پرياندر

عودة للموسوعة

پرياندر

پرياندر في نسخة رومانية عن التمثال اليوناني في القرن الرابع قبل الميلاد. في متاحف الڤاتيكان

پـِرياندر (باليونانية: Περίανδρος؛ بالإنگليزية: Periander) كان ثاني طاغية في كورنث في القرنسبعة ق.م. وكان ابن أول طاغية، كيپسلوس. وقد خلف پرياندر أباه كيپسلوس في سنة 627 ق.م.

وكان حكم ولده القاسي پرياندر Periander أطول حكم للطغاة في تاريخ اليونان (625-585). وقد أقر فيه الأمن والنظام، ومنع استغلال الناس بعضهم بعضاً، وشجع الأعمال التجارية والصناعية، وناصر الآداب والفنون، وجعل كورنثة زمناً ما أولى المدائن اليونانية، ونشط التجارة بسك عملة رسمية(84)، كما نشط الصناعة بخفض الضرائب المفروضة عليها؛ وحل معضلة التعطل بإقامة طائفة من المباني العامة وإنشاء المستعمرات في خارج البلاد؛ وحمى صغار رجال الأعمال من منافسة الشركات الكبرى بتحديد عدد الأرقاء الذي يجوز للرجل الواحد حتى يستخدمهم في أعماله، وحرم استيرادهم بعد هذا التحديد(85)، وأنجى الأغنياء مما عندهم من المضى الزائد على حاجتهم بأن أرغمهم على الاشتراك بمضىهم في خلق تمثال مضىي لتزدان به المدينة؛ ثم نادى النساء ذوات المال في كورنثة إلى حفلة كبرى، جردهن فيها من أثوابهن الغالية وحليهم الثمينة، ثم أمرهن بالعودة إلى بيوتهن بعد حتى أمم جمالهن. وقد خلقت له أعماله هذه أعداء كثيرين أقوياء، فلم يكن يجرؤ على الخروج دون حرس كبير، وكان لخوفه وعزلته نكداً قاسياً. وأراد حتى يحمي نفسه من الثورات فعمل بالنصيحة الخفية التي أشار بها عليه زميله الطاغية ثراسيبولوس الميليتي Thrasybulus، وهي حتى يبتر "الفينة بعد الفينة أطول ما في الحقل(86) من سنابل" . وأخذت سراريه يوجهن التهم إلى زوجته، حتى أثرن غضبه عليها، فألقاها في نوبة من نوبات هذا الغضب من فوق سلم القصر؛ وكانت حاملاً فماتت من شدة الصدمة، فما كان منه إلا حتى حرق السراري ونفى ابنه ليكوفرون Lycophron إلى كرسير Corcyra لأنه حزن على أمه حزناً لم يطق معه حتى يتحدث إلى أبيه. ولما حتى اغتال الكرسيريون ليكوفرون قبض بريندر على ثلاثمائة شاب من أشراف الأسر وأوفدهم إلى ألياتس Alyattes ملك ليديا ليتخذهم خصياناً، ولكن السفينة التي أقلتهم مرت بساموس، فما كان من أهلها ألا حتى أطلقوا سراح الشبان متحدين بعملهم هذا برياندر غير عابئين بغضبه. وعمر هذا الطاغية طويلاً، وعده البعض بعد موته من السبعة الحكماء في بلاد اليونان القديمة(87).

وثل الإسبارطيون بعد جيل من وفاته عرش الطغاة في كورنثة، وأقاموا مكانهم حكم الأشراف- ولم يكن ذلك لأن إسبارطة تعشق الحرية، بل لأنها كانت تفضل طبعة الملاك على طبقات رجال الأعمال. بيد حتى ثروة كورنثة كانت تقوم على التجارة يعينها من حين إلى حين أتباع أفرديتي والألعاب الهيلينية العامة التي كانت تقام في برزخ كورنثة. وكانت العاهرات كثيرات في المدينة إلى حد جعل اليونان يطلقون اسم كورنثيازوماي Corinthiazomai على العهر نفسه(88). وكان من العادات المتبعة في كورنثة حتى تخصص إلى هيكل أفرديتي نساء يحترفن فيه النادىرة ويأتين بأجورهن إلى الكهنة. وقد وصل إلى فهمنا حتى رجلاً يدعى زنوفون (وهوغير زنوفون قائد العشرة آلاف) وعد الإلهة خمسين محظية إذا أعانته على النصر في الألعاب الأولمبية. ويشير بندار الشاعر التقي إلى هذا النذر وهويشيد بهذا النصر دون حياء أواشمئزاز(89). ويقول استرابون إذا "هيكل أفرديتي قد بلغ من الثروة حتى كان له أكثر من ألف عبد من عبيد الهياكل، ومحاظ وهبهن الرجال والنساء للهيكل؛ وبفضل أولئك النسوة ازدحمت المدينة بالناس وعظمت ثروتها؛ من ذلك حتى قادة السفن كانوا ينفقون أموالهم في المدينة بلا حساب". وكانت المدينة تشكر لهن حسن صنيعهن وتنظر إلى "أولئك السيدات الكريمات" نظرتها إلى المحسنين للشعب.

انتشار العاهرات

وفي ذلك يقول مؤلف قديم نقل عنه أثينيوس Athenaeus: "من العادات القديمة في كورنثة، حدثا أرادت المدينة حتى توجه نادىء إلى أفرديتي...، حتى تستعين بأكبر عدد مستطاع من المحاظي ليشهجرن في هذا النادىء". وكان لهؤلاء المحاظي عيد ديني خاص بهن هوعيد أفرديزيا Aphrodisia يحتفلن به احتفالاً فخماً محوطاً بضروب التقي والصلاح(92). وقد ندد القديس بولس في رسالته الأولى إلى الكورنثيين(93) بأولئك النسوة اللائي ظللن يمارسن حرفتهن في المدينة إلى أيامه.

وكان يسكن كورنثة في عام 480 ق.م خمسون ألفاً من المواطنين وثلاثون ألفاً من الأرقاء، وهذه النسبة بين الأحرار والعبيد عالية علواً غير مألوف في المدن اليونانية(94). وكان اقتناص اللذة والمضى هَمّ جميع الطبقات، يستنفد جميع جهودهم فلا يبقى منها ما ينفقونه في الأدب والفنون إلا القليل. نعم إننا نسمع في القرن الثامن عشر عن شاعر يدعى يوملوس Eumelus ولكن الأدب اليوناني قلما يزدان بأسماء كورنثية. وكان برياندر يرحب بالشعراء في بلاطه، واستقدم أريون Arion من لسيوس لينظم شئون الموسيقى في كورنثة. واشتهر فخار المدينة وبرنزها في القرن الثامن؛ وكان من يعملون في طلاء مزهرياتها في القرن السادس أرقى أهل هذا الفن في بلاد اليونان كلها. ويحدثنا بوزنياس عن صندوق عظيم من خشب الأرز اختفى فيه سبسيلوس Cypselus من البكياديين Bacchiadae، وحفر فيه الفنانون نقوشاً ظريفة ورصعوه بالعاج والمضى(95).

لكي يحمي التجارة ويطورها بنى مستعمرتين هما بوتيدايا في خالكيديكي وأبولونيا في إليريا واحتل إبيداوروس وضم كوركيرا، وكذلك فإن الديالكوس (بوابة النقل) في المدينة بنيت على الأغلب في عهده ويظهر حتى التجارة كانمت مزدهرة لدرجة حتى الرسوم على السلع كانت تشكل أكبر إيرادات الحكومة. وأقام علاقات سلمية مع ثراسيبولوس حاكم ميليتوس وحافظ على العلاقات الودية مع ملوك ليديا ومصر، ويضاف إلى هذا أنه كان راعيا للأدب والفنون وقد اتى الشاعر أريون من لسبوس بناءا على دعوته.

والراجح حتى عصر برياندر هوالذي أقامت فيه كورنثة لأبولوهيكلاً دورياً اشتهر بأعمدته السبعة المنحوت جميع واحد منها من حجر واحد. ولا تزال خمسة من هذه الأعمدة قائمة إلى يومنا هذا توحي بأن كورنثة قد تكون أحبت الجمال في أكثر من صورة واحدة. ولربما كان الدهر والمصادفات قد ظلما هذه المدينة فلم يوفياها حقها من الشكر لأن تاريخها دونه رجال لا يدينون لها بولاء ولا يعترفون لها بفضل؛ ولوأتيح للماضي حتى يطلع على ما خط عنه في صحف المؤرخين لعجب مما يرى أشد العجب.


انظر أيضاً

  • ديولكوس
  • كيپسلوس

مصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

  • Encyclopedia Brittanica 1978


تاريخ النشر: 2020-06-04 18:01:09
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, Articles containing non-English-language text, Pages with citations using unsupported parameters, Commons category link is locally defined, مواليد القرن السابع ق.م., وفيات القرن السابع ق.م., يونانيو القرن السابع ق.م., كوركورا القديمة, كورنثيون قدماء, حكام يونانيون قدماء, طغاة قدماء, حكماء اليونان السبع

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تشكيل الكاميرون وبوركينا فاسو فى افتتاح كأس أمم أفريقيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

تبون: متربصون "من كوكب آخر" يرسمون صورة قاتمة عن الجزائر

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:54
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

المنفي والحافي يبحثان سبل إنجاح المصالحة الوطنية في ليبيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:46
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

رعونة وسرعة جنونية.. جحيم الأوسطي وحادث طريق طور سيناء الأبرز

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

وزيرة التخطيط ناعية تهانى الجبالى: فقدنا رمزًا مشرفًا من رموز القضاء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:34
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

20 وفاة و2349 إصابة بفيروس كورونا في المملكة الأردنية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:51
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

أعراض ارتفاع الكوليسترول.. علامتان تحذيريتان في الوجه

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:25:03
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

السجن المشدد 5 سنوات لنجار مسلح اعتدى على سيدة المنصورة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:08
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

«العناني»: تسجيل 3 أماكن في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

بريطانيا تلوح باتخاذ إجراءات أحادية فى خلافها مع الاتحاد الأوروبى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:41
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

«هوس يحكمه الحب».. رسائل نجوم الفن لأمهاتهم عن طريق «التاتو»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:21
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مصرع طفل سقط من الطابق الخامس بالعاشر من رمضان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:24:04
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

محافظ أسوان: إعداد قاعدة بيانات وحصر شامل لكافة المخالفات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:51
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

«مدرستنا 2» تبدأ مراجعة اللغة الإنجليزية للصف الثانى الإعدادى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:23:32
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

أطلقوا النار على كل من يرونه.. قطاع طرق يقتلون العشرات في نيجيريا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-09 17:25:05
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية