فدروس
فِدروس Phaedrus شاعر روماني اشتهر بحكاياته الأسطورية الخرافية Fable التي وضعها على ألسنة الحيوانات بهدف إسداء المشورة والنصائح الأخلاقية، وانتقاد مثالب عصره بطريقة مبطَّنة، متأثراً بمؤلف الخرافات الشهير عند الإغريق أيسوب (أيسوبوس) Aesopos. لا يعهد عن سيرة حياته إلا ما اتى في ثنايا أشعاره من إشارات وتلميحات يستفاد منها أنه ولد في مقدونيا في شمالي اليونان، ثم اقتيد رقيقاً إلى روما واستُعبد وهوصبي، وهناك تلقى تعليماً مدرسياً جيداً باللغتين اللاتينية والإغريقية. وبعد حتى ظهرت موهبته الشعرية أعتقه الامبراطور أغسطس، فاشتهر باسم Augusti Libertus (أي معتوق أغسطس)، وهواللقب الذي حملته عنوانات مخطوطات ديوانه. يصف نفسه في أشعاره بأنه كان شيخاً، أي أنه عاش حياة مديدة.
سيرتة
نُشرت أولى أشعاره في عهد الامبراطور تيبرِيوس (14-37م)؛ لكن رئيس الحرس الامبراطوري سيانوس Sejanus اتهمه بأنها تتضمن تشهيراً بالامبراطور فحوكم وحكم عليه بسبب ذلك، ثم أطلق سراحه وعاد إلى نشاطه الأدبي.
لم يشتهر فِدروس في أثناء حياته، ونادراً ما استشهد به الكتاب الرومان، إذ لم يذكره الأديب الفيلسوف سينيكا Seneca، ولا عالم البلاغة كوينتليانوس Quintilianus في حديثهما عن الحكاية الخرافية، ولعل أول إشارة إليه - مع أنها غير مؤكدة - اتىت في أشعار مارتيال (مارتياليس) Martialis. وقد يعود سبب هذا التجاهل إلى عبوديته وأصله الوضيع، وإلى حتى الحكاية الخرافية لم تكن آنذاك من الفنون الأدبية الرفيعة، إضافة إلى مسحة الصراع الاجتماعي في أشعاره. وبقي الأمر كذلك حتى القرن الرابع الميلادي عندما ذكره الشاعر أڤيانوس Avianus وأشار إلى أنه هجر ديواناً يتألف من خمسة خط، وهوما يتفق مع نسخ المخطوطات المتبقية، ولكن هذه الخط لم تصل كاملة، فقد فُقِد منها كثير من القصائد، إلى غير ذلك لم تتضمن من مجموع أشعاره سوى (95) مقطوعة شعرية. لكن هناك ثلاثون حكاية خرافية أخرى نشرت عام 1465 باسم ملحق پيروتي Appendix Perottina، وهي مُـستقاة من مخطوطة مفقودة اليوم؛ إضافة إلى بعض المقطوعات الخرافية الأخرى المبعثرة. إلى غير ذلك فإن مجموع ما يُنسـب إليه اليـوم نحـو(145) مقطوعة شعرية من البحر اليامبي السداسي، المعروف عند الرومان باسم سيناريوس Senarius، ومن أشهرها سيرة الذئب والحمل.
أعمالة
يذكر فِدروس في مقدمة الكتاب الأول من ديوانه بأن قسماً من أشعاره الخرافية يعود إلى حكايات الشاعر أيسوب، ولعله عهدها من خلال مجموعة نثرية نشأت في القرن الثالث قبل الميلاد، وعهدت باسم «أيسوبيا»؛ وتدور على ألسنة الحيوانات. وقد حرص فِدروس على اختصار هذه الحكايات وأعاد صياغتها شعراً بلغة لاتينية سهلة خالية من التعقيد والمبالغات وأضاف إليها أشعاراً من تأليفه ذات مضمون تاريخي واجتماعي في سعيه إلى إدخال المسرة إلى نفوس قرائه ووعظهم أخلاقياً.
إن للحكايات الخرافية الموضوعة على ألسنة الحيوانات تراثاً قديماً في الشرق، وكانت وسيلة لتقديم النصح والمشورة إلى الملوك والحكام بطريقة غير مباشرة. ومن أشهر المجموعات المعروفة في الأدب العربي حكايات «كليلة ودمنة»، التي نقلها ابن المقفع من الفارسية والهندية إلى العربية. كذلك عهد الإغريق هذا النوع، الذي حظي بشعبية كبيرة ودخل ميدان الأدب على يد الشاعر هسيودوس Hesiodos. ولكن أشهر من ألف في هذا النوع الأدبي كان أيسوب، الذي لقب بأبي الحكاية الخرافية. وانتقل هذا اللون الشعري إلى الرومان، فنبغ فيه فِدروس، الذي حظيت حكاياته الخرافية اللاتينية بانتشار واسع منذ أواخر العصور القديمة ونشأت عنها وعلى شاكلتها مجموعات نثرية أشهرها تلك المعروفة باسم «رومولوس» Romulus التي نالت شعبية كبيرة في العصور الوسطى. وقد انتقل هذا التقليد فيما بعد إلى الأدب الأوربي وأشهر من مارسه الشاعر الفرنسي لافونتين Lafontaine والشاعر الألماني لسنگ Lessing.
يكمن إنجاز فِدروس الأدبي الذي يفتخر به، في أنه ارتقى بفن الحكاية الخرافية، التي كانت تستخدم في القصيدة الهجائية ملحقاً أوتابعاً، ليجعل منها نوعاً أدبياً مستقلاً في الأدب الروماني.
المصادر
- [الموسوعة العربية]
مراجع
- "Phaedrus Biography"
- "Phaedrus' fable"
- أعمال من Phaedrus في مشروع گوتنبرگ
- تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.