بإعادة الكهنة الأنجليكانيين إلى أبرشياتهم، التي كانت "الجمهورية" قد جردتهم منها، وكان وجه العدالة والإنصاف واضع في هذا القانون. وعلى الرغم من ذلك، كان قد وعد "بالحرية لذوي الضمائر الواهنة"، وألا يضار أي إنسان بسب الخلافات الدينية مادامت مسالمة. واقترح شارل في أكتوبر 1660 تسامحاً شاملاً مع جميع الفرق المسيحية، بل كذلك تخفيف القوانين المعادية للكاثوليكية. ولكن البرسبتيريانز والبيوريتانز الذين خشوا مغبة هذا التراخي، انضموا إلى الأنجليكانيين في رفض هذا المشروع. ورغبة في المصالحة بين البرسبتيريانز والأنجليكانيين عرض الملك طقوساً تكون حلاً وسطاً بين الطائفتين ونظاماً أسقفياً محدوداً يتولى بمقتضاه بعض المشايخ المنتخبين تقديم العون والمشورة للأساقفة. ولكن البرلمان عارض هذه الفكرة. وأبلغ "مؤتمر سافوي" المكون من أثنى عشر أسقفاً، ومثلهم من المشايخ -أبلغ الملك "أنهم لم يستطيعوا الوصول إلى اتفاق(38)".

وتلك الفرصة ضُيعت، لأن البرلمان الجديد كان أنجليكانياً بأغلبية ساحقة. فنكأ الجراح القديمة بإعادة النظام الأسقفي في اسكتلندا وأيرلندا، وأعاد المحاكم الكنسية للمعاقبة على "التجديف"، والتخلف عن دفع العشور للكنيسة الأنجليكانية، وجعل "كتاب الصلوات العامة الأنجليكاني" إلزامياً على جميع الإنجليز، وبمقتضى "قانون التوحيد" (20 نوفمبر 1661) حرمت المناصب العامة على جميع الأشخاص اللذين لم يتلقوا الأسرار المقدسة وفقاً للطقوس الأنجليكانية قبل الانتخابات، وبمقتضى "مرسوم التنسيق" (19 مايو1662) طلب إلى جميع رجال الدين والمفهمين حتى يقسموا اليمين على ألا يقاوموا الملك، وأن يعلنوا موافقتهم التامة على كتاب الصلوات العامة. وكان على رجال الدين الذين رفضوا هذه الشروط حتى يتخلوا عن مراكزهم في موعد غايته 24 أغسطس ورفضها نحو1200 منهم فطردوا. وهؤلاء بالإضافة إلى 1800 آخرين أخرجوا عند عودة الأنجليكانيين، انضموا جميعاً، مع مجموعة كبيرة من المجامع، إلى العدد المتزايد من "الشيع" أو"المنشقين"، الذين أرغموا أولى الأمر في النهاية على إصدار قانون التسامح 1689.

وحاول شارل حتى يعدل من "مرسوم التنسيق" فطلب من البرلمان حتى يستثني من العزل أولئك القساوسة الذين لم يعترضوا إلا على ارتداء اللباس الكهنوتي الأبيض، أواستخدام الصليب في التعميد، فوافق اللوردات ورفض النواب. وسعى الملك من أثر اللطمة، بتأجيل تطبيق المرسوم لمدة ثلاثة أشهر، ولكن أحبطت هذه المساعي كذلك. فأصدر في 26 ديسمبر 1662 بياناً أعرب فيه عن عزمه على حتى يستثني من العقوبات التي نص عليها القانون الأشخاص المسالمين الذين أبت عليهم ضمائرهم أداء القسم المطلوب، ولكن البرلمان، ارتاب في هذا الأجراء ورفضه، باعتبار أنه ينطوي ضمناً على سلطة الملك في الإعفاء من إطاعة القوانين. وعبر الملك عن مشاعره بالإفراج عن الكويكرز المعتقلين (22 أغسطس 1662) وبالتوكيد على التسامح الديني في المواثيق التي منحها لجزيرة رود وكارولينا، وفي التعليمات التي وجهها إلى حاكمي جمايكا وفرجينيا.

وأحس البرلمان أنه ليس ثمة متسع لهذا التسامح في إنجلترا. ولكي يمنع اجتماعات الكويكرز السرية للعبادة، نطق أنها تضم أكثر من خمسة أشخاص بالإضافة إلى أفراد البيت، وحكم 1662 على جميع إنسان يحضرها بدفع غرامة قدرها خمسة جنيهات، أوبالحبس لمدة ثلاثة أشهر، للمخالفة الأولى، ومضاعفة العقوبة (10 جنيهات غرامة أوستة أشهر في السجن) للثانية، والنفي إلى مستعمرات المجرمين، للثالثة، أما المخالفون الذين يعجزون عن دفع نفقات انتنطقهم إلى المستعمرات فكان عليهم حتى يخدموا لمدة خمسة سنوات، عمالاً لا بعقود خاصة. أما المدانون أوالمخالفون المرحلون الذين يهربون أويعودون إلى إنجلترا قبل انقضاء، المدة المحكوم بها، فتكون عقوبتهم الإعدام، وفي 1664 امتدت هذه الإجراءات إلى البرسبتيريانز والمستقلين. وحظر "قانون الأميال الخمسة" (1665) على القساوسة الذين امتنعوا على حلف اليمين، حتى يقيموا في نطاق خمسة أميال في أي مدينة ذات مجلس بلدي، أويقوموا بالتدريس، في أية مدرسة خاصة أوعامة. وأطلق على هذه القوانين "تشريع كلارندون" لأن الذي فرضها هوكبير وزراء الملك ضد إرادة الملك أورغباته الصريحة، وقبل شارل هذه التشريعات الصارمة لأنه كان يناشد البرلمان إقرار الاعتمادات التي طلبها. ولكنه لم يغفر قط لكلارندون، كما فقد ثقته بالأساقفة وقل احترامه لهم، لأنهم ما لبثوا حتى أعيدوا حتى بدءوا ينتقمون أشد الانتقام، ويقبضون أيديهم عن البر والإحسان. وانتهى شارل إلى "أن المشيخة ليست ممضىاً يليق بالرجل الماجد المهذب، وأن الأنجليكانية ليست ممضىاً يليق بالرجل المسيحي(39)".

وإذ أدركت الكنيسة الأنجليكانية اعتمادها على الملكية، فإنها أكدت من جديد، وبشكل أكثر إيجابية عن ذي قبل "حق الملم الإلهي" والإثم العظيم الذي يؤدي إلى الهلاك، في مناهضة حكومة ملكية قائمة. وفي 1680 نشر كتاب سير روبرت فلمر "سلطة الملوك الطبيعية المعترف بها" بعد موت المؤلف بسبعة وعشرين عاماً، وأصبح الدفاع القياسي عن النظرية. وفي كتاب أكسفورد "القضاء والقانون" (1683) أعرب زعماء الكنيسة الأنجليكانية أنه "زيف وتحريض على الفتنة، بل هوهرطقة وتجديف "ومن ثم جريمة عقوبتها الإعدام" "أن يتمسك امرؤ" بأن السلطة مستمدة من الشعب، وأن الحكام الشرعيين يفقدوا الحق في الحكم إذا أصبحوا طغاة، وأن الملك ليس له الحق إلا حق مناظر لحق السلطتين الأخرين: مجلس اللوردات ومجلس العموم. وأضاف الكتاب "أن الطاعة العمياء هي سمة كنيسة إنجلترا وخصيصتها(40)". وتلك نظرية كانت تثير القلق والمتاعب، عندما حاول جيمس الثاني، بعد عامين منة هذا التاريخ، حتى يجول إنجلترا إلى الكاثوليكية.

إن الكنيسة الأنجليكانية، التي استعادت مكانتها، على الرغم من تعصبها، تجلت في صفات تدعوا إلى الإعجاب، فقد أباحت آفاقاً رحبة للتفكير اللاهوتي بين أعضائها، ابتداء من "اللودبين" (الذين عهدوا فيما بعد بأنهم الذين يؤكدون على الطقوس التقليدية High Churchmen) الذين اقتربوا من الممضى والطقوس الكاثوليكية، إلى "المتحررين المتسامحين" (الذين عهدوا فيما بعد باسم ذوي الأفق الواسع - Brood Churchmen) وهم الذين جنحوا إلى لاهوت متحرر، وأكدوا على الجانب الأخلاقي، لا على الجانب الممضىي أوالعقائدي، في المسيحية، ووقفوا في وجه الاضطهاد، وسعوا إلى المصالحة وتسوية الخلاف بين البيوريتانيين والمشيخيين والأنجليكانيين. وساعد شارل هؤلاء المتحررين المتسامحين وقدر لهم الإيجاز النسبي في عظاتهم(41). وكان أعظم هؤلاء المتحررين، جون تللوتسون، الذي عينه شارل قسيس القصر، ثم عينه وليم الثالث رئيس أساقفة كنتربري (1691). وكان رجلاً "راجح العقل حلوالشمائل(42)"، ناهض "البابوية" والإلحاد والاضطهاد بنفس القدر من الحماسة والغيرة، وتجاسر فبنى المسيحية على العقل. وكان يقول "لسنا في حاجة إلى مرشد على خطأ إنسان أقوى من حتى نسمعه يتهم العقل ويحط من قيمته، ومن ثم يرى حتى العقل ضده(43) ومال صغار رجال الدين الأنجليكانيين "الكهنة" إلى حتى بكون الخدم الروحيين للوردات المحليين، بل حتى لبعض مالكي الأرض، حتى قاربوا حتى ينحدروا إلى وضع العامة . ولكن في المدن والمناصب الكنسية ذوات الرواتب الأكبر، أشتهر كثير من رجال الدين الأنجليكانيين بسعة الإطلاع والمقدرة الأدبية حتى أنهم أخرجوا فيما بعد بعض من أفضل خط التاريخ الرسمي في أوربا. وبصفة عامة سادت روح الإعتدال الممضىي في الكنيسة الأنجليكانية، أكثر منها بين المنشقين الذين زاد الاضطهاد من تعصبهم لممضىهم وتزمتهم.

ولم يعان البيوريتانيون آنذاك من الاضطهاد السياسي وحده، بل أنهم كذلك كانوا موضع سخرية وازدراء من أولئك الذين أحسوا بالضيق والانزعاج أيام الحكم البيوريتاني بسبب أخلاقياتهم الهينة اللينة الخالية من التزمت. ولكن البيوريتانيين احتملوا في جلد وشجاعة دوران عجلة الزمن. وهاجر بعضهم إلى أمريكا، وأدى كثير منهم القسم المطلوب. وكان ريتشارد باكستر ألمع شخصية بينهم في ذاك العصر، وكان رجلاً ذا اتجاه معقول، مستعد لقبول أية تسوية لا تخل بلاهوته المتقدم. فإنه على الرغم من إخلاصه الشديد البيوريتاني حتى النهاية، أستنكر إعدام شارل الأول، وحكم كرومول حكماً استبدادياً مطلقاً، وحبذ عودة الملكية. ومنع عام 1662 من الوعظ، وأعتقل مراراً وتكراراً لمخالفته أمر الحظر. وكان من أكثر البيورتانيين استنارة، ولكنه مع ذلك أستحسن إحراق السحرة في سالم ومساشوست، وفكر في ربه على أساس جعل "مولوخ" (اله سامي كان يعبد عن طريق تضحية الأطفال على مذبحه) بجانبه ودوداً لطيفاً من هم الذين خط لهم الخلاص،يا ترى؟ ويجيب باكستر: "إنهم فئة قليلة من البشر الضائع، فدر لهم الله منذ الأزل هذه الراحة(44). وأكد في عظاته على عذاب الجحيم التي "أوجدها الرب بنفسه".. إذا تعذيب الملعونين المحكوم عليهم بالهلاك ينبغي حتىقد يكون شديداً، لأنه مظهر الانتقام الإلهي .. إذا العقاب رهيب، ولكن الانتقام أمر لا سبيل إلى التخفيف منه(45)" وحرم باكستر الاتصال الجنسي إلا بقصد الإنجاب مع حليلة شرعية. ومنذ رأى حتى هذا التقليد يحتاج ضبط النفس على طريقة الرواقيين، لأنه أوصى بالحمام البارد والتغذي على الخضراوات، لتخفيف من الشهوة الجنسية(46) وقد نغتفر له لاهوته إذا رأيناه، وهوفي السبعين من العمر (1685) واقفاً في قفص الاتهام أمام القاضي الوحشي الغليظ القلب "جفري"، لأنه تفوه ببضع حدثات ضد مزاعم الأنجليكانيين ولم تتح له أية فرصة للدفاع عن نفسه أوتفسير آرائه، وحكم عليه بدفع غرامة قدرها 500 جنيه، أوالسجن حتى يدفع المبلغ كاملاً(47). وأفرج عنه بعد 18 شهراً، ولكنه لم يسترد عافيته بعد ذلك قط.

وظل الكويكرز يعانون الاعتنطق ومصادرة الممتلكات لرفضهم تأدية القسم أولتخلفهم عن الصلوات الأنجليكانية، أوعقد الاجتماعات الغير مشروعة. وفي 1662 كان في السجون الإنجليزية أكثر من 4200 منهم: "وحشر بعضهم في السجن حشراً لا يدع مجالاً للجلوس وحرموا من فرش القش ليرقدوا عليها، وكثيراً ما منع عنهم الطعام(48). ولكن جلدهم ومثابرتهم وتشبثهم أكسبهم آخر الأمر، وخفت حدة الاضطهاد عملياً، إذا لم يكن قانونياً، وفي 1672 أطلق شارل سراح 1200 رجل منهم(49)، وفي 1682 منح أخوه جيمس دوق يورك براءة مقاطعة جرسي الشرقية في أمريكا، إلى روبرت باركلي وهوكويكري اسكتلندي، و"الصاخب" الكويكري الغني ليم بن، وبعض زملائهم الآخرين.

وكان بن وهوابن أمير البحر وليم بن الذي استولى على جاميكا لإنجلترا. قد مر وهوصبي في الثانية عشرة بأطوار مختلفة من الانفعال الديني الذي فوجئ في أثنائه لفوره براحة في أعماق نفسه، وبهالة متألقة في الغرفة، إلى حد أنه نطق عدة مرات بأنه منذ تلك اللحظة ختم بخاتم القداسة والخلود. "الإيمان الراسخ" بأن هناك إلهاً وأن نفس الإنسان يمكن حتى تنعم بهذا الاتصال الإلهي(50). وفي 1661 طرد من أكسفورد وحكم عليه بدفع غرامة لأنه رفض حضور الصلوات الأنجليكانية. ولما عاد ال أبيه أوسعه ضرباً بالسياط، وطرده من المنزل لإعلانه اعتناق ممضى الكويكرز. ثم رق قلب الوالد فبعث بابنه إلى فرنسا ليتفهم "المرح الباريسي"، وربما أكتسب من هناك بعض الكياسة والأساليب المصقولة التي تحلى بها، وفي 1666 ارتضى لنفسه الخدمة في الجيش الإنجليزي الذي يعمل في ايرلندا، ولكن بعد عام واحد شهد اجتماعاً للكويكرز في كورك، والتهب حماسه من جديد، فطرد جندياً ضايقه بكثرة الأسئلة فاقتيد إلى السجن، ومنه خط إلى حاكم مونستر يلتمس إباحة حرية العبادة. وبعد عودته إلى إنجلترا أحرق مراكبه من خلفه، وأصبح واعظاً كويكرياً، وقبض عليه مرة بعد المرة، ولعبت محاكمته 1669 دوراً في تاريخ القانون الإنجليزي. ذلك حتى هيئة المحلفين برأته، فحكم القاضي على المحلفين بالسجن والغرامة بتهمة إهانة المحكمة وازدرائها. فاستأنف المحلفون أمام المحكمة النادىوى المشهجرة، التي أعربت عدم شرعية القبض عليهم، وكان في هذا تثبيت لحق هيئة المحلفين وسلطتهم في إنجلترا. ولكن بن أودع السجن، على أية حال، لأنه رفض حتى يخلع قبعته في المحكمة. وأخلي سبيله في الوقت المناسب ليحضر وفاة أبيه (1670)، وقد هجر له دخلاً يقدر بألف وخمسمائة جنيه في العام. وديناً على التاج قدره 16 ألفاً من الجنيهات أقرضه أبوه لشارل الثاني وأعيد إلى السجن لقيامه بإلقاء العظات، وفيه كُتب أبلغ دفاع عن التسامح تحت عنوان "القضية الكبرى لحرية الضمير"، (1671)، وفي إحدى الفترات التي تمتع فيها بالحرية تزوج من امرأة ثرية، واقتنى حصة من النصف الغربي لما يعهد الآن بولاية نيوجرسي. وصاغ لهذه المستعمرة دستوراً يؤكد فيه على التسامح الديني وسلطة المحلفين في التحقيق والحكومة الشعبية، ولكن الزمام أفلت من يده، ولم تطبق مواد هذا الدستور.

وفي 1667 عبر بن وجورج فوكس وروبرت باركلي وجورج كيث القنال الإنجليزي ليبشروا بممضى الكويكرز في القارة، وأسس جماعة من "كرهم" ممن حولهم بن إلى ممضىه، مدينة "جرمان تون"، في بنسلفانيا، وكانوا أول من أعرب أنه من الخطأ حتىقد يكون للمسيحين رقيق. ورجع بن إلى إنجلترا، وأخذ زمام المبادرة في منع الكويكرز من الانضمام إلى حركة اضطهاد الكاثوليك" من أجل ما يسمى "بالمؤامرة البابوية". وكان "خطابه إلى البروتستانت من جميع المذاهب" (1679) نداءاً قوياً للتسامح الديني في أكمل صورة. وفي 1681 قبل التاج اقتراح بن التنازل عن حقه في المطالبة بالدين، لفاء منحه ما يعهد الآن باسم بنسلفانيا.أن بن اقترح اسم "سلفانيا" للجزء المترامي الأطراف الكثيف الأحراش، فألحق شارل الثاني مبتر "بن" بهذه اللفظة، تخليداً لذكرى أمير البحر. وعلى الرغم من الخضوع التام للملك، فإن حكومة المستعمرة الجديدة كانت ديموقراطية، وكانت العلاقة مع الهنود ودية قائمة على العدل والإنصاف، كما أطلق الكويكرز، وهم يشكلون غالبية المستوطنين، الحرية الدينية. وعمل بن في هذه المستعمرة بجد لمدة عامين، ولكنه في 1684 سمع بنبأ اضطهاد حديث عنيف تتعرض له طائفته. فأسرع بالعودة إلى لندن. وهناك بعد عام واحد أصبح صديقه، دوق يورك ملكاً على إنجلترا، وهوجيمس الثاني، كما صار بن من ذوي النفوذ والمكانة في الحكومة. ولنا معه لقاء آخر.

أن طريقة المقاومة السلبية الذي انتهجه الكويكرز ضد الاضطهاد كان أكبر قوة فعالة ساعدت على التسامح الديني في عصر التعصب، وقدر أحد المنشقين أنه كان هناك ستون ألف حالة اعتنطق بسبب الخلاف الديني بين عامي 1660، 1688، وأن خمسة آلاف ممن اعتقلوا قضوا نحبهم في السجن(51). وكان تعصب البرلمان أسوأ من فجور البلاط والمسرح. وذكر مؤرخ خط التاريخ مثل ما صنعه تقريباً "في هذه الفترة الدقيقة الحرجة" كاد الملك حتىقد يكون الصوت الوحيد الرحيم الذي ينادي بآراء عصرية حديثة ودأب طوال حكمه على النضال من أجل التسامح(52) وفي 1669 عندما صدر الحكم على ثلاثة أشخاص بدفع غرامة كبيرة للتاج، بناء على قانون قديم صدر في عهد الملكة اليزابيث، لتخلفهم عن حضور الصلوات الأنجليكانية، أعفاهم شارل من دفعها، وأعرب أنه لن يسمح بتطبيق هذا القانون بعد اليوم "لأنه من رأيه وقناعته الخاصة أنه لا يجوز حتى يضار أحد بسبب تفكيره وما يمليه عليه ضميره(53)".

وكان من المحتمل حتى يقرر وجهة نظر الملك في تسامح عدد متزايد من الإنجليز، لولا أنهم كانوا يرتابون في رغبته في التخفيف من ويلات الكاثوليك في إنجلترا التي كانت لا تزال تخشى سيطرة البابا، ومحاكم التفتيش الأسبانية وحكومة القساوسة، إلى حد حتى البرسبتيريانز والبيوريتانيين آثروا تحريم عبادتهم على السماح بالعبادة الكاثوليكية في إنجلترا. وكان الإنجليز الكاثوليك يشكلون آنذاك نحو5% من السكان(54). وكانوا من الناحية السياسية ضعافاً عاجزين. ولكن الملكة كانت كاثوليكية، كما حتى شقيق الملك لم يبذل إلا أيسر الجهد في إخفاء تحوله إلى الكثلكة (1668) وكان في إنجلترا حينذاك 266 من اليوسعيين. كان أحدهم ابناً غير شرعي للملك، وبدءوا يظهرون علناً في جرأة وثقة. على الرغم من القوانين البالغة التشدد. وكانت المدارس الكاثوليكية تقام في الدور الخاصة.

وأرهقت إنجلترا، وأقام البروتستانت في جميع عام تظاهروا فيه ضد البابوية، وحملوا إلى "سميفيلد" تماثيل للبابا والكرادلة، أحرقوها هناك. إنهم لن ينسوا "جي فوكس". ولكن الكاثوليك صبروا وصابروا ولم يفقدوا الأمل، فمن الجائز الآن حتى يرقى كاثوليكي عرش إنجلترا في أية لحظة.


الدين والسياسة

استمر النزاع بين المذاهب الدينية، وتجدد النزاع القديم بين الملك والبرلمان، وسط تفتح الناس وتوافر مسببات الحياة لديهم وتكاثرهم. وأحزن الملك المبتهج حتى يرى مجلس العموم، بعدما ظهر في إذعان وامتثال في شهر العسل، يغار من سلطة الملك وقوته، ويقبض عنه الاعتمادات. لقد كان الملك رقيق القلب ولكنه حازم صلب العود. فولى وجهه شطر ملك فرنسا ليحصل منه على قروض خاصة، ووعد، وواضح أنه رغب -في التخفيف من ويلات الكاثوليك الإنجليز، كما وعد بتأييد لويس الرابع عشر ضد الأراضي الوطيئة، وبيع ثغر دنغر دنكرك على القنال الإنجليزي لفرنسا، وكان جنود كرومول قد استولى عليه. والحق حتى الدفاع عنه كان بكلف أموالاً طائلة، وكان شوكة في جنب فرنسا. فتخلى شارل عن دنكرك (1662)لقاء خمسة ملايين فرانك بالإضافة إلى إعانات سرية من البورون، استطاع بها لبعض الوقت حتى يتجاهل أوليجاركية الأرض والمال التي تحكمت في البرلمان آنذاك.

إن هؤلاء الأوليجاركيين، على أية حال، رأوا حتى أموال الحكومة ينبغي حتى تستخدم في شن حرب مربحة أخرى ضد الهولنديين. إذا نفس المنافسة على التجارة ومصايد الأسماك التي أدت إلى الحرب الهولندية الأولى من قبل في 1652 هي التي عززت فكرة الحرب الثانية 1664. وقاوم شارل هذا الاتجاه إلى الحرب، لأطول مدة ممكنة، لأنه آثر المحبة والمودة أيما إيثار. وخط لأخته يقول: لم أر قط مثل هذه الشهوة الجامحة للحرب في الريف والحضر كليهما، وبخاصة لدى رجال البرلمان. إني أجد أنني الرجل الوحيد الذي لا يريد الحرب في مملكتي(135)".

لقد ساءت الأحوال. وحارب الأسطول الإنجليزي ببسالة عل الرغم من سوء تغذيته وضآلة ملابسه وذخائره، ولكنه خسر بقدر ما انتصر، وفي الوقت الذي حمى فيه وطيس الحرب، هجر الطاعون والحريق لندن موحشة مقفرة، كما هجر إنجلترا مفلسة، وفي أخريات عام 1666 فتح الهولنديون باب المنازعات لعقد الصلح وسر الملك بقرب التوصل إلى تفاهم، فأوفد مندوبين إلى بريدا. ووثوقاً منه بأن الاتفاق كان وشيكاً، ومذ رأى حتى أمواله على وشك النفاذ، فإنه تحيى جانباً من أسطوله في "مدواي"، وسمح للبحارة بالاشتغال في السفن التجارية. فما كان من "دي روتر" إلا حتى قاد أسطولاً هولندياً إلى التيمز ومداوي ودمر معظم السفن الإنجليزية التي خلت من الرجال. ويقول بيبز أنه في تلك الليلة "كان الملك يتناول العشاء مع الليدي كاسلمين عند دوقة مونموث، وقد شغل الجميع إلى حد الجنون باصطياد فراشة مسكينة(163)" وعندما وصلت أنباء الهجوم على لندن، نادى جميع رجل مفتول العضلات إلى حمل السلاح. ولكن الهولنديين كذلك رغبوا في الصلح، لأن الفرنسيين كانوا قد أغاروا على إقليم فلاندرز. وأنهت معاهدة بريدا في 21 يوليو1667، الحرب الهولندية الثانية بشروط لم يرتح لها الجميع.

وأضعف هذا الإخفاق التام الكوارث التي توالت على لندن، مركز الملك إلى حد حتى بعض الإنجليز فكروا في خلعه.وطالب البرلمان بفرض رقابة برلمانية على المصروفات الحكومة. وأذعن الملك، لأنه كان خالي الوفاض، ولأن خطوة أخرى فد اتخذت نحوسيادة البرلمان الذي طالب كذلك بعزل كلارندون، لسوء معالجته للشؤون الخارجية. ولم يكن شار يكره عزله، لأن مستشاره كان يعارض تحركه في اتجاه التسامح الديني، وينتقد انغماسه مع الخليلات، ولم يكتف مجلس العموم باستنطقة كلارندون، فقدم اقتراحاً بمحاكمته بتهمة خضوعه الذليل لفرنسا. فاستمع كلارندون لنصيحة الملك، ولاذ بالفرار إلى القارة. وكانت خاتمة محزنة قاسية لرجل حفل سجل حياته بالخدمات. وكرم الشيخ الهرم منفاه بتدوين أجمل مؤلف تاريخي أخرجه الأدب الإنجليزي حتى ذاك اليوم. ووافته المنية في روان (على السين في شمال فرنسا) في 1674، وهوفي الخامسة والستين.

وعين الملك شارل (1668) خمسة رجال ليحلوا محل كلارندون: توماس كليفورد، إرل آرلنجتون، ودوق بكنجهام، ولورد آشلي (الذي أصبح على الفور إرل شافتسبري الأول) وإرل لودرديل. وكونت الحروف الأولى من أسمائهم لفظة " كابال Cabal" التي سميت بها الوزراة الجديدة. وكان كليفورد يعلن عن كثلكة، وكان آرلنجتون ميالاً إلى هذا الممضى، وكان بكنجهام خليعاً فاسقاً، وكان شافتسبري متسامحاً شكاكاً، أما لودرديل فكان من "رجال المواثيق" السابقين، وهوالذي فرض النظام الأسقفي بالنار والسيف، على مواطنيه الاسكتلنديين. واستمع شارل إلى آرائهم أومشوراتهم المتعارضة. ولكن تزايد، على مر الأيام اعتماده على نفسه والتزامه برأيه الخاص.

وكان للملك هدفان أساسيان: تجديد الملكية المطلقة وإقامة الكاثوليكية وحمل شأنها في إنجلترا. ونظر بعين الأمل إلى حتى الذي سيخلفه هوأخوه الكاثوليكي جيمس، وتبادل الرسائل مع زعيم اليسوعيين في روما، وأستقبل سراً مندوباً بابوياً قدم إلى لندن من بروكسل(137). وفي يناير 1669 أبلغ أخاه وكليفورد وآرلنجتون ولورد آرندل أنه يرغب في المصالحة مع كنيسة رومه،وفي إعادة جميع الإنجليز إلى الممضى القديم(138). حتى أخته هنريتا لم تكف يوماً على حتى تحضه على حتى يعلن في جرأة وشجاعة ارتداده إلى الكثلكة.

وفي مايو1670 أوفد لويس الرابع عشر هنريتا إلى إنجلترا وفي معييتها عدد من الدبلوماسيين الدُهاة، ليعاونوها على ربط شارل بسياسة فرنسية كاثوليكية. وفي أول يونيو1670 سقط كليفورد وآروندل وآرانجتون باسم إنجلترا معاهدة دوفر السرية. ووافق ملك فرنسا على حتى يدفعوا لشارل 150 ألف فرنك عند الإعلان ارتداده إلى الكثلكة. وتزويده، عند الاقتضاء، بستة آلاف جندي تتولى فرنسا الأنفاق عليهم، وكان على شارل حتى يدخل الحرب إلى جانب فرنسا ضد المقاطعات المتحدة عندما يطلب إليه ذلك. على حتى يتسلم من فرنس 225 ألف جنيه طيلة قيام الحرب، وكان لشارل حتى يستولي على بعض الجزر الهولندية وأن يحتفظ بها، كما كان عليه حتى يؤيد مطالب لويس الرابع عشر في حتى يرث أسبانيا(139). وإمعاناً في خداع البرلمان والشعب في إنجلترا، بعث شارل بدوق بكنجهام إلى باريس ليصوغ معاهدة صورية زائفة سقطت في 21 ديسمبر 1670 ونشرت على الملأ، تعهدت فيها إنجلترا بالاشتراك في الحرب ضد الهولنديين، ولكن لم يرد ذكر العقيدة الدينية.

وتلكأ شارل نحوخمسة عشر عاماً في إعلان تحوله إلى الكثلكة. ولوحتى أخاه أعرب تحوله إليها صراحة في 1670، ولكن آرل أنجلوت نفسه، وهوالذي يؤيد الكاثوليكية ويميل إليها، حذر الملك من إعلانه التحول إلى هذا الممضى -كما عمل أخوه- قد يعجل بقيام بثورة. ومهما يكن من أمر، فان شارل قد تحرك نحوهدفه بأن أصدره في 15 مارس 1652، إعلان التسامح الثاني، "لذوي الضمائر الرقيقة "يوقف فيه العمل" بكل القوانين العقوبات، أيا كانت في الأمور الكنسية، ضد المنشقين أوالمتمردين أوالمخالفين وفي الوقت نفسه أخلي سبيل جميع من كانوا أودعوا السجن بسبب مخالفتهم لتشريعات البرلمان في المسائل الدينية. وبذلك أطلق سراح مئات من المنشقين، من الكويكرز. وأوفد زعماؤهم وفداً عنهم لتقديم الشكر للملك. وصعق المشيخيون والبيويتانيون حين رأوا حتى الحرية الجديدة التي منحت لهم أمتد نطاقها لتضم الكاثوليك وأنصار تجديد العماد، كما فزع الأنجليكانيون من "أن البابويين والفرق الدينية ذوات المذاهب المتنوعة" يجتمعون علناً في لندن. ولمدة عام تام نعمت إنجلترا بالتسامح الديني أوشقيت به. وفي 17 مارس 1672 شنت إنجلترا الحرب الهولندية الثالثة. وتلك مسألة كان الملك والبرلمان كلاهما على اتفاق فيها. وأعتمد البرلمان 1250000 جنيه للحرب. على حتى يسلم هذا المبلغ للحكومة على أقساط كان من الواضح أنها تعتمد على استرضاء الملك للبرلمان وموافقته على تشريعات الدينية وأعرب مجلس العموم "أن قوانين العقوبات في المسائل الديني لا يمكن إبطال العمل بها إلا بقانون يسنه البرلمان. وطلب إلى الملك طلباً بسحب إعلان التسامح ومذ كان لويس الرابع عشر يتوق إلى حتى يرى إنجلترا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، تأييداً للحرب ضد الهولنديين، فإنه نصح الملك شارل بإلغاء إعلان التسامح حتى تنتهي الحرب على الفور، وأذعن شارل، والغي الإعلان فيثمانية مارس 1673. ومن المحتمل أنه في هذا الوقت، ترامت إلى زعماء البروتستانت أنباء معاهدة دوفر السرية أواشتموا رائحتها والرغبة في الحيلولة دون تحول الملك إلى الكثلكة، سن المجلسان كلاهما "قانون الاختبار" الذي ينص على أنه يجب على جميع أصحاب الوظائف المدنية والعسكرية في إنجلترا حتى يقسموا علناً على تخليهم عن النظرية الكاثوليكية التي تقوم ينحول خبز القربان والخمر إلى جسد المسيح ودمه وأن يتناولوا الأسرار المقدسة طبقاً للطقوس الأنجليكانية وكافح كليفورد هذا المشروع بضراوة، وبعد إقراره استنطق من الحكومة، وآوى إلى ضيعته، وما لبث حتى توفي انتحراً كما يظن ايفلين. أما شافتسبري فقد عضده بكل قوة، وعزل من الوزارة، فجعل من نفسه زعيماً" لحزب الريف" الذي ناهض، بعنف يقارب الثورة، "حزب البلاط" الذي كان يؤيد الملك. وبذلك قضي على الوزارة "الكابال" (1673). وأصبح آرل دنبي كبير الوزراء.

واعتزل جيمس جميع مناصبه الحكومية. وخفف من حدة المعارضة ضده بعض الشيء، أنه على الرغم من حتى زوجنه الأولى ارتضت الكثلكة ممضىاً من قبل، فإن ابنتيها- الملكة ماري والملكة آن فيما بعد -نشأتا على الممضى البروتستانتي. لكن زقابل آنذاك(30 سبتمبر 1663) من أميرة كاثوليكية أثار ضده حملة من أقسى الاتهامات. تلك هي الأميرة ماري مودينا التي دمغت بأنها "كبرى بنات البابا"، والمفروض أنها لا بد حتى تنشأ أولادها على الكاثوليكية. وفي الحال قدمت إلى البرلمان مشروعات قوانين تقضي بتنشئة أبناء الأسرة الملكة على الممضى البروتستانتي.

إن تطور الأحداث على هذا النحوأثار سخط إنجلترا على الحزب ضد القطاعات المتحدة وجعلها تحس بالمرارة، فلوحتى ملك إنجلترا كان كاثوليكياً لأنحاز إذا آجلاً أوعاجلاً إلى جانب فرنسا في تدمير الجمهورية الهولندية تدميراً، تلك الجمهورية التي لم تبد الآن منافساً تجارياً، بل بدت معقل البروتستانتية في القارة، فإذا سقط هذا الحصن الحصين فكيف يتسنى للبروتستنتية الإنجليزية حتى تثبت وأن تقاوم،يا ترى؟ وفوض شارل عن طيب خاطر، سير وليم تمبل في توقيع صلح منفرد مع الهولنديين. وفيستة فبراير 1674 سقطت معاهدة وستمنستر التي أنهت الحرب الهولندية الثالثة.

المؤامرة البابوية

وأعقبت هذه الأحداث فترة كادت حتى تتسم بالصفاء والتعقل. وحيث تسلم شارل من لويس الرابع عشر مبلغا إضافياً قدره 500 ألف كراون، فإنه عطل البرلمان المتعب من أجل، وعاد إلى عشيقاته. ولكن السياسة لم تتوقف. فان شافتسبري وغير من زعماء المعرضة أسسوا في 1675 "نادي الوشاح الأخضر". ومن هذا المركز نشر "حزب الريف" نادىيته دفاعاً عن البرلمان والبروتستانتية ضد ملك يتآمر على فرنسا الكاثوليكية، ووريثه الذي زف علنا زوجة كاثوليكية. وفي 1680 أطلق على رجال حزب الريف اسم Whigs ، وعلى المدافعين عن سلطة الملك Tories وبدا الملك شارل حتى شافتسبري "أضعف الرجال وأخبثهم(141)". ونطق عنه بيرنت "أن فهمه سطحي هزيل، وأن غروره سخيف، وأن عقليته تافهة(142)" ولكن جون لوك الذي عاش مع شافتسبري لمدة خمسة عشر عاماً رأى أنه مناضل باسل جرئ عن الحرية المدنية والدينية والفكرية ا الفلسفية. ونطق عنه بيرنت أنه يدين بالربوبية (ممضى طبيعي يقوم على العقل لا على الوحي) وقد يحق لنا حتى نرتاب في ديانته من قوله هونفسه "ليس للعقلاء من الرجال إلا دين واحد"، فلما سألته إحدى السيدات، وما هو، كان جوابه "أن عقلاء الرجال لا يفصحون عنه قط"(143).

وخفت حدة التوتر الديني بعض الشيء في 1667، حين تزوج وليم أورنج من ماري البروتستانتية كبرى بنات دوق يورك. فإذا ظل جيمس دون عقب ذكر، فان ماري يفترض أن تخلفه، في وراثة العرش، ومن ثم ترتبط إنجلترا بهولندا البروتستانتية بحكم المصاهرة، ولكن في 28 أغسطس 1686 مثل تيتس أوتس أمام الملك وأعرب أنه أكتشف "مؤامرة بابوية: ذلك حتى البابا وملك فرنسا ورئيس أساقفة أرماج واليوسوعيون في إنجلترا وأيرلندا وأسبانيا كانوا يدبرون اغتال شارل وخلع أخيه، وفرض الكاثوليكية في إنجلترا بحد السيف، وأن ثلاثة آلاف سفاح سيتولون ذبح زعماء البروتستانت في لندن، وأن لندن نفسها -قلعة البروتستانتية- كانوا يدبرون إحراقها عن آخرها.

كان أوتس، وهوآنذاك في التاسعة والعشرين من العمر، ابن أحد أنصار تجديد العماد. وكان قد أصبح قسيساً أنجليكانياً، ولكنه فصل من وظيفته الكنيسة \لسوء سلوكه(144). ثم قبل -أوتظاهر بقبول- التحول إلى الكثلكة. وكان قد تفهم في الكليات اليوسوعية في بلد الوليد (أسبانيا) وسانت أومر حيث فصل أيضاً. آخر الأمر(145)، وفي نفس الوقت، زعم الآن أنه كان قد اطلع على خطط الجوزيت السرية لغزوا إنجلترا. واعترف أنه شهد في 24 أبريل 1678 مؤتمراً يسوعياً في لندن، نوقشت فيه وسائل اغتال الملك. وعدة أسماء خمسة من النبلاء الكاثوليك، على أنهم مشهجرون في المؤامرة هم: أروندل، بويس، بتر، ستافورد، بللاسيس. وعندما أضاف أوتس بللاسيس هذا كان سيمين قائداً عاماً لجيش البابا، ضحك شارل ساخراً، حيث كان بلاسيس طريح الفراش بداء النقرس. وخلص الملك إلى حتى أوتس لفق السيرة كلها أملاً في الحصول على مكافأة، وصرفه من حضرته.

ولكن المجلس المخصوص ارتأى أنه من الحكمة حتى يفترض بعض الصدق في الاتهامات، واستدعى أوتس ليمثل أمامه في 28 سبتمبر. وخشي أوتس حتى يزج به السجن، فقصد إلى قاضي الصلح سيراد موند بري جودفري وأدعه اعترافاً خطياً مقروناً بقسم، فصل فيه المؤامرة تفصيلاً. وأصدر المجلس، متأنراً بهذه الأدلة، أوامر بالقبض على عدد من أنصار البابوية الذين تضمنهم اعتراف أوتس. وكان من بينهم أدوارد كزلمان الذي كان لعدة سنوات (حتى عزل بأمر من الملك) سكرتير دوقة يورك. وأحرق كولمان بعض أوراقه قبل القبض عليه، ولكن الأوراق التي لم يكن لديه متسع من الوقت لإحراقها أوضحت حتى كولمان والأب لاشيز لويس الرابع عشر، تبادلا من الرسائل ما يعبر عن أمل الطرفين (شارل ولويس) في حتى تصبح إنجلترا كاثوليكية في أسرع وقت وفي هذه الرسائل أقترح كولمان حتى يرسل إليه "لويس الرابع عشر أموالاً ليكسب بها أعضاء البرلمان إلى جانب قضية الكثلكة، ثم أضاف "أن نجاحنا يفترض أنقد يكون ضربة شديدة للعقيدة البروتستانتية، لم تتلق مثلها منذ نشأتها .... تلك هي تحول ثلاثة ممالك. ون ثم، فربما كان في هذا القضاء التام على هذه الهرطقة الوبيلة(146) إذا إعدام كولمان لمعظم أوراقه حدا بالمجلس إلى الاعتقاد بأن كولمان على فهم بالمؤامرة التي وصفها أوتس، وربما كان شريكاً فيها. واستنتج شارل نفسه من تلك الرسائل، وجود مؤامرة حقيقية بشكل ما.

وفي 12 أكتوبر اختفى القاضي جودفري، وبعد خمسة أيام وجدت جثته في أحد الحقول في الضواحي. وبات من الواضح أنه قتل. بيد عملاء مجهولين، ولأسباب غير معروفة حتى الآن، ولكن البروتستانت نسبوا القتل إلى الكاثوليك الذين كانوا يأملون في الحيلولة دون نشر اعترافات أوتس. ويبدوحتى هذا الحادث أكد الاتهامات. وفي هذا الجوالذي سادته الريبة وعدم الثقة، الذي خلقته معاهدة دوفر السرية، والخوف من اعتلاء جيمس عرش إنجلترا، كان طبيعياً حتى تصدق إنجلترا البروتستانتية آنذاك جميع ما اتى على لسان أوتس من اتهامات، وأن يعتريها نوبة من الجنون بدمعها حتى حماية البروتستانت تتطلب اعتنطق جميع فرد من أورد أوتس ذكرهم في المؤامرة، إذا لم يكن إعدامهم.

وبدأت فترة من حكم من حكم الإرهاب امتدت لنحوأربع سنوات. وفر جيمس إلى الأراضي الوطيئة وتسلح أهالي لندن استعداد لمقاومة أي غزومتسقط. ونصبت المدافع في هويتهول. واتخذ الحراس أماكنهم في الأقبية والسراديب تحت مبنى البرلمان بمجلسية ليحولوا دون "مشروع بارود" آخر لنسف المبني. وأقر البرلمان قانوناً لطرد الكاثوليك من مجلس اللوردات، وكرم أوتس بوصفه "مخلص الأمة" وكافأه بتخصيص معاش سنوي له قدره 1200 جنيه لمدى الحياة ومنحه مسكناً في قصر هويتهول. وسرعان ما ازدحمت السجون باليسوعيين والكهنة غير المنتسبين إلى رهبنات، والكاثوليك الفهمانيين الذين أورد ذكرهم أوتس أووليم بدلوالذي ظهر، مدعياً الفهم لأشياء تؤكد صحة اتهامات أوتس.

وفي 24 نوفمبر وضع أوتس أمام اتهاماً جديداً مروعاً، ذلك أنه كان قد سمع الملكة تبدي موافقتها على اغتال زوجها بالسم، بيد طبيبها الخاص. وهنا أخذه شارل بهذه الكذبة الصارخة. وفقد ثقته في أقواله كلها، وأمر بالقبض عليه. ولكن مجلس العموم أمر بالإفراج عنه، وبالقبض على ثلاثة من خدم الملكة. واقترع على إصدار بيان يطالب بعزلها. وقصد الملك إلى مجلس اللوردات ودافع عن إخلاص زوجته وولائها، وأقنع اللوردات بالامتناع عن الموافقة على بيان النواب. وفي 27 نوفمبر حوكم كولمان وكاثوليكي فهماني آخر،وثبتت إدانتهما وأعداما. وفي 17 ديسمبر أعدم ستة من اليسوعيين وثلاثة من الكهنة المنتسبين إلى رهينات. وفيخمسة فبراير 1679 شنق ثلاثة رجال بتهمة اغتال جودفري. وثبت فيما بعد براءة هؤلاء الاثني عشر.

وتزايدت الحملات اقتراباً من الملك، ففي 19 ديسمبر 1678 تلقى البرلمان من باريس أنباء تفيد حتى دانبي كان قد تسلم من لويس الرابع عشر مبالغ طائلة من المال. ورفض لوزير إيضاح أنها كانت إعانات فرنسية للملك. ووجه مجلس العموم الاتهام إلى الوزير. وخشي الملك الحكم على مستشاره قد التأم بالإعدام، فحل، وفي 24 يناير 1679 "برلمان الفرسان" الذي كان قد التأم على فترات متبترة، ولمدة ثمانية عشر عاماً، أي أنه كان أطول من "البرلمان الطويل". ولكن برلمان "الهويج" الذي اجتمع فيستة مارس، كان في عدائه للكاثوليكية وللملك، أشد اندفاعاً وتحمساً من البرلمان السابق. واتهم مجلس العموم دانبي بالخيانة العظمى، ولكن اللوردات أنقذوه بزجه في سجن لندن، حيث قضى فيه، في هدوء وقلق، السنوات الخمس المضطربة التالية. وبناء على نصيحة سير وليم ثمبل، عين شارل مجلساً جديداً من ثلاثين عضواً، بينهم-رغبة في تخفيف حدة المعارضة-زعيماً حزب الهويج: شافتسبري رئيساً للمجلس. وسعياً وراء المزيد من تهدئة لعاصفة، عرض الملك على البرلمان تسوية بديلة لاستبعاد أخيه عن العرش: ألا يسمح لأي كاثوليكي بمقعد في البرلمان أوبتولي منصب قيادي يحتاج الثقة، وألاقد يكون للملك حق التعيين في المناصب الدينية، وأن يخضع تعيين القضاء لموافقة البرلمان. وأنقد يكون للبرلمان حق الرقابة والإشراف على القوات البرية والبحرية(147). ولكن البرلمان أحس بشيء من الارتياب وعدم الثقة في موافقة جيمس على مثل هذه الاتفاقية. وفي 11 مايوقدم شافتسبري نفسه أول مشروع قانون لاستبعاده (جيمس) في تعبير واضحة جلية لا لبس فيها "إسقاط حق دوق يورك في وراثة التاج الإمبراطوري لهذه المملكة".وكان موضع فخر وشرف للبرلمان أنه في 26 مايوتوسع في حق التحقيق في قانونية الاعتنطق: بمعنى أنه يمكن الإفراج بكفالة عن أي سجين، فيما عدا المتهمين بالخيانة أوبجناية، وفي مثل هذه الحالة ينبغي حتى يحاكم المتهم في الدورة التالية للمحكمة، وألا أطلق للمحكمة، وألا أطلق سراحه.وكان ينبغي حتى يحاكم حتى تنتظر 110 سنوات حتى تنعم بضمانات مماثلة ضد الاعتنطقات التعسفية.وفي 27 مايوخشي الملك إقرار "مشروع قانون الاستبعاد" فحل البرلمان.

ولم يكن حق التحقيق في قانونية الاعتنطق مجدياً بالنسبة لأنصار البابوية الذين اتهمهم أوتس، لأنهم حوكموا مع شيء من التباطؤ، حتى إذا أدينوا بالخيانة أعدموا في سرعة غاضبة، وحشد الكثير منهم إلى المقصلة أوساحة الإعدام طيلة عام 1679، وكانت محاكمتهم سريعة جداً لأن القضاة الذين روعتهم صيحات الجموع المتعطشة للدماء خارج المحكمة، أدانوا كثيراً من المدعي عليهم دون تمحيص الأدلة أولقاءة الشهود بعضهم بعض. وهب الشهود المزيفون الذين أغراهم ما أغدق على اوتس من مكافأة،وكأنما هبوا من مرقدهم، وأقسموا بأغلظ الإيمان على ما يقولون: فروي أحدهم حتى جيشاً من ثلاثين ألفاً كان قادماً من أسبانيا، ونطق آخر أنهم وعدوه بخمسمائة جنيه وبضمه إلى قائمة القديسين إذا هوأطاح برأس الملك، وذكر شاهد مزيف ثالث بأنه كان قد سمع أحد رجال المصارف الكاثوليك الأثرياء يأخذ على نفسه عهد بأن يقوم بمثل هذا العمل(148). ولم يسمح للمتهم بأي محام أومستشار قانوني. ولم يبلغ بما نسب إليه إلا في يوم المحاكمة.وكان يفترض أنه ممضى حتى يستطيع حتى يثبت براءته(149). وحتى تسهل الإدانة أحيوا قانوناً قديماً كان معمولاً به في عهد اليزابيث: وهوحتى وجود أي كاهن في إنجلترا جريمة عقوبتها الإعدام. وكانت الجموع المحتشدة حول مبنى المحكمة تصرخ وتولول في وجوه شهود الدفاع استهجاناً، وتقذفهم بالحجارة، ويهتفون ويهللون فرحاً عند إعلان الحكم بالإدانة(150).

فتوكل هذا في عضد شارل،وكان امتحاناً قاسياً للملك الذي غمرته يوماً البهجة والفرح، والذي رأى الآن جميع آماله تنهار، وسلطاته تنتقص،وزوجته تعاني الإذلال، وأخاه يبوء بالاحتقار والازدراء وينحى. وفي ذروة العاصفة خر شارل مريضاً سقماً خطيراً حتى تسقطوا موته بين ساعة وأخرى, واستدعى هاليفاكس جيمس من بروكسل، ولكن زعماء الهويج أمروا الجيش بالحيلولة دون عودته. واتفق شافتسبري ومونمورث ولورد رسل ولورد جراي على أنهم-في حالة وفاة شارل-، سيتزعمون عصياناً مسلحاً لمنع أخيه من ارتقاء العرش(151). وتظاهر شارل بأنه أبل من سقمه، وابتسم للمخاوف التي ساورت جني أعداءه الذين تسقطوا موته.والحق أنه لم يبرأ من علته قط.

وبقي العداء للكاثوليك على أشده حتى تخبط أوتس أثناء محاكمة سير جورج ويكمان طبيب الملكة. ففي شهادته أمام المجلس كان قد برأ الطبيب، ولكنه في المحاكمة اتهمه بتدبير دس السم للملك. واكتشف هذا التناقض في الأقوال قاضي سكرجوز الذي تجاوز له حتى تولى محاكمة الكاثوليك بمنتهى الشدة.وصدر الحكم ببراءة ويكمان، ومن ثم سارت شهادة أوتس تسمع في مزيد من التدقيق، وامتنع الشهود المزيفون الذين كانوا يعززون أقواله، عن مساندته. وكان إعدام أوليفر بلنكت رئيس أساقفة آرماج الكاثوليكي،آخر إجراءاتكم في حركة الإرهاب التي قامت ضد الكاثوليك (1 يوليو1681). ولما خفت وطأة الرعب والانفعال تأكد لدى بعض عقلاء الرجال حتى أوتس، عن طريق الريب التي لا تستند إلى أساس من ناحية ومن ناحية أخرى عن الأكاذيب، عجل بإرسال كثير من الأبرياء إلى الموت قبل الأوان. وانتهوا إلى أنه لم يسكن ثمة تدبير لقتل الملك أوذبح البروتستانت أوإحراق لندن. ولكنهم أحسوا بأنه كانت هناك مؤامرة حقيقية، كاثوليكية، وأن لم تكن "بابوية": تلك هي حتى أركان الحكومة دبروا، أوراودهم الأمل، بمساعدة أموال (أوجنود إذا لزم الأمر) من فرنسا، حتى يقضوا على عجز الكاثوليك وعدم أهليتهم الشرعية في إنجلترا، ويحولوا الملك إلى الكاثوليكية، ويثبتوا حق أخيه الذي تحول عملاً في ارتقاء العرش، ويستخدموا حتى جميع هذا تضمنته معاهدة دوفر السرية التي سقطت من قبل في 1670 وكان شارل قد تراجع عن هذه الاتفاقية. ولكن رغباته لم تتبدل ولم يتخل عنها قط،وظل مصمماً على حتى يعتلي أخوه عرش إنجلترا ويكون ملكاً عليها.

السنوات الأخيرة

Half-Crown of Charles II, 1683. The inscription reads CAROLUS II DEI GRATIA (Charles II by the Grace of God).

أما شافتسبري فقد وطد العزم على نقيض ما يبتغيه الملك. لقد اعترف كولمان أثناء محاكمته بأن جيمس فهم أمر المراسلات المتبادلة بينه وبين الأب لاشيز، وأقرها(152). وأحس شافتسبري بأن ارتقاء جيمس عرش إنجلترا لا بد حتى يحقق الفترة الأولى من "المؤامرة البابوية" وعرض حتى يساند شارل ويقف إلى جانبه إذا هوطلق الملكة العقيم وتزوج من بروتستانتية قد ينجب منها ابناً بروتستانتياً. وأبى شارل حتى يدع كاترين دي براجانزا تكرر الدور الذي لعبته كاترين أوف أراجون. فولى شافتسبري وجهه شطر دوق مونمورث الابن غير الشرعي للملك، الذي لم يغفر قط أبيه خداعه وإبعاده عن العرش بتقصيره في الزواج من أمه. ونشر شافتسبري فكرة حتى شارل كان بالعمل قد تزوج من لوسي والتر، وأن دوق مونمورث هوالوريث الشرعي للعرش. فما كان من شارل إلا حتى كذب هذا بإعلانه أنه لم يتزوج قط إلا من كاترين أوف براجانزا، وإذ عثر حتى شافتسبري خصم عنيد، فإنه أقصاه عن مجلس المخصوص (13 أكتوبر 1679).

وأثناء توالي الأزمات ولمحن على هذا النحوكاد شارل حتى يبدل من خلقه ومن شخصيته، فودع حياة البهجة والدعة. وباع أسطبلاته، وانصرف بكليته إلى الإدارة والسياسة، وحارب أعداءه بتراجع محكم التدبير،حتى جاوزوا حدودهم فانتهوا إلى الفشل إذا الملك في سنواته الخمس الخيرة أبدى من قوة العزيمة والمقدرة ما أدهش حتى الأصدقاء.وإذ عاودته الطمأنينة والثقة فقد نادى برلمانه الرابع.

واجتمع البرلمان في 21 أكتوبر 1680.وأقر مجلس العموم في شهر نوفمبر "مشروع قانون الاستبعاد" الثاني، وقدم إلى مجلس اللوردات. وهنا تحول هاليفاكس الذي كان يصوت حتى تلك اللحظة إلى جانب "حزب الهوبج" نقول تحول الآن إلى جانب الملك، وبدأ يحظى بقلب "القلب الحول" ويزهوويختال به. إنه كان يبغض جيمس ويرتاب في الكاثوليكية، ولكنه اتفق مع شارل في ضرورة الإبقاء على مبدأ الملكية الوراثية. كما خشي حتى يقود شافتسيرى إنجلترا إلى حرب أهلية ثانية(153). ومن ثم فإنه بفصاحته ومنطقه في المناقشة الطويلة التي جرت بشأن "مشروع قانون الاستبعاد" أقنع اللوردات برفض المشروع. ورد مجلس العموم على هذا، برفض الموافقة على أية اعتمادات مالية للملك، وحظر على التجار والمصارف إقراضه أية أموال، وحاكم هالي فاكس وسكروجز وفيكونت ستافورك وهوأحد اللوردات الخمسة المعتقلين في سجن لندن. وحكم على ستافورك بالإعدام بناءً على شهادة أوتس، وضرب عنقه فيسبعة ديسمبر. وفض الملك البرلمان في 18 يناير 1681.

Since 1692, a statue of Charles II in ancient Roman dress (created by Grinling Gibbons in 1676) has stood in the Figure Court of the Royal Hospital Chelsea.

وبدلاً من حتى يضحي شارل بأخيه بسبب حاجته إلى المال، اعتزم شارل حتى يمول الحكومة بأن يصبح من حديث أسيراً للملك الفرنسي لويس الرابع عشر. وارتضى حتى ينظر في شيء من التجلد ورباطة الجأش إلى سياسة فرنسا العدوانية، لقاء 700 ألف جنية(154)- وهومبلغ يغنيه لمدة سنوات عن إعانات البرلمان وإعتماداته. فلما أحس بالقوة نادى برلمانه الخامس. ولكي يحرمه من تأييد جمهور لندن وقوات الطوارئ فيها، فإنه، أي الملك أمر باجتماعه في أكسفورد.وهناك التقى الجمعان مدججين بالسلاح: شارل مع عدد كبير من حرسه، وزعماء الهويج مع أتباعهم حاملين السيوف والمسدسات رافعين أعلاماً خط عليها "لا بابوية ولا عبودية" وأقر مجلس العموم في الحال "مشروع قانون الاستبعاد" الثالث، ولكن قبل حتى يصل المشروع إلى مجلس اللوردات حل شارل البرلمان (28 مارس 1681).

وتسقط كثير من الناس حتى يلجأ شافتسبري الآن إلى الحرب الأهلية. أما الرأي العام الذي استرجع في ذاكرته أحداث 1642-1660 فقد تحول عنه وانحاز إلى صف الملك. ودافع رجال الكنيسة الأنجليكانية دفاعاً مجيداً عن حق جيمس الكاثوليكي في ارتقاء العرش. وعندما حاول شافتسبري حتى يعيد تنظيم صفوف النواب المشتتين في ميثاق ثوري(155)، أمر شارل باعتنطقه، ولكن هيئة المحلفين برأته (24 نوفمبر) وعلى الرغم من أنه كان آنذاك مريضاً بدرجة لا يكاد معها يقوى على المشي، فإنه انضم إلى دوق مونموث في ثورة علنية(156). وأمر الملك باعتنطقهما كليهما وهرب شافتسبري من سجن لندن، وفر إلى هولندا، وهناك وافته منيته (21 يناير 1683) بعد حتى أنهكته الأحداث، ولكنه خلف وراءه صديقة لوك، ليتابع في مجال الفلسفة، المعركة التي لم يخط لها لبعض الوقت التوفيق في ميدان السياسة. وصفح شارل عن مونموث، ولكنه لم يغتفر قط للمحلفين في لندن تبرئتهم لشافتسبري. والآن وقد تحول الملك النشوان إلى إنسان آخر، وكان متطرفاً في تحوله هذا، فإنه عقد العزم على تحطيم استقلال المدن التي ترعرعت فيها فكرة الهويج (الأحرار) بل الفكرة الثورية، فأمر بمراجعة المواثيق والعهود القوانين التي هيأت للأجهزة البلدية الخروج على الإرادة الملكية، ووجد بالعمل في هذه بعض النقص والخلل من الوجهة التشريعية، فأعرب إلغاؤها جميعاً، وصدرت عهود وقوانين جديدة تنص على حتىقد يكون للملك حق الاعتراض وحق عزل جميع الموظفين الذي ينتخبون لهذه الهيئات البلدية (1683). وخضعت الآن حرية الكلام وحرية الصحافة لقيود جديدة، وبدأت موجة اضطهاد المنشقين - لا الكاثوليك: لأن معظم المنشقين كانوا من الأحرار (الهوبج). وفي إسكتلندة قاد جيمس حملة التعذيب بنفسه، وبدا حتى فوز حقوق الملك على إصلاحيات البرلمان بات فوزاً ساحقاً كاملاً، وأن إنجازات الثورة الكبرى كان واضحاً أنه ينبغي التضحية بها في نكسة أورد عمل تؤيده أمة تخشى تجدد الحرب الأهلية. وعكس هاليفاكس شعور البلاد حين تخلى عن شافتسبري، وإنجاز بحكمته المعتدلة البعيدة عن التطرف إلى جانب الملك ليكون في خدمته (1682-1685) فكان حامل الأختام الملكية.

وقام أتباع شافتسبري بمحاولة أخيرة. ففي يناير 1687، اجتمع دوق مونموث وإرل اسكس وإرل كارليل، ووليم لورد رسل وألجرنون سدني في دار جون همدن (حفيد بطل الحرب الأهلية) ورسموا الخطط لتطويق جيمس والتغلب عليه، وقتل شارل إذا لزم الأمر وراود سدني أمل التقديم إلى خطوة أبعد، وهي إعادة إقامة الجمهورية الإنجليزية. وكان حفيد أحد أخوة سير فيليب سدني (رئيس الفروسية)، وحارب في صف البرلمان أثناء الحرب الأهلية وجرح في مارستن مور. وعين عضواً في اللجنة التي شكلت المحاكمة شارل الأول، ولكنه رفض العمل بها على اعتبار حتى الشعب لم يمنح اللجنة سلطة محاكمة الملك. وألقى نفسه في القارة حين عادت الملكية، فظل بها، مشغولاً بدراساته وأبحاثه، وتدبير المؤامرات ضد شارل الثاني وفي الحرب الهولندية الثانية حرض الهولنديين في غزوإنجلترا، وعرض خدماته على الحكومة الفرنسية ليشعل نار الثورة في إنجلترا إذا أمدته الحكومة الفرنسية بمائة ألف كراون(157). وفي 1677 جاز له شارل بالعودة ليشهد وفاة والده، وبقي في إنجلترا وانضم إلى "حزب الريف" (الأحرار، الهويج). وفي كتابه "منطقات عن الحكومة" (الذي خط 1681 ولم ينشر إلا في 1688) دافع سدني عن المبادئ شبه الجمهورية، واستبق لوك في مهاجمته دفاع فلمر عن حقوق الملوك الإلهية، وأكد حق الشعب في محاكمة الملوك وخلعهم. ومن الواضح حتى سدني ورسل، كليهما تسلما أموالاً من الحكومة الفرنسية التي كان يهمها حتى يظل شارل مشغولاً بمشاكله الداخلية(158).

وصح عزم "مجلس الستة" على أسر الملك. وكان معروفاً أنه سيشهد سباق الخيل في شهر مارس في نيوماركت. وكان لابد له، لدى عودته إلى لندن من حتى يمر "براي هاوس" في هودزدون في شمال المدينة، فتقرر حتى تسد عربة محملة بالحشائش الجافة الطريق في هذا المكان، ومن ثم يمكن أسر الملك وربما أسر أخيه معه كذلك، حيين أوميتين. ولكن في 22 مارس شب حريق في ميدان السباق، وانتهت المسابقات قبل موعدها المقرر بأسبوع، وعاد الملك سالماً إلى لندن قبل حتى يعد المتآمرون عدتهم. وخشي أحدهم افتضاح الأمر وراوده الأمل في العفو، فأفضى بسر المؤامرة إلى الحكومة (12 يونيه). وقبض على كارليل فأكد الاعتراف وعفوا عنه. واحتج مونموث بأنه برئ، وعلى الرغم من حتى شارل على فهم اليقين حتى ابنه كاذب فيما يقول، فإنه ألغى أمر اعتنطقه. أما رسل فحوكم وثبتت إدانته وأعدم (21 يوليه 1683). وانتحر اسكس في السجن. وعندئذ نطق الملك "ما كان له حتى يقنط من الرحمة، فإني مدين له بحياة(159)" فقد توفي أبوه من قبل من أجل شارل الأول. وشنق عدد من صغار المشهجرين في "مؤامرة راي هاوس" وأخذ سدني بجرم لم يقم عليه مرشد كاف من الناحية القانونية، ودافع عن نفسه دفاعاً مجيداً، وقابل الموت بصدر رحب (7 ديسمبر). وكان شعاره "يدي هذه هي عدوة الطغاة".ولكنه كان قد اختار سيفاً ذا حدين. ونطق وهوعلى المشنقة بحدثات تستحق الذكر: "إن الله هجر للشعوب حرية إقامة الحكومات كما تشاء(106)". ورفض أية طقوس دينية قائلاً أنه سلام مع الله عملاً.

لقد انتصر شارل ولكنه كان مشرفاً على النهاية، ونعم، مع جهد مضن، بشعبية جديدة، وكانت اقتصاديات إنجلترا قد ازدهرت في عهده، أما الآن، والبلاد تتطلع إلى هدوء سياسي، فقد ركنت إلى ملك كان يمثل بقاء الأمة ونظامها، ولوكان معنى هذا لفترة من الزمن "ملكاً كاثوليكياً". وغفرت إنجلترا لشارل أخطاءه، حين رأته ينهار ويذبل قبل الأوان. واتفقت معه، بعض الشيء، على حتى الحكومة الانتخابية - لا الملكية الوراثية - منادىة للاضطراب والهرج اللذين يصاحبان انتخاب الحاكم عندما يحين موعده. واحترمت فيه إخلاصه لأخيه، حتى في الوقت الذي حزنت فيه لنتيجة هذا الإخلاص، ورأت جيمس منتصراً، ورأته ثانية قائداً أعلى للأسطول، يتعقب أعداءه ليثأر منهم. وفي يناير 1685 حمل جيمس دعوى مدنية ضد تيتس أوتس يطالبه فيها بتعويض قدره مائة ألف جنيه. وكسب جيمس القضية. ولما كان أوتس عاجزاً عن الدفع فقد أودع السجن. ونطق شارل في حزن بالغ "لست أدري ماذا سيعمل أخي عندما ينتهي الأجل وأفارق الحياة. أخشى ما أخشاه أنه عندما يأتي ليضع تاج الملك على رأسه، حتى يرغم على العودة من حيث أتى. على أني سأعني العناية كلها بأن أهجر له مملكة يسودها السلام، وكل أملي حتى يحتفظ لها بهذا السلام لأمد طويل. ولكن هذا يثير جميع مخاوفي، ولست أؤمل فيه كثيراً، بل لا يكاد أمل يدور بخلدي أنه سيتحقق(161)". ولما اعترض جيمس على تجول شارل حول لندن راكباً عربته دون حرس، أمره شارل حتى يهدئ من روعه: "لن يقتلني أحد ليجلسك أنت على العرش(162)".

ولا بد أنه اعترض على الأطباء. فإنه في 2 فبراير 1685 أصيب بحالة تشنج واضطراب شديدة، شوهت وجهه، وجعلت فمه، يرغى، وأجرى له دكتور كنج عملية فصد بشق أحد الأوردة. وكان لهذا نتيجة طيبة. ولكن مرافقي الملك استدعوا ثمانية عشر طبيباً آخرين ليشخصوا الداء ويصفوا الدواء. وطيلة خمسة أيام في عذاب اليم، استسلم الملك للحملة التي جردوها عليه مجتمعين. فبزلوا أوردته، ووضعوا كؤوس الحجام إلى كتفيه. وقصوا شعره ليزيلوا البثور والقروح من جلدة رأسه، ووضعوا على باطن قدميه لصوقاً من القاروروث الحمام. ونطق مؤرخ طبيب "ولكي يزيلوا النزوات من مخه نفخوا في أعلى خياشيمه الخريق (وهوعشب جميل الزهر) ثم جعلوه يعطس. ولكي يتقيأ صبوا في حلقه الأنتيمون وسلفات الزنك. ولتنظيف أمعائه أعطوه مطهرات قوية، وعدداً من الحقن الشرجية في تعاقب سريع(163).

ونادى الملك الذي يحتضر زوجته التي عاشت في شقاء عقيم، ولم يدرك أنها جاثية في أسفل الفراش تدلك قدميه. في أربعة فبراير قدم له بعض الأساقفة الأسرار الدينية الأخيرة وفقاً للطقوس الأنجليكانية، ولكنه رجاهم حتى يكفوا، ولما سأله أخوه، هل يريد كاهناً كاثوليكياً أجاب "نعم، نعم، من جميع قلبي(164)" فأوفدوا في طلب الأب جون هدلزتون الذي كان قد أنقذ حياة شارل في معركة وورسيستر، كما حتى شارل كان قد أنقذ حياة الأب جون أيام "الإرهاب البابوي" وأعرب شارل اعتناقه للممضى الكاثوليكي، واعترف بذنوبه وخطاياه، وعفا عن أعدائه وطلب المغفرة من الجميع. ومسحوه مسحاً تاماً بالزيت المقدس، وتلقى الأسرار المقدسة. وطلب الصفح والعفو، بخاصة من زوجته، ولكنه كذلك أوصى أخاه خيراً بالسيدة لويز كيرووال وأبنائه (منها) طلا تهجر تلك المسكينة تتضور جوعاً(165)" واعتذر لمن حوله عن أنه قضى مثل هذا الوقت الطويل بشكل غير معقول، وهويعاني سكرات الموت(166).

وعندما ظهر اليوم السادس من فبراير، كان دوق يورك ملكاً.

الألقاب والأساليب والتشريفات والأسلحة

الألقاب والأساليب

  • 29 مايو1630 – مايو1638: دوق كورن وول
  • مايو1638 – 30 يناير 1649: أمير ويلز
  • 30 يناير 1649 –ستة فبراير 1685: جلالة الملك
    • في سكتلنده: His Grace الملك
Royal styles of
تشارلز الثاني من إنگلترة

Reference style جلالته
Spoken style جلالتك
Alternative style Sire
Royal styles of
تشارلز الثاني, من اسكتلندا

Reference style His Grace
Spoken style Your Grace
Alternative style Sire

النسب


ملاحظات

  1. ^ From the death of his father to his defeat at the Battle of Worcester
  2. ^ The traditional date of the Restoration marking the first assembly of King and Parliament together since the abolition of the monarchy in 1649. The English Parliament recognised Charles as King of England by unanimous vote on the 2 May 1660, although royalists had recognised him as such since the death of his father on 30 January 1649. During Charles's reign all legal documents were dated as if his reign had begun from his father's execution in 1649.

المصادر

  • "Charles II (r. 1660–85)". The official web site of the British Monarchy. Retrieved 2007-09-07.
  • Fraser, Antonia (1979). King Charles II. London: Weidenfeld and Nicolson. ISBN .
  • Hutton, Ronald (1989). Charles II: King of England, Scotland, and Ireland. Oxford (England): Clarendon Press. ISBN .
  • Miller, John (1991). Charles II. London: Weidenfeld and Nicolson. ISBN .
  • Seaward, Paul (September 2004; online edn, May 2006), "Charles II (1630–1685)", Oxford Dictionary of National Biography (Oxford University Press), doi:10.1093/ref:odnb/5144, http://www.oxforddnb.com/view/article/5144, retrieved on 2007-09-07 

قراءات إضافية

  • Abbott, Jacob (1849). History of King Charles the Second of England. Available at Project Gutenberg, Retrieved on 2007-05-18
  • Harris, Tim (2005). Restoration: Charles II and his kingdoms, 1660–1685. London: Allen Lane. ISBN .
  • Jones, J. R. (1987). Charles II: Royal Politician. London.
  • Keay, Anna (2008). The Magnificent Monarch: Charles II and the Ceremonies of Power. London: Hambledon Continuum. ISBN .
  • Kenyon, J. P. (1957), "Review Article: The Reign of Charles II", Cambridge Historical Journal XIII: 82–86 
  • Miller, John (1985). Restoration England: the reign of Charles II. London: Longman. ISBN .

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بتشارلز الثاني من إنگلترة، في فهم الاقتباس.
  • Archival material relating to تشارلز الثاني من إنگلترة listed at the UK National Register of Archives
تشارلز الثاني من إنگلترة
بيت ستوارت
وُلِد: 29 مايو 1630 توفي:ستة فبراير 1685
ألقاب ملكية
سبقه
تشارلز الأول
Succession interrupted
by the English Interregnum
ملك إنگلترة
1660 – 1685
تبعه
جيمس الثاني والخامس
ملك اسكتلندا
1649 – 1651
1660 – 1685
ملك ايرلندا
1660 – 1685
الملكية البريطانية
سبقه
اليزابث ستوارت
Heir to the English, Scottish and Irish Thrones
as heir apparent
29 May 1630 – 30 January 1649
تبعه
جيمس الثاني من إنگلترة
مناصب سياسية
سبقه
دوق يورك
later became King Jamesأصبح بعد ذلك الملك جيمس الثاني
Lord High Admiral
1673
تبعه
الأمير روربت من الراين
سبقه
The Earl of Nottingham
بصفته First Lord of the Admiralty
Lord High Admiral
1684 – 1685
تبعه
الملك جيمس الثاني
نبيل إنگليزي
سبقه
تشارلز الأول
أمير ويلز تبعه
جيمس فرانسيس ادوارد ستوارت
ألقاب المطالبة
فقدان اللقب — حامل لقب —
ملك إنگلترة
1649 – 1660
{{{reason


تاريخ النشر: 2020-06-04 16:50:43
التصنيفات: Articles which use infobox templates with no data rows, Pages using infobox monarchy with unknown parameters, ستيوارت, ملوك إنگليز, ملوك اسكتلنديون, مطالبين بعرش مملكة فرنسا (پلانتاجنيه), أمراء إنگليز, أمراء اسكتلنديون, أشخاص من الحرب الأهلية الإنگليزية, Lord High Admirals, فرسان الرباط, إنجليز من أصل فرنسي, إنجليز من أصل اسكتلندي, كاثوليك إنگليز, أمراء ويلز, دوقات كورنوال, Dukes of Rothesay, زملاء الجمعية الملكية, أشخاص من وستمنستر, أنگليكان تحولوا للكاثوليكية, مدفونون في كنيسة وستمنستر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مصطفى حجاج يقدم أغنيته الجديدة "عملنا قيمة" خلال حفله بمهرجان القلعة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:41
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 50%

مجلس النواب الليبي والدولة يناقشان النقاط الخلافية حول قواني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:22:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

البابا تواضروس يحضر احتفالية عرض فيلم “التلميذ”

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:07
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

الأنبا أبرآم يسيم قمامصة ويجتمع بمجمع آباء كهنة الفيوم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:11
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

“النقل” تصدر بيان بشأن حادث ميل أحد الفنادق العائمة بالأقصر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:13
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

وكيل كولر: مارسيل يتعامل مع الأهلى كأنه صاحب النادى حبا فى الكيان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:37
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 36%

سكن كريم ووحدات صحية.. إنجازات "حياة كريمة" فى قرى الصف وأطفيح (فيديو)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 43%

موسى مصطفى موسى: نؤيد الرئيس السيسي لتحقيقه الإنجازات والاستقرار

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:50
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 36%

الإعصار إيداليا يشتد ويتجه نحو فلوريدا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:56
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 55%

محمد غرابة لـ"OnTime": الكاف سبب الأزمة بين الأهلى والمنتخب وسنصل لحل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:45
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 44%

صور مبهرة لظاهرة ذراع المجرة "درب التبانة" بسماء الفيوم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:35
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 36%

هل تم العثور على كائنات حية بكوكب المريخ وناسا قتلتها بالخطأ؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:21:38
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 49%

باكستان.. إلغاء حكم بالسجن 3 سنوات بحق عمران خان

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-30 00:12:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية