العملية بوكسر

عودة للموسوعة

العملية بوكسر

معركة لسان بورتوفيق الجوية
Operation Boxer
جزء من حرب الاستنزاف
التاريخ 20–28 يوليو1969
المسقط
قناة السويس
النتيجة فوز مصري تكتيكي
الخصوم
إسرائيل مصر
القادة والزعماء
حاييم بار-لڤ
مردخاي هود
أحمد إسماعيل علي
الخسائر
2 طائرة مقاتلة 300 قتيل
8 aircraft

معركة لسان بورتوفيق أوالعملية بوكسر (20 يوليو1969)، هي غارة جوية قامت بها القوات الجوية الإسرائيلية على امتداد قناة السويس في يوليو1969. وكانت من أكبر العمليات التي قامت بها القوات الجوية الإسرائيلية منذ حرب 1967، ومؤشراً لفترة جديدة في حرب الاستنزاف.

خلفية

بالرغم من النصر الحاسم الذي حققته إسرائيل في حرب 1967، ولمقد يكون هناك محاولات دبلوماسية في السنوات الحلاقة لحل قضايا صميم النزاع العربي الإسرائيلي. في سبتمبر 1967، صاغت الدول العربية سياسة البنود الثلاثة، منع السلام، الاعتراف أوالتفاوض مع إسرائيل، واعتقاد حتى "ما أخذ بالقوة، لا يسترد إلا بالقوة"، استأنف الرئيس المصري جمال عبد الناصر العمليات القتالية على إمتداد قناة السويس. بدأت على شكل قصف مدفعي متبادل محدود وتوغلات ضيقة النطاق في سيناء، بحلول 1969 كان الجيش المصري قد بدأ التجهيز لعمليات موسعة. فيثمانية مارس أعرب عبد الناصر رسمياً بدء حرب الاستنزاف، والتي تميزت بقصف عنيف على طول القناة، وعمليات قنص وهجمات بقوات الكوماندوز. ووصل القتال ذرته بحلول الصيف.

الجيش المصري، الذي يتفوق على جيش الدفاع الإسرائيلي في الأفراد والمدفعية، كان أكثر قدرة على خوض حرب طويلة ومكلفة. ومن ثم، فقد رأت إسرائيل في تفوقها الجوي خير وسيلة لمنع مصر من الاستمرار في الحرب، وفي أوائل يوليو1969 صدرت تعليمات للقوات الجوية الإسرائيلية بالتجهيز لهجوم واسع النطاق على المواقع المصرية على الضفة الغربية للقناة. وضعت خطة نتج عنها العملية "بوكسر 1" بدأت بهجوم تدريجي عند الطرف الشمالي للقناة، حيث كانت الدفاعات الموجودة هناك ضعيفة، واستمر الهجوم متجهاً للجنوب.

قبل الهجوم على المواقع المصرية، سعى جيش الدفاع لتعطيل مواقع رادار التحذير المبكر ومخابرات الاشارات على الجزيرة الخضراء، وهي جزيرة منيعة تقع بالقرب من أقصى جنوب القناة. باعتبارها تهديد محتمل للعمل الطائرات الإسرائيلية في المنطقة، قامت القوات الخاصة الإسرائيلية بمهاجمة الجزيرة في 19 يوليوكجزء من عملية بولموس 6، ودمرت الدفاعات المضادة للطائرات ورادار التحذير المبكر. ضربت طائرات إي-4 سكاي‌هوك من السرب 115 الجزيرة قبل الهجوم، في الوقت الذي شاركت فيه طائرات بل 205إس من السرب 124 في إجلاء القوات الإسرائيلية بعد مغادرة الجزيرة.

جيش إسرائيل الذي لا يقهر مرت عليه شهور وهويتلقى اللطمات من ضباط وجنود مصر الأبطال. وكل ما يستطيع الرد به هومهاجمة مسقط منعزل بصورة نادىئية لا تقدم ولا تؤخر في حجم الخسائر التي يتلقاها يوميا، أوقصف مدن القناة. وفى ثلاث محاولات للعبور إلى الغرب لم يحقق العدوأي نتائج ملموسة. وأحدثت أعمال القتال المصرية رد عمل علي الفكر السياسي والعسكري الإسرائيلي وعلى الروح المعنوية للشعب الإسرائيلي. أدركت إسرائيل حتى القوات المصرية أصبحت تمتلك قوة أكبر في العدد والمعدات، وأن مصر مصممة على القتال، ولن تقنع بأي صلح بالشروط الإسرائيلية. وأكد هذا حتى مصر أعربت في أول مايوعلى لسان الرئيس عبد الناصر حتى قرار وقف إطلاق النار أصبح غير ساري وأننا بدأنا حرب الاستنزاف ضد إسرائيل.

لكل هذه الأسباب ومع ازدياد خسائر إسرائيل، وشعور القيادة العسكرية الإسرائيلية بفشلها في إرغام مصر على وقف حرب الاستنزاف. بدأت إسرائيل تعيد التفكير في أسلوب اللقاءة مع مصر وتستعرض مختلف طرق الحل الممكنة. وبناء على نتائج الدراسات الكثيرة التي جرت. اجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي بناء على طلب موشى دايان وزير الدفاع وأصدر قرار من أخطر القرارات العسكرية. هوإدخال القوات الجوية الإسرائيلية في حرب الاستنزاف بكل إمكانياتها التدميرية. وقد أدى هذا القرار إلى إحداث تغيرات جذرية في موازين القوى الاستراتيجية على جبهة القناة. بدأت في صالح إسرائيل ثم تحولت ضدها وأصبحت في صالح مصر بعد مضي حوالي ستة أشهر على بداية الحرب". ولكي نؤكد مدى تأثير الهجمات المصرية سنعرض ما خط وقيل داخل إسرائيل.

فيقول زيف شيف المحلل الإسرائيلي في كتابه عن حرب الاستنزاف "الفانتوم فوق النيل" إذا عملية لسان بورتوفيق هي التي أنهت الجدل داخل أروقة القيادة الإسرائيلية حول حتمية تدخل الطيران الإسرائيلي في المعركة، ويضيف: لقد كان هذا النجاح هوأبرز ما حققه المصريون وكان سيحفزهم إلى نشاط أكبر، فكان لابد من إيقافهم بسرعة.

وصرح المتحدث العسكري الإسرائيلي في الصحف وقتها "أمام الضغط الضخم الذي مارسه المصريون في الجبهة، والحياة التي أصبحت لا تطاق على الضفة الشرقية للقناة أقدمت القيادة الإسرائيلية على استخدام الطيران الذي كانت جميع الآراء تصر على الاحتفاظ به للمستقبل".

وقد أعرب موشى دايان وقتئذ "أن الهجوم الجوي هوالرد الإسرائيلي على ما أعربته مصر من حرب استنزاف في شكل ضربات المدفعية وأعمال العبور ضد الجبهة الإسرائيلية شرق القناة".


الاستعدادات

بدأت إسرائيل منذ هذا اليوم استخدام قواتها الجوية بعنف، فقامت طائراتها بالهجوم على القوات في منطقة القناة وعلى مدينة بورسعيد.. ولأن الموقف كان واضحاً أمام القيادة المصرية فلم يستغرق الأمر إلا ساعات وصدرت الأوامر بإشراك القوات الجوية المصرية في حرب الاستنزاف. كان من حسن طالع القوات الجوية المصرية حتى يتوالى على قيادتها أبناء مخلصون يقدرون حجم المسئولية. فقبل شهر من بدء إشراك الطيران المصري في المعركة تغيرت قيادة القوات الجوية وأصبح اللواء طيار/ علي بغدادي قائداً لها واللواء طيار/ حسني مبارك رئيساً للأركان. وإن كان تغيير القيادة خاصة بعد فترة قصيرة نسبياً له آثار سلبية إلا حتى جميع منهم اتى مكملاً لما بدأه السابق.

المعركة

العملية بوكسر 1 - معركة لسان بورتوفيق

مقاتلة سكاي هوك من السرب A-4N في القوات الجوية الإسرائيلية
طائرة ميگ-21F في المتحف العسكري الوطني المصري

"بوكسر 1" بدأت في الساعة 14:00 يوم الأحد، 20 يوليو1969، بغارة لطائراتين ميراج ثلاثة من السرب 117 على بطارية صواريخ سام-3 غرب بورسعيد. فور إيقاف رادار البطارية، تم تدمير باقي المنشآت بواسطة طائرات سكاي‌هوك من السرب 109. لضعف الدفاعات الجوية المصرية، تمكنت أسراب القوات الجوية الإسرائيلية من الهجوم على المواقع المصرية على طول القطاع. تضمنت الطائرات المهاجمة، طائرات سكاي‌هوك إضافية من السرب 109، السرب 105، داسوميستير، من السرب 116،داسواوراگان من السرب 113 وسود-كيست ڤتور من السرب 110. في الساعة 17:00، قامت القوات الجوية الإسرائيلية ب171 طلعة جوية وأسقطت حوالي 200 طن من المتفجرات.

بسبب عنصر المفاجأة، لم تقابل الغارات الإسرائيلية مقاومة من القوات الجوية المصرية. بعدها أطلقت القوات الجوية المصرية هجمات على المعاقل الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة. نفذت الغارات 60 طائرة مصرية، منها ميگ-17، سو-7 بمصاحبة مقاتلات ميگ-21. انطلقتستة طائرات ميراج ضمن السرب 101 من قاعدة رفيديم الجوية وطائرتان أخرتان من قاعدة حزور. في المعارك التالية قام گيورا يعولي وگيورا إپستاين بإسقاط طائرتين ميگ-17 المصرية، بينما أسقط يفتاح سپكتور طائرة ميگ-21، بالرغم من التكلفة العالية لطائرتي الميراج، تمكن إيتان بن-إلياهووإلي زوهار من إنقاذ طائرتهم المنكوبة. سقطت طائرة طائرة ميگ-17 أخرى ببطارية إم‌أي‌إم-23 هوك ومدفعية سو-7 المضادة للطائرت.

كانت افتتاحية حرب الاستنزاف في 20 يوليو، هي انطلاق تشكيلات القوات الجوية المصرية من قواعد المنصورة وقويسنا وبلبيس وأنشاص بطائرات ميج-17 وسوخوى-7 (مقاتلات قاذفة)، وفي حماية تشكيلات من طائرات ميج21 (مقاتلات). وقامت في الساعة 6:30 مساءً بقصف مواقع للعدوومحطات رادار ومعسكرات ومناطق شئون إدارية للعدوبعمق 35 كيلومتر في داخل سيناء.

وكان دور السرب 62 مقاتلات قاذفة الذي شرفت بقيادته في هذه المهمة، هوقصف ومهاجمة مسقط صواريخ هوك أرض/جوفي منطقة رمانة على المحور الشمالي، إضافة إلى مسقط أخر. وكنت صاحب أول لقاءة بين الطائرة ميج17 والصاروخ الذي يهدد طائرات القوات الجوية المصرية.. وبفضل التدريب المستمر وثقتنا في أننا نستطيع حتى نقابل إسرائيل تمكنا من تدمير المسقط، (تكرر الهجوم على هذا المسقط أكثر من خمسة عشر مرة طوال حرب الاستنزاف) وكانت نتائج الهجمة الأولي رائعة فتم تدمير الأهداف بنسبة 70 –80 % وتم إسقاط 2 طائره ميراج واستشهد لنا طيار. وتكررت الهجمات طوال عام كامل، واستشهد من السرب خلال فترة الحرب جميع من ملازم طيار/ أحمد السبروت، طلال سعد الله، ومحمود حمدي.

وكانت الهجمة الأولى مؤشراً على حتى ما دفعته القوات الجوية من ثمن خلال العامين السابقين في التدريب والتجهيز قد آتى ثماره أخيراً (فقدت القوات الجوية المصرية 54 طيار في التدريب والمعارك على مدى الفترة السابقة). وأصبح الطيار المصري الذي تحمل كثيرا بعد يونيو67 على كفاءة وثقة بالنفس تمكنه من التصدي للعدوالإسرائيلي. رغم التفوق العددي والنوعي الذي يتمتع به الطيران الإسرائيلي. ولكي يتضح الأمر أمام القارئ لابد من وقفه لبيان الفارق الشاسع بين القوات الجوية المصرية والإسرائيلية. وسنركز على الحمولة والمدى فقط لعدد ثلاث طائرات من جميع جانب لبيان هذا الفارق. وبنظره بسيطة على الجدول التالي نجد حتى طائرة واحدة فانتوم تلقى حموله أكبر قدرا من حمولة أربعة طائرات ميج 17 أوأربعة طائرات سوخوى7. وبنظرة على هذه المقارنة نجد حتى التفوق في المدى والتسليح لصالح إسرائيل بما يوازي الضعف تقريباً. وكان هذا يعني حتى الطائرات المصرية لا تستطيع قصف أهداف في العمق الإسرائيلي كما وأنها في الاشتباكات الجوية لا تستطيع البقاء في الجومثل الطائرات الإسرائيلية. كما حتى تجهيز طائرة واحدة يوفر كثيرا عن تجهيز أربعة طائرات في الوقت وفي عدد الفنيين وفي عدد المعدات. لكن هذا التفوق لم ينل من أبناء القوات الجوية. فوضع رئيس الأركان وكان مسئولاً عن إدارة العمليات، خطة تتناسب مع الإمكانيات المتاحة مع المناورة في التخطيط طوال عام تام بناء على المواقف المستجدة والدروس المستفادة. فحققت القوات الجوية المصرية نجاحاً باهراً بكافة المقاييس رغم خسائرها الغير قليلة.

كانت الخطة تقوم على قصف وتدمير العدووأهدافه في عمق سيناء (حتى 35كم) بواسطة تشكيلات المقاتلات القاذفة، وتحت حماية مباشرة من المقاتلات، التي كانت ترافق المقاتلات القاذفة حتى مواقع العدو، وأذكر هنا أنه في أحد غارات المقاتلات القاذفة بقيادة الرائد طيار/سمير فريد على مسقط صواريخ هوك، صدرت الأوامر من مركز العمليات حتى تتراجع المقاتلات إلي غرب القناة، لكن قائد تشكيل الحماية( طائرات الميج 21 ) الرائد طيار/مجدي كمال رد على مركز العمليات:

- أنا منتظر فوق المسقط لغاية الميج 17 ما يخلص الهجوم .

كان تخطيط الهجمات والحماية لها يختلف في جميع مره حتى لا يكتشف العدوالتكتيك المصري، الذي أصبح يستند على خبرة مصرية. كان عامل التوقيت حاسماً في تطبيق هذه المهام وكذا ازدياد الطيران في الذهاب إلى الأهداف (ارتفاع 30 متر). حتى لا يكتشف العدوالإسرائيلي طائراتنا إلا عند عبورها قناة السويس. وبهذا التكتيك تتمكن المقاتلات القاذفة من مهاجمة الأهداف . وفي أثناء عودتها تلاحقها الطائرات الإسرائيلية، لكن وعلى الفور تظهر المقاتلات المصرية جاهزة للاشتباك مع الطائرات الإسرائيلية. فكان العدومجبراً على حتى تتم الاشتباكات الجوية غرب القناة.

اللواء جوي متقاعد محمد زكي عكاشة

وسنعرض مثال لذلك ما كانت تقوم به أسراب قاعدة المنصورة (ميج17، ميج21) والتي كانت مكلفة بمهاجمة العدوالإسرائيلي في المحور الشمالي (طريق القنطرة - العريش).

  • تقوم تشكيلات المقاتلات القاذفة بالطيران إلى مسقط صواريخ هوك أرض/جوالمتمركز في رمانة على المحور الشمالي على ازدياد 30 متر يتبعها بدقائق تشكيلات الحماية.
  • تعبر تشكيلات الميج17 قناة السويس مثلا الساعة 11:00 وهنا يتم الإبلاغ عنها لمراكز القيادة الإسرائيلية.
  • تصل تشكيلات الميج17 إلى الهدف الساعة 11:03 ثم تقوم بقصف المسقط 2-3 هجمة وتغادر المسقط الساعة 11:06.
  • تغادر التشكيلات المسقط الإسرائيلي وتأخذ طريق العودة على ازدياد 30 متر وتعبر غرب القناة الساعة 11:09.

وبهذا فإن طائراتنا المهاجمة تبقيتسعة دقائق فوق سيناء حتى العودة إلى غرب القناة. ولما كان الإبلاغ عن الطائرات المصرية يستغرق ثلاثة دقيقة، ثم تنطلق طائرات الميراج الإسرائيلية من قاعدة المليز وسط سيناء خلال ثلاثة دقيقة.. ثم بحاجة إلى 3-4 دقيقة حتى تصل قناة السويس فيكون الوقت الذي تحتاجه الطائرات الإسرائيلية 9-10 دقيقة. وعلى هذا كانت الميراج الإسرائيلية تصل إلى قناة السويس وقد عبرت تشكيلات الميج17 إلى غرب القناة .. وهنـا تتصدى لهـا تشكيلات الحماية (ميج21) ولاقد يكون أمامها إلا حتى تشتبك مع مقاتلاتنا أوتعود إلى قواعدها، وهوما كان يحدث غالباً حيث حتى المقاتلات الإسرائيلية تفضل دائماً حتىقد يكون الاشتباك مدبر ومخطط له.

وكان التخطيط المصري هواستثمار تدمير مسقط صواريخ الهوك أرض/جوفي رمانة لأنه كان يغطى المنطقة من القنطرة وحتى بورسعيد وبعمق حتى مدينة العريش. فيتم مهاجمته وتدميره قبل الغروب. ولأن إعادة تشغيله بحاجة إلى 12 ساعة على الأقل فكان يتم دفع طائرات القاذفات أوالهليكوبتر ليلاً لمهاجمة مواقع إسرائيلية على الساحل الشمالي وحتى مدينة العريش. في 28/9/1969 تم دفع 2 طائرة هليكوبتر (مى8) ليلاً بقيادة جميع من مقدم طيار/ جلال النادي والنقيب طيار/ سمير عبد السلام لمهاجمة معسكر إسرائيلي في منطقة مصفق عند بحيرة البردويل. وتم القصف بالصواريخ والبراميل الحارقة (كان هذا تعديل مصري لتسليح الطائرة) وتم تدمير تام للمعسكر وأفادت وسائل استطلاع بأن الخسائر كانت عالية. وتكررت هذه الطلعات أكثر من مرة .. إلا حتى الطيران الإسرائيلي تمكن من مطاردة 2 طائرة قاذفة اليوشن28 كانت تقصف منطقة العريش ليلا ، وأثناء العودة نجح في إسقاطهما، واستشهد رائد طيار/ محمد عبد الجواد وتمكن الرائد طيار/ أنيس خضير من القفز بالمظلة ووصل إلى الشاطئ بعد حتى قضى 20 ساعة في البحر.

وتحمل طياري المقاتلات عبئا كبيرا طوال حرب الاستنزاف، فكان عليهم حتى يقوموا بحماية هجمات المقاتلات القاذفة، وطائرات الاستطلاع أثناء تطبيق مهامها فوق أرض العدو. بالإضافة إلى التصدي لطائرات العدو. ورغم إذا الجهد المطلوب كان شاقا، لكن طياري المقاتلات بروحهم العالية جعلتهم يتسابقون لتطبيق المهام دون كلل.

وسنروى مثال يوضح ما نقول تكرر كثيرا. أثناء الحرب، مجموعة من الطيارين في قاعدة غرب القاهرة لتلقى تدريب على طائره ميج 21 طراز مختلف عما كانوا عليه. وفي 25 يونيو70 وأثناء إحدى المحاضرات انطلقت إشارة باختراق طائرات للجبهة. يعتبر الطيارون في وضع حالة الاستعداد الثالثة ( إقلاع في 15 دقيقة)، وفورا انطلق نقيب طيار/تميم فهمي والملازم أول/نبيل فؤاد بالعربة إلى أول الممر حيث طائرات حالات الاستعداد، وأقلع التشكيل إلي الجوبعدتسعة دقائق فقط. وبدأ توجيه التشكيل إلى منطقة العين السخنة نحوطائرات العدو، واشتبك التشكيل وأسقط طائره ميراج للعدو. ومن المفارقات حتى يتكرر نفس السيناريويوم 2 يوليو، بنفس الطريقة، وبنفس الطيارين، ونفس المنطقة، لكن ينجح العدوفي هذه المرة ويسقط الطائرتان ويقفزا كلاهما بالمظلة.

كان مكسب القوات الجوية من هذه الهجمات هائلا، عملاوة على تدمير مواقع العدووتكبيده خسائر في الأفراد والمعدات ، أصبح الطيارون المصريون يتعاملون مع العدوالإسرائيلي دون هيبة أوخوف . في أحد الغارات انحرف النقيب طيار / حمدي عقل عن مسقط العدوالمخصص له بسبب عطل في البوصلة الملاحية. وأبلغ قائد السرب الذي رد عليه فورا بأن يختار هدف أخر ويهاجمه . فمن غير المقبول حتى تعود الطائرات دون مهاجمة العدو. فتوغل بالتشكيل شرقا حتى عثر معسكرا قام بمهاجمتهخمسة هجمات (المعدل 2 هجمة) حتى نفذت منه الذخيرة دون أي تدخل من العدو.

ولما عثر العدوأنه لا ينال من طائراتنا رغم تفوقه في الكم والنوع، فقد لجأ إلى إجبارنا على الدخول في معارك جوية مدبرة. كان يقوم بدفع طائراته للاختراق في منطقة العين السخنة، فتندفع مقاتلاتنا (ميگ 21) للاشتباك معه فيقوم بالمناورة معها حتى تستهلك الوقود، وتصبح مضطرة للخروج من الاشتباك، وهنا يقوم بدفع تشكيل حديث يطارد مقاتلاتنا المنسحبة من الاشتباك. وقد نجح العدوفي هذا الأسلوب وأسقط عدد غير قليل من طائراتنا. إضافة إلى حتى من كان يقفز بالمظلة يتعرض لأخطار جسيمة لصعوبة المنطقة وطبيعتها الوعرة. فقد استشهد نقيب طيار/ أحمد نور الدين لأن وسائل البحث والإنقاذ وصلت إليه بعد فوات الأوان فعُثر على جثمانه وبجواره شواهد تؤكد أنه هبط سالماً بالمظلة. لكن وفى أحد هذه المعارك بتاريختسعة ديسمبر استطاع نقيب طيار/ أحمد عاطف عبد الحي بطائرته ميگ 21 إسقاط أول طائرة فانتوم إسرائيلية. وبهذا سقطت الهالة التي حاولت إسرائيل صنعها حول هذه الطائرة.

كما استطاعت القوات الجوية المصرية رغم إمكانياتها المحدودة كما ونوعاً عن نظيرتها الإسرائيلية، حتى توجه ضربات موجعة إلى العدوبأسلوب آخر. فبتنسيق للجهود والتخطيط الجيد بين اللواء طيار/ حسني مبارك واللواء/ محمد صادق مدير المخابرات يتم دفع طائرة هليكوبتر ليلاً محملة بأفراد من المجموعة 39 قتال إلى الشاطئ الشرقي لخليج السويس. وتهبط الطائرة بعيداً عن الهدف بمسافة آمنة، ثم يقوم أفراد المجموعة بغرس الألغام على الطرق أومهاجمة الأهداف، ثم وبسرعة يتم التقاطهم وعودتهم بالطائرة. وفى مرات أخرى كانت الطائرة الهليكوبتر تقوم بقصف المسقط بالصواريخ والقنابل الحارقة ونجحت هذه الطلعات أكثر من مرة.

كانت فرحة ولا شـك حتى تقف القوات الجوية المصرية بعد ما نالها في عام 67، أمام العدولمدة عام تام تشتبك معه وتقاتل وتسقط به الخسائر. لكن لا ننسى حتى الثمن كان شهداء في عمر الزهور. وأرواح ودماء بُذلت عن حب وإيمان في سبيـل هذا الوطـن. فكما أسقطنا بهم خسائر كانت لنا خسائر مثال يوم 11/9/1969. في الصباح قامت 32 طائرة مقاتلة قاذفة (ميگ 17، سوخوي 7) بمهاجمة مواقع العدوشرق القناة، ولأن الضربة كانت موجعة فقد ردت إسرائيل بعنف وظلت الاشتباكات الجوية مع قاعدة المنصورة مستمرة حتى الثامنة مساء.. وفى هذا اليوم استشهد 2 طيار من المقاتلات القاذفة فوق المواقع الإسرائيلية، وقفزسبعة طيارين بالمظلات نتيجة الاشتباكات الجوية في لقاء نجاح ملازم أول طيار/مصطفى جامع في إسقاط طائرة ميراج فوق مدينة السنبلاوين وأسر الطيار الإسرائيلي.

وقبل ختام هذا الجزء من الحديث عن القوات الجوية المصرية ودورها في حرب الاستنزاف. هناك أمور لابد من ذكرها لما لها من دلالات لن تغيب عن فطنة القارئ. وقد كنت مشاركاً في إحداثها بحكم مسقطي كقائد سرب مقاتلات قاذفة (ميگ 17) في قاعدة المنصورة الجوية. كان أسلوب استخدام القوات الجوية طوال حرب الاستنزاف ناجحاً بصورة ملموسة إلا من بعض مرات قليلة خاصة على المحور الشمالي الذي كان ناجحاً بصورة أكبر من المحور الأوسط والجنوبي.


بوكسر 2

بعد النتائج السقمية التي حققتها العملية "بوكسر 1"، قررت القوات الجوية الإسرائيلية القيام بهجمات إضافية. في 21 يوليوهاجمت أربع طائرات سكاي‌هوك من السرب 109 بطارية مصرية مضادة للطائرات بالقرب من القنطرة استعداداً لليوم التالي من المعركة.

بدأت العملية "بوكسر 2" في 24 يوليووكانت تستهدف المواقع المصرية على إمتداد القطاع الأوسط من القناة. بدأ القتال بتدمير محطة رادار في جبل عتاقة بطائرتين ميراج من السرب 119. سقطت هجمات متلاحقة وكانت مهجرزة على مواقع صواريخ سام والمدفعية المضادة للطائرات، وقامت القوات الجوية الإسرائيلية ب161 طلعة جوية في ذلك اليوم. في اللقاء قامت القوات الجوية المصرية بالهجوم على مواقع إسرائيلية على إمتداد القناة وسيناء. مرة أخرى اتجهت طائرات الميراج الإسرائيلية لمهاجمة الطائرات المصرية وأسقطت ثلاث طائرات: سو-7 التي أسقطها شمويل گوردون وميشيل زوك، وطائرة أخرى سو-7 أسقطها شلومونـِڤوت. ويزعم سقوط طائرتين ميگ-17 إضافيتين ببطارية هوك، وطائرة سو-7 أخرى بمدفع بوفورس 40 مم.

عمليات بوكسر لاحقة

الطائرة المصرية ميگ-21 إف في المتحف الحربي الوطني المصري.

"بوكسر 3" بدأت في اليوم التالي، 25 يوليو، بهجمات جديدة للطائرات الإسرائيلية على المواقع المصرية. وقع حادث نيران صديقة في هذا اليوم حيث دمرت ميراد من السرب 101 نفاثة من السرب 119، بالرغم من ذلك فقد نجحت الطائرة في الرجوع لقاعدتها بسلام. استمرت الهجمات يوم 26 يوليوباسم "بوكسر 4" وفي 27 يوليوباسم "بوكسر 5"، أثنائها واصلت طائرات سكاي‌هوك من السرب 109 هجماتها ليلاً. كانت آخر سلسلة من العملية، "بوكسر 6"، في 28 يوليو1969، خلالها هاجمت طائرات الميراج الإسرائيلية طائرات ميگ-21 إس المصرية، ولم تسقط أي طائرات على الجانبين.

النتائج

شنت القوات الجوية الإسرائيلية 500 طلعة جوية أثناء العملية بوكسر، وأصابت هجماتها الدفاعات الجوية المصرية بخسائر فادحة، في التحصينات والمدفعية المصرية على طول قناة السويس. فقد المصريون حوالي 300 جندي. النجاح التكتيكي، حجمت العملية بوكسر مؤقتاً القتال على القناة، على المدى الطويل، نجح الجيش المصري في تعويض خسائره واستأنف القتال بكثافة أكبر. فشلت العملية بوكسر في إيقاف حرب الاستنزاف. بعد حتى خسرت اللقاءة مع القوات الجوية الإسرائيلية في حرب 1967، من المرجع حتى القتال في يوليو1969 عكس اهتمامات مصر وزاد من حدة التوترات على الجبهة. في اللقاء أدى هذا حتى أصبحت القوات الجوية الإسرائيلية "المدفعية الطائرة" لجيش الدفاع الإسرائيلي، مما سد الفجوة الكمية بين القوات المصرية والإسرائيلية، a role the IAF had previously been reluctant to play and one which would draw it even further into the fighting.

الهوامش

  1. ^ Shalom, Danny (2007). Phantoms over Cairo - Israeli Air Force in the War of Attrition (1967–1970) (in Hebrew). Bavir Aviation & Space Publications. p. 360. ISBN .CS1 maint: unrecognized language (link)
  2. ^ Nordeen, Lon; Nicolle, David (1996). Phoenix Over The Nile - A History of Egyptian Air Power 1922–1994. Smithsonian. p. 239. ISBN .
  3. ^ Egypt Will Fight, Nasser Shouts, Pittsburgh Post-Gazette, November 24, 1967, p. 2, http://news.google.com/newspapers?nid=1129&dat=19671124&id=iy4NAAAAIBAJ&sjid=mmwDAAAAIBAJ&pg=7156,4781952 
  4. ^ Aloni, Shlomo (2004). Israeli Mirage and Nesher Aces. Osprey. pp. 46–53.
  5. ^ Shalom, pp. 328-329.
  6. ^ Shalom, p. 333.
  7. ^ Norton, Bill (2004). Air War on the Edge - A History of the Israel Air Force and its Aircraft since 1947. Midland Publishing. p. 250. ISBN .
  8. ^ اللواء محمد زكي عكاشة. "جند من السماء". ستار تايمز.
  9. ^ Shalom, p. 338.
  10. ^ Shalom, p. 342.
  11. ^ " (in Hebrew). Israeli Air Force Website. Retrieved 2009-11-12.CS1 maint: unrecognized language (link)
  12. ^ Shalom, pp. 343-351.
  13. ^ Shalom, pp. 351-352.
  14. ^ Shalom, pp. 352-354
  15. ^ "Commander of Air Defense Corps". Israeli Air Force Website. Retrieved 2009-11-12.
  16. ^ Shalom, p. 358.
  17. ^ Norton, p. 30.
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:23:25
التصنيفات: CS1 maint: unrecognized language, معارك حرب الاستنزاف, نزاعات 1969, 1969 في مصر, عمليات ومعارك جوية مصرية, عمليات ومعارك جوية إسرائيلية, بورتوفيق, رمانة, القوات الجوية المصرية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حاليا بالمغرب.. 5284 مصابا بكورونا منهم 232 حالة حرجة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:22
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 43%

الرئيس الأوكراني: الروس سيحاولون الاستيلاء على كييف الليلة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:16:05
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 93%

روسيا تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار أممي حول أوكرانيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:16:05
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 85%

واشنطن: نحمل بوتين والمحيطين به مسؤولية ما يحدث في أوكرانيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:16:06
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 88%

ميلان يتعادل مع أودينيزي ويقدم "هدية" لجاره إنتر

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:56
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

وكالة إيفي : 34 سنة سجنا لمغربي وفنزويلية بسبب قتل روماني

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:29
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 42%

“بوكس” يطالب الحكومة بإدراج سبتة ومليلية المحتلتين في الناتو

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:22
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

اعتقال مغربي بإسبانيا بسبب تزوير عقود عمل والاحتيال على مهاجرين

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:27
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 50%

بطولة فرنسا: رين رابعًا برباعية في مونبلييه

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:16:01
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

فعاليات رياضية تدعو الى إنجاح عودة الجماهير إلى الملاعب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-26 00:15:25
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 47%

تحميل تطبيق المنصة العربية