تاريخ اسكندنافيا

عودة للموسوعة

تاريخ اسكندنافيا

هذا الموضوع هوجزء من
سلسلة اسكندناڤيا
الجغرافيا
  • الجبال
  • شبه الجزيرة
عصر الڤايكنگ
  • عصر الڤايكنگ
  • ڤارنگ
  • الڤايكنگ
  • ثنگ (مجلس)
  • التنصير
الكيانات السياسية
  • اتحاد كالمار
  • الدنمارك–النرويج
  • السويد–فنلندا
  • السويد–النرويج
التاريخ
  • اسكندناڤيا
  • الدنمارك
  • فنلندا
  • النرويج
  • السويد
  • أيسلندا
  • گرينلاند
  • أولاند
  • جزر فارو
  • اتحاد كالمار
  • كارليا
غيره
  • الاسكندناڤية
  • الاتحاد النقدي
  • الاتحاد الدفاعي
  • الرابطة الملكية
  • ساس
تاريخ اسكندناڤيا
  • العصر الحجري
  • العصر البرونزي
  • عصر الڤايكنگ
  • التمسيح
  • اتحاد كالمار
  • الحرب الشمالية العظمى
  • الاتحاد النقدي
  • الاتحاد الدفاعي
  • المجلس النوردي

تاريخ اسكندناڤيا هوتاريخ منطقة اوروبا الشمالية المعروفة في الإنگليزية بـاسكندناڤيا Scandinavia، وخصوصاً الدنمارك، النرويج، والسويد.

قبل التاريخ

العصر الحجري

العصر الحجري القديم الأعلى

As the ice receded, reindeer grazed on the flat lands of Denmark and southernmost Sweden. This was the land of the Ahrensburg culture, tribes who hunted over vast territories and lived in lavvus on التندرا. There was little forest in this region except for arctic white birch and rowan, but the taiga slowly appeared.

العصر الحجري الوسيط

العصر البرونزي النوردي

Petroglyphs from Scandinavia (Häljesta, Västmanland in Sweden). Composite image. Nordic Bronze Age. The glyphs are painted to make them more visible. It is unknown whether they were painted originally.

العصر الحديدي قبل الرومان

العصر الحديدي الروماني


عصر الڤايكنگ

سفينة ڤايكنگ معاد بناؤها

كان النظام الاجتماعي يقوم بين أهل الشمال، كما يقوم بين سائر الشعوب القديمة، على التأديب العائلي، والتعاون الاقتصادي، والإيمان الديني. وقد اتى فقرة من بيولف حتى "لا شيء يقضي على وشائج القربى عند صاحب البصيرة"(54). وكان غير المرغوب فيهم من الأطفال يعرضون للموت، ولكن الطفل إذا ما قبله أبواه تلقى على يديهم مزيجاً من التأديب والحب. ولم يكن عندهم أسماء أسر، بل كان جميع ولد يكتفي بأن يضيف إلى اسم أبيه: أولاف هرالدسون، ماجنس أولافسون، هاكون ماجنسن. وكان أهل اسكنديناوة قبل دخول المسيحية إلى البلاد بزمن طويل، إذا أرادوا حتى يسموا طفلاً صبوا عليه ماء رمزاً لدخوله في حظيرة الأسرة.

وكان التعليم عندهم ذا صبغة عملية: فكانت البنات يتفهمن الفنون في المنزل، وكان منها عصر الجعة؛ أما الأولاد فكانوا يتفهمون السباحة، والمشي على مزالق الجليد، وأشغال الخشب والمعادن، والمصارعة، والتجذيف، والانزلاق، ولعبة الكرة والصولجان hockey (والاسم مشتق من الحدثة الدنمرقية hock ومعناها الخطاف)، والقنص، والرمي بالأقواس والسهام، والضرب بالسيوف، والطعن بالحراب، وكان القفز من ضروب الرياضة المحببة، وكان في وسع بعض النرويجيين حتى يقفزوا بكامل سلاحهم ودروعهم إلى أعلى من طول قامتهم، وأن يسبحوا في الماء عدة أميال؛ ومنهم من كان يسبق أسرع جواد(55). وكان كثيرون من الأطفال يتفهمون القراءة والكتابة، وبعضهم يتفهمون الطب أوالقوانين. وكان الذكور والنساء على السواء مولعين بالغناء، ومن هؤلاء وأولئك من كانوا يعزفون على الآلات الموسيقية وهي عادة القيثارة. ونقرأ في إلدر أدا Elder Adda حتى الملك جنار Gunnar كان يستطيع العزف على القيثارة بأصابع قدميه، ويستطيع بها حتى يسحر الأفاعي.

وظل أغنياؤهم متعددي الزوجات حتى القرن الثالث عشر، وكان الآباء هم الذين يرتبون شئون الزواج، وكثيراً ما كان ذلك عن طريق الثراء، غير حتى أحرار النساء كن يستطعن إلغاء هذا الترتيب(56). فإذا تزوجت الفتاة بغير إرادة والديها عد زقابلا خروجاً عن القانون، وأباح القانون لأهلها حتى يقتلوها. وكان في وسع الرجل حتى يطلق زوجته متى شاء، فإذا لم يستطع حتى يبرر الطلاق بأسباب قوية كان في مقدور أهلها أيضاً حتى يقتلوه. وكان من حق الزوج والزوجة حتى يطلق أحدهما الآخر إذا ما لبس الرجل ثياب النساء أولبست المرأة ثياب الرجل-كأن تلبس المرأة سراويل قصيرة، أويلبس الرجل قميصاً مفتوحاً عند صدره. وكان من حق الرجل حتى يقتل دون حتى يلقى عقاباً-أي دون حتى يثير خصاماً دموياً-أي رجل يضبطه في علاقة غير شريفة بزوجته(57). وكان النساء يكدحن ولكنهن بقي لديهن من الأناقة ما يكفي لأن يقتل الرجال بعضهم بعضاً من أجلهن، وكان الرجال ذووالسلطان في الحياة العامة أذلاء كما هي العادة في بيوتهن. ويمكن القول بوجه عام إذا مكانة المرأة في اسكنديناوة الوثنية كانت أعلى منها في اسكنديناوة المسيحية(58). فلم تكن فيها أم الخطيئة بل كانت أم الرجال الأقوياء البواسل، وكان لها حق الثلث-وحق النصف بعد عشرين عاماً من زقابلا-في جميع ما يكسبه زوجها من مال؛ وكان يستشيرها في أعمالها المالية، وكانت تختلط في بيتها مع الرجال بكامل حريتها.

وكان العمل مما يشرف صاحبه، وكان لجميع الطبقات منه نصيب. وكان صيد السمك من الصناعات الكبرى، وصيد الحيوان من ضرورات الحياة لا من مسببات متعتها. ألا فليتصور القارئ ما استلزمه من كدح وقوة إرادة تقطيع غابات السويد وتذليل تربة منحدرات تلال النرويج المتجمدة وفلحها؛ وليست حقول القمح في منسوتا Minnesota إلا وليدة التربة الأمريكية ذللها صبر النرويجيين. وكانت الضياع الكبيرة قليلة العدد، حتى لقد فاقت اسكنديناوة غيرها من البلاد في كثرة عدد ملاكها، من الزراع الأحرار. وكان هناك من التأمين غير المكتوب يقلل من سقط الكوارث على أولئك الزراع: فإذا حرق بيت زارع عاونه جيرانه على بنائه من جديد، وإذا ما نفقت مواشيه بسبب السقم من "عمل الله" منحوه ما يعادل نصف ما خسره. وكان جميع شمالي تقريباً ذا حرفة، وكان بارعاً بنوع خاص في التجارة، غير حتى الرجل الشمالي كان متأخراً في استخدام الحديد الذي لم يدخل بلادهم إلا في القرن الثامن فلما دخلها صنعوا منه أنواعاً مختلفة من العدد، والأسلحة، والزخارف، صنعوها قوية جميلة من البرونز، والفضة، والمضى(59)؛ وكثيراً ما كانت الدروع والسيوف المزخرفة الجميلة النقش، والأقراط، والدبابيس، والسروج جميلة يتباهون بها. وكان بناءوالسفن الشماليون يبنون الزائريق والسفن الحربية؛ ولم تكن هذه أكبر من سفن الأقدمين، ولكن يظهر أنها كانت أصلب منها، فكانت مستوية القاع ليزيدها ثباتاً، محددة في جؤجؤها لتدمر سفن العدو؛ وكان غاطسها يتراوح بين أربع أقدام وست، وطولها بين ستين قدماً ومائة وثمانين، يدفعها الشراع حيناً والمجاديف في معظم الأحيان-ويبلغ عددها في الجانب الواحد من جانبها عشرة مجاديف أوستة عشر، أوستين مجدافاً. وهذه السفن الساذجة هي التي حملت الرواد والتجار، والقراصنة، والمحاربين من أهل الشمال في أنهار الروسيا منحدرة فيها إلى بحر الخرز والبحر الأسود، وعبرت بهم المحيط الأطلنطي إلى أيسلندة ولبرادور.

وكان الفيكنج يقسمون أنفسهم طبقات: الجارل Jarl والإيرل، وطبقة البندي Bondi أوالملاك الفلاحين، وطبقة العبيد، وكانوا يلقنون أبناءهم في صراحة (كما يعمل الحراس في جمهورية أفلاطون) حتى انتماء جميع إنسان غلى طبقته أمر قررته الآلهة لا يجرؤ على تبديله إلا غير المؤمنين(60). وكان الملوك يختارون ممن يجري في عروقهم الدم الملكي وولاة الأنطقيم من طبقة الجارل. وهذا القبول الصريح للملكية والأرستقراطية، وهما من المستلزمات الطبيعية للحرب والزراعة، كان يسير معه جنباً إلى جنب نظام ديمقراطي عجيب يجعل من ملاك الأراضي مشرعين وقضاة في جمعيات محلية يعقدها أصحاب البيوت، وجمعيات قروية تعقد في الولايات، وجمعية قومية عامة أوبرلمان. لقد كانت هذه الحكومة حكومة قوانين لا حكومة رجال فحسب، العنف فيها من الأمور الشاذة النادرة، والأحكام القضائية هي القاعدة العامة. نعم إذا قصص تلك البلاد مليئة بحوادث الانتقام وما ينشأ عنه من خصام وإراقة للدماء، ولكن الافتداء حتى في عصر الفيكنج، عصر الدم والحديد، لقد أخذ يحل محل الانتقام الفردي، ولم يكن منهم من قانونه الوحيد هوالنصر أوالهزيمة إلا قراصنة البحار. وكان العقاب الصارم يستخدم لحمل أولئك الرجال، الذين غلظت طباعهم لطول كفاحهم مع الظروف، على الخضوع للسلم والنظام. فكان الزاني يعاقب بالإعدام شنقاً أوتطأه الخيل حتى يموت، وكان جزاء الحريق العمد هوإحراق مرتكبه وهومصلوب، ومن يقتل أحد أبويه يعلق من قدميه إلى جانب ذئب حي معلق بنفس الطريقة، والثائر على الحكومة يشد إلى جوادين يسيران في اتجاهين متضادين حتى يمزق جسمه، أويربط خلف ثور بري يجره حتى يقضي نحبه(61). ولعل في هذا العقاب الوحشي دليلاً على حتى القانون لم يحل بعد محل الانتقام الشخصي، وكل ما في الأمر أنه جعله من حق المجمع نفسه. وحتى القرصنة نفسها قد تخلت عن مكانها للقانون، فاستقر اللصوص وأصبحوا تجاراً واستبدلوا الدهاء بالقوة؛ وجدير بالذكر حتى كثيراً من مواد قانون أوربا البحري مأخوذة من قانون أهل الشمال منقولة عن حلف المدن الهانسية Hanseatic League(62). وقد خطت قوانين النرويج في عهد مجنس الصالح (1035-1047) على رق سمي بسبب لونه "الإوزة الشهباء".ولا يزال هذا الرق باقياً إلى الآن، ويحتوي على أوامر مستنيرة للإشراف على الموازين والمقاييس، ومراقبة، رجال الشرطة للأسواق والثغور، ومعونة الدولة للسقمى والمعوزين(63).

وقد عاون الدين القانون والأسرة على عل أولئك الحيوانات مواطنين صالحين. ولم تكن الآلهة التيوتونية مجرد أساطير لأهل الشمال، بل كانت أرباباً حقيقية تهاب وتحب، وتتصل اتصالاً وثيقاً بالآدميين بآلاف المعجزات وحوادث الغرام. ذلك حتى النفوس البدائية في دهشتها ورعبها قد خولت جميع قوى الطبيعة ومجسماتها الكبرى إلى أرباب شخصية، يحتاج أقواهم حتى يسترضي على الدوام استرضاء لا يقل أحياناً عن التضحية بالآدميين أنفسهم. وكان مجمع الآلهة مزدحماً بهم: كان فيه اثنا عشر إلهاً ذكراً، واثنتا عشرة إلهة أنثى؛ وكثير من مختلف المردة (الجوتون Jotun) وأرباب الأقدار (نورن Norn)، ورسل الآلهة والساقون (الفلكيري Valkyries)، وبينهم عدد من العرّافات، وصغار العفاريت، والساحرات. فأما الآلهة فلمقد يكونوا أكثر من آدميين مبكرين، يولدون مثلهم، ويجوعون، وينامون، ويسقمون، وينعملون، ويحزنون ويموتون؛ ولا يفوقون الآدميين إلا في أحجامهم، وطول أعمارهم، وعظيم قواهم. ومن هؤلاء أودين Odin (وودن Woden الألماني) أبوالآلهة كلهم، الذي كان يسكن بجوار بحر آزوف (آزاق) Azof في أيم قيصر، وهناك أنشأ أسجارد Asgard أوحديقة الأرباب لأسرته ومستشاريه واشتدت إليه الرغبة في تملك الأرضين ففتح بلاد أوربا الشمالية. على أنه لم يسلم من التحدي ولم يكن قادراً على جميع شيء، فقد عنفه لوكي Loki أشد التعنيف(64)، وتجاهله ثور Thor ولم يعبأ به. فأخذ يغرس الأرض في طلب الحكمة، واقتنى بأحد عينيه جرعة من ينبوع الحكمة. بم اخترع الحروف الهجائية، وفهم خلقة الكتابة، والشعر، والفنون، ووضع القوانين. وقبل حتى تنتهي حياته على ظهر الأرض عقد جمعية من السويديين والقوط، وجرح نفسه في تسعة أماكن من جسمه، فمات ورجع أسجارد ليعيش فيها إلهاً.

وكان ثور في أيسلندة أعظم من أودين، فقد كان فيه إله الرعد، والحرب، والعمل، والقانون، وكلت السحب السوداء حاجبيه السوداوين، وكان الرعد صوته، والبرق مطرقته يلقي بها من السماء. وكان للشعراء الشماليين معه كثير من المزاح، كما يمزح اليونان مع هيفستوس Hephaestus وهرقل، ولعلهم قد أخذوا منذ ذلك الوقت البعيد يتشككون في آلهتهم تشكك هومر في آلهته، وكانوا يتمثلونه في جميع أنواع المآزق والأعمال الشاقة المضنية، ومع هذا فقد بلغ من حب الأيسلنديين له حتى واحداً من جميع خمسة منهم تقريباً كان يغتصب اسمه-ثورلف Throlf، ثورولد Thorwald، ثورشتين Thorstien...

وكان بلدور Baldur بن أودين عظيماً في القصص وأقل مقاماً من أودين وثور فيما يلقاه من العبادة. كان "ذا بهاء في صورته وملامحه... وكان أرق الآلهة، وأكثرهم حكمة، وأفصحهم لساناً(65)؛ وكادت هذه الصفات تغري المبشرين الأولين بأن يقولوا إنه هوالمسيح عينه، وينطق إنه رأى حلماً مزعجاً ينبئه باقتراب منيته، ولما قص هذا الحلم على الآلهة طلبت الإلهة فرجا Frigga إلى جميع أنواع الجماد، والحيوان، والنبات، حتى تقسم أغلظ الإيمان ألا يمسه أحدها بسوء، فكان جسده الفخم المجيد بعد هذا القسم يطرد جميع الأجسام المؤذية، وكان الآلهة يسلون أنفسهم بأن يقذفوه بالحجارة والسهام، والفؤوس والسيوف، فكانت هذه الأسلحة كلها ترتد عنه، ولا تهجر في جسده أثراً. غير حتى فرجا قد فاتها حتى تأخذ عهداً على "شجيرة صغيرة تدعى المقاس" ألا تمسه بسوء لأنها ظنتها أضعف من حتى تؤذي إنساناً ما. فما كان من لكي الوقح المحب للوقيعة بين الآلهة إلا حتى بتر منها عسلوجاً، وأقنع إلهاً كفيفاً حتى يلقيه على بلدور، ونفذ العسلوج في جسده فقضى عليه، ثم ماتت زوجته نب Nep من فرط حزنها عليه، وحرقت جثتها مع بلدور وجواده المطهم على كومة واحدة(66).

وكان الفلكبري-الذين يختارون القتلى-هم الذين يحق لهم حتى يحددوا أجل جميع نفس. وكان الذين يموتون ميتة دنيئة يلفون في ممالك هل Hel، إلهة الموتى، أما الذين يموتون في ميدان القتال فيأخذهم الفلكيري إلى فلهلا Valhalla- "بهوالصفوة"، حيث يصبحون أبناء أدوين فيعودون مرة أخرى ذوي قوة وجمال، يقضون نهارهم في حروب البسالة وليلهم في استهلك الجعة. ثم أتى حين من الدهر (كما تقول الأساطير الشمالية المتأخرة) أعربت فيه الجوتون-شياطين الاضطراب والدمار الرهيبة-الحرب على الآلهة، وقاتلها قتالاً ملكت فيه هذه وتلك عن آخرها. وفي هذا العصر، عصر غسق الآلهة، تهدم الكون كله: ولم يقتصر هذا الدمار على الشمس، والكواكب، والنجوم، بل ضم في النهاية الفلهلا نفسها وجميع من فيها من المحاربين والأرباب، ولم يبق إلا الأمل وحده-الأمل في حتى مر الوقت البطيء يفترض أن تنشأ منه أرض جديدة، وسماء جديدة، وعدالة خير من العدالة السابقة، وآلهة أعظم من أودين وثور. ولعل هذه السيرة العظيمة ترمز إلى فوز المسيحية، وإلى الضربات الشديدة التي كالها المليكان أولاف Olafs من أجل المسيح، أولعل شعراء الفيكنج قد أخذوا يشكون في آلهتهم ويوارونهم التراب.

تلك أساطير عجيبة لا تفوقها في جمالها وفتنتها إلا أساطير اليونان. وكانت أقدم صورة وصلت إلينا منها هي صورتها ي تلك القصائد العجيبة التي سميت خطأ باسم Edda . وخلاصة قصتها حتى راهباً كشف في عام 1643 في مخطة كبنهاجن الملكية مخطوطاً يحتوي عدداً من القصائد الأيسلندية القديمة، وسقط هذا الراهب في خطأ مزدوج فسماها إدا سيمند الحكيم The Edda of Saemund the Wise (حوالي عام 1056-1033) وهوعالم أيسلندي من رجال الدين. والباحثون الآن يجمعون على حتى هذه القصائد قد خطها في النرويج وأيسلندة، وجرينلندة كتاب غير معروفين في أوقات غير معروفة بين القرنين الثامن والثاني عشر، وأن سيمند من الممكنقد يكون قد جمعها ولكنه لم يؤلفها، وأن الإدا لم يكن اسمها. ولكن الزمن يقر الأخطاء كما يقر السرقات، ويوفق بين هذه الخطاء بأن يسمى القصائد الإدا الشعرية أوالإدا الكبرى. وهي في معظمها أغان قصصية عن الأبطال أوالآلهة الاسكنديناويين أوالألمان، وفيها نلتقي لأول مرة بسيجورد الفلسنجي Sigurd the Volsung وغيره من الأبطال الذكور والإناث والأوغاد الذين قدر لهم حتى يتخذوا صورة أوضح من صورتهم هنا في الفولسنجساجا Volungasaga والنيبلنجنليد Nibelungenlied وأعظم قصائد الإدا قوة هي قصيد الفلسيا Voluspa التي تصف فيها البنية فولفا في صورة فخمة قاتمة خلق العالم، وآخرته المنتظرة ثم بعثه في آخر الأمر. وتختلف عن هذه القصيدة في الأسلوب "أغنية الواحد الأعلى" التي يصوغ فيها أودين، بعد حتى يمر بمختلف الظروف ويلتقي بجميع أنواع الناس، ما تمليه عليه حكمته من الأمثال ليست كلها من الأمثال الخليقة بالآلهة:

لقد طرقت أماكن كثيرة مبكراً فوق أوما يجب أوبعد فوات الأوان، قبل حتى تعد الجعة أوبعد حتى استنفدها الشاربون(67)... خير أنواع السكر هوالذي يستعيد جميع إنسان بعده قواه العقلية(68). يجب ألا يثق الإنسان بأقوال فتاة ولا بأقوال امرأة، لا الخطيئة قد غرست في صدورهن(69)؛... هذا ما وقع لي حين حاولت إغواء تلك الغادة الفطنة؛... ولم أكسب من هذه الغادة شيئاً(70)... النهار يمدح في المساء، والسيف بعد حتى يجرب، والمرأة بعد حتى تحرق جثتها(71)... كثيراً ما يعاقب الإنسان على الألفاظ التي يتحدث بها إلى غيره(72)... واللسان هوسم الرأس(73). تجنب النزاع مع من هوشر منك ولواقتصر نزاعك معه على ثلاثة ألفاظ، وكثيراً ما يستسلم خير الرجلين إذا ما ضر به شرهما(74)... يجب حتىقد يكون الإنسان حكيماً في اعتدال وألا يسرف في الحكمة... لا تدع إنساناً يعهد مصيره قبل حلوله، لأن عقله يأمن بذلك من المشاغل... إذا ذا العقل قلّما يبتهج قلبه خير البيوت بيتك ولوكان صغيراً(77)... وخير المناظر منظر مصطلى الإنسان ومنظر الشمس(78).

وأكبر الظن حتى قصائد الإدا الكبرى قد ظلت يتناقلها الناس شفوياً حتى القرن الثاني عشر، ثم دونت في ذلك القرن. وكانت الحروف الهجائية في عصر الفيكنج هي حروف أوربا الشمالية كما كانت هي حروف ألمانيا وإنجلترا الأنجليسكسونية. وكانت هذه الرموز ؛ومعناها الحرفي "الأسرار الخفية") الأربع والعشرون تكون أبجدية أساسها بوجه عام هوالحروف اليونانية واللاتينية المطبعية المائلة. وكان في وسع الأدب في ذلك العصر حتى يستغني عن الحروف، ذلك حتى الشعراء والمغنين كانوا يؤلفون قصائدهم، ويحفظونها عن ظهر قلب، ويتلونها، ويتناقلها عنهم الناس شفوياً، وكانوا في هذه القصائد يتغنون بالآلهة التيوتونية و"عصر الأبطال" (من القرن الرابع إلى القرن السادس) الذي بسطت فيه الشعوب الألمانية سلطانها على أوربا. وقد احتفظ استرلسون وغيره من الكتاب ببتر صغيرة من هذه الأغاني، وبكثير من أسماء الشعراء. وأشهر هؤلاء كلهم هوسجفات ثوردارسون Sigvat Thordarsson الذي كان شاعراً ومستشاراً صريحاً في بلاط سانت أولاف. وكان شاعر آخر يدعى إجيل اسكلاجرمسون Egil Skallagrimsson (900-983)، أشهر رجال زمانه في أيسلندة-كان محارباً شجاعاً، وشريفاً فردي النزعة، وشاعراً جياش العاطفة، وقد فقد في كبر سنه أصغر أولاده إذ توفي غريقاً، وكاد يقضي عليه الحزن لولا حتى أقنعته ابنته بأن يستعيض عن ذلك بكتابة قصيدة. فعمل بإشارتها وخط قصيدتها المعروفة باسم "ثكل الابن" Sonartorrek التي يندد فيها بالآلهة ويتحداهم ويتهمهم بموت ولده. وهويأسف لأنه لا يستطيع حتى يعثر على أودين ليقاتله كما قاتل غيره من الأعداء. ثم يهدأ مزاجه حين يفكر حتى الآلهة لم تسلط عليه الأحزان وكفى بل وهبته فوق ذلك ملكة الشعر، ثم يرضي بحظه فيعتزم حتى يعيش ويعود إلى منزلته العالية في مجالس بلاده(79).

وما من شك في حتى آداب ذلك العصر تغالى في وصف ما كان يسود مجتمع الفيكنج من عنف، شأنها في ذلك شأن الصحافة والتاريخ اللذين يخنادىن القارئ بالتحدث عما هوشاذ غير عادي ويهملان سير الحياة البشرية السوى. لكننا لا ننكر حتى الظروف القاسية التي كانت تعيش فيها اسكنديناوة في الزمن القديم اضطرت الأهلين إلى حتى يخوضوا معركة حامية في سبيل العيش لا يبقى فيها إلا أصلبهم عوداً، ومن أجل هذا نشأ عندهم من عادات النزاع القديم والأخذ بالثأر والقرصنة غي المقيدة في البحار المفتوحة، نشأ من هذه العادات قانون أخلاقي على غرار قانون تخصصة يدين بالشجاعة التي لا ترعى مبدأ ولا ضميراً. نطق فيكنج لصاحبه: "قل لي أي دين تؤمن به؟" فأجابه بقوله "إني أومن بقوتي". وأراد جولد هارلد Golq Harald حتىقد يكون له على عرش النرويج، ورأى حتى يناله بالقوة، لكن صديقه هاكون نصحه بقوله: فكر في أمرك واعهد هل تستطيع حتى تبذل من قوة الرجولة ما يحقق مطعمك، لأن نيل هذه الغاية يحتاج من صاحبها حتىقد يكون جريئاً، ثابتاً، لا يحجم عن عمل الخير أوالشر إذا كان فيه ما يوصله إلى مطلبه"(81). ومن هؤلاء الناس من كانوا يجدون في القتال لذة تكاد تنسيهم آلام جراحهم، ومنهم من كان يعتريهم عثر ونشوة في القتال تعهد عندهم باسم برسركس جانجر berserksgangr أي "طريقة برسلك". وكان البرسركيون-أوأصحاب قمصان الدببة-مقاتلين يندفعون إلى قلب المعركة دون حتىقد يكون على أجسامهم قمصان من الزرد، ثم يحاربون ويصرخون كالحيوانات المفترسة، ويعضون بأسنانهم على دروعهم وهم غضاب ثائرون، فإذا انقضت المعركة فقدوا وعيهم وخارت قواهم(82). وكانت الفلهالا محرمة على غير الشجعان، ومن يمت في القتال من أجل جماعته تغفر له جميع خطاياه.

إلى غير ذلك تعود "رجال الفيوردات" شظف العيش والألعاب العنيفة، ثم ساروا في سفائنهم ذات المجاذيف يفتحون لهم ممالك في الروسيا، وبمبرانيا Pomerania، وفريزيا، ونورمندية وإنجلترا، وأيرلندة، وأيسلندة، وجرينلندة، وإيطاليا، وصقلية. ولم تكن هذه المغامرات غارات تقوم بها جموع من الجند كجهاد المسلمين أوطوفان المجر، بل كانت بمثابة اندفاع حفنات متهورة من الرجال يرون جميع ضعف جرماً؛ وكل قوة عملاً صالحاً، يشتهون الأرض، والنساء، والثراء، والسلطان، ويشعرون حتى من حقوقهم المقدسة حتىقد يكون لهم نصيب من ثمار الأرض. ولقد بدءوا حياتهم قراصنة واختتموها ساسة وحكاماً. فمنهم رولوRollo الذي وهب نورمنديا نظاماً مبنادىً خلاّقاً، ومنهم وليم الفاتح الذي وهب إنجلترا هذا النظام نفسه، وروجر الثاني منشئه في صقلية. ولقد مزجوا دمهم الشمالي الجديد بدماء الشعوب التي أضعفتها الحياة الريفية الرتيبة فبعثوا فيها قوة ونشاطاً، إلا حتى قلّما يفنى من لا يستحق الفناء، وإن احتراق نفايات الزروع ليخصب تربة الأرض ويجعلها أصلح مما كانت للغرس الجديد.


عصر الاستيطان

Scandinavian settlements and voyages


التنصير

During the Christianization of Norway, King Olaf ordered male völvas (seidmen) tied and left on a skerry at ebb, resulting in a protracted death by drowning and the securing of Christian hegemony in the Norwegian kingdom.

1100–1600

اتحاد كالمار

اتحاد كالمار في 1397.

اسكنديناوة 1100-1300

عادت الدنمرقة إلى الظهور في التاريخ مرة أخرى في عهد ڤالدمار الأول Waldemar I (1157-1182) بعد حتى ظلت مائة عام تنعم بالاختفاء عنه، فقد استعان هذا الملك بوزيره أبسالون Absalon كبير أساقفة لوند Lund على إقامة حكومة قوية، طهرت البحار من القراصنة. واعتنت الدنمرقة بحماية التجارة وتشجيعها، وأسس أبسالون في عام 1167 مدينة كوپنهاگن Copenhagen أي "مرفأ السوق"- Kjoebenhaven. وردّ ڤالدمار الثاني (1202-1241) على الاعتداءات الألمانية بالاستيلاء على هولشتاين Holstein، وهامبورگ، وعلى البلاد الألمانية الواقعة في الشمال الشرقي من نهر الإلبه. ثم قام بثلاث حروب "صليبية" ضد صنطقبة البحر البلطي "تكريماً للعذراء المباركة" واستولى على إستونيا الشمالية، وأسس مدينة ريڤال Reval. وهوجم في إحدى هذه الحروب وهوفي معسكره؛ ويقول الرواة إنه نجا من الموت بسببين أولهما شجاعته وثانيهما أنه نزلت من السماء في وقت الهجوم عليه راية حمراء عليها صليب أبيض. وأصبحت هذه الراية المعروفة باسم الدنبرج Dannebrog أي القماش الدنمرقي فهم القتال الدنمرقي؛ وأسره الكونت هنري الشويريني Count Henry of Schwerin في عام 1223، ولم يطلق سراحه بعد حتى قضي في الأسر عامين ونصف عام إلا بعد حتى هبط للألمان على جميع فتوحه الألمانية والصقلبية ما عدا روگن Rügen. وقضي هذا الملك بقية حياته العجيبة النافعة في الإصلاحات الداخلية وتقنين جميع شرائع الدنمرقة. وكانت مساحة الدنمرقة حين وفاته ضعفي مساحتها في هذه الأيام، وكانت تضم الجزء الجنوبي من بلاد السويد، وكان عدد سكانها مساوياً لعدد سكان السويد (300.000) والنرويج (200.000) مجتمعين. ثم ضعفت سلطة الملوك بعد وفاة ڤالدمار الثاني، حتى إذا كان عام 1282 حصل الأشراف من إرك گلپنگ Eric Glipping على عهد يعترف فيه بأن جمعيتهم "الدانهوف Danehof" برلمان قومي.

وليس في مقدور كائن من كان حتى يجعلنا نتصور أعمال أهل اسكنديناوة في هذه الأيام الأولى اللهم إلا إذا كان قصاصاً واسع الخيال، وحسبنا حتى نقول عنها إنها جهود جبارة تبذل في سبيل الاستيلاء على هذه شبه الجزيرة الوعرة الخطرة يوماً بعد يوم وقدماً بعد قدم. لقد كانت الحياة لا تزال فيها بدائية؛ وكانت موارد الغذاء الأولية فيها هي صيد الحيوان والسمك والزراعة. وكان لابد من تقطيع أشجار الغابات المترامية الأطراف، واستئناس الحيوان البري، وجر الماء إلى مجار تمكن الأهلين من الإنتاج، وإنشاء المرافئ البحرية؛ وكان لابد من حتى يعتاد الرجال الجلد وتحمل المشاق لمغالبة الطبيعة التي بدت وكأنها تغضب من تطفل الإنسان عليها وتدخله في شئونها. وكان للرهبان السسترسيين Cistercian شأن عظيم في هذا الكفاح الذي قضوا فيه حياتهم جيلاً بعد جيل، فكانوا يبترون الأشجار، ويفلحون الأرض، ويفهمون الفلاحين أساليب الغرس الراقية. وكان من أبطال هذا الكفاح إيرل برگر Earl Birger رئيس وزراء السويد من 1248 إلى 1266. فهوالذي ألغي رق الأرض، وأقام حكم القانون، وأسس مدينة ستوكهولم Stokholm (حوالي عام 1255)، وأنشأ أسرة فولكونگ Folkung (1250-1363) بأن أجلس ابنه ولدمار على العرش. وأثرت مدينة برگن لأنها كانت منفذ تجارة النرويج، وأضحت مدينة ڤيسبي Visby القائمة على جزيرة گوتلاند Gotland مركز الاتصال بين بلاد السويد والعصبة الهانسية. وشيدت كنائس فخمة ممتازة، وتضاعف عدد الكنائس الكبرى والمدارس، وأخذ الشعراء يغنون قصائدهم؛ وفي القرن الثالث عشر أضحت جزيرة أيسلندة Iceland القائمة بعيداً عن البلاد في ضباب المحيط الجامد الشمالي أكثر المراكز الاسكندويناوية في العالم نشاطاً في الأدب.

المشهد الإسكنديناوي (1470-1523)

ما حتى حل عام 1500 حتى كانت تقوى الناس قد جعلت الكنيسة تسيطر على اقتصاد إسكنديناوة. وكانت الكنيسة تملك نصف الأرض في الدنمرك، وكان يفلحها مستأجرون في منزلة تقرب من الرق(1). وكانت كوبن هاجن نفسها إقطاعية للكنيسة، ورجال الأكليروس والنبلاء يتمتعون بالإعفاء من ضرائب الأرض. أما النبلاء فلأنهم اشهجروا في الحرب على نفقتهم الخاصة، وأما رجال الأكليروس فلأنهم نظموا العبادة والأخلاق والتعليم والبر.

وكانت الجامعات في كوبنهاجن وأبسالا من طبيعة الحال في أيدي رجال الكنيسة، وكانت الكنيسة تتقاضى سنوياً عشر جميع ناتج أوولج يُحَصَّل خارج مجال الكنيسة، وتقاضت رسماً صغيراً على جميع بناء يقام وكل طفل يولد وكل اثنين يتزوجان وكل جثة تدفن، وطالبت بالتبرع بيوم عمل في السنة من جميع فلاح. ولم يكن في وسع أحد حتى يرث عقاراً، دون حتى يقدم عنه حصة للكنيسة، باعتبارها محكمة إشهاد للتثبيت من صحة الوصايا(2). وكان يدافع عن هذه الضرائب بأنها تمول الخدمة الكهنوتية في الكنيسة، ولكن الشكاوى ارتفعت بأن الكثير من متحصلات المعاملات التجارية مضىت لكي يعيش الأساقفة في أبهة ملكية. وأزعج تجار الدنمرك السيادة الهنزية في بحري الشمال والبلطيق، فتميزوا غيظاً من المنافسة الإضافية للنبلاء ورجال الأكليروس، الذين كانوا يصدرون فائض إنتاج ضياعهم في سفنهم الخاصة غالباً. وفي إسكنديناوة كما في غيرها من البلاد، تطلع النبلاء في شوق إلى أراضي الكنيسة. ولقد وقع هناك، كما وقع في جميع موضع آخر صراع بين القومية، وبين الكنيسة التي تسموعلى جميع قومية، وأيدت الكنيسة في جميع البلاد الثلاث اتحاد حدثار الإسكنديناوي، الذي كان كريستيان الأول ملك الدنمرك قد جدده (1457). ولكن حزباً قومياً يتألف من سكان المُدن والفلاحين رفض الاعتراف بالاتحاد، باعتباره في الحقيقة سيادة دنمركية، ونادوا بستن ستور الأصغر نائب ملك يحكم أمة مستقلة (1512). ودافع رئيس الأساقفة جوستاف ترول من أبسالا - وكانت وقتذاك عاصمة للسويد - عن الاتحاد، فأنطقه ستن ستور الصغير وأمر البابا ليوالعاشر بإعادته إلى وظيفته فرفض ستور. وحرم ليوتقديم الخدمات الدينية في السويد وفوض كريستيان الثاني ملك الدنمرك في غزوالسويد ومعاقبة نائب الملك، وفشلت أول محاولة لكريستيان، واضطر إلى توقيع هدنة، ولكنه حمل معه عند العودة إلى كوبنهاجن عدة رهائن كضمان لالتزام السويديين بنصوص الهدنة، وكان جوستاف فازا أحد هذه الرهائن. وظفر كريستيان في حملة ثانية بنصر حاسم، ومات ستور متأثراً بالجروح، التي أصيب بها في المعركة. وأعدت أرملته على عجل جيشاً احتفظ بستكهولم لمدة خمسة شهور أمام حصار دنمركي، وأخيراً سلمت لقاء وعد قدمه قائد كريستيان بالحصول على عفوعام. وفي أربعة نوفمبر توج كريستيان ملكاً على السويد على يد ترول الظافر الذي أعيد إلى وظيفته.

وفي السابع من نوفمبر استدعى كبار السويديين الذين أيدوا ستور للمثول أمام الملك في قلعة ستوكهولم. واتهمهم ممثل لترول بارتكاب جرائم عظمى بخلعهم كبير الأساقفة وتدمير قلعته، وطالب الملك بالانتقام منهم لهذه الأخطاء. وعلى الرغم من العفوالعام الذي صدر فقد حكم على سبعين من كبار السويديين بالإعدام. وبترت رؤوسهم في الثامن من نوفمبر في الميدان الكبير، وقبض على آخرين عديدين في التاسع من نوفمبر وأعدموا، وأضيف إلى مَن قتلوا في هذه المذبحة بعض المشاهدين الذين أعربوا عن تعاطفهم مع المحكوم عليهم، وصودرت أملاك الموتى لصالح الملك، وصرخ جميع السويديين من الرعب، ونطق الناس إذا اتحاد كالمار أغرق في "حمّام الدم بستوكهولم" وانحطت مكانة الكنيسة كثيراً في نظر الجماهير لأنها بدأت المذبحة. وقد رأى كريستيان حتى يجعل حكمه آمناً بالقضاء على عقول الحزب القومي. والحق أنه مهد طريق العرش للرهينة الشاب الذي قدر له حتى يحرر السويد. واسمه جوستافوس أركسون، ولكن ذريته أطلقوا عليه اسم فازا، وهومشتق من حدثة vasa السويدية وfascis. اللاتينية ومعناها حزمة من العصى ظهرت في شعار أسرته. وعندما بلغ الثالثة عشرة من عمره أوفد ليدرس في أبسالا، وعندما بلغ العشرين من عمره استدعي لبلاط ستور الصغير الذي تزوج أختاً غير شقيقة لجوستافوس من أمه، وهناك تلقى مزيداً من التعليم على يد رئيس الوزراء، الأسقف همينج جاد، وفي عام 1519 فر من المراقبة في الدنمرك واتخذ طريقه إلى لوبك، وأقنع أعضاء مجلس الشيوخ فيها (وكانوا في عداء دائم للدنمرك)، حتى يقرضوه مالاً ويعيروه سفينة، وعاد إلى شواطئ بلاده (31 مايوسنة 1520)، وأخذ يضرب على غير هدى وهومتنكر أربعة شهور أوكان يختبئ في قرى مغمورة. وفي نوفمبر وصلت الأنباء إليه بأن ما يقرب من مائة من الوطنيين المخلصين، ومنهم أبوه، قتلوا في ستوكهولم، فامتطى صهوة أسرع جواد استطاع العثور عليه، وركب شمالاً إلى موطنه مقاطعة داليكارليا، وصمم على حتى ينضم هناك من ملاّك الأراضي الجسورين طلائع جيش يمكن حتى يحرر السويديين من الدنمركيين.

وكانت حياته وقتذاك ملحمة جديرة بأن يتغنى بها هوميروس. فقد مضى يسير في طرقات ثلجية، والتمس الراحة في بيت زميل سابق له في المدرسة. وقدم له هذا الصديق واجبات الضيافة ثم انطلق ليخطر الشرطة الموالية للدنمركيين حتى الرهينة الهاربة يمكن القبض عليها وقتذاك، غير حتى الزوجة أنذرت جوستافوس ليلوذ بالفرار. وبعد حتى بتر راكباً عشرين ميلاً عثر ملجأ لدى قسيس أخفاه أسبوعاً. وسافر بعد ذلك ثلاثين ميلاً وحاول حتى يحرض مدينة راتفيك على الثورة بيد حتى أهلها لمقد يكونوا قد سمعوا بعد بسيرة حمام الدم ولم يصدقوها. فركب فازا وسار في مروج متجمدة خمسة وعشرين ميلاً شمالاً إلى مورا، وتوسل مرة أخرى للفلاحين حتى يقوموا بثورة، بيد أنهم أصغوا إليه متشككين في تبلد. ووجد نفسه منبوذاً وتملكه اليأس لحظة، فاستدار بفرسه نحوالغرب، وتخلى عن البحث عن ملجأ في النرويج. وقبل حتى يصل إلى الحدود أدركه رسول من مورا، ورجاه حتى يعود، وتعهد له بأنه يفترض أن يجد وقتذاك أذناً صاغية بروح تفيض حماسة مثل روحه. فقد سمع الفلاحون أخيراً بأنباء الرعب في ستوكهولم، وعلاوة على هذا انتشرت شائعة بان الملك كان يفكر في القيام برحلة يخترق فيها السويد، وأنه أمر بإقامة المشانق في جميع مدينة كبرى. وتقرر فرض مكوس جديدة على شعب كان يكافح من أجل الحياة أمام جشع السادة واستبداد المبادئ الأساسية. وعندما خاطب جوستافوس المواطنين في مورا مرة أخرى أعطوه حرساً مكوناً من ستة عشر من سكان المناطق الجبلية، وأقسموا حتى يسلحوا أنفسهم، وينظموا صفوفهم، ويسيروا وراءه حيثما يقودهم لمقاتلة الدنمركيين.

ولم يعهدوا وقتها سوى الأقواس والسهام وفئوس الحرب، وفهمهم فازا كيف من الممكن أن يصنعون الرماح والحراب برؤوس من حديد. ودربهم بكل حمية يطويها بين جوانحه شاب يحفزه حب الوطن والسلطة، وبهذه الحماسة استولوا على فستيريس ثن ابسالا، وفر كبير الأساقفة ترول مرة أخرى، وكسب الجيش النامي في صبر وتصميم مقاطعة إثر أخرى من الحاميات الدنمركية.

ولم يستطع كريستيان الثاني الحضور ليتولى بنفسه قيادة قواته لأنه قابل في بلده ذاتها حرباً أهلية إلا حتى أسطوله أغار مراراً على الشواطئ السويدية، وبعث جوستافوس برسل إلى لوبك لكي يطلبوا سفناً حربية. وجهزت المدينة التجارية عشرة سفن صرفت نشاط الأسطول الدنمركي، وذلك لقاء وعد بالحصول على مبلغ كبير. وفي السابع من يونية سنة 1523 نادى الثوار المنتصرون، في ركسراد جديدة بقائدهم ملكاً باسم جوستافوس الأول، وفي العشرين من يونيه استسلمت ستوكهولم واتخذ فازا منها بعد ذلك عاصمة له. وفي غضون ذلك كان كريستيان الثاني قد خلع عن عرشه في الدنمرك، وتخلى خلفه فريدريك الأول عن جميع المطالب الدنمركية في السيادة على السويد. وانتهى اتحاد كالمار (1397-1523) وبدأت أسرة فازا.


2- الإصلاح الديني السويدي

كان جوستافوس لا يزال شاباً في السابعة والعشرين من عمره. ولم يكن فارع الطول، كما نعهد في الرجال من أهل الشمال، ولكنه كان يتمتع بقوة بدنية مثل أي قرصان إسكنديناوي، وكان وجهه المستدير متورداً بحمرة الصحة، ولحيته الصفراء الطويلة تضفي عليه وقار الملك أكثر من دلالتها على سنه، وكانت أخلاقه رائعة بالنسبة إلى ملك، بل إذا الكنيسة التي قدر له حتى ينبذها بعد ذلك بوقت قصير لم تستطع حتى تجادل في تقواه. ووقف نفسه على القيام بأعباء الحكم بنشاط لا يعهد الأناءة، جعله ينزلق أحياناً إلى التوسل بالعنف أوالاستبداد، بيد حتى ظروف السويد عند ارتقائه العرش كانت تبرر أوتكاد طبعه وحكمه المطلق. وقد هجر آلاف الفلاحين، غمرة فوضى الحرب، حقولهم دون حتى يغرسوها، وهجر عمال التعدين مناجمهم، ودمر الصراع المدن، وخفضت قيمة العملة وأفلست الخزانة العامة، وأزهقت أرواح أصحاب العقول المدبرة في البلاد في "حمّام الدم". واعتبر البارونات الإقطاعيون الباقون على قيد الحياة جوستافوس حديث النعمة، ونظروا باحتقار إلى انادىئه الحق في الحكم. ودبرت المؤامرات لخلعه فقضى عليها بيد من حديد. وكانت فنلندة، التي كانت جزءاً من السويد، لا تزال في أيدي الدنمركيين، وكان سورن نوربي أمير البحر الدنمركي يحتفظ بجزيرة جوتلاند الاستراتيجية، وضجت لوبك مطالبة بسداد قروضها.

وكانت أول حاجة ملحة استشعرتها الحكومة مال يدفع للقوات المسلحة التي تحميها، ثم للموظفين الذين يقومون على شؤونها، أووعد بدفع هذا المال، ولكن الضرائب في السويد أيام فازا كانت تكاد تكلف في جبايتها أكثر من المتحصل منها لأن الذين كان في وسعهم وحدهم حتى يدفعوها كانوا أقوياء جداً إلى الحد الذي يقاومون فيه جبايتها. وخضع جوستافوس لما اقتضته الحاجة الملحة من تخفيض قيمة العملة مرة أخرى، بيد حتى العملات الرديئة سرعان ما هبطت إلى قيمتها العملية، وكانت إيرادات الدولة أسوأ مما كانت عليه من قبل، ولم تكن في السويد إلا جماعة واحدة غنية - هي طبقة رجال الأكليروس، فتحول جوستافوس اليهم، وطلب منهم المساعدة، واعتقد حتى من العدل حتى تخفف ثروة الكنيسة وطأة الفقر الذي يرزح تحته الشعب والحكومة. وخط عام 1523 رسالة إلى الأسقف هانز براسك من لنكوبنج، يطلب فيها هبة قدرها 5.000 جيلدر للدولة. فاحتج الأسقف ثم أذعن. وأوفد فازا طلباً عاجلاً إلى كنائس السويد وأديارها بضرورة تسليم جميع الأموال والمعادن الثمينة، التي ليست ضرورية لمواصلة خدماتها، إلى الحكومة بصفة قرض، ونشر قائمة بالمبالغ التي يتسقط الحصول عليها من جميع مصدر. ولم تكن الاستجابة إليه كما تسقط، وبدأ يتساءل: ما إذا كانت الحكمة تقضي منه حتى يعمل كما كان يعمل الأمراء اللوثروين في ألمانيا - فيصادر ثروة الكنيسة تلبية لحاجات الدولة. ولم ينسَ حتى أغلب كبار رجال الأكليروس قد عارضوا الثورة، وأنهم عضدوا حكم كريستيان الثاني في السويد. وفي عام 1519 عاد أولاوس بترى، وهوابن صاحب مصنع حديد سويدي بعد حتى قضى بضع سنوات في الدراسة بفيتنبرج، وسمح لنفسه ببعض الهرطقات، وهوشماس في المدرسة الكاتدرائية في سترانجنارس ونطق إذا المطهر أسطورة، وإن الصلوات يجب حتى يخاطب بها الله وحده وان الاعتراف يوجه إليه وحده، وإن الدعوة إلى ما ورد في الإنجيل من شعيرة القداس. وبدأ الناس يتداولون رسائل لوثر في السويد. فألح براسك على فازا حتى يمنع بيعها، فأجاب الملك بأن "تعاليم لوثر عرضت على قضاة عدول فلم يجدوا فيها زيفاً(3)". ولعله رأى حتى من حسن السياسة الاحتفاظ على سبيل الاحتياط بهرطيق يساوم الكنيسة عليه. وأصبحت الأمور أشد إثارة عندما رفض البابا أدريان السادس حتى يصادق على تعيين قاصده الرسولي جوهانس ماجنوس رئيساً لأساقفة أبسالا، واقترح إعادة جوستاف تروي عدوالثورة. فأوفد فازا إلى مجلس شورا الفاتيكان رسالة كان حرية وقتذاك (1523) بأن تفزع هنري الثامن وتسعده فيما بعد:

إذا كان عند أبينا المقدس أي اهتمام بسلام بلدنا فإنه يسرنا حتى نراه يصادق على اختيار قاصده الرسولي... وسوف نستجيب لرغبات البابا فيما يختص بإصلاح الكنيسة والدين. ولكن إذا أيد قداسته أنصار كبير الأساقفة ترول الموصومين بالجريمة، مخالفاً بذلك كرامتنا وسلامة رعايانا، فإننا يفترض أن نسمح لقاصده الرسولي بالعودة إلى روما، وسوف ندبر أمور الكنيسة في هذه البلاد بمقتضى السلطة المخولة لنا باعتبارنا ملكاً.

وأدت وفاة أدريان وانصراف كليمنت السابع بجهوده لمقاومة لوثر وشارل الخامس وفرانسيس الأول، إلى هجر فازا حراً في المضي قدماً بالإصلاح الديني السويدي، فعين أولاوس بترى في كنيسة سانت نيكولاس استكهولم، وعين لورانتيوس شقيق أولاس أستاذاً للاهوت في جامعة أبسالا، وحمل مصلحاً دينياً ثالثاً وهولورانتيوس أندريا إلى رتبة رئيس شمامسة الكاتدرائية. ودافع أولاوس بترى عن اللوثرية في مناظرة دارت بينه وبين بيترجال (27 ديسمبر سنة 1524) في مقر الأسقفية بالكاتدرائية، برئاسة الملك وقضى فازا بفوز أولاوس، ولم ينزعج عندما اتخذ أولاس زوجة له (1525)، قبل زواج لوثر باربعة شهور، ومهما يكن من أمر فإن الأسقف براسك فزع بسبب هذه المخالفة لرهبانية رجال الأكليروس، وطلب من الملك حتى يقضى على بترى بالحرمان. فأجاب جوستافوس بأن أولاوس يجب حتى يعاقب إذا كان قد ارتكب خطأ، ولكن "يخيل إلي حتى من العجب حتى يعاقب المرء بسبب الزواج (وهوشعيرة لا يحرمها الله)، ولا يقع المرء تحت طائلة الحرمان بسبب الفسوق وغيره من الآثام(4)" وبدلاً من حتى يحكم على بترى لأنه خالف القانون انتدبه هووشقيقه لترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة السويدية. وساعدت النسخة المترجمة إلى اللغة الدارجة، كما وقع في كثير من البلاد الأخرى، على تكوين اللغة القومية وتحرير الدين القومي.وعد جوستافوس، مثل معظم الحكام، أي إجراء يقوم به لتدعيم مركز بلاده أوعرشه مسارياً للأخلاق، وحرص على ترقية الأساقفة الذين يذعنون لخططه إلى مرتبة المطرانيات السويدية ووجد أسباباً لا يستطيع دفعها لنزع ملكية أراضي الأديار، ولما كان قد تقاسم الأسلوب مع النبلاء فإنه فسر ذلك بأنه إنما كان يعيد إلى الفهمانيين ما أغرى أجدادهم على حتى يهبوه للكنيسة، وشكا البابا كليمنت السابع من حتى القساوسة السويديين كانوا يتزوجون، ويقدمون القربان بالخبز والنبيذ، ويهملون شعيرة المسح الأخير ويغيرون شعيرة القداس وبعث بنداء للملك بأن يظل مخلصاً للكنيسة، ولكن جوستافوس كان قد بتر شوطاً بعيداً فلم يستطع حتى يتراجع، وكانت العقيدة المحافظة حرية بأن تخرب خزائنه، ونادى في مجلس فستيريس (1527) بالإصلاح الديني علناً.

كان اجتماعاً تاريخياً في تكوينه ونتائجه معاً. فقد اجتمع أربعة أساقفة وأربعة من كبار القساوسة وخمسة عشر عضواً الركسراد Riksraad و129 نبيلاً واثنان وثلاثون من أوساط الناس وأربعة عشر نائباً لعمال المناجم و104 ممثلاً للفلاحين، وكان هذا مجلساً وطنياً يمثل أعرض قاعدة بين المجالس في القرن السادس عشر. وطرح كبير وزراء الملك اقتراحاً ثورياً أمام المجلس، فنطق إذا الدولة قد افتقرت إلى المال إلى حد عجزها عن القيام بتبعاتها لخير الشعب، وأن الكنيسة كانت غنية جداً إلى الحد الذي يسمح لها بأن تحول جانباً كبيراً من ثروتها إلى الحكومة، ويبقى لها مع ذلك ما يكفي لأن تقوم بجميع التزاماتها. وحارب الأسقف براسك لآخر لحظة من أجل مثله العليا وأملاكه العقارية، فأعرب حتى البابا قد أمر رجال الأكليروس بالدفاع عن أملاكهم. وصوت المجلس في صف القائلين بإطاعة البابا. ورأى جوستافوس حتى يقامر على جميع شيء برمية واحدة، فأعرب أنه إذا كان هذا حكم المجلس والأمة فإنه سيستقيل ويرحل عن السويد، وظل المجلس في نقاش مستمر طوال ثلاثة أيام. ووقف الأوساط ورجال الفلاحين إلى جانب الملك، وكان لدى النبلاء سبب وجيه للتحرك في الاتجاه نفسه، واقتنع المجلس آخر الأمر بأن فازا أعظم قيمة للسويد من أي بابا، فوافق على رغبات الملك. وتحولت الأديار في فترة العطلة أوفي ختام مجلس فستيريس إلى إقطاعيات للملك، وإن جاز للرهبان بالإفادة منها، وتقرر إعادة جميع الأملاك التي منحها النبلاء للكنيسة منذ عام 1454 إلى ورثة الواهبين، وأن يسلم الأساقفة قصورهم إلى التاج، وحرم على الأساقفة حتى يسعوا إلى الحصول على تأييد البابا لتعيينهم، وتقرر حتى يسلم رجال الأكليروس إلى الدولة جميع ولج ليست شعائرهم الدينية في حاجة إليه، ووضع حد للاعتراف السري، وتقرر حتى تعتمد العظات كلها على الكتاب المقدس وحده. وكان الإصلاح الديني في السويد، بصورة قاطعة أكثر منه في أي مكان آخر، تأميماً للدين وفوزاً للدولة على الكنيسة.

وعاش فازا بعد هذه الأزمة ثلاثاً وثلاثين عاماً، وظل حتى النهاية حاكماً مطلقاً... قوياً ولكنه يعمل لخير شعبه... وكان مقتنعاً بأن السلطة المركزية وحدها هي التي تستطيع حتى تعيد النظام والرخاء إلى السويد، وأنه في مهمة معقدة كهذه لا يستطيع حتى يتوقف عند جميع خطوة ليستشر مجلساً متروياً. وبفضل تشجيعه وتنظيمه صبت مناجم الشمال حديدها في أدوات الحرب السويدية، واتسعت رقعة الصناعة، وأبرمت معاهدات تجارية مع إنجلترا وفرنسا والدنمرك وروسيا أوجدت أسواقاً للسلع السويدية، وجلبت إلى السويد منتجات من أثنى عشرة بلداً، وأضفت تهذيباً جديداً وثقة على حضارة كانت قبله معتقلة في سذاجة ريفية وأمية. وازدهرت السويد وقتذاك كما لم تزدهر من قبل.

واشتبك جوستافوس في عدة حروب، وقمع أربع ثورات وعقد قرانه على ثلاث زوجات على التعاقب، وأنجبت له الأولى ولداً أصبح فيما بعد أريك الرابع عشر، وأنجبت له الثانية خمسة أولاد وخمس بنات أما الثالثة التي كانت في السادسة عشرة من عمرها عندما تزوجها وهوفي السادسة والخمسين فقد عمرت بعده ستين عاماً. وأغرى الرجسراد Rigsraad بأن يقبل أبناءه ورثة للعرش وأن يجعل وراثة العرش مقصورة على الذكور كقاعدة تتبع في الملكية السويدية.

وصفحت السويد عن حكمه المطلق لأنها أدركت حتى النظام أصل الحرية وليس ثمرة لها. وعندما توفي (29 سبتمبر سنة 1560)، بعد حكم دام سبعة وثلاثين عاماً دفن في كاتدرائية أبسالا في احتفال صدر عنه بالحب وتميز بالشرف وهولم يمنح شعبه الحرية الشخصية التي كانوا يستحقونها بصفة خاصة فيما يبدو، ولكنه منحهم حرية جماعية من السيطرة الأجنبية في الدين أوالحكم، وقد هيأ الظروف التي استطاعت أمته في ظلها حتى تصل إلى درجة النضج في مجالات الاقتصاد والأدب والفن. كان الأب الحقيقي للسويد الحديثة.


3- الإصلاح الديني الدنماركي

كان كريستيان الثاني ملك الدنمرك (حكم 1513-23) شخصية لامعة مثل جوستافوس فازا الذي هزمه في السويد. وقد أكرهه البارونات على التوقيع على شروط استسلام مهينة ثمناً لانتخابه، فأحاط نفسه بمستشارين من الطبقة المتوسطة وتجاهل الريجسراد Rigsraad (مجلس النواب) الدنمركي، المكون من الأعيان من ذوي النسب، وعين أم عشيقته الهولندية الجميلة كبيرة لمستشاريه ولابد حتى هذا المجلس الخاص كان يتمتع بشيء من المقدرة والروح، لأن سياسة كريستيان الوطنية كان بناءة بقدر ما كانت مغامراته الأجنبية فاشلة لا طائل تحتها، وعمل جاهداً في تدبير الملك، وأصلح حكم المُدن، وراجع القوانين، وقضى على القرصنة، ومهد الطرق، وشرع في إقامة نظام بريدي عام، وألغى أسوأ آفات الرق، وأبطل عقوبة الإعدام على ممارسة السحر، ونظم الإعانة للمحتاجين، وفتح المدارس للفقراء، وجعل التعليم إجبارياً، وطول جامعة كوبنهاجن، فأصبحت مكاناً يشع بالضياء وملاذاً للفهم. وتعرض لعداء لويك بتقييد سلطة الهانز Hanse، وشجع التجارة الدنمركية وأسبغ عليها حمايته، ووضع حداً للعادة الهمجية التي خولت للقرويين المقيمين بجوار البحر الحق في نهب جميع السفن التي تتحطم على شواطئهم.

وأوفد ليوالعاشر عام 1517 جيوفاني أركمبولدوإلى الدنمرك ليعرض صكوك الغفران، فندد بول هلجزن، وهوراهب كرملي بما بدا له بيعاً لصكوك الغفران هذه، وهوبذلك تجاوز رسائل لوثر(5). واشتجر النزاع بين القاصد الرسولي وبين الملك حول تقسيم هذه المبالغ المتحصلة من البيع. وهرب أركمبولدوإلى لوبك بجانب منها، وصادر كريستيان الباقي، عندما عثر كريستيان أسباباً وجيهة لاعتناق البروتستانتية دفعاً للمظالم الحقيقية التي ارتكبتها الكنيسة وثروتها القائمة، عين هلجزن في منصب بجامعة كوبنهاجن، حيث تزعم أرازموس الدنمرك الفصيح هذا، إلى حين، حركة للإصلاح الديني. وعندما تحول هلجزن إلى رجل يأخذ بأسباب الحيطة أوفد كريستيان إلى فردريك الحكيم الأمير المختار لسكسونا، كي يبعث إليه بلوثر نفسه، أويبعث إليه على الأقل بعالم في اللاهوت من مدرسة لوثر. واتى كارلشتادت، ولكنه لم يمكث طويلاً. واصدر كريستيان قانوناً بالإصلاح الديني: لا يجوز رسامة أحد دون حتىقد يكون قد تفهم دراسة كافية ليفسر الإنجيل باللغة الدنمركية، ولا يستطيع رجال الأكليروس قانوناً حتى يملكوا عقاراً، أويتسلموا هجرات ما لم يتزوجوا، وأمر الأساقفة بأن يتخففوا من الترف الذي يعيشون فيه، وفقدت المحاكم الكنسية الاختصاص القضائي، عندما يتعلق الأمر بنظر قضية خاصة بالملكية، وخولت محكمة عليا، عينها الملك، السلطة النهائية في الشئون الكنسية والمدنية على السواء. ومهما يكن من أمر فإنه عندما وضع مجلس دايت ورمس لوثر تحت نير الحرمان الإمبراطوري، أوقف كريستيان إصلاحاته وأشار هلجون بعقد صلح مع الكنيسة.

وبينما كانت هذه السياسة الوطنية التي انتهجها كريستيان تثير شعبه فقد أزمة الموقف بفشله في الشئون الخارجية. وأدت قسوته في السويد إلى حتى ينقلب عليه كثير من الدنمركيين. وأعربت لوبك الحرب عليه بسبب هجماته على السفن الهانزية، وتجاهل النبلاء ورجال الأكليروس، الذين نفرتهم منه الضرائب المرتفعة والتشريع المعادي، ودعواته لعقد مجلس وطني، ونادوا بعمه الدوق فريدريك أف شلسفيج - هولشتين، ملكاً جديداً للدنمرك، وفر كرستيان إلى الفلاندرز مع الملكة زوجته، شقيقة شارل الخامس البروتستانتية، وعقد صلحاً مع الكنيسة، مؤملاً حتى يجد مملكة لقداس، وقبض عليه وهويقوم بمحاولة، لا طائل تحتها، لاستعادة عرشه، وعاش سبعة وعشرين عاماً في سجون سوندربورج، لا رفيق له إلا قزم نرويجي أحمق. وقادته سبل المجد إلى رمسه، يجلله الخزي والعار رويداً (1559).

ولم يجد فردريك الأول ما كان ينشده من سعادة في ظل تاجه المهدد، فقد رضى به النبلاء ورجال الأكليروس بشروط كثيرة، أحدها أنه لن يسمح أبداً لهرطيق بالوعظ في الدنمرك، وبينما كان هلجزن يواصل نقده لنقائض الكنيسة، حول وقتذاك معظم مناظراته، التي تشتعل حماسة، ضد البروتستانت، وألح على حتى إصلاحها دينياً، يتم بالتدريج خير من ثورة يسودها الشغب. ولكنه لم يستطع حتى يقف في وجه التيار. فقد كان الدوق كريستيان، ابن فردريك، لوثرياً قبل ذلك، وتزوجت ابنة الملك، بموافقته، البرخت البراندنبرجي الرئيس اللوثري السابق للفرسان النيوتون، وفي عام 1526 مال فردريك مع الريح، وعين هانزتاوزن قساً خاصاً له، وكان قد تفهم على يد لوثر. فهجر تاوزن ديره، وتزوج ودافع علناً عن آراء لوثر. ووجد فردريك حتى من المناسب حتى يأمر بأن تدفع له لا للبابا، رسوم التصديق على تعيين الأساقفة. وتشجع الوعاظ اللوثريون وتضاعف عددهم، وطلب الأساقفة نفيهم، فرد عليهم فردريك بأنه لا ولاية له على أرواح الناس، وأنه قرر حتى يهجر العقيدة حرة - وهوإجراء غير مألوف للغاية. وظهرت عام 1524 ترجمة للعهد الجديد باللغة الدنمركية، ونشر كريستيان بدرسن عام 1529 نسخة أفضل من الأولى، دفعت الحركة البروتستانتية دفعة كبيرة. وكان الناس يتلهفون على وضع حد لضرائب العشور التي تدفع لرجال الأكليروس، فقبلوا اللاهوت الجديد، وما حتى حل عام 1530 حتى كان اللوثريون يسيطرون على كوبنهاجن وفيبورج. وفي ذلك العام عقدت مناظرة في المجلس بكوبنهاجن، بين زعماء الكاثوليك والبروتستانت، وقضى الملك والشعب بفوز البروتستانت، وظل الاعتراف بالعقيدة الذي قدمه هناك هانز تاوزن مدى عقد من الزمان، الممضى الرسمي للوثريين الدنمركيين.

وكانت وفاة فردريك (1533) مقدمة الفصل الأخير من الإصلاح الديني الدنمركي. فقد انضم كبار التجار في الدنمرك إلى أعدائهم القدامى في لوبك، وقاموا بمحاولة لإعادة كريستيان إلى العرش، وقاد الكونت كريستوفر أف أولدنبرج قوات لوبك وأطلق اسمه على هذه الحرب فسميت باسم "حرب الكونت"، وسقطت كوبنهاجن في يده، وأخذت لوبك تحلم بحكم الدنمرك بأسرها. بيد حتى أوساط الناس والفلاحين نظموا صفوفهم تحت فهم كريستيان ابن فردريك، وتغلب جيشهم على أولدنبرج، واستولى على كوبنهاجن بعد حصار ضربه حولها دام عاماً (يوليوسنة 1536). وقبض على جميع الاساقفة، ولم يطلق سراحهم، إلا بعد حتى وعدوا بالبقاء إلى جانب النظام البروتستانتي وانعقد المجلس الوطني في أكتوبر سنة 1536، وأنشأ رسمياً كنيسة الدولة اللوثرية، ورئيسها الأعلى كريستيان الثالث. وصودرت جميع أملاك الأسقفيات والأديار لصالح الملك، وفقد الأساقفة جميع صوت لهم في الحكم. وقبلت النرويج وأيسلندة كريستيان الثالث وتشريعه، وخط النصر التام للوثرية في إسكنديناوة (1554).

القرن 17

حرب الثلاثين عام

A portrait of Christian IV.


The death of King Gustavus Adolphus on 16 November 1632 at the Battle of Lützen.


Rise of Sweden and the Swedish Empire

Sweden at the height of its territorial expansion, following the Treaty of Roskilde in 1658. The dark green area shows the extent of the Swedish motherland, as seen in 17th century.

القرن 18

الدنمركيون 1715-1797

بلغ عدد سكان الدنمرك حسب أول تعداد رسمي للبلاد (1769) 825.000 نسمة، يضاف إليهم 727.600 في النرويج التي ظلت خاضعة للملوك الدنمراكيين حتى 1814. وكان جميع الفلاحين تقريباً في النرويج يملكون أراضيهم، وفيهم كبرياء ككبرياء الفيكنج. أما الدنمرك فكان نصف فلاحيها أقناناً، والنصف الآخر خاضعين للرسوم الإقطاعية. وجهد الملوك لكبح جماح هذا الإقطاع، ولكنهم كانوا معتمدين مالياً على الإشراف، واستمرت القنية حتى 1787. في هذا النظام لم تلق التجارة ولا الصناعة تشجيعاً يذكر، ولم تنم طبقة وسطى ذات شأن؛ وأفاد فتح قناة كيل (1783) الإنجليز والهولنديين أكثر مما أفاد الدنمركيين. وفي 1792 كانت الدنمرك أول دولة أوربية تلغي النخاسة في ممتلكاتها.

وكما سيطر النبلاء على الدولة كذلك سيطرت الكنيسة على المنابر والطباعة، وأملت حتى تسيطر على العقول أيضاً. فحرمت الرقابة الصارمة التي امتدت من 1537 إلى 1849 جميع ما يطبع أوينطق مما لا يتفق والتعاليم اللوثرية القويمة؛ وصودر الكثير من الخط غير اللاهوتية، كسيرة جومة "آلام فرتر" لأنها خطر يهدد الأخلاق العامة. وزاد من القيود المعطلة لنموالأدب استعمال الألمانية في البلاط، واللاتينية في الجامعات، والفرنسية في الآداب البحتة-التي لم يكد يوجد منها شيء. وكان تدشين الأدب الدنمركي بالتأليف باللغة القومية، وإدخال بصيص من التنوير إلى الدنمرك، من مآثر ألمع دنمركي في القرن الثامن عشر.

وتستطيع جميع من النرويج والدنمرك حتى تنسب إليها لودفج فون هولبرج، لأن ولد في برجن (3 ديسمبر 1684). وبعد حتى تلقى الفهم في المدرسة اللاتينية المحلية، عبر الماء ليلتحق بجامعة كوبنهاجن. ولكن سرعان ما نضب ماله؛ فقفل إلى النرويج واشتغل مدرساً خصوصياً في أسرة قسيس ريفي. فلما حتى ادخر ستين طالراً انطلق ليرى الدنيا من حوله. فنراه في 1704 في هولندة، وفي 1706-1708 كان يفهم نفسه في مخطات أكسفورد. فلما عاد إلى كوبنهاجن ألقى محاضرات لم تأته بأكثر كثيراً من تعليم الذات، وعاش أثناء ذلك على التدريس الخصوصي، واغتذى بالطموح. وفي 1714 عينته الجامعة أستاذاً دون راتب، غير حتى منحة خاصة أتاحت له الجولان عامين في ربوع إيطاليا وفرنسا، على قدميه أكثر الوقت. فلما آب من أروع رحلة بين الرحلات الرائعة كلها، عين أستاذاً للميتافيزيقا، وهي مادة أبغضها، ثم للاتينية والبيان، وأخيراً (1730) للتاريخ والجغرافيا اللذين أحبهما.

ولقد خلق الأدب الدنمركي في لحظات فراغه. فحتى زمنه لم يكن في الدنمركية شيء سوى الأغاني الشعبية والفارصات والترانيم والخط العقيدية الشعبية. وألف هولبرج مكتية صغيرة من القصائد والهجائيات والقصص والأبحاث بالدنمركية في السياسة والقانون والتاريخ والعلوم والفلسفة. ولم ينافسه غير فولتير في تعدد جوانبه. وقد استخدم الهزل كما استخدمه فولتير ليسوط به الأساتذة المزهوين من عباد الدراسات الكلاسيكية، والمحامين الذين يقيدون حركة العدالة بأغلال الدقائق التقنية، ورجال الدين المتزاحمين بالمناكب على المال والمنصب، والأطباء الذين ييسرون دخول السقمى إلى الأبدية. وتناول جميع أعمدة المجتمع هؤلاء تقريباً بالتشهير في أول آثاره الأدبية الكبرى، وهوملحمة ساخرة سماها بيدرباس (1719). وأوجع بعض كبار الدنمركيين وخز هذا الهاتى، فناشدوا الملك فردريك الرابع حتى يصادر الكتاب باعتباره ضاراً بالأخلاق مستهزئاً بالقساوسة؛ وقرئ على الملك أول قسم في الملحمة كطلبه، فحكم بأنها "عمل بريء مسل"، غير حتى المجلس الملكي أحاط هولبرج بأنه كان خيراً لوحتى القصيدة لم تخط قط(26).

وعلى ذلك انصرف إلى المسرح. ففي 1720 افتتح ممثل فرنسي اسمه إتيين كابيون في كوبنهاجن أول مسرح دنمركي. فلما افتقد المسرحيات الدنمركية الجديرة بالإخلاتج استورد الدرامات من فرنسا وألمانيا. غير أنه استشف من "بيدربارس" حتى هولبرج يملك المواد والموهبة اللازمة للكوميديا، فلجأ إليه ليمد المسرح الجديد بتمثيليات باللغة العامية، ولم ينقض عام حتى كان هولبرج قد ألف خمس تمثيليات، وفي ثمانية أعوام ألف عشرين، كلها غني في صور الأعراف والعادات المحلية غني حمل خلفه العظيم آدم أوهلنشليجر على حتى يقول فيه "إنه عهد كيف من الممكن أن يصور الحياة البورجوازية لمدينته كوبنهاجن بأمانة عظيمة بحيث لوانشقت الأرض وابتلعت هذه المدينة، وبعد مائتي عام أميط اللثام عن كوميديات هولبرج، لاستطاع المرء حتى يعيد بناء العصر منها، على نحوما نعهد أيام روما القديمة من أطلال بوميي وهركيولانيوم(27).

ونقل هولبرج القوالب والأفكار عن بلوتوس وترنس وموليير والكوميديا ديللارتي التي شهدها في إيطاليا. وبعض كوميدياته تمثلياته من فصل واحد ذات موضوعات تافهة فقدت قوة دفعها، مثل "رحلة سجاناريل إلى أرض الفلاسفة"(28). وبعضها ما زال يحتفظ بقوته، مثل "يبي رجل التل" التي نعهد منها حتى الفلاحين حين يظفرون بالسلطةقد يكونون أشد بغساً من سادتهم. وبعضها تمثيليات مكتمة الدول مثل "رازموس مونتاثوس"، وهي هجائية مرحة تسخر بتنطع الفهماء، وبغطرسة اللاهوتيين وبجهل العوام، مع مسحه خبيثة من صراحة الريفيين وصدقهم، مثل قول لسبيد لأبيها بعد حتى سمعت بأن خطيبها عائد من الجامعة "إذن فقد صدق حلمي.. لقد حلمت أنني نمت معه البارحة"(29) على حتى مسرح كوبنهاجن رغم هذه الكوميديات المرحة أغلق أبوابه في 1727 لافتقاره إلى الدعم الشعبي. وكان آخر ما مثل فوق خشبته مسرحية هولبرج "مأتم الكوميديا الدنمركية".

لقد صدم زملاءه من أساتذة الجامعة بالكتابة للمسرح؛ أما الآن فقد ألان جانبهم بمؤلفات تاريخية يسرت للقراء الدنمركيين ثمرات الدراسات الأوربية الغربية. وكانت خطه "تاريخ للدنمرك" (1732-1735)، تاريخ عام للكنيسة" (1727-1747)، و"تاريخ لليهود" منصفات، ولكنها متقنة. والتمس هولبرج التخفف من هذه الجهود في رائعته. "رحلة نيلس كليم السفلية" (1741). وقد خطها نثراً لاتينياً لتصل إلى القراء الأوروبيين، فوصلت، ولكن بطريق الترجمة: ترجمها ينز باجيزبن إلى الدنمركية فطبعت الترجمة ثلاث مرات، وظهر منها بالألمانية عشر طبعات، بالسويدية، والهولندية، والإنجليزية، وثلاث، وبالفرنسية والروسية اثنتان، وبالمجرية واحدة. هذه "الرحلة السفلية" هي التي جعلت هولبرج "سويفت الدنمرك" وفولتيرها" معاً.

والسيرة تروي حتى الضوضاء المنبعثة من كهف تثير فضول نيلس، فيصمم على استقصاء مصدرها ويدليه أصحابه بحبل ينبتر، "وبسرعة مذهلة دفع بي إلى أعماق الهاوية"(30). ثم يعثر في قشرة الأرض على مساحة مكشوفة أوقبة سماوية فيها شمس وكواكبها السيارة، ونجوم كثيرة. ويسقط صوب أحد هذه الكواكب فيصبح قمراً تابعاً له ويدور حوله عاجزاً، ولكنه يمسك بنسر يحمله حتى يهبط في رفق على الكوكب بوتو(أي يوتويا) مقلوبة. هنا يجد الأشجار هي النوع السائد، وهي غنية بعصارتها العاقلة، ولسوء الحظ "كانت الشجرة التي تسلقتها... هي زوجة العمدة"(31). ولبوتوبعض القوانين الممتازة. فالناس الذين "يتجادلون علانية حول صفات الكائن الأعظم وماهيته ينظر إليها على حتى يهم مساً من الجنون"، فيعالجون بفصدهم لتهبط حامهم، ثم يحبسون حتى "يفيقوا من هذا الهذيان بـ"(32). والأمهات في بوتويرضعن أطفالهن-وهي فكرة سبقت بعشرين سنة دعوة روسوللأمهات إرضاع أطفالهم من ثديهن. وفي إقليم كوكليكوتحكم النساء الدولة، ويعني الرجال بشئون البيت أويصبحون بغايا، وللملكة "حريم" من ثلاثمائة شاب وسيم. وينفق الفلاسفة في كوكليووقتهم في محاول الوصول إلى الشمس، ولا يهتمون اهتماماً يذكر بشئون الدنيا. وفي إقليم ميكولاك تجد الناس كلهم ملحدين، "يقارفون أي شيء يستطيعون إخفاءه عن الشرطة"(33) ويقع نيلس على كتاب بعنوان "رحلة تانيان إلى العالم السفلي" يصف أوربا وعاداتها الغريبة: الرءوس التي تكسبوها البواريك الضخمة، والقبعات المحمولة تحت الأذرع (كما يعمل نبلاء فرنسا)، "والكعكات الصغيرة أوالقرابين تحمل مروراً بالشوارع ويقول الكهان أنها آلهة، والناس الذين خبزوها... يحلفون على الإيمان بأن هذه القرابين خلقت الدنيا"(34).

وقد اشتملت "الرحلة السفلية" على انتقادات للعقيدة المسيحية، ودعت إلى إطلاق حرية العبادة لجميع المذاهب، ولكنها أوصت بالإيمان بالله، وبالجنة، وبالنار، باعتبارها ركائز ضرورية لناموس أخلاقي لا تفتأ تهاجمه مطالب النفس والجسد هجوماً شرساً(35). ورقى الفهم فردريك الخامس المصلح الذي انصلح أمره باروناً في 1747؛ واستمتع هولبرج بلذة التمرد في سبابه والرضي يعنه في شيخوخته التي اختتمت سنة 1754. وما زال إلى اليوم إمام الأدب الدنمركي.

على حتى البعض قد يخصون بهذا المقام يوهان إيفالد الذي ضارعت حياته حياة بايرون وكيتس وشلي مغامرة ومعاناة وقصراً. وقد ولد في كوبنهاجن في 1743 لقسيس لوثري، وتمرد على المتزمتين من الكبار، وسقط في غرام آرنسي هوليجارد وهوفي السادسة عشرة، وهجر مهنة اللاهوت لأنه استبطأ ثمراتها، وتطوع في الجيش البروسي ثم النمساوي، وصمم على الظفر بالثروة والمجد اللذين ينيلانه آرنسي عروساً. ولكن الحرمان والسقم أتلفا صحته، فعاد إلى كوبنهاجن واللاهوت، وزوجت آرنسي ثروة أعجل، وسكب إيفالد قلبه في الشعر والنثر. فخط أول مأساة دانمركية أصيلة سماها "رولف كراجي" (1770)، ويبلغ قمة الشعر الدنمركي في القرن الثامن عشر بمسرحية "موت بالدر" (1773) وهي دراما ملحمية بالشعر. على حتى جهده لم أته إلا بالكفاف، فاعتكف في عزلة ريفية، وراح يجتر سلسلة من الأوصاب، ثم أنعشه معاش من الحكومة آخر الأمر. وقد رد على الصنيع بتمثيلية "صيادي السمك" (1776) التي احتوت أغنية شعبية وطنية مطلعها "وقف الملك كرستيان إلى جوار الصاري العالي" التي أصبحت أنشودة الدنمركيين القومية المفضلة(36). وكانت دعوة إيفالد إلى المجد، ووداعه للحياة، ومات في 1781 إثر سقم طويل أليم غير متجاوز الثامنة والثلاثين. ويعد السكندنافيون "من أعظم شعراء الشمال الغنائيين، بل من الممكن أعظمهم قاطبة"(37).

وبتقدم القرن الثامن عشر أصبح التقدم السياسي للدنمرك جزءاً من الدراما الحديثة المتصلة أبداً بين التنطقيد المتوارثة والتجربة. وقد مزج كرستيان السادس (حكم 1730-46) بين القوى المتعارضة. فدفع هوووزراؤه التنمية الاقتصادية قدماً باستجلاب الغزالين والنساجين لإنشاء صناعة النسيج، وبتكوين الشركات القومية للاتجار مع آسيا وأمريكا، وبفتح مصرف كوبنهاجن (1744). ونشروا التعليمين الابتدائي والثانوي، وأسسوا الأكاديميات لتشجيع الأدب والفهم. على أنهم جددوا قانوناً قديماً يلزم بحضور بخدمات الصلات اللوثرية، وأغلقوا جميع المسارح وساحات الرقص، ونفوا الممثلين، ومنعوا الحفلات التنكرية.

وأبقى فردريك الخامس (حكم 1746-66) ابن كرستيان على هذه القوانين ولكنه خفف من وطأتها بروحه اللطيفة وحبه للذات الحسية. ففي 1751 استقدم من هانوفر يوهان هارفنج أرنست فون بيرنشتورف، الذي وفق وهورئيس للوزراء في حمل مستوى الأمانة والكفاءة في الإدارة، وأصلح شأن الجيش والبحرية، وأبعدهما عن حرب السنين السبع، وحرك مياه الثقافة الدنمركية الراكدة بجلب الأساتذة والشعراء والفنانين والفهماء؛ وقد رأينا كلويشتوك يقبل هذه الدعوة. وفي 1767 توج الكونت فون بيرنشتورف سياسته الخارجية السلمية بإقناع كاترين الكبرى بتوقيع اتفاقية نزلت بمقتضاها للدنمرك عن هولشتين-جوتورب.

ومات فردريك الخامس في الثالثة والأربعين (1766) بعد حتى أنهكته لذاته. وقد زوج ابنه كرستيان السابع (حكم 1766-1808) على عجل وهوبعد في السابعة عشرة من كارولين ماتيلدا أخت جورج الثالث ملك إنجلترة، وقد أفاضت إشراقاً على حياة العاصمة الاجتماعية، ولكن زوجها نصف المجنون أهملها إيثاراً لحياة الخلاعة، وانزلقت كاترين إلى غرام مأساوي من طبيب البلاط يوهان فريدريش شتروينزي. وكان ابناً لأستاذ لاهوت في هاله، فدرس فيها الطب، وفقد إيمانه الديني كما يفقده أكثر الأطباء. وقد دان بحظوته عند الملك لبراعته في علاج العواقب الاكلينيكية لغراميات الملك، وعند الملكة لتوفيقه في الأتيان بكرستيان السابع إلى فراشها بما يكفي لإنجاب وريث للعرش. فلما تردى عقل الملك في درك الاكتئاب وعدم المبالاة، وزادت سلطة الملكة في الحكومة، وسمحت لطبيبة بإدارة سياستها كما سمحت له بالاستمتاع بحظوتها فغدا (1770) حاكم الدولة العملي. وخرجت الأوامر من القصر الملكي ممهورة من شتروينزي باسم الملك "غير المتمال قواه العقلية". وطرد برنشتورف، فاعتكف بهدوء في ضياعه بألمانيا. وكان شتروينزي قد قرأ مؤلفات جماعة "الفلاسفة" الفرنسيين، وعلى مبادئهم نوى حتى يشكل الحياة الدنمركية من جديد. فألغى استغلال النبلاء لامتيازاتهم، وأنهى الرقابة على المطبوعات، وأسس المدارس، وطهر المصالح الحكومية من الرشوة والاستغلال، وأعتق الأقنان، وحرم التعذيب القضائي، وأعرب التسامح لجميع الأديان، وشجع الآداب والفنون، وأصلح القانون والمحاكم والبوليس، والجامعة، والمالية، ووسائل حفظ الصحة البلدية... ثم ألغى معاشات كثيرة تخفيفاً من الدين العام، ورصد دخول المؤسسات الدينية للإنفاق على الأغراض العامة.

"ولكن النبلاء تآمروا ليسقطوه، واستغلوا حرية النشر لاستنزاف شعبيته.

وكره الأتقياء من الدنمركيين التسامح الديني لأنهم رأوه كفراً، ورددت أحاديثهم عن شترونيزي أنه أجنبي دخيل ليس لسلطته سند غير فراش الملكة. وفي 17 يناير 1772 أقنع لفيف من ضباط الجيش الملك بأن شتروينزي والملكة يبيتان قتله فسقط أمراً بالقبض عليهما. ورحلت كارولين إلى كرونبورج قلعة هاملت. أما شتروينزي فألقي في السجن، وبعد خمسة أسابيع من المعاناة اعترف بزناه مع الملكة. وفي 28 أبريل 1772 بتر إرباً على مقصلة على مرأى من جمهور محبذ لهذا العقاب. وسمح لكارولين بعد إلحاح جورج الثالث بالاعتكاف في تسليله بهانوفر، حيث ماتت فيعشرة مايو1775 وهي بعد في الرابعة والعشرين.

وقلد المتآمرون الفائزون الحكم لأوفى جولد برج، المفهم الخاص للأمير فردريك. ود قاد جولدبرج خلال اثني عشر عاماً من الحكم حركة انتفاض وطنية على النفوذ الأجنبي في الحكومة واللغة والتعليم، وفتح باب المناصب للعامة، وأعاد القنية، والتعذيب القضائي، وسيادة الكنيسة اللوثرية، والتوجيه الديني للجامعة. ووكلت الشئون الخارجية لأندرياس بيتر فون برنشتورف، ابن أخي الكونت فون برنشتورف ومحسوبه. فلما نصب الأمير فردريك نفسه وصياً (1784) طرد جولدبرج: وأصبح أندرياس فون برنشتورف رئيس الوزراء وظل كذلك إلى يوم مماته. وبإرشاده الحكيم ألغيت القنية الثانية (1787)، وأنهيت النخاسة في المملكة الدنمركية، وأطلقت حرية القيام بالمشروعات الاقتصادية. فلما توفي برنشتورف (1797) كانت الدنمرك قد ثبتت أقدامها على الطريق إلى ذلك الرخاء السلمي الذي جعلها محسودة من العالم كله.

الحرب الشمالية الكبرى

الفوز السويدي في نارڤا، 1700 بريشة گوستاف سدرستروم، رسمها في 1910


الاستعمارية

القرن 19

الحروب الناپليونية

First Battle of Copenhagen, 1801

السويد والنرويج


الاتحاد النقدي

Scandinavism


الحرب العالمية الثانية

The German landing sites during the initial phase of Operation Weserübung.

الخط الزمني لاسكندنافيا التاريخية

نطقب:Timeline of Prehistoric Scandinavia

انظر أيضاً

  • تاريخ الدنمارك
  • تاريخ فنلندا
  • تاريخ أيسلندا
  • تاريخ النرويج
  • تاريخ السويد

الهامش

  1. "Ukrainian Net". The Outcomes Of Establishment Of Roman Catholic Church Structures And Church Power In Norway And Scandinavia. Retrieved 28 June 2005.
  2. Ziemke, Earl F. (2000) [1960]. "The German Decision to Invade Norway and Denmark". . CMH PUb 70-7. Retrieved 2 July 2005.
  3. BYU History of Scandinavia

وصلات خارجية

  • Guides and travel tips about: Scandinavia For Visitors
  • Adoption of Christianity in Norway

Literature

  • Derry, T.K. A History of Scandinavia: Norway, Sweden, Denmark, Finland, Iceland. Minneapolis: University of Minnesota Press, 1979. ISBN 0-8166-3799-7.
  • H. Arnold Barton, Scandinavia in the Revolutionary Era 1760–1815, University of Minnesota Press, 1986. ISBN 0-8166-1392-3.

تاريخ النشر: 2020-06-04 19:26:28
التصنيفات: Use dmy dates from September 2010, مقالات تستعمل قوالب صيانة غير مؤرخة, Scandinavian history

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هزة أرضية بقوة 4.07 ريختر على بعد 292 كم شمال رفح

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:28
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 35%

اليوم..”أسطورة فارس” على مسرح الكاتدرائية المرقسية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:14
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

إسرائيل تزعم إحباط خطط إيرانية لتنفيذ عمليات اغتيال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:37
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

"أخطاء الناشئين" لمحمد هانى فى الأهلى تبثت ظلم موسيمانى لكريم فؤاد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:32
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 40%

عقد ولا توكيل.. أيهما أفضل فى بيع وشراء السيارات؟ .. نقلا عن برلمانى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:31
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 45%

مياه الأمطار والفيضانات تجتاح سوريا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:35
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

"التضامن" تحظر جمع التبرعات النقدية أو العينية للجمعيات دون موافقتها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:27
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 43%

«كيلو القمح بـ6 جنيهات».. «الإفتاء» تكشف كيفية حساب قيمة زكاة الفطر

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:17
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

بكين تشدد قيودها لاحتواء أحدث موجة لمعاودة ارتفاع الإصابات بكورونا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:31
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 37%

الفيوم: المحافظ يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بمسجد ناصر الكبير

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:14
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

مفاجأة.. ريال مدريد يريد استعادة كريستيانو رونالدو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:30
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 39%

العربي يهنئ منتسبي الغرف التجارية بحلول عيد الفطر المبارك

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

استقرار أسعار الذهب اليوم فى مصر.. وعيار 21 بـ 1145 جنيها للجرام

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:27
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 39%

تكبيرات عيد الفطر.. الصيغة الصحيحة لتكبيرات عيد الفطر المبارك

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:28
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 38%

الاستخبارات العراقية: اعتقال إرهابي في جريمة اغتيال مدير شرط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:40
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

موعد صلاة عيد الفطر 2022 بالمحافظات.. القاهرة 5:36 والجيزة 5.37

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:32
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 37%

ضوابط صلاة عيد الفطر 2022.. 10 دقائق مدة الخطبة والسماح باصطحاب الأطفال

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:33
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 46%

“أحد توما” بين الشك والإيمان

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-01 15:21:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية