أبيل ألير

عودة للموسوعة

أبيل ألير

أبل ألير كواي
Abel Alier Kwai
نائب رئيس السودان
في المنصب
1971–1982
الرئيس جعفر نميري
رئيس المجلس التطبيقي الأعلى لمنطقة جنوب السودان الذاتية
في المنصب
1972–1978
تفاصيل شخصية
وُلِد 1933
بور، أعالي النيل، السودان
القومية سوداني
الجامعة الأم ليسانس حقوق من جامعة الخرطوم
دراسات في جامعة لندن
ماجستير من جامعة يل
الدين وثني تحول إلى المسيحية

أبيل ألير كواي Abel Alier (ولد 1933) حكيم الجنوب، رئيس مفوضية الانتخابات السودانية. نائب الرئيس نميري. أول قاض جنوبي. رجل المهمات الصعبة.

أبيل ألير، الذي يصفه السياسيون السودانيون بأنه «حكيم الجنوب»، يمثل شخصية متميزة ولافتة، مارس العمل القضائي والقانوني والدستوري والتطبيقي والسياسي على مدى 50 عاماً، حيث انتقل من القضاء في أوائل الستينات إلى السياسة نائبا في البرلمان، ثم وزيرا ثم رئيس أول حكومة للإقليم الجنوبي، ثم نائبا لرئيس الجمهورية في عهد نميري، ثم مستشارا قانونيا لمنظمات إقليمية ودولية، ثم مستشارا في مفاوضات السلام في التي جرت في مدينة نيفاشا الكينية 2003 - 2004، ثم رئيسا للجنة التحقيق في ملابسات سقوط الطائرة الأوغندية التي أدت إلى وفاة النائب الأول ورئيس حكومة الجنوب وزعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، وأخيرا رئيسا لمفوضية الانتخابات التي تصنف على أنها أخطر انتخابات عامة تجرى في تاريخ السودان الحديث، حتى صار مرتبطا بأنه رجل المهمات الصعبة.

يصفه كثير من المراقبين والسياسيين بأنه رجل حذر يتجنب الحديث إلا لدى الضرورة، وفي التوقيت الذي يراه مناسبا. قامته الطويلة، وملامحه الرصينة، وهدوء حركته، وصوته الخافت وقدرته على الإصغاء والصمت معا وصلابته في الموقف، تجعل مظهره مهيبا ومحترما من دون قصد منه.

النشأة

ولد الطفل (وال مشور) في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي والمستعمر الانجليزي ما زال جاثما على صدر البلاد ، بعد ميلاده مباشرة تعرض إلى أزمة سقمية كادت حتى تمضى بحياته ولكن الله سبحانه وتعالى أراد له حتى يعيش ليقوم بهذا الدور العظيم تجاه وطنه سوء الحظ لم يفارق الطفل الدينكاوي مشور بعد شفائه كما أوردت الزميلة (الأحداث) إذ قابلته صعوبات جمة في مسيرته التعليمية أولها الأمطار التي كادت تعيق استمراره في الدراسة ولكن إصرار والده حتى يصبح مشور طبيباً مثل الدكتور مشور الذي أنقذ حياة أبيل وأمه. وأن والدته كانت من فرط حرصها على تعليمه تمضى معه في الأيام التي تصل فيها مياه المطر إلى الركبتين فأصبح يمشي جميع يوم ميلين ونصف إلى مدرسته الصغرى في (باديت) رغم الأمطار ووعورة الطريق. إلى غير ذلك شق مشور طريقه نحوالدراسة بماليك، وهناك اعتنق المسيحية، وأخذ اسمه الذي اشتهر به لاحقاً (أبيل) بعد حتى كان يعهد بـ(وال مشور).

درس أبيل ألير كواي الثانوية في رمبيك، وجلس للامتحان مرة ثانية بمدرسة وادي سيدنا الثانوية بينما اكتفى أغلب أبناء دفعته بتلك الشهادة المؤهلة للتوظيف الجيد حينها،ومن ثم التحق بكلية الخرطوم الجامعية مفضلاً القانون على الطب ليكون بذلك ثاني طالب جنوبي يفهم القانون بعد القيادي الشيوعي الراحل جوزيف قرنق، واختار أبيل القضاء واستفاد من تلك الفترة بتطوير نفسه حيث نال دراسات عليا للشريعة بجامعة لندن، وكذلك فقه القانون الدولي بجامعة يل بالولايات المتحدة (ماجستير) بعدها عاد أبيل في العام 1964 ليواصل وظيفته بالهيئة القضائية في الأبيض ومدني.

عندما هبت ثورة أكتوبر طرحت فكرة المائدة المستديرة لحل معضلة الجنوب عام 1965. وتم اختيار ابيل عضواً فيها كممثل لحزب جبهة الجنوب. ولما كانت تتعارض مع عمله بالقضاء فقد استنطق ليتفرغ للعمل السياسي. وبالطبع اختار طريق آخر ليرتزق منه وهوالمحاماة وترافع في تلك الفترة عن كثير من المتهمين في قضايا لها علاقة بالعمل المسلح في جنوب السودان، وأن بشير محمد سعيد الذي قام بترجمة كتاب أبيل (جنوب السودان.. التمادي في نقض العهود والمواثيق) يقول في مقدمته إذا أبيل استنطق حرصاً منه على خدمة قضية الجنوب في نطاق وحدة السودان.

أصبح ألير عضوا في لجنة الإثني عشر وكذلك لجنة الدستور وتمكن من دخول الجمعية التأسيسية في العام 1968 عن دائرة بور. ورغم صغر سنه في ذلك الزمان إلا حتى تعليمه ونشاطه وقوة شخصيته دفعت به إلى الصف الأول لزعماء الجنوب لهذا عندما اتى نميري للسلطة في مايومن العام 1969 اتصل به طالباً منه الانضمام للحكومة ومن جانبه وضع أبيل عدة شروط تخص مسألة جنوب السودان مستمداً أغلبها من توصيات لجنة الاثني عشر ووافق النظام الجديد معلناً النقاط التي حددها ابيل كسياسة حكومية وأصبح ابيل نائباً لرئيس الجمهورية جعفر نميري الذي كان يصف الير باسم (ابن السودان المخلص)، وبإصراره تمكن من الضغط على نميري ليطلق يده في الحوار مع حركة الانانيا المسلحة بقيادة اللواء لاحقاً جوزيف لاقووبالعمل تمكن أبيل مع قيادات مايوالأخرى (نميري، جعفر بخيت، اللواء الباقر، منصور خالد) وغيرهم وقيادة الإنيانيا من توقيع اتفاقية أديس أبابا في العام 1972، ليصبح أبيل أول رئيس لحكومة الجنوب الانتنطقية ومن ثم رئيساً للمجلس التطبيقي العالي، وبرغم دوره الكبير في الاتفاقية إلا حتى جوزيف لاقواعتبره نقطة الضعف الأساسية وخط في مذكراته التي قام بتعريبها المترجم والسياسي محمد علي جادين حتى قيادة أبيل للوفد الحكومي جعلتهم يحسون حتى الحكومة غير جادة في التفاوض معهم باعتبار أن المضطهد يحاور المضطهد وكأنما الأمر فتنة، ويضيف لاقو:

ساد في أجواء المفاوضات حتى ابيل سيكون الجنوبي صاحب المنصب الأحمل بعد الاتفاق مما أربك موقفنا التفاوضي، ويخلص لاقوإلى أسفه الشديد لقيادة ابيل للوفد الحكومي وفي ذات الوقت أبان عن شعوره بالارتياح الشديد عندما فهم حتى اللواء الباقر أحمد سيكون عضوا بالوفد!.

لعل شخصية أبيل القومية هي ما دعت الشريف حسين الهندي لترشيحه ليكون (رئيس مجلس السيادة) حال نجاح حركة يوليو.

إن الإجماع الذي يحظى به مولانا ابيل الير يعتبر صمام أمان للوطن في شتى المحافل فقد تم اختياره في لجنة التحقيق في ملابسات وفاة الراحل جون قرنق كما تنظر له الكثير من القيادات العالمية كأنموذج للقيادي من جنوب السودان الذي عثر حظه من الاحترام في شمال السودان بفهمه وحكمته وحنكته وليس بقوة السلاح وهوأمر يؤكد انعدام التفرقة التي يتحدث عنها الآخرون ووجوده الدائم في المناسبات الاجتماعية ووجود الكثير من ألوان الطيف العرقي والسياسي والاجتماعي في مناسباته مرشد آخر على وحدة هذا الوطن كما حتى الكثير من الساسة ورجال الأعمال ورجال المجتمع يعتزون بصداقته والانتماء إلى عالمه.

التحول الديمقراطي في البلاد والذي أنشئت مفوضية للانتخابات القومية لإنفاذه كان في حاجة إلى شخصية قومية متفق عليها عالميا إقليميا ومحليا لرئاسة تلك المفوضية وبرغم وجود الكثير من أبناءالسودان للقيام بهذا الدور إلا حتى مولانا ابيل الير تفوق في بعض الجوانب ليكون فرس الرهان الأساسي في التحول الديمقراطي.


الرئيس عمر البشير مرشح المؤتمر الوطني في انتخابات الرئاسة دافع عن المفوضية القومية للانتخابات ضد من يقولون بانحيازها للمؤتمر الوطني قائلا :إن المفوضية ليس لها أي انتماء أوانحياز للحزب وعلى الذيني قولون ذلك الإجابة على سؤال واحد (هل مولانا ابيل الير مؤتمر وطني ) في إشارة منه إلى حيادية الير منذ نعومة أظفاره وعدم انتمائه إلا لهذا الوطن القارة.


الأستاذ حمزة بلول من الزميلة الأحداث يقول على لسان إحدى جارات مولانا ابيل الير (يا سلام دة زول تمام : لا يغيب عن مناسبات أهل الحي حيث يأتي محملا بالشاي والسكر والدقيق ولا ينسى دعوة جيرانه لكل مناسباته الاجتماعية بمنزله).

أمر آخر أورده الأستاذ بلول عن جانب مهني هام في حياة الير أنه عندما كان قاضيا لا يحكم أبدا وهوغاضب وتلك لعمري صفات القاضي العادل بكل المقاييس. وهذا ما ابتدر به مولانا خلف الله الرشيد رئيس القضاء الأسبق حدثاته عن مولانا ابيل الير فنطق: إذا مولانا ابيل ألير كقاض ليس سريع الانفعال ولا يقول أويصدر أمرا قبل تمحيصه ودائما يتوخى العدل لذلك أسفت لما يشاع عنه إبان توليه رئاسة المفوضية القومية للانتخابات فهو للحقيقة والتاريخ رجل عادل ويضيف مولانا خلف الله بل حتى الأخ عبد الله نائب رئيس المفوضية أنا اعهده كرجل لا يحب التأمر مثله مثل ابيل الير ويضيف مولانا خلف الله حتى معهدتي بمولانا ابيل الير يعود إلى سكننا كجيران وكان نعم الجار الذي يحترم جيرانه ورجل ملتزم لا يشرب الخمر ولا يحب السهر .. بل في شهر رمضان كان يحترم شعور جيرانه فلا يظهر من منزله أي بوادر إلى حتى أهل هذا المنزل غير صائمين. ويقول مولانا خلف الله إذا الير رجل حازم في أداء عمله يتوخى الدقة والإتقان والعدل ومما حكاه لي الراحل البروفيسور يوسف بدري أنه عندما احتاج إلى توسيع جامعة الأحفاد وقام المسئول حينها بإقناعه بان الامتداد الذي يطالب به هوللمنطقة الصناعية ولكن عندما استلم ابيل الير زمام الأمر نطق لي يوسف بدري إنه مضى إلى مخط ابيل الير وجلس عند السكرتيرة وقدم طلبه فخرج له ابيل الير من المخط ونطق له : "أنت لا يجب إذا تحضر إليّ بل تطلب مني حتى آتي إليك" ودرس الطلب وأفتى فيه بان الامتداد المعنى لا يجب حتى يخصص للمنطقة الصناعية لأنه خاص بالمنطقة السكنية وبذلك صدق به للأحفاد حيث تقوم كلية الطب الآن. ويختم مولانا خلف الله الرشيد بقوله : لقد تم تكريم مولانا ابيل الير من قبل في النادي العائلي حيث تحدثت عنه كما تحدث عنه جميع البروفيسور علي شمووالبروفيسور ناصرالفيل والدكتورة بخيتة أمين بما يعهدون عن خصال الرجل وحياديته وحكمته وعدله وأخلاقه.

إن ما يجب حتى نختم به عن الرجل أنه مشهور بالحذر لذلك لا يمكن لرجل مثله حتى يضع نفسه في مكان يجلب إليه الشبهات ومسقطه الحالي في المفوضية القومية للانتخابات ينبئ عن حتى رجل مناسب في مكان مناسب اسماه الراحل نميري ابن السودان المخلص ولا زال بذات الصفة النبيلة.


اشتهر أبيل ألير منذ صباه بالصبر والمثابرة وقوة الإرادة، وشق طريقه من الغابة في الجنوب إلى المدرسة الابتدائية ثم إلى الثانوي في مدينة رمبيك في الجنوب - إحدى أشهر المدارس الثانوية في الجنوب - ثم في مدرسة وادي سيدنا في الشمال، والتحق بكلية القانون في جامعة الخرطوم، عوضا عن الطب ليكون بذلك ثاني طالب يفهم القانون بعد القيادي السياسي البارز جوزيف قرنق، الذي أعدم في أحداث يوليو(تموز) 1971 في سجن كوبر في الخرطوم بحري.

وانخرط في سلك القضاء، فكان أول قانوني جنوبي يعين قاضيا لقدراته وكفاءته القانونية، وكان لافتا بأناقة مظهره وانضباطه وأدبه ورصانته. ونُقل إلى مدينة الأبيض في غرب السودان، وكانت محطة مهمة ومثيرة في مسيرته القانونية.


الصدام مع الحكم العسكري

يروي أبيل ألير واقعة خطيرة تزامنت مع وصوله عام 1960 أيام الحكم العسكري النوفمبري 1958 - 1964، وقد بدأت آنذاك مؤشرات مقاومة الحكم العسكري في عدد من مدن السودان ومنها الأبيض. ولدى وصوله مباشرة كلف بالاضطلاع بمهام القاضي المقيم الذي كان مضى في عطلة، وتلقى شكوى مفادها حتى قانونيا معارضا اعتقلته قيادة الجيش بالمدينة وتعرض للتعذيب ووضع في الحراسة، فسارع على الفور، وهوالقاضي الصغير، إلى الاتصال بالحاكم العسكري الذي كان آنذاك الحاكم بأمره، وأبلغه بأنه تلقى شكوى باعتنطق محام وتعرضه للتعذيب، وأنه يطلب إحضاره إلى مخطه في القضائية للتحري في الأمر. ولم يستجب الحاكم العسكري لطلبه، لأنه لم يتم إرسال أوإحضار القانوني المعني للقاضي، وفوجئ الحاكم العسكري في اليوم التالي بأن القاضي الشاب الجديد اتىه بنفسه في القيادة العسكرية ليقول له بكل أدب: «سعادتك.. إذا طلبي بإحضار القانوني المعتقل لم ينفذ بعد مضي أربع وعشرين ساعة، وقد جئت بنفسي للقائه في مقر حبسه، وأريد رؤيته وأن أسمع منه دون حضور أحد..». وأمام المفاجأة والطلب المباشر الواضح، وافق الحاكم العسكري للقاضي الشاب على لقاء القانوني المعارض الذي أكد له أنهم ضربوه وعذبوه بوحشية، يقول: «وقمت بإعداد تقرير دقيق ووافٍ عن الواقعة وأوفدته إلى رئيس القضاء. لقد كانت الواقعة تمثل خرقا قانونيا وأخلاقيا خطيرا». وفي هذه الأثناء، أبلغ الحاكم العسكري في الأبيض القيادة العسكرية في الخرطوم بالحراك القانوني الجريء الذي قاده القاضي الجنوبي الجديد ولقائه المحامي المعتقل. وأوفدت القيادة العامة للجيش مستشارا قانونيا برتبة لواء، والتقى القاضي ألير الذي بادره بأنه سيتحدث إليه كقانوني مع قانوني، وأبلغه بأن قيادة الجيش في المدينة ارتكبت خطأ باعتنطق مواطن وتعذيبه، فلوكانت هنالك تهمة فإن المعني بها هوالمؤسسة الشرطية التي تتحرى وتعتقل وفقا للقانون. وجرت اتصالات مكثفة لتطويق الموقف المتأزم الذي فاجأ الحكم في الخرطوم، وتم إطلاق سراح المحامي المعارض ونقل القائد العسكري إلى مسقط آخر. وعهدت المدينة كلها بالحدث، وأن القاضي الجنوبي الشاب الجديد نفذ القانون بوعي وحسم ومن دون خوف من أي جهة، واعتبر ذلك موقفا شجاعا ومشهودا.

يقول أبيل ألير إنه كقاضٍ كان يعنيه تطبيق القانون وحماية مواطن بالقانون، وأنه أحس بالرضا والارتياح لدى وصول قيادة نقابة المحامين، التي تضم محمد أحمد محجوب ومبارك زروق وهما من الرموز السودانية البارزة، وشغلا مناصب دستورية وتطبيقية في الحكومات الوطنية ليدعما موقفه القانوني السليم. ويروي أبيل ألير أنه في صبيحة يوم 25 مايو1969، سقط «انقلاب مايو» بقيادة الرائد جعفر نميري، وفوجئ باسمه كوزير للإسكان في حكومة النظام الجديد. وغادر منزله في الخرطوم إلى أم درمان، عندما وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء نداء إلى الوزراء الجدد للحضور لأداء القسم، وقرر عدم الذهاب، لأنه كان في حاجة إلى التفكير وللترتيب وتحديد الأولويات. وعندما عاد ليلا إلى منزله في الخرطوم، عثر حتى نائب رئيس مجلس قيادة النظام الجديد ورئيس الوزراء بابكر عوض الله، اتى وسأل عنه وهجر له مذكرة للقائه في اليوم التالي، كما اتىه صديقه وزميله جوزيف قرنق، الذي عين أيضا وزيرا في الحكومة الجديدة، والتقى رئيس الوزراء بابكر عوض الله، الذي نقل إليه معهدته بمواقفه، حيث استنطق من القضاء لينضم إلى وفد جبهة الجنوب في مؤتمر المائدة المستديرة لحل معضلة الجنوب، وليخوض أيضا الانتخابات كنائب في البرلمان، وحثه على المشاركة في الحكومة الجديدة. ورد أبيل ألير بأن قبوله المنصب للوزارة يرتبط بفهم موقف النظام الجديد من حل معضلة الجنوب، وأن لديه رؤية لمعالجة هذه القضية. فطلب منه رئيس الوزراء بابكر عوض الله إعداد مذكرة حول هذه القضية. وبالعمل، سارع بتقديمها وانعقد اجتماع مشهجر لمجلس قيادة مايوالعسكري ومجلس الوزراء للتداول حول المذكرة، التي شددت على إجراء مفاوضات بين الحكومة والمتمردين بقيادة حركة أنيانيا المتمردة آنذاك لوقف الحرب، ووافق الاجتماع على المذكرة وما تحمله من مقترحات لحل معضلة الجنوب.

واعتبر أبيل ألير حتى تقديمه الاستنطقة من القضاء بعد ثورة أكتوبر 1964، بعد حتى خيره رئيس القضاء بابكر عوض الله بين القضاء والعمل السياسي. ونطق إذا قضية الجنوب كانت تمثل قرارا مهما في مسيرة حياته القانونية والسياسية. ويقول رئيس مفوضية الانتخابات أبيل ألير إذا العلاقة برئيس الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق بدأت مبكرا، بعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة وحركة أنانيا ووقف الحرب في الجنوب عام 1972. وعندما اتىت عملية إعادة توطين العائدين واستقرارهم وكذلك استيعاب قوات الأنانيا في الجيش، لفت نظره جون قرنق، حيث عهد عنه معارضته للاتفاقية. وظل متابعا لحركات وتنقلات قرنق منذ عملية التحاقه بالجيش السوداني وتنقلاته، ولقرار وزير الدفاع والقائد العام الفريق أول عبد الماجد حامد خليل لإرسال جون قرنق لبعثة دراسية إلى الولايات المتحدة، حيث نال الدكتوراه في مشروع جونقلي في الجنوب. وقد عهد آنذاك حتى جون قرنق على الرغم من وجوده في الولايات المتحدة، فقد ظل مثابرا على اتصالاته بزملائه في الجنوب وفي خارجه.

اتفاقية أديس أبابا 1972 رئيس وفد الحكومة مولانا أبل ألير وترأس أزبوني منديري وفد حركة تحرير السودان والامبراطور هيلاسيلاسي.

وعندما نقضت اتفاقية الحكم الذاتي للجنوب كإقليم واحد وقسم إلى ثلاثة أنطقيم وشكلت حكومة أخرى للجنوب فإنه - أي أبيل ألير الذي أعفي من منصبه - ظل بعض الوقت في الجنوب لدراسة مشروع خدمي، وذلك عام 1983، وفاجأه جون قرنق بزيارته وإبلاغه بقيادة حرب جديدة، وطلب منه الانضمام إليهم. ورد عليه ألير بأنه سيبقى في الجنوب، وطلب منه الحفاظ على أرواح المواطنين، الشماليين أوالأجانب في المنطقة. وعندما بدأت مفاوضات نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية بقيادة النائب الأول علي عثمان محمد طه، وزعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، طلب جون قرنق حضور ألير. ويضيف أبيل ألير حتى تلك المفاوضات اتسمت بالجدية والمسؤولية، ولكنها كانت بالعمل صعبة ومعقدة وتحتاج إلى إرادة مشهجرة قوية لتحقيق ما مطلوب والوصول إلى نتائج تفضي إلى وقف الحرب وإحلال السلام الكامل، وقد أخذ برأيه في قضية السلطة حيث نقل للطرفين حتى الجيش يمثل السلطة القوية في أفريقيا، واتى اقتراحه بوجود جيش الحركة الشعبية في الجنوب وعودة الجيش للشمال مع وحدة قوات مشهجرة من القوات المسلحة والحركة الشعبية في الجنوب. وبالنسبة إلى الثروة، فطالب بمراعاة حتى الجنوب مصدر النفط، وأنه الأكثر حاجة إلى التنمية والخدمات. وأشار بالنسبة إلى علاقة الجنوب والشمال، إلى حتى الفيصل يتمثل في إقرار حق تقرير المصير والاستفتاء الذي بموجبه يقرر أهل الجنوب وبإرادتهم الوحدة مع الشمال أوالانفصال.

كتاب قضايا الحرب والسلام في جنوب السودان، بقلم أبيل ألير.

ويقفز أبيل ألير إلى الحدث الأهم بعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقية السلام الكامل، الذي تمثل في الرحيل المفاجئ للنائب الأول للرئيس. رئيس حكومة الجنوب زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، ونطق إنه قد تلقى النبأ بحزن بالغ على المستوى الشخصي والمستوى العام، وعندما تم تكليفه برئاسة لجنة التحقيق في ملابسات حادثة سقوط الطائرة الأوغندية التي كان يستقلها قرنق، فإنه تجاوز أحزانه الشخصية ليغلب العقل والمنطق والقانون، واستعان بخبراء فنيين دوليين وسودانيين للوصول إلى الحقيقة، وإرسال الصندوق الأسود للخارج لنقل ما دار في الطائرة وآخر أقوال الدكتور جون قرنق. وعلى الرغم من الاستعجال الذي أبدته عدة جهات لفهم نتائج التحقيق، فإنه حرص من جانبه على الدقة والتريث والمراجعة، وأعد التقرير بشكل دقيق، الذي انتهى إلى نتائج مفادها حتى الفشل البشري كان وراء الحادث الأليم الذي أودى بحياة النائب الأول، ورئيس حكومة الجنوب الدكتور جون قرنق، وبذلك أسدل الستار على تخمينات حول حقيقة مصرعه.

بعد الانتفاضة الشعبية في أبريل 1985، التي أطاحت بالنظام المايوي 1969 - 1985، اجتمع به عضوالمجلس العسكري الانتنطقي وقتها وزير الدفاع اللواء عثمان عبد الله، ليطلب منه المشاركة في الحكومة الانتنطقية باعتباره «حكيم الجنوب»، فاتى رده أنه محسوب على الحكم المايوي الذي أطاحت به الانتفاضة الشعبية، وأنه كان نائبا لرئيس النظام السابق، والقبول بأي مشاركة أومنصب في نظام لاحق يتعارض تماما مع مبادئ وقيم يصعب التخلي عنها مهما كان إغراء السلطة أولدوافع أخرى، وأن عدم قبوله أي منصب أومشاركة جديدة يتواءم وقناعات شخصية وإنسانية وأخلاقية، وقد أمن على هذه الواقعة اللواء عثمان عبد الله.


مسجد جوبا

جامع جوبا

ويتذكر أيضا أبيل ألير أنه عندما كان رئيسا لحكومة الجنوب بعد اتفاقية السلام التي سقطت عام 1972 في أديس أبابا، زاره وفد من مسلمي الجنوب، وأبلغوه بأنهم عهدوا حتى تصديقا منح لجهة أخرى لقيام مبنى أوكنيسة في ميدان في جوبا تجاوز حتى صدق لهم فيه ببناء مسجد، وأنه انصت إليهم جيدا. وعندما فرغوا نادىهم إلى تناول الإفطار في منزله، فقد كانوا في شهر رمضان. وبعد الإفطار نقل إليهم أنه سيهتم بالمشكلة، وسيلجأ إلى الجهات المختصة، فإذا تأكد إصدار تصديق فهذا يعني حقهم في الأسبقية. وظهر بالعمل وجود تصديق بقيام مسجد في المسقط المعين، فطلب لقاءة الجماعة الذين تقدموا لبناء مبنى أوكنيسة، ونقل إليهم أنه استعان بالجهات المختصة، ووجد حتى المسقط الذي طلبوه تجاوز حتى صدق لبناء مسجد، وأنه في مقدورهم اختيار مسقط آخر، وسيوافق لهم، وانتهى الأمر برضا الأطراف كافة.

شخصيته

ويوصف أبيل ألير بأنه شديد الحذر «أكثر مما يجب»، وهويقول في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «يوجد فارق بين الحذر والتريث»، فهويتريث في اتخاذ القرار أوالموقف أوحتى الحديث. فعندما كان قاضيا، كان يتجنب إصدار حكم في حالة غضب أوفرح، ويفضل إصدار الحكم في حالة طبيعية متماسكة ومتزنة. وهوفي الحكم كان يدلي برأيه بعد دراسة واقعية وحيثيات موضوعية تعزز ما مضى إليه، وإذا تحدث عن قضية يستند إلى وثائق ومراجع، وهويتمتع باحترام وفير وواسع من القطاعات كافة في الشمال والجنوب، ويتمتع بسمعة ممتازة كشخصية مهيبة وحكيمة، لذلك اعتبر اختياره رئيسا لمفوضية الانتخابات العامة التي تشرف وتدير أخطر وأصعب وأعقد انتخابات عامة عهدها السودان في تاريخه الحديث في أبريل 2010 بمثابة اختيار موفق، وبخاصة إلى جانب ما يتمتع به من خبرة سياسية ونيابية ودستورية وتطبيقية ودراية قانونية فائقة. وقد كان أيضا رئيسا مع القاضي ووزير العدل السابق عبد الله إدريس للمفوضية القومية للمراجعة الدستورية، بعد التوقيع على اتفاقية السلام الكامل مطلع 2005.

حياته الخاصة

ويوصف أيضا أبيل ألير بأنه رب أسرة متماسكة ورصينة، تتكون من زوجته، و3 أبناء وبنتين، وقد توفيت إحداهما وهي شابة، وتزوجت الأخرى. وهووفيّ ومخلص في علاقاته مع أصدقائه الكثر المتميزين في ميادين السياسة والفكر والإعلام والاقتصاد، ويحرص على المشاركة والحضور شخصيا في المناسبات الاجتماعية والأفراح، ويسهم بالواجب المادي الاجتماعي بتقديمه مباشرة لصاحب المناسبة أوفي «الكشف» على الطريقة السودانية، وهوكريم وسخي ولا يرد طلبا لمن يلجأ إليه لتمضية حاجة مادية. تقول مديرة مخطه في المفوضية سيدة عيسى لـ«الشرق الأوسط» بأن العاملين أعدوا كشفا لمناسبة اجتماعية تخص زميلة لهم في المفوضية، وأن الكشف حمل أرقاما متفاوتة منعشرة جنيهات إلى 25 جنيها، و50 جنيها وأكبر مبلغ كان 100 جنيه. وعندما طالع ألير الكشف، نطق إذا المناسبات الاجتماعية أضحت مكلفة، وقام بدفع 2000 جنيه وكانت مساهمة سخية.

الهامش

  1. ^ محمد سعيد محمد الحسن (2010-04-30). "أبيل ألير.. حكيم الجنوب". جريدة الشرق الأوسط.

وصلات خارجية

  • Book
  • منتدى التوثيق الكامل سيرة أبيل ألير، بقلم الفاضل حسن عوض الله.
  • Southern Sudan Politicians
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:04:36
التصنيفات: مواليد 1933, سياسيون سودانيون جنوبيون, قضاة سودانيون, نواب رؤساء السودان, خريجو جامعة الخرطوم, خريجو جامعة لندن, خريجو جامعة يل, دنكا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

توقيف ثلاثة مراهقين في ألمانيا على خلفية مخطط لشن "هجوم إرهابي"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:27:30
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

داني ألفيس يعيد 150 ألف يورو لوالد نيمار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:26:52
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

أبناء اللاعب هاري كين يتعرضون لحادث مروري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:53
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

توقيف ثلاثة مراهقين في ألمانيا على خلفية مخطط لشن "هجوم إرهابي"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:27:28
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

توقعات أمريكية بحدوث "هجوم إيراني كبير" ضد إسرائيل اليوم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:47
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

اشتباكات بين مجموعات مسلحة في العاصمة الليبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:39
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

توقعات أمريكية بحدوث "هجوم إيراني كبير" ضد إسرائيل اليوم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:52
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

اشتباكات بين مجموعات مسلحة في العاصمة الليبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:46
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

أبناء اللاعب هاري كين يتعرضون لحادث مروري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:25:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

خطيب المسجد النبوي يوصي بالتقوى والإخلاص في العبادة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:24:05
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

داني ألفيس يعيد 150 ألف يورو لوالد نيمار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-12 15:26:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

تحميل تطبيق المنصة العربية