تيمور الملواني

وائل عباس

ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا الموضوع

تيمور الملواني ( - 1993) زعيم ثوري مصري.

العام 1968 بعد الهزيمة، عمال حلوان يتظاهرون يوم الخميس 20 فبراير ضد مهزلة محاكمات ضباط الهزيمة، أحكام هزيلة وبراءات للضباط، بما يذكرنا بمحاكمات قتلة الثوار في يومنا هذا. يوم 22 فبراير يطلق جنود عبد الناصر النار على عمال حلوان، فينتفض طلبة الجامعات والمدارس ضد الرد على الاحتجاج على الهزيمة بالرصاص، المطالب واضحة، ديمقراطية بلا حدود وحل البرلمان وانتخابات حرة، إعادة محاكمة ضباط الهزيمة، عزل وزير الداخلية ومحاكمة المسئولين عن إطلاق النار على عمال حلوان، استقلال الجامعات، حل الاتحاد الاشتراكي.

لوهلة كان يظهر حتى الشباب سينتصر في انتفاضته، وأصدر عبد الناصر ما سمي ببيان التغيير في 30 مارس، على حتى يستفتى الشعب عليه في مايو، وتضمن الحشد والتعبئة ديمقراطيا من أجل النصر، وأنقد يكون الاتحاد الاشتراكي بالانتخاب من القاعدة للقمة، وهوالبيان الذي يحتفي به الناصريون حتى اليوم رغم أنه كان مجرد حبر على ورق.

ويعترف فيه عبد الناصر شخصيا بوجود مراكز القوى، وهوالمصطلح الذي يعتقد كثيرون حتى صاحبه هوأنور السادات في ما سماه بثورة التسليم 15 مايو1971، لكن عبد الناصر يتحدث عنهم وعن التسليم أيضا بوضوح في البيان فيقول: ولقد تجاوزت الأمور حد ما يمكن قبوله بعد النكسة؛ لأن مراكز القوى وقفت فى طريق عملية التسليم خوفًا من ضياع نفوذها، ومن انكشاف ما كان خافيًا من تصرفاتها. وكان ذلك لوهجر وشأنه كفيلًا بتهديد جبهة الصمود الشعبي؛ ولذلك فلقد كان واجبًا - بصرف النظر عن أي اعتبار- تصفية مراكز القوى، ولم تكن تلك بالمسألة السهلة إزاء المواقع التي كانت تحتلها مراكز القوى، وفي إطار الظروف الدقيقة التي كان يعيشها الوطن.

لكن بحلول نوفمبر من نفس العام عادت الشرطة لقمع مظاهرة لطلاب مدرسة ثانوية بالمنصورة عاصمة الدقهلية قمعا داميا وكأن شيئا لم يكن، وكما اعتدنا من دولة العسكر، فقد لحسوا وعودهم وانقلبوا على الطلاب ونكلوا بهم أيما تنكيل، فانتفضت الجامعات مرة أخرى وخصوصا جامعة الاسكندرية التي كان يلتحق بها طلاب الدقهلية، وتزعم تيمور الملواني الهتاف ضد شعراوي جمعة وزير الداخلية وقتها بهتاف: يا شعراوي يا سفاح دم الطلبة مش مباح، كما هتف ضد عبد الناصر شخصيا قائلا: لا صدقي ولا الغول عبد الناصر هوالمسؤل.

استخدمت الدولة جميع تنظيماتها الموجودة وقتها، المخابرات، أمن الدولة، الاتحاد الاشتراكي، رعاية الشباب، التنظيم الطليعي، منظمة الشباب، مخط الرئيس للمعلومات وحتى هيئات التدريس للانتقام من هؤلاء الشباب الذين هزوا هيبتها. وبحسب اللواء أركان حرب مصطفى شلبي الحناوي قائد سلاح الطيران في ذلك الوقت في تصريح له لهشام السلاموني في مجلة روز اليوسف عام 1997، فقد نطق إذا جمال عبد الناصر طالبه بضرب تلك المظاهرات بالطائرات، وان الفريق فوزي أبلغه حتى عبد الناصر بيقول ان مظاهرات الطلبة هدفها اسقاطه ولابد من اخمادها، ورفض الحناوي التطبيق، وهي السيرة التي طالما حاول الناصريون اخفاءها وانكارها والتشكيك في مصداقيتها.

كان عبد الناصر يقلب في احد المجلات ذات يوم، فقرأ عن مسابقة للشباب في مصيف المعمورة بعنوان ابوعيون جريئة، على اسم الاغنية الشهيرة لعبد الحليم حافظ، فنطق ايه المرقعة والمياصة دي، وقام متصل بعبد الحكيم عامرالساعةستة صباحا، ونطقه هاتلي العيال دول قبل الضهر احلقلهم زلبطة ودخلهم الجيش علشان يسترجلوا، فعبد الحكيم نطقه طب لوفيهم حد وحيد اهله،يا ترى؟ فعبد الناصر نطقه اعمله قرار جمهوري وجنده برضه، قد يقول قائل ان هذه السيرة تدل على عظمة الزعيم وعلى ان الجيش مصنع الرجال الخ.

لكن تعالوا نسمع السيرة الجديدة دي: كان تيمور الملواني من القيادات الطلابية في جامعة الاسكندرية، وتزعم المظاهرات ضد محاكمات الهزيمة، والتي كان من نتيجتها بيان 30 مارس كما اسلفنا، لكن كما اسلفنا ايضا فقد انقضت دولة العسكر مرة اخرى على من هزوا هيبتها وجبروتها، وكان تيمور الطالب بكلية الهندسة من المعتقلين الذين صدر بشأنهم توصيات غريبة لم يسمع عنها من قبل في الجيش المصري.

صدرت قرارات بتجنيد خمسة عشر شابا من جامعات القاهرة وعين شمس والاسكندرية، وإرسالهم الى حرس الحدود بالبحر الأحمر، الكتيبة الخامسة والسادسة، مع عدم التصريح لهم بحمل سلاح، ولا التدريب عليه، لا يصرح لهم بإجازات، ولا مرتبات، وضعهم تحت مراقبة المخابرات والأمن وأمن المنطقة وأمن الوحدة، ويرسل عنهم تقارير إلى مخابرات الحدود، ونطق لهم ضابط مخابرات السجن الحربي قبل ترحيلهم ساخرا منهم: عاوزين تحاربوا إسرائيل،يا ترى؟ روحوا حاربوها.

لماذا أوفد هؤلاء إلى الكتيبة الخامسة،يا ترى؟ برغم ان هذه الكتيبة تجاوز وأن أبادها الإسرائيليون في اقتحام الزعفرانة،يا ترى؟ ثم سرقوا الرادار الحديث ب12 من منطقة راس غارب، ودهسوا محافظ البحر الأحمر وقائد المنطقة العسكرية، أي حتى المنطقة منطقة عمليات خطرة ومستهدفة من الإسرائيليين، ومع ذلك أوفد هؤلاء الطلاب مع تعليمات بعدم حملهم سلاح أوتفهم استعماله، بوضوح كان حكما بالإعدام، ارسل عبد الناصر طلاب المظاهرات ليلقوا حتفهم هناك، وكأن التجنيد أصبح اعتنطقا وعقابا، لا خدمة للوطن وشرفا يسعون إليه. هذه السيرة قد تساعدنا لفهم ما يحدث في شمال سيناء الآن والخسائر الفادحة من المجندين الشباب الذين كانوا عماد ثورة يناير، مصدر السيرة السابقة كتاب حدثات مهداة إلى تيمور الملواني على لسان زميله المهندس أحمد عبد الرحمن أحد من تم عقابهم أيضا بسبب مظاهرات نوفمبر 1968.

عاش تيمور برغم جميع ذلك، وقاد مظاهرات تأييد للسادات ضد مراكز القوى في 1971، ثم قاد مظاهرات ضد السادات عندما لم تعجبه سياساته، شارك في انتفاضة 1977، وفي مظاهرات معرض الكتاب ضد اسرائيل، وفي جنازة فرج فودة هاتفا ضد الجهاد والإخوان والمتاجرة بالأديان، وفي افتتاح مقهى وادي النيل الذي فجره الإرهابيون. ناضل ضد استيلاء الإخوان على النقابات ومنهم نقابة المهندسين، وحبس أكثر من مرة، حتى توفي عام 1993 وهولم يكمل الخمسين عاما.

من هتافات تيمور الملواني الشهيرة والتي تستخدم حتى يومنا هذا:

نطق ايه مجلس أمة واللي عاملينه همه، وايضا هتاف: عايزين حكومة حرة ده العيشة بقت مرة.