ابن القلانسي
الصاحب العميد أبويعلي، حمزة بن أسد بن علي، التميمي الدمشقي ابن القلانسي (ت. 555 هـ) محرر وحاكم مدينة دمشق، وصاحب كتاب " تاريخ دمشق ".
أبويعلى، حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي المعروف بابن القلانسي. ترجم له ابن عساكر وياقوت الحموي والمضىي، كانت له عناية بالحديث، وكان أديباً له خط حسن ونثر ونظم. من أعيان دمشق وأفاضلها، ولي رئاسة ديوان الإنشاء (الرسائل) في دمشق مرتين، إضافة إلى ديوان الحساب (الخراج) فترة من الزمن، وكان متميزاً في الكتابتين الإنشاء والديوان.
له مصنف ثبت فيه بعض الوثائق الديوانية الواردة إلى دمشق لإعجابه بصياغتها، وضمنه عدة قصائد من نظمه منها:
يا نفسُ لا تَجْزَعي من شدةٍ عَظُمَتْ وأيقنِي من إلهِ الخَلْقِ بالفَرَجِ كم شدةٍ عَرَضَتْ ثم انجَلَتْ ومَضَتْ من بعد تأثيرها في المال والمُهَجِ
لم يشر في كتابه إلى نفسه أوأساتذته، أومن تأثر بهم ثقافياً ولا إلى سلوكه ونشاطاته، أوصفاته الخلقية والخلقية.
روى عن : سهل بن بشر الإسفراييني، وحامد بن يوسف.
نطق ابن عساكر: كان محررا أديباً، تولى رئاسة دمشق مرتين، وكان يخط له في سماعه أبوالعلاء المسلم، فذكر هوأنه هو، وأنه كان كذلك يسمى، صنف تاريخا للحوادث، توفي في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة .
قلت : نيف على الثمانين، وحدث عنه أبوالقاسم بن صصري، [ ص: 389 ] ومكرم بن أبي الصقر ، وجماعة .
وكان متميزا في الكتابتين الإنشاء والديوان وحمدت ولايته، وفي عقبه رؤساء وفهماء.
سمّى مصنفه «ذيل تاريخ دمشق» والذيل يأتي ملحقاً بكتاب أساسي. وصلتنا نسخة خطية واحدة محفوظة في مخطة بودليان في أكسفورد برقم (Hunt 125)، بُتر من أولها بضع صفحات، وهذه المخطوطة تحوي الكتاب الأساس والذيل، الأول من تصنيف المؤرخ ثابت ابن سنان، أوقفه على مصر والشام ووقف به على أحداث سنة 365هـ، وأتمه هلال بن المحسن بحوادث 366هـ وقف به عند نهاية 448هـ تاريخ وفاته.
والذيل من تصنيف ابن القلانسي، بدأ بحوادث 448هـ حتى نهاية الكتاب، وتدخل بمواد القسم الأول فأعاد صياغتها وروايتها بأسلوبه، وحذف بعض مواده وأضاف أخرى بما تجمع لديه من مصادر ووثائق محلية.
قام المستشرق أمدروز H.P.Amedroz بتحقيقه ونشره عام 1908 لحساب مؤسسة برل في لايدن بهولندا، وطبعته مطبعة الآباء اليسوعيين في بيروت، وقامت مخطة المثنى في بغداد بإعادة طبعه في الستينات من القرن الماضي ونفدت نسخ هذه الطبعة، وحققه مؤخراً سهيل زكار 1983، وأوضح منهجه في كتابه بقوله: «قد انتهيت في شرح ما شرحته من هذا التاريخ ورتبته وتحفظت من الخطأ والزلل، فيما علقته من أفواه الثقات ونقلته، وأكدت الحال فيه بالاستقصاء والبحث».
ومهما يكن فإن كتابه في التاريخ وعمله في ديوان الإنشاء يدلان على علوثقافته وتمكنه من ناصية اللغة، وإن شابه أهل عصره في اهتمامه بالصنعة والمترادفات، ولكنه لم يسرف في ذلك، ورئاسته للديوان مكنته من الاطلاع على الوثائق الرسمية على مختلف أنواعها.
يؤرخ ابن القلانسي لقرنين من الزمن جرت فيهما أحداث الصراع القرمطي الفاطمي على الشام، وما أعقب ذلك الحكم الفاطمي للشام، من حكم لم يعهد الاستقرار لمقاومة أهل الشام له، يروي سيرة المقاومة الشامية، وهي سيرة لشعب دمشق والشام، وسيرة لمنظمات هذا الشعب وفئاته الاجتماعية وقبائله، وسيرة لعمران دمشق وخططها.
لم يقتصر كتابه على دمشق وإنما ضم الشام وأجزاء من الوطن العربي والإسلامي، فهويتقصى أخبار المغرب الأقصى، ويقدم رواية حول المهدي بن تومرت وتأسيس دولة الموحدين، وعلى مكانة تاريخه، فإن الذي يفوقها هوما رواه حول دخول الشام تحت الحكم السلجوقي، والحروب الصليبية في أثناء الحملتين الأولى والثانية، أحداث عاصرها وكان شاهد عيان لها، ولأهميتها من وجهة نظر عربية صريحة ومنصفة ومعتدلة ترجمت إلى الإنكليزية والفرنسية.
مات أبويعلي القلانسي في دمشق ودفن في سفح جبل قاسيون. وقد بنى أحد أحفاده دار الحديث القلانسية، على تربة جده في صالحية دمشق، وفي عقبه رؤساء وأعلام.
المصادر
- فايز الحموي. "ابن القلانسي (حمزة بن أسد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ابن عساكر، مختصر تاريخ دمشق، تحقيق حموش والعمر (دار الفكر، دمشق 1985)
- المضىي، سيرة أعلام النبلاء (الرسالة، بيروت 1985).